ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:09 PM   #400


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي























[c







تابع - سورة العصر

محور مواضيع السورة

ثانيا : - أنهم لم يتولوا الحكم والقيادة بغير تربية خلقية وتزكية نفس ، بخلاف غالب الأمم والأفراد ورجال الحكومة في الماضي والحاضر ، بل مكثوا زمنا طويلا تحت تربية محمد - صلى اللّه عليه وسلم - وإشرافه الدقيق ، يزكيهم ويؤدبهم ، ويأخذهم بالزهد والورع والعفاف والأمانة والإيثار وخشية اللّه ، وعدم الاستشراف للإمارة والحرص عليها. يقول : «إنا واللّه لا نولي هذا العمل أحدا سأله ، أو أحدا حرص عليه
ولا يزال يقرع سمعهم : «تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» ..
فكانوا لا يتهافتون على الوظائف والمناصب ، فضلا عن أن يرشحوا أنفسهم للإمارة ، ويزكوا أنفسهم ، وينشروا دعاية لها ، وينفقوا الأموال سعيا وراءها. فإذا تولوا شيئا من أمور الناس لم يعدوه مغنما أو طعمة أو ثمنا لما أنفقوا من مال أو جهد بل عدوه أمانة في عنقهم ، وامتحانا من اللّه ويعلمون أنهم موقوفون عند ربهم ، ومسؤولون عن الدقيق والجليل ، وتذكروا دائما قول اللّه تعالى : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ، وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» .. وقوله .. «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ ، وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ، لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ» ..

«ثالثا : أنهم لم يكونوا خدمة جنس ، ورسل شعب أو وطن ، يسعون لرفاهيته ومصلحته وحده ويؤمنون بفضله وشرفه على جميع الشعوب والأوطان ، لم يخلقوا إلا ليكونوا حكاما ، ولم تخلق إلا لتكون محكومة لهم.
ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها ، ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها ، ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكم أنفسهم! إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة اللّه وحده. كما قال ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجرد : اللّه ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة اللّه وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام
فالأمم عندهم سواء ، والناس عندهم سواء. الناس كلهم من آدم ، وآدم من تراب. لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمي على عربي إلا بالتقوى : «يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا ، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ».



قال عمر بن الخطاب لعمرو بن العاص عامل مصر - وقد ضرب ابنه مصريا وافتخر بآبائه قائلا : خذها من ابن الأكرمين. فاقتص منه عمر - : متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أحرارا أمهاتهم «3»؟ فلم يبخل هؤلاء بما عندهم من دين وعلم وتهذيب على أحد ، ولم يراعوا في الحكم والإمارة والفضل نسبا ولونا ووطنا ، بل كانوا سحابة انتظمت البلاد وعمت العباد ، وغوادي مزنة أثنى عليها السهل والوعر ، وانتفعت بها البلاد والعباد على قدر قبولها وصلاحها.
في ظل هؤلاء وتحت حكمهم استطاعت الأمم والشعوب - حتى المضطهدة منها في القديم - أن تنال نصيبها من الدين والعلم والتهذيب والحكومة ، وأن تساهم العرب في بناء العالم الجديد ، بل إن كثيرا من أفرادها فاقوا العرب في بعض الفضائل ، وكان منهم أئمة هم تيجان مفارق العرب وسادة المسلمين من الأئمة والفقهاء والمحدثين ..
«رابعا : إن الإنسان جسم وروح ، وهو ذو قلب وعقل وعواطف وجوارح ، لا يسعد ولا يفلح ولا يرقى رقيا متزنا عادلا حتى تنمو فيه هذه القوى كلها نموا متناسبا لائقا بها ، ويتغذى غذاء صالحا ، ولا يمكن أن توجد المدنية الصالحة البتة إلا إذا ساد وسط ديني خلقي عقلي جسدي يمكن فيه للإنسان بسهولة أن يبلغ كماله الإنساني.


أثبتت التجربة أنه لا يكون ذلك إلا إذا مكنت قيادة الحياة وإدارة دفة المدنية بين الذين يؤمنون بالروح والمادة ، ويكونون أمثلة كاملة في الحياة الدينية والخلقية ، وأصحاب عقول سليمة راجحة ، وعلوم صحيحة نافعة» ..
إلى أن يقول تحت عنوان : «دور الخلافة الراشدة مثل المدنية الصالحة» :
«وكذلك كان ، فلم نعرف دورا من أدوار التاريخ أكمل وأجمل وأزهر في جميع هذه النواحي من هذا الدور - دور الخلافة الراشدة - فقد تعاونت فيه قوة الروح والأخلاق والدين والعلم والأدوات المادية في تنشئة الإنسان الكامل. وفي ظهور المدنية الصالحة .. كانت حكومة من أكبر حكومات العالم ، وقوة سياسية مادية تفوق كل قوة في عصرها ، تسود فيها المثل الخلقية العليا ، وتحكم معايير الأخلاق الفاضلة في حياة الناس ونظام الحكم ، وتزدهر فيها الأخلاق والفضيلة مع التجارة والصناعة ، ويساير الرقي الخلقي والروحي اتساع الفتوح واحتفال الحضارة ، فتقل الجنايات ، وتندر الجرائم بالنسبة إلى مساحة المملكة وعدد سكانها ورغم دواعيها وأسبابها ، وتحسن علاقد الفرد بالفرد ، والفرد بالجماعة ، وعلاقة الجماعة بالفرد. وهو دور كما لي لم يحلم الإنسان بأرقى منه ، ولم يفترض المفترضون أزهى منه ..».


هذه بعض ملامح تلك الحقبة السعيدة التي عاشتها البشرية في ظل الدستور الإسلامي الذي تضع «سورة العصر» قواعده ، وتحت تلك الراية الإيمانية التي تحملها جماعة الإيمان والعمل الصالح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.
فأين منها هذا الضياع الذي تعانيه البشرية اليوم في كل مكان ، والخسار الذي تبوء به في معركة الخير والشر ، والعماء عن ذلك الخير الكبير الذي حملته الأمة العربية للبشر يوم حملت راية الإسلام فكانت لها القيادة.
ثم وضعت هذه الراية فإذا هي في ذيل القافلة. وإذا القافلة كلها تعطو إلى الضياع والخسار. وإذا الرايات كلها بعد ذلك للشيطان ليس فيها راية واحدة للّه. وإذا هي كلها للباطل ليس فيها راية واحدة للحق. وإذا هي كلها للعماء والضلال ليس فيها راية واحدة للهدى والنور ، وإذا هي كلها للخسار ليس فيها راية واحدة للفلاح! وراية اللّه ما تزال. وإنها لترتقب اليد التي ترفعها والأمة التي تسير تحتها إلى الخير والهدى والصلاح والفلاح.
ذلك شأن الربح والخسر في هذه الأرض. وهو على عظمته إذا قيس بشأن الآخرة صغير. وهناك. هناك
الربح الحق والخسر الحق. هناك في الأمد الطويل ، وفي الحياة الباقية ، وفي عالم الحقيقة .. هناك الربح والخسر : ربح الجنة والرضوان ، أو خسر الجنة والرضوان. هناك حيث يبلغ الإنسان أقصى الكمال المقدر له ، أو يرتكس فتهدر آدميته ، وينتهي إلى أن يكون حجرا في القيمة ودون الحجر في الراحة :
َوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَيَقُولُ الْكافِرُ : يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً»

هذه السورة حاسمة في تحديد الطريق .. إنه الخسر .. «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، وَتَواصَوْا بِالْحَقِّ وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ» .. طريق واحد لا يتعدد. طريق الإيمان والعمل الصالح وقيام الجماعة المسلمة ، التي تتواصى بالحق وتتواصى بالصبر. وتقوم متضامنة على حراسة الحق مزودة بزاد الصبر.
إنه طريق واحد. ومن ثم كان الرجلان من أصحاب رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة «وَالْعَصْرِ» ثم يسلم أحدهما على الآخر .. لقد كانا يتعاهدان على هذا الدستور الإلهي ، يتعاهدان على الإيمان والصلاح ، ويتعاهدان على التواصي بالحق والتواصي بالصبر. ويتعاهدان على أنهما حارسان لهذا الدستور. ويتعاهدان على أنهما من هذه الأمة القائمة على هذا الدستور ..

قال محمد الغزالي:
{والعصر إن الإنسان لفي خسر}. يقال عاصر فلان فلانا إذا عاش في زمانه. وللأزمنة معالم متميزة تعرف بها وتضاف إليها، فيقال مثلا عصر الصحابة، أو عصر الذرة، أو عصر الفضاء. والذين يظلهم عصر واحد قد يتشابهون في معايشهم وتقاليدهم، ولكنهم يختلفون في مصايرهم وأجزيتهم حسب سريتهم ومناهجهم. ورب رجلين عاشا في معهد واحد، ذهب أحدهما إلى النعيم والآخر إلى الجحيم لاختلافهما أخلاقا وإيمانا! والسير مع الغرائز والأهواء ينتهى إلى الخسران، وقد تكون الكثرة جامحة والقلة واعية، فما تغنى الكثرة عن مبطل وما يضير أهل الحق أن عددهم قليل. وهذه السورة على وجازتها لخصت عواقب النشاط الإنسانى كله، على امتداد الزمان والمكان. فالمقطوعون عن الله حطب جهنم، والمتمسكون بالإيمان والصلاح والحق والصبر هم الذين كسبوا معركة الحياة. وهذه العناصر الأربعة عزيزة نادرة، وتمر بالبشر عصور تكون فيها هذه العناصر سبة ومصدر تعاسة، ولكن الله حصر البشرى في أصحابها {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}. وقد اتخذ الصحابة سورة العصر شعارا لهم في ملتقياتهم. جاء في الحديث: «كان الرجلان من أصحاب رسول الله إذا التقيا لم يفترقا إلا أن يقرأ أحدهما على الآخر سورة العصر إلى آخرها ثم يسلم أحدهما على الآخر».
وعن الشافعى: لو لم ينزل على الناس إلا هذه السورة لكفتهم!! إن الحق مر والصبر عليه باب للاضطهاد، والتشبث بالإيمان عند البعض رجعية محفورة؟ ولابد من عزيمة وجلد.. حتى يكسب المؤمنون المعركة.

الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
سورة العصر فِيهَا حديثان:
الحَدِيث الأول:
قال صلى الله عليه وسلم: «من فَاتتهُ صَلَاة الْعَصْر كَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الصَّلَاة من حَدِيث نَافِع عَن ابْن عمر عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «الَّذِي تفوته صَلَاة الْعَصْر كَأَنَّمَا وتر أَهله وَمَاله» انتهى.
الحَدِيث الثاني:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة الْعَصْر غفر الله لَهُ وَكَانَ مِمَّن تَوَاصَى بِالْحَقِّ وَتَوَاصَى بِالصبرِ».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ بِغَيْر هَذَا اللَّفْظ من حَدِيث سَلام بن سليم ثَنَا هَارُون ابْن كثير بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم مَرْفُوعا «من قرأ سُورَة وَالْعصر ختم الله لَهُ بِالصبرِ وَكَانَ مَعَ أَصْحَاب الْحق يَوْم الْقِيَامَة» انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وبلفظ الثَّعْلَبِيّ أَيْضا رَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم.

( يتبع – سورة الهمزة )




ell="filter:;"]





.











 

رد مع اقتباس



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:13 PM   #401


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي























[c







سورة الهمزة
‎‎‏ التعريف بالسورة :
مكية .
من المفصل .
آياتها 9 .
ترتيبها بالمصحف الرابعة بعد المائة .
نزلت بعد سورة القيامة .
بدأت بالدعاء على الذين يعيبون الناس " ويل لكل همزة " .

