ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-01-2021, 06:50 PM   #92


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي














تابع – سورة ق

محور مواضيع السورة :

إن سكرة الموت غرغرة الروح قبل أن تخرج من الجسد فإذا خرجت سميت روحاً وإذا بقيت ما زالت نفساً وهي لحظات يواجهها كل أحد ولو بدا لك بين عينيك أن الميت لا يواجه شيئاً من هذا فكم من أمر مخفي لا يعلمه إلا الله ويشتد الموت على الأنبياء لأن الموت مصيبة والمصيبة أعظم ما تكون على الصالحين وأولياء الله المتقين وإن لم يبدو ذلك ظاهر للعيان لمن كان محيطاً بالميت لكن الميت حال نزع الروح يواجه من الأمور العظام ما الله بها عليم , ثم يخففه الله جل وعلا فتنزع روحه آخر الأمر نزعاً رفيقاً خفيفاً لعناية الرب تبارك وتعالى بأوليائه بعد أن تثبتهم الملائكة كما قال الله جل وعلا في فصلت : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } [فصلت30 ] .

{وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ } [ق19] أي مرت على الناس أهلة وأهلة وهم في قبورهم ثم انتهى الأمر إلى الفناء العام فنفخ في الصور النفخة الأخرى فقام الناس بين يدي ربهم {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } [ق22] فليست حياة البرزخ ولا حياة الآخرة كحياة الدنيا فإن في الدنيا من الغيبيات ما الله به عليم وفي حياة البرزخ ينكشف الكثير من تلك الغيبيات وفي حياة الآخرة يصبح الأمر كله عين اليقين يرى الإنسان ما كان يسمعه ويقرأه و يتلوه من كلام لله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وما أخبر به من الغيبيات يراه ماثلاً بين عينيه قال الحق جل شأنه : {فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } وهنا يقول قرينه ذلك الشيطان الذي أوكل إليه " والواو واو عطف " {وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ } [ق23] .

فيكون الخطاب الرباني : {أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُّرِيبٍ * * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ } [ق26] .

لا ذنب يُلقى الله جل وعلا به أعظم من الشرك وهذا لا يغفره الله أبداً أما المؤمنون فإن أول ما يُنظر فيما فعلوه ما بينهم وبين الله هو الصلاة فمن حافظ عليها فقد حفظ دينه ومن ضيعها فهو إلى ما سواها أضيع .
وأول ما ينظر إليه بين الناس والآخرين مسألة الدماء فأول ما يقضي به بين الخلائق الدماء . في الدماء أول ما يقضي به بين العباد لما يتعلق بحال بعضهم ببعض والصلاة أول ما ينظر فيه مابين العبد وبين ربه , والشرك ذنب لا يغفره الله حرم الله جل وعلا على أهله الجنة .
ثم قال الله جل وعلا : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } [ق32 ] المؤمن في طريقه إلى الله جل وعلا يقول الله عنه : {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ} [البلد4 ] ينتابه الحزَن والسرور والصحة والمرض والشباب والشيخوخة والصغر من قبل تنتابه أمور كثيرة و مطالب عظام يزدلف حيناً إلى طاعات يقع أحياناً في المعاصي يستغفر ما بين هذا وذاك يفقد أمواله يفقد أولاده يخاف يحزن إلى غير ذلك مما يشترك فيه أكثر الناس فيبقى الحزن في قلبه حتى يقف بين يدي الله جل وعلا ويُيمّن كتابه ويرى الجنة قد قربت وأزلفت فإذا دخلها نسي كل بؤس وحزن قد مر عليه قبل ذلك جعلني الله وإياكم من أهل ذلك النعيم .
قال الله جل وعلا : {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} . { هَذَا } أي الذي ترونه {مَا تُوعَدُونَ } أي ما كنتم توعدونه في الدنيا {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} . { أَوَّابٍ } دائم التوبة والإنابة و الاستغفار لله جل وعلا حفيظ لجوارحه أن تقع في الفواحش مما حرم الله مما ظهر منها أو بطن {هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ} .
ذكر الله جل وعلا النار قبلها وأنها يلقى فيها حتى تقول قطٍ قطٍ أي يكفي يكفي قال الله جل وعلا قبل ذلك : {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ} [ق33 ] .

ما القول الذي يقال لهم يقول لهم العلي الأعلى : {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ} [ق34] والموت أعظم ما يخوف به الناس في الدنيا ولأجل ذلك يُلقى ويذهب عنهم يوم القيامة قال الله جل وعلا : {ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُم مَّا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ق35 ] وأعظم ما فسر به المزيد رؤية وجه الله تبارك وتعالى .
اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضله أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم ..

قال جل ذكره : {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّن قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِن مَّحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } [ق37 ] .

و إن من دلائل العقل والاتعاظ والإيمان أن ينظر الإنسان في الأمم الغابرة والأيام الخالية فينظُر إلى صنيع الله جل وعلا فيمن عصاه ورحمته تبارك وتعالى فيمن أطاعه واتبع هداه .
ثم ذكر جل وعلا رداً على اليهود التي زعمت أن الله بدأ الخلق يوم الأحد وانتهى يوم الجمعة واستراح يوم السبت تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً فقال جل ذكره ممجّداً نفسه ومادحاً ذاته العلية : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } [ق38] .

ثم أمر نبيه بالصبر على ما يقوله أعدائه {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ} ولابد للصبر من مطيه ألا وأعظم المطايا ذكر الله تبارك وتعالى والوقوف بين يديه مناجاة ودعاء قال الله جل وعلا : {فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ } [ق39] .

ثم قال جل شأنه بعد أن دعا نبيه إلى كثرة الصلاة والذكر على القول بأن التسبيح هنا الصلاة وعلى القول بأنه الذكر المطلق والمقيد وهو أظهر والعلم عند الله {وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ} [ق41] .

{ وَاسْتَمِعْ } هذا نداء لكل من يقرأ القرآن والمنادي هو إسرافيل عليه السلام والمكان القريب بيت المقدس سمي قريباً لأنه قريب من مكة وهذه السورة نزلت في مكة وليست بيت المقدس عن مكة ببعيد.

{وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ } [ق42] . ينادي أيتها العظام البالية أيتها الأوصال المتقطعة إن الله يدعكن لفصل القضاء فتجتمع الأجساد وتدب فيها الأرواح بعد أن تخرج من مستقرها ويخرج الناس لرب العالمين قال جل ذكره : {يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ * نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } [ق45] . سواء جهروا به أو لم يجهروا فالقلوب له مفضية والسر عنده علانية وليس عليك أيها النبي إلا البلاغ فقال الله جل وعلا له : { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} [ق45] . عوداً على بدء كما أقسم الله بقرآنه العظيم ختم السورة به كما بيناه في أول خطبتنا وذلك أن القرآن جعله الله جل وعلا هدى ونوراً لهذه الأمة





فضل السورة :

ورد بشأنها عدة أحاديث ، منها :
1 - ما رواه مسلم (891) عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ : " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ سَأَلَ أَبَا وَاقِدٍ اللَّيْثِيَّ : مَا كَانَ يَقْرَأُ بِهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَضْحَى وَالْفِطْرِ؟ ، فَقَالَ: كَانَ يَقْرَأُ فِيهِمَا بِ ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ ، وَاقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) .
2 - وروى مسلم أيضا (873) عَنْ أم هشام بِنْتٍ حَارِثَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَتْ : (مَا حَفِظْتُ ق، إِلَّا مِنْ فِي رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَخْطُبُ بِهَا كُلَّ جُمُعَةٍ) ، قَالَتْ: وَكَانَ تَنُّورُنَا وَتَنُّورُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحِدًا " .
قال النووي رحمه الله :
" قَالَ الْعُلَمَاء سَبَب اِخْتِيَار ( ق ) أَنَّهَا مُشْتَمِلَة عَلَى الْبَعْث وَالْمَوْت وَالْمَوَاعِظ الشَّدِيدَة وَالزَّوَاجِر الْأَكِيدَة ، وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب قِرَاءَة ( ق ) أَوْ بَعْضهَا فِي كُلّ خُطْبَة " انتهى .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" كَانَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ بِهَذِهِ السُّورَةِ فِي الْمَجَامِعِ الْكِبَارِ ، كَالْعِيدِ وَالْجُمَعِ ، لِاشْتِمَالِهَا عَلَى ابْتِدَاءِ الْخَلْقِ ، وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْمَعَادِ وَالْقِيَامِ وَالْحِسَابِ ، وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ والثواب والعقاب والترغيب والترهيب " انتهى من "تفسير ابن كثير" (7/ 367) .

