26-06-2018, 08:40 AM | #78 |
| وميدان تجول به خيول ... تقود الدارعين ولا تقاد. ركبت به إلى اللذات طرفا ... له جسم وليس له فؤاد. جرى فظننت أن الأرض وجه ... ودجلة ناظر وهو السواد. وقال الصنوبري: فلما تعالى البدر واشتد ضوءه ... بدجلة في تشرين بالطول والعرض وقد قابل الماء المفضض نوره ... وبعض نجوم الليل يطفي سنا بعض، توهم ذو العين البصيرة أنه ... يرى ظاهر الأفلاك في باطن الأرض. ومما وصفتبه الأنهار قال الصنوبري: والعوجان الذي كلفت به ... قد سوى الحسن فيه مذ عوج. ما أخطأ الأيم في تعوجه ... شيئا إذا مااستقام أو عرج. تدرج الريح متنه فترى ... جوشن ماء عليه قد درج. إن أعنقت بالجنوب أعنق في ... لطف، وإن هملجت به هملج. من أين طافت شمس النهار به ... حسبت شمسا من جوفه تخرج. وقال أبو فراس: والماء يفصل بين زهر الروض في الشطين فصلا. كبساط وشى جردت ... أيدي القيان عليه نصلا. وقال الناجم: انظر إلى الروض الذك ... ي فحسنه للعين قرة؟؟! فكأن خضرته السما ... ء، ونهره فيه المجرة. وقال عبد الله بن المعتز: وترى الرياح إذا مسحنا غديره ... وصفينه ونقينا كل قذاة، ما أن يزال عليه ظبي كارع ... كتطلع الحسناء في المرآة. ومثله قول الآخر: وغدير رقت حواشيه حتى ... بان في قعره الذي كان ساخا. وكأن الطيور إذا وردته ... من صفاء به، تزق فراخا. وقال آخر: والنهر مكسو غلالة فضة؛ ... فإذا جرى سيل، فثوب نضار. وإذا استقام، رأيت صفحة منصل؛ ... وإذا استدار، رأيت عطف سوار. وقال أبو مروان بن أبي الخصال: النهر قد رقت غلالة خصره ... وعليه من صبغ الأصيل طراز. تترقرق الأمواج فيه كأنها ... عكن الخصور تهزها الأعجاز. وقال إبراهيم بن خفاجة الأندلسي: لله نهر سال في بطحاء ... أشهى ورودا من لمى الحسناء! وغدت تحف به الغصون كأنها ... هدب تحف بمقلة زرقاء. والريح تعبث بالغصون وقد جرى ... ذهب الأصيل على لجين الماء! وقال أبو القاسم بن العطار: مررنا بشاطئ النهر بين حدائق ... بها حدق الأزهار تستوقف الحدق. وقد نسجت كف النسيم مفاضة ... عليه، وما غير الحباب لها حلق! وقال محمد بن سهل البلخي، شاعر " الذخيرة " : راقنا النهر صفاء ... بعد تكدير صفائه. كان مثل السيف مدمى ... فجلوم من دمائه. أو كمثل الورد غضا ... فهو اليوم كمائه. وقال القاضي التنوخي، شاعر " اليتيمة " : أحبب إلي بنهر معقل الذي ... فيه لقلبي من همومي معقل! عذب إذا ما عب فيه ناهل ... فكأنه من ريق حب ينهل. متسلسل فكأنه لصفائه ... دمع بخدي كاعب يتسلسل. فإذا الرياح جرين فوق متونه ... فكأنها درع جلاه الصيقل! وقال مؤيد الدين الطغرائي في الغدير: عجنا إلى الجزع الذي مد في ... أرجائه الغيم بساط الزهر. حول غذير ماؤه المنتمي ... إلى بنات المزن يشكو الخصر. لولاذه الريح سموما به ... لانقلبت وهي نسيم السحر. حصباؤه در ورضراضه ... سحالة العسجد حول الدرر. وقد كسته الريح من نسجها ... درعا به يلقى نبال المطر. وألبسته الشمس من صبغها ... نوارا به يخطف نور البصر. كأنها المرآة مجلوة ... على بساط أخضر قد نشر. وقال أيضا: ملنا إلى النشر الذي ترتقي ... إليه أنفاس الصبا عاطره. حول غدير ماؤه دراع ... والأرض من رقته حاسرة. |
