ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-03-2021, 07:25 PM   #365


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي

















سورة الشمس

التعريف بالسورة :
سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 15 .
ترتيبها بالمصحف الحادية والتسعون .
نزلت بعد سورة القدر .
بدأت باسلوب قسم " والشمس وضحاها "

قال ابن عاشور:
سميت هذه السورة في المصاحف وفي معظم كتب التفسير (سورة الشمس) بدون واو وكذلك عنونها الترمذي في جامعه بدون واو في نسخ صحيحه من (جامع الترمذي) ومن (عارضة الأحوذي) لابن العربي.
وعنونها البخاري سورة (والشمس وضحاها) بحكاية لفظ الآية، وكذلك سميت في بعض التفاسير وهو أولى أسمائها لئلا تلتبس على القارئ بسورة إذا الشمس كوّرت المسمّاة سورة التكوير.
ولم يذكرها في (الإِتقان) مع السور التي لها أكثر من اسم.
وهي مكية بالاتفاق.
وعدّت السادسة والعشرين في عدد نزول السور نزلت بعد سورة القَدْر، وقبل سورة البروج.
وآياتها خمس عشرة آية في عدد جمهور الأمصار، وعدَّها أهل مكة ست عشرة آية.


تابع – سورة الشمس
محور مواضيع السورة

يدورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ مَوْضُوعَيـْنِ اثـْنَيـْنِ وَهُمَا :
1- مَوْضِعُ النَّفْسِ الإِنْسَانِيـَّةِ ، وَمَا جَبَلَهَا الَّلهُ عَلَيْهِ مِنَ الخَيْرِ وَالشَّرِّ ، وَالهُدَى وَالضَّلاَلِ .
2- مَوْضُوعُ الطُّغْيَانِ مُمَثَّلاً في ( ثَمُودَ ) الَّذِينَ عقروا الناقة فَأَهْلَكَهُمُ الَّلهُ وَدَمَّرَهُم.
قال البقاعي:
سورة الشمس مقصودها إثبات تصرفه سبحانه وتعالى في النفوس التي هي سرج الأبدان، تقودها إلى سعادة أو كيد وهوان ونكد، كما أن الشمس سراج الفلك، يتصرف سبحانه في النفوس بالاختيار إضلالا وهداية نعيما وشقاوة تصرفه سبحانه في الشمس بمثل ذلك من صحة واعتلال، وانتظام واختلال، وكذا في جميع الأكوان، بما له من عظيم الشأن، واسمها الشمس واضح الدلالة على ذلك بتأمل القسم والمقسم عليه بما أعلم به وأشار إليه.
ومعظم مقصود السّورة:
أَنواع القَسَم المترادفة، على إِلهام الخَلْق في الطَّاعة والمعصيّة، والفلاح والخَيْبَة، والخبرُ من إِهلاك ثمود، وتخويف لأَهل مكَّة في قوله: {وَلاَ يَخَافُ عقباها}.

قال ابن عاشور:
من أغراض سورة الشمس تهديدُ المشركين بأنهم يوشك أن يصيبهم عذاب بإشراكهم وتكذيبهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم كما أصاب ثمودا بإشراكهم وعتوِّهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي دعاهم إلى التوحيد.
وقُدِّم لذلك تأكيد الخبر بالقَسم بأشياء معظمة وذكر من أحوالها ما هو دليل على بديع صنع الله تعالى الذي لا يشاركه فيه غيره فهو دليل على أنه المنفرد بالإلهية والذي لا يستحق غيره الإِلهية وخاصة أحوال النفوس ومراتبها في مسالك الهدى والضلال والسعادة والشقاء.
( يتبع )










 

رد مع اقتباس
قديم 10-03-2021, 07:27 PM   #366


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي















تابع – سورة الشمس
محور مواضيع السورة

قال الصابوني:
تناولت السورة موضوعين اثنين وهما:
1-موضوع النفس الإنسانية، وما جبلها الله من الخير والشر، والهدى والضلال.
2-وموضوع الطغيان ممثلا في قصة ثمود الذين عقروا الناقة، فأهلكهم الله ودمرهم، وأبادهم عن آخرهم.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بسبعة أشياء من مخلوقات الله جل وعلا، فأقسم تعالى بالشمس وضوئها الساطع، وبالقمر إذا أعقبها وهو طالع، ثم بالنهار إذا جلا ظلمة الليل بضيائه، وبالليل إذا غطى الكائنات بظلامه، ثم بالقادر الذي أحكم بناء السماء بلا عمد، وبالأرض الذي بسطها على ماء جمد، وبالنفس البشرية التي كملها الله، وزينها بالفضائل والكمالات، أقسم بهذه الأمور على فلاح الإنسان ونجاحه إذا اتقى الله، وعلى شقاوته وخسرانه إذا طغى وتمرد، وفسق وفجر.
* ثم ذكر تعالى قصة ثمود قوم صالح حين كذبوا رسولهم، وطغوا وبغوا في الأرض وعقروا الناقة التي خلقها الله تعالى من صخر أصم معجزة لرسوله صالح عليه السلام، وما كان من أمر هلاكهم الفظيع الذي بقى عبرة لمن يعتبر، وهو نموذج لكل كافر فاجر، مكذب لرسل الله {كذبت ثمود بطغواها إذ انبعث أشقاها فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها فكذبوه فعقروها..} الآيات.
* وقد ختمت السورة الكريمة بأنه تعالى لا يخاف عاقبة إهلاكهم وتدميرهم، لأنه {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون} ولهذا قال سبحانه: {فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها}.