3 - وروى الإمام أحمد (16982) عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْأَسْقَعِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( أُعْطِيتُ مَكَانَ التَّوْرَاةِ السَّبْعَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الزَّبُورِ الْمَئِينَ، وَأُعْطِيتُ مَكَانَ الْإِنْجِيلِ الْمَثَانِيَ، وَفُضِّلْتُ بِالْمُفَصَّلِ ) صححه الألباني في الصحيحة (1480)
وسورة " ق " أول المفصل كما قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (7 /392) .
وانظر إجابة السؤال رقم : (143301) .

4 - وروى مسلم (458) عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : " إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِـــ " ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ " وَكَانَ صَلَاتُهُ بَعْدُ تَخْفِيفًا " .
وفي رواية له : " كَانَ يَقْرَأُ فِي الْفَجْرِ بِـ " ق وَالْقُرْآنِ " وَنَحْوِهَا " .

5 - ذكر الزيلعي رحمه الله في "تخريج أحاديث الكشاف" (3/ 361) أن الثعلبي روى عَن أبي بن كعب عن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أَنه قَالَ : (من قَرَأَ سُورَة ق هون الله عَلَيْهِ ثَارَاتِ الْمَوْت وَسَكَرَاته) .
ولكن هذا من جملة الحديث الموضوع المروي عن أبي بن كعب رضي الله عنه في فضائل السور ، وقد اتفق العلماء على أنه حديث باطل موضوع كله .
وقال ابن الجوزي رحمه الله :
" وقد فرق هذا الحديث أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره ، فذكر عند كل سورة منه ما يخصها ، وتبعه أبو الحسن الواحدى في ذلك "

( يتبع – سورة الذاريات )







 

رد مع اقتباس
قديم 21-01-2021, 06:53 PM   #93


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي












سورة الذاريات

‎‎‏ التعريف بالسورة

سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 60 .
ترتيبها الحادية والخمسون .
نزلت بعد الأحقاف.
بدأت السورة باسلوب قسم " والذاريات " ويقصد بها الرياح اسم السورة ( الذاريات ) .

سبب التسمية

سميت هذه السورة الكريمة بالذاريات لأن الله تبارك وتعالى بدأ السورة الكريمة بالقسم بالذاريات, والذاريات هي للريح التي تذرو التراب فتفتته وتفرقه, وقد أطلق الله عزوجل على الرياح اسم الذاريات, وأقسم بها نظرا لقوتها على تفتيت التراب وتفرقته ونقله من مكان الى آخر والذي نشعر به بشكل هواء.

سبب نزول السورة

عن قتادة في قوله ( فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ ِبمَلُومٍ ) قال : ذُكِرَ لنا أنها لما نزلت اشتد على أصحاب رسول الله و رأوا أن الوحى قد انقطع ، وأن العذاب قد حضر فأنزل الله بعد ذلك ( وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المؤْمِنِينَ ) .


محاور ومقاصد مواضيع السورة :

هذه السورة الكريمة من السور المكية التي تقوم على تشييد دعائم الإيمان ، وتوجيه الأبصار إلى قدرة الله الواحد القهار، وبناء العقيدة الراسخة على أسس التقوى والإيمان .

و شانها شان السور المكية الأخرى وقد تناولت أصول العقيدة الاسلامية من تشييد دعائم الايمان, وتوجيه الأبصار الى قدرة الله الواحد القهار, وباء العقيدة الراسخة على أسس التقوى, وتناولها لقضايا البعث والشور والحساب والجزاء.

ابتدأت السورة الكريمة بقسم الله سبحانه وتعالى بالرياح (الذاريات) التي تذرو الغبار, وأقسم تبارك وتعالى بالسحب (الحاملات) مياه الأمطار, وأقسم عزوجل بالسفن (الجاريات) التي تسيّر المراكب والسفن في البحاروالتي تسير على سطح الماء بقدرة الواحد الأحد الفرد الصمد القادر المقتدر, وأقسم المولى عزوجل بالملائكة الأطهار (المقسمات) المكلفين بتدبير شؤون الخلق, من رزق وما تتطلبه حياتهم المعيشية, نعم هكذا أقسم المولى عززوجل بالأمور الكونية الأربعة لتوضح للخلق بأنّ الحشر كائن لا محالة, وأنه لا بدّ من البعث والجزاء لتجزى كل نفس ما كسبت فان خيرا فخير, وان شرا فشر, وكل ملك من الملائكة الكرام مخصّص بأمر معين لا يحيد عنه قيد أنملة بميزان دقيق سخره الله تبارك وتعالى بحكمه وعمه وهيمنته وسيطرته, فأي خلل ولو كان ضئيلا قد يفسد الكون ولكنه بيد حكيم عليم سبحانه وتعالى مقدّر الأرزاق والأكوان والكواكب والمجرات , انه هو اللطيف الخبير, العزيز الوهاب, الحكيم المتعال, الحنان المنان ذو الجلال والاكرام, تبارك الله أحسن الخالقين.

ثم انتقلت السورة الكريمة الى الحديث عن كفار مكة المكذبين بالقرىن واليوم الآخر, فبينت حالهم في الدنيا ومآلهم في الآخرة, حيث يعرضون على نار جهنم فيصلون عذابها ونكالها, وقد عبّر القرآن الكريم عن ذلك بلفظ القتل, فقال تعالى: قتل الخراصّون * الذين هم في غمرة ساهون* يسألون أيّان يوم الدين, أي لعن الكذابون الذين قالوا أنّ للنبي صلى الله عليه وسلم شاعر وساحر ومجنون, الى غير ذلك من الأقوال المختلفة التي لا تليق بمقامه السامي صلى الله عليه وسلم عند ربّ العالمين الذي أرسله رحمة للعالمين, وتكذيبهم بما جاءهم به من عند الله تعالى وهو القرآن الكريم, وبتكذيبهم باليوم الآخر والبعث بعد الموت, وما الى هناك من حقائق ذكرها القرآن الكريم أنها واقعة لا محالة, وكلمة القتل اذا أخبر الله تعالى به على أحد يعني به اللعنة عليه أو عليهم, على اعتبار أنّ من لعنه الله تعالى يكون بمنزلة المقتول الهالك.

ثم انتقلت السورة الكريمة الى الحديث عن المؤمنين وما اعده الله عزوجل لهم من تكريم في جنات النعيم , من الكرمة الخالدة في الآخرة.

( يتبع )









 

رد مع اقتباس
قديم 22-01-2021, 07:19 PM   #94


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















تابع سورة الذاريات

محاور ومقاصد السورة

تحدثت السورة الكريمة عن القدرة والوحدانية في هذا الكون الفسيح في سماءه وأرضه, في جباله ووهاده, وفي خلق الانسان في أبدع صورة وأجمل تكوين, وكلها دلائل على قدرة ربّ العالمين الذي خلق كل شيء فأحسن خلقه سبحانه وتعالى عما يصفون وعما يشركون.

