26-06-2018, 08:46 AM | #85 |
| وقال أبو الوليد أيضا، ورفعه إلى وهب بن منبه: إن الله تبارك وتعالى لما تاب على آدم عليه السلام، أمره أن يسير إلى مكة. فطوى له الأرض وقبض له المفاوز، فصارة كل مفازة يمر بها خطوة، وقبض له ما كان فيها من مخاض ماء أو بحر فجعله له خطوة. فلم يضع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة. وكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان فيه من عظم المصيبة، حتى إن كانت الملائكة لتحزن لحزنه ولتبكي لبكائه. فعزاه الله عز وجل بخيمة من خيام الجنة، ووضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة. وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من ياقوت الجنة: فيها ثلاث قناديل من ذهب من تبر الجنة، فيها نور يتلهب من نور الحنة. ونزل معها الركن، وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة. وكان كرسيا لآدم عليه السلام، يجلس عليه. فلما صار آدم بمكة، حرسها الله تعالى، حرسه الله تعالى وحرس تلك الخيمة بالملائكة كانوا يحرسونها ويذودون عنها ساكن الأرض، وساكنوها يومئذ الجن والشياطين، فلا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء من الجنة، لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له. والأرض يومئذ طاهرة نقية لم تنجس ولم يسفك فيها الدم، ولم تعمل فيها الخطايا. فلذلك جعلها الله عز وجل مسكن الملائكة، وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار، لا يفترون. وكان وقوفهم على أعلام الحرم صفا واحدا مستديرين بالحرم كله: الحل من خلفهم، والحرم كله من أمامهم. ولا يجوزهم جني ولا شيطان. ومن أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم. ووضعت أعلام حيث كان مقام الملائكة. وحرم الله على حواء دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم من أجل خطيئتها التي أخطأت في الجنة. فلم تنظر إلى شيء من ذلك حتى قبضت. وإن آدم عليه السلام كان إذا أراد لقاءها ليلم بها للولد، خرج من الحرم كله حتى يلقاها، فلم تزل خيمة آدم مكانها حتى قبض الله آدم عليه السلام ورفعها الله. وبنى بنو آدم بها من بعدها مكانا: بيتا بالطين والحجارة. فلم يزل معمورا، يعمرونه ومن بعدهم حتى كان زمن نوح عليه السلام. فنسفه الغرق وخفي مكانه. فلما بعث الله تعالى إبراهيم عليه السلام طلب الأساس، فلما وصل إليه ظلل الله مكان البيت بغمامة. فكانت حفاف البيت الأول، ثم لم تزل راكزة على حفافه تظل إبراهيم عليه السلام وتهديه مكان القواعد حتى رفع الله القواعد قامة. ثم انكشفت الغمامة، فذلك قوله تعالى: " وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت " أي الغمامة التي ركزت على الحفاف لتهديه مكان القواعد. وعن وهب بن منبه أنه قال: قرأت في كتاب من الكتب الأول، ذكر فيه أمر الكعبة، فوجدت فيه أن ليس من الملائكة بعثه الله تعالى إلى الأرض إلى أمره بزيارة البيت. فينقض من عند العرش محرما ملبيا، حتى يستلم الحجر. ثم يطوف في البيت سبعا ويركع في جوفه ركعتين، ثم يصعد. وقال الأزرقي، يرفعه إلأى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما أهبط الله آدم إلى الأرض، أهبطه إلى موضع البيت الحرام. وهو مثل الفلك من رعدته. ثم أنزل عليه الحجر الأسود يعني الركن، وهو يتلألأ من شدة بياضه. فأخذه آدم صلى الله عليه وسلم فضمه إليه أنسا به. ثم أنزلت عليه العصى فقيل له: تخط يا آدم، فتخطى، فإذا هو بأرض الهند والسند. فمكث هناك ما شاء الله، ثم استوحش إلى الركن فقيل له: احجج، قال فحج فلقيته الملائكة فقالوا: بر حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألف عام. قال: وسأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه كعب الأحبار فقال: أخبرني عن البيت الحرام. فقال كعب: أنزله الله من السماء ياقوتة مجوفة مع آدم، فقال له: يا آدم إن هذا بيتي أنزلته معك، يطاف حوله كما يطاف حول عرشي، ويصلى حوله كما يصلى حول عرشي. ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضعوا البيت عليه. فكان آدم يطوف حوله كما يطاف حول العرش، ويصلي عنده كما يصلى عند العرش. فلما أغرق الله تعالى قوم نوح، رفعه إلى السماء وبقيت قواعده. |
