ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-01-2021, 08:20 PM   #85


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















محا ور السورة

الفتح أعم من أن يكون الفتح المتعلق بفتح مكة أو بغيره، وإنما يدخل فيه كل ما كان من آثار النبي صلى الله عليه وآله وسلم. الأمر الثالث: البشارات، وهي: النصوص التي توجد في الكتب السابقة من قبلنا التي تبشر ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وتخبر بصفته، وهذا ما ستأتي الإشارة إليه في آخر السورة إن شاء الله تعالى في قوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ [الفتح:29] يعني: هكذا بالضبط وصفوا في التوراة قبل أن يخلقوا: وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ [الفتح:29] إلى آخره، فهذا من البشارات. الأمر الرابع: المعجزات: وهي خوارق العادات التي تقترن بادعاء النبوة ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الحظ الأعظم على الإطلاق بين جميع الرسل من هذه المعجزات، وأعظمها على الإطلاق معجزته الخالدة الباقية وهي القرآن الكريم، الذي ما زال حتى الآن ينبض بالحياة وبالأدلة والبراهين على حقائق هذا الدين القويم، ويوم بعد يوم ينضم إلى قافلة الإيمان أناس من الكفار بسبب هداية القرآن الكريم، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (إنه ما من نبي أرسله الله إلا أوتي ما على مثله آمن البشر -معجزة يراها قومه المعاصرون له- وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحي إلي؛ فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يوم القيامة) لأن الرسول عليه السلام معجزته لم تكن معجزة حدثت ثم انقضت كعصا موسى، أو إحياء عيسى عليه السلام للموتى بإذن الله، وإنما معجزته هي هذا القرآن الكريم، فهي معجزة باقية.


أقص عليكم قصة عابرة عن إحدى الشخصيات المرموقة التي فتح الله سبحانه وتعالى عليها منذ سنوات بالإسلام، فهذا دكتور جراحة مشهور في فرنسا يدعى مورسي بكاري هذا الجراح الكبير الفرنسي نشأ في عائلة متدينة بالتدين النصراني، وشديدة التمسك به، فلما بدأ يقرأ في الكتب المقدسة عند النصارى -وهي العهد القديم والعهد الجديد- بدأ -بحكم خلفيته العلمية الحديثة- يلاحظ وجود تناقض بين بعض القضايا العلمية أو الجغرافية المذكورة في ثنايا كتابهم المقدس عندهم، فلفت ذلك نظره، وضايقه الأمر كثيراً، فقرر أن يجمع جميع الكتب التي أصلها سماوي ويعمل دراسة مفصلة، ويقارن بين القرآن والتوراة والإنجيل الموجودان الآن المحرفان، فالذي فعله أنه قام بجمع النصوص التي تتعلق بالقضايا العلمية الحديثة مثل كروية الأرض.. تشريح النبات.. وغيرها من الأمور التي تتعلق بالعلوم الحديثة، فخرجت له مجموعة بيانات كبيرة جداً جداً من آيات القرآن الكريم، عشرات الآيات استخرجها تنبئ بأنها تتعامل مع حقائق علمية كثيرة جداً، ثم استخرج من العهد القديم والعهد الجديد أشياء كانت قليلة للغاية بالنسبة للقرآن الكريم، ولا تكاد من حيث العدد تذكر، ثم إن الذي فيها أشياء غير مطابقة للواقع على طول الخط، بل متعارضة تماماً مع الحقائق العلمية الحسية! فاستمرت الدراسة في عدد كبير من الآيات ولم يجد أي تعارض على الإطلاق في نص واحد من القرآن الكريم مع أي حقيقة علمية، بل فوجئ بأن القرآن يحوي حقائق علمية مما هو متفق عليه حديثاً. فانتهى إلى نتيجة ومحصلة معينة ولكن قال: إما أن هذا القرآن هو كلام الله حقاً، وإما أن المؤلف -يقصد الرسول عليه السلام- عندما كتبه كان محيطاً إحاطة كاملة وفي غاية الدقة لأحدث ما وصل إليه العلم في العصر الحديث! وهذا التضاد هراء، ولا يمكن أن يقع أن الرسول عليه الصلاة والسلام بعلم بشري يأتي بهذه الأخبار، فهذا مستحيل، فلم يبق إلا احتمال واحد وهو أن الذي أوحى إلى النبي عليه السلام هذا الكتاب إنما هو خالق هذا الكون، وخالق هذه البرية؛ لأن قوانين الطبيعة وهذه السنن وجدت منذ أن خلق الله هذا الكون، وبقيت بلايين السنين غير مكتتبة، واكتشف الآن جزء يسير منها، لكن قوانين الله تعمل منذ أن خلق الله هذا الكون، فهم يكتشفون ويفرحون جداً باكتشافهم وبما عندهم من العلم. الشاهد أنه انتهى من عملية المقارنة بإعلان إسلامه، وعائلته النصرانية المتعصبة صدمت صدمة شديدة بإسلامه، وكانت المصيبة الأشد أنه سوف يقوم بدعاية كبيرة جداً للإسلام في كل العالم الغربي؛ لأن مثل هذه الشخصية المرموقة عندهم يكتب هذا الكتاب وهو من عائلة متدينة جداً ومتمسكة بالنصرانية أمر خطير، فانزعجوا جداً من هذا الكتاب الذي كاد أن يفرغ من تأليفه، فماذا فعلوا؟ فعلوا شيئاً عادياً عندهم في الغرب وليس بمشكلة -لا تستغربوا-، كتبوا إعلاناً في إحدى الجرائد عندهم في فرنسا: مطلوب لص محترف لمهمة خاصة، وهذا شيء عادي عندهم، ولا توجد أي مشكلة فيه أبداً: مطلوب لص محترف لمهمة خاصة، بحيث يتصل بهم بطريقة لا يكتشفها ابنهم مورسي بكاري، وهم الذين طلبوا هذا، فالمهم وصلهم لص محترف وقالوا له: إن المطلوب أن هذا الشخص -ابنهم- تذهب إلى أمام بيته في مكان معين.. وترصد مواعيده وقت خروجه ودخوله، فمتى ما يكون غير موجود في البيت تستطيع أن تدخل من المكان الفلاني، وتكسر الباب الفلاني، وهناك درج معين يترك فيه أشياء، فخذ كل محتويات هذا الدرج، ولم يبينوا له أنهم بالذات يقصدون الكتاب الذي ألفه لكن قالوا: أحضر لنا كل المحتويات في درجه. المهم أفلح اللص في أن يصل إلى الدرج، وأخذ الأشياء ثم قدم لهم كل شيء ما عدا مخطوطة الكتاب، وظن أنه ليس معقولاً أن يكون الكتاب مهماً بالنسبة لهم، وعكف اللص الظريف على قراءة المخطوطة حتى فرغ منها تماماً، ومن شدة إعجابه وانبهاره لما فيها من الحقائق أشهر اللص نفسه إسلامه وأعلنه، وذهب إلى مورسي بكاري نفسه وسلمه المخطوطة، وكان هو قد حزن حزناً شديدا .