ثم تناولت جانبا من قصص الرسل الكرام صلوات ربي وسلامه على نبينا وعليهم أجمعين, فذكرت قصة لوط وابراهيم وموسى عليهم الصلاة والسلام, وكرت قصص الجبابرة الطغاة من قوم عاد وثمود وقوم نوح عليه الصلاة والسلام, وما ذكر القصص هذه في القرآن الا تسلية لفؤاد النبي صلى الله عليه يدعوه ربه الى تحمل الشدائد والصبر عليها وأنه ما حصل معه كان قد سبقه اليه أخوانه الأنبياء من قبله, وسرد كل تلك القصص للعبرة والعظة لأولى الأبصارو لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (ق 37)

وختم الله عزوجل السورة الكريمة ببيان الغاية والهدف من خلق الانس والجان, لمعرفته جل وعلا وعبادته وتوحيده وافراده بالاخلاص والتوجه لوجهه الكريم بأنواع العبادات والقربات:

وما خلقت الجنّ والانس الا ليعبدون * ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون * انّ الله هو الرزاق ذو القوة المتين (الذاريات 54- 56)

وتحدثت السورة عن الرياح التي تذرو الغبار، وتسير المراكب في البحار، وعن السحب التي تحمل مياه الأمطار، وعن السفن الجارية على سطح الماء بقدرة الواحد الأحد، وعن الملائكة الأطهار المكلفين بتدبير شئون الخلق، وأقسمت بهذه الأمور الأربعة على أن الحشر كائن لا محالة، وأنه لابد من البعث والجزاء {والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا إنما توعدون لصادق وأن الدين لواقع} الآيات.


ثم انتقلت إلى الحديث عن كفار مكة، المكذبين بالقرآن وبالدار الآخرة، فبينت حالهم في الدنيا، ومالهم في الآخرة، حيث يعرضون على نار جهنم، فيصلون عذابها ونكالها {قتل الخراصون الذين هم في خوض ساهون يسألون أيان يوم الدين يوم هم على النار يفتنون ذوقوا فتنتكم هذا الذي كنتم به تستعجلون} الآيات.
ثم تحدثت عن المؤمنين المتقين، وما أعد الله لهم من النعيم والكرامة في الآخرة، لأنهم كانوا في الدنيا محسنين، على طريقة القرآن في الترغيب والترهيب، والإعذار والإنذار {إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما أتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين} الآيات.

ثم تحدثت عن دلائل القدرة والوحدانية، في هذا الكون الفسيح، في سمائه وأرضه، وجباله ووهاده، وفي خلق الإنسان في أبدع صورة وأجمل تكوين، وكلها دلائل على قدرة رب العالمين {وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون} الآيات.

ثم انتقلت للحديث عن قصص الرسل الكرام، وعن موقف الأمم الطاغية من أنبيائهم، وما حل بهم من العذاب والدمار، فذكرت قصة (إبراهيم) و(لوط) وقصة (موسى) وقصة الطغاة المتجبرين من قوم عاد وثمود وقوم نوح، وفي ذكر القصص وتكراره في القرآن تسلية للرسل الكرام، وعبرة لأولى الأبصار، يعتبر بها من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد {هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين إذ دخلوا عليه فقالوا سلاما قال سلام قوم منكرون} الآيات.

وختمت السورة الكريمة ببيان الغاية من خلق الإنس والجن، وهي معرفة الله جل وعلا، وعبادته وتوحيده، وإفراده بالإخلاص والتوجه لوجهه الكريم، بأنواع القربات والعبادات {وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} الآيات إلى نهاية السورة الكريمة.

سورة الذاريات مقصودها الدلالة على صدق ما أنذرت به سورة ق تصريحا وبشرت به تلويحا ولاسيما آخرها من مصاب الدنيا وعذاب الآخرة، واسمها الذاريات ظاهر في ذلك بملاحظة جواب القسم فإنه مع القسم لشدة الارتباط كالآية الواحدة وإن كان خمسا، والتعبير عن الرياح بالذاريات أتم إشارة إلى ذلك، فإن تكذيبهم بالوعيد لكونهم لا يشعرون بشيء من أسبابه وإن كانت موجودة معهم كما أن ما يأتي من السحاب من الرحمة والنقمة أسبابه وإن كانت موجودة، وهي الرياح وإن كانوا لا يرونها، واريح من شأنها الذرء وهو التفريق، فإذا أراد الله جمعت فكان ماأراد، فإنها تفرق الأبخرة، فإذا أراد الله سبحانه جمعها فحملها ما أوجد فيها فأوقرها به فأجراها إجراء سهلا، فقسم منها ما أراد تارة برقا وأخرى رعدا، يصل صليل الحديد على الحديد، أو الحجر على مثله مع لطافة السحاب، كل ما يشاهد فيه من الأسباب، وآونة مطرا شديد الانصباب ومرة بردا ومرة ثلجا يرجى ويهاب نن وحينا صواعق ونيرانا لها أي التهاب، ووقتا جواهر ومرجانا بديعة الإعجاب، فتكون مرة سرورا ورضوانا، وأخرى غموما وأحزانا، وغبنا وخسرانا، على أنهم أخيل الناس في يعض ذلك، يعرفون السحاب الذي يخيل المطر والذي لا يخليه والذي مطرهع دان، والذي لم يئن له أن يمطر. إلى غير ذلك من أشياء ذكرها أهل الأدب وحملها أهل اللغة عنهم، وكل ذلك بتصريف الملائكة عن أمر الله، ولذلك. والله أعلم. سن أن يقال عنمد سماع الرعد: سبحان الله سبوح قدوس، بيانا لأن المصرف الحق هو الله تعالى (رب الملائكة) أي الذي أقيموا لهذا (الروح) الذي يحمله هذا الجسم من مطر أو نار أو غيرهما

ذكر القَسَم بحقِّيّة البعث والقيامة، والإِشارة إِلى عذاب أَهل الضَّلالة، وثواب أَرباب الهداية، وحُجّة الوحدانيّة، وكرامة إِبراهيم في باب الضِّيافة، وفى إِسحاق له بالبشارة، ولقوم لوط بالهلاكة، ولفرعون وأَهله من الملامة، ولعاد وثمود وقوم نوح من الدمار والخسارة، وخَلْق السّماءِ والأَرض للنَّفع والإِفادة، وزوْجيَّة المخلوقات؛ لأَجل الدّلالة، وتكذيب المشركين لما فيه للرّسول صلى الله عليه وسلم من التسلية، وتخليق الخَلْق لأَجل العبادة، وتعجيل المنكرين بالعذاب والعقوبة في قوله: {فَلاَ تَسْتَّعْجِلُوْنَ}.

احتوت على تحقيق وقوع البعث والجزاء وإبطال مزاعم المكذبين به وبرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ورميهم بأنهم يقولون بغير تثبت ووعيدهم بعذاب يفتنهم ووعد المؤمنين بنعيم الخلد وذكر ما استحقوا به تلك الدرجة من الإيمان والإحسان ثم الاستدلال على وحدانية الله والاستدلال على إمكان البعث وعلى أنه واقع لا محالة بما في بعض المخلوقات التي يشاهدونها ويحسون بها دالة على سعة قدرة الله تعالى وحكمته على ما هو أعظم من إعادة خلق الإنسان بعد فنائه وعلى أنه لم يخلق إلا لجزائه والتعريض بالإنذار بما حاق بالأمم التي كذبت رسل الله، وبيان الشبه التام بينهم وبين أولئك وتلقين هؤلاء المكذبين الرجوع إلى الله وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم ونبذ الشرك ومعذرة الرسول صلى الله عليه وسلم من تبعة إعراضهم والتسجيل عليهم بكفران نعمة الخلق والرزق ووعيدهم على ذلك بمثل ما حل بأمثالهم.

