ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-2021, 07:41 PM   #78


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















سورة الزخرف

التعريف بالسورة
مكية . ماعدا الآية 54 فمدنية .
من المثاني .
آياتها 89 .
ترتيبها الثالثة و الأربعون .
نزلت بعد فصلت .
بدأت السورة بحروف مقطعة والسورة من الحواميم اي بدأت " حم "
أقسم الله بالقرآن الكريم في الآية الثانية من السورة .

سبب التسمية

سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الزخرف ‏‏" ‏لما ‏فيها ‏من ‏التمثيل ‏الرائع ‏لمتاع ‏الدنيا ‏الزائل ‏وبريقها ‏الخادع ‏بالزخرف ‏اللامع ‏الذي ‏ينخدع ‏به ‏الكثيرون ‏مع ‏أنها ‏لا ‏تساوى ‏عند ‏الله ‏جناح ‏بعوضة ‏‏، ‏ولهذا ‏يعطيها ‏الله ‏لأبرار ‏والفجار ‏‏، ‏وينالها ‏الأخيار ‏والأشرار ‏‏، ‏أما ‏الآخرة ‏فلا ‏يمنحها ‏الله ‏إلا ‏لعباده ‏المتقين ‏فالدنيا ‏دار ‏الفناء ‏والآخرة ‏دار ‏البقاء ‏‏.

سبب نزول السورة

1) ابن عباس أن النبي قال لقريش : يا معشر قريش لا خير في أحد يعبد من دون الله ، قالوا : أليس تزعم أن عيسى كان عبدا نبيا وعبدا صالحا ؟ فإن كان كما تزعم فهو كآلهتهم ؛فأنزل الله تعالى (وَلَمَّا ضُرِبَ ابنُ مَريم مَثلاً ) الآية وذكرنا هذه القصة ومناظرة ابن الزبعري مع رسول الله في آخر سورة الانبياء عند قوله تعالى (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ).

2) عن مقاتل قال :مَكَرَ المشركون بالنبي في دار الندوة وتآمروا على قتله حين استقر أمرهم على ما أشار به أبو جهل عليهم وهو أن يبرز من كل قبيلة رجل ليشتركوا في قتله وتضعف المطالبة بدمه فنزلت الآية .

3) عن محمد بن كعب القرظي قال: بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي فقال واحد منهم : ترون الله يسمع كلامنا فقال واحد إذا جهرتم سمع وإذا أسرتم لم يسمع فنزلت الآية .


محاور مواضيع السورة :

سورة الزخرف مكية ، وقد تناولت أس العقيدة الإسلامية وأصول الإيمان " الإيمان بالوحدانية ، وبالرسالة ، وبالبعث والجزاء " كشأن سائر السور المكية .
هدف السورة: تحذير من الإنخداع بالمظاهر المادية
سورة الزخرف: هي سورة المتعلقين بالمظاهر المادية. وفيها تحذير من الإنخداع بالمظاهر المادية. لأن الإنخداع بها واعتبارها وسيلة لتقييم الأمور فيه ضياع للأمة كما ضاعت الأمم السابقة (لاحظ تكرار ذكر الذهب والفضة وبريقها في الآيات) لأن الأمم السابقة انخدعت واعتبرت أن متاع الحياة الدنيا وزخرفها هو النعيم الحقيقي وغاب عنهم أن النعيم الحقيقي إنما هو نعيم الآخرة الذي لا ينتهي. (يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) آية 71، فالزخرف الحقيقي ليس زخرف الدنيا الزائل.

وتتحدث السورة عن أن مظاهر التكذيب كانت مظاهر مادية (وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) آية 31 في قصة ابراهيم، و(وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ * أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ * فَلَوْلَا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَاء مَعَهُ الْمَلَائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ) آية 51 إلى 53 في قصة موسى مع فرعون. وآيات السورة تركّز على أن الشرف الحقيقي ليس المال والجاه والمظاهر المادية إنما هو الدين (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ) آية 44، (الذكر هنا بمعنى الشرف) وتحدثت الآيات عن عيسىعليه السلام لأنه رمز الزهد وعدم الإنخداع بالمظاهر المادية (وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) آية 63 جاء بالحكمة بدل المظاهر المادية الزائلة.

السورة كلها تتحدث عن خطورة المظاهر المادية (الْأَخِلَّاء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) آية 67 لأن سر اختيار الصحبة في الدنيا يتوقف على المظاهر المادية لكن التقوى والحكمة هما اللتان تبقيان في الآخرة فعلينا اختيار الصحبة في الدنيا على أسس صحيحة من التقوى والحكمة لا ننخدع بالمظاهر المادية الزائفة التي ليس لها وزن ولا قيمة في الآخرة.

وقد سميّت السورة بهذا الإسم لما فيها من تمثيل رائع لمتاع الدنيا الزائل بريقها الخادع بالزخرف اللامع الذي بنخدع به الكثيرون مع أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة ولهذا فالدنيا يعطيها الله تعالى للأبرار والفجّار وينالها الأخيار والأشرار أما الآخرة فلا يمنحها إلا لعباده المتقين فالدنيا دار الفناء والآخرة دار البقاء.

و تعرض هذه السورة جانبا ممّا كانت الدعوة الإسلامية تلاقيه من مصاعب وعقبات، ومن جدال واعتراضات، وتعرض معها كيف كان القرآن الكريم يعالجها في النفوس، وكيف يقرّر في ثنايا علاجها حقائقه وقيمه في مواجهة الخرافات والوثنيات والقيم الجاهلة الزائفة، التي كانت قائمة في النفوس إذ ذاك، ولا يزال جانب منها قائما في النفوس في كلّ زمان ومكان.
وقال الفيروزآبادي: معظم مقصود سورة «الشورى» هو: «بيان إثبات القرآن في اللوح المحفوظ، وإثبات الحجّة والبرهان على وجود الصانع، والردّ على عبّاد الأصنام الذين قالوا:
الملائكة بنات الله سبحانه، والمنّة على الخليل إبراهيم (ع) بإبقاء كلمة التوحيد في عقبه، وبيان قسمة الأرزاق، والإخبار عن حسرة الكفار وندامتهم يوم القيامة، ومناظرة فرعون وموسى، ومجادلة عبد الله بن الزبعري للمؤمنين بحديث عيسى (ع) ، وادعاؤه أن الملائكة أحق بالعبادة من عيسى، ثم بيان شرف الموحّدين في القيامة، وعجز الكفار في جهنّم، وإثبات ألوهية الحق سبحانه في السماء والأرض، وأمر الرسول (ص) بالإعراض عن مكافأة الكفار» «1»
في قوله تعالى:
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89) .

وإذا تأملنا سورة الزخرف، وجدنا أنّه يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أقسام:

1- شبهات الكافرين
يشمل الفصل الأول الآيات [1- 25] . ويبدأ بالتنويه بشأن القرآن والوحي، وبيان أنّ من سنّة الله، جلّ جلاله، إرسال الرسل لهداية الناس وإرشادهم، ولكنّ البشرية قابلت الرسل بالاستهزاء والسخرية، فأهلك الله المكذّبين.
والعجيب أن كفّار مكة كانوا يعترفون بوجود الله، ثم لا يرتّبون على هذا الاعتراف نتائجه الطبيعية، من توحيد الله وإخلاص التوجّه إليه، فكانوا يجعلون له شركاء يخصّونهم ببعض ما خلق من الأنعام.
وفي هذه السورة تصحيح لهذه الانحرافات الاعتقادية، وردّ النفوس الى الفطرة، وإلى الحقائق الأولى فالأنعام من خلق الله، وهي طرف من آية الحياة، مرتبط بخلق السماوات والأرض جميعا، وقد خلقها الله وسخّرها للبشر ليذكروا نعمة ربهم عليهم ويشكروها، لا ليجعلوا له شركاء، ويشرعوا لأنفسهم في الأنعام ما لم يأمر به الله، بينما هم يعترفون بأن الله، جل جلاله، هو الخالق المبدع، ثم هم ينحرفون عن هذه الحقيقة، ويتّبعون الخرافات والأساطير.

وكانت الوثنية الجاهلية تقول: إنّ الملائكة بنات الله. ومع أنهم يكرهون مولد البنات لأنفسهم، فإنّهم كانوا يختارون لله البنات ويعبدونهنّ من دونه، ويقولون إنّنا نعبدهنّ بمشيئة الله ولو شاء ما عبدناهنّ. وكانت مجرد أسطورة ناشئة عن انحراف في العقيدة.
وفي هذه السورة يناقشهم القرآن بمنطقهم هم، ويحاجّهم كذلك بمنطق الفطرة الواضح حول هذه الأسطورة التي لا تستند الى شيء على الإطلاق:
وَجَعَلُوا لَهُ مِنْ عِبادِهِ جُزْءاً إِنَّ الْإِنْسانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ (15) أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ (16) وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ (17) أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ (18) وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ (19) .
ثم يكشف القرآن الكريم عن سندهم الوحيد في اعتقاد هذه الأسطورة، وهو المحاكاة والتقليد، وهي صورة زريّة، تشبه صورة القطيع يمضي حيث هو، منساقا بدون تفكير.
ثم يبيّن القرآن، أن طبيعة المعرضين عن الهدى واحدة، وحجّتهم مكرورة بدون تدبّر لما يلقى إليهم، ولو كان أهدى وأجدى، ومن ثمّ لا تكون عاقبتهم إلّا التدمير والتنكيل، انتقاما منهم وعقابا لهم:
وَكَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ (23) قالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) .


2- مناقشة ومحاجة
تشتمل الآيات [26- 56] على القسم الثاني من السورة، وهو استمرار لمناقشة قريش في دعاويها. فقد كانت قريش تقول: إنها من ذريّة إبراهيم (ع) - وهذا حق- وإنها على ملّة إبراهيم (ع) - وهذا ادّعاء باطل- فقد أعلن إبراهيم (ع) كلمة التوحيد قوية واضحة، لا لبس فيها ولا غموض، ومن أجلها هجر أباه وقومه، بعد أن تعرّض للقتل والتحريق، وعلى التوحيد قامت شريعة إبراهيم (ع) ، ثم أوصى بها ذريّته وعقبه، فلم يكن للشرك فيها أي خيط رفيع.
وفي هذا القسم من السورة يردّهم الى هذه الحقيقة التاريخية، ليعرضوا عليها دعواهم التي يدّعون. ثم يحكي اعتراضهم على رسالة النبي (ص) وقولهم كما ورد في التنزيل لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) ، ويناقش قولتهم هذه، وما تنطوي عليه من خطأ في تقدير القيم الأصلية التي أقام الله عليها الحياة، والقيم الزائفة التي تتراءى لهم، وتصدّهم عن الحقّ والهدى. وعقب تقرير الحقيقة في هذه القضيّة، يطلعهم على عاقبة المعرضين عن ذكر الله، بعد أن يطلعهم على علّة هذا العمى، وهو من وسوسة الشيطان.
ويلتفت السياق في نهاية هذا الدرس الى الرسول (ص) فيذكر تسلية الله تعالى له ومواساته إيّاه عن إعراضهم وعماهم، بأن الرسول (ص) ليس بهادي العمي أو مسمع الصّمّ، وسيلقون جزاءهم، سواء أشهد انتقام الله منهم، أم أخّره الله عنهم، ويوجّهه تعالى الى الاستمساك بما أوحى إليه فإنّه الحق الذي جاء به الرسل أجمعون فكلّهم جاءوا بكلمة التوحيد ثم يعرض، من قصة موسى (ع) ، حلقة تمثّل واقع العرب هذا مع رسولهم، وكأنّما هي نسخة مكررة تحوي الاعتراضات ذاتها التي يبدونها، وتحكي اعتزاز فرعون وملته بالقيم ذاتها، التي يعتز بها المشركون:
المال، الملك، الجاه، السلطان، مظاهر البذخ. وقد بيّن القرآن الكريم، فيما سبق، أنّها لا تزن عند الله جناح بعوضة، ولو شاء الله لأعطى هذه الأموال للكافر في الدنيا لهوانها على الله من جهة، ولأنّ هذا الكافر لا حظّ له في نعيم الآخرة، من جهة أخرى ولكنّ الله سبحانه لم يفعل ذلك خشية أن يفتن الناس، وهو العليم بضعفهم، ولولا خوف الفتنة لجعل للكافر بيوتا سقفها من فضة، وسلالمها من ذهب، بيوتا ذات أبواب كثيرة، وقصورا فيها سرر للاتكاء، وفيها زخرف للزينة ...
رمزا لهوان هذه الفضة والذهب، والزخرف والمتاع، بحيث تبذل هكذا رخيصة لمن يكفر بالرحمن.
وهذا المتاع الزائل لا يتجاوز حدود الدنيا، ولكن الله يدّخر نعيم الآخرة للمتقين.



3- من أساطير المشركين
تشتمل الآيات [57- 89] على الدرس الأخير من سورة الزخرف، وفيها يستطرد السياق الى حكاية أساطير المشركين حول عبادة الملائكة، ويحكي حادثا من حوادث الجدل الذي كانوا يزاولونه، وهم يدافعون عن عقائدهم الواهية، لا بقصد الوصول الى الحق، ولكن مراء ومحالا.