قال سيد قطب
هذه السورة القصيرة ذات القافية الواحدة ، والإيقاع الموسيقي الموحد ، تتضمن عدة لمسات وجدانية تنبثق من مشاهد الكون وظواهره التي تبدأ بها السورة والتي تظهر كأنها اطار للحقيقة الكبيرة التي تتضمنها السورة.
حقيقة النفس الإنسانية ، واستعداداتها الفطرية ، ودور الإنسان في شأن نفسه ، وتبعته في مصيرها .. هذه الحقيقة التي يربطها سياق السورة بحقائق الكون ومشاهده الثابتة.
كذلك تتضمن قصة ثمود ، وتكذيبها بإنذار رسولها ، وعقرها للناقة ، ومصرعها بعد ذلك وزوالها. وهي نموذج من الخيبة التي تصيب من لا يزكي نفسه ، فيدعها للفجور ، ولا يلزمها تقواها : كما جاء في الفقرة الأولى في السورة : «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» ..
«وَالشَّمْسِ وَضُحاها. وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها. وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها. وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها. وَالسَّماءِ وَما بَناها. وَالْأَرْضِ وَما طَحاها. وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها. وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» ..
يقسم اللّه سبحانه بهذه الخلائق والمشاهد الكونية ، كما يقسم بالنفس وتسويتها وإلهامها. ومن شأن هذا القسم أن يخلع على هذه الخلائق قيمة كبرى وأن يوجه إليها القلوب تتملاها ، وتتدبر ماذا لها من قيمة وماذا بها من دلالة ، حتى استحقت أن يقسم بها الجليل العظيم.


ومشاهد الكون وظواهره إطلاقا بينها وبين القلب الإنساني لغة سرية! متعارف عليها في صميم الفطرة وأغوار المشاعر. وبينها وبين الروح الإنساني تجاوب ومناجاة بغير نبرة ولا صوت ، وهي تنطق للقلب ، وتوحي للروح ، وتنبض بالحياة المأنوسة للكيان الإنساني الحي ، حيثما التقى بها وهو مقبل عليها ، متطلع عندها إلى الأنس والمناجاة والتجاوب والإيحاء.
ومن ثم يكثر القرآن من توجيه القلب إلى مشاهد الكون بشتى الأساليب ، في شتى المواضع. تارة بالتوجيهات المباشرة ، وتارة باللمسات الجانبية كهذا القسم بتلك الخلائق والمشاهد ، ووضعها إطارا لما يليها من الحقائق.
وفي هذا الجزء بالذات لاحظنا كثرة هذه التوجيهات واللمسات كثرة ظاهرة. فلا تكاد سورة واحدة تخلو من إيقاظ القلب لينطلق إلى هذا الكون ، يطلب عنده التجاوب والإيحاء. ويتلقى عنه - بلغة السر المتبادل - ما ينطق به من دلائل وما يبثه من مناجاة! وهنا نجد القسم الموحي بالشمس وضحاها .. بالشمس عامة وحين تضحى وترتفع عن الأفق بصفة خاصة.
وهي أروق ما تكون في هذه الفترة وأحلى. في الشتاء يكون وقت الدفء المستحب الناعش. وفي الصيف يكون وقت الإشراق الرائق قبل وقدة الظهيرة وقيظها. فالشمس في الضحى في أروق أوقاتها وأصفاها. وقد ورد أن المقصود بالضحى هو النهار كله ، ولكنا لا نرى ضرورة للعدول عن المعنى القريب للضحى. وهو ذو دلالة خاصة كما رأينا.

( يتبع )










 

رد مع اقتباس
قديم 11-03-2021, 08:49 PM   #367


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















تابع – سورة الشمس
محور مواضيع السورة

وبالقمر إذا تلاها .. إذا تلا الشمس بنوره اللطيف الشفيف الرائق الصافي .. وبين القمر والقلب البشري ود قديم موغل في السرائر والأعماق ، غائر في شعاب الضمير ، يترقرق ويستيقظ كلما التقى به القلب في أية حال. وللقمر همسات وإيحاءات للقلب ، وسبحات وتسبيحات للخالق ، يكاد يسمعها القلب الشاعر في نور القمر المنساب .. وإن القلب ليشعر أحيانا أنه يسبح في فيض النور الغامر في الليلة القمراء ، ويغسل أدرانه ، ويرتوي ، ويعانق هذا النور الحبيب ويستروح فيه روح اللّه.
ويقسم بالنهار إذا جلاها .. مما يوحي بأن المقصود بالضحى هو الفترة الخاصة لا كل النهار. والضمير في «جَلَّاها» .. الظاهر أن يعود إلى الشمس المذكورة في السياق .. ولكن الإيحاء القرآني يشي بأنه ضمير هذه البسيطة. وللأسلوب القرآني إيحاءات جانبية كهذه مضمرة في السياق لأنها معهودة في الحس البشري ، يستدعيها التعبير استدعاء خفيا. فالنهار يجلي البسيطة ويكشفها. وللنهار في حياة الإنسان آثاره التي يعلمها. وقد ينسى الإنسان بطول التكرار جمال النهار وأثره. فهذه اللمسة السريعة في مثل هذا السياق توقظه وتبعثه للتأمل في هذه الظاهرة الكبرى.
ومثله : «وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها» .. والتغشية هي مقابل التجلية. والليل غشاء يضم كل شيء ويخفيه. وهو مشهد له في النفس وقع. وله في حياة الإنسان أثر كالنهار سواء.





ثم يقسم بالسماء وبنائها : «وَالسَّماءِ وَما بَناها» .. «وَما» هنا مصدرية. ولفظ السماء حين يذكر يسبق إلى الذهن هذا الذي نراه فوقنا كالقبة حيثما اتجهنا ، تتناثر فيه النجوم والكواكب السابحة في أفلاكها ومداراتها.
فأما حقيقة السماء فلا ندريها. وهذا الذي نراه فوقنا متماسكا لا يختل ولا يضطرب تتحقق فيه صفة البناء بثباته وتماسكه. أما كيف هو مبني ، وما الذي يمسك أجزاءه فلا تتناثر وهو سابح في الفضاء الذي لا نعرف له أولا ولا آخرا .. فذلك ما لا ندريه. وكل ما قيل عنه مجرد نظريات قابلة للنقض والتعديل. ولا قرار لها ولا ثبات ..
إنما نوقن من وراء كل شيء أن يد اللّه هي تمسك هذا البناء : «إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا. وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ» .. وهذا هو العلم المستيقن الوحيد! كذلك يقسم بالأرض وطحوها : «وَالْأَرْضِ وَما طَحاها» .. والطحو كالدحو : البسط والتمهيد للحياة.
وهي حقيقة قائمة تتوقف على وجودها حياة الجنس البشري وسائر الأجناس الحية. وهذه الخصائص والموافقات التي جعلتها يد اللّه في هذه الأرض هي التي سمحت بالحياة فيها وفق تقديره وتدبيره. وحسب الظاهر لنا أنه لو اختلت إحداها ما أمكن أن تنشأ الحياة ولا أن تسير في هذا الطريق الذي سارت فيه .. وطحو الأرض أو دحوها كما قال في الآية الأخرى : «وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها «1»». وهو أكبر هذه الخصائص والموافقات. ويد اللّه وحدها هي التي تولت هذا الأمر. فحين يذكر هنا بطحو الأرض ، فإنما يذكر بهذه اليد التي وراءه. ويلمس القلب البشري هذه اللمسة للتدبر والذكرى.