|
26-06-2018, 08:46 AM | #86 |
| وقال وهب بن منبه: كان البيت الذي بوأه الله تعالى لآدم عليه السلام يومئذ من ياقوت الجنة. وكان من ياقوتة حمراء تلتهب، لها بابان: أحدهما شرقي والآخر غربي. وكان فيه قتاديل من نور آنيتها ذهب من تبر الجنة. وهو منظوم بنجوم من ياقوت أبيض. والركن يومئذ نجم من نجومه وهو يومئذ ياقوتة بيضاء. والله أعلم فضل البيت الحرام |
|
26-06-2018, 08:47 AM | #87 |
| قال أبو الوليد، برفعه عن وهب بن منبه أنه قال: إن آدم لما أهبط إلى الأرض استوحش فيهاما رأى من سعتها ولم ير فيه أحدا غيره، فقال: يا رب، أما لأرضك هذه من عامر يسبحك فيه ويقدس لك غيري؟ قال: إني سأجعل فيها من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي، وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري ويسبحني فيها خلقي، وسأبوئك فيها بيتا أختاره لنفسي، وأخصه بكرامتي، وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمي، فأسميه بيتي، وأنطعه بعظمتي، وأخوزه بحرماتي، وأجعله أحق بيوت الأرض كلها وأولاها بذكرى، وأضعه في البقعة التي اخترت لنفسي، فأني اخترت مكانه يوم خلقت السماوات والأرض؛ وقبل ذلك قد كان بعيني: فهو صفوتي من البيوت، ولست أسكنه، وليس ينبغي لي أن أسكن البيوت؛ ولا ينبغي أن تسعني، ولكن على كرسي الكبرياء والجبروت؛ وهو الذي استقل بعزتي، وعليه وضعت عظمتي وجلالي، وهناك استقر قراري؛ ثم هو بعد ضعيف عني لولا قوتي؛ ثم أنا بعد ذلك ملء كل شيء، وفوق كل شيء، ومحيط بكل شيء، وأمام كل شيء، وخلف كل شيء، وليس ينبغي لشيء أن يعلم علمي ولا يقدر قدرتي، ولا يبلغ كنه شاني. أجعل ذلك البيت لك ولمن بعدك حرما وأمنا، أحرم بحرماته ما فوقه وما تحته وما حوله. فمن حرمه بحرمتي فقد عظم حرماتي، ومن أحله فقد أباح حرماتي، ومن أمن أهله فقد استوجب بذلك أماني، ومن أخافهم أخفرني في ذمتي، ومن عظم شأنه عظم في عيني، ومن تهاون به صغر في عيني؛ ولكل ملك حيازة ما حواليه مما حواليه، وبطن مكة خيرتي وحيازتي؛ وجيران بيتي وعمارها وزوارها، وفدي وأضيافي، في كنفي وأفنيتي، ضامنون على ذمتي وجواري؛ فأجعله أول بيت وضع للناس، وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض: يأتونه أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق، يعجون بالتكبير عجيجا، ويرجون بالتلبية رجيجا، وينتحبون بالبكاء نحيبا، فمن اعتمره لا يريد غيره، فقد زارني ووفد إلي ونزل بي؛ ومن نزل بي، فحقيق علي أن أتحفه بكرامتي؛ وحق على الكريم أن يكرم وفده وأضيافه، وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته. تعمره يا آدم ما كنت حيا، ثم تعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء: أمة بعد أمة، وقرن بعد قرن، ونبي بعد نبي، حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك وهو خاتم النبين، فأجعله من عماره وسكانه وحماته، وولاته وسقاته. يكون أميني عليه ما كان حيا. فإذا انقلب إلي، وجدني قد ذخرت له من أجره وفضيلته ما يتمكن به القربة مني والوسيلة إلي، وأفضل المنازل في دار المقام. وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وثناءه ومكرمته لنبي من ولدك يكون قبل هذا النبي وهو أبوه يقال له إبراهيم، أرفع له قواعده، وأقضي على يديه عمارته، وأنبط