12-03-2021, 04:36 PM
|
#418 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 5942 | تاريخ التسجيل : 16 - 3 - 2015 | أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM) | المشاركات : 873,030 [
+
] | التقييم : 2147483647 | الدولهـ | الجنس ~ | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Darkorange | | سورة الفلق
التعريف بالسورة :
مكية .
من المفصل .
آياتها 5 .
ترتيبها بالمصحف الثالثة عشرة بعد المائة .
نزلت بعد سورة الفيل .
بدأت بفعل أمر " قل أعوذ برب الفلق " من المعوذتين لم يذكر فيها لفظ الجلالة .
سبب التسمية :
هَذِهِ السُّورَةُ وَالتي بَعْدَهَا نَزَلَتَا مَعَاً كَمَا في الدَّلائِلِ لِلْبَيْهَقِيِّ ؛ فَلِذَا قُرِنَتَا وَاشْتَرَكَتَا في التَّسْمِيَةِ بالمَعُوذَتَيْنِ
.قال ابن عاشور:
سمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه السورة: {قل أعوذ برب الفلق}. روى النسائي عن عقبة بن عامر قال: اتّبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب فوضعتُ يدِي على قدمه فقلت: أقرئني يا رسول الله سورة هود وسورة يوسف، فقال: لن تقرأ شيئًا أبلغ عند الله من {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}.
وهذا ظاهر في أنه أراد سورة: {قل أعوذ برب الفلق}لأنه كان جوابًا عن قول عقبة: أقرئني سورة هود الخ، ولأنه عَطف على قوله: {قل أعوذ برب الفلق}(الفلق: 1) قوله: و{قل أعوذ برب الناس} (الناس: 1) ولم يتم سورة: (قل أعوذ برب الفلق).
عنونها البخاري في (صحيحه): سورة {قل أعوذ برب الفلق} بإضافة سورة إلى أول جملة منها.
وجاء في كلام بعض الصحابة تسميتُها مع سورة الناس (المعوّذتين). روى أبو داود والترمذي وأحمد عن عقبة بن عامر قال: «أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات» بكسر الواو المشددة وبصيغة الجمع بتأويل الآيات المعوذات، أي آيات السورتين. وفي رواية: «بالمعوذتين في دبر كل صلاة». ولم يذكر أحد من المفسرين أن الواحدة منهما تسمى المعوذة بالإِفراد، وقد سماها ابن عطية سورة المعوذةِ الأولى، فإضافة (سورة) إلى (المعوذة) من إضافة المسمى إلى الاسم، وَوصف السورة بذلك مجاز يجعلها كالذي يدل الخائف على المكان الذي يعصمه من مخيفه أو كالذي يُدخله المَعَاذ.
التعريف بالسورة
سميت في أكثر المصاحف ومعظم كتب التفسير (سورة الفلق).
وفي (الإتقان): أنها وسورة الناس تسميان (المشَقْشَقَتَيْن) (بتقديم الشينين على القافين) من قولهم خطيب مُشَقشق. اهـ. أي مسترسل القول تشبيهًا له بالفَحل الكريم من الإِبل يَهْدِر بشِقْشَقَةٍ وهي كاللحم يبرز من فيه إذا غضب ولم أحقق وجه وصف المعوذتين بذلك.
وفي (تفسير القرطبي) و(الكشاف) أنها وسورةَ الناس تسميان (المقشقشتين) (بتقديم القافين على الشينين) زاد القرطبي: أي تبرّئان من النفاق، وكذلك قال الطيبي، فيكون اسم المقشقشة مشتركًا بين أربع سور هذه، وسورة الناس، وسورة براءة، وسورة الكافرون.