تفسير قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)

قال الله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]، فيها أقوال: الأول: فتح مكة. الثاني: فتح الروم وغيرها. الثالث: فتح الحديبية، وهذا أصح الأقوال، فقوله: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا))، المقصود به فتح الحديبية. الرابع: فتح الإسلام بالحجة والبرهان، والسيف والسنان. الخامس: أن المراد منه الحكم كما قال تعالى: رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ [الأعراف:89]، وقال تعالى: ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ [سبأ:26]، ولا يخفى أن الوجوه المذكورة كلها مما يصدق عليها الفتح الرباني، فكلها داخلة في معنى الفتح الرباني، وجميعها مما تحقق مصداقه، إلا أن سبب نزول الآية يبين المراد من الفتح بياناً لا خلاف معه، وهو الوجه الثالث المذكور، وهو صلح الحديبية. قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية في ذي القعدة سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام؛ ليقضي عمرته فيه، وحالوا بينه وبين ذلك، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على تكره من جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فلما نحر النبي صلى الله عليه وسلم هديه حيث أحصر ورجع، أنزل الله عز وجل هذه الآيات. وتأملوا هذا الموقف، وسوف يأتي -إن شاء الله- ذكر الحديث بالتفصيل، فالصحابة كانوا في غم وهم، كيف يحصل هذا الصلح الذي رأى بعضهم أن فيه نوعاً من الظلم للمسلمين، وأن فيه إلزامية بالنسبة للمسلمين؟! ومع ذلك في هذه اللحظات الشديدة على نفوس الصحابة ينزل القرآن الكريم مبيناً أن هذا فتح من الله: ((إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا)). وأنزل الله عز وجل هذه السورة فيما كان من أمره وأمرهم، وجعل ذلك الصلح فتحاً باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روي عن ابن مسعود رضي الله تعالى وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة، ونحن نعد الفتح صلح الحديبية. لأن فتح مكة نفسه هو أثر وثمرة من ثمار صلح الحديبية. وعن جابر رضي الله تعالى عنه قال: ما كنا نعد الفتح إلا يوم الحديبية. وروى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية. وروى الإمام أحمد عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن، قال: (شهدنا الحديبية، فلما انصرفنا عنها إذا الناس ينفرون الأباعر)، وفي بعض الروايات: (إذا الناس يوجفون الأباعر -يعني: يزجرون الإبل ويدفعونها- فقال الناس بعضهم لبعض: ما للناس؟! قالوا: أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجنا مع الناس نرجف -أي: يخافون أن ينزل القرآن يدينهم لما حصل من بعض الصحابة أثناء المفاوضة في موضوع الفتح- فخرجنا مع الناس نرجف فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته على كراع الغميم، فاجتمع الناس عليه فقرأ عليهم: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]، فقال: رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رسول الله! أوفتح هو؟! قال صلى الله عليه وسلم: إي والذي نفس محمد بيده! إنه لفتح) رواه أبو داود في الجهاد. ثم قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى: فالمراد بقوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1] أي: بيناً ظاهراً، وهو صلح الحديبية، فإنه حصل بسببه خير جزيل، وأمن الناس، واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتصر العلم النافع والإيمان. ولما وقفت لغة الفيء والحرب المسلمين والمشركين حصل نوع من هبوط الحمية عند المشركين، ونتيجة الهدنة التي بين المسلمين والمشركين تكلم المؤمن مع الكافر يعني: وصلت رسالة الحق، وبدأ إعلان الدعوة، فمن ثم كانت هذه الفترة فترة في غاية الخطورة بالنسبة للدعوة الإسلامية، ويكفي دليلاً على ذلك عدد الجيش الذي كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية، والعدد الذي كان معه يوم فتح مكة في سنة ثمان من الهجرة، فصلح الحديبية كان سنة ست، وفتح مكة كان سنة ثمان، فما الذي حصل؟ في الحديبية كان عدد الصحابة الذين مع الرسول عليه السلام ألفاً وأربعمائة صحابي، وفي فتح مكة كانوا عشرة آلاف، فهذه من ثمرات وبركات فتح الحديبية.


ديدن الكفار في تشويه الإسلام

لنتأمل هنا قوله: فإنه حصل بسببه خير جزيل، وأمن الناس، واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر وانتصر العلم النافع والإيمان. يعني: يستحيل أن الحق الذي هو الإسلام أن يهزم في معركة شريفة مع الباطل، لكن دائماً الذي يحصل هو أن أعداء الإسلام لا يعرفون الشرف، ولا يعرفون احترام مبدأ ولا عهود ولا مواثيق، أما إذا حصلت مواجهة شريفة ليس مهماً تكاثر الباطل، فإن الباطل لا يعد شيئاً، ودائماً الله سبحانه وتعالى يذكر الباطل والظلمات في القرآن الكريم بصيغة الجمع، أما النور والإسلام والحق فهو دائماً يأتي بصيغة المفرد: لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ [الأحزاب:43]، فالنور مفرد، أما الباطل فإنه لا ينتهي عدده، ولا حصر له، فلو أنه ترك للحق أن يتكلم بدون شغب ولا تشويش أو تشويه، وبدون صد عن سبيل الله ولا إرهاب -وهم الإرهابيون في الحقيقة- واستطاع الناس أن يلتقطوا هذه الرسالة الربانية بدون تشويش على هذا الإرسال فإن الله سبحانه وتعالى يفتح قلوب الناس فيدخلون في دين الله أفواجاً كما حصل من قبل، ولكن لأن أعداء الإسلام يعرفون جيداً أنه لو ترك الناس يستمعون إلي صوت الحق والإسلام وهو غير مشوش ولا مشوه؛ لدخل الناس في دين الله أفواجاً، ورغم كل الحرب القائمة الآن على الإسلام فهو المنتصر، فنحن في حرب عالمية حقيقية، وليست حرباً عالمية مجازية،