فلما قيل: إنكم وما تعبدون من دون الله حطب جهنم، وكان القصد هو أصنامهم التي جعلوها تماثيل للملائكة، ثم عبدوها بذاتها وقيل لهم إنّ كل عابد وما يعبد من دون الله في النار ... لما قيل لهم هذا، ضرب بعضهم المثل بعيسى بن مريم (ع) ، وقد عبده المنحرفون من قومه، أهو في النار؟ وكان هذا مجرد جدل، ومجرد مراء.

ثم قالوا: إذا كان أهل الكتاب يعبدون عيسى (ع) ، وهو بشر، فنحن أهدى منهم إذ نعبد الملائكة وهم بنات الله، وكان هذا باطلا يقوم على باطل.
وبهذه المناسبة، يذكر السياق طرفا من قصة عيسى بن مريم (ع) ، يكشف حقيقته وحقيقة دعوته، واختلاف قومه من قبله ومن بعده.

ثم يهدّد المنحرفين عن سواء العقيدة جميعا بمجيء الساعة بغتة. وهنا يعرض مشهدا مطوّلا من مشاهد القيامة، يتضمّن صفحة من النعيم للمتّقين، وصفحة من العذاب الأليم للمجرمين، ثم يبيّن إحاطة الله سبحانه بجميع ما يصدر عنهم، وتسجيل ذلك عليهم.

أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ (80) .
ثم تلطّف القرآن الكريم في تنزيه الله تعالى عمّا يصفون، فأمر النبي (ص) أن يذكر لهم أنّه لو كان للرحمن ولد، لكان النبي (ص) أوّل العابدين له، ولكن الله جلّ جلاله منزّه عن اتّخاذ الولد، فهو سبحانه له الملكية المطلقة، للسماء والأرض، والدنيا والآخرة.

ثم يواجههم القرآن الكريم بمنطق فطرتهم، فهم يؤمنون بالله، فكيف يصرفون عن الحق الذي تشهد به فطرتهم، ويحيدون عن مقتضاه:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) .

وفي ختام السورة يتبدّى اتجاه الرسول (ص) لربّه، يشكو إليه كفرهم، وعدم إيمانهم:

وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ (88) .
ويجيب عليه سبحانه في رعاية، فيدعوه الى الصفح والإعراض، فسيلقون جزاءهم المحتوم:
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (89) .

( يتبع - سورة الدخان )







.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 07:45 PM   #79


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي














سورة الدخان

التعريف بالسورة
مكية .
من المثاني .
آياتها 59 .
ترتيبها الرابعة والأربعون .
نزلت بعد الزخرف .
بدأت بحروف مقطعة ، الحروف
من الحواميم
الدخان أحد علامات يوم القيامة
أقسم الله بالقرآن الكريم في الآية الثانية .

سبب التسمية

سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الدخان ‏‏" ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏جعله ‏آية ‏لتخويف ‏الكفار ‏‏، ‏حيث ‏أصيبوا ‏بالقحط ‏والمجاعة ‏بسبب ‏تكذيبهم ‏لرسول ‏ ‏ ‏ ‏‏، ‏وبعث ‏الله ‏عليهم ‏الدخان ‏حتى ‏كادوا ‏يهلكون ‏‏، ‏ثم ‏نجاهم ‏بعد ‏ذلك ‏بركة ‏دعاء ‏النبي ‏ ‏‏.

سبب نزول السورة


1) عن ابن مسعود قال : إن قريشا لما استعصيت على النبي دعا عليهم بسنين كسني يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما بينه وبينها كهيئة الدخان من الجهد فأنزل الله " فارتقب يوم تاتي السماء بدخان مبين " فأتى رسول الله فقيل : يا رسول الله استسق لمضر فإنها قد هلكت ؛ فاستسقى فسقوا فنزلت " إنَّا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون " فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم فأنزل الله : " يوم نبطش البطشة الكبرى إنَّا منتقمون " .

2) عن عكرمة قال : لقي النبي أبا جهل فقال أبو جهل : لقد علمت أ ني أمنع أهل البطحاء وأنا العزيز الكريم ،قال : فقتله الله يوم بدر وأذله وغيره بكلمته ونزل فيه ( ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ ) .




محور مواضيع السورة :

سورة الدخان مكية ، وهي تتناول أهداف السور المكية : التوحيد ، الرسالة ، البعث ، لترسيخ العقيدة وتثبيت دعائم الإيمان .

هدف السورة: تحذير من الإنخداع بالسلطة والتمكين
سورة الدخان: هذه السورة تركّز على مظهر آخر من المظاهر المادية ألا وهو مظهر التمكين والسلطة (وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ) آية 27


وعرضت السورة قصة فرعون وقومه وما حلّ بهم من العذاب بسبب الطغيان والإجرام وكيف تركوا كل آثارهم وقصورهم وحدائقهم بسبب ما حلّ بهم من ضياع وتشرد بسبب طغيانهم في الأرض وعصيانهم لأوامر الله بعد أن مكّنهم الله في الأرض فلم يحافظوا على الأمانة واستكبروا بما أعطاهم الله تعالى فكان عاقبتهم الهلاك والضياع.

وسورة «الدخان» نزلت في الفترة الأخيرة من حياة المسلمين في مكة، بعد الإسراء، وقبيل الهجرة، وآياتها 59 آية، نزلت بعد سورة «الزخرف» . وقد سميت سورة «الدخان» لقوله تعالى فيها:
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (10) .

قال الفيروزآبادي: معظم ما ترمي إليه سورة الدخان هو:
نزول القرآن في ليلة القدر، وآيات التوحيد، والشكاية من الكفار، وحديث موسى (ع) وبني إسرائيل وفرعون، والرد على منكري البعث، وذلّ الكفار في العقوبة، وعز المؤمنين في الجنة، والمنّة على الرسول (ص) بتيسير القرآن على لسانه، في قوله تعالى:
فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) .

وسورة الدخان سريعة الإيقاع، قصيرة الفواصل، لها سمات السور المكية، إذ تشتمل على صور عنيفة متقاربة، ونذر متكررة، تشبه المطارق التي تقع على أوتار القلب البشري. «ويكاد سياق السورة أن يكون كله وحدة متماسكة، ذات محور واحد، تشد إليه خيوطها جميعا، سواء في ذلك القصة، ومشهد القيامة، ومصارع الغابرين، والمشهد الكوني، والحديث المباشر عن قضية التوحيد والبعث والرسالة، فكلها وسائل ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري، واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة، كما يبثها هذا القرآن في القلوب» .


تبدأ السورة بهذه الآيات القصيرة المتلاحقة، المتعلقة بالكتاب والإنذار والرسالة والهداية:
حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْراً مِنْ عِنْدِنا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ (5) .
ثم تعريف للناس بربهم: رب السماوات والأرض وما بينهما، وإثبات الوحدانية لله المحيي المميت، ربّ الأولين والآخرين.
ثم أعرض السياق عن هذا الحديث ليتناول شأن القوم:
بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ (9) .

ويعاجلهم بالتهديد المرعب جزاء الشك واللعب:
فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ (11) .

ثم ذكر ما يكون من دعائهم لله أن يكشف عنهم العذاب، وإعلانهم الاستعداد للإيمان في وقت لا يقبل منهم فيه إيمان.

وتذكيرهم بأن هذا العذاب لم يأت بعد، وهو الآن عنهم مكشوف فلينتهزوا الفرصة، قبل أن يعودوا الى ربهم، فيكون ذلك العذاب المخيف.
يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ (16) .
ومن هذا الإيقاع العنيف بمشهد العذاب، ومشهد البطشة الكبرى والانتقام، ينتقل بهم السياق الى مصرع فرعون وملّته، يوم جاءهم رسول كريم، يدعوهم الى الإيمان بالله تعالى، فأبوا أن يستجيبوا لدعوته، وهمّوا بالانتقام من موسى (ع) فأغرقهم سبحانه، وتركوا وراءهم الجنات والزروع، والفاكهة والمقام الكريم، يستمتع بها سواهم، ويذوقون هم عذاب السعير.
وفي غمرة هذا المشهد الموحي يعود السياق الى الحديث عن تكذيبهم بالآخرة، وإنكارهم للبعث وقولهم، كما ورد في التنزيل:
إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ (35) فَأْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (36) .
ليذكّرهم، بأنهم ليسوا أقوى من قوم تبّع الذين هلكوا لإجرامهم. ويربط السّياق بين البعث، وحكمة الله، جلّ وعلا، في خلق السماوات والأرض، فلم يخلقهما عبثا، وإنما لحكمة سامية، هي أن تكون الدنيا للعمل والابتلاء، والآخرة للبعث والجزاء.


ثم يحدثهم عن يوم الفصل الذي هو مِيقاتُهُمْ أَجْمَعِينَ. وهنا يعرض السياق مشهدا عنيفا لعذاب المكذّبين:
إنهم يأكلون من شجرة مؤلمة طعامها مثل درديّ

الزيت المغلي- وهو المهل- يغلي في البطون كغلي الجحيم، ويشدّ المجرم شدّا في جفوة وإهانة، ويصبّ فوق رأسه من الحميم الذي يكوي ويشوي.

ومع الشدّ والجذب، والدفع والعتل والكيّ، التأنيب والإهانة، جزاء الشكّ والتكذيب بالبعث والجزاء:
ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (49) .
وفي الجانب الآخر من ساحة القيامة، نجد المتّقين في مقام أمين، يلبسون الحرير الرقيق وهو السندس، والحرير السميك وهو الإستبرق، ويجلسون متقابلين يسمرون ويتمتعون بالحور العين، وبالخلود في دار النعيم.
فَضْلًا مِنْ رَبِّكَ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (57) .
ثم يأتي الختام يذكّرهم بنعمة الله سبحانه في تيسير هذا القرآن على لسان الرسول العربي، الذي يفهمون كلامه ويدركون معانيه، ويخوّفهم العاقبة والمصير، في تعبير ملفوف، ولكنه مخيف.
فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59) .
و الغرض من هذه السورة، بيان أن ما أنذر به المشركون، في آخر السورة السابقة، قد صار قريبا، وأصبح وقوعه مرتقبا، وأوشك دخانه أن يملأ آفاق السماء ولهذا جاءت هذه السورة بعد سورة الزخرف، لما بينهما من هذه المناسبة الظاهرة.

إنزال يوم العذاب الآيات [1- 59]
قال الله تعالى: حم (1) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فذكر سبحانه أنه أنزل يوم عذابهم إلى سماء الدنيا، في الليلة التي اختارها من السنة لتقدير الحوادث فيها، وإعلان ملائكته بها لتنفيذها. ثم انتقل السياق من هذا الى أمر النبي (ص) بارتقاب يوم تأتي السماء بدخانه. وهذا كناية عن ظهور شرّه، لأن الإنسان إذا اشتد خوفه أظلمت عيناه، فيرى الدنيا كأنها مملوءة من الدخان. ثم ذكر السياق ما يكون من دعائهم له، سبحانه، أن يكشفه عنهم وإعلان استعدادهم للإيمان، وما يكون من استبعاده إيمانهم إذا كشفه عنهم، وقد جاءهم رسول مبين فأعرضوا عنه وقالوا: معلّم مجنون. ثم ذكر السياق أيضا أنه، سبحانه، يكشفه قليلا، ليظهر كذبهم في دعوى استعدادهم للإيمان، إذا كشفه عنهم، وأنه، جلّت قدرته، يبطش بهم بعد هذا بطشته الكبرى، وينتقم منهم. ثم أتبع ذلك بذكر ما حصل لفرعون وقومه لبيان قدرة الله تعالى على إهلاكهم، وأن تلك سنته فيمن يكذّب رسله ولا يؤمن به. ثم عاد السياق إليهم فذكر أنهم ينكرون ذلك ويزعمون أنهم لا يبعثون ويطلبون، ممن يعتقد ذلك، أن يبعث لهم آباءهم إن كان صادقا في دعواه.
وأورد السياق ردّه سبحانه عليهم بأنهم ليسوا أقوى من قوم تبّع الذين أهلكهم لإجرامهم، وبأنه، جلّ وعلا، لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما عبثا، وإنما خلق ذلك لحكمة لا تظهر إلّا بأن يكون هناك بعث بعد الموت، لأنه لا بدّ من يوم يفصل فيه بينهم أجمعين، فلا يغني فيه مولى عن مولى شيئا، وتكون شجرة الزّقّوم طعام الأثيم، ويكون المتّقون في مقام أمين.
ثم ختمت السورة بمثل ما بدأت به، فقال تعالى: فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُرْتَقِبُونَ (59) .

فضل السورة

سورة الدخان سورة يكثر المسلمون قراءتها، خصوصا ليلة النصف من شعبان، وليلة القدر في رمضان، وليلة الجمعة. وهي تبدأ ببيان أن القرآن أنزل من السماء في ليلة مباركة، يحمل الرحمة والهدى من رب العالمين ثم تنذر المشركين بالعذاب، وتذكر طرفا من قصة موسى (ع) مع فرعون، يعقبه شاهد القيامة، وفيها نعيم المتقين، وعقاب المشركين.