سبب نزول السورة :
أخرج البيهقي في دلائل النبوة من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : مرض رسول الله مرضاً شديداً فأتاه ملاكان ، فقعد أحدهما عند رأسه والأخر عند رجليه ، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه : ما ترى ؟ قال : طُبَ ، قال وما طُبَ ؟ قال : سُحِرَ ، قال ومن سَحَرَهُ ؟ قال : لُبُيد ابن الأعصم اليهودي ، قال : أين هو ؟ قال في بئر آلِ فلان تحت صخرة في كرية ، فأتوا الركية فانزحوا مائها وارفعوا الصخرة ثم خذوا الكرية واحرقوها ، فلما أصبح رسول الله ، بعث عمار بن ياسر في نفر ، فأتوا الركية فإذا ماؤها مثل ماء الحناء ، فنزحوا الماء ، ثم رفعوا الصخرة ، وأخرجوا الكرية وأحرقوها فإذا فيها وتر فيه إحدى عشرة عقدة ، وأنزلت عليه هاتان السورتان فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة ( قل أعوذ برب الفلق ) ( قل أعوذ برب الناس )
محور مواضيع السورة
يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ تَعْلِيمِ العِبَادِ أَنْ يلجئوا إلى حِمَى الرَّحْمَنِ ، وَيَسْتَعِيذُوا بجَلاَلـِهِ وَسُلْطَانـِهِ مِنْ شَرِّ مَخْلُوقَاتـِهِ ، وَمِنْ شَرِّ الَّليْلِ إِذَا أَظْلَمَ ؛ لِمَا يُصِيبُ النُّفُوسَ فيه مِنَ الوَحْشَةِ ، وَلانْتِشَارِ الأَشْرَارِ وَالفُجَّارِ فيه ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ حَاسِدٍ وَسَاحِرٍ وَهِيَ إِحْدَى المَعُوذَتـَيـْنِ الَّلتَيـْنِ كَانَ يُعَوِّذُ نَفْسَهُ بِهِمَا
قال البقاعي:
سورة الفلق مقصودها الاعتصام من شر كل ما انفلق عنه الخلق الظاهر والباطن، واسمها ظاهر الدلالة على ذلك.
و معظم مقصود السّورة الاستعاذة من الشرور، ومن مخافة اللَّيل الدّيجور، ومن آفات الماكرين والحاسدين في قوله: {إِذَا حَسَدَ}.
.قال ابن عاشور:
اختلف فيها أمكية هي أم مدنية، فقال جابر بن زيد والحسن وعطاء وعكرمة: مكية، ورواه كريب عن ابن عباس.
وقال قتادة: هي مدنية، ورواه أبو صالح عن ابن عباس.
والأصح أنها مكية لأن رواية كريب عن ابن عباس مقبولة بخلاف رواية أبي صالح عن ابن عباس ففيها متكلّم.
وقال الواحدي: قال المفسرون: إنها نزلت بسبب أن لَبيدَ بن الأعصمَ سَحَر النبي صلى الله عليه وسلم وليس في (الصحاح) أنها نزلت بهذا السبب، وبنى صاحب (الإِتقان) عليه ترجيح أن السورة مدنية وسنتكلم على قصة لبيد بن الأعصم عند قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} (الفلق: 4).
وقد قيل: إن سبب نزولها والسورة بعدها: أن قريشًا ندبوا، أي ندبوا مَن اشتهر بينهم أنه يصيب النبي صلى الله عليه وسلم بعينه فأنزل الله المعوذتين ليتعوذ منهم بهما، ذكره الفخر عن سعيد بن المسيب ولم يسنده.
وعدت العشرين في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الفيل وقبل سورة الناس.
وعدد آياتها خمس بالاتفاق.
اشتهر عن عبد الله بن مسعود في (الصحيح) أنه كان ينكر أن تكون (المعوِّذتان) من القرآن ويقول: إنما أُمِر رسول الله أن يتعوذ بهما، أي ولم يؤمر بأنهما من القرآن. وقد جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على القراءة بهما في الصلاة وكُتبتا في مصاحفهم، وصح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بهما في صلاته.
أغراضها:
والغرض منها تعليم النبي صلى الله عليه وسلم كلمات للتعوذ بالله من شر ما يُتَّقَى شره من المخلوقات الشريرة، والأوقاتِ التي يكثر فيها حدوث الشر، والأحوال التي يستر أفعال الشر من ورائها لئلا يُرمى فاعلوها بتبعاتها، فعلَّم الله نبيه هذه المعوذة ليتعوذ بها، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ بهذه السورة وأختها ويأمر أصحابه بالتعوذ بهما، فكان التعوذ بهما من سنة المسلمين. اهـ.