إن الأسلحة الآن حديثة وذكية تتعامل بأسلوب غير الأساليب الماضية للاستعمار القديم عن طريق الاحتلال والقوى العسكرية، فالآن يستخدم الإذلال والهيمنة لتأخذ صورة حديثة -وللأسف الشديد- هي أشد فعالية وأقوى؛ لأنها تعتمد على تسخير التكنولوجيا الحديثة، والعلم، والأساليب المدروسة؛ فلذلك هي حرب قذرة غير شريفة؛ لأن كل الهدف هو الصد عن سبيل الله، فيصدون عن سبيل الله بالمذابح والقتل والإرهاب. وأنتم ترون ما يحصل الآن في كوسوفا أو ما حصل بالأمس القريب في البوسنة والهرسك، ولنأت إلى التاريخ من أجل أن يعرف الناس وحشية الغرب ووحشية الكفار من التاريخ القديم سواء في الحروب الصليبية أو غيرها، أما الآن فنحن في صفحة في الواقع تكشف لنا مصداق قول الله تبارك وتعالى: كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً [التوبة:8]، لا يمكن أن يحترموا عهداً أو ذمة، وإنما كما ترون المذابح والتشريد والوحشية التي يمارسها هؤلاء الصرب، ولا أدري كيف يقبلون أنهم ينتمون إلى المسيح عليه السلام! كيف يصدقون أنفسهم بهذه الوحشية وهذه الهمجية وهذه الجرائم التي يرتكبونها ضد المسلمين على مرأى ومسمع، والمسرحية مفهومة، وكل الناس يتكلمون والجرائد تتحدث، وأنتم ترون هذه الأشياء ولا نكثر من ذكرها، ولكن هذا الذي يحصل من القتل والتدمير والتصفية وما يسمى بالتطهير العرقي هو أحد أساليب الصد عن سبيل الله، ويشوهون الإسلام بأنه دين الإرهاب .. ودين القتل وسفك الدماء .. ودين كذا!! ومع ذلك ما زال الناس ومن أعماق ديارهم يدخلون في دين الله أفواجاً يوماً بعد يوم، والقصص لا تنتهي ممن يهديهم الله سبحانه وتعالى إلى الإسلام! فتخيل لو أن الإسلام في دولة على وجه الأرض تتبناه، كما يوجد للنصرانية دولة تتبناها وهي الفاتيكان، فدولة واحدة للإسلام غير موجودة، أو ينفق عليه من أموال المسلمين بحيث تدعم وتقوى الدعوة للإسلام، وتخيل لو أن الإسلام لم يشوه ولم يحارب بهذه الصورة. فهم يصورون الإسلام في الحقيقة بصورة في غاية الخطورة، فيصورون للناس أننا نعبد الحجر الأسود والكعبة وأنها إلهنا، أو أننا نعبد محمداً عليه السلام كما يعبدون هم عيسى، وأننا نعتقد أنه يوجد ثالوث، وغير ذلك من التشويش الذي يحصل، وكذا أيضاً يستغلون ما يحصل للأسف الشديد من سلوكيات بعض الحمقى من بعض التيارات الإسلامية كما فعل -والله المستعان- المدعو أبو حمزة المصري لما أتى بالتصرفات التي يفعلها على مرأى ومسمع من العالم، فهم يفتحون له الإعلام تماماً؛ ليتحدث في كل قضية تمثل الدين بكلام لا يقوله المجانين، وهو يشوه الإسلام، وينفر الكفار من دين الإسلام؛ لذلك يفتحون له الإعلام على مصراعيه؛ لأنه يتكلم كلاماً لا يقوله إنسان عاقل يقول: إننا سوف ندمر الغرب، ونخترع قنابل تنزل ببالونات تفجر بريطانيا كلها! ويوهمون الناس أن هذا ممثل الإسلام! فهذا الجاهل المعتدي الظالم الصاد عن سبيل الله يظهر على أنه يمثل الإسلام! الشاهد: أن الحرب لو كانت شريفة لا يمكن أبداً أن ينهزم الإسلام، فالمسلمون لا ينهزمون أبداً في مواجهة شريفة، وانظر إلى أي مناظرة جرت في نطاق التاريخ الإسلامي كله بين عالم إسلامي متأهل وبين أعظم فطاحلة علماء اليهود أو النصارى، النتيجة معروفة تماماً وهي الاندحار، وأنهم لا يمكن أن يقووا على الصمود على الإطلاق، والقصص كثيرة جداً في هذا المضمار.

( يتبع )







.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:23 PM   #86


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















محا ور السورة

صلح الحديبية مقدمة للفتح ودخول الناس أفواجاً في دين الله

لنتأمل قوله: وتكلم المؤمن مع الكافر يعني: بدءوا يشغلون العقول، وهذه كانت أعظم ثمرة؛ لأن الإسلام يستفيد جداً من هذا الجو الذي فيه حرية، فالباطل يمارس الباطل بكل حريته، فليتركوا إذاً الحرية للحق أيضاً، ولا يمكن أن يصمد الباطل، وحتى لو تكتل كل أهل الباطل على وجه الكرة الأرضية أمام الإسلام لا يمكن أن يصمدوا فالنتيجة معروفة مسبقاً ومقطوع بها، فأنا كنت أريد تسليط الضوء على هذه العبارة: (وتكلم المؤمن مع الكافر) يعني: الرسالة الإعلامية كانت تصل صحيحة إلى الكافر، فتأمل هذا الكافر لو كان عنده بصيص من نور الفطرة، ثم يسمع عن الإسلام، فإنه ينجذب إليه انجذاباً شديداً جداً؛ كما قال الله تعالى: نُورٌ عَلَى نُورٍ [النور:35]، نور الفطرة مع نور الوحي، نور الفطرة التي أودعها الله في قلبه وهو الله الذي خلقه، ونور الوحي الذي أنزله الله، الذي: يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14]، فتأملوا هذه العبارة الرائعة لـابن كثير رحمه الله تعالى؛ لأنها تكشف لنا سر وصف صلح الحديبية بأنه فتح، مع أن النظرة الأولية التي أهملت العواقب التي لا يعلمها إلا الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الوقت هي التي جعلت بعض الصحابة يعترضون، وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فقد اشتد جداً في الاستغراب، وقال: كيف نعطي الدنية في ديننا؟! في حين أن كان الأمر عند الله وعند رسوله فتحاً مبيناً، قال تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]، ويلخص الحافظ ابن كثير صفة هذا الفتح وسببه، فيقول: فإنه حصل بسببه خير جزيل، وأمن الناس، واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان. وقال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى في زاد المعاد في الكلام على ما في غزوة الحديبية من الفقه واللطائف ما مثاله: كان صلح الحديبية مقدمة وتوطئة بين يدي هذا الفتح العظيم، أمن الناس به، وكلم بعضهم بعضاً، وناظره في الإسلام، وتمكن من اختفى من المسلمين بمكة من إظهار دينه، والدعوة إليه، والمناظرة عليه، ودخل بسببه بشر كثير في الإسلام، ولهذا سماه الله فتحاً في قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]، نزلت في الحديبية، فقال عمر : (يا رسول الله! أوفتح هو؟! قال: نعم) وأعاد سبحانه ذكر كون ذلك فتحاً قريباً بقوله: وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18]، وهذا شأنه سبحانه وتعالى أن يقدم بين يدي الأمور العظيمة مقدمات تكون كالمدخل إليها، المنبئة لها وعليها. وهي التي نسميها الإرهاصات.. فهي مقدمات توضح وتمهد لحدوث أمر عظيم وجليل. فصلح الحديبية: عبارة عن إرهاص بين يدي صلح.. بين يدي الفتح الأعظم الذي هو فتح مكة، ولذلك جاء في أثناء السورة: وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:18] أي: سوف يحصل وهو فتح مكة. يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: وهذا شأنه سبحانه أن يقدم بين يدي الأمور العظيمة مقدمات تكون كالمدخل إليها، المنبئة لها وعليها، كما قدم بين يدي قصة المسيح وخلقه من غير أب قصة زكريا، وخلق الولد له مع كونه كبيراً لا يولد لمثله، فتأمل في سورة آل عمران، وحتى في سورة مريم قدم الله سبحانه وتعالى أولاً قصة زكريا، وكيف أنه دعا ربه، وقبلها أنه كان يدخل على مريم: كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:37]، كرامة لمريم عليها السلام، أن يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:37]، فهذه كانت كرامة لـمريم الصديقة عليها السلام، فـهُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ [آل عمران:38]، لما رأى خرق العادة لـمريم علم أن ربه قادر على أن يخرق له العادة أيضاً مع كونه شاب شعر رأسه، وبلغ من الكبر عتياً، وكون امرأته عاقراً لا يولد لها، وقد طعنت أيضاً في السن، وهو حريص على الولد: وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم:5-6]، ويستحيل أن يظن من زكريا أنه كان قلقاً على مستقبل أولاده وذريته من أجل المال والعقارات، لا، (( يَرِثُنِي )) يعني: في النبوة؛ لأن الأنبياء لا يورث عنهم مال، وإنما يرثه في العلم والدعوة، فهو كان قلقاً على الإسلام، ولم يكن قلقاً على المال والدنيا (( يَرِثُنِي )) أي: في العلم والنبوة: وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا [مريم:6]. ثم رزقه الله سبحانه وتعالى يحيى عليه السلام كما قص علينا في القرآن، فهذا كله كان مقدمة وتوطئة لما هو أعظم وأخطر آية، وهي خلق المسيح عليه السلام من غير أب، فتجد أن هذا التدرج للتمهيد بين يدي أمر عظيم، وهو خلق المسيح عليه السلام ليجعله آية للناس.