له سقايته، وأريه حله وحرمه ومواقفه، وأعلمه مشاعره ومناسكه، وأجعله أمة واحدة قانتا لي، قائما بأمري، داعيا إلى سبيلي؛ أجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم؛ أبتليه فيصبر، وأعافيه فيشكر؛ وينذر لي فيفي؛ ويعدني فينجز؛ أستجيب له في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وولاته وحماته وسقاته وخدامه وخزانه وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا؛ فإذا فعلوا ذلك فأنا الله أقدر القادرين على أن أستبدل من أشاء بمن أشاء. أجعل إبراهيم إمام أهل ذلك البيت وأهل تلك الشريعة، يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الأنس والجن؛ يطئون فيها أثاره، ويتبعون فيها سنته، ويقتدرون فيها بهديه. فمن فعل ذلك منهم أوفى نذره ، واستكمل نسكه؛ ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه، وأخطأ بغيته. فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن: أين أنا؟ فأنا مع الشعث الغبر الموفين بنذورهم المستكملين مناسكهم، المبتهلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون. وليس هذا الخلق ولا هذا الأرمر الذي قصصت عليك شأنه؛ يا آدم، بزائدي في ملكي ولا عظمتي ولا سلطاني ولا شيء مما عندي إلا كما زادت قطرة من رشاش وقعت في سبعة أبحر تمدها من بعدها سبعة أبحر لا تحصى، بل القطرة أزيد في البحر من هذا الأمر في شيء مما عندي. ولو لم أخلقه لم ينتقص شيء من ملكي ولا عظمتي ولا مما عندي من الغناء والسعة، إلا كما نقصت الأرض ذرة وقعت من جميع ترابها وجبالها وحصاها ورمالها وأشجارها، بل الذرة أنقص للأرض من هذا الأمر لو لم أخلقه. ليس مما عندي ويعد هذا مثل للعزيز الحكيم. طواف سفينة نوح (ع) بالبيت |
|
26-06-2018, 08:47 AM | #88 |
| قال أبو الوليد الأزرقي، ورفعه إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان مع نوح عليه السلام في السفينة ثمانون رجلا معهم أهلوهم، وإنهم كانوا في السفينة مائة وخمسين يوما، وإن الله جل ثناءه وجه السفينة إلى مكة فدارت بالبيت أربعين يوما، ثم وجهها إلى الجودي فاستقرت عليه. وقال عن مجاهد: كان موضع الكعبة قد خفي ودرس الزمن الغرق فيما بين نوح وإبراهيم عليهما السلام. فكان موضعه أكمة حمراء مدورة، لا تعلوها السيول. غير أن الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه. وكان يأتيه المظلوم والمبعود من أقطار الأرض، ويدعو عنده المكروب. فقل من دعا هنالك، إلا أستجيب له. وكان الناس يحجون إلى مكة، إلى موضع البيت، حتى بوأ الله تعالى مكانه لإبراهيم عليه السلام. فلم يزل منذ أهبط الله تعالى آدم إلى الأرض معظما محرما تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة، وملة بعد ملة. قال: وكانت الملائكة تحجه قبل آدم عليه السلام. تخير إبراهيم عليه السلام موضع البيت قال عثمان بن ساج: بلغنا " والله أعلم " أن إبراهيم خليل الله عليه السلام عرج به إلى السماء فنظر إلى الأرض، مشارقها ومغاربها، فاختار موضع الكعبة. فقالت له الملائكة: يا خليل الرحمن اخترت حرم الله في الأرض، قال: فبناه من حجارة سبعة أجبل " ويقولون خمسة " . وكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم عليه السلام من تلك الجبال. حج إبراهيم عليه السلام واذانه بالحج وحج الأنبياء بعده وطوافهم قال أبو الوليد عن محمد بن إسحاق: لما فرغ إبراهيم خليل الرحمن من بناء البيت الحرام، جاءه جبريل عليه السلام فقال: طف به سبعا، فطاف به سبعا، هو وإسماعيل. يستلمان الأركان كلها في كل طواف، فلما أكملا سبعا صليا خلف المقام ركعتين. قال: فقام معه جبريل فأراه المناسك كلها: الصفا والمروة ومنى ومزدلفة وعرفة. فلما دخل منى وهبط من العقبة، مثل له إبليس عند جمرة، فقال له جبريل: ارمه، فرماه إبراهيم بسبع حصيات، فغاب عنه؛ ثم برز له عند الجمرة السفلى، فقال له جبريل: ارمه، فرماه بسبع حصيات مثل حصى الخذف، فغاب عنه ابليس؛ ثم مضى إبراهيم في حجه وجبريل يوقفه على المواقف ويعلمه المناسك حتى انتهى إلى عرفة . فلما انتهى إليها، قال له جبريل: أعرفت مناسكك؟ قال: نعم، قال: فسميت عرفات بذلك.قال: ثم أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج، فقال إبراهيم: يا رب وما يبلغ صوتي؟ قال الله جل ثناؤه: أذن، وعلي البلاغ، قال: فعلا إبراهيم على المقام فأشرف به حتى صار أرفع الجبال وأطولها فجمعت له الأرض يومئذ: سهلها، وجبلها، وبرها، وبحرها، وإنسها، وجنها حتى أسمعهم جميعا، فأدخل إصبعيه في أذنيه وأقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وبدأ بشق اليمين فقال: أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق، فأجيبوا ربكم فأجابوه من تحت التخوم السبعة، ومن بين المشرق والمغرب إلى منقطع التراب من أقطار الأرض كلها: " لبيك، اللهم لبيك " . قال: وكانت الحجارة على ما هي اليوم،إلا أن الله عز وجل أراد أن يجعل المقام آية. فكان أثر قدميه في المقام آية إلى اليوم. قال: أفلا تراهم اليوم يقولون: " لبيك، اللهم لبيك " . فكل من حج إلى اليوم فهو ممن أجاب إبراهيم. وأثر قدمي إبراهيم في المقام آية. وذلك قوله تعالى: " فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا " . قال ابن إسحاق: وبلغني أن آدم عليه السلام كان استلم الأركان كلها قبل إبراهيم، حجه وإسحاق وسارة من الشام. قال: وكان إبراهيم يحجه كل سنة على البراق. قال: وحجت بعد ذلك الأنبياء والأمم. وعن مجاهد، قال: حج إبراهيم وإسماعيل، ماشيين. وعن عبد الله بن ضمرة السلولي: ما بين الركن إلى المقام إلى زمزم قبر تسعة وتسعين نبيا جاءوا حجاجا فقبروا هنالك. وفي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فتعبد بها النبي ومن معه حتى يموت. فمات بها: نوح، وهود، وصالح، وشعيب. وقبورهم بين زمزم والحجر. |
|
26-06-2018, 08:48 AM | #89 |
| وعن مجاهد: حج موسى النبي عليه السلام على جمل. فمر بالروحاء عليه عباءتان وقطوانيتان متزر بإحداهما، مرتد بالأخرى. فطاف في البيت ثم سعى بين الصفا والمروة. فبينما هو يلبي بين الصفا والمروة، إذ سمع صوتا من السماء يقول: " لبيك عبدي، أنا معك " قال: فخر موسى ساجدا. وعن عروة بن الزبير رضي عنهما قال: بلغني أن البيت وضع لآدم يطوف به ويعبد الله عنده وأن نوحا قد حجه وجاءه وعظمه قبل الغرق. فلما أصاب البيت ما أصاب الأرض من الغرق فكان ربوة حمراء معروفا مكانه؛ فبعث الله هودا إلى عاد، فتشاغل بأمر قومه حتى هلك ولم يحجه. ثم بوأه الله تعالى لإبراهيم عليه السلام فحجه وأعلم مناسكه ودعا إلى زيارته. ثم لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم، إلا حجه. وعن عبدالله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لقد سلك فج الروحاء سبعون نبيا، حجاجا: عليهم لباس الصوف، مخطمي إبلهم بحبال الليف. ولقد صلى في مسجد الخيف سبعون نبيا. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لقد مر بفج الروحاء : " أو لقد مر بهذا الفج " سبعون نبيا على نوق حمر خطمها الليف، لبوسهم الغباء وتلبيتهم شتى. فمنهم يونس بن متى. فكان يونس يقول: " لبيك فراج الكرب، لبيك " ؛ وكان موسى يقول: " لبيك، أنا عبدك لديك،لبيك " قال : وتلبية عيسى: " لبيك، أنا عبدك ابن أمتك بنت عبديك، لبيك " . وعن عطاء بن إبراهيم رأى رجلا يطوف بالبيت فأنكره، فسأله: ممن أنت؟ فقال: من أصحاب ذي القرنين، قال: وأين هو؟ قال: هو بالأبطح.فتلقاه إبراهيم عليه السلام فاعتنقه، فقال لذي القرنين: ألا تركب؟ قال: ما كنت لأركب، وهذا يمشي، فحج ماشيا. مسألة إبراهيم عليه السلام الأمن والرزق لأهل مكة والكتب التي وجد فيها تعظيم الحرم قال أبو الوليد الأزرقي: يرفعه إلى محمد بن كعب القرظي أنه قال: دع إبراهيم عليه السلام للمؤمنين، وترك الكفار لم يدع لهم بشيء، فقال الله تعالى: " ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى النار وبئس المصير " . وقال عثمان بن ساج: وأخبرني محمد بن السائب الكلبي قال: قال إبراهيم عليه السلام " ورب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر " . فاستجاب الله عز وجل له فجعله بلدا آمنا وآمن في الخائف ورزق أهله من الثمرات، تحمل إليهم من الآفاق. وقال مجاهد: جعل الله هذا البلد آمنا، لا يخاف فيه من دخله. وقال سعيد بن السائب بن يسار: لما دعا إبراهيم عليه السلام لمكة أن يرزق أهلها من الثمرات، نقل الله أرض الطائف من الشام فوضعها هنالك: رزقا لحرم. وروي عن محمد بن المنكدر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لما وضع الله الحرم نقل له الطائف من الشام. وعن الزهري أن الله نقل قرية من قرى الشام فوضعها بالطائف، لدعوة إبراهيم خليل الله: " وارزق أهله من الثمرات " . وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: جاء إبراهيم يطالع إسماعيل عليهما السلام فوجده غائبا، ووجد امرأته الآخرة، وهي السيدة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي. فوقف وسلم فردت السلام واستنزلته وعرضت عليه الطعام والشراب، فقال: ما طعامكم؟ قالت: اللحم والماء، قال: هل من حب أو غيره من الطعام؟ قالت: لا، قال: بارك الله لكم في اللحم والماء. قال ابن عباس رضي اله عنهما: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو وجد عندها يومئذ حبا لدعا لهم بالبركةفيه، فكانت تكون أرضا ذات زرع. وعن سعيد بن جبير مثله، وزاد فيه: ولا يخلو أحد من اللحم والماء في غير مكة إلا وجع بطنه؛ وإن خلا عليهما بمكة لم يجد لذلك أذى. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجد في المقام كتاب فيههذا بيت الله الحرام بمكة، توكل الله برزق أهله من ثلاث سبل، مبارك لأهله في اللحم واللبن ووجد في حجر في الحجر كتاب من خلقة الحجر أنا الله ذو بكة الحرم صغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في اللحم والماء. |
|
26-06-2018, 08:48 AM | #90 |
| وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: لما هدموا البيت وبلغوا أساس إبراهيم عليه السلام وجدوا في حجر من الأساس كتابا، فدعوا له رجلا من أهل اليمن، وآخر من الرهبان، فإذا فيه: أنا الله ذو بكة حرمتها يوم خلقت السماوات والأرض والشمس والقمر ويوم صغت هذين الجبلين وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى يزول أخشباها مبارك لأهلها في الماء واللبن. وعن مجاهد رضي الله عنه قال: وجد في بعض الزبور أما الله ذو بكة جعلتها بين هذين الجبلين وصغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء وجعلت رزق أهلها من ثلاث سبل فليس يوتا أهل مكة إلا من ثلاثة طرق أعلى الوادي وأسفله وكدى وباركت لأهلها في اللحم والماء. أسماء الكعبة ومكة عن ابن أبي نجيح قال: إنما سميت الكعبة لأنها مكعبة على خلقة الكعب. قال:وكان الناس يبنون بيوتهم مدورة تعظيم للكعبة. فأول من بنى بيتا مربعا حميد بن زهير، فقالت قريش: ربع حميد بن زهير بيتا، إما حياتا إما موتا. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، قال: إنما سميت بكة لأنه يجتمع فيها الرجال والنساء جميعا. وقالوا: بكة موضع البيت، ومكة القرية. وقال ابن أبي أنيسة: بكة موضع البيت، ومكة هو الحرم كله. وكان ابن جريح يقول: إنما سميت بكة لتباك الناس بأقدامهم قدام الكعبة. ويقال: إنما سميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة. وعن الزهري: أنه بلغه إنما سمي البيت العتيق من أن الله تعالى أعتقه من الجبابرة. وعن مجاهد والسدي: إنما سمي البيت العتيق الكعبة، أعتقها الله من اجبابرة؛ فلا يتجبرون فيه إذا طافوا. وكان البيت يدعى قادسا ويدعى بادرا ويدعى القرية القديمة ويدعى البيت العتيق. وعن مجاهد قال: من أسمائها مكة وبكة وأم رحم وأم القرى وصلاح وكوثى والباسة. وعن ابن أبي نجيح قال: بلغني أن أسماء مكة مكة؛ وبكة؛ وأم رحم؛ وأم القرى؛ والباسة؛ والبيت العتيق؛ والحاطمة: " تحطم من يستخف بها " ؛ والناسة " تنسهم، أي تخرجهم إخراجا إذا غشموا وظلموا " .د في فضل الركن الأسود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام، فإنهما جوهرتان من جواهر الجنة؛ ولولا ما مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله عز وجل. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه قال في الركن الأسود: لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية وأرجاسهم، ما مسه ذو عاهة إلا برأ، وقال: نزل الركن، وإنه لأشد بياضا من الفضة. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها، وهي تطوف معه بالكعبة حين استلم الركن: لولا ما طبع على هذا الحجر، ياعائشة،من أرجاس الجاهلية وأنجاسها، إذن لا ستشفي به من كل عاهة، وإذن لألفي كهيئته يوم أنزله الله، وليعيدنه الله إلى ما خلقه أول مرة، وإنه لياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة، ولكن الله غيره بمعصية العاصين، وستر زينته عن الظلمة والأثمة لأنهم لا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء كان بدؤه من الجنة. وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله يبعث الركن الأسود، وله عينان يبصر بهما، ولسان ينطق به: يشهد لمن استلمه بحق. وعنه رضي الله عنه: الركن يمين الله في الأرض: يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه. وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرجنا مع عمر بن الحطاب رضي الله عنه إلى مكة. فلما دخلنا الطواف، قام عند الحجر وقال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. ثم قبله ومضى في الطواف فقال له علي رضي الله عنه: بل يا أمير المؤمنين هو يضر وينفع، قال: وبم قلت ذلك؟ قال: بكتاب الله، قال: وأين ذلك من كتاب الله؟ قال: قال الله عز وجل: " وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا " . فلما خلق الله تعالى آدم مسح ظهره وأخرج ذريته من صلبه فقررهم أنه الرب وهم العبيد، ثم كتب ميثاقهم في رق، وكان هذا الحجر له عينان ولسان، فقال له: افتح فاك، فألقمه ذلك الرق وجعله في هذا الموضع، وقال: تشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة، فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم، يا أبا الحسن. |
|
26-06-2018, 08:49 AM | #91 |
| وعن عكرمة: أن الحجر الأسود يمين الله في الأرض، فمن لم يدرك بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح الركن فقد بايع الله ورسوله. وعن مجاهد: يأتي الركن والمقام يوم القيامة، وكل واحد منهما مثل أبو قبيس: يشهدان لمن وافاهما بالموافاة. والله أعلم. فضل استلام الركن الأسود، واليماني عن عطاء بن السائب أن عبيد بن عمير قال لابن عمر رضي الله عنهما: إني أراك تزاحم على هذين الركنين، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن استلامهما يحط الخطايا حطا. وسئل رضي الله عنه، فقيل له: إنا نراك تفعل خصالا أربعا لا يفعلها الناس: نراك لا تستلم من الأركان إلا الحجر والركن اليماني، ونراك لا تلبس من النعال إلا السبتية، ونراك تضفر شعرك وقد يصبغ الناس بالحناء، ونراك