( يتبع )












 

رد مع اقتباس
قديم 22-01-2021, 07:22 PM   #95


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















تابع سورة الذاريات

محاور ومقاصد السورة

وهذه السورة ذات جو خاص. فهي تبدأ بذكر قوى أربعة.. من أمر الله.. في لفظ مبهم الدلالة، يوقع في الحس لأول وهلة أنه أمام أمور ذات سر. يقسم الله- تعالى- على أمر: {والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع}..

والذاريات. والحاملات. والجاريات. والمقسمات.. مدلولاتها ليست متعارفة، وهي غامضة تحتاج إلى السؤال والاستفسار، كما أنها بذاتها تلقي في الحس ذلك الظل. ولعله هو المقصود الأول منها في جو هذه السورة.

وما يكاد القسم الأول ينتهي حتى يعقبه قسم آخر بالسماء: {والسماء ذات الحبك}.. يقسم بها الله تعالى. على أمر: {إنكم لفي قول مختلف}.. لا استقرار له ولا تناسق فيه، قائم على التخرصات والظنون، لا على العلم واليقين..

وبافتتاحها على هذا النحو، ثم بسياقها كله، تستهدف أمرا واضحا في سياقها كله.. ربط القلب البشري بالسماء؛ وتعليقه بغيب الله المكنون؛ وتخليصه من أوهاق الأرض، وإطلاقه من كل عائق يحول بينه وبين التجرد لعبادة الله، والانطلاق إليه جملة، والفرار إليه كلية، استجابة لقوله في السورة: {ففروا إلى الله}.. وتحقيقا لإرادته في عباده: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون}.

ولما كان الانشغال بالرزق وما يخبئه القدر عنه هو أكثف تلك العوائق وأشدها فقد عني في هذه السورة بإطلاق الحس من إساره، وتطمين النفس من جهته، وتعليق القلب بالسماء في شأنه، لا بالأرض وأسبابها القريبة. وتكررت الإشارة إلى هذا الأمر في السورة في مواضع متفرقة منها. إما مباشرة كقوله تعالى: {وفي السماء رزقكم وما توعدون}..{إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}.. وإما تعريضا كقوله يصور حال عباده المتقين مع المال: {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}.. ووصفه لجود إبراهيم وسخائه وهو يقري ضيوفه القلائل- أو من حسبهم ضيوفه من الملائكة- بعجل سمين، يسارع به إليهم عقب وفودهم إليه، وبمجرد إلقاء السلام عليه، وهو لم يعرفهم إلا منذ لحظة!

إن تخليص القلب من أوهاق الأرض، وإطلاقه من إسار الرزق، وتعليقه بالسماء، ترف أشواقه حولها، ويتطلع إلى خالقها في علاه، بلا عائق يحول بينه وبين الانطلاق، ويعوقه عن الفرار إلى الله. هو محور السورة بكل موضوعاتها وقضاياها التي تطرقها. ومن ثم كان هذا الاقتتاح، وكان ذلك الإيقاع الغامض في أولها، وكان القسم بعده بالسماء، وكان تكرار الإشارة إلى السماء أيضا..

وفي هذا كانت صورة المتقين التي يرسمها في مطلع السورة: {إن المتقين في جنات وعيون آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون وفي أموالهم حق للسائل والمحروم}.. فهي صورة التطلع إلى الله، والتجرد له، والقيام في عبادته بالليل، والتوجه إليه في الأسحار. مع إرخاص المال، والتخلص من ضغطه، وجعل نصيب السائل والمحروم حقا فيه.

وفي هذا كان التوجيه إلى آيات الله في الأرض وفي الأنفس مع تعليق القلوب بالسماء في شأن الرزق، لا بالأرض وما فيها من أسبابه القريبة: {وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون وفي السماء رزقكم وما توعدون}..

وفي هذا كانت الإشارة إلى بناء الله للسماء على سعة، وتمهيده للأرض في يسر، وخلقه ما فيها من أزواج، والتعقيب على هذا كله بالفرار إلى الله: {والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون والأرض فرشناها فنعم الماهدونومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين}..
وفي هذا كان الإيقاع الأخير البارز في السورة، عن إرادة الله سبحانه في خلق الجن والإنس، ووظيفتهما الرئيسية الأولى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين}..
فهو إيقاع واحد مطرد. ذو نغمات متعددة. ولكنها كلها تؤلف ذلك الإيقاع، وتطلق ذلك الحداء. الحداء بالقلب البشري إلى السماء!

لقد وردت إشارات سريعة إلى حلقة من قصة إبراهيم ولوط، وقصة موسى، وقصة عاد، وقصة ثمود، وقصة قوم نوح. وفي الإشارة إلى قصة إبراهيم تلك اللمحة عن المال؛ كما أن فيها لمحة عن الغيب المكنون في تبشيره بغلام عليم، ورزقه هو وامرأته به على غير ما توقع ولا انتظار. وفي بقية القصص إشارة إلى تصديق وعد الله الذي أقسم عليه في أول السورة: {إنما توعدون لصادق} والذي أشار إليه في ختامها إنذارا للمشركين: {فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون}.. بعد ما ذكر أن أجيال المكذبين كأنما تواصت على التكذيب: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون}..
فالقصص في السورة- على هذا النحو- مرتبط بموضوعها الأصيل. وهو تجريد القلب لعبادة الله، وتخليصه من جميع العوائق، ووصله بالسماء. بالإيمان أولا واليقين. ثم برفع الحواجز والشواغل دون الرفرفة والانطلاق إلى ذلك الأفق الكريم.

فضل السورة


عَن عَلّي بن أبي طَالب أَنه قال عَلَى الْمِنْبَر سلوني قبل أَلا تَسْأَلُونِي وَلنْ تسألوا بعدِي مثلي فَقَامَ ابْن الْكواء فَقال مَا {الذاريات} قال الرِّيَاح قال: {فَالْحَامِلَات وقرا} قال السَّحَاب قال: {فَالْجَارِيَات يسرا} قال الْفلك قال: {فَالْمُقَسِّمَات أمرا} قال الْمَلَائِكَة. وَكَذَا عَن ابْن عَبَّاس.

قلت رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرك من حديث أبي الطُّفَيْل قال رَأَيْت أَمِير الْمُؤمنِينَ عَلّي بن أبي طَالب قَامَ عَلَى الْمِنْبَر فَقال سلوني قبل أَلا تَسْأَلُونِي وَلنْ تسألوا بعدِي مثلي إِلَى آخِره سَوَاء وَزَاد قال فَمن {الَّذين بدلُوا نعْمَة الله كفرا وَأَحلُّوا قَومهمْ دَار الْبَوَار} قال مُنَافِقُو قُرَيْش. انْتَهَى قال حديث صَحِيح الْإِسْنَاد وَلم يخرجَاهُ انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الطَّبَرِيّ وَعبد الرَّزَّاق فِي تفسريهما.

وَرَوَى الْبَزَّار فِي مُسْنده نَحوه مَرْفُوعا فَقال حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن هَانِئ ثَنَا سعيد بن سَلام الْعَطَّار ثَنَا أَبُو بكر بن أبي سُبْرَة عَن يَحْيَى بن سعيد عَن سعيد ابْن الْمسيب قال جَاءَ صبيغ بن عَسَلِي التَّمِيمِي إِلَى عمر بن الْخطاب فَقال يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ أَخْبرنِي عَن {الذاريات ذَروا} قال هِيَ الرِّيَاح وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقوله مَا قلته قال فَأَخْبرنِي عَن {الْحَامِلَات وقرا} قال هِيَ السَّحَاب وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقوله مَا قلته قال فَأَخْبرنِي عَن {الْجَارِيَات يسرا} قال هِيَ السفن وَلَوْلَا أَنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم يَقوله مَا قلته قال ثمَّ أَمر بِهِ عمر فَضرب مائَة وَجعله فِي بَيت فَلَمَّا برأَ دَعَا بِهِ فَضَربهُ مائَة أُخْرَى وَحمله عَلَى قتب وَكتب إِلَى أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أَن امْنَعْ النَّاس عَن مُجَالَسَته فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى أَتَى صبيغ أَبَا مُوسَى فَحلف لَهُ بِالْإِيمَان الْمُغَلَّظَة أَنه مَا يجد فِي نَفسه مِمَّا كَانَ يجد شَيْئا فَكتب فِي ذَلِك إِلَى عمر فَكتب عمر مَا إخَاله إِلَّا قد صدق فَخَل بَينه وَبَين النَّاس انْتَهَى.