ومن السنّة قراءة سورة الدخان ليلة الجمعة لتثبيت الإيمان وتقوية اليقين بقدرة الله رب العالمين. قال رسول الله (ص) : «من قرأ حم التي يذكر فيها الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له»

1) عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : " من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك " .

2) عن أبي إمامة قال : قال رسول الله : من قرأ " حم " الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بيتا في الجنة "

3) عن ابن مسعود إن رسول الله قرأ في المغرب " حم " التي يذكر فيها الدخان


( يتبع – سورة الجاثية )








.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 07:50 PM   #80


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















سورة الجاثية

التعريف بالسورة

مكية . ماعدا الآية 14 فمدنية.
من المثاني .
آياتها 37 .
ترتيبها الخامسة والأربعون .
نزلت بعد الدخان .
بدأت بحروف مقطعة
السورة من الحواميم
الجاثية أحد أسماء يوم القيامة .

سبب التسمية

سُميت ‏‏"سورة ‏الجاثية ‏‏" ‏لأهوال ‏التي ‏يلقاها ‏الناس ‏يوم ‏الحساب ‏‏، ‏حيث ‏تجثوا ‏الخلائق ‏من ‏الفزع ‏على ‏الركب ‏في ‏انتظار ‏الحساب ‏‏، ‏ويغشى ‏الناس ‏من ‏الأهوال ‏ما ‏لا ‏يخطر ‏على ‏البال ‏‏( ‏وَتَرَى ‏كُلَّ ‏أُمَّةٍ ‏جَاثِيَةٍ ‏كُلُّ ‏أُمَّةٍ ‏تُدْعَى ‏إِلىَ ‏كِتَابِهَا ‏اليَوْمَ ‏تُجْزَوْنَ ‏مَا ‏كُنْتُمْ ‏تَعْمَلُونَ ‏‏) ‏وحقا ‏إنه ‏ليوم ‏رهيب ‏يشيب ‏له ‏الولدان ‏‏.

سبب نزول السورة

1) قال ابن عباس في رواية عطاء :يريد عمر بن الخطاب خاصة وأراد بالذين لا يرجون أيام الله عبد الله بن أُبيّ وذلك أنَّهم نزلوا في غزوة بني المصطلق على بئر يقال لها المريسيع فأرسل عبد الله غلامه ليستقي الماء فأبطأ عليه فلما أتاه قال : ما حبسك ؟ قال : غلام عمر قعد على قف البئر فما ترك أحدا يستقي حتى ملأ قِرَبَ النبي وَقِرَبَ أبي بكر وَملأ لمولاه ، فقال عبد الله : ما مثلنا و مثل هؤلاء إلا كما قيل سَمِّنْ كلبك يأكلك ؛ فبلغ قوله عمر فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية .

2) روى أن أبا جهل طاف بالبيت ذات ليلة ومعه الوليد بن المغيرة فتحدثا في شأن النبي عليه فقال أبو جهل: والله إني لأعلم إنه لصادق ، فقال له :مه وما دلك على ذلك ؟ ،فقال : يا أبا عبد شمس كنا نسميه في صباه الصادق الامين فلما تم عقله وكمل رشده نسميه الكذاب الخائن والله إني لأعلم إنه لصادق ، قال: فما يمنعك أن تصدقه وتؤمن به ؟ قال: لا أحب أن تقول عني بنات قريش إنّي اتَّبَعْتُ يتيم أبي طالب من أجل كسرة ، واللات والعزى لا أتبعه أبدًا ؛ فنزلت " أَفَرَأَيْتَ مَن اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ " .


محور مواضيع السورة

سورة الجاثية مكية ، وقد تناولت العقيدة الإسلامية في إطارها الواسع " الإيمان بالله تعالى وحدانيته ، والإيمان بالقرآن ونبوة محمد والإيمان بالآخرة والبعث والجزاء " ويكاد يكون المحور الذي تدور حوله السورة الكريمة هو إقامة الأدلة والبراهين على وحدانية رب العالمين .

لقد لاحظنا أن سورة الدخان تتميز بقصر الآيات، وعنف الإيقاع فيها كأنه مطارق تقرع القلوب. وسورة الجاثية بجوارها تسير في يسر وهوادة وإيضاح هادئ وبيان دقيق عميق.
والله سبحانه خالق القلوب، ومنزل هذا القرآن، يأخذ القلوب تارة بالقرع والطرق، وتارة باللمس الناعم الرفيق، وتارة بالبيان الهادئ الرقيق، حسب تنوّعها هي وأخلافها. فمن الناس من ينفع معه الزجر والوعيد، ومنهم من يأسره التوجيه الهادي الرشيد، والقلب الواحد يتقلّب على حالات متعدّدة، والله يختار له ما يناسب، وهو سبحانه اللطيف الخبير، السميع البصير. وقد كان من دعاء النبي (ص) : «اللهم يا مقلّب القلوب والأبصار، ثبّت قلبي على دينك» ، فقالت عائشة: يا رسول الله أراك تكثر من هذا الدعاء ... فقال النبي: يا عائشة، إن قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء.

وتصوّر سورة الجاثية جانبا من استقبال المشركين للدعوة الإسلامية، وطريقتهم في مواجهة حججها وآياتها، وتعنّتهم في مواجهة حقائقها وقضاياها، واتّباعهم للهوى اتّباعا كاملا، في غير ما تحرّج من حقّ واضح، أو برهان ظاهر. كذلك تصوّر كيف كان القرآن يعالج قلوبهم الجامحة، الشاردة مع الهوى، المغلقة دون الهدى. وهو يواجهها بآيات الله القاطعة، العميقة التأثير والدلالة، ويذكّرهم بعذابه، ويصوّر لهم ثوابه، ويقرّر لهم سننه، ويعرّفهم بنواميسه الماضية في هذا الوجود.



سورة الجاثية وحدة في علاج موضوعها، وهذه الوحدة تشتمل على درسين:
الدرس الأول: يتناول أدلّة الشرك بالتفنيد، وأدلة الإيمان بالتوضيح والتأييد.
والدرس الثاني: يعرض عناد الكافرين في الدنيا، ثم يذكر أحوالهم في مشاهد القيامة.

شبهات الكفر وأدلة الإيمان
تبدأ سورة الجاثية بهذين الحرفين حم. والملاحظ أن هذه الأحرف التي تفتتح بها السور يتبعها عادة الحديث عن القرآن، مما يشير إلى أنها نزلت للتنويه به، وتلفت الأنظار إلى خصائصه المتميّزة، وتبرهن بذلك على أنه ليس من صنع البشر، وإنّما هو من عند الله:
تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) .
وتعرض أدلة الإيمان والتوحيد، وتلفت الأنظار إلى جلال الله سبحانه، ودلائل قدرته جلّ وعلا في السماء والأرض، والخلق والدوابّ، والليل والنهار، والمطر والزرع والرياح، حتى تأخذ على النفس أقطارها، وتواجهها بالحجج والبراهين ساطعة واضحة فتقول:

إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) وَفِي خَلْقِكُمْ وَما يَبُثُّ مِنْ دابَّةٍ آياتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (4) وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ رِزْقٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ آياتٌ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (5) تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ (6) .

ومن خلال الآيات التالية، نرى فريقا من الناس مصرا على الضلالة مكابرا في الحق، شديد العناد، سيّئ الأدب في حق الله وحق كلامه.

ويل لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ (7) يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (8) .

ونرى جماعة من الناس، ربما كانوا من أهل الكتاب، سيّئي التصوير والتقدير، لا يقيمون وزنا لحقيقة الإيمان الخالصة، ولا يحسّون الفارق الأصيل بينهم وهم يعملون السيئات، وبين المؤمنين الذين يعملون الصالحات والقرآن يشعرهم بأن هناك فارقا أصيلا في ميزان الله بين الفريقين:
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (21) .


ونرى فريقا من الناس لا يعرف حكما يرجع إليه إلّا هواه فهو إلهه الذي يعبده، ويطيع كل ما يراه نرى هذا الفريق مصوّرا تصويرا فذا في هذه الآية التي تبدي العجب من أمره، وتشهّر بغفلته وعماه.

أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) .

أرأيت كيف تناولت هذه السورة الهادئة، أصناف المشركين وفرقهم المناوئة للدعوة؟ وربما كان هؤلاء جميعا فريقا واحدا من الناس يصدر منه هذا وذاك، ويصفه القرآن في السورة هنا وهناك، كما يجوز أن يكونوا فرقا متعددة.
وعلى أي حال فقد واجه القرآن هؤلاء الناس بصفاتهم تلك وتصرفاتهم، وتحدث عنهم في هذه السورة ذلك الحديث، كذلك واجههم الله تعالى بآياته في الآفاق، وفي أنفسهم، وفي البر والبحر يقول سبحانه:
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13) .
ويستغرق الدرس الأول من السورة الآيات [1- 23] .

عناد الكافرين وعقابهم يوم الدين
يشمل الدرس الثاني من السورة الآيات [24- 37] .
ويبدأ بعرض أقوال المشركين عن الآخرة وعن البعث والحساب، ودعواهم أنّ الأيام تمضي، والدهر ينطوي، فإذا هم أموات، والدهر في ظنهم هو الذي ينهي آجالهم، ويلحق بأجسامهم الموت فيموتون وقد فنّد القرآن هذه الدعوى وبيّن أنّها لا تستند إلى حقيقة أو يقين، وإذا قرعتهم الآيات الدالة على ثبوت البعث لم يجدوا لهم حجة إلا أن يقولوا:
ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (25) .

والله سبحانه له حكمة في خلق الناس، فقد خلقهم للاختبار والابتلاء في الدنيا قبل الموعد الذي قدره وفق حكمته العليا.
والله هو الذي يحيي وهو الذي يميت فلا عجب، إذا، في أن يحيي الناس ويجمعهم الى يوم القيامة، وهو سبحانه مالك السماوات والأرض، وهو القادر على الإنشاء والإعادة.


تعرض الآيات الأخيرة من سورة «الجاثية» مشاهد الآخرة ظاهرة ملموسة للعين، ومن خلال الآيات ترى المشركين وقد جثوا على الرّكب متميّزين أمّة أمّة في ارتقاب الحساب المرهوب.
ثم يأخذون كتابهم وقد سجّل كلّ شيء فيه، ونسخت فيه كلّ أعمالهم.

وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (28) هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29) .

ثم تنقسم الحشود الحاشدة والأمم المختلفة على مدى الأجيال إلى فريقين اثنين: الذين آمنوا، وهؤلاء يدخلهم ربهم في رحمته والذين كفروا، وهؤلاء يلقون التشهير والتوبيخ جزاء عنادهم وعندئذ يظهر أمام الذين كفروا سيئات ما عملوا، ويحيق بهم المهانة والعذاب، ويسدل الستار عليهم، وقد أوصدت عليهم أبواب النار:

ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (35) .

وهنا ينطلق صوت التحميد يعلن وحدة الربوبية في هذا الكون سمائه وأرضه، إنسه وجنّه، طيره ووحشة، وسائر ما فيه ومن فيه فكلّهم في رعاية رب واحد، له الكبرياء المطلقة في هذا الوجود، وله العزة القادرة والحكمة المدبرة:

فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37) .

إن الغرض من هذه السورة الدعوة إلى الإيمان بالله تعالى، والرد على الدهرية الذين لا يؤمنون به، وينكرون البعث بعد الموت. وقد دعي فيها إلى هذا تارة بالدليل، وتارة بالترهيب والترغيب، وشأنها في ذلك شأن السورة السابقة، وشأن السّور التي ذكرت قبلها ووافقتها في هذا الغرض، كما وافقتها في الحروف التي ابتدئت بها، ولهذا ذكرت هذه السورة معها.

إثبات وجود الله تعالى الآيات [1- 23]

قال الله تعالى: حم (1) تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (3) فاستدل سبحانه على وجوده بآياته في السماوات والأرض، وفي خلق الإنسان والدوابّ إلى غير هذا مما ذكره من الآيات، ثم أنذر بالهلاك من لا يؤمن بها، ويصرّ على الكفر مستكبرا بعد سماعها، وأخذ السياق في هذا إلى قوله تعالى: هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11) .