.قال ابن عاشور:
سميت هذه السورة في المصاحف ومعظم التفاسير سورة الهمزة بلام التعريف، وعنونها في صحيح البخاري وبعض التفاسير: (سورة ويل لكل هُمزة). وذكر الفيروز آبادي في (بصائر ذوي التمييز) أنها تسمى (سورة الحطمة) لوقوع هذه الكلمة فيها.
وهي مكية بالاتفاق.
وعدت الثانية والثلاثين في عداد نزول السور نزلت بعد سورة القيامة وقبل سورة المرسلات.
وآيها تسع بالاتفاق.

سبب نزول السورة :
أخرج ابن المنذر عن ابن إسحاق قال : كان أمية بن خلف إذا رأى رسول الله همزه ولمزه ، فأنزل الله ( ويل لكل همزة لمزة ) السورة كلها.

محور مواضيع السورة

يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ الَّذِينَ يَعِيبُونَ النَّاسَ ، وَيَأْكُلُونَ أَعْرَاضَهُمْ ، بالطَّعْنِ وَالانْتِقَاصِ وَالازْدِرَاءِ ، وَبالسُّخْرِيَةِ وَالاسْتِهْزَاءِ

قال البقاعي:
سورة الهمزة مقصودها بيان الحزب الأكبر الخاسر الذي ألهاه التكاثر، فبانت خسارته يوم القارعة الخافضة الرافعة، واسمها الهمزة ظاهر الدلالة على ذلك.
و معظم مقصود السّورة عقوبة العَيّاب المغتاب، وذمّ جَمْع الدّنيا ومنعه وبيان صعوبة العقوبة في قوله: {فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ}.
.قال ابن عاشور:
روي أنها نزلت في جماعة من المشركين كانوا أقاموا أنفسهم لِلَمز المسلمين وسَبهم واختلاق الأحدوثات السيئة عنهم. وسُمي من هؤلاء المشركين: الوليدُ بن المغيرة المخزومي، وأميةُ بن خلف، وأبيّ بن خلف، وجميل بن مَعْمر من بني جُمَح (وهذا أسلَم يوم الفتح وشهد حُنينًا) والعاص بنُ وائل من بني سهم. وكلهم من سادة قريش. وسُمي الأسودُ بن عبد يغوث، والأخنسُ بن شَرِيق الثقفيان من سادة ثقيف أهل الطائف. وكل هؤلاء من أهل الثراء في الجاهلية والازدهاء بثرائهم وسؤددهم. وجاءت آية السورة عامة فعم حكمها المسمَّيْنَ ومن كان على شاكلتهم من المشركين ولم تذكر أسماؤهم.
أغراضها:
فغرض هذه السورة وعيد جماعة من المشركين جعلوا هَمز المسلمين ولمزهم ضربًا من ضروب أذاهم طمعًا في أن يُلجئهم الملل من أصناف الأذى، إلى الانصراف عن الإسلام والرجوع إلى الشرك. اهـ.

.قال الصابوني:
* سورة الهمزة مكية، وقد تحدثت عن الذين يعيبون الناس، ويإليلون أعراضهم، بالطعن والإنتقاص، والازدراء، وبالسخرية والإستهزاء فعل السفهاء {ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده}.
* كما ذمت الذين يشتغلون بجمع الأموال، وتكديس الثروات، كأنهم مخلدون في هذه الحياة، يظنون لفرط جهلهم وكثرة غفلتهم أن المال سيخلدهم في الدنيا {يحسب أن ماله أخلده}.
* وختمت السورة بذكر عاقبة هؤلاء التعساء الأشقياء، حيث يدخلون نارا لا تخمد أبدا، تحطم المجرمين ومن يلقى فيها من البشر، لأنها الحطمة نار سقر!! {كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة} إلى نهاية السورة الكريمة.



قال سيد قطب
تعكس هذه السورة صورة من الصور الواقعية في حياة الدعوة في عهدها الأول. وهي في الوقت ذاته نموذج يتكرر في كل بيئة .. صورة اللئيم الصغير النفس ، الذي يؤتى المال فتسيطر نفسه به ، حتى ما يطيق نفسه! ويروح يشعر أن المال هو القيمة العليا في الحياة. القيمة التي تهون أمامها جميع القيم وجميع الأقدار : أقدار الناس. وأقدار المعاني. وأقدار الحقائق. وأنه وقد ملك المال فقد ملك كرامات الناس وأقدارهم بلا حساب! كما يروح يحسب أن هذا المال إله قادر على كل شيء لا يعجز عن فعل شي ء! حتى دفع الموت وتخليد الحياة. ودفع قضاء اللّه وحسابه وجزائه إن كان هناك في نظره حساب وجزاء! ومن ثم ينطلق في هوس بهذا المال يعده ويستلذ تعداده وتنطلق في كيانه نفخة فاجرة ، تدفعه إلى الاستهانة بأقدار الناس وكراماتهم. ولمزهم وهمزهم .. يعيبهم بلسانه ويسخر منهم بحركاته. سواء بحكاية حركاتهم وأصواتهم ، أو بتحقير صفاتهم وسماتهم .. بالقول والإشارة. بالغمز واللمز. باللفتة الساخرة والحركة الهازئة! وهي صورة لئيمة حقيرة من صور النفوس البشرية حين تخلو من المروءة وتعرى من الإيمان. والإسلام يكره هذه الصورة الهابطة من صور النفوس بحكم ترفعه الأخلاقي. وقد نهى عن السخرية واللمز والعيب في مواضع شتى. إلا أن ذكرها هنا بهذا التشنيع والتقبيح مع الوعيد والتهديد ، يوحي بأنه كان يواجه حالة واقعية من بعض المشركين تجاه رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وتجاه المؤمنين .. فجاء الرد عليها في صورة الردع الشديد ، والتهديد الرعيب. وقد وردت روايات بتعيين بعض الشخصيات. ولكنها ليست وثيقة. فنكتفي نحن بما قررناه عنها ..

والتهديد يجيء في صورة مشهد من مشاهد القيامة يمثل صورة للعذاب مادية ونفسية ، وصورة للنار حسية ومعنوية. وقد لوحظ فيها التقابل بين الجرم وطريقة الجزاء وجو العقاب. فصورة الهمزة اللمزة ، الذي يدأب على الهزء بالناس وعلى لمزهم في أنفسهم وأعراضهم ، وهو يجمع المال فيظنه كفيلا بالخلود! صورة هذا المتعالي الساخر المستقوي بالمال ، تقابلها صورة «المنبوذ» المهمل المتردي في «الحطمة» التي تحطم كل ما يلقى إليها ، فتحطم كيانه وكبرياءه. وهي «نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» وإضافتها للّه وتخصيصها هكذا يوحي بأنها نار فذة ، غير معهودة ، ويخلع عليها رهبة مفزعة رعيبة. وهي «تَطَّلِعُ» على فؤاده الذي ينبعث منه الهمز واللمز ، وتكمن فيه السخرية والكبرياء والغرور .. وتكملة لصورة المحطم المنبوذ المهمل .. هذه النار مغلقة عليه ، لا ينقذه منها أحد ، ولا يسأل عنه فيها أحد! وهو موثق فيها إلى عمود كما توثق البهائم بلا احترام! وفي جرس الألفاظ تشديد :
«عَدَّدَهُ. كَلَّا. لَيُنْبَذَنَّ. تَطَّلِعُ. مُمَدَّدَةٍ» وفي معاني العبارات توكيد بشتى أساليب التوكيد : «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ. وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ؟ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ..» فهذا الإجمال والإبهام. ثم سؤال الاستهوال. ثم الإجابة والبيان ..
كلها من أساليب التوكيد والتضخيم .. وفي التعبير تهديد «وَيْلٌ. لَيُنْبَذَنَّ. الْحُطَمَةِ .. نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ. الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ. إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ. فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» ..
وفي ذلك كله لون من التناسق التصويري والشعوري يتفق مع فعلة «الهمزة اللمزة»! لقد كان القرآن يتابع أحداث الدعوة ويقودها في الوقت ذاته. وكان هو السلاح البتار الصاعق الذي يدمر كيد الكائدين ، ويزلزل قلوب الأعداء ، ويثبت أرواح المؤمنين.
وإنا لنرى في عناية اللّه سبحانه بالرد على هذه الصورة معنيين كبيرين :
الأول : تقبيح الهبوط الأخلاقي وتبشيع هذه الصورة الهابطة من النفوس.
والثاني : المنافحة عن المؤمنين وحفظ نفوسهم من أن تتسرب إليها مهانة الإهانة ، وإشعارهم بأن اللّه يرى ما يقع لهم ، ويكرهه ، ويعاقب عليه .. وفي هذا كفاية لرفع أرواحهم واستعلائها على الكيد اللئيم ..
قال محمد الغزالي:
من الحروب التي شنها المجرمون على أصحاب الإيمان حرب السخرية والاستهزاء {إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون}. وقد نظمت هذه الحرب في العصور الأخيرة وتخصصت لها صحف! وعند نزول الوحى، كان القاعدون الواجدون من أثرياء مكة وغيرهم، يعقدون المجالس اللاهية ويتناولون المسلمين بالغمز واللمز، فنزلت هذه السورة {ويل لكل همزة لمزة الذي جمع مالا وعدده يحسب أن ماله أخلده}. والهمز واللمز تناول الغير بالإشارة أو العبارة، تارة بالكلام، وتارة بحركة العين والشفتين، وفى بعض الصحف بالرسم الهزلى واختلاق حركات ذات سخف. وهؤلاء الساخرون أهل بطالة يعيشون في ظلال أموالهم أو مما تصرفه لهم جهات مريبة. الويل لهؤلاء في الدنيا والآخرة. يقول الله في هذا الساخر: {كلا لينبذن في الحطمة وما أدراك ما الحطمة نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة}. أي تكوى القلوب {إنها عليهم مؤصدة}. كالعلبة المغلقة على ما بها.
{في عمد ممددة}. قاعدة هذا السجن أعمدة ذاهبة في الطول ينتشر العذاب فيها كلها.

الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة الْهمزَة أعطَاهُ الله عشر حَسَنَاتبِعَدَد من اسْتَهْزَأَ بِمُحَمد صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابه».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أَخْبرنِي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْفَارِسِي ثَنَا أَبُو عَمْرو إِسْمَاعِيل بن نجيد ثَنَا أَبُو عبيد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم بن سعيد البوشنجي ثَنَا سعيد ابْن حَفْص قال قرأت عَلَى معقل بن عبيد الله عَن عِكْرِمَة بن خَالِد عَن سعيد ابْن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس عَن أبي بن كَعْب قال قال رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سُورَة ويل لكل همزَة لُمزَة أعطي من الْأجر...» إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس.

( يتبع – سورة الفيل )




ell="filter:;"]





.











 

رد مع اقتباس



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:18 PM   #402


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي























[c






سورة الفيل

‎‎‏ التعريف بالسورة :
سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 5 .
ترتيبها بالمصحف الخامسة بعد المائة .
تبدأ باسلوب استفهام " ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل " تتناول السورة رغم قصرها قصة أبرهة ملك الحبشة الذي أراد هدم الكعبة وتبين مصيره . لم يذكر لفظ الجلالة في السورة .