ثم تجيء الحقيقة الكبرى عن النفس البشرية في سياق هذا القسم ، مرتبطة بالكون ومشاهده وظواهره.
وهي إحدى الآيات الكبرى في هذا الوجود المترابط المتناسق :
«وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها. فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها ، وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» ..
وهذه الآيات الأربع ، بالإضافة إلى آية سورة البلد السابقة : «وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» .. وآية سورة الإنسان :
«إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً» .. تمثل قاعدة النظرية النفسية للإسلام .. وهي مرتبطة ومكملة للآيات التي تشير إلى ازدواج طبيعة الإنسان ، كقوله تعالى في سورة «ص» : «إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ. فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ» .. كما أنها مرتبطة ومكملة للآيات التي تقرر التبعة الفردية : كقوله تعالى في سورة المدثر : «كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ» .. والآيات التي تقرر أن اللّه يرتب تصرفه بالإنسان على واقع هذا الإنسان ، كقوله تعالى في سورة الرعد : «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ».

ومن خلال هذه الآيات وأمثالها تبرز لنا نظرة الإسلام إلى الإنسان بكل معالمها ..
إن هذا الكائن مخلوق مزدوج الطبيعة ، مزدوج الاستعداد ، مزدوج الاتجاه ونعني بكلمة مزدوج على وجه التحديد أنه بطبيعة تكوينه (من طين الأرض ومن نفخة اللّه فيه من روحه) مزود باستعدادات متساوية للخير والشر ، والهدى والضلال. فهو قادر على التمييز بين ما هو خير وما هو شر. كما أنه قادر على توجيه نفسه إلى الخير وإلى الشر سواء. وأن هذه القدرة كامنة في كيانه ، يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة : «وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها ، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها» .. ويعبر عنها بالهداية تارة : «وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» .. فهي كامنة في صميمه في صورة استعداد .. والرسالات والتوجيهات والعوامل الخارجية إنما توقظ هذه الاستعدادات وتشحذها وتوجهها هنا أو هناك. ولكنها لا تخلقها خلقا. لأنها مخلوقة فطرة ، وكائنة طبعا ، وكامنة إلهاما.
وهناك إلى جانب هذه الاستعدادات الفطرية الكامنة قوة واعية مدركة موجهة في ذات الإنسان. هي التي تناط بها التبعة. فمن استخدم هذه القوة في تزكية نفسه وتطهيرها وتنمية استعداد الخير فيها ، وتغليبه على استعداد الشر .. فقد أفلح. ومن أظلم هذه القوة وخبأها وأضعفها فقد خاب : «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» ..
وهنالك إذن تبعة مترتبة على منح الإنسان هذه القوة الواعية القادرة على الاختيار والتوجيه. توجيه الاستعدادات الفطرية القابلة للنمو في حقل الخير وفي حقل الشر سواء. فهي حرية تقابلها تبعة ، وقدرة يقابلها تكليف ، ومنحة يقابلها واجب ..

ورحمة من اللّه بالإنسان لم يدعه لاستعداد فطرته الإلهامي ، ولا للقوة الواعية المالكة للتصرف ، فأعانه بالرسالات التي تضع له الموازين الثابتة الدقيقة ، وتكشف له عن موحيات الإيمان ، ودلائل الهدى في نفسه وفي الآفاق من حوله ، وتجلو عنه غواشي الهوى فيبصر الحق في صورته الصحيحة .. وبذلك يتضح له الطريق وضوحا كاشفا لا غبش فيه ولا شبهة فتتصرف القوة الواعية حينئذ عن بصيرة وإدراك لحقيقة الاتجاه الذي تختاره وتسير فيه.
وهذه في جملتها هي مشيئة اللّه بالإنسان. وكل ما يتم في دائرتها فهو محقق لمشيئة اللّه وقدره العام.
هذه النظرة المجملة إلى أقصى حد «1» تنبثق منها جملة حقائق ذات قيمة في التوجيه التربوي : فهي أولا ترتفع بقيمة هذا الكائن الإنساني ، حين تجعله أهلا لاحتمال تبعة اتجاهه ، وتمنحه حرية الاختيار (في اطار المشيئة الإلهية التي شاءت له هذه الحرية فيما يختار) فالحرية والتبعة يضعان هذا الكائن في مكان كريم ، ويقرران له في هذا الوجود منزلة عالية تليق بالخليقة التي نفخ اللّه فيها من روحه وسواها بيده ، وفضلها على كثير من العالمين.
وهي ثانيا تلقي على هذا الكائن تبعة مصيره ، وتجعل أمره بين يديه (في اطار المشيئة الكبرى كما أسلفنا) فتثير في حسه كل مشاعر اليقظة والتحرج والتقوى. وهو يعلم أن قدر اللّه فيه يتحقق من خلال تصرفه هو بنفسه : «إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ» .. وهي تبعة ثقيلة لا يغفل صاحبها ولا يغفو! وهي ثالثا تشعر هذا الإنسان بالحاجة الدائمة للرجوع إلى الموازين الإلهية الثابثة ، ليظل على يقين أن هواه لم يخدعه ، ولم يضلله ، كي لا يقوده الهوى إلى المهلكة ، ولا يحق عليه قدر اللّه فيمن يجعل إلهه هواه. وبذلك يظل قريبا من اللّه ، يهتدي بهديه ، ويستضيء بالنور الذي أمده به في متاهات الطريق! ومن ثم فلا نهاية لما يملك هذا الإنسان أن يصل إليه من تزكية النفس وتطهيرها ، وهو يغتسل في نور اللّه الفائض ، ويتطهر في هذا العباب الذي يتدفق حوله من ينابيع الوجود ..