|
26-06-2018, 08:41 AM | #79 |
| والشمس إن حاذته رأد الضحى ... حسناء في مرآتها ناظرة. والهب إن حاذته جنح الدجى ... تسبح في لجته الزاخرة. قد ركب الخضراء فيه فمن ... حصبائه أنجمها زاهرة. يخضر إن مرت بأرجائه ... لفح سموم في لظى هاجره. أنموذج الماء الذي جاءنا ... الوعد بأن نسقاه في الآخرة! ومما وصفت به البرك قال البحيري عفا الله عنه: يا من رأى البركة الحسناء رؤيتها ... والآنسات التي لاحت مغانيها! ما بال دجلة كالغيري تنافسها ... في الحسن طورا ، وأطوارا تباهيها؟ كأن جن سليمان الذين ولوا ... إبداعها فأدقوا في معانيها. فلو تمر بها بلقيس عن عرض ، ... قالت: هي الصرح تمثيلا وتشبيها. تنصب فيها وفود الماء معجلة ... كالخيل خارجة من حبل مجريها . كأنما الفضة البيضاء سائلة ... من السبائك تجري في مجاريها. إذا علتها الصبا أبدت لها حبكا ... مثل الجواشن مصقولا حواشيها. إذا النجوم تراءت في جوانبها ... ليلا، حسبت سماء ركبت فيها. لا يبلغ السمك المحصور غايتها ... لبعد ما بين قاصيها ودانيها. يعمن فيها بأوساط مجنحة ... كالطير تنقض في جو خوافيها. كأنها حين لجت في تدفقها ... يد الخليفة لما سال واديها! وقال ابن طباطبا: كم ليلة ساهرت أنجمها لدى ... عرصات أرض ماؤها كسمائها. قد سيرت فيها النجوم كأنما ... فلك السماء يدور في أرجائها. أحسن بها بحرا إذا التبس الدجى، ... كانت نجوم الليل من حصبائها! ترنو إلى الجوزاء وهي غريقة ... تبغي النجاء، ولات حين نجائها! تطفو وترسب في اصطفاق مياهها ... لا مستعان لها سوى أسمائها. والبدر يخفق وسطها فكأنه ... قلب لها قد ريع في أحشائها. وقال عبد الجبار بن حمديس، يصف بركة يجري إليها الماء من شاذروان من أفواه طيور وزرافات وأسود، من أبيات: والماء منه سبائك من فضة ... ذابت على دولاب شاذروان! فكأنما سيف هناك مشطب ... ألقته يوم الروع كف جبان! كم شاخص فيه يطيل تعجبا ... من دوحة نبتت من العقيان! عجبا لها تسقي هناك ينائعا ... ينعت من الثمرات والأغصان! خصت بطائرة على فنن لها ... حسنت، فأفرد حسنها من ثاني! قس الطيور الساجعات بلاغة ... وفصاحة من منطق وبيان. فإذا أتيح لها الكلام تكلمت ... بخرير ماء دائم الهملان. وكأن صانعها استبد بصنعة ... فجر الجماد بها على الحيوان! أوفت على حوض لها فكأنها ... منها إلى العجب العجاب روان. وكأنها ظنت حلاوة مائها ... شهدا، فذاقته بكل لسان. وزرافة في الجو من أنبوبها ... ماء يريك الجري في الطيران. مركوزة كالرمح حيث ترى له ... من طعنه الحلق انعطاف سنان. وكأنما ترمي السماء ببندق ... مستنبط من لؤلؤ وجمان! لو عاد ذاك الماء نفطا، أحرقت ... في الجو منه قميص كل عنان. في بركة قامت على حافاتها ... أسد تذل لعزة السلطان! نزعت إلى ظلم النفوس نفوسها، ... فلذلك انتزعت من الأبدان. وكأنما الحيات من أفواهها ... يطرحن أنفسهن في غدران. وكأنما الحيتان إذ لم تخشها ... أخذت من المنصور عهد أمان! وقال آخر: ولقد رأيت، وما رأيت كبركة ... في الحسن ذات تدفق وخرير! عقدت لها أيدي المياه قناطرا ... من جوهر فيلجة من نور! وقال علي بن الجهم، يصف فوارة: |
|