ثمَّ قال هَذَا حديث لَا نعلمهُ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم إِلَّا من هَذَا الْوَجْه وَإِنَّمَا ذكرته لأبين علته فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَتَى من جِهَة أبن أبي سُبْرَة فِيمَا أَحسب وَابْن أبي سبره لين الحديث وَسَعِيد بن سَلام لم يكن من أَصْحَاب الحديث انتهى.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره من حديث عبد الله بن مُوسَى عَن ابْن أبي سُبْرَة بِهِ سندا ومتنا.

وَأما حديث ابْن عَبَّاس فَرَوَاهُ الطَّبَرِيّ ثني مُحَمَّد بن سعد ثني أبي ثني عمي ثني أبي عَن أَبِيه عَن ابْن عَبَّاس فِي قوله تعالى: {والذاريات} قال هِيَ الرِّيَاح {فَالْحَامِلَات وقرا} قال السَّحَاب {فَالْجَارِيَات} قال هِيَ السفن فَالْمُقَسِّمَات أمرا قال هِيَ الْمَلَائِكَة انتهى.

الحديث الأول:
عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال «لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي ترده الْأكلَة وَالْأكْلَتَان وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ» قالوا فَمَا هُوَ قال «الَّذِي لَا يجد وَلَا يتَصَدَّق عَلَيْهِ».
قلت رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه فِي الزَّكَاة من حديث الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قال قال رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «لَيْسَ الْمِسْكِين الَّذِي يطوف عَلَى النَّاس فَتَردهُ اللُّقْمَة وَاللُّقْمَتَانِ وَالتَّمْرَة وَالتَّمْرَتَانِ» قالوا فَمَا الْمِسْكِين يَا رَسُول الله قال «الَّذِي لَا يجد غنى يُغْنِيه وَلَا يفْطن لَهُ فَيتَصَدَّق عَلَيْهِ» انتهى.

الحديث الثاني:
عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال «من قرأ سُورَة الذاريات أعطَاهُ الله عشر حَسَنَات بِعَدَد كل ريح هبت وَجَرت فِي الدُّنْيَا».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره من حديث نوح بن أبي مَرْيَم عَن عَلّي بن زيد عَن زر بن حُبَيْش عَن أبي بن كَعْب قال قال رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم «من قرأ سُورَة الذاريات» إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمَذْكُورين فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم قي يُونُس.

( يتبع – سورة الطور )












 

رد مع اقتباس
قديم 22-01-2021, 07:27 PM   #96


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















سورة الطور

التعريف بالسورة

سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 49 . .
ترتيبها الثانية والخمسون .
نزلت بعد السجدة .
بدأت السورة باسلوب قسم والطور
الطور هو الجبل الذي كلم الله سيدنا موسى عليه .

سبب التسمية


سُميت ‏‏ ‏سورة ‏الطور ‏‏ ‏لأن ‏الله ‏ـ ‏تعالى ‏ـ ‏بدأ ‏السورة ‏الكريمة ‏بالقسم ‏بجبل ‏الطور ‏الذي ‏كلم ‏الله ‏ـ ‏تعالى ‏ـ ‏عليه ‏موسى ‏ـ ‏عليه ‏السلام ‏ـ ‏ونال ‏ذلك ‏الجبل ‏من ‏الأنوار ‏والتجليات ‏والفيوضات ‏الإلهية ‏ما ‏جعله ‏مكانا ‏وبقعة ‏مشرفة ‏على ‏سائر ‏الجبال ‏في ‏بقاع ‏الأرض‎ .‎‏

محور مواضيع السورة


سورة الطور من السورة المكية التي تعالج موضوع العقيدة الإسلامية وتبحث في أصول العقيدة وهي " الوحدانية ، الرسالة ، البعث والجزاء " .

سورة الطور مقصودها تحقيق وقوع العذاب الذي هو مضمون الوعيد المقسم على وقوعه في الذاريات الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقه في ق، فإن وقوعه أثبت وأمكن من الجبال التي أخبر الصادق بسيرها، وجعل دك بعضها آية يمكن عامره وغيره إخرابه، والسقف الذي يمكن رافعه وضعه، والبحر الذي يمكن من سجره أن يرسله، وقد بان أن اسمها أدل ما يكون على ذلك بملاحظة القسم وجوابه حتى بمفردات الألفاظ في خطابه.

مقاصد السورة

مقصد السورة في جملة : إثبات الوحي وتحقيق وقوع العذاب للمكذبين بالوحي وبما يخبر به وبمن أنزل عليه الوحي .

مقصد السورة باختصار : الوحي وما يتعلق به من إثبات وتهديد لمكذبه وتبشير لمصدقه
فالسورة تركز على الوحي وإثبات الوحي وتتحداهم أن يأتوا بمثله وذكر أدلة الوحي وما يخبر به من التوحيد و غيره ودفع شبهات المكذبين بالوحي وبما جاء به ومن أنزل عليه وتهديد المكذبين به بالعذاب الدنيوي والأخروي المحقق الوقوع وتبشير المؤمنين بالوحي وما يخبر به المشفقين من العذاب والتصبير للنبي صاحب الوحي وناقله بأنه بأعيننا وماذا عليه أن يفعل في مقابل تكذيبهم من التسبيح والذكر والصلاة ه
ولذلك بدئت بالطور الذي أوحي لسيدنا موسى عنده وكان جواب القسم تحقيق العذاب إن عذاب ربك لواقع وختمت بالتبشير بعذاب أعدائه وحثه على ما يصبره ويثبته .
التفصيل لمقصد السورة :
• فكأن السورة تقول الوحي صادق وليس ببدع فهذه رسالة موسى ،فالذين يقولون كاهن ومجنون وساحر ويكذبون بالتوحيد ويشركون ونحو ذلك كاذبون معذبون دنيا وأخرى بعذاب واقع لا محالة فالبعث والجزاء الدنيوي والأخروي حق وعذابه شديد دنيا وأخرى ، فإياكم من إنكار الوحي والتوحيد والبعث و العذاب لظنكم العجز له سبحانه فدلائل قدرته عظمية مبثوثة ودلائل قدرته موجودة في الآفاق كالسماء والبحر المسجور.
• والله سبحانه عظيم خالق مدبر يخضع له كل شيء ، ومنهم الملائكة العظام ، وحق له ذلك فعظمته وخلقه للعالم لا سيما السقف المرفوع والبحر المسجور وغيرها
• فآمنوا برسالة رسوله ووحده واعبدوه وسبحوه وصلوا له في كل الأوقات لا سيما في الليل وأشفقوا في أهلكم وادعوه لتنالوا النعيم الدائم
• وتسميتها الطور أنسب اسم وأدله على مقصودها وهو الوحي وإثبات الوحي وما يتبعه قال المهايميّ : سميت به لأنه لما تضمن تعظيم مهبط الوحي ، فالوحي أولى بالتعظيم ، فيعظم الاهتمام بالعمل ـ ـ وهذا من أعظم مقاصد القرآن .
• وهذا أدق مما ذكر جماعة من المفسرين كالبقاعي والميزان وغيرهما :