بعد ذلك يعرض نموذجا من نماذج الخيبة التي ينتهي إليها من يدسي نفسه ، فيحجبها عن الهدى ويدنسها.
ممثلا هذا النموذج فيما أصاب ثمود من غضب ونكال وهلاك :
«كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها. إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها. فقال لهم رسول اللّه : ناقَةَ اللَّهِ وَسُقْياها. فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها. فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها. وَلا يَخافُ عُقْباها» ..
وقد وردت قصة ثمود ونبيها صالح - عليه السلام - في مواضع شتى من القرآن. وسبق الحديث عنها في كل موضع. وأقربها ما جاء في هذا الجزء في سورة «الفجر» فيرجع إلى تفصيلات القصة هناك.
فأما في هذا الموضع فهو يذكر أن ثمود بسبب من طغيانها كذبت نبيها ، فكان الطغيان وحده هو سبب التكذيب. وتمثل هذا الطغيان في انبعاث أشقاها. وهو الذي عقر الناقة. وهو أشدها شقاء وأكثرها تعاسة بما ارتكب من الإثم. وقد حذرهم رسول اللّه قبل الإقدام على الفعلة فقال لهم. احذروا أن تمسوا ناقة اللّه أو أن تمسوا الماء الذي جعل لها يوما ولهم يوما كما اشترط عليهم عند ما طلبوا منه آية فجعل اللّه هذه الناقة آية - ولا بد أنه كان لها شأن خاص لا نخوض في تفصيلاته ، لأن اللّه لم يقل لنا عنه شيئا - فكذبوا النذير فعقروا الناقة. والذي عقرها هو هذا الأشقى. ولكنهم جميعا حملوا التبعة وعدوا أنهم عقروها ، لأنهم لم يضربوا على يده ، بل استحسنوا فعلته. وهذا مبدأ من مبادئ الإسلام الرئيسية في التكافل في التبعة الاجتماعية في الحياة الدنيا. لا يتعارض مع التبعة الفردية في الجزاء الأخروي حيث لا تزر وازرة وزر أخرى. على أنه من الوزر إهمال التناصح والتكافل والحض على البر والأخذ على يد البغي والشر.

( يتبع )
















 

رد مع اقتباس
قديم 11-03-2021, 08:52 PM   #368


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي


















تابع – سورة الشمس
محور مواضيع السورة

عندئذ تتحرك يد القدرة لتبطش البطشة الكبرى : «فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها» ..
والدمدمة الغضب وما يتبعه من تنكيل. واللفظ ذاته .. «دمدم» يوحي بما وراءه ، ويصور معناه بجرسه ، ويكاد يرسم مشهدا مروعا مخيفا! وقد سوى اللّه أرضهم عاليها بسافلها ، وهو المشهد الذي يرتسم بعد الدمار العنيف الشديد ..
«وَلا يَخافُ عُقْباها» .. سبحانه وتعالى .. ومن ذا يخاف؟ وماذا يخاف؟ وأنى يخاف؟ إنما يراد من هذا التعبير لازمه المفهوم منه. فالذي لا يخاف عاقبة ما يفعل ، يبلغ غاية البطش حين يبطش. وكذلك بطش اللّه كان : إن بطش ربك لشديد. فهو إيقاع يراد إيحاؤه وظله في النفوس ..
وهكذا ترتبط حقيقة النفس البشرية بحقائق هذا الوجود الكبيرة ، ومشاهده الثابتة ، كما ترتبط بهذه وتلك سنة اللّه في أخذ المكذبين والطغاة ، في حدود التقدير الحكيم الذي يجعل لكل شيء أجلا ، ولكل حادث موعدا ، ولكل أمر غاية ، ولكل قدر حكمة ، وهو رب النفس والكون والقدر جميعا ..



قال محمد الغزالي:
{والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها} عندما أنظر إلى الشمس في كبد السماء أحسبها تزيد قليلا عن شبر في شبر! ثم أذكر أقوال العلماء أنها تكبر أرضنا (مليونا ونصف مليون مرة)، وأن المسافة التي تباعدنا عنها (150 مليون كيلومتر)، وأن الكواكب التي تتبعها تسعة كواكب من بينها أرضنا التي تحمل ستة مليارات من البشر وحدهم! وأن هذه الشمس وتوابعها تجرى بين شموس أخرى لا تحصى في مجرة مديدة الآفاق، وأن هذه المجرات على كثرتها المذهلة تدور في زاوية محدودة من الكون الفسيح الذي لا تعرف آماده ولا تدرك أبعاده! قلت وأنا مبهور ما أوسع الكون! واستتليت وأنا حائر: وما أوسع خالقه! وقرأت {ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم} في هذا الكوكب المحقور، يعيش بنو آدم الذين منحوا حرية الاختيار، فآمن من آمن وكفر من كفر. إن حملة العرش وسكان السماوات يستغفرون لهم {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا...}.
{تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض} وسورة الشمس وأمثالها من قصار السور تتضمن معانى وجيزة وتوجيهات سريعة، ولكنها كافية شافية. ولذلك يكثر تكرارها في الصلوات الخمس لتكون زادا روحيا نافعا. وقد أقسم الله سبع مرات في صدر السورة على أن الفلاح لمن زكى نفسه والخيبة لمن تبع هواه وأخلد إلى الأرض وهل. يهلك الناس إلا بالإسفاف والغفلة؟ وقد فجرت ثمود وطغت، فم إذا كانت عقباها؟ أمست هشيما تدوسه الأقدام..


الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:

قال الزيلعي:
سورة وَالشَّمْس حَدِيث وَاحد:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قرأ سُورَة الشَّمْس فَكَأَنَّمَا تصدق بِكُل شَيْء طلعت عَلَيْهِ الشَّمْس وَالْقَمَر».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ أَخْبرنِي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن الْقَاسِم الْفَارِسِي ثَنَا أَبُو مُحَمَّد ابْن أبي حَامِد ثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحسن الْأَصْبَهَانِيّ ثَنَا المؤمل بن إِسْمَاعِيل ثَنَا سُفْيَان الثَّوْريّ ثَنَا أسلم الْمنْقري عَن عبد الله بن عبد الرَّحْمَن بن أَبْزَى عَن أَبِيه عَن أبي بن كَعْب قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم... فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ فِي يُونُس.