26-06-2018, 08:42 AM | #80 |
| وفوارة ثارها في السماء، ... فليست تقصر عن ثارها! تراها إذا صعدت في السماء ... تعود إلينا بأخبارها ترد على المزن ما أنزلت ... على الأرض من صوب مدرارها! وقال ابن حجاج فيها: علمت في دارك فوارة ... غرقت الأفق بها الأنجما! فاض على نجم السما ماؤها، ... فأصبحت أرضك تسقي السما! وقال تميم بن المعز العبيدي: وقاذفة بالماء في وسط بركة ... قد التحفت ظلا من الأيك سجسجا. إذا أينعت بالماء سلته منصلا ... وعاد عليها ذلك النصل هودجا. تحاول إدراك النجوم بقذفها، ... كأن لها قلبا على الجو محرجا! ومما وصفت به الدواليب والنواعير قال أبو حفص بن وضاح: لله دولاب يطوف بسلسل ... في روضة قد أينعت أفنانا! قد طارحت فيه الحمائم شجوها ... بنحيبها، وترجع الألحانا. فكأنه دنف يطوف بمعهد، ... يبكي ويسأل فيه عمن بانا. ضاقت مجاري طرفه عن دمعه، ... فتفتحت أضلاعه أجفانا! وقال الموفقي، رحمه الله: ناعورة تحسب من صوتها ... متيما يشكو إلى زائر. كأنما كيزانها عصبة ... رموا بصرف الزمن الواتر. قد منعوا أن يلتقوا فاغتدوا ... أولهم يبكي على الآخر! وقال آخر: وناعورة قد ضاعفت بنواحها ... نواحي، وأجرت مقلتي دموعها! وقد ضعفت مما تئن، وقد غدت ... من الضعف والشكوى تعد ضلوعها! وقال ابن منير الطرابلسي: لنواعيرها على الماء ألحا ... ن تهيج الشجا لقلب المشوق. فهي مثل الأفلاك شكلا وفعلا ... قسمت قسم جاهل بالحقوق: بين عال، هام، ينكسه الخط ... ويعلو بسافل مرزوق. وقال أبو الفرج الوأواء: وكريمة سقت الرياض بدرها ... فغدت تنوب عن السحاب الهامع. بلباس محزون، ودمعة عاشق، ... وحنين مشتاق، وأنه جازع. فكأ،ها فلك يدور، وعلوه ... يرمي القرار بكل نجم طالع. وقال الصنوبري: فلك من الدولاب فيه كواكب ... من مائة تنقض ساعة تطلع. متلون الأصوات: يخفض صوته ... بغنائه، طورا وطورا يرفع. ومما وصف به نثرا من رسالة للشيخ ضياء الدين القرطبي إلى بعض إخوانه يستدعى منه ثلاثة أسهم ومليات. جاء منها: والحاجة داعية إلى ثلاثة أسهم، كأنها هقعة الأنجم؛ ممتدة امتداد الرمح، مقومة تقويم القدح؛ غير مشعئة الأطراف، ولا معقدة الأعطاف؛ ولا مسوسة الأجواف؛ تحاسن الغصون بقوامها، والقدود بتمامها؛ وتخالف هيفها لامتلاء خصورها وتساوي " بين " هواديها وصدورها؛ معتدلة القدود، ناعمة الحدود؛ مع مليات أخذت النار منها مأخذها فاسودت وتطاولت عليها مدة الجفاف فاشتدت؛ وترامت بها مدة القدم، كأنها في حيز العدم؛ صلاب المكاسر، غلاظ المآزر؛ تشبه أخلاقه في هيجاء السلم، وتحكي صلابة آرائه في نفاذ الرأي ومضاء العزم؛ تكظم على الماء بغيظها، فتجود على الأرض بفيضها؛ تمد يد أيدها في اقتضاء إرادتها، وتطلع طلوع الأنجم في فلك إدارتها؛ وتعانق أخواتها معانقة التشييع، فآخر التسليم أول التوديع، على أنها بحقائق الاعتبار، وتجري جري الفلك المدار في قناة الأعمار: تمر كأنفاس الفتى في حياته ... وتسعى كسعي المرء أثناء عمره. يفارق خل خله، وهو سائر ... على مثل حال الخل في إثر سيره. ويعلمه التداور، لو يعقل الفتى ... بأن مرور العمر فيه كمره. فمن أدركت أفكاره سر أمرها ... فقد أدركت أفكاره سر أمره. ومن فاته، الإدراك أدركه الردى: ... إذا جزعت أنفاسه كأس مره. ومما وصفت به الجداول قال ابن المعتز، عفا الله عنه: على جدول ريان، لا يقبل القذى: ... كأن سواقيه متون المبارد. وقال الناجم: |