ثم عاد السياق إلى الاستدلال على وجوده تعالى بتسخيره لنا البحر تجري الفلك فيه بأمره، ولنبتغي من فضله ونشكره على تسخيره ذلك لنا. وترقى السورة من تسخير ذلك لنا إلى تسخيره، جلّ وعلا، لنا كل ما في السماوات وما في الأرض جميعا، ثم أمر الذين آمنوا بهذا أن يغفروا للذين يكفرون به ولا يرجون أيام الله، فأخذهم في هذا بالترغيب بعد ذلك الترهيب، وهوّن عليهم أمر كفرهم بأنّ من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها، ثم إلى ربهم مرجعهم فيحكم بينهم، وأتبعه ببيان مشابهة طريقتهم في ذلك لطريقة بني إسرائيل قبلهم، ليهوّن عليهم أيضا بذلك أمرهم، فذكر سبحانه أنه آتاهم الكتاب والحكم والنبوة، إلى غير هذا مما أنعم به عليهم، فاختلفوا فيما آتاهم من ذلك بغيا وظلما، ثم ذكر للنبي (ص) أنه آتاه مثلهم شريعة من أمر الدين، وحذّره أن يختلف فيها كما اختلفوا باتّباع أهواء الجاهلين، فلا يغنوا عنه من عذابه شيئا، لأن الظالمين بعضهم أولياء بعض، وهو وليّ المتقين وحدهم، وهذا تبصرة لمن يتبصّر، وهدى ورحمة لقوم يوقنون. ثم عاد السياق إلى تفصيل ما أجمله من الحكم بينهم، فذكر سبحانه أنه لا يسوّي في الحكم بين الذين اجترحوا السيئات والذين آمنوا وعملوا الصالحات، وأنه خلق السماوات والأرض بالحق، ولتجزى كلّ نفس بما كسبت وهم لا يظلمون: أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (23) .

الرد على الدهرية الآيات [24- 37]
ثم قال تعالى: وَقالُوا ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ (24) فذكر أنهم لا يؤمنون إلا بالحياة الدنيا، ويزعمون أن الدهر هو الذي يهلكهم، وينكرون وجود إله يحييهم بعد موتهم يحاسبهم. ورد عليهم بأنهم لا يستندون في ذلك إلى علم ودليل. فإذا قرعتهم الآيات الدالة على ثبوت البعث لم يجدوا لهم حجّة إلا أن يقولوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (25) وقد أمر النبي (ص) أن يجيبهم بأن الله يحييهم ثم يميتهم ثم يجمعهم إلى يوم القيامة الذي لا ريب فيه، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ثم ذكر، سبحانه، أنه يوم تقوم الساعة يخسر المبطلون، وأنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يدخلهم في رحمته، وأنّ الذين كفروا يقال لهم: أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (31) إلى غير هذا ممّا يقال لهم، وحينئذ تبدو لهم سيئات ما عملوا، ويحيق بهم ما كانوا به يستهزئون. ثم ذكر، جلّ جلاله، استحقاقه الحمد على ذلك، وختم السورة به: فَلِلَّهِ الْحَمْدُ رَبِّ السَّماواتِ وَرَبِّ الْأَرْضِ رَبِّ الْعالَمِينَ (36) وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (37) .

( يتبع – سورة الأحقاف )










.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:03 PM   #81


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي


















سورة الأحقاف

التعريف بالسورة


مكية .إلا الآيات 10،15،35 فمدنية.
من المثاني .
آياتها 35 .
ترتيبها السادسة والأربعون .
نزلت بعد الجاثية
بدأت بحروف مقطعة
السورة من الحواميم
الآية الثانية ذكر فيها لفظ الجلالة
انتهت باسم الله العزيز الحكيم .

سبب التسمية

سُميت ‏‏" ‏سورة ‏الأحقاف ‏‏" ‏لأنها ‏مساكن ‏عاد ‏الذين ‏أهلكهم ‏الله ‏بطغيانهم ‏وجبروتهم ‏وكانت ‏مساكنهم ‏بالأحقاف ‏من أرض ‏اليمن ‏‏" ‏واذكر ‏أخا ‏عاد ‏إذ ‏انذر ‏قومه ‏بالأحقاف ‏‏.. ‏‏" ‏الآية ‏‏.

سبب نزول السورة


1) قال الثعلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : لمَّا اشتد البلاء بأصحاب رسول الله رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخل وشجر وماء فَقَصَّها على أصحابه فاستبشروا بذلك ورأوا فيها فرجا مما هم فيه من أذى المشركين ثم أنهم مكثوا برهة لا يرون ذلك فقالوا يا رسول الله : متى نهاجر إلى الأرض التي رأيت فسكت رسول الله فأنزل الله تعالى ( وَمَا أدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولاَ بِكُمْ ) يعني لا أدري أخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أو لا ثم قال : إنَّما هو شئ رأيته في منامي ما أتبع إلا ما يوحى إليَّ .

2) أخرج الترمذي عن عبد الله بن سلام قال :نزلت فيَّ آيات من كتاب الله " وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِن بَني اسْرَائِيل عَلى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُم إنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الظَّالِمِين " وَنَزَلَ فِيَّ " قُلْ كََفى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيني وَبَيْنَكُم وَمَن عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتَابِ " .

3) عن عون بن أبي شداد قال: كانت لعمر بن الخطاب أمة أسلمت قبله يقال لها زنيرة فكان عمر يضربها على إسلامها وكان كفار قريش يقولون : لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة ؛فأنزل الله في شأنها " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَو كَانَ خَيرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيهِ " .

محور مواضيع السورة :

يدور محور السورة حول العقيدة في أصوله الكبرى " الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء " والرسالة والرسول لإثبات صحة رسالة محمد وصدق القرآن .

تحدثت السورة في البدء عن القرآن العظيم المنزل من عند الله بالحق، وأن الله سبحانه لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما من المخلوقات عبثاً وإنما خلقها لتدل على وحدانيته، وكمال قدرته، وإلى زمن معين هو زمن فنائها يوم القيامة، مع إعراض الكفار عما خوَّفَهم الله به من العذاب وهو أهوال الآخرة، وهذا في الآيات من (1-3).

ثم تناولت السورة، الأوثان التي عبدها المشركون وزعموا أنها آلهة مع الله تشفع لهم عنده، فبينت ضلالهم وخطأهم في عبادة ما لا يسمع ولا ينفع، حيث أنكر الله سبحانه عليهم عبادتها من دونه، وقال لهم ما معناه: أخبروني ماذا خلقوا من أجزاء الأرض؟ أو هل لهم مشاركة في خلق السماوات مع الله؟ وهل ذلك موجود في كتاب من الكتب المنزلة من عند الله؟ يأمر بعبادة الأصنام مع الله؟ وهو أمر تعجيز؛ لأنهم ليس لهم كتاب يدل على الإشراك بالله، بل الكتب كلها ناطقة بالتوحيد وإبطال الشرك. أو بقية أمر من علوم الأولين شاهدة بذلك تدل على صدقهم.


ثم أخبر سبحانه أنه لا أحد أضل ممن يعبد أصناماً لا تسمع دعاء الداعين، ولا تعلم حاجات المحتاجين، ولا تستجيب لمن ناداها أبداً؛ لأنها جمادات لا تسمع ولا تعقل، وهم لا يسمعون ولا يفهمون دعاء العابدين، وإذا جمع الله سبحانه الناس للحساب يوم القيامة كانت الأصنام أعداء لعابديها حيث تتبرأ من عابديها، وهذه معاني الآيات من (4-6).

ثم تحدثت السورة عن شبهة المشركين حول القرآن، فردت عليهم بالحجة البالغة، والبرهان الناصع، حيث يقول الكفار عن القرآن الحق الذي جاء من عند الله: هذا سحر ظاهر لا شبهة فيه، وقالوا إن محمداً اختلقه وافتراه من تلقاء نفسه، ورد عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن قال لهم: إن افتريته -على سبيل الفرض- فالله حسبي في ذلك، وهو الذي يعاقبني على الافتراء عليه ولا تقدرون أنتم أن تردوا عني عذاب الله، فكيف أفتريه من أجلكم وأتعرض لعقابه والله -جل وعلا- أعلم بما تخوضون في القرآن وتقدحون به من قولكم إنه شعر أو هو سحر أو هو افتراء، كفى أن يكون الله تعالى شاهداً بيني وبينكم، يشهد لي بالصدق ويشهد عليكم بالجحود والتكذيب.وأمر الله عز وجل رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يقول لهم: إنه ليس أول رسول طرق العالم، ولا جاء بأمر ما جاء به أحد من قبله، وأنه لا يدري بما يقضي الله عليه وعليهم، فإنه قدر مغيب، وأنه لا يتبع إلا ما ينزله الله من الوحي، وما هو إلا رسول منذر لهم من عذاب الله بين الإنذار بالشواهد الظاهرة.

ثم أمره الله أن يسألهم إن كان القرآن من عند الله وقد كذبوا به كيف يكون حالهم وقد شهد رجل من علماء بني إسرائيل على صدق القرآن فآمن به واستكبرتم أنتم عن الإيمان؟ فإن الله لا يوفق للخير والإيمان من كان فاجراً ظالماً.

قال المفسرون: والشاهد من بني إسرائيل هو عبد الله بن سلام، وذلك حين قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- المدينة، جاء إليه ابن سلام ليمتحنه، فلما نظر إلى وجهه علم أنه ليس بوجه كذاب، وتأمله فتحقق أنه هو النبي المنتظر فقال له: إني أسألك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه أو إلى أمه؟.

فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- أخبرني به جبريل آنفاً، قال ابن سلام: ذاك عدو اليهود من الملائكة، قال: أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب، وأما أول طعام يأكله أهل الجنة فزيادة كبد الحوت، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع الولد. قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. قال ابن سلام: يا رسول الله! إن اليهود قوم بُهت، فأسألهم عني قبل أن يعلموا بإسلامي.

فجاءت اليهود، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي رجل عبد الله بن سلام فيكم؟ قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وأفضلنا وابن أفضلنا، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: أرأيتم إن أسلم عبد الله بن سلام؟ قالوا: أعاذه الله من ذلك. فأعاد عليهم فقالوا مثل ذلك. فخرج عليهم عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. فقالوا: شرنا وابن شرنا، وتنقَّصُوه. قال: هذا ما كنت أخاف يا رسول الله. صحيح البخاري، وقيل هذه الآية مدنية.

ثم رد الله تعالى على شبهة أخرى من شبه المشركين حيث قال كفار مكة في حق المؤمنين: لو كان هذا القرآن والدين خيراً ما سبقنا إليه هؤلاء الفقراء الضعفاء. يعنون بلالا وعماراً وصهيباً وخباباً وغيرهم ممن أسلم وآمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم-. والكفار لم يهتدوا بالقرآن مع وضوح إعجازه، ومن قَبْله التوراة كتاب موسى قدوة يؤتم بها في دين الله وشرائعه كما يؤتم بالإمام، ورحمة لمن آمن به، والقرآن عظيم الشأن مصدق للكتب قبله بلسان عربي فصيح، فكيف ينكرونه وهم أفصح بياناً؛ ليخوف كفار مكة من عذاب الجحيم، ويبشر المؤمنين المحسنين بجنات النعيم؟!.

ولما بين الله تعالى أحوال المشركين المكذبين أردفه بذكر أحوال المؤمنين، حيث بيَّن أنَّ مَن جمع بين الإيمان والعمل الصالح والاستقامة على شريعة الله فلا يلحقهم مكروه في الآخرة يخافون منه، ولا هم يحزنون على ما خلفوا في الدنيا وهم أهل الجنة خالدين فيها أبداً، جزاء لهم على أعمالهم الصالحة، وذلك في الآيات (13-14).
ولما كان رضا الله عز وجل في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما حث الله تعالى العباد عليه، وأمر الإنسان أمراً جازماً مؤكداً بالإحسان إلى الوالدين، وأن السبب أن أمه حملته بكُرْه ومشقة ووضعته بكره ومشقة، وأن مدة حمله وفصاله ثلاثون شهراً، أي عامان ونصف، فهي لا تزال تعاني التعب والمشقة طيلة هذه المدة.

والطفل إذا عاش وكبر وبلغ كمال قوته وعقله وبلغ أربعين سنة وهي نهاية اكتمال العقل والرشد، دعا ربه أن يلهمه شكر نعتمه التي أنعم بها الله عليه وعلى والديه، وأن يوفقه ليعمل صالحاً يرضى الله عنه، وأن يصلح ذريته، وأنه تاب إلى الله من جميع الذنوب، وأنه من المتمسكين بالإسلام وأن الموصوفون بذلك هم الذين يتقبل الله سبحانه منهم طاعتهم، ويجازيهم على أعمالهم بأفضلها، ويصفح عن خطيئاتهم وزلاتهم في جملة أصحاب الجنة الذين يكرمهم الله بالعفو والغفران بذلك الوعد الصادق الذي وعدهم الله به على ألسنة رسله.

ولما مثَّل الله تعالى حال الإنسان البار بوالديه وما آل إليه حاله من الخير والسعادة، مثَّل لحال الإنسان العاق لوالديه وما يؤول إليه أمره من الشقاوة والتعاسة، فالولد الفاجر الذي يقول لوالديه إذا دعواه إلى الإيمان: أُفٍّ لَكُمَا! أي قبحاً لكما على هذه الدعوة! وأنكر عليهما أن يعداه بالبعث بعد الموت، ويقول قد مضت قرون من الناس قبلي ماتوا ولم يبعث منهم أحد، وأبواه يسألان الله أن يغيثه ويهديه للإسلام، قائلين له: ويلك! آمِن بالله، وصدِّقْ بالبعث والنشور وإلا هلَكْتَ، فيقول ذلك الشقي: ما هذا إلا أباطيل الأولين، سطروها في الكتب مما لا أصل له، فرد الله عليه وعلى أمثاله بأنه من الذين حق عليهم قول الله بأنهم أهل النار، وأنه في جملة أمم من أصحاب النار من الجن والإنس والكفرة الفجار، لذلك ضاع سعيهم وخسروا دنياهم وآخرتهم.