قدم بين يدي تحويل القبلة في سورة البقرة مقدمات، فهي أولاً: بدأت بقصة البيت (الكعبة)، وبنائه وتعظيمه والتنويه به، وذكر بانيه وتعظيمه قال الله: وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا [البقرة:124] إلى قوله تعالى: وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا [البقرة:127] إلى آخر الآيات. فكل هذا التمهيد لأن الهدف النهائي -وهو أمر عظيم جداً- سيحصل، وهو تحويل القبلة، فقبل أن يخبر أن القبلة ستتحول من بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة بدأت الآيات بذكر قصة بناء البيت الحرام، وتعظيمه والتنويه به، وذكر بانيه -وهو إبراهيم عليه السلام- وتعظيمه ومدحه. وقبل ذلك قوله تعالى: مَا نَنسَخْ [البقرة:106] فهذه مقدمة أيضاً؛ وإرهاص وتمهيد قبل حصول هذا الأمر، فبدأ بذكر النسخ، وحكمته المقتضية له، وقدرة الله الشاملة عز وجل على نسخه، فهذه كلها كانت توطئة وتمهيداً بين يدي حدث خطير جداً، وهو تحويل القبلة، ثم قال تعالى: قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ [البقرة:144]. وهكذا أيضاً ما قدمه بين يدي نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أشرف حدث في تاريخ الإنسان كله، ولادة النبي وبعثة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فماذا حصل في عام ولادته؟ حصلت أولاً قصة الفيل. أيضاً تكاثرت بشارات الكهان والجن قبل بعثته الشريفة صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه كلها عبارة عن إرهاصات ومقدمات لهذا الحدث الجليل. كذلك قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح)، فهذه عبارة عن تمهيد من الله سبحانه وتعالى لبدء الوحي، فهذه عمليات التمهيد بين يدي الحدث الأعظم، وهو نزول الوحي عليه في اليقظة، فأتاه الوحي أولاً في المنام عن طريق الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، صلى الله عليه وآله وسلم. كذلك الهجرة هي المقدمة بين يدي الأمر بالجهاد، ومن تأمل أسرار الشرع والقدر رأى من ذلك ما تبهر حكمته أولي الألباب. انتهى كلام الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى.

كلام الشنقيطي في قوله تعالى: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً)

يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا [الفتح:1]: التحقيق الذي عليه الجمهور أن المراد بهذا الفتح صلح الحديبية؛ لأنه فتح عظيم، وإيضاح ذلك أن الصلح المذكور هو السبب الذي تهيأ به للمسلمين أن يجتمعوا بالكفار فيدعوهم إلى الإسلام، وبينوا لهم محاسنه؛ فدخل كثير من قبائل العرب بسبب ذلك في الإسلام، ومما يوضح ذلك أن الذين شهدوا صلح الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة عام ست كانوا ألفاً وأربعمائة، ولما أراد النبي صلى الله عليه وسلم غزو مكة حين نقض الكفار العهد كان خروجه إلى مكة في رمضان عام ثمان، وكان معه عشرة آلاف مقاتل؛ وذلك يوضح أن الصلح المذكور من أعظم الفتوح في كونه سبباً لقوة المسلمين وكثرة عددهم، وليس المراد بالفتح المذكور فتح مكة، وإن قال بذلك جماعة من أهل العلم؛ وإنما قلنا ذلك لأن أكثر أهل العلم على ما قلنا، ولأن ظاهر القرآن يدل عليه؛ ولأن سورة الفتح هذه نزلت بعد صلح الحديبية في طريقه صلى الله عليه وسلم راجعاً إلى المدينة، ولفظ الماضي في قوله: (( إِنَّا فَتَحْنَا )) يدل على أن ذلك الفتح قد مضى، فهذا هو الظاهر، فقوله (( فَتَحْنَا )) يعني: فرغنا من هذا الفتح، وهو عقد صلح الحديبية، فدعوى أنه فتح مكة، ولم يقع إلا بعد سنتين؛ خلاف الظاهر، والآية التي في فتح مكة دلت على الاستقبال لا على المضي، وهي قوله تعالى: إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا [النصر:1-2]، انتهى كلام العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى.