قال ابن عاشور:
وردت تسميتها في كلام بعض السلف سورة {ألم تر}. روى القرطبي في تفسير سورة قريش عن عمرو بن ميمون قال: صليت المغرب خلف عمر بن الخطاب فقرأ في الركعة الثانية {ألم تر} (الفيل: 1) و{لإيلاف قريش} (قريش: 1). وكذلك عنونها البخاري. وسميت في جميع المصاحف وكتب التفسير: سورة الفيل.
وهي مكية بالاتفاق.
وقد عدت التاسعة عشرة في ترتيب نزول السور نزلت بعد سورة {قل يا أيها الكافرون} وقبل سورة الفلق.
وقيل: قبل سورة قريش لقول الأخفش إن قوله تعالى: {لإيلاف قريش} (قريش: 1) متعلق بقوله: {فجعلهم كعصف مأكول} (الفيل: 5)، ولأن أبي بن كعب جعلها وسورة قريش سورة واحدة في مصحفه ولم يفصل بينهما بالبسملة ولِخَبَرِ عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب المذكور آنفًا رَوى أن عمر بن الخطاب قرأ مرة في المغرب في الركعة الثانية سورة الفيل وسورة قريش، أي ولم يكن الصحابة يقرأون في الركعة من صلاة الفرض سورتين لأن السنة قراءة الفاتحة وسورة فدل أنهما عنده سورة واحدة. ويجوز أن تكون سورة قريش نزلت بعد سورة الفلق وأُلحقت بسورة الفيل فلا يتم الاحتجاج بما في مصحف أبي بن كعب ولا بما رواه عَمرو بن ميمون.
وآيها خمس.

سبب نزول السورة :
نزلت في قصة أصحاب الفيل وقصدهم تخريب الكعبة وما فعل الله تعالى بهم من إهلاكهم وصرفهم عن البيت وهي معروفة محور مواضيع السورة

يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ قِصَّةِ "أصحاب الفيل" حِينَ قَصَدُوا هَدْمَ الكَعْبَةِ المُشَرَّفَةِ ، فَرَدَّ الَّلهُ كَيْدَهُمْ في نُحُورِهِمْ ، وَحمَى بَيْتَهُ مِنْ تَسَلُّطِهِمْ وَطُغْيَانـِهِمْ ، وَأَرْسَلَ عَلَى جَيْشِ " أَبـْرَهَةَ الأَشْرَمِ" وَجُنُودِهِ أَضْعَفَ مَخْلُوقَاتـِهِ ، وَهِي الطَّيْرُ الَّتِي تَحْمِلُ في أَرْجُلِهَا وَمَنَاقِيرِهَا حَجِارَةً صَغِيرَةً ، وَلَكِنَّهَا أَشَدُّ فَتْكَاً وَتَدْمِيرَاً مِنَ الرَّصَاصَاتِ القَاتِلَةِ ، حَتَّى أَهْلَكَهُمُ الَّلهُ وَأَبـَادَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ الحَدَثُ التَّارِيخِيُّ الهَامُّ ، في عَامِ مِيلاَدِ سَيـِّدِ الكَائِنَاتِ " مُحَمَّدٍ " ، وَكَانَ مِنْ أَعْظَمِ لإِرْهَاصَاتِ الدَّالـَّةِ عَلَى صِدْقِ نُبُوَّتـِهِ

.قال البقاعي:
سورة الفيل مقصودها الدلالة على آخر الهمزة من إهلاك المكاثرين في دار التعاضد والتناصر بالأسباب، فعند انقطاعها أولى لأختصاصه سبحانه وتعالى بتمام القدرة دون التمكن بالمال والرجال، واسمها الفيل ظاهر الدلالة على ذلك بتأمل سورته، وما حصل في سيرة جيشه وصورته.
ومعظم مقصود السّورة بيان جزاءِ الأَجانب، ومكرهم، وردُّ كيدهم في نحرهم، وتسليط أَنواع العقوبة على العصاة والمجرمين، وسوء عاقبتهم بعد حين في قوله: {فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ}.



.قال ابن عاشور:
تضمنت السورة التذكير بأن الكعبة حرَم الله وأن الله حَماه ممن أرادوا به سوءًا أو أظهر غضبه عليهم فعذبهم لأنهم ظلموا بطمعهم في هدم مسجد إبراهيم وهو عندهم في كتابهم، وذلك ما سماه الله كيدًا، وليكون ما حلّ بهم تذكرة لقريش بأن فاعل ذلك هو رب ذلك البيت وأن لا حظّ فيه للأصنام التي نصبوها حوله.
وتنبيه قريش أو تذكيرهم بما ظهر من كرامة النبي صلى الله عليه وسلم عند الله إذ أهلك أصحاب الفيل في عام ولادته.
ومن وراء ذلك تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يدفع عنه كيد المشركين فإن الذي دفع كيد من يكيد لبيته لأحَقُّ بأن يدفع كيد من يكيد لرسوله صلى الله عليه وسلم ودينه ويشعر بهذا قوله: {ألم يجعل كيدهم في تضليل} (الفيل: 2).
ومن وراء ذلك كله التذكير بأن الله غالب على أمره، وأن لا تغُر المشركين قُوتُهم ووفرة عددهم ولا يوهن النبي صلى الله عليه وسلم تألبُ قبائلهم عليه فقد أهلك الله من هو أشد منهم قوة وأكثرُ جمعًا.
ولم يتكرر في القرآن ذكر إهلاك أصحاب الفيل خلافًا لقصص غيرهم من الأمم لوجهين:
أحدهما: أن إهلاك أصحاب الفيل لم يكن لأجل تكذيب رسول من الله، وثانيهما أن لا يَتخذ منه المشركون غرورًا بمكانةٍ لهم عند الله كغرورهم بقولهم المحكي في قوله تعالى: {أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن باللَّه واليوم الآخر} (التوبة: 19) الآية وقوله: {وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون} (الأنفال: 34). اهـ.

.قال الصابوني:
* سورة الفيل مكية، وهي تتحدث عن قصة (اصحاب الفيل) حين قصدوا هدم الكعبة المشرفة، فرد الله كيدهم في نحورهم، وحمى بيته من تسلطهم وطغيانهم، وأرسل على جيش (أبرهة الأشرم) وجنوده أضعف مخلوقاته، وهي الطير التي تحمل في أرجلها ومناقيرها حجارة صغيرة، ولكنها أشد فتكا وتدميرا من الرصاصات القاتلة، حتى أهلكهم الله وأبادهم عن آخرهم، وكأن ذلك الحدث التاريخى الهام، في عام ميلاد سيد الكائنات (محمد بن عبد الله) صلوات الهن وسلامه عليه، سنة سبعين وخمسمائة ميلادية، وكان من أعظم الإرهاصات الدالة على صدق نبوته صلى الله عليه وسلم.

قال سيد قطب
تشير هذه السورة إلى حادث مستفيض الشهرة في حياة الجزيرة العربية قبل البعثة ، عظيم الدلالة على رعاية اللّه لهذه البقعة المقدسة التي اختارها اللّه لتكون ملتقى النور الأخير ، ومحضن العقيدة الجديدة ، والنقطة التي تبدأ منها زحفها المقدس لمطاردة الجاهلية في أرجاء الأرض ، وإقرار الهدى والحق والخير فيها ..
وجملة ما تشير إليه الروايات المتعددة عن هذا الحادث ، أن الحاكم الحبشي لليمن - في الفترة التي خضعت فيها اليمن لحكم الحبشة بعد طرد الحكم الفارسي منها - وتسميه الروايات : «أبرهة» ، كان قد بنى كنيسة في اليمن باسم ملك الحبشة وجمع لها كل أسباب الفخامة ، على نية أن يصرف بها العرب عن البيت الحرام في مكة ، وقد رأى مبلغ انجذاب أهل اليمن الذين يحكمهم إلى هذا البيت ، شأنهم شأن بقية العرب في وسط الجزيرة وشماليها كذلك. وكتب إلى ملك الحبشة بهذه النية ..
ولكن العرب لم ينصرفوا عن بيتهم المقدس ، فقد كانوا يعتقدون أنهم أبناء إبراهيم وإسماعيل صاحبي هذا البيت ، وكان هذا موضع اعتزازهم على طريقتهم بالفخر بالأنساب. وكانت معتقداتهم - على تهافتها - أفضل في نظرهم من معتقدات أهل الكتاب من حولهم ، وهم يرون ما فيها من خلل واضطراب وتهافت كذلك.




عندئذ صح عزم «أبرهة» على هدم الكعبة ليصرف الناس عنها وقاد جيشا جرارا تصاحبه الفيلة ، وفي مقدمتها فيل عظيم ذو شهرة خاصة عندهم. فتسامع العرب به وبقصده. وعز عليهم أن يتوجه لهدم كعبتهم. فوقف في طريقه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر ، فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب إلى حرب أبرهة وجهاده عن البيت الحرام ، فأجابه إلى ذلك من أجابه. ثم عرض له فقاتله ، ولكنه هزم وأخذه أبرهة أسيرا.
ثم وقف له في الطريق كذلك نفيل ابن حبيب الخثعمي في قبيلتين من العرب ومعهما عرب كثير ، فهزمهم كذلك وأسر نفيلا ، الذي قبل أن يكون دليله في أرض العرب.
حتى إذا مر بالطائف خرج إليه رجال من ثقيف فقالوا له : إن البيت الذي يقصده ليس عندهم إنما هو في مكة. وذلك ليدفعوه عن بيتهم الذي بنوه للّات! وبعثوا معه من يدله على الكعبة! فلما كان أبرهة بالمغمس بين الطائف ومكة ، بعث قائدا من قواده حتى انتهى إلى مكة فساق إليه أموال تهامة من قريش وغيرهم ، فأصاب فيها مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم ، وهو يومئذ كبير قريش وسيدها.


فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم بقتاله. ثم عرفوا أنهم لا طاقة لهم به فتركوا ذلك.
وبعث أبرهة رسولا إلى مكة يسأل عن سيد هذا البلد ، ويبلغه أن الملك لم يأت لحربهم وإنما جاء لهدم هذا البيت ، فإن لم يتعرضوا له فلا حاجة له في دمائهم! فإذا كان سيد البلد لا يريد الحرب جاء به إلى الملك ..
فلما كلم عبد المطلب فيما جاء به قال له : واللّه ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقة. هذا بيت اللّه الحرام.
وبيت خليله إبراهيم عليه السلام .. فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه ، وإن يخل بينه وبينه فو اللّه ما عندنا دفع عنه .. فانطلق معه إلى أبرهة ..
قال ابن إسحاق : وكان عبد المطلب أوسم الناس وأجملهم وأعظمهم. فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه ، وأكرمه عن أن يجلسه تحته ، وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه. فنزل أبرهة عن سريره ، فجلس على بساطه وأجلسه معه إلى جانبه. ثم قال لترجمانه : قل له : ما حاجتك؟ فقال : حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال ذلك ، قال أبرهة لترجمانه قل له : قد كنت أعجبتني حين رأيتك ، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني! أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟ قال له عبد المطلب : إني أنا رب الإبل. وإن للبيت ربا سيمنعه. قال : ما كان ليمتنع مني. قال : أنت وذاك! .. فرد عليه إبله.
ثم انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم الخبر ، وأمرهم بالخروج من مكة ، والتحرز في شعف الجبال.
ثم قام فأخذ بحلقة باب الكعبة ، وقام معه نفر من قريش يدعون اللّه ويستنصرونه. وروي عن عبد المطلب أنه أنشد :
لاهمّ إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك.
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك
إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك!
وجه أبره جيشه وفيله لما جاء له. فبرك الفيل دون مكة لا يدخلها ، وجهدوا في حمله على اقتحامها فلم يفلحوا. وهذه الحادثة ثابتة بقول رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يوم الحديبية حين بركت ناقته القصواء دون مكة ، فقالوا : خلأت القصواء (أي حرنت) فقال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - «ما خلأت القصواء ، وما ذاك لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل..» وفي الصحيحين أن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - قال يوم فتح مكة : «إن اللّه حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين ، وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس ، ألا فليبلغ الشاهد الغائب» ، فهي حادثة ثابتة أنه قد حبس الفيل عن مكة في يوم الفيل ..
ثم كان ما أراده اللّه من إهلاك الجيش وقائده ، فأرسل عليهم جماعات من الطير تحصبهم بحجارة من طين وحجر ، فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة. كما يحكي عنهم القرآن الكريم .. وأصيب أبرهة في جسده ،
وخرجوا به معهم يسقط أنملة أنملة ، حتى قدموا به صنعاء ، فما مات حتى انشق صدره عن قلبه كما تقول الروايات ..