|
26-06-2018, 08:42 AM | #81 |
| أحاطت أزاهير الربيع سوية ... سماطين مصطفين، تستنبت المرعى. على جدول ريان كالسهم مرسلا، ... أو الصارم المسلول، أو حية تسعى. وقال المفجع: على جدول ريان ينساب متنه ... صقيلا، كمتن السيف وافى مجردا. إذا الريح ناغته، تحلق وجهه ... دروعا وضاء، أو تحزز مبردا. وقال ابن الرومي: على خفاقي جدول مسجور ... أبيض مثل المهرق المنشور. أو مثل متن المنصل المشهور ... ينساب مثل الحية المذعور. وقال ذو الرمة: فما انشق ضوء الصبح حتى تبينت ... جداول أمثال السيوف القواطع. وحيث انتهينا من ذكر المياه إلى هذه الغاية فلنذكر عباد الماء. ذكر عباد الماء وعباد الماء طائفة من الهند يسمون الجلهكية، يزعم أن الماء ملك، ومعه ملائكة، وأنه أصل كل شيء، وبه كل ولادة ونمو ونشوء وبقاء وطهارة وعمارة، وما من عمل في الدنيا إلا ويحتاج إلى الماء. فإذا أراد الرجل منهم عبادته، تجرد وستر عورته. ثم دخل الماء حتى يصل إلى وشطه، فيقيم ساعتين وأكثر، ويأخذ ما أمكنه من الرياحين فيقطعها صغارا ويلقي في الماء بعضها بعد بعض، وهو يسبح ويقرأ، وإذا أراد الانصراف، حرك الماء بيده. ثم أخذ منه فنقط على رأسه ووجهه وسائر جسده. ثم يسجد وينصرف. " القسم الخامس من الفن الأول: في طبائع البلاد، في طبائع البلاد، وأخلاق سكانها، وخصائصها، والمباني القديمة، والمعاقل، وما وصفت به القصور والمنازل وفيه خمسة أبواب الباب الأول " في طبائع البلاد، وأخلاق سكانها " روى أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه سأل كعب الأحبار عن طبائع البلاد وأخلاق سكانها، فقال : إن الله تعالى لما خلق الأشياء، جعل كل شيء لشيء. فقال العقل: أنا لا حق بالشأم، فقالت الفتنة: وأنا معك. وقال الخصب: أنا لاحق بمصر، فقال الذل: وأنا معك. وقال الشقاء :أنا لاحق بالبادية،فقالت الصحة: وأنا معك. وقال محمد بن حبيب: لما خلق الله تعالى الخلق، خلق معهم عشرة أخلاق: الإيمان، والحياء، والنجدة، والفتنة ، والكبر، والنفاق، والغنى، والفقر، والذل، والشقاء.فقال الإيمان: أنا لاحق باليمن، فقال الحياء: وأنا معك. وقالت النجدة: أنا لاحقة بالشأم، فقالت الفتنة: وأنا معك. وقال الكبر: أنا لاحق بالعراق، فقال النفاق: وأنا معك. وقال الغنى: أنا لاحق بمصر، وقال الذل: وأنا معك. وقال الفقر: أنا لاحق بالبادية، فقال الشقاء: وأنا معك. وحكي عن الحجاج أنه قال: لما تبوأت الأشياء منازلها، قال الطاعون: أنا نازل بالشأم، فقالت الطاعة: وأنا معك. وقال النفاق: أنا نازل بالعراق، فقالت النعمة: وأنا معك. وقال الشقاء: أنا نازل بالبادية، فقال الصبر: وأنا معك. نوع آخر منه روي عن عبد بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: إن الله تعالى خلق البركة عشرة أجزاء: فتسعة منها في قريش، وواحد في سائر الناس. وجعل الكرم عشرة أجزاء: وتسعة منها في العرب، وواحد في سائر الناس. وجعل الغيرة عشرة أجزاء: فتسعة منها في الأكراد، وواحد في سائر الناس. وجعل المكر عشرة أجزاء: فتسعة منها في القبط، وواحد في سائر الناس. وجعل الشفاء عشرة أجزاء: فتسعة منها البربر، وواحد في سائر الناس.