ثم بيَّن الله سبحانه أن لكل من المؤمنين والكافرين مراتب بحسب أعمالهم، فمراتب المؤمنين في الجنة عالية، ومراتب الكافرين في جهنم سافلة، وأن الله يجزيهم أعمالهم وافية كاملة من غير نقصان في ثواب المؤمنين، ولا زيادة في عقاب الكافرين.

ثم ذكر الله سبحانه حال الأشقياء فقال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ).

ذكر الله عز وجل قصة عاد الذين أهلكهم الله بطغيانهم، مع ما كانوا عليه من الشدة والقوة، تذكيراً لكفار قريش بعاقبة التكذيب والطغيان، في الآيات من (21-26)، وهم أهل الأحقاف الذين سميت بهم السورة كما ذكرنا، وعاد هم قوم هود عليه السلام.

وورد في السورة الكريمة قصة النفر من الجن الذين آمنوا بالقرآن حين سمعوه، ودعَوا قومهم إلى الإيمان به، في الآيات من (29 إلى 33)، وفيها تذكير للمعاندين من الإنس بسبق الجن لهم إلى الإسلام.
ثم ختمت السورة الكريمة بذكر الله تعالى الأدلة على قدرته ووحدانيته، حيث إنه الذي خلق السماوات والأرض من غير مثال ولم يضعف ولم يتعب بخلقهن، وأنه قادر على أن يعيد الموتى بعد الفناء، ويحييهم بعد تمزق الأشلاء.

وأمر الله رسوله أن يذكر المشركين بعرضهم على النار، وسؤالهم عن العذاب الذي يذوقونه، بأنه حق وأن الكفار يعترفون بذلك ويؤكدونه بالقسم طمعاً في الخلاص، ولكن يقال لهم: ذوقوا العذاب الأليم بسبب كفركم فلا خلاص لكم منه.

وفي آخر آية في السورة يأمر الله عز وجل رسوله محمداً -صلى الله عليه وسلم- بالصبر على أذى المشركين كما صبر أولو العزم من الرسل، وهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام، وأن لا يستعجل بالدعاء على كفار قريش بأن ينزل الله العذاب عليهم فإنه نازل بهم لا محالة، وإذا رأوه في الآخرة كأنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة واحدة من النهار لما يشاهدونه من شدة العذاب وطوله، وأن ذلك بلاغ وإنذار، ولا يهلك الله سبحانه إلا الكافرين الخارجين عن طاعته.

وتعرض سورة الأحقاف قضية الإيمان بوحدانية الله، وربوبيته المطلقة لهذا الوجود ومن فيه وما فيه، والإيمان بالوحي والرسالة، والإيمان بالبعث وما وراءه من حساب وجزاء على ما كان في الحياة الدنيا من عمل وكسب، من إحسان وإساءة.
هذه الأسس الأولى التي يقيم عليها الإسلام بناءه كله، ومن ثمّ عالجها القرآن في كل سوره المكية علاجا أساسيّا، وظل يتكئ عليها كذلك في سوره المدنية كلما همّ بتوجيه أو تشريع للحياة بعد قيام الجماعة المسلمة والدولة الإسلامية. ذلك أن طبيعة هذا الدين تجعل قضية الإيمان بوحدانية الله سبحانه، وبعثة محمد (ص) والإيمان بالآخرة وما فيها من جزاء، هي المحور الذي تدور عليه آدابه ونظمه وشرائعه كلها، وترتبط به أوثق ارتباط، فتبقى حية حارّة تبعث تأثّرا دائما بذلك الايمان.
وتسلك السورة بهذه القضية الى القلوب كلّ سبيل، وتوقّع فيها على كلّ وتر، وتعرضها في مجالات شتّى، مصحوبة بمؤثرات كونية ونفسية وتاريخية. كما أنها تجعلها قضية الوجود كله، لا قضية البشر وحدهم، فتذكر طرفا من قصة الجن مع هذا القرآن، كما تذكر موقف بعض بني إسرائيل منه، وتقيم من الفطرة الصادقة شاهدا، كما تقيم من بعض بني إسرائيل شاهدا سواء بسواء.
ثم هي تطوف بتلك القلوب في آفاق السماوات والأرض، وفي مشاهد القيامة في الآخرة، كما تطوف بهم في مصرع قوم «هود» ، وفي مصارع القرى حول مكة، وتجعل من السموات والأرض كتبا تنطق بالحق، كما ينطق هذا القرآن بالحق على السواء.

تشتمل سورة الأحقاف على أربعة عناصر متماسكة، كأنها عنصر واحد ذو أربعة مقاطع:




1- نقاش المشركين
يبدأ المقطع الأول بالحرفين حاء وميم، في قوله تعالى: حم (1) .
وهي بداية تكررت في ست سور سابقة تسمى بالحواميم. وهي: «غافر» ، و «فصّلت» ، و «الشورى» ، و «الزخرف» ، و «الدّخان» ، و «الجاثية» والسورة السابعة هي «الأحقاف» .
ونلحظ أن هذه السور السبع تبدأ بالحرفين حاء وميم، ثم تعقب بذكر الكتاب، مما يؤيد أن هذه الأحرف نزلت على سبيل التحدي لأهل مكة أن يأتوا بمثل هذا القرآن.
وتشير سورة الأحقاف في بدايتها الى القرآن فتقول: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (2) . وعقبها مباشرة الإشارة إلى كتاب الكون وقيامه على الحق وعلى التقدير والتدبير. ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى [الآية 3] فيتوافى كتاب القرآن المتلوّ، وكتاب الكون المنظور على الحق والتقدير.
وبعد هذا الافتتاح القوي الجامع، يأخذ السياق في عرض قضية العقيدة مبتدئا بإنكار ما كان عليه القوم من الشرك الذي لا يا قوم على أساس من واقع الكون، ولا يستند الى حق من القول ولا مأثور من العلم. ويعرض بعد هذا سوء استقبالهم للحق الذي جاءهم به محمد رسول الله (ص) قال تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (7) .
ثم يسوق، عز وجل، إنكارهم للحق وتطاولهم على الوحي، واتهامهم النبي (ص) بالكذب والافتراء. ويرد عليهم سبحانه بأن الأمر أجلّ من مقولاتهم الهازلة، وادّعاءاتهم العابثة.
إذ هو أمر الله العليم الخبير، يشهد ويقضي، وفي شهادته وقضائه الكفاية:
أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئاً هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ كَفى بِهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (8) .
ثم يبيّن أن محمدا (ص) ليس بدعا من الرسل فقد سبقه رسل كثيرون، فهو مبلغ عن الله سبحانه، وملتزم بوحي السماء. ويسوق حجة أخرى على صدق رسالته، تتمثل في موقف بعض من اهتدى للحق من بني إسرائيل، حينما رأى في القرآن مصداق ما يعرف من كتاب موسى (ع) . ويستطرد السياق في عرض تعلّاتهم ومعاذيرهم الواهية على هذا الإصرار، وهم يقولون عن المؤمنين، كما ورد في التنزيل: لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ [الآية 11] .
ويشير إلى كتاب موسى (ع) من قبله، والى تصديق هذا القرآن له، والى وظيفته ومهمته: وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً وَهذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرى لِلْمُحْسِنِينَ (12) .
وفي نهاية المقطع الأول يصوّر لهم جزاء المحسنين، ويفسّر لهم هذه البشرى التي يحملها إليهم القرآن الكريم بشرطها، وهو الاعتراف بربوبيّة الله وحده، والاستقامة على هذا الاعتقاد ومقتضياته: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) ، فقد آمنوا بالله سبحانه، وأعلنوا ذلك، واستقاموا على منهج الايمان، فاستحقوا حياة كريمة في الدنيا ونعيما خالدا في الآخرة.

( يتبع )








.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:06 PM   #82


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي















تابع – سورة الأحقاف
محور مواضيع السورة :

2- الفطرة السليمة والفطرة السقيمة
يحتوي المقطع الثاني على ست آيات هي الآيات [15- 20] ، وفيها حديث عن الفطرة في استقامتها وفي انحرافها، وفيما تنتهي إليه حين تستقيم، وما تنتهي إليه حين تنحرف.
يبدأ بالوصيّة بالوالدين، وكثيرا ما ترد الوصيّة بالوالدين لاحقة للكلام عن العقيدة، لبيان أهمية الأسرة والعمل على ترابطها، وتذكير الإنسان بأصل نعمته ورعايته. وتذكّرنا الآيات بجهود الأم وفضلها في الحمل والولادة والرضاع.
«إنّ البويضة بمجرد تلقيحها بالخلية المنوية، تسعى للالتصاق بجدار الرحم وهي مزوّدة بخاصّية تمزيق جدار الرحم الذي تلتصق به، فيتوارد دم الأم الى موضعها حيث تسبح هذه البويضة دائما في بركة من دم الأم الغني بكل ما في جسمها من خلاصات، وتمتصّه لتحيا به وتنمو وهي دائمة الأكل لجدار الرحم، دائمة الامتصاص لمادة الحياة، والأم المسكينة تأكل وتشرب، وتهضم وتمتص، لتصبّ هذا كلّه دما نقيا غنيا لهذه البويضة الشرهة النهمة الأكول.
وفي فترة تكوين عظام الجنين يشتد امتصاصه للجير من دم الأم فتفتقر الى الجير، ذلك أنها تعطي محلول عظامها في الدم ليقوم به هيكل هذا الصغير، وهذا كله قليل من كثير.
ثم الوضع وهو عملية شاقة، ممزّقة، ولكن آلامها الهائلة كلّها لا تقف في وجه الفطرة، ولا تنسى الأم حلاوة الثمرة، ثمرة تلبية الفطرة، ومنح الحياة نبتة جديدة تفيض وتمتدّ، بينما هي تذوي وتموت.
ثم الرضاع والرعاية، حيث تعطي الأم عصارة لحمها وعظمها في اللبن، وعصارة قلبها وأعصابها في الرعاية، وهي، مع هذا وذلك، فرحة سعيدة، رحيمة ودود. لا تملّ أبدا، ولا تراها كارهة لتعب هذا الوليد، وأكبر ما تتطلع إليه من جزاء: أن تراه يسلم وينمو، فهذا هو جزاؤها الحبيب الوحيد» «1» .
وقد تكررت وصية القرآن للأبناء ببرّ الآباء، لأنّ الوالدين قدّما كل شيء، كالنبتة التي ينمو بها النبات فإذا هي قشّة، وكالبيضة التي ينمو منها الكتكوت فإذا هي قشرة.
ومن الواجب رد الجميل والعرفان بالفضل لأهله، وأن يحسن الإنسان الى أصله وأن يدعو لهما، وهو نوع من تكافل الأجيال. قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (15) .
وهذا النموذج، الذي نشاهده في الآية، نموذج للفطرة المستقيمة التي ترعى أصلها وتتعهد ذريتها، وهذا النموذج يقبل الله عمله ويحشره في أصحاب الجنة.
أما النموذج الثاني، فهو نموذج الانحراف والفسوق والضلال، نموذج ولد عاق يجحد معروف والديه وينكر البعث والجزاء ويقول ما هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (17) .
وهذا النموذج جدير بالخسران: لقد خسر اليقين والإيمان في الدنيا، ثم خسر النّعيم والرّضوان في الآخرة.
وينتهي هذا المقطع من السورة بعرض هذين النموذجين ومصيرهما في النهاية ثم يعرض مشهدا من مشاهد القيامة حيث يعرض المتكبّرون على النار وفي ذلك المشهد نرى الغائب شاهدا ماثلا يستحثّ النّفوس على الهدى، ويستجيش الفطر السليمة القوية لارتياد الطريق الواصل المأمون.