أقوال العلماء في معنى الفتح المبين


مما قيل في معنى الفتح: أنه جميع ما فتح الله لرسوله من الفتوح. وقيل: هو ما فتح له أو ما فتح له من النبوة والدعوة إلى الإسلام. وقيل: فتح الروم. ومعنى الفتح في اللغة: فتح المنغلق، والصلح الذي كان مع المشركين بالحديبية كان مسدوداً متعذراً حتى فتحه الله. قال الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية؛ وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، وهذا الأمر في غاية الأهمية، وهو اختلاط المشركين بالمسلمين، فإنه يكون بركة على المشركين فضلاً عن المسلمين، ولذلك أنت إذا قارنت بين أحوال الكفار الذين يعيشون مع المسلمين في بلاد المسلمين وبين الكفار في البلاد التي ليس فيها مسلمون، تجد الفرق الكبير؛ لأن بركة المسلمين تشمل هؤلاء، فتجد أن عندهم الحياء والعفة وغير ذلك من الأخلاق الحميدة من بركة معايشة المسلمين، بخلاف الذين يتمحض فيهم الكفر، فموضوع اختلاط المسلمين الصادقين الذين يطبقون الإسلام بالفعل مع الكفار من أعظم أسلحة الدعوة. وتعرفون قصة ثمامة بن أثال رضي الله تعالى عنه، كان ثمامة ممن يحارب الرسول عليه السلام، وأسر في قتال بينه ويبن المسلمين، فماذا فعل به النبي عليه الصلاة والسلام؟ أسره وربطه في سارية المسجد، ثم تركه في المسجد ثلاثة أيام، وهذه حكمة عظيمة من النبي عليه الصلاة والسلام تشير وتنبئ إلى هذا المعنى الذي نذكره الآن من قول بعض العلماء؛ وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين، فسمعوا كلامهم؛ فتمكن الإسلام في قلوبهم، فهذا درس عملي ينبغي أن نقتدي بالرسول عليه السلام فيه، فقد ربطه في المسجد، فما الذي سوف يراه خلال ثلاثة أيام؟ حياة إسلامية مائة بالمائة.. أخلاق إسلامية.. عبادة لله.. توحيد.. سيسمع أي درس.. أي حديث فيه توحيد وفيه ذكر لله عز وجل، وبيان مقاصد ومحاسن الإسلام، يرى كيف يتعامل المسلمون بعضهم مع بعض.. يرى حسن الخلق.. يرى الأمانة.. يرى التعبد.. يرى البكاء من خشية الله.. يرى الركوع.. السجود.. ويرى بعض خيرات وبركات الإسلام. فالذي حصل أنه كان كلما طالت إقامته مع المسلمين يبدأ يلين، فالرسول عليه السلام بعدما قيده في اليوم الأول أتاه فقال: (ماذا عندك يا ثمامة؟! -بدأ بالعدوانية- قال: إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تعف تعف عن شاكر) يعني: دمي لن يذهب هدراً، دمي له قيمة، ثم في اليوم التالي سأله نفس السؤال: (ماذا عندك يا ثمامة ؟! فقال: إن تعف تعف عن شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم)، والعرب كانوا في غاية الدقة في اختيار الألفاظ ومراعاة الأولوية، فهذه المرة الثانية تجد أن اللين بدأ يتسرب إلى قلبه، فمفعول الدواء بدأ ينفع من معاشرة المسلمين في يوم واحد، ففي اليوم الثاني بدأت اللهجة تخف، قال: (إن تعف تعف عن شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم) فتركه مقيداً، وفي اليوم الثالث سأله نفس السؤال وأجاب بنفس الجواب؛ فأطلقه النبي عليه الصلاة والسلام حراً طليقاً، فماذا فعل ثمامة ؟ كان قد وصل إلى القرار النهائي، فعمد إلى مكان قريب من المسجد واغتسل فيه، ثم أتى وشهد شهادة التوحيد، ودخل في الإسلام!

( يتبع )









.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:25 PM   #87


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















محا ور السورة

أن موضوع اختلاط المسلمين بالمشركين -أعني المسلمين الذين يطبقون الإسلام واقعاً وحقيقة- هو من أعظم ما يغزو قلوب هؤلاء المشركين. وكما ترون أن العلماء يكادون أن يتفقوا على أن المقصود به صلح الحديبية! قال الزهري : لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية؛ وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم، فتمكن الإسلام في قلوبهم، وأسلم في ثلاث سنين خلق كثير، وكثر بهم سواد الإسلام. وقال الشعبي : لقد أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية ما لم يصب في غزوة: غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبويع بيعة الرضوان، وأطعموا نخل خيبر، وبلغ الهدي محله، وظهرت الروم على فارس؛ ففرح المؤمنون بظهور أهل الكتاب على المجوس. وقال الزجاج : كان في فتح الحديبية آية عظيمة؛ وذلك أنه نزح ماؤها ولم يبق فيها قطرة، فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مجه في البئر؛ فدرت بالماء حتى شرب جميع الناس، لم يذكر الزجاج هذا مرفوعاً عن النبي عليه الصلاة والسلام؛ لأنه كان من المتأخرين، لكن أياً كان فهذه المعجزة وردت في أحاديث متواترة، كحديث نبع الماء من بين أصابع يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والملاحظ أنه في كل مرة كان الرسول عليه الصلاة والسلام يدعو لهم بالبركة في الطعام يكثر الطعام تحت يده، ويكفي جيشاً بأكمله بعدما كانوا يشكون في أنه يكفي مجموعة قليلة من الناس! فهو كان يقول: ائتوني بإناء فيه شيء من الماء، ثم يضع أصابعه الشريفة، فينبع الماء، وهذا متواتر، وثابت بنفس الطريقة التي ثبت بها القرآن الكريم ثبوتاً قطعياً لا مجال للطعن فيه، فأحاديث كثيرة جداً فيها تكرر هذه المعجزة على يد النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يضع يده الشريفة في الإناء فيفور الماء من بين أصابعه. والحكمة من الإتيان بماء في الأصل ألا يتوهم الناس أن الرسول عليه الصلاة والسلام يوجده من العدم، وإنما هي البركة التي تنزل من عند الله في ماء خلقه الله أصلاً، فالطعام موجود لكنه يبارك فيه بإذن الله سبحانه وتعالى. والعلماء مختلفون فيما يتعلق بفتح مكة هل فتحت عنوة أم أنها فتحت صلحاً؟ وهذه القضية قد نتعرض لها بعد ذلك إن شاء الله تبارك وتعالى.

فضل السورة :

1) عن عبد الله بن مغفل قال : قرأ رسول الله عام الفتح في مسيرة سورة الفتح على راحلته فرجع فيها .

2) عن أبي بردة أن النبي قرأ في الصبح " إنا فتحنا لك فتحا مبينا " .