وجعل النجابة عشرة أجزاء: فتسعة منها في الروم، وواحد في سائر الناس.وجعل الصناعة عشرة أجزاء: فتسعة منها في الصين، وواحد في سائر الناس.وجعل الشهوة عشرة أجزاء: فتسعة منها في النساء، وواحد في سائر الناس.وجعل العمل عشرة أجزاء: فتسعة منها في الأنبياء، وواحد في سائر الناس.وجعل الحسد عشرة أجزاء: فتسعة منها في اليهود، وواحد في سائر الناس. ويقال: قسم الحقد عشرة أجزاء: فتسعة منها في العرب، وواحد في سائر الناس. وقسم البخل عشرة أجزاء: فتسعة منها في الفرس، وواحد في سائر الناس. وقسم الكبر عشرة أجزاء: فتسعة منها في الروم، وواحد في سائر الناس. وقسم الطرب عشرة أجزاء: فتسعة منها في السودان، وواحد في سائر الناس. وقسم الشبق عشرة أجزاء: فتسعة منها في اليهود، وواحد في سائر الناس. ويقال: أربعة لا تعرف في أربعة: السخاء في الروم، والوفاء في الترك، والشجاعة في القبط، والغم الزنج. نوع آخر منه |
|
26-06-2018, 08:44 AM | #82 |
| حكي عن الحجاج أنه سأل أيوب بن القرية عن طبائع أهل البلاد، فقال: أهل الحجاز أسرع الناس إلى فتنة وأعجزهم عنها؛ رجالها جفاة، ونساؤها كساة عراة. وأهل اليمن أهل سمع وطاعة، ولزوم الجماعة. وأهل عمان عرب استنبطوا. وأهل البحرين نبط استعربوا. وأهل اليمامة أهل جفاة، واختلاف آراء. وأهل فارس أهل بئس شديد، وعز عتيد. وأهل العراق أبحث الناس عن صغيره، وأضيعهم لكبيرة. وأهل الجزيرة أشجع فرسان، وأقتل للأقران. وأهل الشام أطوعهم لمخلوق وأعصاهم لخالق. وأهل مصر عبيد لمن غلب؛ أكيس الناس صغارا، واجهلهم كبارا. وحكي عن أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال: كنا نعلم في المكتب كما نعلم القرآن: احذروا حماقة أهل بخاري، وغل أهل مرو، وشغب أهل نيسابور، وحسد أهل هراة، وحقد أهل سجستان. وقال أبو حامد القاضي: أعياني أن أرى خراسانيا ذكيا، وطبريا رزينا، وهمذانيا لبيبا، وبصريا ركيكا، وكوفيا رئيسا، وبغداديا سخيا، وموصليا لطيفا، وشاميا خفيفا، وحجازيا منافقا، وبدويا ظريفا. وقال بختيشوع: تسعة لا تخلو من تسعة: قميا من رعونة، ويماني من جنون، وواسطي من غفلة، وبصري من جدل، وكوفي من كذب، وسوداني من جهل، وبغدادي من مخرقة، وخوزي من لؤم، وطبري من زرق. وقيل: جاور أهل الشام الروم، فأخذوا عنهم اللؤم وقلة الغيرة. وجاور أهل الكوفة أهل السواد، فأخذوا عنهم السخاء والغيرة. وجاور أهل البصرة الخوز، فأخذوا عنهم الزنا وقلة الوفاء. ويقال: إن القدماء اعتبروا البلاد وما امتاز به بعضها عن بعض من الطبائع، فوجدوا أخصب بقاع الدنيا ثمانية مواضع: أرمينية، وأذربيجان، وماه دينور، وماه نهاوند، وكرمان، وأصبهان، وقومس، وطبرستان. ووجدوا أخف بقاع الدنيا ماء، ماء ثمانية مواضع: دجلة، والفرات، وزندرود أصبهان، وماء سوران، وماء هفيجان، وماء جنديسابور، وماء بلخ، وماء سمرقند. " وغفلوا عن نيل مصر، ولعله أحقها بهذه الخصوصية من سائر المياه " . ووجدوا أوبأ بقاع الدنيا ستة مواضع: النوبندجان، وسابور خواست، وجرجان، وحلوان، وبرذعة، وزنجان. " وغفلوا عن شيزر. " ووجدوا أعقل أهل البلاد تسعة: أهل أصبهان، والحيرة، والمداين، وماه دينور، وإصطخر، ونيسابور، والري، وطبرستان، ونشوى " وهي نقجوان " . ووجدوا أسرى أهل بقاع الدنيا أهل سبعة مواضع: طوسفون " وهي المداين " ، وبلاشون " وهي حلوان " ، وماسبذان، ونهاوند، والري، واصبهان، ونيسابور. ووجدوا أهل بقاع الدنيا أهل عشرة مواضع: ماسبذان، ومهرجانقذق، وسورستان، والري، والرويان، وأذربيجان، والموصل، وأرمينية، وشهرزور، والصامغان. ووجدوا البخل في أهل ثمان بقاع: مرو، وإصطخر، ودارابجرد، وخوزستان، وماسبذان، وديبل، وماه دينور، وحلوان. ووجدوا أسفل أرض بقاع الأرض أربعة: أهل السدجان، وبادرايا، وماكسايا، وخوذستان. ووجدوا أقل أهل الأرض نظرا في العواقب أهل سبعة مواضع: طبرستان، وأرمينية، وقومس، وكرمان، وكوسان، ومكران، وشهرزور. ويقال: إنه وفد رجل من عجم خراسان على كسرى، فقال له: اخبرني من أحسن أهل خراسان لقاء؟ قال: أهل بخاري. قال: فمن أوسعهم بذلا للخبز والملح؟ قال: أهل جوزجان. قال: فمن أحسنهم ضيافة؟ قال: أهل سمرقتد. قال: فمن أدقهم نظرا وتقديرا؟ قال: أهل مرو. قال: فمن أسوأهم طاعة؟ قال: أهل خوارزم. قال: فمن أخبثهم طوية؟ قال: أهل مرو الروذ، إن رضي بذلك أهل أبيورد. قال: فمن اسقطهم عقلا؟ قال: أهل طوس، إن رضي بذلك أهل نسا. قال: فمن أكثرهم شغبا وجدلا: قال: أهل سرخس، إن رضي بذلك أهل قوهستان. قال فمن أضعفهم وأخبثهم؟ قال: أهل نيسابور. قال: فمن أقلهم غيرة على النساء؟ قال: أهل هراة. الباب الثاني في خصائص البلاد من القسم الخامس من الفن الأول ولنبدأ من ذلك بمكة ويثرب، وأعرب عما أنقله من فضلهما ولا أغرب؛ وأصله بذكر البيت المقدس والمسجد الأقصى، ولا أشترط الاستيعاب لأن فضائلها لا تحصى. فأما مكة " شرفها الله تعالى وعظمها " ففضائلها مشهورة بينة. قال الله تعالى: " وإن أول بيت وضع للناس للذي بمكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا " . وقال الله تعالى: " وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا " . |
|
26-06-2018, 08:45 AM | #83 |
| قال بعض المفسرين: أمنا من النار. وقيل: كان يأمن من الطلب من أحدث حدثا ولجأ إليه في الجاهلية. وحكى القاضي عياض في كتاب الشفا أنه حدث أن قوما أتوا سعدون الخولاني بالمنستير، وأعلموه أ، كتامة قتلوا رجلا وأضرموا عليه النار طول الليل، فلم تعمل فيه وبقي أبيض البدن، فقال: لعله حج ثلاث حجج؟ قالوا: نعم. قال: حدثت أن من حج حجة أدى فرضه، ومن حج ثانية داين ربه، ومن حج ثلاث حجج حرم الله شعره وبشره على النار. ولما نطر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة قال: مرحبا بك من بيت، ما أعظمك وأعظم حرمتك!. وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ما من أحد يدعو الله عند الركن الأسود إلا استجاب له. وكذلك عند الركن. وعنه صلى الله عليه وسلم: من صلى خلف المقام ركعتين، غفر له ما تقدم من ذبنه وما تأخر وحشر يوم القيامة مع الآمنين. ما كانت الكعبة عليه فوق الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض قال أبو الوليد الأزرقي بسند يرفعه إلى كعب الأحبار أنه قال: كانت الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله عز وجل السماوات والأرضين بأربعين سنة. ومنها دحيت الأرض. وقال يرفعه إلى مجاهد: خلق الله تعالى هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرضين. وعنه يرفعه إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله السماوات والأرض بعث الله ريحا فصفقت الماء فأبرزت عن حشفة في موضع البيت كأنها قبة. فدحا الله عز وجل الأرض من تحتها فمادت ثم مادت. فأوتدها الله تعالى بالجبال، فكان أول جبل وضع فيها أبو قبيس، فلذلك سميت مكة أم القرى وعنه يرفعه إلى مجاهد أنه قال: لقد خلق الله عز وجل موضع هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة، وإن قواعده لفي الأرض السابعة السفلى. بناء الملائكة الكعبة قبل خلق آدم عليه السلام، ومبدأ الطواف وقال أبو الوليد الأزرقي، يرفعه إلى على بن الحسين رضي الله عنهما إنه أتاه سائل يسأله، فقال له: عم تسأل؟ فقال: أسألك عن بدء الطواف بهذا البيت لم كان؟ وأنى كان؟ وحيث كان؟ وكيف كان بالحجر؟ فقال له: نعم، ومن أين أنت؟ فقال: من أهل الشام. فقال: أين مسكنك؟ قال: في بيت المقدس. فهل قرأت الكتابين؟ " يعني التوراة والإنجيل " . قال له الرجل: نعم. فقال له: يا أخا أهل الشام احفظ، ولا تروين عني إلا حقا: أما بدء هذا الطواب بهذا البيت، فإن اله تعالى قال للملائكة: " إني جاعل في الأرض خليفة " ، قالت الملائكة: أي رب، أخليقة من غيرنا: ممن يفسد فيها ويسفك الدماء ويتحاسدون، ويتباغضون، ويتنازعون؟ أي رب، اجعل ذلك الخليفة منا، فنحن لا نفسد فيها، ولا نسفك الدماء، ولا نتباغض، ولا نتحاسد، ولا نتباغى؛ ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ونطيعك ولا نعصيك. قال الله تبارك وتعالى: " إني أعلم ما لا تعلمون " . قال: فظنت الملائكة أن ما قالوه رد على ربهم عز وجل وأنه قد غضب من قولهم، فلاذوا بالعرش، ورفعوا رءوسهم، وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفافا لغضبه. فطافوا بالعرش ثلاث ساعات فنظر الله عز وجل إليهم، فنزلت الرحمة عليهم، فوضع الله سبحانه تحت العرش بيتا على أربع أساطين من زبرجد، وغشاة بياقوتة حمراء وسمي البيت الضراح. ثم قال للملائكة: طوفوا بهذا البيت، ودعوا العرش، فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش، وصار أهون عليهم، وهو البيت، وهو البيت المعمور الذي ذكره الله عز وجل: يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا يعودون فيه أبدا. ثم إن الله سبحانه بعث ملائكة فقال: ابنوا لي بيتا في الأرض بمثاله وقدره. فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه أن طوفوا بهذا البيت، كما يطوف أهل السماء بالبيت المعمور. فقال الرجل: صدقت يا ابن بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، هكذا كان. زيارة الملائكة البيت الحرام قال الأزرقي، يرفعه إلى ابن عباس رضي الله عنهما: إن جبريل عليه السلام وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعليه عصابة حمراء قد علاها الغبار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذا الغبار الذي أرى على عصابتك، أيها الروح الأمين؟ قال: إني زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن، وهذا الغبار الذي ترى مما تثير بأجنحتها. |