لا تحرم حتى تستوي بك راحلتك وتوجه. فقال عبد الله: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدع الركن الأسود واليماني أن يستلمهما في كل طواف أتى عليهما. قال: كان لا يدعهما في كل طواف طاف بهما حتى يستلمهما، لقد زاحم على الركن مرة في شدة الزحام حتى رعف، فخرج فغسل عنه ثم رجع. فعاد يزاحم فلم يصل إليه حتى رعف الثانية، فخرج فغسل عنه ثم رجع. فما تركه حتى استلم. وعن نافع قال: لقد رأيت ابن عمر رضي الله عنهما، زاحم مرة على الركن اليماني حتى انبهر فتنحى فجلس في ناحية الطواف حتى استراح، ثم عاد فلم يدعه حتى استلمه. قالوا: وليس هذا واجبا على الناس، ولكنه كان يحب أن يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فضل الطواف بالكعبة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من طاف بالبيت، كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحا عنه سيئة. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خرج المرء يريد الطواف بالبيت، أقبل يريد الرحمة. فإذا دخله غمرته. ثم لا يرفع فدما ولا يضع قدما إلا كتب الله له بكل قدم خمسمائة حسنة، وحط عنه خمسمائة سيئة " أو قال خطيئة " ، ورفعت له خمسمائة درجة. فإذا فرغ من طوافه فصلى ركعتين دبر المقام، خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وكتب له أجر عتق عشر رقاب من ولد إسماعيل، واستقبله ملك على الركن فقال له: استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى، وشفع في سبعين من أهل بيته. وعن حسان بن عطية: أن الله خلق لهذا البيت عشرين ومائة رحمة ينزلها في كل يوم، فستون منها للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين. قال حسان: فنظرنا فإذا هي كلها للطائفين هو يطوف ويصلي وينظر. ما جاء في فضل زمزم عن وهب بن منبه أنه قال في زمزم: والذي نفسي بيده، إنها لفي كتاب الله مضنونة، وإنها لفي كتاب الله برة، وإنها لفي كتاب الله شراب الأبرار، وإنها لفي كتاب الله طعام طعم وشفاء سقم. وعن ابن خثيم قال: قدم علينا وهب بن منبه مكة فاشتكى، فجئناه نعوده، فإذا عنده من ماء زمزم. قال: فقلنا له. لو استعذبت، فإن هذا الماء فيه غلظ؟ قال: ما أريد أن أشرب حتى أخرج منها غيره، والذي نفس وهب بيده، إنها لفي كتاب الله زمزم لا تنزف ولا تذم، وإنها لفي كتاب الله برة شراب الأبرار، وإنها لفي كتاب الله مضنونة، وإنها لفي كتاب الله طعام من طعم وشفاء من سقم، والذي نفس وهب بيده لا يعمد أحد إليها فيشرب منها حتى يتضلع إلا نزعت منه داء أو أحدثت له شفاء. وعن كعب أنه قال لزمزم:إنا نجدها مضنونة ضن بها لكم، وإن أول من سقي ماءها إسماعيل عليه السلام، طعام من طعم، وشفاء من سقم. وعن مجاهد قال: ماء زمزم لما شرب له، إن شربته تريد به شفاء شفاك الله، وإن شربته للظمأ أرواك الله، وإن شربته لجوع أشبعك الله، وهي هزمة جبريل عليه السلام بعقبه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التضلع من ماء زمزم براءة من النفاق. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأدب , المرة , في , فنون , نهاية |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سلسلة لعلهم يتفكرون | تيماء | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 65 | 24-09-2018 10:41 AM |
العقيدة من مفهوم القران والسنة | تيماء | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 34 | 20-07-2018 09:12 AM |
ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 29-06-2017 02:53 AM |
فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 26-05-2017 03:24 PM |
مختصر كتاب( طوق الحمامة) | نزيف الماضي | ( همسات الثقافه العامه ) | 12 | 23-03-2015 10:14 AM |