( يتبع )


ell="filter:;"]





.











 

رد مع اقتباس



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:24 PM   #403


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي

























[c







تابع – سورة الفيل

محور مواضيع السورة

وتختلف الروايات هنا في تحديد نوع هذه الجماعات من الطير ، وأشكالها ، وأحجامها ، وأحجام هذه الحجارة ونوعها وكيفية فعلها. كما أن بعضها يروي أن الجدري والحصبة ظهرا في هذا العام في مكة.
ويرى الذين يميلون إلى تضييق نطاق الخوارق والغيبيات ، وإلى رؤية السنن الكونية المألوفة تعمل عملها ، أن تفسير الحادث بوقوع وباء الجدري والحصبة أقرب وأولى. وأن الطير قد تكون هي الذباب والبعوض التي تحمل الميكروبات ، فالطير هو كل ما يطير.
قال الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده في تفسيره للسورة في جزء عم :
«وفي اليوم الثاني فشا في جند الجيش داء الجدري والحصبة .. قال عكرمة : وهو أول جدري ظهر ببلاد العرب. وقال يعقوب بن عتبة فيما حدث : إن أول ما رؤيت الحصبة والجدري ببلاد العرب ذلك العام. وقد فعل الوباء بأجسامهم ما يندر وقوع مثله. فكان لحمهم يتناثر ويتساقط فذعر الجيش وصاحبه وولوا هاربين ، وأصيب الجيش ، ولم يزل يسقط لحمه قطعة قطعة ، وأنملة أنملة حتى انصدع صدره ومات في صنعاء.

«هذا ما اتفقت عليه الروايات ، ويصح الاعتقاد به. وقد بينت لنا هذه السورة الكريمة أن ذلك الجدري أو تلك الحصبة نشأت من حجارة يابسة سقطت على أفراد الجيش بواسطة فرق عظيمة من الطير مما يرسله اللّه مع الريح.
«فيجوز لك أن تعتقد أن هذا الطير من جنس البعوض أو الذباب الذي يحمل جراثيم بعض الأمراض ، وأن تكون هذه الحجارة من الطين المسموم اليابس الذي تحمله الرياح فيعلق بأرجل هذه الحيوانات. فإذا اتصل بجسد دخل في مسامه ، فأثار فيه تلك القروح التي تنتهي بإفساد الجسم وتساقط لحمه. وأن كثيرا من هذه الطيور الضعيفة يعد من أعظم جنود اللّه في إهلاك من يريد إهلاكه من البشر ، وأن هذا الحيوان الصغير - الذي يسمونه الآن بالمكروب - لا يخرج عنها. وهو فرق وجماعات لا يحصي عددها إلا بارئها .. ولا يتوقف ظهور أثر قدرة اللّه تعالى في قهر الطاغين ، على أن يكون الطير في ضخامة رؤوس الجبال ، ولا على أن يكون من نوع عنقاء مغرب ، ولا على أن يكون له ألوان خاصة به ، ولا على معرفة مقادير الحجارة وكيفية تأثيرها ..
فلله جند من كل شيء.
وفي كل شيء له آية تدل على أنه الواحد «وليست في الكون قوة إلا وهي خاضعة لقوته. فهذا الطاغية الذي أراد أن يهدم البيت ، أرسل اللّه عليه من الطير ما يوصل إليه مادة الجدري أو الحصبة ، فأهلكته وأهلكت قومه ، قبل أن يدخل مكة. وهي نعمة غمر اللّه بها أهل حرمه - على وثنيتهم - حفظا لبيته ، حتى يرسل من يحميه بقوة دينه - صلى اللّه عليه وسلم - وإن كانت نعمة من اللّه حلت بأعدائه أصحاب الفيل الذين أرادوا الاعتداء على البيت دون جرم اجترمه ، ولا ذنب اقترفه.


«هذا ما يصح الاعتماد عليه في تفسير السورة. وما عدا ذلك فهو مما لا يصح قبوله إلا بتأويل ، إن صحت روايته. ومما تعظم به القدرة أن يؤخذ من استعز بالفيل - وهو أضخم حيوان من ذوات الأربع جسما - ويهلك ، بحيوان صغير لا يظهر للنظر ، ولا يدرك بالبصر ، حيث ساقه القدر. لا ريب عند العاقل أن هذا أكبر وأعجب وأبهر!!».
ونحن لا نرى أن هذه الصورة التي افترضها الأستاذ الإمام - صورة الجدري أو الحصبة من طين ملوث بالجراثيم - أو تلك التي جاءت بها بعض الروايات من أن الحجارة ذاتها كانت تخرق الرؤوس والأجسام وتنفذ منها وتمزق الأجساد فتدعها كفتات ورق الشجر الجاف وهو «الْعَصْفِ» .. لا نرى أن هذه الصورة أو تلك أدل على قدرة اللّه ، ولا أولى بتفسير الحادث. فهذه كتلك في نظرنا من حيث إمكان الوقوع. ومن حيث الدلالة على قدرة اللّه وتدبيره ، ويستوي عندنا أن تكون السنة المألوفة للناس ، المعهودة المكشوفة لعلمهم ، هي التي جرت فأهلكت قوما أراد اللّه إهلاكهم. أو أن تكون سنة اللّه قد جرت بغير المألوف للبشر ، وغير المعهود المكشوف لعلمهم ، فحققت قدره ذاك.

إن سنة اللّه ليست فقط هي ما عهده البشر وما عرفوه. وما يعرف البشر من سنة اللّه إلا طرفا يسيرا يكشفه اللّه لهم بمقدار ما يطيقون ، وبمقدار ما يتهيأون له بتجاربهم ومداركهم في الزمن الطويل ، فهذه الخوارق - كما يسمونها - هي من سنة اللّه. ولكنها خوارق بالقياس إلى ما عهدوه وما عرفوه! ومن ثم فنحن لا نقف أمام الخارقة مترددين ولا مؤولين لها - متى صحت الرواية - أو كان في النصوص وفي ملابسات الحادث ما يوحي بأنها جرت خارقة ، ولم تجر على مألوف الناس ومعهودهم. وفي الوقت ذاته لا نرى أن جريان الأمر على السنة المألوفة أقل وقعا ولا دلالة من جريانه على السنة الخارقة للمألوف. فالسنة المألوفة هي في حقيقتها خارقة بالقياس إلى قدرة البشر .. إن طلوع الشمس وغروبها خارقة - وهي معهودة كل يوم - وإن ولادة كل طفل خارقة - وهي تقع كل لحظة ، وإلا فليجرب من شاء أن يجرب! وإن تسليط طير - كائنا ما كان - يحمل حجارة مسحوقة ملوثة بميكروبات الجدري والحصبة وإلقائها في هذه الأرض ، في هذا الأوان ، وإحداث هذا الوباء في الجيش ، في اللحظة التي يهم فيها باقتحام البيت .. إن جريان قدر اللّه على هذا النحو خارقة بل عدة خوارق كاملة الدلالة على القدرة وعلى التقدير. وليست بأقل دلالة ولا عظمة من أن يرسل اللّه طيرا خاصا يحمل حجارة خاصة تفعل بالأجسام فعلا خاصا في اللحظة المقررة .. هذه من تلك ..
هذه خارقة وتلك خارقة على السواء ..




فأما في هذا الحادث بالذات ، فنحن أميل إلى اعتبار أن الأمر قد جرى على أساس الخارقة غير المعهودة ، وأن اللّه أرسل طيرا أبابيل غير معهودة - وإن لم تكن هناك حاجة إلى قبول الروايات التي تصف أحجام الطير وأشكالها وصفا مثيرا ، نجد له نظائر في مواضع أخرى تشي بأن عنصر المبالغة والتهويل مضاف إليها! - تحمل حجارة غير معهودة ، تفعل بالأجسام فعلا غير معهود ..
نحن أميل إلى هذا الاعتبار. لا لأنه أعظم دلالة ولا أكبر حقيقة. ولكن لأن جو السورة وملابسات الحادث تجعل هذا الاعتبار هو الأقرب. فقد كان اللّه - سبحانه - يريد بهذا البيت أمرا. كان يريد أن يحفظه ليكون مثابة للناس وأمنا وليكون نقطة تجمع للعقيدة الجديدة تزحف منه حرة طليقة ، في أرض حرة طليقة ، لا يهيمن عليها أحد من خارجها ، ولا تسيطر عليها حكومة قاهرة تحاصر الدعوة في محضنها. ويجعل هذا الحادث عبرة ظاهرة مكشوفة لجميع الأنظار في جميع الأجيال ، حتى ليمتن بها على قريش بعد البعثة في هذه السورة ، ويضربها مثلا لرعاية اللّه لحرماته وغيرته عليها .. فمما يتناسق مع جو هذه الملابسات كلها أن يجيء الحادث غير مألوف ولا معهود ، بكل مقوّماته وبكل أجزائه ولا داعي للمحاولة في تغليب صورة المألوف من الأمر في حادث هو في ذاته وبملابساته مفرد فذ ..
وبخاصة أن المألوف في الجدري أو الحصبة لا يتفق مع ما روي من آثار الحادث بأجسام الجيش وقائده ، فإن الجدري أو الحصبة لا يسقط الجسم عضوا عضوا وأنملة أنملة ، ولا يشق الصدر عن القلب ..



إن هذه الصورة هي التي يوحي بها النص القرآني : «فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ» .. إيحاء مباشرا قريبا.
ورواية عكرمة وما حدث به يعقوب بن عتبة ليست نصا في أن الجيش أصيب بالجدري. فهي لا تزيد على أن تقول : إن الجدري ظهر في الجزيرة في هذا العام لأول مرة. ولم ترد في أقوالهما أية إشارة لأبرهة وجيشه خاصة بالإصابة بهذا المرض .. ثم إن إصابة الجيش على هذا النحو وعدم إصابة العرب القريبين بمثله في حينه تبدو خارقة إذا كانت الطير تقصد الجيش وحده بما تحمل. وما دامت المسألة خارقة فعلام العناء في حصرها في صورة معينة لمجرد أن هذه الصورة مألوفة لمدارك البشر! وجريان الأمر على غير المألوف أنسب لجو الحادث كله؟! إننا ندرك ونقدر دوافع المدرسة العقلية التي كان الأستاذ الإمام - رحمه اللّه - على رأسها في تلك الحقبة ..
ندرك ونقدر دوافعها إلى تضييق نطاق الخوارق والغيبيات في تفسير القرآن الكريم وأحداث التاريخ ، ومحاولة ردها إلى المألوف المكشوف من السنن الكونية .. فلقد كانت هذه المدرسة تواجه النزعة الخرافية الشائعة التي تسيطر على العقلية العامة في تلك الفترة كما تواجه سيل الأساطير والإسرائيليات التي حشيت بها ، كتب التفسير والرواية في الوقت الذي وصلت فيه الفتنة بالعلم الحديث إلى ذروتها ، وموجة الشكّ في مقولات الذين إلى قمتها.
فقامت هذه المدرسة تحاول أن ترد إلى الدين اعتباره على أساس أن كل ما جاء به موافق للعقل. ومن ثم تجتهد في تنقيته من الخرافات والأساطير. كما تحاول أن تنشئ عقلية دينية تفقه السنن الكونية ، وتدرك ثباتها واطرادها ، وترد إليها الحركات الإنسانية كما ترد إليها الحركات الكونية في الأجرام والأجسام - وهي في صميمها العقلية القرآنية - فالقرآن يرد الناس إلى سنن اللّه الكونية باعتبارها القاعدة الثابتة المطردة المنظمة لمفردات الحركات والظواهر المتناثرة.