.قال الصابوني:
* سورة الفلق مكية، وفيها تعليم للعباد أن يلجأوا إلى حمى الرحمن، ويستعيذوا بجلاله وسلطانه، من شر مخلوقاته، ومن شر الليل إذا أظلم، لما يصيب النفوس فيه من الوحشة، ولانتشار الأشرار والفجار فيه، ومن شر كل حاسد وساحر، وهي إحدى المعوذتين اللتين كان صلى الله عليه وسلم يعوذ نفسه بهما.
قال سيد قطب
هذه السورة والتي بعدها توجيه من اللّه - سبحانه وتعالى - لنبيه - صلى اللّه عليه وسلم - ابتداء وللمؤمنين من بعده جميعا ، للعياذ بكنفه ، واللياذ بحماه ، من كل مخوف : خاف وظاهر ، مجهول ومعلوم ، على وجه الإجمال وعلى وجه التفصيل .. وكأنما يفتح اللّه - سبحانه - لهم حماه ، ويبسط لهم كنفه ، ويقول لهم ، في مودة وعطف : تعالوا إلى هنا. تعالوا إلى الحمى. تعالوا إلى مأمنكم الذي تطمئنون فيه. تعالوا فأنا أعلم أنكم ضعاف وأن لكم أعداء وأن حولكم مخاوف وهنا .. هنا الأمن والطمأنينة والسلام ..
ومن ثم تبدأ كل منهما بهذا التوجيه. «قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» .. «قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» ..
وفي قصة نزولها وقصة تداولها وردت عدة آثار ، تتفق كلها مع هذا الظل الذي استروحناه ، والذي يتضح من الآثار المروية أن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - استروحه في عمق وفرح وانطلاق :
عن عقبة - ابن عامر - رضي اللّه عنه - أن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - قال : ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط؟ قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ وقُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ..
وعن جابر - رضي اللّه عنه - قال : قال لي رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «اقرأ يا جابر. قلت :
ما ذا بأبي أنت وأمي؟ قال : اقرأ. قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ» فقرأتهما. فقال : «اقرأ بهما فلن تقرأ بمثلهما
عن ذر بن حبيش قال : سألت أبي بن كعب - رضي اللّه عنه - عن المعوذتين. قلت : يا أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا (و كان ابن مسعود لا يثبتهما في مصحفه ثم ثاب إلى رأي الجماعة وقد أثبتهما في المصحف) فقال : سألت رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فقال : «قيل لي : قل. فقلت». فنحن نقول كما قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - «1» وكل هذه الآثار تشي بتلك الظلال الحانية الحبيبة ..
وهنا في هذه السورة يذكر اللّه - سبحانه - نفسه بصفته التي بها يكون العياذ من شر ما ذكر في السورة.
«قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ» .. والفلق من معانيه الصبح ، ومن معانيه الخلق كله. بالإشارة إلى كل ما يفلق عنه الوجود والحياة ، كما قال في الأنعام : «إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ» .. وكما قال : «فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً» ..
وسواء كان هو الصبح فالاستعاذة برب الصبح الذي يؤمّن بالنور من شر كل غامض مستور ، أو كان هو الخلق فالاستعاذة برب الخلق الذي يؤمّن من شر خلقه ، فالمعنى يتناسق مع ما بعده ..
«مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ» .. أي من شر خلقه إطلاقا وإجمالا. وللخلائق شرور في حالات اتصال بعضها ببعض.
كما أن لها خيرا ونفعا في حالات أخرى. والاستعاذة باللّه هنا من شرها ليبقى خيرها. واللّه الذي خلقها قادر على توجيهها وتدبير الحالات التي يتضح فيها خيرها لا شرها!
«وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ» .. والغاسق في اللغة الدافق ، والوقب النقرة في الجبل يسيل منها الماء. والمقصود هنا - غالبا - هو الليل وما فيه. الليل حين يتدفق فيغمر البسيطة. والليل حينئذ مخوف بذاته. فضلا على ما يثيره من توقع للمجهول الخافي من كل شي ء : من وحش مفترس يهجم. ومتلصص فاتك يقتحم. وعدو مخادع يتمكن. وحشرة سامة تزحف. ومن وساوس وهواجس وهموم وأشجان تتسرب في الليل ، وتخنق المشاعر والوجدان ، ومن شيطان تساعده الظلمة على الانطلاق والإيحاء. ومن شهوة تستيقظ في الوحدة والظلام. ومن ظاهر وخاف يدب ويثب ، في الغاسق إذا وقب! «وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ» .. والنفاثات في العقد : السواحر الساعيات بالأذى عن طريق خداع الحواس ، وخداع الأعصاب ، والإيحاء إلى النفوس والتأثير والمشاعر. وهن يعقدن العقد في نحو خيط أو منديل وينفثن فيها كتقليد من تقاليد السحر والإيحاء! والسحر لا يغير من طبيعة الأشياء ولا ينشئ حقيقة جديدة لها. ولكنه يخيل للحواس والمشاعر بما يريده الساحر. وهذا هو السحر كما صوره القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام : سورة طه «قالُوا : يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى . قالَ : بَلْ أَلْقُوا. فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى .
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى . قُلْنا : لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى . وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ...».
وهكذا لم تنقلب حبالهم وعصيهم حيات فعلا ، ولكن خيل إلى الناس - وموسى معهم - أنها تسعى إلى حد أن أوجس في نفسه خيفة ، حتى جاءه التثبيت. ثم انكشفت الحقيقة حين انقلبت عصا موسى بالفعل حية فلقفت الحبال والعصي المزورة المسحورة.
هذه هي طبيعة السحر كما ينبغي لنا أن نسلم بها. وهو بهذه الطبيعة يؤثر في الناس ، وينشئ لهم مشاعر وفق إيحائه .. مشاعر تخيفهم وتؤذيهم وتوجههم الوجهة التي يريدها الساحر ، وعند هذا الحد نقف في فهم طبيعة السحر والنفث في العقد .. وهي شر يستعاذ منه باللّه ، ويلجأ منه إلى حماه.
وقد وردت روايات - بعضها صحيح ولكنه غير متواتر - أن لبيد بن الأعصم اليهودي سحر النبي صلى اللّه عليه وسلم - في المدينة .. قيل أياما ، وقيل أشهرا .. حتى كان يخيل إليه أنه يأتي النساء وهو لا يأتيهن في رواية ، وحتى كان يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يفعله في رواية ، وأن السورتين نزلتا رقية لرسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فلما استحضر السحر المقصود - كما أخبر في رؤياه - وقرأ السورتين انحلت العقد ، وذهب عنه السوء.
ولكن هذه الروايات تخالف أصل العصمة النبوية في الفعل والتبليغ ، ولا تستقيم مع الاعتقاد بأن كل فعل من أفعاله - صلى اللّه عليه وسلم - وكل قول من أقواله سنة وشريعة ، كما أنها تصطدم بنفي القرآن عن الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - أنه مسحور ، وتكذيب المشركين فيما كانوا يدعونه من هذا الإفك. ومن ثم تستبعد هذه الروايات .. وأحاديث الآحاد لا يؤخذ بها في أمر العقيدة. والمرجع هو القرآن. والتواتر شرط للأخذ بالأحاديث في أصول الاعتقاد. وهذه الروايات ليست من المتواتر. فضلا على أن نزول هاتين السورتين في مكة هو الراجح.
مما يوهن أساس الروايات الأخرى.
«وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ» ..
والحسد انفعال نفسي إزاء نعمة اللّه على بعض عباده مع تمني زوالها. وسواء أتبع الحاسد هذا الانفعال بسعي منه لإزالة النعمة تحت تأثير الحقد والغيظ ، أو وقف عند حد الانفعال النفسي ، فإن شرا يمكن أن يعقب هذا الانفعال.