قال البقاعي :مقصودها تحقيق وقوع العذاب الذي هو مضمون الوعيد المقسم على وقوعه في الذاريات الذي هو مضمون الإنذار المدلول على صدقه في ق ، فإن وقوعه أثبت وأمكن من الجبال التي أخبر الصادق بسيرها ــ ـ وقد بان أن اسمها أدل ما يكون على ذلك بملاحظة القسم وجوابه حتى بمفردات الألفاظ

• قال الطباطبائي :غرض السورة إنذار أهل التكذيب والعناد من الكفار بالعذاب الذي أعد لهم يوم القيامة فتبدأ بالإنباء عن وقوع العذاب الذي أنذروا به وتحققه يوم القيامة بأقسام مؤكدة وأيمان مغلظة ، وأنه غير تاركهم يومئذ حتى يقع بهم ولا مناص ثم تذكر نبذة من صفة هذا العذاب والويل الذي يعمهم ولا يفارقهم ثم تقابل ذلك بشمة من نعيم أهل النعيم يومئذ وهم المتقون الذين كانوا في الدنيا مشفقين في أهلهم يدعون الله مؤمنين به موحدين له . ثم تأخذ في توبيخ المكذبين على ما كانوا يرمون النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وما أنزل عليه من القرآن وما أتى به من الدين الحق . و تختم الكلام بتكرار التهديد والوعيد وأمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بتسبيح ربه . والسورة مكية كما يشهد بذلك سياق آياتها "

القَسَم بعذاب الكفَّار، والإِخبار عن ذلَّهم في العقوبة، ومنازلهم من النار، وطرب أَهل الجنة بثواب الله الكريم الغفَّار، وإِلزام الحجّة على الكفرة الفجّار، وبِشارتهم قبل عقوبة العُقْبَى بعذابهم في هذه الدّار، ووصيّة سيّد رُسُل الأَبرار بالعبادة والاصطبار، في قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإدْبَارَ النُّجُوْمِ}.


أول أغراض هذه السورة التهديد بوقوع العذاب يوم القيامة للمشركين المكذبين بالنبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من إثبات البعث وبالقرآن المتضمن ذلك فقالوا: هو سحر.
ومقابلة وعيدهم بوعد المتقين المؤمنين وصفة نعيمهم ووصف تذكرهم خشية، وثنائهم على الله بما من عليهم فانتقل إلى تسلية النبي صلى الله عليه وسلم وإبطال أقوالهم فيه وانتظارهم موته.
وتحديهم بأنهم عجزوا عن الإتيان بمثل القرآن.
وإبطال خليط من تكاذيبهم بإعادة الخلق وببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم ليس من كبرائهم وبكون الملائكة بنات الله وإبطال تعدد الآلهة وذكر استهزائهم بالوعيد.
وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركهم وأن لا يحزن لذلك، فإن الوعيد حال بهم في الدنيا ثم في الآخرة وأمره بالصبر، ووعده بالتأييد، وأمر بشكر ربه في جميع الأوقات.
و هذه السورة تمثل حملة عميقة التأثير في القلب البشري. ومطاردة عنيفة للهواجس والشكوك والشبهات والأباطيل التي تساوره وتتدسس إليه وتختبئ هنا وهناك في حناياه. ودحض لكل حجة وكل عذر قد يتخذه للحيدة عن الحق والزيغ عن الإيمان.. حملة لا يصمد لها قلب يتلقاها، وهي تلاحقه حتى تلجئه إلى الإذعان والاستسلام!
وهي حملة يشترك فيها اللفظ والعبارة، والمعنى والمدلول، والصور والظلال، والإيقاعات الموسيقية لمقاطع السورة وفواصلها على السواء. ومن بدء السورة إلى ختامها تتوالى آياتها كما لو كانت قذائف، وإيقاعاتها كما لو كانت صواعق، وصورها وظلالها كما لو كانت سياطا لاذعة للحس لا تمهله لحظة واحدة من البدء إلى الختام!
وتبدأ السورة بقسم من الله سبحانه بمقدسات في الأرض والسماء. بعضها مكشوف معلوم! وبعضها مغيب مجهول: {والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع}.


إن القسم على أمر عظيم رهيب، يرج القلب رجا، ويرعب الحس رعبا. في تعبير يناسب لفظه مدلوله الرهيب؛ وفي مشهد كذلك ترجف له القلوب: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا}..

وفي وسط المشهد المفزع نرى ونسمع ما يزلزل ويرعب، من ويل وهول، وتقريع وتفزيع: {فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون}..

هذا شوط من حملة المطاردة. يليه شوط آخر من لون آخر. شوط في إطماع القلوب التي رأت ذلك الهول المرعب- إطماعها في الأمن والنعيم. بعرض صورة المتقين وما أعد لهم من تكريم. وما هيئ لهم من نعيم رخي رغيد، يطول عرضه، وتكثر تفصيلاته، وتتعدد ألوانه. مما يستجيش الحس إلى روح النعيم وبرده؛ بعد كرب العذاب وهوله: {إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون يتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها ولا تأثيم ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم}..


والآن وقد أحس القلب البشري سياط العذاب في الشوط الأول؛ وتذوق حلاوة النعيم في الشوط الثاني.. الآن يجيء الشوط الثالث يطارد الهواجس والوساوس؛ ويلاحق الشبهات والأضاليل؛ ويدحض الحجج والمعاذير. ويعرض الحقيقة بارزة واضحة بسيطة عنيفة. تتحدث بمنطق نافذ لا يحتمل التأويل، مستقيم لا يحتمل اللف والدوران. يلوي الأعناق ليا ويلجئها إلى الإذعان والتسليم.. ويبدأ هذا الشوط بتوجيه الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليمضي في تذكيره لهم، على الرغم من سوء أدبهم معه؛ وليقرعهم بهذا المنطق النافذ القوي المستقيم: {فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين أم تأمرهم أحلامهم بهذا أم هم قوم طاغون أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين أم له البنات ولكم البنون أم تسألهم أجرا فهم من مغرم مثقلون أم عندهم الغيب فهم يكتبون أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون}..


( يتبع )












 

رد مع اقتباس
قديم 22-01-2021, 07:30 PM   #97


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















1تابع - سورة الطور

مقاصد السورة

عقب هذه الأسئلة المتلاحقة. بل هذه القذائف الصاعقة. التي تنسف الباطل نسفا، وتحرج المكابر والمعاند، وتخرس كل لسان يزيغ عن الحق أو يجادل فيه.. عقب هذا يصور تعنتهم وعنادهم في صورة الذي يكابر في المحسوس: {وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم}. والفرق بين قطعة السماء تسقط وبين السحاب واضح، ولكنهم هم يتلمسون كل شبهة ليعدلوا عن الحق الواضح.

هنا يلقي عليهم بالقذيفة الأخيرة. قذيفة التهديد الرعيب، بملاقاة ذلك المشهد المرهوب، الذي عرض عليهم في مطلع السورة: {فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون يوم لا يغني عنهم كيدهم شيئا ولا هم ينصرون}.. كما يهددهم بعذاب أقرب من ذلك العذاب: {وإن للذين ظلموا عذابا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}..

ثم تختم السورة بإيقاع رضي رخي.. إنه موجه إلى الرسول الكريم الذي يقولون عنه: {شاعر نتربص به ريب المنون}.. ويقولون: كاهن أو مجنون. موجه إليه من ربه يسليه ويعزيه في إعزاز وتكريم. في تعبير لا نظير له في القرآن كله؛ ولم يوجه من قبل إلى نبي أو رسول: {واصبر لحكم ربك فإنك بأعينناوسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم}..

إنه الإيقاع الذي يمسح على العنت والمشقة اللذين يلقاهما الرسول الكريم، من أولئك المتعنتين المعاندين، الذين اقتضت مواجهتهم تلك الحملة العنيفة من المطاردة والهجوم.