فضل السّورة:
فيه حديث أُبي المردودُ: «مَن قرأها فكأَنَّما تصدّق بكلّ شيء طلعت عليه الشمس والقمر»، وحديث علي: «يا علي مَن قرأ {وَالشَّمْسِ وضحاها} فكأَنَّما قرأ الزَّبور، وله بكلّ آية قرأها ثواب مَن صلَّى بين الرّكن والمقام أَلفَ ركعة»

( يتبع – سورة الليل )















 

رد مع اقتباس
قديم 11-03-2021, 08:54 PM   #369


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



















سورة الليل

‏ التعريف بالسورة :
سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 21 .
ترتيبها بالمصحف الثانية والتسعون .
نزلت بعد سورة الأعلى .
بدأت السورة بقسم " والليل إذا يغشى " لم يذكر لفظ الجلالة في السورة .

قال ابن عاشور:

سميت هذه السورة في معظم المصاحف وبعض كتب التفسير (سورة الليل) بدون واو، وسميت في معظم كتب التفسير (سورة والليل) بإثبات الواو، وعنونها البخاري والترمذي (سورة والليل إذا يغشى).
وهي مكية في قول الجمهور، واقتصر عليه كثير من المفسرين. وحكى ابن عطية عن المهدوي أنه قيل: إنها مدنية، وقيل: بعضها مدني، وكذلك ذكر الأقوال في (الإِتقان)، وأشار إلى أن ذلك لِما روي من سبب نزول قوله تعالى: {فأما من أعطى واتقى} (الليل: 5) إذ روي: أنها نزلت في أبي الدحداح الأنصاري في نخلة كان يأكل أيتامٌ من ثمرها وكانت لرجل من المنافقين فمنعهم من ثمرها فاشتراها أبو الدحداح بنخيل وجعلها لهم. وسيأتي.
وعُدّت التاسعة في عداد نزول السور، نزلت بعد سورة الأعلى وقبل سورة الفجر.




محور مواضيع السورة :

قال البقاعي:
سورة الليل مقصودها الدلالة على مقصود الشمس، وهو التصرف التام في النفوس بإثبات كمال القدرة بالاختيار باختلاف الناس في السعي مع اتحاد مقاصدهم، وزهي الوصول إلى الملاذ من شهوة البطن والفرج وما يتبع ذلك من الراحة، واسمها الليل أوضح ما فيها على ذلك بتأمل القسم والجواب، والوقوع من ذلك على الصواب، وأيضا ليل نفسه دال على ذلك لأنه على غير مراد النفس بما فيه من الظلام والنوم الذي هو أخو الموت، وذلك مانع عن أكثر المرادات، ومقتضى لأكثر المضادات.
ومعظم مقصود السّورة القسم على تفاوتُ حال الخَلق في الإِساءَة والإِحسان، وهدايتُهم إِلى شأْن القرآن، وترهيب بعض بالنار، وترغيبُ بعض بالجِنان والبدارُ إِلى الصّدقة كفارةً للذنوبِ والعصيان، ووعد بالرضى الرحمنُ المنَّان، في قوله: {وَلَسَوْفَ يرضى}.
احتوت السورة على بيان شرف المؤمنين وفضائل أعمالهم ومذمة المشركين ومساويهم وجزاء كلَ.
وأن الله يهدي الناس إلى الخير فهو يجزي المهتدين بخير الحياتين والضالين بعكس ذلك.
وأنه أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم للتذكير بالله وما عنده فينتفع من يخشى فيفلحُ ويَصدف عن الذكرى من كان شقياً فيكون جزاؤه النار الكبرى وأولئك هم الذين صدهم عن التذكر إيثار حب ما هم فيه في هذه الحياة.
وأُدمج في ذلك الإِشارة إلى دلائل قدرة الله تعالى وبديع صنعه.


.قال الصابوني:
* سورة الليل مكية، وهي تتحدث عن سعي الإنسان وعمله، وعن كفاحه ونضاله في هذه الحياة، ثم نهايته إلى النعيم أو إلى الجحيم.
* ابتدأت السورة الكريمة بالقسم بالليل إذا غشي الخليقة بظلامه، وبالنهار إذا أنار الوجود بإشراقه وضيائه، وبالخالق العظيم الذي أوجد النوعين الذكر والأنثى، أقسم على أن عمل الخلائق مختلف، وطريقهم متباين {والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى} الآيات.
* ثم وضحت السورة سبيل السعادة، وسبيل الشقاء، ورسمت الخط البياني لطالب النجاة، وبينت أوصاف الأبرار والفجار، وأهل الجنة وأهل النار {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى} الآيات.
* ثم نبهت إلى اغترار بعض الناس بأموالهم التي جمعوها، وثرواتهم التي كدسوها، وهي لا تنفعهم في يوم القيامة شيئا، وذكرتهم بحكمة الله في توضيحه لعباده طريق الهداية وطريق الضلالة {وما يغني عنه ماله إذا تردى إن علينا للهدى وإن لنا للآخرة والأولى} الآيات.
* ثم حذرت أهل مكة من عذاب الله وانتقامه، ممن كذب بآياته ورسله، وأنذرهم من نار حامية، تتوهج من شدة حرها، لا يدخلها ولا يذوق سعيرها إلا الكافر الشقي، المعرض عن هداية الله {فأنذرتكم نارا تلظى لا يصلاها إلا الأشقى الذي كذب وتولى}.
* وختمت السورة بذكر نموذج للمؤمن الصالح، الذي ينفق ماله في وجوه الخير، ليزكي نفسه ويصونها من عذاب الله، وضربت المثل بأبي بكر الصديق رضي الله عنه، حين اشترى بلالا وأعتقه في سبيل الله {وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}

( يتبع )















 