( يتبع - سورة الحجرات )









.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:28 PM   #88


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















سورة الحجرات

التعريف بالسورة
سورة مدنية .
من المثاني .
آياتها 18 .
ترتيبها التاسعة والأربعون .
نزلت بعد المجادلة .
بدأت السورة باسلوب النداء " يا أيها الذين آمنوا "
نهت السورة المسلمين عن رفع أصواتهم فوق صوت النبي .

سبب التسمية


سميت ‏سورة ‏الحجرات ‏لأن ‏الله ‏تعالى ‏ذكر ‏فيها ‏بيوت ‏النبي ‏‏وهي ‏الحجرات ‏التي ‏كان ‏يسكنها ‏أمهات ‏المؤمنين ‏الطاهرات ‏رضوان ‏الله ‏عليهن‎ .‎‏

سبب نزول السورة


1) قال ابن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبره أنه قدم ركب من بني تميم على رسول الله فقال أبو بكر :أمر القعقاع بن معبد، وقال عمر : أمر الأقرع بن حابس فقال أبو بكر : ما أردت إلا خلافي ،وقال عمر : ما أردت خلافك ؛ فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فنزل في ذلك قوله تعالى : ( يَا أيُّها الذينَ آمنوا لا تُقَدِّموا بينَ يدي اللهِ ورسولهِ إلى قوله وَلو أنَّهم صَبَروا حتَّى تخرجَ إليهم ) (رواه البخاري) .

2) نزلت في ثابت بن قيس بن شماس كان في أذنه وقر وكان جهوري الصوت وكان إذا كلم إنسانا جهر بصوته فربما كان يكلم رسول الله فيتأذّى بصوته فأنزل الله تعالى هذه الآية .

3) عن أنس : لما نزلت هذه الآية لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي قال ثابت بن قيس :أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبي وأنا من أهل النار فَذُكِرَ ذلك لرسول الله فقال : هو من أهل الجنة( رواه مسلم ) .

4) عن أبي بكر قال لما نزلت على النبي ( أن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله اولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى ) قال أبو بكر : فآليت على نفسي أن لا أكلم رسول الله إلا كاخي السرار

محاور مواضيع السورة


تتضمن السورة حقائق التربية الخالدة وأس المدنية الفاضلة حتى سماها بعض المفسرين " سورة الأخلاق " .
إن هذه السورة الكريمة ، وهي على وجازتها سورة جليلة ضخمة ، تتضمن حقائق التربية الخالدة ، وأسس المدنية الفاضلة ، فهي بحق مدرسة متكاملة ، تربّى في ضوئها أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

ولقد جاءت لتربي الأمة على سمو الأخلاق وفضائل الأعمال وعلو الهمم .

إنها مدرسة عقيدية وتشريعية وتربوية ، ولذلك فلا عجب أن يُسمي بعض المفسرين هذه السورة بـ (سورة الأخلاق) فالسورة في الأمر بمكارم الأخلاق ورعاية الآداب .

مقاصد السورة
ابتدأت السورة بالأدب الرفيع ، الذي أدّب الله به المؤمنين تجاه شريعة الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو ألا يبرموا أمراً ، أو يبدوا رأياً ، أو يقضوا حكماً في حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، حتى يستشيروه ويستمسكوا بإرشاداته الحكيمة ، فلا يقولوا حتى يقول ، ولا يأمروا حتى يأمر ، وأنه متى استبانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجب إتباعها ، وتقديمها على غيرها .

ثم انتقلت إلى أدب آخر ، وهو خفض الصوت إذا تحدثوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم في لين وتكريم ، وألا يكون الرسول كأحدهم ، بل يُميّزونه في خطابهم ، كما تميّز عن غيره ، فيقولوا : يا رسول الله ، يا نبي الله .

ثم مدح الله تعالى من غضّ صوته عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأخبر أن قلوبهم صالحة للتقوى ، ووعدهم بالمغفرة لذنوبهم ، والثواب العظيم لهم في جنات النعيم .

ثم ذمَّ الله تعالى أناساً من الأعراب ، قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوجدوه في بيته وهو قائل ، فلم يصبروا حتى يخرج ، ونادوه : أن اخرج إلينا ، فذمهم الله بعدم العقل ، حيث لم يعقلوا الأدب مع رسوله واحترامه ، وذلك بأن يصبروا حتى يخرج إليهم ، فإنّ ذلك أفضل عند الله وعند الناس ، والله غفور لذنوب عباده ، رحيم بالمؤمنين ، حيث اقتصر على نصحهم وتقريعهم ، ولم يُنزل العقاب بهم .






محاور مواضيع السورة :

ومن الأدب الخاص إلى الأدب العام ، تنتقل السورة لتقرير دعائم المجتمع الفاضل ، فتأمر المؤمنين بعدم السماع للإشاعات ، وتأمر بالتثبت من الأنباء والأخبار ، لاسيما إن كان الخبر صادراً عن شخص غير عدل ، أو مُتّهم ، فإنّ في ذلك خطراً كبيراً ، ووقوعاً في الإثم ، وكم من خبرٍ لم يتثبت من سامعه جرّ وبالاً ، وأحدث انقساماً ، فحصل من تلف النفوس والأموال بغير حق ما يكون سبباً للندامة . ثم أبان تعالى بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أظهركم – يعني الصحابة – فعظّموه وانقادوا لأمره ، فإنه أعلم بمصالحكم ، وأشفق عليكم من أنفسكم ، ورأيه فيكم أتمّ من رأيكم لكم ، ثم بيّن أنّ رأيهم سخيف بالنسبة إلى مراعاة مصالحهم ، فلو أطاعكم – يعني الصحابة – في جميع ما تختارونه لأدّى ذلك إلى عنتكم وحرجكم ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم يرشدكم .
ثم أخبر جل جلاله بأنه يُحبّب إليكم الإيمان ، ويُزيّنه في قلوبكم ، بما أودع فيها من محبة الحق وإيثاره ، وبما نصب على الحق من الشواهد الدالة على صحته ، وقبول القلوب والفطر له ، ويُكرّه إليكم الكفر والفسوق – وهي الذنوب الكبار – والعصيان – وهي جميع المعاصي - ، بما أودع في قلوبكم من كراهية الشر وعدم إرادة فعله ، وبما نصب على الشر من الشواهد الدالة على فساده ومضرته وعدم قبول القلوب والفطر له ، وبما يجعل الله في القلوب من الكراهة له .

ثم وصف أولئك بأنهم الذين صلحت علومهم وأعمالهم واستقاموا على الدين القويم والصراط المستقيم ، وأنّ هذا الخير الذي حصل لهم هو بفضل الله وإحسانه ، لا بحولهم وقوتهم ، وأنه تبارك وتعالى عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية ، فهو حكيم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره .

ثم ينهى الله عز وجل عباده المؤمنين ، عن أن يبغي بعضهم على بعض ، ويقتل بعضهم بعضاً ، وأنه إذا اقتتلت جماعة من المؤمنين ، فإنّ على غيرهم من المؤمنين أن يتلافوا هذا الشر الكبير بالإصلاح بينهم ، والتوسط على أكمل وجه يقع به الصلح ، فإن صلحتا فبها ونعمت ، وإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا الفئة الباغية ، حتى ترجع إلى حكم الله ورسوله ، من فعل الخير وترك الشر الذي من أعظمه الاقتتال ، حتى إذا كفّت عن الاقتتال فأصلحوا بينهما ، وليكن الصلح بالعدل ، لا بالظلم والحيف على أحد الخصمين ، فلا تُراعى جماعة لقرابة أو وطن أو غير ذلك من المقاصد والأغراض ، واعدلوا في كل ما تأتون وتذرون ، فإن الله عز وجل يحب العادلين في حكمهم بين الناس ، وفي جميع الولايات التي تولوها ، حتى عدل الرجل في أهله وعياله في أداء الحقوق إليهم .

ثم عقد الله بين المؤمنين عقداً ، أنه إذا وُجِد من أي شخص كان ، في مشرق الأرض ومغربها : الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فإنه أخ للمؤمنين ، أخوة تُوجب أن يُحبّ له المؤمنون ما يُحبون لأنفسهم ، ويكرهون له ما يكرهون لأنفسهم ، ومن ذلك : إذا وقع الاقتتال بينهم ، الموجب لتفرق القلوب وتباغضها وتدابرها ، فليصلح المؤمنون بين إخوانهم ، وليسعوا فيما به يزول شنآنهم ، فليس المؤمنون إلا إخوة في الدين .
ثم أمر بالتقوى ، ورتّب على القيام بها حصول الرحمة ، وإنّ عدم القيام بحقوق المؤمنين من أعظم حواجب الرحمة الذي يحصل به خيري الدنيا والآخرة .

حذّرت السورة معاشر المؤمنين من كل قول وفعل دالٍ على تحقير الأخ المسلم ، وهو دال على إعجاب الساخر بنفسه ، وعسى أن يكون المسخور به خيراً من الساخر ، وهو الغالب والواقع ، فإن السخرية لا تقع إلاّ من قلب ممتلئ من مساوئ الأخلاق ، متحلٍّ بكل خلق ذميم ، مُتخلٍّ من كل خلق كريم ، وهذا للرجال والنساء .
ولا يعب بعضكم على بعض ، ولا يُعيّر أحدكم أخاه ، ويُلقِّبه بلقب يكره أن يُقَال فيه ، واللمز بالقول ، والهمز بالفعل ، وسمى الأخ المسلم نفساً لأخيه ، لأن المؤمنين ينبغي أن يكون حالهم كالجسد الواحد .

ثم ذم الله تعالى مرتكب ذلك ، وأنَّ من فعل ما نهى عنه ، وتقدم على المعصية بعد إيمانه ، فسخر من المؤمنين ، ولمز أخاه المؤمن ، ونبذه بالألقاب ، فهو فاسق .

ومن لم يتب عن نبز أخاه أو لمزه أو سخريته منه ، فأولئك الذي ظلموا أنفسهم فأكسبوها العقاب .

ثم نهى الله عز وجل عباده المؤمنين عن كثير من الظن السيئ بالمؤمنين ، من تهمة وتخوّن للأهل والأقارب والناس عامة ، وعبّر بالكثير لوجوب الاحتياط والتورع فيما يخالج الأفئدة من هواجسه ، فلا يتلفظ به ، إلا بعد التحقق ، واعلموا أنَّ بعض الظن يكون إثماً محضاً كظن السوء الذي يقترن به كثير من الأقوال والأفعال المحرمة ، وكالظن الخالي من الحقيقة والقرينة ، وذلك بأهل الخير .

فليُتجنَّب كثير منه احتياطاً ، إذ لا داعية تدعوا المؤمن للمشي وراءه ، أو صرف الذهن فيه ، بل من مقتضى الإيمان ظنُ المؤمنين بأنفسهم خيراً .

ولما كان من ثمرات سوء الظن التجسس والاشتغال به : نهى الله عز وجل عنه ، وذلك بألاّ يتبع بعضكم عورة بعض ، ولا تُفتِّشوا عنها ، ودعوا المسلم عن حاله ، واستعملوا التغافل عن زلاته ، واقنعوا بما ظهر لكم من أمره ، وبه فاحمدوا أو ذُمّوا ، والتحسّس - بالحاء المهملة – غالباً يكون في الخير ، والتجسّس – بالجيم المعجمة – غالباً يكون في الشر ، وقد يُستعمل كل منهما في الشر .
ثم نهى الله تبارك وتعالى عن الغيبة ، وذلك بألاّ يقل بعضكم في بعض بظهر الغيب ما يكره فيه ذلك أن يقال له في وجهه ، إنّ أحدكم لو عُرِض عليه أكل لحم أخيه ميتاً لكرهه ، فلذا ينبغي أن تكرهوا غيبته ، وخافوا عقوبة الله بانتهائكم عما نهاكم عنه من ظن السوء والتجسّس عما ستر ، والاغتياب ، وغير ذلك من المناهي ؛ واعلموا أن الله يقبل توبة التائبين إليه ، ويتكّرم برحمته عن عقوبتهم بعد متابهم .

( يتبع )








.





 

رد مع اقتباس
قديم 20-01-2021, 08:33 PM   #89


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي





















محاور مواضيع السورة :

نبه تعالى بعد نهيه عن الغيبة واحتقار الناس بعضهم لبعض : على تساويهم في البشرية ، فأخبرهم أنه خلقهم من أصل واحد ، وهما آدم وحواء ، فلا تفاخر بالآباء والأجداد ، ولا اعتداد بالحسب والنسب ، سواء بسواء ، كلكم لآدم وآدم من تراب ؛ ولكن الله تعلى بثّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً ، وفرّقهم ، وجعلهم شعوباً – أمة كبيرة – وقبائل – مما هو دونها- لأجل التعارف بينكم ، لا التفاخر بأنسابكم ، إنه لو استقل كل واحد منكم بنفسه ، لم يحصل بذلك التعارف الذي يترتب عليه التناصر والتعاون والتوارث والقيام بحقوق الأقارب .
واعلموا أنكم إنما تتفاضلون عند الله بالتقوى ، فمن كان أكثركم طاعة وانكفافاً عن المعاصي ، فهو المستحق لأن يكون أكرم وأشرف وأفضل ، فدعوا التفاخر بالأنساب .
إن الله عليم بظواهركم وبواطنكم ، خبير بالأتقى والأكرم ، لا تخفى عليه خافية .