ابتدأت السورة الكريمة بالحديث عن أهوال الآخرة وشدائدها، وعما يلقاه الكافرون في ذلك الموقف الرهيب موقف الحساب وأقسمت على أن العذاب نازل بالكفار لا محالة، لا يمنعه مانع، ولا يدفعه د افع، وكان القسم بأمور خمسة تنبيها على أهمية الموضوع {والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} الآيات.

ثم تناولت الحديث عن المتقين وهم في جنات النعيم، على سرر متقابلين، وقد جمع الله لهم أنواع السعادة الحور العين، واجتماع الشمل بالذرية والبنين، والتنعم والتلذذ بأنواع المآكل والمشارب، من فواكه وثمار، ولحوم متنوعة مما يشتهى ويستطاب، إلى غير ما هنالك من أنواع النعيم، مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر {إن المتقين في جنات ونعيم فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم} الآيات.

ثم تحدثت عن رسالة محمد بن عبد الله صلوات الله عليه، وأمرته بالاستمرار بالدعوة، والتذكير والإنذار للكفرة الفجار، غير عابئ بما يقوله المشركون، وما يفتريه المفترون، حول الرسالة والرسول، فليس محمد صلى الله عليه وسلم بإنعام الله عليه بالنبوة وإكرامه بالرسالة بكاهن ولا مجنون كما زعم المجرمون {فذكر فما أنت بنعمة ربك بكاهن ولا مجنون} الآيات.

ثم أنكرت السورة على المشركين مزاعمهم الباطلة في شأن نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وردت عليهم بالحجج الدامغة والبراهين القاطعة التي تقصم ظهر الباطل، وأقامت الدلائل على صدق رسالة محمد صلى الله عليه وسلم {أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين صادقين} الآيات.
وختمت السورة الكريمة بالتهكم بالكافرين وأوثانهم بطريق التوبيخ والتقريع، وبينت شدة عنادهم، وفرط طغيانهم، وأمرت الرسول صلى الله عليه وسلم، بالصبر على تحمل الأذى في سبيل الله، حتى يأتي نصر الله {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا وسبح بحمد ربك حين تقوم ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم}.

فضل السورة

1) عن جبير بن مطعم قال : سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور (رواه البخاري ) وغيره .

2) عن أم سلمة قالت : شكوت إلى رسول الله إني اشتكى فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة . فطفت ورسول الله يصلي إلى جنب البيت يقرأ ( وَالطُّور وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ)

و من الضَّعيف حديث أُبي: «مَن قرأ {والطُّور} كان حَقًّا على الله عزَّ وجلَّ أَن يُؤمنه من عذابه، وأَن ينعّمه في جنَّته».
وحديث علي: «يا علي مَن قرأها كتب الله له ما دام حيًّا كلّ يوم اثني عشر أَلف حسنة، ورفع له بكلّ آية قرأها اثني عشر أَلف درجة».

الأحاديث الواردة فيها :

. وأخرج البخاري وغيره عن أم سلمة قالت : ( شكوت إلى رسول الله إني أشتكي[1] ! فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة ، فطفت ورسول الله يصلي إلى جنب البيت ، يقرأ بالطور وكتاب مسطور )

وقال مالك ، عن الزهري ، عن محمد بن جُبَير بن مطعم ، عن أبيه : سمعت النبي يقرأ في المغرب بالطور ، فما سمعت أحدا أحسن صوتا - أو قراءة - منه . أخرجاه من طريق مالك
وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جبير بن مطعم قال : «سمعت رسول الله يقرأ في المغرب بالطور »

( يتبع – سورة النجم )












 

رد مع اقتباس
قديم 22-01-2021, 07:33 PM   #98


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















سورة النجم

التعريف بالسورة


سورة مكية .
من المفصل .
آياتها 62 .
ترتيبها الثالثة والخمسون .
نزلت بعد الإخلاص .
بدأت باسلوب قسم " والنجم "
السورة بها سجدة في الآية الاخيرة من السورة .

سبب التسمية

سميت سورة النجم بغير واو في عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيح عن ابن مسعود «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم فسجد بها فما بقي أحد من القوم إلا سجد فأخذ رجل كفا من حصباء أو تراب فرفعه إلى وجهه. وقال: يكفني هذا. قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافرا. وهذا الرجل أمية بن خلف».
وعن ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون».
فهذه تسمية لأنها ذكر فيها النجم.
وسموها سورة والنجم بواو بحكاية لفظ القرآن الواقع في أوله وكذلك ترجمها البخاري في التفسير والترمذي في جامعه.
ووقعت في المصاحف بالوجه وهو من تسمية السورة بلفظ وقع في أولها وهو لفظ النجم أو حكاية لفظ والنجم.
وسموها {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم: 1] كما في حديث زيد بن ثابت في الصحيحين «أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} فلم يسجد»، أي في زمن آخر غير الوقت الذي ذكره ابن مسعود وابن عباس.

وهذا كله اسم واحد متوسع فيه فلا تعد هذه السورة بين السور ذوات أكثر من اسم.

سبب نزول السورة


1- عن ثابت بن الحرث الأنصاري قال : كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبي صغير " هو صدّيق " . فبلغ ذلك النبي فقال : " كذبت يهود ما من نسمة يخلقها الله في بطن أمه إلا أنه شقى أو سعيد " فأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية ( هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ في بُطُونِ أُمَّهَاتِك إلى آخرها) .

2- قال ابن عباس والسدي والكلبي والمسيب بن شريك نزلت في عثمان بن عفان كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله بن أبي سرح : ما هذا الذي تصنع يوشك أن لا يبقى لك شيئا . فقال عثمان : " إن لي ذنوبا وخطايا وإني أطلب بما أصنع رضا الله ـ سبحانه وتعالى ـ وأرجو عفوه " فقال له عبد الله : أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها فأعطاه وأشهد عليه وأمسك عن بعض ما كان يصنع من الصدقة فأنزل الله تبارك وتعالى ( أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلىَّ وَأَعْطَى قَلِيلا وَأَكْدَى ) فعاد عثمان إلى أحسن ذلك وأجمله . وقال مجاهد وابن زيد : نزلت في الوليد بن المغيرة ، وكان قد اتبع رسول الله على دينه فَعَيَّرَهُ بعض المشركين ، وقال : لم تركت دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار ؟ قال : إني خشيت عذاب الله فضمن له إن هو أعطاه شيئا من ماله ورجع إلى شركه أن يتحمل عنه عذاب الله سبحانه وتعالى ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .

3- حدثتنا الصهباء عن عائشة قالت : مر رسول الله بقوم يضحكون فقال : " لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا " . فنزل عليه جبريل بقوله ( وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَ أبْكَى ) فرجع إليهم فقال ما خطوت أربعين خطوة حتى أتانى جبريلفقال : ائت هؤلاء وقل لهم إن الله ـ عز وجل ـ يقول وإنه هو أضحك وأبكى

محور مواضيع السورة

سورة النجم مكية وهى تبحث عن موضوع الرسالة في إطارها العام ، وعن موضوع الإيمان بالبعث والنشور شأن سائر السور المكية .

مقصودها ذم الهوى لأنتاجه الضلال والعمى بالإخلاد إلى الدنيا التي هي دار الكدور والبلاء، والتصرم والفناء، ومدح العلم لإثماره الهدى في الإقبال على الأخرى لأنها دار البقاء في السعادة أو الشقاء، والحث على اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في نذارته التي بينتها سورة ق وصدقتها الذاريات وأوقعتها وعينتها الطور كما تتبع في بشارته لأن علمه هو العلم لأنه لا ينطق عن الهوى لا في صريح الكناية ولا في بيانه له لأن الكل عن الله الذي له صفات الكمال فلا بد من بعث الخلق إليه وحشرهم لديه لتظهر حكمته غاية الظهور فيرفع أهل التزكي والظهور، ويضع أهل الفجور، ويفضح كل متحل بالزور، متجل للشرور، وعلى ذلك دل اسمها النجم عن تأمل القسم والجواب وما نظم به من نجوم الكتاب.