ونحن مضطرون أن نطامن من حدة النفي لما لا نعرف من أسرار هذا الوجود ، وأسرار النفس البشرية ، وأسرار هذا الجهاز الإنساني. فهنالك وقائع كثيرة تصدر عن هذه الأسرار ، ولا نملك لها حتى اليوم تعليلا .. هنالك مثلا ذلك التخاطر على البعد. وفيه تتم اتصالات بين أشخاص متباعدين. اتصالات لا سبيل إلى الشك في وقوعها بعد تواتر الأخبار بها وقيامالتجارب الكثيرة المثبتة لها. ولا سبيل كذلك لتعليلها بما بين أيدينا من معلومات.
وكذلك التنويم المغناطيسي. وقد أصبح الآن موضعا للتجربة المتكررة المثبتة. وهو مجهول السر والكيفية .. وغير التخاطر والتنويم كثير من أسرار الوجود وأسرار النفس وأسرار هذا الجهاز الإنساني ...
فإذا حسد الحاسد ، ووجه انفعالا نفسيا معينا إلى المحسود فلا سبيل لنفي أثر هذا التوجيه لمجرد أن ما لدينا من العلم وأدوات الاختبار ، لا تصل إلى سر هذا الأثر وكيفيته. فنحن لا ندري إلا القليل في هذا الميدان. وهذا القليل يكشف لنا عنه مصادفة في الغالب ، ثم يستقر كحقيقة واقعة بعد ذلك! فهنا شر يستعاذ منه باللّه ، ويستجار منه بحماه .
واللّه برحمته وفضله هو الذي يوجه رسوله - صلى اللّه عليه وسلم - وأمته من ورائه إلى الاستعاذة به من هذه الشرور. ومن المقطوع به أنهم متى استعاذوا به - وفق توجيهه - أعاذهم. وحماهم من هذه الشرور إجمالا وتفصيلا.
روى البخاري - بإسناده - عن عائشة - رضي اللّه عنها - أن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - «كان إذا آوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ، ثم نفث فيهما ، وقرأ فيهما ، «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» .. و«قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ».
و«قُلْ : أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ». ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده ، يبدأ بهما على رأسه ووجهه ، وما أقبل من جسده ، يفعل ذلك ثلاث مرات» .. وهكذا رواه أصحاب السنن ...
قال محمد الغزالي:
أعوذ بالله أي أحتمى به وأتحصن. والله عز وجل يجيب من سأله ويعيذ من استعاذ به. وقد نزلت السورتان الأخيرتان من المصحف الشريف تعلمنا كيف نتحصن بالله من شرور كثيرة، فإن الحياة حافلة بما يسوء.
قال تعالى: {ونبلوكم بالشر والخير فتنة}، {وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون}. وسورتا {قل أعوذ برب الفلق}. و{قل أعوذ برب الناس}. حصانات قوية لمن أراد اللياذ بالله والظفر بحمايته.. والفلق الصبح أو الضوء الذي يشق الظلام. ومصادر الشر كثيرة من جراثيم وزواحف وسباع وبشر! (والغاسق إذا وقب) الليل إذا دخل واشتدت ظلمته. ولا يزال الليل مسرحا للصوص والعهار ومغتالى الحقوق والحريات. و{النفاثات في العقد} قيل النساء السواحر! وللسحر حقيقة عند بعض العلماء، ولشياطين الإنس والجن شغل به، والاستعاذة تبطله. ويرى ابن حزم وعلماء الظاهر أن السحر لا حقيقة له، وإنما هو خداع وتخييل. وللعامة أوهام كثيرة في هذا الميدان ينبغى الحذر منها. ومما يستعاذ بالله منه الحسد، وهو رذيلة تقوم على تمنى زوال النعم، وكره أصحابها والكيد لهم. والحسد من أشيع الجرائم بين الناس. حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه فالكل أعداء له وخصوم! وقد يطلق الحسد على العين! وهى نظرة مسمومة نحو مايكون من خير، ينسج الناس حولها حقائق وأباطيل. والاستعاذة على كل حال تعصم من الواقع والمتوقع، وتقى المؤمن شرور الآخرين. ( يتبع )
ell="filter:;"]
|
|
|
| [/cell] |
| |