ولكن مواجهة ضغط الخرافة من جهة وضغط الفتنة بالعلم من جهة أخرى تركت آثارها في تلك المدرسة.
من المبالغة في الاحتياط ، والميل إلى جعل مألوف السنن الكونية هو القاعدة الكلية لسنة اللّه. فشاع في تفسير الأستاذ الشيخ محمد عبده - كما شاع في تفسير تلميذيه الأستاذ الشيخ رشيد رضا والأستاذ الشيخ عبد القادر المغربي - رحمهم اللّه جميعا - شاع في هذا التفسير الرغبة الواضحة في رد الكثير من الخوارق إلى مألوف سنة اللّه دون الخارق منها ، وإلى تأويل بعضها بحيث يلائم ما يسمونه «المعقول»! وإلى الحذر والاحتراس الشديد في تقبل الغيبيات.
ومع إدراكنا وتقديرنا للعوامل البيئية الدافعة لمثل هذا الاتجاه ، فإننا نلاحظ عنصر المبالغة فيه ، وإغفال الجانب الآخر للتصور القرآني الكامل. وهو طلاقة مشيئة اللّه وقدرته من وراء السنن التي اختارها - سواء المألوف منها للبشر أو غير المألوف - هذه الطلاقة التي لا تجعل العقل البشري هو الحاكم الأخير. ولا تجعل معقول هذا العقل هو مرد كل أمر بحيث يتحتم تأويل ما لا يوافقه - كما يتكرر هذا القول في تفسير أعلام هذه المدرسة.
هذا إلى جانب أن المألوف من سنة اللّه ليس هو كل سنة اللّه. إنما هو طرف يسير لا يفسر كل ما يقع من هذه السنن في الكون. وأن هذه كتلك دليل على عظمة القدرة ودقة التقدير ..
وكل ذلك مع الاحتياط من الخرافة ونفي الأسطورة في اعتدال كامل ، غير متأثر بإيحاء بيئة خاصة ، ولا
إن هنالك قاعدة مأمونة في مواجهة النصوص القرآنية ، لعل هنا مكان تقريرها .. إنه لا يجوز لنا أن نواجه النصوص القرآنية بمقررات عقلية سابقة. لا مقررات عامة. ، ولا مقررات في الموضوع الذي تعالجه النصوص. بل ينبغي أن نواجه هذه النصوص لنتلقى منها مقرراتنا. فمنها نتلقى مقرراتنا الإيمانية ، ومنها نكوّن قواعد منطقنا وتصوراتنا جميعا فإذا قررت لنا أمرا فهو المقرر كما قررته! ذلك أن ما نسميه «العقل» ونريد أن نحاكم إليه مقررات القرآن عن الأحداث الكونية والتاريخية والإنسانية والغيبية هو إفراز واقعنا البشري المحدود ، وتجاربنا البشرية المحدودة.

إن هذا العقل وإن يكن في ذاته قوة مطلقة لا تتقيد بمفردات التجارب والوقائع بل تسمو عليها إلى المعنى المجرد وراء ذواتها ، إلا أنه في النهاية محدود بحدود وجودنا البشري. وهذا الوجود لا يمثل المطلق كما هو عند اللّه.
والقرآن صادر عن هذا المطلق فهو الذي يحكمنا. ومقرراته هي التي نستقي منها مقرراتنا العقلية ذاتها. ومن ثم لا يصلح أن يقال : إن مدلول هذا النص يصطدم مع العقل فلا بد من تأويله - كما يرد كثيرا في مقررات أصحاب هذه المدرسة. وليس معنى هذا هو الاستسلام للخرافة. ولكن معناه أن العقل ليس هو الحكم في مقررات القرآن. ومتى كانت المدلولات التعبيرية مستقيمة واضحة فهي التي تقرر كيف تتلقاها عقولنا ، وكيف تصوغ منها قواعد تصورها ومنطقها تجاه مدلولاتها ، وتجاه الحقائق الكونية الأخرى ..

( يتبع )



ell="filter:;"]





.












 

رد مع اقتباس



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:28 PM   #404


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي























[c







تابع – سورة الفيل

محور مواضيع السورة

ونعود من هذا الاستطراد إلى سورة الفيل ، وإلى دلالة القصة ..
«أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ؟» .. وهو سؤال للتعجيب من الحادث ، والتنبيه إلى دلالته العظيمة.
فالحادث كان معروفا للعرب ومشهورا عندهم ، حتى لقد جعلوه مبدأ تاريخ. يقولون حدث كذا عام الفيل ، وحدث كذا قبل عام الفيل بعامين ، وحدث كذا بعد عام الفيل بعشر سنوات .. والمشهور أن مولد رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - كان في عام الفيل ذاته. ولعل ذلك من بدائع الموافقات الإلهية المقدرة! وإذن فلم تكن السورة للإخبار بقصة يجهلونها ، إنما كانت تذكيرا بأمر يعرفونه ، المقصود به ما وراء هذا التذكير ..
ثم أكمل القصة بعد هذا المطلع في صورة الاستفهام التقريري كذلك :
«أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ؟» .. أي ألم يضل مكرهم فلا يبلغ هدفه وغايته ، شأن من يضل الطريق فلا يصل إلى ما يبتغيه .. ولعله كان بهذا يذكر قريشا بنعمته عليهم في حماية هذا البيت وصيانته ، في الوقت الذي عجزواهم عن الوقوف في وجه أصحاب الفيل الأقوياء. لعلهم بهذه الذكرى يستحون من جحود اللّه الذي تقدمت يده عليهم في ضعفهم وعجزهم ، كما يطامنون من اغترارهم بقوتهم اليوم في مواجهة محمد - صلى اللّه عليه وسلم - والقلة المؤمنة معه. فقد حطم اللّه الأقوياء حينما شاءوا الاعتداء على بيته وحرمته فلعله يحطم الأقوياء الذين يقفون لرسوله ودعوته.
فأما كيف جعل كيدهم في تضليل فقد بينه في صورة وصفية رائعة : «وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ ، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ. فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ» .. والأبابيل : الجماعات. وسجيل كلمة فارسية مركبة من كلمتين تفيدان : حجر وطين. أو حجارة ملوثة بالطين. والعصف : الجاف من ورق الشجر. ووصفه بأنه مأكول : أي فتيت طحين! حين تأكله الحشرات وتمزقه ، أو حين يأكله الحيوان فيمضغه ويطحنه! وهي صورة حسية للتمزيق البدني بفعل هذه الأحجار التي رمتهم بها جماعات الطير. ولا ضرورة لتأويلها بأنها تصوير لحال هلاكهم بمرض الجدري أو الحصبة.
فأما دلالة هذا الحادث والعبر المستفادة من التذكير به فكثيرة ..
وأول ما توحي به أن اللّه - سبحانه - لم يرد أن يكل حماية بيته إلى المشركين ، ولو أنهم كانوا يعتزون بهذا البيت ، ويحمونه ويحتمون به. فلما أراد أن يصونه ويحرسه ويعلن حمايته له وغيرته عليه ترك المشركين يهزمون أمام القوة المعتدية. وتدخلت القدرة سافرة لتدفع عن بيت اللّه الحرام ، حتى لا تتكون للمشركين يد على بيته ولا سابقة في حمايته ، بحميتهم الجاهلية. ولعل هذه الملابسة ترجح ترجيحا قويا أن الأمر جرى في إهلاك المعتدين مجرى السنة الخارقة - لا السنة المألوفة المعهودة - فهذا أنسب وأقرب ..



لقد كان من مقتضى هذا التدخل السافر من القدرة الإلهية لحماية البيت الحرام أن تبادر قريش ويبادر العرب إلى الدخول في دين اللّه حينما جاءهم به الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - وألا يكون اعتزازهم بالبيت وسدانته وما صاغوا حوله من وثنية هو المانع لهم من الإسلام! وهذا التذكير بالحادث على هذا النحو هو طرف من الحملة عليهم ، والتعجيب من موقفهم العنيد! كذلك توحي دلالة هذا الحادث بأن اللّه لم يقدّر لأهل الكتاب - أبرهة وجنوده - أن يحطموا البيت الحرام أو يسيطروا على الأرض المقدسة. حتى والشرك يدنسه ، والمشركون هم سدنته. ليبقي هذا البيت عتيقا من سلطان المتسلطين ، مصونا من كيد الكائدين. وليحفظ لهذه الأرض حريتها حتى تنبت فيها العقيدة الجديدة حرة طليقة ، لا يهيمن عليها سلطان ، ولا يطغى فيها طاغية ، ولا يهيمن على هذا الدين الذي جاء ليهيمن على الأديان وعلى العباد ، ويقود البشرية ولا يقاد. وكان هذا من تدبير اللّه لبيته ولدينه قبل أن يعلم أحد أن نبي هذا الدين قد ولد في هذا العام! ونحن نستبشر بإيحاء هذه الدلالة اليوم ونطمئن ، إزاء ما نعلمه من أطماع فاجرة ماكرة ترف حول الأماكن المقدسة من الصليبية العالمية والصهيونية العالمية ، ولا تني أو تهدأ في التمهيد الخفي اللئيم لهذه الأطماع الفاجرة الماكرة. فاللّه الذي حمى بيته من أهل الكتاب وسدنته مشركون ، سيحفظه إن شاء اللّه ، ويحفظ مدينة رسوله من كيد الكائدين ومكر الماكرين! والإيحاء الثالث هو أن العرب لم يكن لهم دور في الأرض. بل لم يكن لهم كيان. قبل الإسلام. كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة. وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحيانا تقوم تحت حماية الفرس. وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان .. ولم ينج إلا قلب الجزيرة من تحكم الأجانب فيه.
ولكنه ظل في حالة بداوة أو في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقية في ميدان القوى العالمية. وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة ، ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة. وما حدث في عام الفيل كان مقياسا لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي.

وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه. وأصبحت لهم قوة دولية يحسب لها حساب. قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش ، وتتولى قيادة البشرية ، بعد أن تزيح القيادات الجاهلية المزيفة الضالة .. ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا أنهم عرب! نسوا نعرة الجنس ، وعصبية العنصر ، وذكروا أنهم مسلمون. ومسلمون فقط. ورفعوا راية الإسلام ، وراية الإسلام وحدها. وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمة وبرا بالبشرية ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية. حملوا فكرة سماوية يعلمون الناس بها لا مذهبا أرضيا يخضعون الناس لسلطانه. وخرجوا من أرضهم جهادا في سبيل اللّه وحده ، ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها ، ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها ، ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكمهم أنفسهم! إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعا إلى عبادة اللّه وحده ، كما قال ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجرد : «اللّه ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة اللّه وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام

عندئذ فقط كان للعرب وجود ، وكانت لهم قوة ، وكانت لهم قيادة .. ولكنها كانت كلها للّه وفي سبيل اللّه. وقد ظلت لهم قوتهم. وظلت لهم قيادتهم ما استقاموا على الطريقة. حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتم وعصبيتهم ، وتركوا راية اللّه ليرفعوا راية العصبية نبذتهم الأرض وداستهم الأمم ، لأن اللّه قد تركهم حيثما تركوه ، ونسيهم مثلما نسوه! وما العرب بغير الإسلام؟ ما الفكرة التي قدموها للبشرية أو يملكون تقديمها إذا هم تخلوا عن هذه الفكرة؟
وما قيمة أمة لا تقدم للبشرية فكرة؟ إن كل أمة قادت البشرية في فترة من فترات التاريخ كانت تمثل فكرة.
والأمم التي لم تكن تمثل فكرة كالتتار الذين اجتاحوا الشرق ، والبرابرة الذين اجتاحوا الدولة الرومانية في الغرب لم يستطيعوا الحياة طويلا ، إنما ذابوا في الأمم التي فتحوها. والفكرة الوحيدة التي تقدم بها العرب للبشرية كانت هي العقيدة الإسلامية ، وهي التي رفعتهم إلى مكان القيادة ، فإذا تخلوا عنها لم تعد لهم في الأرض وظيفة ، ولم يعد لهم في التاريخ دور .. وهذا ما يجب أن يذكره العرب جيدا إذا هم أرادوا الحياة ، وأرادوا القوة ، وأرادوا القيادة .. واللّه الهادي من الضلال ..