رد مع اقتباس
قديم 11-03-2021, 08:58 PM   #370


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي


















تابع – سورة الليل

محور مواضيع السورة :

قال سيد قطب

يَدُورُ مِحْوَرُ السُّورَةِ حَوْلَ سَعْيِ الإِنْسَانِ وَعَمَلِهِ ، وَعَنْ كِفَاحِهِ وَنِضَالـِهِ في هَذِهِ الحَيَاةِ ، ثُمَّ نِهَايَتـِهُ إلى النَّعِيمِ أَوْ إلى الجَحِيمِ.
في اطار من مشاهد الكون وطبيعة الإنسان تقرر السورة حقيقة العمل والجزاء. ولما كانت هذه الحقيقة منوعه المظاهر : «إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى . وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى » .. وكانت العاقبة كذلك في الآخرة مختلفة وفق العمل والوجهة : «فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ..».
لما كانت مظاهر هذه الحقيقة ذات لونين ، وذات اتجاهين .. كذلك كان الإطار المختار لها في مطلع السورة ذا لونين في الكون وفي النفس سواء : «وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى . وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى» .. «وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » ..
وهذا من بدائع التناسق في التعبير القرآني
«وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى . وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى .. وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » ...
يقسم اللّه - سبحانه - بهاتين الآيتين : الليل والنهار. مع صفة كل منهما الصفة المصورة للمشهد. «وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى » .. «وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى» .. الليل حين يغشى البسيطة ، ويغمرها ويخفيها. والنهار حين يتجلى ويظهر ، فيظهر في تجليه كل شيء ويسفر. وهما آنان متقابلان في دورة الفلك ، ومتقابلان في الصورة ، ومتقابلان في الخصائص ، ومتقابلان في الآثار .. كذلك يقسم بخلقه الأنواع جنسين متقابلين : «وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى » ..
تكملة لظواهر التقابل في جو السورة وحقائقها جميعا.


والليل والنهار ظاهرتان شاملتان لهما دلالة توحيان بها إيحاء للقلب البشري ولهما دلالة كذلك أخرى عند التدبر والتفكر فيهما وفيما وراءهما. والنفس تتأثر تأثرا تلقائيا بتقلب الليل والنهار. الليل إذا يغشى ويعم ، والنهار إذا تجلى وأسفر. ولهذا التقلب حديث وإيحاء. حديث عن هذا الكون المجهول الأسرار ، وعن هذه الظواهر التي لا يملك البشر من أمرها شيئا. وإيحاء بما وراء هذا التقلب من قدرة تدبر الآونة في الكون كما تدار العجلة اليسيرة! وبما هنالك من تغير وتحول لا يثبت أبدا على حال.
ودلالتهما عند التدبر والتفكر قاطعة في أن هنالك يدا أخرى تدير هذا الفلك ، وتبدل الليل والنهار. بهذا الانتظام وهذا الاطراد وهذه الدقة. وأن الذي يدير الفلك هكذا يدير حياة البشر أيضا. ولا يتركهم سدى ، كما أنه لا يخلقهم عبثا.
ومهما حاول المنكرون والمضلون أن يلغوا في هذه الحقيقة ، وأن يحولوا الأنظار عنها ، فإن القلب البشري سيظل موصولا بهذا الكون ، يتلقى إيقاعاته ، وينظر تقلباته ، ويدرك تلقائيا كما يدرك بعد التدبر والتفكر ، أن هنالك مدبرا لا محيد من الشعور به ، والاعتراف بوجوده من وراء اللغو والهذر ، ومن وراء الجحود والنكران! وكذلك خلقة الذكر والأنثى .. إنها في الإنسان والثدييات الحيوانية نطفة تستقر في رحم. وخلية تتحد ببويضة. ففيم هذا الاختلاف في نهاية المطاف؟ ما الذي يقول لهذه : كوني ذكرا ، ويقول لهذه : كوني أنثى؟ ..




إن كشف العوامل التي تجعل هذه النطفة تصبح ذكرا ، وهذه تصبح أنثى لا يغير من واقع الأمر شيئا .. فإنه لماذا تتوفر هذه العوامل هنا وهذه العوامل هناك؟ وكيف يتفق أن تكون صيرورة هذه ذكرا ، وصيرورة هذه أنثى هو الحدث الذي يتناسق مع خط سير الحياة كلها ، ويكفل امتدادها بالتناسل مرة أخرى؟
مصادفة؟! إن للمصادفة كذلك قانونا يستحيل معه أن تتوافر هذه الموافقات كلها من قبيل المصادفة ..
فلا يبقى إلا أن هنالك مدبرا يخلق الذكر والأنثى لحكمة مرسومة وغاية معلومة. فلا مجال للمصادفة ، ولا مكان للتلقائية في نظام هذا الوجود أصلا.
والذكر والأنثى شاملان بعد ذلك للأنواع كلها غير الثدييات. فهي مطردة في سائر الأحياء ومنها النبات ..
قاعدة واحدة في الخلق لا تتخلف. لا يتفرد ولا يتوحد إلا الخالق سبحانه الذي ليس كمثله شيء ..
هذه بعض إيحاءات تلك المشاهد الكونية ، وهذه الحقيقة الإنسانية التي يقسم اللّه - سبحانه - بها ، لعظيم دلالتها وعميق إيقاعها. والتي يجعلها السياق القرآني إطارا لحقيقة العمل والجزاء في الحياة الدنيا وفي الحياة الأخرى ..
يقسم اللّه بهذه الظواهر والحقائق المتقابلة في الكون وفي الناس ، على أن سعي الناس مختلف وطرقهم مختلفة ، ومن ثم فجزاؤهم مختلف كذلك فليس الخير كالشر ، وليس الهدى كالضلال ، وليس الصلاح كالفساد ، وليس من أعطى واتقى كمن بخل واستغنى ، وليس من صدق وآمن كمن كذب وتولى. وأن لكل طريقا ، ولكل مصيرا ، ولكل جزاء وفاقا :
«إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى. فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى . وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى ، وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى» ..