3- قصة عاد
يتناول المقطع الثالث من السورة قصة عاد وهم قوم نبي الله هود (ع) ، ويشمل الآيات [20- 28] .
والقصة هنا تخدم الفكرة وتؤيّدها:
فقد أنكر أهل مكة رسالة النبي محمد (ص) ، وأعرضوا عن دعوته.
فجاء هذا المقطع يذكّرهم بأشباههم، وينذرهم أن يصيبهم ما أصاب السابقين.
وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ [الآية 21] . وأخو عاد هو هود عليه السلام، دعا قومه إلى التوحيد وحذّرهم من عذاب الله.
والأحقاف جمع حقف، وهو الكثيب المرتفع من الرّمال، وقد كانت منازل عاد على المرتفعات المتفرّقة في جنوب الجزيرة، يقال في حضرموت.
وقد أنذر أخو عاد قومه ودعاهم الى عبادة الله وحده، وحذرهم بطشه وانتقامه. ولم تؤمن عاد برسالة هود (ع) ، وقابلت دعوته بسوء الظن وعدم الفهم والتحدي والاستهزاء، واستعجال العذاب الذي ينذرهم به.
فلما رأوا العذاب، في صورة سحابة، ظنّوه مطرا مفيدا لهم: فَلَمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ (25) .
وتقول الروايات إنه أصاب القوم حرّ شديد، واحتبس عنهم المطر، ودخن الجوّ حولهم من الحرّ والجفاف، ثم ساق الله جلّ جلاله إليهم سحابة ففرحوا بها فرحا شديدا وخرجوا يستقبلونها في الأودية وهم يحسبون فيها الماء قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا.
وجاءهم الرد بلسان الواقع بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ (24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها.. وهي الريح الصرصر العاتية التي ذكرت في سورة أخرى كما جاء في صفتها: ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ (42) [الذاريات/ 42] .
لقد اندفعت الريح تحقّق أمر الله، وتدمر كل شيء بأمر الله، فهلك القوم بجميع ما يملكون من أنعام ومتاع وأشياء، وبقيت مساكنهم خالية موحشة لا ديّار فيها ولا نافخ نار.
ويلتفت السياق الى أهل مكة يلمس قلوبهم، ويحرك وجدانهم، ويذكّرهم بأنّ الهالكين كانوا أكثر منهم تمكّنا في الأرض، وأكثر مالا ومتاعا وقوّة وعلما. فلم تغن عنهم قدرتهم ولا قوتهم، ولم يغن عنهم ثراؤهم. ولم ينتفعوا بسمعهم وأبصارهم وأفئدتهم، بل أصمّوا قلوبهم عن سماع الحق، ولم تغن عنهم آلهتهم التي اتّخذوها تقرّبا إلى الله.
وكذلك يقف المشركون في مكة أمام مصارع أسلافهم من أمثالهم، فيقفون أمام مصيرهم هم أنفسهم، ثمّ أمام الخطّ الثّابت المطّرد المتّصل، خط الرسالة القائمة على أصلها الواحد الذي لا يتغيّر، وخط السنّة الإلهيّة التي لا تتحوّل ولا تتبدّل. وتبدو شجرة العقيدة عميقة الجذور، ممتدّة الفروع، ضاربة في أعماق الزمان، سنّة واحدة، على اختلاف القرون واختلاف المكان.
لقد أهلك الله القرى التي كذّبت رسلها في الجزيرة، كعاد بالأحقاف في جنوب الجزيرة، وثمود بالحجر في شمالها، وسبأ وكانوا باليمن، ومدين، وكانت في طريقهم الى الشام، وكذلك قرى قوم لوط وكانوا يمرون بها في رحلة الصيف الى الشمال. وقد نوّع الله جلّ جلاله في آياته، لعلّ المكذّبين يرجعون إلى ربّهم، ويثوبون الى رشدهم.
قال تعالى: وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (27) .


4- إيمان الجن
يتناول المقطع الرابع الحديث عن إيمان الجن ويشمل الآيات الأخيرة من سورة «الأحقاف» .
وقد تحدث القرآن عن الجن فذكر أنّ أصلهم من نار، وأنّ منهم الصالحين ومنهم الظالمين، وأن لهم تجمّعات معيّنة تشبه تجمّعات البشر في قبائل وأجناس، وأن لهم قدرة على الحياة على هذا الكوكب الأرضي، ولهم قدرة على الحياة خارج هذا الكوكب. وللجن قدرة على التأثير في إدراك البشر، والإيعاز بالشّرّ. قال تعالى: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) . ومن خصائص الجنّ أن يروا النّاس ولا يراهم النّاس، لقوله تعالى عن إبليس، وهو من الجن: إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف/ 27] .
وقد تحدّثت الآيات الأخيرة من السورة عن إيمان الجن الذين استمعوا لهذا القرآن، فتنادوا بالإنصات، واطمأنّت قلوبهم إلى الإيمان، وانصرفوا إلى قومهم منذرين يدعونهم الى الله سبحانه، ويبشّرونهم بالغفران والنجاة، ويحذّرونهم الإعراض والضلال.
وهذا الأمر في ظاهره الخبر عن إيمان الجن، ومع ذلك، فهو يصوّر أثر هذا القرآن في القلوب. فعند ما سمع الجن تلاوة القرآن قالوا: أنصتوا.
وعند ما تأثرت قلوبهم، انطلقوا الى قومهم يتحدثون عن القرآن والإيمان، ويعرضون دعوة الإسلام على قومهم.
وبفضل القرآن صاروا دعاة هداة، ملك القرآن عليهم نفوسهم، فانطلقوا يحملون الهداية والرحمة لقومهم، ثم يتحدثون عن الصلة الوثيقة بين القرآن والتوراة، بين محمد وموسى، صلوات الله وسلامه عليهما، وعلى الأنبياء والمرسلين كافّة، فالجميع من عند الله لهداية خلق الله:
قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) .
وهذا القول على لسان الجنّ يفيد ما بين الرسل جميعا من آصرة الأخوّة.
فربهم واحد، ودعوتهم واحدة، وفكرتهم أساسها هداية الناس ومحاربة الرذائل، والتعاون على الخير والمعروف. والعداء بين الأديان إنما جاء من سوء الفهم أو من تحريف الإنسان للوحي.
كذلك وردت على لسان الجن إشارة الى كتاب الكون المفتوح، ودلالته على قدرة الله الظاهرة في خلق السموات والأرض، الشاهدة لقدرته على الإحياء والبعث، وهي القضية التي يجادل فيها البشر، وبها يجحدون.
وبمناسبة البعث، يعرض السياق مشهدا من مشاهد القيامة يبدو فيه الكفار وهم يعترفون بالإيمان، بعد أن كانوا ينكرونه في الدنيا، ثم يقال لهم:
فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (34) .
وفي ختام السورة توجيه للرسول (ص) بالصبر والمصابرة فإنها طريق الرسل، وما ينبغي للدّعاة إلّا الصبر والاحتمال.

مقصود السورة اجمالا
ذكر الفيروزآبادي أن معظم سورة الأحقاف هو:
«إلزام الحجّة على عبادة الأصنام، والإخبار عن تناقض كلام المتكبّرين، وبيان نبوّة سيّد المرسلين محمّد (ص) ، وتأكيد ذلك بحديث موسى (ع) ، والوصيّة بتعظيم الوالدين، وتهديد المتنعّمين والمترفين، والإشادة بإهلاك عاد، والإشارة إلى الدعوة، وإسلام الجن، وإتيان يوم القيامة فجأة» واستقلال لبث اللّابثين في قوله تعالى:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (35) .

فضل السورة :

1) عن ابن مسعود قال : أقرأني رسول الله سورة ال ( حم ) وهى الأحقاف قال :وكانت السورة إذا كانت اكثر من ثلاثين آية سميت ثلاثين .

2) عن ابن مسعود قال :أقرأني رسول الله سورة الأحقاف وأقرأها آخر فخالف قراءته فقلت من أقراكما قال رسول الله فقلت والله لقد اقرأني رسول الله غير ذا فآتينا رسول الله فقلت : يا رسول الله ألم تقرئني كذا وكذا؟ قال :بلى فقال الآخر :ألم تقرئني كذا وكذا ؟قال: بلى فتمعر وجه النبي فقال : ليقر كل واحد منكما ما سمع فإنما هلك من كان قبلكم بالاختلاف .

( يتبع – سورة محمد )







.




 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:11 PM   #83


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



















سورة محمد

التعريف بالسورة


سورة مدنية إلا الآية 13 نزلت في الطريق أثناء الهجرة .
من المثاني .
آياتها 38 .
ترتيبها السابعة والأربعون .
نزلت بعد الحديد .
بدأت السورة باسم موصول ذكر اسم الرسول محمد في الآية الثانية .
الجزء " 26 " الحزب " 51 " الربع " 2،3،4، " .

سبب التسمية


ولها اسمان: سورة «محمد» (ص) ، وسورة «القتال» .
والقتال عنصر بارز في السورة، بل هو موضوعها الرئيس، فقد نزلت بعد غزوة بدر وقبل غزوة الأحزاب، أي في الفترة الأولى من حياة المسلمين بالمدينة، حيث كان المؤمنون يتعرّضون لعنت المشركين، وكيد المنافقين، ودسائس اليهود.

سبب نزول السورة


عن ابن جريج في قوله تعالى " وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أعْمَالَهُم " قَالَ : نَزَلَتْ فِيمَنْ قُتِلَ مِن أصحاب النبي يوم أُحُدْ .


محور مواضيع السورة :

تتناول السورة أحكام القتال والأسرى والغنائم وأحوال المنافقين ولكن المحور الذي تدور عليه السورة هو موضوع " الجهاد في سبيل الله " .

هي سورة مدنية، نزلت بعد سورة «الحديد» ولها اسمان: سورة «محمد» (ص) ، وسورة «القتال» .
والقتال عنصر بارز في السورة، بل هو موضوعها الرئيس، فقد نزلت بعد غزوة بدر وقبل غزوة الأحزاب، أي في الفترة الأولى من حياة المسلمين بالمدينة، حيث كان المؤمنون يتعرّضون لعنت المشركين، وكيد المنافقين، ودسائس اليهود.
يمكن أن نقسم سورة «محمد» (ص) الى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يحرّض على قتال المشركين ويحثّ عليه، ويشمل الآيات [1- 15] .
القسم الثاني: يفضح المنافقين ويكشف نفاقهم، ويشمل الآيات [16- 30] القسم الثالث: يدعو المسلمين الى مواصلة الجهاد بالنفس والمال، ويشمل الآيات [31- 38] .

1- التحريض على قتال المشركين
تبدأ السورة بالهجوم على المشركين، وتبيّن هلاكهم وضياعهم وضلالهم. لقد سلب الله عنهم الهدى والتوفيق، فاتّبعوا الباطل وانحرفوا الى الضلال. أمّا المؤمنون، فقد آمنوا بالله ورسوله، فكفّر الله ذنوبهم ورزقهم صلاح البال وهدوء النفس ونعمة الرّضا واليقين. وشتان ما بين مؤمن راسخ الإيمان، صادق اليقين، معتمد على ربّ كريم حليم وبين كافر ضالّ يبيع الحق، ويشتري الباطل، ويفرّط في الإيمان والهدى، ويتبع الشرك والضلال.
ثم تحثّ السورة المسلمين على قتال المشركين، وقطع شوكتهم وهدم جبروتهم، وإزالة قوّتهم من طريق المسلمين: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ وهذا الضرب بعد عرض الإسلام عليهم وإبائهم له، حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ. والإثخان شدّة التقتيل حتّى تتحطّم قوّة العدوّ وتتهاوى، فلا تعود به قدرة على هجوم أو دفاع وعندئذ يؤسر من استأسر ويشدّ وثاقه، فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً (4) ، أي إمّا أن يطلق سراحهم بعد ذلك بلا مقابل، وإمّا أن يطلق سراحهم مقابل فدية من مال أو عمل، أو في نظير إطلاق سراح المسلمين المأسورين، حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها حتى تنتهي الحرب بين الإسلام وأعدائه المناوئين له.
ولو شاء الله لانتقم من المشركين وأهلكهم كما أهلك من سبقهم بالطوفان والصيحة والريح العقيم، ولكن الله أراد أن يختبر قوة المؤمنين وأن يجعلهم سبيلا لإعزاز الدين وإهلاك الكافرين. والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضيع أعمالهم فهم شهداء، عند الله يتمتّعون بجنات خالدة ونعيم مقيم، وأرواحهم في حواصل طير خضر، تسبح حول الجنة، وتأكل من ثمارها، وتقيم في ألوان النعيم.