|
26-06-2018, 08:45 AM | #84 |
| وقال، ورفعه إلى ليث بن معاذ رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذا البيت خامس خمسة عشر بيتا، سبعة منها في السماء إلى العرش، وسبغة منها إلى تخوم الأرض السفلى، وأعلاها الذي يلي العرش: البيت المعمور. لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت. لو سقط منها بيت، لسقط بعضها على بعض إلى تخوم الأرض السفلى، ولكل بيت من أهل السماء ومن أهل الأرض من يعمره، كما يعمر هذا البيت. هبوط آدم إلى الأرض، وبنيانه الكعبة المشرفة وحجه وطوافه بالبيت قال الأزرقي، يرفعه إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما أهبط الله عز وجل آدم عليه السلام إلى الأرض من الجنة، كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض. وهو مثل الفلك من رعدته. قال: فطأطأ الله عز وجل منه إلى الأرض ستين ذراعا، فقال: مالي لا أسمع أصوات الملائكة ولا حسهم؟ قال: خطيئتك يا آدم، ولكن اذهب فابن لي بيتا تطف به واذكرني حوله كنحو ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي، قال: فأقبل آدم عليه السلام يتخطى، فطويت له الأرض وقبضت له المفاوز، فصارت كل مفازة يمر بها خطوة، وقبض له ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله خطوة، ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة. فبنى البيت الحرام. وإن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت في الأرض السفلى فقذفت الملائكة فيه الصخر، ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا. وإنه بناه من خمسة أجبل: من لبنان، وطورزيتا، وطورسينا، والجودى، وحراء، حتى استوى على وجه الأرض. قال ابن عباس رضي الله عنهما: فكان أول من أسس البيت وصلى فيه وطاف به، آدم عليه السلام. حتى بعث الله سبحانه الطوفان، فدرس موضع البيت في الطوفان. حتى بعث الله تبارك وتعالى إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، فرفعا قواعده وأعلامه. ثم بنته قريش بعد ذلك. وهو بحذاء البيت المعمور، لو سقط، ما سقط إلا عليه. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأدب , المرة , في , فنون , نهاية |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سلسلة لعلهم يتفكرون | تيماء | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 65 | 24-09-2018 10:41 AM |
العقيدة من مفهوم القران والسنة | تيماء | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 34 | 20-07-2018 09:12 AM |
ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 29-06-2017 02:53 AM |
فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 26-05-2017 03:24 PM |
مختصر كتاب( طوق الحمامة) | نزيف الماضي | ( همسات الثقافه العامه ) | 12 | 23-03-2015 10:14 AM |