قال محمد الغزالي:
أعد الأحباش جيشا لغزو الكعبة، وتدميرها وإبطال العبادة حولها، وخرجوا من ديارهم على نحو ما قال الله: {بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله}. وضموا إلى جيشهم جملة من الفيلة التي تشارك في المعركة لأول مرة في الجزيرة العربية. وشعر أهل مكة بالعجز عن مقاومة هذه الحملة، ففروا إلى رءوس الجبال تاركين بيت الله وبيوتهم لحكم القدر. كان نصارى الحبشة مخطئين في توجيه هذه الحملة إلى البيت الحرام، ماذا عليهم لو تركوه للعرب يقيمون فيه شعائرهم، كما يقيمون هم شعائرهم في كنيستهم بصنعاء؟ لا يقبل للأحباش عذر في هذا المسلك. على أن هذه الغزوة لقيت مصيرا فاجعا، فقد هاجمتها أسراب من الطير تقذف الرجال بالحجارة. ويفهم من القرآن الكريم أنها حجارة من النوع الذي قذف به قوم لوط، فدمر المدينة وجعل عاليها سافلها. ويحكى المؤرخون أن هذه الأسراب نشرت وباء الجدرى، فأفنى المهاجمين، ومات به قائد الحملة (أبرهة) وهو عائد إلى صنعاء بعد هزيمته الماحقة. وفنى ذلك يقول الله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل}. والأبابيل (الجماعات). والمحفوظ عند الرواة أن خاتم المرسلين ولد عام الفيل، كأن الله حمى مكة ببركته. وبقاء قريش في مكة مكفولة العيش موفورة الأمن. كان تمهيدا إلهيا لظهور الإسلام من أم القرى إلى أنحاء العالم. وإلى هذا تشير السورة التالية.


الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
سورة الفيل:
خبر أَبْرَهَة وَالنَّجَاشِي وقصة الْفِيل:
قلت رَوَاهُ الطَّبَرِيّ من قول ابْن إِسْحَاق أَن أَبْرَهَة بنى كَنِيسَة بِصَنْعَاء وَكَانَ نَصْرَانِيّا وَسَماهُ الْقليس... فَذكره.
1536- قال: «من قرأ سُورَة الْفِيل أَعْفَاهُ الله من الْخَسْف وَالْمَسْخ».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا بَاقِل بن أَرقم ثَنَا مُحَمَّد بن شَادَّة ثَنَا احْمَد ابْن الْحسن ثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ثَنَا سلم بن قُتَيْبَة عَن شُعْبَة عَن عَاصِمَة عَن زر عَن أبي مَرْفُوعا... فَذكره، وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس.


( يتبع – سورة قريش )




ell="filter:;"]





.











 

رد مع اقتباس



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:33 PM   #405


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي

























[c







سورة قريش

‎‎‏ التعريف بالسورة :
سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 4 .
ترتيبها بالمصحف السادسة بعد المائة .
نزلت بعد سورة التين .
تبدأ بحرف " لإيلاف قريش " . و قريش أشهر قبائل الجزيرة العربية والقبيلة التي كان ينتمي إليها الرسول . لم يذكر لفظ الجلالة في السورة

قال ابن عاشور:
سميت هذه السورة في عهد السلف: سورة لإِيلاف قريش قال عمرو بن ميمون الأودي صلى عمر بن الخطاب المغربَ فقرأ في الركعة الثانية: ألم تر كيف ولإِيلاف قريش وهذا ظاهر في إرادة التسمية، ولم يعدّها في الإِتقان في السور التي لها أكثر من اسم.
وسميت في المصاحف وكتب التفسير (سورة قريش) لوقوع اسم قريش فيها ولم يقع في غيرها، وبذلك عنونها البخاري في (صحيحه).
والسورة مكية عند جماهير العلماء.

سبب نزول السورة :

قال النبي : إن الله فضَّل قريشا بسبع خصال لم يعطها قبلهم أحدا ولا يعطيها أحدا بعدهم : ـ إن الخلافة فيهم والحجابة فيهم وإن السقاية فيهم وإن النبوة فيهم ونُصِرُوا على الفيل وعبدوا الله سبع سنين لم يعبده أحد غيرهم ونزل فيهم سورة لم يذكر فيها أحد غيرهم لايلاف قريش .

محور مواضيع السورة

يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ نِعَمِ الَّلهِ الجَلِيلَةِ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ ، حَيْثُ كَانَتْ لَهُمْ رِحْلَتَانِ : رِحْلَةٌ في الشِّتَاءِ إلى اليَمَنِ ، وَرِحْلَةٌ في الصَّيْفِ إلى الشَّامِ مِنْ أَجْلِ التِّجَارَةِ ، وَقَدْ أَكْرَمَ الَّلهُ تَعَالى قُرَيْشَاً بِنِعْمَتَيـْنِ عَظِيمَتَيـْنِ مِنْ نِعَمِهِ الكَثِيرَةِ هُمَا : نِعْمَةُ الأَمْنِ وَالاسْتِقْرَارِ ، وَنِعْمَةُ الغِنَى وَاليُسْرِ ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا البَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ )
قال البقاعي:
سورة قريش مقصودها الدلالة على ضد ما دلت عليه الفيل بأن إهلاك الجاحدين المعاندين لإصلاح المقربين العابدين، وهو بشارة عظيمة لقريش خاصة بإظهار شرفهم في الدارين، واسمها قريش ظاهر الدلالة على ذلك، والتعبير بقريش دون قومك أو الحمس مثلا ونحوه دال على أنهم يغلبون الناس أجمع بقوة كما يدل عليه الاسم، وبغير قوة كما دل عليه ما فعل لأجلهم من قصة الفيل.
و معظم مقصود السّورة ذكر المِنَّة على قريش، وتحضيضهم على العبادة، وشكر الإِحسان، ومعرفة قَدْر النِّعمة والعاقبة والأَمان، في قوله: {وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ}.

قال ابن عاشور
قال ابن عطية: بلا خلاف. وفي القرطبي عن الكلبي والضحاك أنها مدنية، ولم يذكرها في (الإِتقان) مع السور المختلف فيها.
وقد عدت التاسعة والعشرين في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة التين وقبل سورة القارعة.
وهي سورة مستقلة بإجماع المسلمين على أنها سورة خاصة.
وجعلها أبيّ بن كعب مع سورة الفيل سورة واحدة ولم يفصل بينهما في مصحفه بالبسملة التي كانوا يجعلونها علامة فصل بين السور، وهو ظاهر خبر عمرو بن ميمون عن قراءة عمر بن الخطاب. والإِجماع الواقع بعد ذلك نقض ذلك.
وعدد آياتها أربع عند جمهور العادّين. وعدها أهل مكة والمدينة خمس آيات.
ورأيت في مصحف عتيق من المصاحف المكتوبة في القيروان عددها أربع آيات مع أن قراءة أهل القيروان قراءة أهل المدينة.




من أغراض السورة أمر قريش بتوحيد الله تعالى بالربوبية تذكيرًا لهم بنعمةِ أنَّ الله مكّن لهم السير في الأرض للتجارة برحلتي الشتاء والصيف لا يخشون عاديًا يعدُو عليهم.
وبأنه أمنهم من المجاعات وأمَّنهم من المخاوف لِما وقر في نفوس العرب من حرمتهم لأنهم سكان الحرَم وعُمّار الكعبة.
وبما ألهم الناس من جلب الميرة إليهم من الآفاق المجاورة كبلاد الحبشة.
وردِّ القبائل فلا يغير على بلدهم أحد قال تعالى: {أولم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل يؤمنون وبنعمة اللَّه يكفرون} (العنكبوت: 67) فأكسبهم ذلك مهابة في نفوس الناس وعطفًا منهم. اهـ.

.قال الصابوني:
تحدثت هذه السورة عن نعم الله الجليلة على أهل مكة، حيث كانت لهم رحلتان: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام من أجل التجارة، وقد أكرم الله تعالى قريشا بنعمتين عظيمتين من نعمه الكثيرة هما: نعمة الأمن والاستقرار، ونعمة الغنى واليسار {فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}.


قال سيد قطب
استجاب اللّه دعوة خليله إبراهيم ، وهو يتوجه إليه عقب بناء البيت وتطهيره : «رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ» .. فجعل هذا البيت آمنا ، وجعله عتيقا من سلطة المتسلطين وجبروت الجبارين وجعل من يأوي إليه آمنا والمخافة من حوله في كل مكان .. حتى حين انحرف الناس وأشركوا بربهم وعبدوا معه الأصنام .. لأمر يريده سبحانه بهذا البيت الحرام.
ولما توجه أصحاب الفيل لهدمه كان من أمرهم ما كان ، مما فصلته سورة الفيل. وحفظ اللّه للبيت أمنه ، وصان حرمته وكان من حوله كما قال اللّه فيهم : «أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ؟».
وقد كان لحادث الفيل أثر مضاعف في زيادة حرمة البيت عند العرب في جميع أنحاء الجزيرة ، وزيادة مكانة أهله وسدنته من قريش ، مما ساعدهم على أن يسيروا في الأرض آمنين ، حيثما حلوا وجدوا الكرامة والرعاية ، وشجعهم على إنشاء خطين عظيمين من خطوط التجارة - عن طريق القوافل - إلى اليمن في الجنوب ، وإلى الشام في الشمال. وإلى تنظيم رحلتين تجاريتين ضخمتين : إحداهما إلى اليمن في الشتاء ، والثانية إلى الشام في الصيف.

ومع ما كانت عليه حالة الأمن في شعاب الجزيرة من سوء وعلى ما كان شائعا من غارات السلب والنهب ، فإن حرمة البيت في أنحاء الجزيرة قد كفلت لجيرته الأمن والسلامة في هذه التجارة المغرية ، وجعلت لقريش بصفة خاصة ميزة ظاهرة وفتحت أمامها أبواب الرزق الواسع المكفول ، في أمان وسلام وطمأنينة. وألفت نفوسهم هاتين الرحلتين الآمنتين الرابحتين ، فصارتا لهم عادة وإلفا! هذه هي المنة التي يذكرهم اللّه بها - بعد البعثة - كما ذكرهم منة حادث الفيل في السورة السابقة ، منة إيلافهم رحلتي الشتاء والصيف ، ومنة الرزق الذي أفاضه عليهم بهاتين الرحلتين - وبلادهم قفرة جفرة وهم طاعمون هانئون من فضل اللّه. ومنة أمنهم الخوف. سواء في عقر دارهم بجوار بيت اللّه ، أم في أسفارهم وترحالهم في رعاية حرمة البيت التي فرضها اللّه وحرسها من كل اعتداء.
يذكرهم بهذه المنن ليستحيوا مما هم فيه من عبادة غير اللّه معه وهو رب هذا البيت الذي يعيشون في جواره آمنين طاعمين ويسيرون باسمه مرعيين ويعودون سالمين ..