وقد وعد الله الشهداء بحسن المثوبة والكرامة والهداية وصلاح البال ودخول الجنة، لأنهم نصروا دين الله فسينصرهم الله ويثبّت أقدامهم، كما توعّد الكافرين بالتعاسة والضلال والهلاك جزاء كفرهم وعنادهم.
وتسوق السورة ألوانا من التهديد للمشركين، فتأمرهم أن يسيروا في الأرض فينظروا ماذا أصاب المكذّبين من الهلاك والدمار. ثم تمضي السورة في ألوان من الحديث حول الكفر والإيمان فتصف المؤمنين بأنهم في ولاية الله ورعايته، والكفّار بأنهم محرومون من هذه الولاية.
وتفرّق السورة بين متاع المؤمنين بالطيبات، وتمتّع الكافرين بلذائذ الأرض، كالحيوانات: إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ (12) .
ان الفارق الرئيس بين الإنسان والحيوان: أن للإنسان إرادة وهدفا، وتصوّرا خاصّا للحياة يا قوم على أصولها الصحيحة المتلقّاة من الله خالق الحياة.
فإذا فقد الإنسان هذا التصوّر، فقد أهم الخصائص المميّزة لجنسه، وأهم المزايا التي من أجلها كرّمه الله جلّ جلاله.
ثم تمضي السورة في سلسلة من الموازنات بين المؤمن المتيقّن، والكافر الذي اتّبع هواه وشيطانه، وزيّن له سوء العمل: أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (14) .
كما تصف الآيات متاع المؤمنين في الجنّة بشتّى الأشربة الشهيّة، من ماء غير آسن، ولبن لم يتغيّر طعمه، وخمر لذة للشّاربين، وعسل مصفّى، في وفر وفيض، في صورة أنهار جارية. ذلك مع شتى الثمرات ومع المغفرة والرّضوان ثم سؤال: هل هؤلاء المتمتعون بالجنة والرّضوان كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ (15) ؟



2- خصال المنافقين
تشمل الآيات [16- 30] المقطع الثاني من هذه السورة، وفيها حديث عن المنافقين وصفاتهم، وحركة النفاق حركة مدنيّة لم يكن لها وجود في مكة نظرا لضعف المسلمين فيها وتفوّق أعدائهم. فلما هاجر المسلمون الى المدينة وبدأ شأن الإسلام في الظهور والاستعلاء، بدأت حركة النفاق في الظهور والنموّ، وساعدها على الظهور وجود اليهود في المدينة، بما لهم من قوّة مادّيّة وفكريّة، وبما يضمرونه للدّين الجديد من كراهية. وسرعان ما اجتمع اليهود مع المنافقين على هدف واحد، ودبّروا أمرهم بليل، فأخذ المنافقون في حبك المؤامرات ودسّ الدسائس في كلّ مناسبة تعرض، فإن كان المسلمون في شدّة ظهروا بعدائهم وجهروا ببغضائهم وإذا كانوا في رخاء ظلّت الدسائس سرّيّة، والمكايد في الظلام وكانوا، الى منتصف العهد المدني، يشكّلون خطرا حقيقيّا على الإسلام والمسلمين. وقد تواتر ذكر المنافقين ووصف دسائسهم، والتنديد بمؤامراتهم وأخلاقهم في السور المدنية كما تكرّر ذكر اتصالهم باليهود، وتلقّيهم عنهم، واشتراكهم معهم في بعض المؤامرات المحبوكة.
والحديث عن المنافقين في سورة «محمد» (ص) يحمل فكرة السورة ويصوّر شدّتها في مواجهة المشركين والمنافقين. بل إن المنافقين هم فرع من الكافرين، أظهروا الملاينة وأبطنوا الكفر والخداع أو هم فرع من اليهود يعمل بأمرهم، وينفّذ كيدهم ومكرهم.
فمن هؤلاء المنافقين من يستمع الى النبي (ص) بأذنه ويغيب عنه بوعيه وقلبه. فإذا خرج من مجلس النبي (ص) تظاهر بالحرص على الدين، فسأل الصحابة عما قاله النبي (ص) سؤال سخرية واستهزاء، أو سؤال تظاهر ورياء.
أولئك المنافقون قد طمس الله سبحانه على أفئدتهم فلا تفقه، وقد اتّبعوا أهواءهم، فقادهم الهوى إلى الهلاك.
أمّا المتقون المهتدون، فيزيدهم الله هدى ويمنحهم التقوى والرشاد، ثم يتهدّد القرآن المنافقين بالساعة، فإذا جاءت، فلا يملكون الهداية ولا تنفعهم الندامة:
فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (18) .
ثم تصوّر الآيات جبن المنافقين وهلعهم وتهافتهم إذا ووجهوا بالقرآن يكلّفهم القتال، فهم يتظاهرون بالإيمان، فإذا أنزلت سورة محكمة لا تشابه فيها، وذكرت الجهاد، رأيت المنافقين ينظرون إليك يا محمد نظرة من هو في النّزع الأخير تشخص أبصارهم لذلك كانوا جديرين بأن يهدّدهم الله جل جلاله بالويل والهلاك.
وتحثهم الآيات على الطاعة والصدق والثبات: فَأَوْلى لَهُمْ (20) طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (21) .
وبذلك يفتح القرآن الباب لمن يريد الطهارة الحسية والنفسية من المنافقين ومن المخاطبين جميعهم ثمّ يحثّهم عزّ وجلّ على تدبّر القرآن وتأمّله، لأن ذلك يحرّك المشاعر، ويستجيش القلوب، ويخلّص الضمير.
وتمضي الآيات في تصوير حال المنافقين، وبيان سبب تولّيهم عن الإيمان بعد أن شارفوه، فتبيّن أنه تآمرهم مع اليهود، ووعدهم لهم بالطاعة فيما يدبّرون.
لقد كره اليهود الإسلام وتألّبوا عليه، فلمّا هاجر النبيّ (ص) الى المدينة شنّوا عليه حرب الدّسّ والمكر والكيد، وانضمّ المنافقون لليهود يقولون لهم سرا، كما ورد في التنزيل: سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ (26) .
ثم يتهدّد القرآن المنافقين، بملائكة العذاب لأنهم تركوا طريق الإسلام، وانضمّوا إلى دسائس الحاقدين عليه.
وفي نهاية المقطع يتهدّدهم جلّ جلاله بكشف أمرهم لرسول الله (ص) وللمسلمين الذين يعيشون بينهم متخفّين قال تعالى: أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (29) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (30) .




3- حديث عن المشركين والمؤمنين
المقطع الأخير من السورة يشمل الآيات [32- 38] ، ويبيّن في بدايته أنّ المشركين منعوا الناس من الإيمان بالله تعالى، وأعلنوا الشقاق والعداوة لرسول الله (ص) ، وهؤلاء لن يضرّوا الله بكفرهم، وسيحبط الله أعمالهم.
وتتجه الآيات الى المؤمنين فتأمرهم بطاعة الله وطاعة الرسول، وتأمرهم بالثبات على الحق حتى يأتي نصر الله.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (33) .
وهذا التوجيه يوحي بأنّه كان في الجماعة المسلمة يومئذ من لا يظهر الطاعة الكاملة، أو من تثقل عليه بعض التكاليف، وتشقّ عليه بعض التضحيات التي يقتضيها جهاد هذه الطوائف القوية المختلفة التي تقف للإسلام، تناوشه من كل جانب، والتي تربطها بالمسلمين مصالح ووشائج قربى، يصعب فصمها والتخلي عنها نهائيّا، كما تقتضي العقيدة ذلك.
ولقد كان وقع هذا التوجيه عنيفا عميقا في نفوس المسلمين الصادقين، فارتعشت له قلوبهم، وخافوا أن يقع منهم ما يبطل أعمالهم ويذهب بحسناتهم.
وتستمر الآيات في خطاب المؤمنين، تدعوهم الى مواصلة الجهاد بالنفس والمال دونما تراخ أو دعوة الى مهادنة الكافر المعتدي الظالم، تحت أيّ مؤثّر من ضعف أو مراعاة قرابة أو رعاية مصلحة، ودونما بخل بالمال الذي لا يكلّفهم الله أن ينفقوا منه إلا في حدود مستطاعة، مراعيا الشّحّ الفطريّ في النفوس. وإذا لم ينهضوا بتكاليف هذه الدعوة، فإنّ الله يحرمهم كرامة حملها والانتداب لها، ويستبدل بهم قوما غيرهم ينهضون بتكاليفها، ويعرفون قدرها، وهو تهديد عنيف مخيف يناسب جوّ السورة، كما يشي بأنه كان علاجا لحالات نفسية قائمة في صفوف المسلمين إذ ذاك، من غير المنافقين وذلك الى جانب حالات التفاني والتجرد والشجاعة والفداء التي اشتهرت بها الروايات، فقد كان في الجماعة المسلمة هؤلاء وهؤلاء. وكان القرآن يعالج ويربّي لينهض بالمتخلفين الى المستوي العالي الكريم.

مقصود السورة اجمالا
قال الفيروزآبادي: معظم مقصود سورة «محمد» (ص) : «الشكاية من الكفّار في إعراضهم عن الحق، وذكر آداب الحرب والأسرى وحكمهم، والأمر بالنصرة والإيمان، وابتلاء الكفّار في العذاب، وذكر أنهار الجنة:
من ماء ولبن وخمر وعسل وذكر طعام الكفار وشرابهم وظهور علامة القيامة والشكاية من المنافقين وتفصيل ذميمات خصالهم وأمر المؤمنين بالطاعة والإحسان وذم البخلاء في الإنفاق وبيان استغناء الحق تعالى وفقر الخلق، في قوله جلّ وعلا وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَراءُ [الآية 38] .

( يتبع – سورة الفتح )










.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:15 PM   #84


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



















سورة الفتح

التعريف بالسورة

سورة مدنية .
من المثاني .
آياتها 29 . .
ترتيبها الثامنة والأربعون .
نزلت في الطريق عند الانصراف من الحديبية ،بعد سورة " الجمعة " .
بدأت السورة باسلوب توكيد " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " .

سبب التسمية

سميت" ‏سورة ‏الفتح "‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏بشّر ‏المؤمنين ‏بالفتح ‏المبين ‏‏" ‏إنا ‏فتحنا ‏لك ‏فتحا ‏مبينا ‏‏..‏‏. ‏‏" ‏الآيات‎ .‎‏

سبب نزول السورة


1) عن أنس قال : لما رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة أنزل الله عز وجل : (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) فقال رسول الله : ( لقد أُنْزِلَتْ عَليَّ آية هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها كلها ) وقال : عطاء عن ابن عباس:أن اليهود شمتوا بالنبي والمسلمين لما نزل قوله ( وَمَا أدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي ولاَ بِكُمْ ) وقالوا : كيف نتبع رجلا لا يدري ما يُفْعَلُ به ؟ ؛ فاشتد ذلك على النبي ؛ فأنزل الله تعالى (إنَّا فَتحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيغفرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبكَ وَمَا تَأخَّرَ ) .

2) عن أنس قال : لما نزلت (إنَّا فَتحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيغفرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبكَ وَمَا تَأخَّرَ ) :هنيئا لك يا رسول الله ما أعطاك الله فما لنا ؟ فأنزل الله تعالى ( لِيُدْخِلَ المُؤْمِنينَ وَالمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ) .

3) عن أنس أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول اللهمن جبل التنعيم متسلحين يريدون غرة النبي وأصحابه فأخذهم اسرى فاستحياهم فانزل الله تعالى ( وَهُوَ الَّذي كَفَّ أيْديهُمْ عَنْكُم وَأَيديكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّة بَعْدَ أن أظْفَرَكُمْ عَلَيهِمْ ) وقال عبد الله بن مغفل الهوني: كنا مع رسول الله بالحديبية في أصل الشجرة التي قال الله في القران فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا عليهم النبي فأخذ الله تعالى بأبصارهم وقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله : هل جئتم في عهد أحد ؟ وهل جعل لكم أحد أمانا ؟ قالوا :اللهم لا ، فَخَلَّى سبيلهم فأنزل الله تعالى وهو الذي كفَّ أيديهم عنكم " الآية " .

محاور مواضيع السورة :

تعني السورة بجانب التشريع شأن سائر السور المدنية التي تعالج الأس التشريعية في المعاملات والعبادات والأخلاق والتوجيه .

معاني كلمة (الفتح)

سورة الفتح سميت بهذا لدلالتها على فتح البلاد والحجج والمعجزات والحقائق، وهذا كله من معاني الفتح، وقد ترتب على كل واحد منها المغفرة، وإتمام النعمة، والهداية، والنصر العزيز، وكل هذه أمور جليلة. وآيها تسع وعشرون آية، وهي سورة مدنية، أي أنها نزلت بعد الهجرة بغض النظر عن المكان الذي نزلت فيه. فهذه السورة مدنية، فإنها نزلت مرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية سنة ست من الهجرة عدة له بالفتح، قال أنس : لما رجعنا من الحديبية، وقد حيل بيننا وبين نسكنا، فنحن بين الحزن والكآبة، نزلت يعني: هذه السورة. واختلف في المكان الذي نزلت فيه، فوقع عند محمد بن سعد أنها نزلت في مكان اسمه ضجنان، وعند الحاكم في الإكليل بكراع الغميم، وعن أبي معشر : أنها نزلت بالجحفة، والأماكن الثلاثة متقاربة. وروى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو في بعض أسفاره لـعمر : (لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، يعني: سورة الفتح)، وهذا الحديث يدل على أن هذه السورة نزلت في الليل. وأخرج البخاري عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: (قرأ النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة سورة الفتح فرجّع فيها). و(الفتح) يأتي بمعنى: أن يفتح المغلق، وهذا مشهور كما قال تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا [الزمر:73]. والفتح يأتي بمعنى: النصر، كما قال تعالى: فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ [النساء:141]، وقال تعالى: فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ [المائدة:52]؛ لأن النصر يفتح الله به أمراً مغلقاً. والفتح يأتي بمعنى: القضاء؛ لأن القضاء فصل للأمور، وفتح لما أشكل منها، كما قال الله سبحانه وتعالى: وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ [السجدة:28-29]، يوم الفتح هو يوم القيامة، يعني: يوم القيامة لا ينفع الذين كفروا إيمانهم، فسمي يوم القيامة بيوم الفتح؛ لأنه يقضى فيه بين العباد، ويفصل فيه بينهم، وبعض المفسرين قالوا: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لا يَنفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ [السجدة:29]، أراد به فتح مكة؛ لأنه يوم لا ينفع الذين كفروا إيمانهم؛ لأنهم في هذه الحالة إذا آمنوا بعدما تغلب المسلمون عليهم سيكون إيمانهم خوفاً من السيف، وليس إيماناً نابعاً من قلوبهم. وقال الله عز وجل: ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ [سبأ:26] يعني: يقضي بيننا بالحق وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ [الأعراف:89] أي: خير القضاة. قال أعرابي لآخر ينازعه: بيني وبينك الفتاح يعني: بيني وبينك الحاكم؛ لأنه يقضي ويفصل في الأمور. وعن ابن عباس رضي الله عنهما في قول الله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1] قال: كنت أقرؤها ولا أدري ما هي حتى تزوجت بنت مشرح فقالت: فتح الله بيني وبينك يعني: حكم الله بيني وبينك.