إن سعيكم لشتى .. مختلف في حقيقته. مختلف في بواعثه. مختلف في اتجاهه. مختلف في نتائجه ..
والناس في هذه الأرض تختلف طبائعهم ، وتختلف مشاربهم ، وتختلف تصوراتهم ، وتختلف اهتماماتهم ، حتى لكأن كل واحد منهم عالم خاص يعيش في كوكب خاص.
هذه حقيقة. ولكن هناك حقيقة أخرى. حقيقة إجمالية تضم أشتات البشر جميعا. وتضم هذه العوالم المتباينة كلها. تضمها في حزمتين اثنتين. وفي صفين متقابلين. تحت رايتين عامتين : «مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى » .. و«مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى » ..
من أعطى نفسه وماله. واتقى غضب اللّه وعذابه. وصدق بهذه العقيدة التي إذا قيل «الحسنى» كانت اسما لها وعلما عليها.
ومن بخل بنفسه وماله. واستغنى عن اللّه وهداه. وكذب بهذه الحسنى ..
هذان هما الصفان اللذان يلتقي فيهما شتات النفوس ، وشتات السعي ، وشتات المناهج ، وشتات الغايات.
ولكل منهما في هذه الحياة طريق .. ولكل منهما في طريقه توفيق! «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى .. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى » ..
والذي يعطي ويتقي ويصدق بالحسنى يكون قد بذل أقصى ما في وسعه ليزكي نفسه ويهديها. عندئذ يستحق عون اللّه وتوفيقه الذي أوجبه - سبحانه - على نفسه بإرادته ومشيئته. والذي بدونه لا يكون شي ء ، ولا يقدر الإنسان على شيء.

ومن يسره اللّه لليسرى فقد وصل .. وصل في يسر وفي رفق وفي هوادة .. وصل وهو بعد في هذه الأرض.
وعاش في يسر. يفيض اليسر من نفسه على كل ما حوله وعلى كل من حوله. اليسر في خطوه. واليسر في طريقه. واليسر في تناوله للأمور كلها. والتوفيق الهادئ المطمئن في كلياتها وجزئياتها. وهي درجة تتضمن كل شيء في طياتها. حيث تسلك صاحبها مع رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - في وعد ربه له : «وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرى
«وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى . وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى .. فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى . وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى.» ..
والذي يبخل بنفسه وماله ، ويستغني عن ربه وهداه ، ويكذب بدعوته ودينه .. يبلغ أقصى ما يبلغه إنسان بنفسه من تعريضها للفساد. ويستحق أن يعسر اللّه عليه كل شي ء ، فييسره للعسرى! ويوفقه إلى كل وعورة! ويحرمه كل تيسير! ويجعل في كل خطوة من خطاه مشقة وحرجا ، ينحرف به عن طريق الرشاد. ويصعد به في طريق الشقاوة. وإن حسب أنه سائر في طريق الفلاح. وإنما هو يعثر فيتقي العثار بعثرة أخرى تبعده عن طريق اللّه ، وتنأى به عن رضاه .. فإذا تردى وسقط في نهاية العثرات والانحرافات لم يغن عنه ماله الذي بخل به ، والذي استغنى به كذلك عن اللّه وهداه .. «وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى» .. والتيسير للشر والمعصية من التيسير للعسرى ، وإن أفلح صاحبها في هذه الأرض ونجا .. وهل أعسر من جهنم؟ وإنها لهي العسرى!.
هكذا ينتهي المقطع الأول في السورة. وقد تبين طريقان ونهجان للجموع البشرية في كل زمان ومكان.
وقد تبين أنهما حزبان ورايتان مهما تنوعت وتعددت الأشكال والألوان. وأن كل إنسان يفعل بنفسه ما يختار لها! فييسر اللّه له طريقه : إما إلى اليسرى وإما إلى العسرى.

فأما المقطع الثاني فيتحدث عن مصير كل فريق. ويكشف عن نهاية المطاف لمن يسره لليسرى ، ومن يسره للعسرى. وقبل كل شيء يقرر أن ما يلاقيه كل فريق من عاقبة ومن جزاء هو عدل وحق ، كما أنه واقع وحتم. فقد بين اللّه للناس الهدى ، وأنذرهم نارا تلظى :
«إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى . فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ، لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى. وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى ، وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ، وَلَسَوْفَ يَرْضى » ..
لقد كتب اللّه على نفسه - فضلا منه بعباده ورحمة - أن يبين الهدى لفطرة الناس ووعيهم. وأن يبينه لهم كذلك بالرسل والرسالات والآيات ، فلا تكون هناك حجة لأحد ، ولا يكون هناك ظلم لأحد : «إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى » ..
واللمسة الثانية هي التقرير الجازم لحقيقة السيطرة التي تحيط بالناس ، فلا يجدون من دونها موئلا : «وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى » .. فأين يذهب من يريد أن يذهب عن اللّه بعيدا؟! وتفريعا على أن اللّه كتب على نفسه بيان الهدى للعباد ، وأن له الآخرة والأولى داري الجزاء والعمل. تفريعا على هذا يذكرهم أنه أنذرهم وحذرهم وبين لهم : «فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى» .. وتتسعر .. هذه النار المتسعرة «لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى» .. أشقى العباد جميعا. وهل بعد الصلي في النار شقوة؟

( يتبع )















 

رد مع اقتباس
قديم 11-03-2021, 09:00 PM   #371


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي




















تابع – سورة الليل

محور مواضيع السورة :