يقول لهم : من أجل إيلاف قريش : رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي كفل لهم الأمن فجعل نفوسهم تألف الرحلة ، وتنال من ورائها ما تنال «فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ» ..
وكان الأصل - بحسب حالة أرضهم - أن يجوعوا ، فأطعمهم اللّه وأشبعهم من هذا الجوع «وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» ..
وكان الأصل - بحسب ما هم فيه من ضعف وبحسب حالة البيئة من حولهم - أن يكونوا في خوف فآمنهم من هذا الخوف! وهو تذكير يستجيش الحياء في النفوس. ويثير الخجل في القلوب. وما كانت قريش تجهل قيمة البيت وأثر حرمته في حياتها. وما كانت في ساعة الشدة والكربة تلجأ إلا إلى رب هذا البيت وحده. وها هو ذا عبد المطلب لا يواجه أبرهة بجيش ولا قوة. إنما يواجهه برب هذا البيت الذي يتولى حماية بيته! لم يواجهه بصنم ولا وثن ، ولم يقل له .. إن الآلهة ستحمي بيتها. إنما قال له : «أنا رب الإبل وإن للبيت ربا سيمنعه» ..
ولكن انحراف الجاهلية لا يقف عند منطق ، ولا يثوب إلى حق ، ولا يرجع إلى معقول.
وهذه السورة تبدو امتدادا لسورة الفيل قبلها من ناحية موضوعها وجوها. وإن كانت سورة مستقلة مبدوءة بالبسملة ، والروايات تذكر أنه يفصل بين نزول سورة الفيل وسورة قريش تسع سور. ولكن ترتيبهما في المصحف متواليتين يتفق مع موضوعهما القريب ..

قال محمد الغزالي:
{لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف}. إن جزيرة العرب تقع بين أوروبا وآسيا، وقد اشتغل أهلها بالتجارة بين هاتين القارتين، وكانوا همزة وصل بين الرومان في الشام والهنود في الجنوب. وانتظمت رحلاتهم تنقل السلع بين هؤلاء وأولئك. وقد امتن الله على العرب- في مكة وحولها- بهذا الوضع الذي انتفعوا منه كثيرا: {فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف} وهذه الكلمات تشير إلى استتباب الأمن وانتفاء الخوف، وهما أساس الحرية السياسية ووفرة الأقوات وسهولة التبادل، وهما أساس الحرية الاقتصادية. ونستطيع القول بأن العربي في أرجاء الجزيرة كان أقوى شخصية وأوسع استقلالا من غيره. وهذا ما رشح العرب لحمل رسالة الإسلام والتطواف جها في المشارق والمغارب. ومن العلماء من يرى سورة الإيلاف امتدادا لسورة الفيل، ويجعلهما سورة واحدة.


الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
سورة قريش:
حديث واحد:
قوله:
عَن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قرأ سُورَة قُرَيْش مَعَ سُورَة أَرَأَيْت فِي الرَّكْعَة الثَّانِيَة من الْمغرب وَقرأ فِي الأولى والتين.
قلت رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق وَابْن أبي شيبَة فِي مصنفيهما فِي الصَّلَاة قال عبد الرَّزَّاق أَنا سُفْيَان بن عُيَيْنَة وَقال ابْن أبي شيبَة ثَنَا أَبُو الْأَحْوَص كِلَاهُمَا عَن أبي إِسْحَاق عَن عَمْرو بن مَيْمُون قال صلى بِنَا عمر الْمغرب فَقرأ فِي الأولى بِالتين والزيتون وَفِي الثَّانِيَة ألم تَرَ كَيفَ ولِإِيلَافِ قُرَيْش انتهى.
وَذكره الثَّعْلَبِيّ مَوْقُوفا مَقْطُوعًا فَقال قال عَمْرو بن مَيْمُون صليت الْمغرب خلف عمر... فَذكره.
حَدِيث فَضِيلَة السُّورَة:
عَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة لِإِيلَافِ قُرَيْش أعطَاهُ الله عشر حَسَنَات بِعَدَد من طَاف بِالْكَعْبَةِ وَاعْتَكف بهَا».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث نوح بن أبي مَرْيَم عن علي بن زيد عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب مَرْفُوعا... فَذكره سَوَاء.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس. اهـ.

( يتبع – سورة الماعون )





ell="filter:;"]





.












 

رد مع اقتباس



[/cell]
قديم 12-03-2021, 03:39 PM   #406


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي

























[c










سورة الماعون

‎‎‏ التعريف بالسورة :
سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 7 .
ترتيبها بالمصحف السابعة بعد المائة .
نزلت بعد سورة التكاثر .
بدأت باسلوب استفهام " أرأيت الذي يكذب بالدين " لم يذكر لفظ الجلالة في السورة .

قال ابن عاشور:
سميت هذه السورة في كثير من المصاحف وكتب التفسير (سورة الماعون) لورود لفظ الماعون فيها دون غيرها.
وسميت في بعض التفاسير (سورة أرأيت) وكذلك في مصحف من مصاحف القيروان في القرن الخامس، وكذلك عنونها في (صحيح البخاري).
وعنونها ابن عطية بـ: (سورة أرأيتَ الذي).
وقال الكَواشي في (التلخيص) (سورة الماعون والدين وأرأيت)، وفي (الإِتقان): وتسمى (سورة الدين) وفي (حاشيتي الخفاجي وسَعدي) تسمى (سورة التكذيب) وقال البِقاعي في (نظم الدرر) تسمى (سورة اليتيم). وهذه ستة أسماء.
وهي مكية في قول الأكثر. وروي عن ابن عباس، وقال القرطبي عن قتادة: هي مدنية. وروي عن ابن عباس أيضًا. وفي (الإِتقان): قيل نزل ثلاثٌ أولها بمكة إلى قوله: {المسكين} (الماعون: 3) وبقيتها نزلت بالمدينة، أي بناء على أن قوله: {فويل للمصلين} (الماعون: 4) إلى آخر السورة أريد به المنافقون وهو مروي عن ابن عباس وقاله هبة الله الضرير وهو الأظهر.
وعدت السابعة عشرة في عداد نزول السور بناء على أنها مكية، نزلت بعد سورة التكاثر وقبل سورة الكافرون.
وعُدت آياتها ستًا عند معظم العادين. وحكى الآلوسي أن الذين عدّوا آياتها ستًّا أهل العراق (أي البصرة والكوفة)، وقال الشيخ على النوري الصفاقسي في (غيث النفع): وآيها سبع حِمصي (أي شامي) وست في الباقي. وهذا يخالف ما قاله الآلوسي.

سبب نزول السورة :

قال تعالى " أرأيت الذي يكذب بالدين " قال مقاتل والكلبي نزلت في العاص بن وائل السهمي وقال ابن جريج كان ابو سفيان بن حرب ينحر كل أسبوع جزورين فآتاه يتيم فسأله شيئا فقرعه بعصا فأنزل الله تعالى (أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ).


محور مواضيع السورة

يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ فَرِيقَيـْنِ مِنَ البَشَرِ هُمَا :
1- الكَافِرُ الجَاحِدُ لِنِعَمِ الَّلهِ ، المُكَذِّبُ بِيَوْمِ الحِسَابِ وَالجَزَاءِ
2- المُنَافِقُ الَّذِي لاَ يَقْصِدُ بِعَمَلِهِ وَجْهَ الَّلهِ ، بَلْ يُرَائِي في أَعْمَالِهِ وَصَلاَتـِهِ

قال البقاعي:
سورة الماعون وتسمى الدين وتسمى أرأيت والتكذيب، مقصودها التنبيه على أن التكذيب بالبعث لأجل الجزاء أبو الخبائث، فإنه يجزئ المكذب على مساوي الأخلاق ومنكرات الأمال حتى تكون الاستهانة بالعظام خلقا له فيصير ممن ليس له خلاق، وكل من أسمائها الأربعة في غاية الظهور في الدلالة على ذلك بتأمل السورة لتعرف هذه الأشياء المذكورة، فهي ناهية عن المنكرات بتصريحها، داعية إلى المعالي بإفهامها وتلويحها.
و معظم مقصود السّورة الشكاية من الجافين على الأَيتام والمساكين، وذمّ المقصّرين والمُرَائين، وما نعى نفع المعونة عن الخيرات والمساكين، في قوله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}.

قال ابن عاشور:
من مقاصدها التعجيب من حال من كذبوا بالبعث وتفظيع أعمالهم من الاعتداء على الضعيف واحتقاره والإِمساك عن إطعام المسكين، والإِعراض عن قواعد الإِسلام من الصلاة والزكاة لأنه لا يخطر بباله أن يكون في فعله ذلك ما يجلب له غضب الله وعقابه. اهـ.


.قال الصابوني:
* هذه السورة مكية، وقد تحدثت بأيجاز عن فريقين من البشر هما:
أ- الكافر الجاحد لنعم الله، المكذب بيوم الحساب والجزاء.
ب- المنافق الذي لا يقصد بعمله وجه الهل، بل يرائي في أعماله وصلاته.
* أما الفريق الأول: فقد ذكر تعالى من صفاتهم الذميمة، أنهم يهينون اليتيم ويزجرونه، غلظة لا تأديبا، ولا يفعلون الخير، حتى ولو بالتذكير بحق المسكين والفقير، فلا هم أحسنوا في عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه {أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين..} الأيات.
* وأما الفريق الثاني: فهم المنافقون، الغافلون عن صلاتهم، الذين لا يؤدونها في أوقاتها، والذين يقومون بها (صورة) لا (معنى) المراءون بأعمالهم، وقد توعدت الفريقين بالويل والهلإلي، وشنعت عليهم أعظم تشنيع، بأسلوب الاستغراب والتعجيب من ذلك الصنيع!!. {فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراءون ويمنعون الماعون}.


قال سيد قطب

هذه السورة مكية في بعض الروايات ، ومكية مدنية في بعض الروايات (الثلاث الآيات الأولى مكية والباقيات مدنية) وهذه الأخيرة هي الأرجح. وإن كانت السورة كلها وحدة متماسكة ، ذات اتجاه واحد ، لتقرير حقيقة كلية من حقائق هذه العقيدة ، مما يكاد يميل بنا إلى اعتبارها مدنية كلها ، إذ أن الموضوع الذي تعالجه هو من موضوعات القرآن المدني - وهو في جملته يمت إلى النفاق والرياء مما لم يكن معروفا في الجماعة المسلمة في مكة.
ولكن قبول الروايات القائلة بأنها مكية مدنية لا يمتنع لاحتمال تنزيل الآيات الأربع الأخيرة في المدينة وإلحاقها بالآيات الثلاث الأولى لمناسبة التشابه والاتصال في الموضوع .. وحسبنا هذا لنخلص إلى موضوع السورة وإلى الحقيقة الكبيرة التي تعالجها ..
إن هذه السورة الصغيرة ذات الآيات السبع القصيرة تعالج حقيقة ضخمة تكاد تبدل المفهوم السائد للإيمان والكفر تبديلا كاملا. فوق ما تطلع به على النفس من حقيقة باهرة لطبيعة هذه العقيدة ، وللخير الهائل العظيم المكنون فيها لهذه البشرية ، وللرحمة السابغة التي أرادها اللّه للبشر وهو يبعث إليهم بهذه الرسالة الأخيرة ..
إن هذا الدين ليس دين مظاهر وطقوس ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر ، ما لم تكن صادرة عن إخلاص للّه وتجرد ، مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى آثار في القلب تدفع إلى العمل الصالح ، وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى.
كذلك ليس هذا الدين أجزاء وتفاريق موزعة منفصلة ، يؤدي منها الإنسان ما يشاء ، ويدع منها ما يشاء ..
إنما هو منهج متكامل ، تتعاون عباداته وشعائره ، وتكاليفه الفردية والاجتماعية ، حيث تنتهي كلها إلى غاية تعود كلها على البشر .. غاية تتطهر معها القلوب ، وتصلح الحياة ، ويتعاون الناس ويتكافلون في الخير والصلاح والنماء .. وتتمثل فيها رحمة اللّه السابغة بالعباد.