وقت نزول سورة الفتح

هذه السورة من القرآن الليلي؛ لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا في غاية الدقة في وصف أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامة، وما يتعلق بالوحي بصفة خاصة، فمن أنواع علوم القرآن معرفة القرآن المدني والمكي، ومعرفة القرآن الليلي والنهاري، فهذه السورة من القرآن الليلي. قال القرطبي رحمه الله تعالى: نزلت -أي: سورة الفتح- ليلاً بين مكة والمدينة في شأن الحديبية. وفي الصحيحين عن زيد بن أسلم عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كان يسير في بعض أسفاره وعمر بن الخطاب يسير معه ليلاً فسأله عمر عن شيء فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال عمر بن الخطاب : ثكلت أم عمر نذرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات كل ذلك لم يجبك؟!) (ثكلت أم عمر ) يعني: دعاء بالفقد، فهو يخاطب نفسه ويقول: (نذرت) يعني: ألححت على النبي عليه السلام، وبالغت في السؤال ثلاث مرات كل ذلك لم يجبك؟! قال عمر : فحركت بعيري، ثم تقدمت أمام الناس، وخشيت أن ينزل في قرآن)، خاف أن يكون الرسول قد غضب منه فينزل فيه القرآن يدينه بذلك؛ لأنه لم يعرف لماذا لم يرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: يقول: (فما نشبت أن سمعت صارخاً يصرخ بي، فقلت: لقد خشيت أن يكون نزل في قرآن، فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه، فقال صلى الله عليه وسلم: لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس، ثم قرأ: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1] إلى آخر السورة) وهذا لفظ البخاري ، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح غريب.


مكان نزول سورة الفتح

اختلف في مكان نزول هذه السورة، فبعض العلماء قالوا: بضجنان، وبعضهم قال: بكراع الغميم، وبعضهم قال: بالجحفة، وجمع الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى بين ذلك بقوله: وهذه الأماكن متقاربة، فلذلك عبر بعض الصحابة بمكان والبعض بمكان آخر؛ لأنها في منطقة متقاربة فلا يضر ذلك. قال القرطبي : إن هذه السورة المباركة سورة مدنية بإجماع المفسرين، ومعنى مدنية: أنها نزلت بعد الهجرة، وإن كان نزولها في غير المدينة. إذاً: تقسيم سور القرآن الكريم إلى مكية ومدنية ليس تقسيماً على أساس المكان، بل على أساس زمن النزول، فما نزل قبل الهجرة فهو مكي، وما نزل بعد الهجرة فهو مدني؛ وإن نزل خارج المدينة كهذه السورة الكريمة.


منزلة سورة الفتح في قلوب الصحابة
هذه السورة حافلة بالمواقف الرائعة التي فيها مناقب وفضائل وخصائص للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولصحابته الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين. فهذه السورة لها وضع خاص؛ لأنها من أكثر السور التي وردت فيها آيات تدل على رفعة مقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند ربه عز وجل، وهذا ما فقهه الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فقد روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن -أي: الصحابة- نعد الفتح صلح الحديبية. لأن صلح الحديبية كان من أعظم الفتوح التي جاءت ببركة عظيمة جداً بالنسبة للمسلمين كما سيأتي، وكان خطاً فاصلاً -كما سنبين إن شاء الله تبارك وتعالى- بين ما قبله وما بعده. وقال الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية. وجاء في الحديث الذي ذكرناه آنفاً قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لقد أنزلت علي الليلة سورة لهي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس). وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ [الفتح:2] مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد أنزلت علي آية أحب إلي مما على الأرض، ثم قرأها عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هنيئاً مريئاً يا نبي الله! لقد بين الله عز وجل ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟ فنزلت عليه: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ.. [الفتح:5] حتى بلغ قوله: فَوْزًا عَظِيمًا [الفتح:5]) وهذا الحديث متفق عليه. وقول الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلى الله عليه وسلم: (هنيئاً مريئاً يا نبي الله! لقد بين الله عز وجل ما يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟). يشيرون إلى ما سبق الكلام عليه في سورة الأحقاف في قول الله تبارك وتعالى: قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ [الأحقاف:9]، يعني في الدنيا، أما في الآخرة فقد بين الله سبحانه وتعالى في هذه السورة الكريمة ما يفعل بنبيه صلى الله عليه وسلم وما يفعل بهم، فلما بينت السورة أولاً ما يفعل الله بالنبي عليه السلام قال الصحابة رضي الله تعالى عنهم: (هنيئاً مريئاً يا نبي الله! لقد بين الله عز وجل ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا؟)، فنزلت عليه: لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ.. [الفتح:5]، إلى أن بلغ قوله تعالى: فَوْزًا عَظِيمًا [الفتح:5]. وقال الإمام أحمد : حدثنا وكيع قال: حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة قال: سمعت عبد الله بن مغفل -اسم (مغفل) أو (حمار) هذه أسماء آباء وأجداد المسلمين في الجاهلية، فلا يمكن تغييرها، فلذلك بقيت، أما الصحابي إذا كان له اسم يكرهه النبي عليه الصلاة والسلام فإنه كان يغير الاسم القبيح، وموضوع الأسماء له أهمية كبيرة في الحقيقة؛ فإن الإنسان غالباً يكون له حظ من اسمه، واسمه ينعكس على نفسيته جداً؛ لهذا نتألم جداً حين نجد بعض الناس في الأرياف ضاقت عليهم الدنيا، واختاروا بعض الأسماء العجيبة بسبب بعض العقائد منها: من أجل أن الولد لا يحسد، فيطلقوا أسماء تنفر، فالشخص الذي يسمع الاسم ينقبض فيتلهى وينشغل عن الحسد بهذه الأشياء، وهذا تفسير رديء، فلا بد من التنبه لمثل هذا، وإن كان ليس له علاقة بموضوعنا، فلذلك ينبغي الالتزام بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في اختيار الأسماء الحسنة، ومن حقوق الطفل على أبيه أن يسميه بأسماء حسنة ليست غريبة -رضي الله تعالى عنه يقول: (قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجّع فيها) قيل: إن هذا الترجيع هو للتنبيه وهو في المدود بالذات، وقيل: إن هذا لأنه كان راكباً على الناقة، فالإنسان عندما يقرأ المد وهو راكب على شيء يهتز ويتحرك؛ يحصل منه هذا الترجيع. قال الراوي: لولا أني أكره أن يجتمع الناس علينا لحكيت لكم قراءته صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الحديث متفق عليه.

الأمارات التي يستدل بها على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم

هناك علامات وأمارات يستدل بها على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي من أمهات الأدلة على صدق بعثة النبي صلى الله عليه وسلم. أول شيء منها: الصفات الخَلقية والخلقية لصاحب الرسالة. الثاني: آثاره في العالم والوجود. الثالث: المعجزات. الرابع: النبوءات. الخامس: البشارات. فهذه أمهات الأدلة التي يستدل بها على صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم، والموضوع كبير، لكن باختصار شديد: أولاً: الصفات الخلقية، فالأنبياء يصطفيهم الله سبحانه وتعالى من أشرف وأكرم وأعلى أنواع البشر في جميع الصفات من الحسب والنسب، وجمال الصورة، وسلامة الأعضاء، والخلو من العاهات أو النقص أو أي شيء منفر، والأخلاق، ففي كل شيء من الصفات البشرية يكون الأنبياء مختصين من بين سائر البشر بصفات لا يشركهم فيها غيرهم، ربما نجد شخصاً يختص بصفة الكرم، أو آخر يختص بالحلم، أو.. أو.. أو كذا من الصفات، لكن أن تجتمع الصفات كلها كاملة في شخص غير الأنبياء فلا كما قال الشاعر: فغاية العلم فيه أنه بشر وأنه خير خلق الله كلهم فالرسول عليه الصلاة والسلام اجتمعت فيه الفضائل والكمالات البشرية بصورة لا توجد في غيره من البشر عليه الصلاة والسلام. إذاً: أول دليل هو أن الأنبياء لهم خصائص وصفات لا توجد مجتمعة في أكمل صورة إلا في الأنبياء، فمتى وجدت في شخص فهو نبي من أنبياء الله. الأمر الثاني: موضوع الآثار، فالله سبحانه وتعالى يجعل للأنبياء آثاراً وبصمات يتركونها على البشرية لا يمكن أن تتولد لغيرهم من البشر، فآثار النبي الصادق الحق الذي يبعثه الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن تلتبس بآثار رجل من المصلحين أو أهل الخير أو كذا.. أو كذا.. وإنما يكون لهم آثار واضحة، ولرسولنا صلى الله عليه وآله وسلم الحظ الأوفر على الإطلاق من هذه الآثار، كيف لا وهو قد بعث رحمة للعالمين، وأرسل للناس كافة صلى الله عليه وسلم؟! فهذا شيء بدهي يقر به حتى الكفار، فهم يقرون أنه لا يوجد أحد في تاريخ البشرية كله ترك بصمات وآثاراً على البشرية مثلما أكرم الله رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بهذه الآثار. وهذه الآثار لا تقتصر على نزول الوحي، وتعليم الشريعة للأمة، وتربية الصحابة الذين هم خير أمة أخرجت للناس. فهذه أوضح الآثار المباشرة التي كانت في حياته صلى الله عليه وسلم، ولكن كل ما يوجد من بعد النبي عليه الصلاة السلام من الخير الذي اقتدي به فيه فهو في ميزان حسنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يعني: أنت كل ما تفعله من أعمال صالحة فسوف ينال نفس الثواب مثلك تماماً الرسول عليه السلام؛ لأنه هو الذي علمك هذا الخير، أي مؤمن إلى أن تقوم الساعة يفعل من الخير اقتداءً بالنبي عليه الصلاة والسلام الذي أرسله الله رحمة للعالمين أجمعين هو في ميزان حسناته صلى الله عليه وآله وسلم، فكلما وجد من الخير حتى بعد بعثته فهو من آثار بعثته الشريفة، ولذلك المسيح عليه السلام أخبر أصحابه بأن هناك أنبياء كذبة يدعون النبوة، سوف يأتون من بعده فقال له الحواريون: (كيف نعرفهم يا روح الله؟! قال: من ثمارهم تعرفونهم) يعني: من الآثار التي يتركونها تعرفونهم، والعقل وحده يقطع أنه لا يمكن أن يكون نبياً كاذباً يدعي النبوة ثم يتركه الله سبحانه وتعالى يطبع آثاره على البشرية بهذه الصورة، ويفتح عليه الفتح تلو الفتح، ويؤيده بالمعجزات تلو المعجزات، فلابد أن يكون صادقاً من عند الله سبحانه وتعالى. فالشاهد: أننا نعلم صدق نبوة محمد صلى عليه وسلم بآثاره في كل العباد والمجاهدين والبلاد التي فتحت حتى بعد وفاته عليه الصلاة والسلام إلى أن تقوم الساعة، فكل الخير الذي يوجد بسبب اتباع سنته والاهتداء بهديه هو من آثار بعثته، فعدل القضاة المسلمين في كل التاريخ كعدل عمر بن عبد العزيز أو عدل غيره من الأئمة والخلفاء الراشدين كـمحمود زنكي أو جهاد صلاح الدين وجهاد العلماء والأئمة كـقطز وبيبرس هو في ميزان رسول الله عليه السلام، وهو أثر من آثار بعثته الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم.

( يتبع )











.





 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف , الصور , النزول , القرآن , الكريم , بصور , ومحاور , وأسباب , ومقاصد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلومات قرآنية البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 29-11-2020 01:14 PM
ختم القرآن من الأعمال الجليلة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 06-07-2020 06:12 PM
معجزة الإسلام الخالدة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 18 05-03-2020 09:14 PM
تعرف على القرآن الكريم 2 تيماء (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 24 29-12-2018 10:05 PM
أسرار التكرار في القرآن الكريم ميارا (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 11 13-02-2013 11:33 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010