القَسَم بالوحي، وهداية المصطفى صلى الله عليه وسلم وبيان معراج الكرامة، وذكر قبيح أَقوال الكفار، وعقيدتهم في حَقِّ الملائكة والأَصنام، ومدج مجتنبي الكبائر، والشكوى من المعرضين عن الصّدَقة، وبيان جزاءِ الأَعمال في القيامة، وإِقامة أَنواع الحجّة على وجود الصّانع، والإِشارة إِلى أَحوال مَن أُهلِكوا من القرون الماضية، والتخويف بسرعة مجيء القيامة، والأَمر بالخضوع والانقياد لأَمر الحقِّ تعالى، في قوله: {فَاسْجُدُواْ للهِ وَاعْبُدُواْ}.
أول أغراض السورة تحقيق أن الرسول صلى الله عليه وسلم صادق فيما نبلغه عن الله تعالى وإنه منزه عما ادعوه.

وإثبات أن القرآن وحي من عند الله بواسطة جبريل.

وتقريب صفة نزول جبريل بالوحي في حالين زيادة في تقرير أنه وحي من الله واقع لا محالة.
وإبطال إلهية أصنام المشركين.

وإبطال قولهم في اللات والعزى ومناة بنات الله وأنها أوهام لا حقائق لها وتنظير قولهم فيها بقولهم في الملائكة أنهم إناث.

وذكر جزاء المعرضين والمهتدين وتحذيرهم من القول في هذه الأمور بالظن دون حجة.

وإبطال قياسهم عالم الغيب على عالم الشهادة وأن ذلك ضلال في الرأي قد جاءهم بضده الهدى من الله.

وذكر لذلك مثال من قصة الوليدين المغيرة، أو قصة ابن أبي سرح.

وإثبات البعث والجزاء.

وتذكيرهم بما حل بالأمم ذات الشرك من قبلهم وبمن جاء قبل محمد صلى الله عليه وسلم من الرسل أهل الشرائع.

وإنذارهم بحادثة تحل بهم قريبا.

وما تخلل ذلك من معترضات ومستطردات لمناسبات ذكرهم عن أن يتركوا أنفسهم.

وأن القرآن حوى كتب الأنبياء السابقين.

هذه السورة في عمومها كأنها منظومة موسيقية علوية، منغمة، يسري التنغيم في بنائها اللفظي كما يسري في إيقاع فواصلها الموزونة المقفاة. ويلحظ هذا التنغيم في السورة بصفة عامة؛ ويبدو القصد فيه واضحا في بعض المواضع؛ وقد زيدت لفظة أو اختيرت قافية، لتضمن سلامة التنغيم ودقة إيقاعه- إلى جانب المعنى المقصود الذي تؤديه في السياق كما هي عادة التعبير القرآني- مثل ذلك قوله: {أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى}.. فلو قال ومناة الأخرى ينكسر الوزن. ولو قال: ومناة الثالثة فقط يتعطل إيقاع القافية ولكل كلمة قيمتها في معنى العبارة.

ولكن مراعاة الوزن والقافية كذلك ملحوظة. ومثلها كلمة (إذن) في وزن الآيتين بعدها: {ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى} وكلمة (إذن) ضرورية للوزن. وإن كانت- مع هذا- تؤدي غرضا فنيا في العبارة وهكذا.

ذلك الإيقاع ذو لون موسيقي خاص. لون يلحظ فيه التموج والانسياب. وبخاصة في المقطع الأول والمقطع الأخير من السورة. وهو يتناسق بتموجه وانسيابه مع الصور والظلال الطليقة المرفرفة في المقطع الأول. ومع المعاني واللمسات العلوية في المقطع الأخير. وما بينهما مما هو قريب منهما في الجو والموضوع.

والصور والظلال في المقطع الأول، تشع من المجال العلوي الذي تقع فيه الأحداث النورانية والمشاهد الربانية التي يصفها هذا المقطع. ومن الحركات الطليقة للروح الأمين وهو يتراءى للرسول الكريم.. والصور والظلال والحركات والمشاهد والجو الروحي المصاحب، تستمد وتمد ذلك الإيقاع التعبيري وتمتزج به، وتتناسق معه، وتتراءى فيه، في توافق منغم عجيب.

ثم يعم ذلك العبق جو السورة كله، ويترك آثاره في مقاطعها التالية، حتى تختم بإيقاع موح شديد الإيحاء مؤثر عميق التأثير. ترتعش له كل ذرة في الكيان البشري وترف معه وتستجيب.

موضوع السورة الذي تعالجه هو موضوع السور المكية على الإطلاق: العقيدة بموضوعاتها الرئيسية: الوحي والوحدانية والآخرة. والسورة تتناول الموضوع من زاوية معينة تتجه إلى بيان صدق الوحي بهذه العقيدة ووثاقته، ووهن عقيدة الشرك وتهافت أساسها الوهمي الموهون!

والمقطع الأول في السورة يستهدف بيان حقيقة الوحي وطبيعته، ويصف مشهدين من مشاهده، ويثبت صحته وواقعيته في ظل هذين المشهدين؛ ويؤكد تلقي الرسول صلى الله عليه وسلم عن جبريل- عليه السلام- تلقي رؤية وتمكن ودقة، واطلاعه على آيات ربه الكبرى.

ويتحدث المقطع الثاني عن آلهتهم المدعاة: اللات والعزى ومناة. وأوهامهم عن الملائكة. وأساطيرهم حول بنوتها لله. واعتمادهم في هذا كله على الظن الذي لا يغني من الحق شيئا. بينما الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما دعاهم إليه عن تثبت ورؤية ويقين.

والمقطع الثالث يلقن الرسول صلى الله عليه وسلم الإعراض عمن يتولى عن ذكر الله ويشغل نفسه بالدنيا وحدها، ويقف عند هذا الحد لا يعلم وراءه شيئا. ويشير إلى الآخرة وما فيها من جزاء يقوم على عمل الخلق، وعلى علم الله بهم، منذ أنشأهم من الأرض، ومنذ كانوا أجنة في بطون أمهاتهم. فهو أعلم بهم من أنفسهم، وعلى أساس هذا العلم المستيقن- لا الظن والوهم- يكون حسابهم وجزاؤهم، ويصير أمرهم في نهاية المطاف.

والمقطع الرابع والأخير يستعرض أصول العقيدة- كما هي منذ أقدم الرسالات- من فردية التبعة، ودقة الحساب، وعدالة الجزاء. ومن انتهاء الخلق إلى ربهم المتصرف في أمرهم كله تصرف المشيئة المطلقة. ومع هذا لفتة إلى مصارع الغابرين المكذبين. تختم بالإيقاع الأخير: {هذا نذير من النذر الأولى أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون وأنتم سامدون فاسجدوا لله واعبدوا}.. حيث يلتقي المطلع والختام في الإيحاء والصور والظلال والإيقاع العام.

( يتبع )












 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف , الصور , النزول , القرآن , الكريم , بصور , ومحاور , وأسباب , ومقاصد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلومات قرآنية البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 29-11-2020 01:14 PM
ختم القرآن من الأعمال الجليلة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 06-07-2020 06:12 PM
معجزة الإسلام الخالدة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 18 05-03-2020 09:14 PM
تعرف على القرآن الكريم 2 تيماء (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 24 29-12-2018 10:05 PM
أسرار التكرار في القرآن الكريم ميارا (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 11 13-02-2013 11:33 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 09:57 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010