ثم يبين من هو الأشقى.
إنه : «الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى» .. كذب بالدعوة وتولى عنها. تولى عن الهدى وعن دعوة ربه له ليهديه كما وعد كل من يأتي إليه راغبا.
«وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى» .. وهو الأسعد في مقابل الأشقى .. ثم يبين من هو الأتقى : «الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى» ..
الذي ينفق ماله ليتطهر بإنفاقه ، لا ليرائي به ويستعلي. ينفقه تطوعا لا ردا لجميل أحد ، ولا طلبا لشكران أحد ، وإنما ابتغاء وجه ربه خالصا .. ربه الأعلى ..
«وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى . إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى » ..
ثم ماذا؟ ماذا ينتظر هذا الأتقى ، الذي يؤتي ماله تطهرا ، وابتغاء وجه ربه الأعلى؟ إن الجزاء الذي يطالع القرآن به الأرواح المؤمنة هنا عجيب. ومفاجئ. وعلى غير المألوف.
«وَلَسَوْفَ يَرْضى ».
إنه الرضى ينسكب في قلب هذا الأتقى. إنه الرضى يغمر روحه. إنه الرضى يفيض على جوارحه. إنه الرضى يشيع في كيانه. إنه الرضى يندي حياته ..
ويا له من جزاء! ويا لها من نعمة كبرى! «وَلَسَوْفَ يَرْضى » .. يرضى بدينه. ويرضى بربه. ويرضى بقدره. ويرضى بنصيبه. ويرضى بما يجد من سراء وضراء. ومن غنى وفقر. ومن يسر وعسر. ومن رخاء وشدة. يرضى فلا يقلق ولا يضيق ولا يستعجل ولا يستثقل العب ء ، ولا يستبعد الغاية .. إن هذا الرضى جزاء - جزاء أكبر من كل جزاء - جزاء يستحقه من يبذل له نفسه وماله - من يعطي ليتزكى. ومن يبذل ابتغاء وجه ربه الأعلى.



إنه جزاء لا يمنحه إلا اللّه. وهو يسكبه في القلوب التي تخلص له ، فلا ترى سواه أحدا.
«وَلَسَوْفَ يَرْضى » ..
يرضى وقد بذل الثمن. وقد أعطى ما أعطى ..
إنها مفاجأة في موضعها هذا. ولكنها المفاجأة المرتقبة لمن يبلغ ما بلغه الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى ، وما لأحد عنده من نعمة تجزى ، إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ..
«وَلَسَوْفَ يَرْضى » ...

قال محمد الغزالي:
{والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى} ظلام الليل يغطى العالم وضوء النهار يكشفه. ومع اختلاف الليل والنهار يقضى الناس آجالهم ويصنعون مستقبلهم، فإما إلى جنة وإما إلى نار. السعى الصالح يرشح صاحبه لمستقبل نضير، والعمل الرديء يمهد لصاحبه النهاية المزرية {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى}. ولقد ظهرت أجيال في الأمة الإسلامية جحدت طاقاتها، ولاذت بالقعود والكسل، ففقدت حاضرها ومستقبلها جميعا، لأنها استحمقت في فهم القضاء والقدر، واعتنقت خرافة الجبر، واعتمدت على الثرثرة في تسويغ فشلها وعجزها. ومع ضرورة العطاء والصدق والتقوى، لابد من ابتغاء وجه الله وتجريد النية من كل شائبة! وهذا مطلب عسير. فأغلب الناس يعبد المال والجاه، ويدور حول شخصه وأمجاده ومآربه! ويخيل إلى أحيانا أن الرياء محور النشاط البشرى، وأن الإخلاص أندر من الكبريت الأحمر كما يقولون! {الذي يؤتي ماله يتزكى وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى}. ولو خلص العمل من حب الدنيا، وقارنه طلب الآخرة لنجت الدنيا من فتن رهيبة، وانطفأت حروب مدمرة واجتمعت أحزاب متفرقة، وانتظمت صفوف مختلة. نسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى ما يرضى..!


الأحاديث الواردة في السورة الكريمة:
قال الزيلعي:
سورة وَاللَّيْل فِيهَا حديثان:
الحَدِيث الأول:
قَالَ صلى الله عليه وسلم: «كل ميسر لما خلق لَهُ».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ فِي آخر صَحِيحه فِي بَاب قوله تعالى: {وَلَقَد يسرنَا القرآن للذّكر} وَمُسلم فِي كتاب الْقدر من حَدِيث مطرف عَن عمرَان بن حُصَيْن قال: «قيل يَا رَسُول الله اعْلَم أهل الْجنَّة منأهل النَّار فَقَالَ نعم قَالَ فَفِيمَ يعْمل الْعَامِلُونَ قَالَ كل ميسر لما خلق لَهُ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا من حَدِيث على بن أبي طَالب قال: «كُنَّا جُلُوسًا مَعَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عود ينكت بِهِ الأَرْض فَقَالَ مَا مِنْكُم من أحد إِلَّا وَقد كتب مَقْعَده من النَّار أَو من الْجنَّة فَقَالَ رجل من الْقَوْم الا نَتَّكِل يَا رَسُول الله قَالَ لَا اعْمَلُوا فَكل ميسر لما خلق لَهُ ثمَّ قرأ {فَأَما من أعْطى واتقى وَصدق بالحسنى} الْآيَة» انْتَهَى أخرجه أَيْضا فِي كتاب الْقدر عَن أبي عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ عن علي.
الحَدِيث. الثاني:
عَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلمَ: «انه قَالَ من قرأ سُورَة وَاللَّيْل أعطَاهُ الله تعالى حَتَّى يرضى وَعَافَاهُ من الْعسر وَيسر لَهُ الْيُسْر».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ من حَدِيث سَلام بن سليم ثَنَا هَارُون بن كثير عَن زيد بن اسْلَمْ عَن أَبِيه عَن أبي أمامة عَن أبي بن كَعْب مَرْفُوعا... فَذكره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه فِي آل عمرَان.
وَبِسَنَد الثَّعْلَبِيّ رَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط.

فضل السّورة:
في حديث أُبي: «من قرأها أَعطاه الله الحُسْنى، ويرضى عنه، وعافاه من العسر، ويَسّر له اليسر»، وحديث علي: «يا علي من قرأها أَعطاه الله ثواب القائمين، وله بكلّ آية قرأها حاجة يقضيها».

( يتبع – سورة الضحى )
















 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف , الصور , النزول , القرآن , الكريم , بصور , ومحاور , وأسباب , ومقاصد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلومات قرآنية البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 29-11-2020 01:14 PM
ختم القرآن من الأعمال الجليلة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 06-07-2020 06:12 PM
معجزة الإسلام الخالدة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 18 05-03-2020 09:14 PM
تعرف على القرآن الكريم 2 تيماء (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 24 29-12-2018 10:05 PM
أسرار التكرار في القرآن الكريم ميارا (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 11 13-02-2013 11:33 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010