ولقد يقول الإنسان بلسانه : إنه مسلم وإنه مصدق بهذا الدين وقضاياه. وقد يصلي ، وقد يؤدي شعائر أخرى غير الصلاة ولكن حقيقة الإيمان وحقيقة التصديق بالدين تظل بعيدة عنه ويظل بعيدا عنها ، لأن لهذه الحقيقة علامات تدل على وجودها وتحققها. وما لم توجد هذه العلامات فلا إيمان ولا تصديق مهما قال اللسان ، ومهما تعبد الإنسان! إن حقيقة الإيمان حين تستقر في القلب تتحرك من فورها (كما قلنا في سورة العصر) لكي تحقق ذاتها في عمل صالح. فإذا لم تتخذ هذه الحركة فهذا دليل على عدم وجودها أصلا. وهذا ما تقرره هذه السورة نصا ..
«أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ؟ فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ ، وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ» ..
إنها تبدأ بهذا الاستفهام الذي يوجه كل من تتأتى منه الرؤية ليرى : «أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ؟» وينتظر من يسمع هذا الاستفهام ليرى إلى أين تتجه الإشارة وإلى من تتجه؟ ومن هو هذا الذي يكذب بالدين ، والذي يقرر القرآن أنه يكذب بالدين .. وإذا الجواب : «فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ»! وقد تكون هذه مفاجأة بالقياس إلى تعريف الإيمان التقليدي .. ولكن هذا هو لباب الأمر وحقيقته .. إن الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم دفعا بعنف - أي الذي يهين اليتيم ويؤذيه. والذي لا يحض على طعام المسكين ولا يوصي برعايته. فلو صدّق بالدين حقا ، ولو استقرت حقيقة التصديق في قلبه ما كان ليدع اليتيم ، وما كان ليقعد عن الحض على طعام المسكين.

من هنا لا تنشئ الصلاة آثارها في نفوس هؤلاء المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون. فهم يمنعون الماعون.
يمنعون المعونة والبر والخير عن إخوانهم في البشرية. يمنعون الماعون عن عباد اللّه. ولو كانوا يقيمون الصلاة حقا للّه ما منعوا العون عن عباده ، فهذا هو محك العبادة الصادقة المقبولة عند اللّه ..
وهكذا نجد أنفسنا مرة أخرى أمام حقيقة هذه العقيدة ، وأمام طبيعة هذا الدين. ونجد نصا قرآنيا ينذر مصلين بالويل. لأنهم لم يقيموا الصلاة حقا. إنما أدوا حركات لا روح فيها. ولم يتجردوا للّه فيها. إنما أدوها رياء. ولم تترك الصلاة أثرها في قلوبهم وأعمالهم فهي إذن هباء. بل هي إذن معصية تنتظر سوء الجزاء! وننظر من وراء هذه وتلك إلى حقيقة ما يريده اللّه من العباد ، حين يبعث إليهم برسالاته ليؤمنوا به وليعبدوه ...
إنه لا يريد منهم شيئا لذاته سبحانه - فهو الغني - إنما يريد صلاحهم هم أنفسهم. يريد الخير لهم. يريد طهارة قلوبهم ويريد سعادة حياتهم. يريد لهم حياة رفيعة قائمة على الشعور النظيف ، والتكافل الجميل ، والأريحية الكريمة والحب والإخاء ونظافة القلب والسلوك.
فأين تذهب البشرية بعيدا عن هذا الخير؟ وهذه الرحمة؟ وهذا المرتقى الجميل الرفيع الكريم؟ أين تذهب لتخبط في متاهات الجاهلية المظلمة النكدة وأمامها هذا النور في مفرق الطريق؟


قال محمد الغزالي:
أهل الدين يتعرفون على حاجات الآخرين ويسارعون في قضائها. فالدين مع الضعيف حتى يقوى، ومع الفقير حتى يستغنى، ومع اليتيم حتى يكبر، ومع الهائم حتى يستقر. وقد فرط بعض المنتميين إلى الدين في هذه الواجبات فتولدت فلسفات تكفر بالله واليوم الآخر. كانت الشيوعية آخرها، استطاعت أن تحكم نصف العالم أو تؤثر في النصف الباقى. ولو أن أهل الدين لاسيما المسلمون ارتبطوا بدينهم وساروا به سيرة حسنة، ما ظهر هذا الإلحاد. إن الإيمان أخو العطاء والعدالة، والشرك أخو الأثرة والقسوة. وتدبر قوله تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض على طعام المسكين}. وسورة الماعون، على وجازتها، ترفض العبادة الصورية، وترى أن إعانة محتاج شرط في الإيمان كإقامة الصلاة وأدائها بخشوع، وتهدد بالويل مانع الماعون عن محتاج إليه...!

الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
سورة أَرَأَيْت ذكر فِيهَا أَرْبَعَة أَحَادِيث:
الحَدِيث الأول:
«كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يَقع لَهُ السَّهْو فِي صلَاته».
قلت ورد فِي ذَلِك خَمْسَة أَحَادِيث:
الحَدِيث الأول:
حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة فِي كتبهمْ من حَدِيث أبي هُرَيْرَة قال: «صلى بِنَا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صَلَاتي الْعشي الظّهْر أَو الْعَصْر فَصلى بِنَا رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ قَامَ إِلَى خَشَبَة فِي مقدم الْمَسْجِد فَوضع يَدَيْهِ عَلَيْهَا يعرف فِي وَجهه الْغَضَب ثمَّ خرج سرعَان النَّاس وهم يَقولونَ قصرت الصَّلَاة قصرت الصَّلَاة وَفِي النَّاس أَبُو بكر وَعمر فَهَابَا أَن يُكَلِّمَاهُ فَقَامَ رجل كَانَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُسَمِّيه ذَا الْيَدَيْنِ فَقال يَا رَسُول الله أنسيت أم قصرت الصَّلَاة قال لم أنس وَلم تقصر الصَّلَاة قال بل نسيت يَا رَسُول الله فَأقبل عَلَى الْقَوْم وَقال أصدق ذُو الْيَدَيْنِ فَأَوْمَئُوا أَي نعم فَرجع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى مقَامه فَصلى الرَّكْعَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ ثمَّ سلم ثمَّ كبر وَسجد مثل سُجُوده أَو أطول ثمَّ رفع وَكبر ثمَّ كبر وَسجد مثل سُجُوده أَو أطول ثمَّ رفع وَكبر ثمَّ سلم»

الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

الحَدِيث الثَّانِي:
رَوَاهُ الْأَئِمَّة السِّتَّة أَيْضا عَن عبد الله بن بُحَيْنَة قال: «صلى لنا رَسُول الله صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ قَامَ فَلم يجلس فَقَامَ النَّاس مَعَه فَلَمَّا قَضَى صلَاته وَانْتَظرْنَا التَّسْلِيم كبر فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالس قبل التَّسْلِيم ثمَّ سلم» انتهى.
وَهَذَا رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي فِي مُسْنده بِزِيَادَة فَقال ثَنَا شُرَيْح ثَنَا مُعَاوِيَة ثَنَا إِسْمَاعِيل بن أبي خَالِد عَن قيس بن أبي حَازِم عَن سعد انه نَهَضَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَسَبحُوا بِهِ فَاسْتتمَّ قَائِما فَلَمَّا فرغ سجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ قال أَكُنْتُم ترَوْنَ أَنِّي أَجْلِس إِنَّمَا صنعت كَمَا صنع رَسُول الله صلى الله عليه وسلم انتهى.

الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

الحَدِيث الثَّالِث:
حَدِيث ابْن مَسْعُود أخرجه الْأَئِمَّة السِّتَّة أَيْضا عَنهُ قال: «صلى رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الظّهْر خمْسا فَقيل لَهُ أَزِيد فِي الصَّلَاة قال وَمَا ذَاك قال صليت خمْسا فَسجدَ سَجْدَتَيْنِ بَعْدَمَا سلم» انتهى.
قال القَاضِي عِيَاض فِي كتاب الشِّفَاء وَالصَّحِيح من الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي سَهْوه صلى الله عليه وسلم فِي الصَّلَاة ثَلَاثَة أَحَادِيث أَولهَا حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ وَالثَّانِي حَدِيث ابْن بُحَيْنَة وَالثَّالِث حَدِيث ابْن مَسْعُود انتهى كَلَامه وَهَذَا الْكَلَام مَدْخُول بِالْحَدِيثين الآخرين.
الحَدِيث الرَّابِع
حَدِيث عمرَان بن حُصَيْن رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه عَنهُ «أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى الْعَصْر فَسلم فِي ثَلَاث رَكْعَات فَقَامَ رجل يُقال لَهُ الْخِرْبَاق فَقال لَهُ يَا رَسُول الله فَذكر لَهُ صَنِيعه فَقال أصدق هَذَا قالوا نعم فَصلى رَكْعَة ثمَّ سلم ثمَّ سجد سَجْدَتي السَّهْو ثمَّ سلم» انتهى.
الحَدِيث الْخَامِس:
رَوَاهُ ابْن حبَان فِي صَحِيحه فِي النَّوْع الثَّامِن عشر من الْقسم الْخَامِس عَن ابْن خُزَيْمَة بِسَنَدِهِ إِلَى مُعَاوِيَة بن خديج رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال: «صليت مَعَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْمغرب فَسَهَا فَسلم فِي الرَّكْعَتَيْنِ ثمَّ انْصَرف فَقال لَهُ رجل يَا رَسُول الله إِنَّك سَهَوْت فَسلمت فِي رَكْعَتَيْنِ قال فَأمر بِلَالًا فَأَقَامَ الصَّلَاة ثمَّ أتم تِلْكَ الرَّكْعَة وَسَأَلت عَن هَذَا الرجل فَقالوا هُوَ طَلْحَة بن عبيد الله» انتهى.
قال ابْن حبَان وَلَا تضَاد فِي هَذِه الْأَخْبَار فَإِنَّهَا صلوَات مُتَغَايِرَة فِي أَوْقَات مُخْتَلفَة فَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة أَن الَّذِي أعلمهُ بسهوه ذُو الْيَدَيْنِ وَفِي خبر عمرَان ابْن حُصَيْن الَّذِي أعلمهُ الْخِرْبَاق وَفِي حَدِيث مُعَاوِيَة بن خديج الَّذِي أعلمهُ طَلْحَة ابْن عبيد الله انتهى كَلَامه.
وَفِي الْمعرفَة للبيهقي رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه.

الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

الحَدِيث الثاني:
قال النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «لَا غمَّة فِي فَرَائض الله» قلت تقدم فِي سُورَة يُونُس أَيْضا وَذكره القَاضِي عِيَاض فِي الشِّفَاء.
الحَدِيث الثَّالِث:
وَعَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم قال: «الرِّيَاء أَخْفَى من دَبِيب النملة فِي الليلة الْمظْلمَة عَلَى الْمسْح الْأسود».
الحَدِيث الرَّابِع:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة أَرَأَيْت غفر الله لَهُ إِن كَانَ لِلزَّكَاةِ مُؤديا»
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أخبرنَا أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْقَارئ الْفَقِيه ثَنَا أَبُو مُحَمَّد بن أبي حَامِد ثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن الْأَصْبَهَانِيّ ثَنَا مُؤَمل بن إِسْمَاعِيل ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ ثَنَا أسلم الْمنْقري عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى عَن أَبِيه عَن أبي بن كَعْب مَرْفُوعا... فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس.


( يتبع – سورة الكوثر )



ell="filter:;"]





.












 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف , الصور , النزول , القرآن , الكريم , بصور , ومحاور , وأسباب , ومقاصد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلومات قرآنية البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 29-11-2020 01:14 PM
ختم القرآن من الأعمال الجليلة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 06-07-2020 06:12 PM
معجزة الإسلام الخالدة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 18 05-03-2020 09:14 PM
تعرف على القرآن الكريم 2 تيماء (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 24 29-12-2018 10:05 PM
أسرار التكرار في القرآن الكريم ميارا (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 11 13-02-2013 11:33 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 10:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010