إنه لمّا كانت طليعة السورة في الحديث عن جفاة الأعراب ، والإنكار على مساوئ أخلاقهم ، ختمها بتعريف أنّ من كان على شاكلتهم في ارتكاب تلك المناهي ، فهو ممن لم يخامر فؤاده الإيمان ، فهو تبارك وتعالى يُنكر على الأعراب الذين أول ما دخلوا في الإسلام ادّعوا لأنفسهم مقام الإيمان ، ولم يتمكن الإيمان في قلوبهم ، فأُدّبوا وأُعلِموا أنّ ذلك لم يصلوا إليه بعد ، فهم مسلمون ، والسبب أنكم إنما أسلمتم خوفاً أو رجاءً ، فلذلك لم تدخل بشاشة الإيمان في قلوبكم ، فهو ليسوا بمنافقين ، وإلا لفُضحوا وعُنِّفوا .

وإن تطيعوا الله ورسوله بفعل خير أو ترك شر ، فلا ينقصكم من أعمالكم ولو مثقال ذرة ، بل يوفيكم إياها ، أكمل ما تكون ، لا تفقدون منها صغيراً ولا كبيراً .

إن الله غفور لمن تاب إليه وأناب ، رحيم به ، حيث قبل توبته .
ثم بيّن تعالى الإيمان ، وما به يكون المؤمن مؤمناً ، إنما المؤمنون الصادقون في دعوى الإيمان ، الذين جمعوا بين طاعة الله ورسوله ، ولم يقع في نفوسهم شك فيما آمنوا به من وحدانية الله ونبوة نبيه ، وجاهدوا المشركين بإنفاق أموالهم وبذل مهجهم في جهادهم ، لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، إنّ أولئك الجامعون بين الأمور المذكورة : هم الصادقون في الاتصاف بصفة الإيمان ، والدخول في عِداد أهله ، لا من عداهم ممن أظهر الإسلام ولم يطمئن بالإيمان قلبه .


إنّ إثبات الإيمان ونفيه ، من باب تعليم الله بما في القلب ، وهو سوءُ أدبٍ وظنٍ بالله عز وجل ، ولهذا قال آمراً نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم أن يقول لهؤلاء الأعراب : أتعلِّمون الله بدينكم ، أتخبرونه بما في ضمائركم ، إنه إن كان إخباراً للخلق فلا دليل على صدقه ، وإن كان للحق تعالى فلا معنى له ، لأنهم كيف يُعلِّمونه ، وهو العالم بكل شيء ، إنه تجمّل بما لا يجمل ، وفخر بما لا ينبغي لهم الفخر به ، فإن المنة لله تعالى عليهم ، فهو سبحانه لا يخفى عليه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء ، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ، والله بكل شيء عليم .

ثم أشار تعالى إلى نوع آخر من جفائهم ، وهو منتهم بإسلامهم ، وتكثيرهم لسواد أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، فردّ الله عليهم : ألاّ { تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُم }الحجرات17، فإن نفع ذلك إنما يعود عليكم ، ولله المنة عليكم فيه ، { بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ}الحجرات17 أي أرشدكم إليه ، وأراكم طريقه ووفقكم لقبول الدين ، وشرح صدوركم له ، إن كنتم صادقين في دعواكم ، ولكن علم الله من قلوبكم أنكم كاذبون ، لاطلاعه على الغيوب ، إن الله أيها الأعراب لا يخفى عليه الصادق منكم من الكاذب ، ومن الداخل منكم في ملة الإسلام رغبة فيه ، ومن الداخل فيه رهبةً من الرسول صلى الله عليه وسلم وجنده .

فهو سبحانه يعلم الأمور الخفية التي تخفى على الخلق ، كالذي في لجج البحار ، وما جنّه الليل أو واراه النهار ، يعلم قطرات الأمطار ، وحساب الرمال وكنونات الصدور وخبايا الأمور

موضوعات السورة :

الأول : التقدم بين يدي الله ورسوله .

ولنعلم أن من مقتضى العقيدة : التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهذا ما تضمنه كمال الانقياد لله ورسوله والتسليم المطلق لله ورسوله ، ولهذا ذم المشركين سبحانه وتعالى في سورة الأنعام والأعراف وغيرهما ، لكونهم حرّموا ما لم يُحرّمه الله ، ولكنهم شرعوا ديناً لم يأذن به الله ، وبهذا تعلم أن تحكيم القوانين الوضعية والإعراض عن شريعة الله ، هو خلاف مقتضيات الشهادتين ، وبطريق الأولى هو تقدّمٌ بين يدي الله ورسوله .

وعلى هذا جرى أئمة الإسلام على ما ذكرناه كابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب وابن ابراهيم وابن باز وغيرهم
وفي وجوب التحاكم إلى شرع الله {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيماً }النساء105 وفي من لم يحكم بما أنزل الله {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }التوبة31 {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ }المائدة44 {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً }النساء60{فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً }النساء65قال الجصّاص : وفي هذه الآية دلالة على أنّ من ردّ شيئاً من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله صلى الله عليه وسلم فهو خارج عن الإسلام ، سواء ردّه من جهة الشك فيه ، أو من جهة ترك القبول والامتناع من التسليم .

قال ابن عثيمين : ( وهذه المسألة ، أعني مسألة الحكم بغير ما أنزل الله ، من المسائل الكبرى التي ابتُلي بها حكام هذا الزمان ، فعلى المرء ألاّ يتسرّع في الحكم عليهم بما لا يستحقونه ، حتى يتبين له الحق ، لأن المسألة خطيرة ، نسأل الله أن يُصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانتهم )
وبهذا يتضح لنا خطورة الحكم بغير ما أنزل الله ، وأنه أشد أنواع التقدم بين يدي الله ورسوله .


موضوعات السورة :

الثاني : الأدب مع العلماء :

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ }الحجرات2 عندما نزلت الآية ، تأثر الصديق أبو بكر والفاروق عمر رضي الله عنهما ، والتزما ألاّ يكلما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاّ سراً أو همساً ، ومن ثَمَّ نزل قوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ }الحجرات3 وهذا الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم التزم به الصحابة ومن بعدهم ، حتى بعد وفاته ، حيث كرهوا رفع الصوت عند قبره كما ذكر ذلك كثير من المفسّرين كابن كثير وغيره ، وهذا الأدب وعاه السلف ، حيث تجاوزوا به شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كل شيخ وعالم من العلماء ، حيث يحملون ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو سنته ، فالأدب مع العلماء أدب مع الله وأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم ، ومن أساء الأدب مع العلماء والدعاة فقد أساء الأدب مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ، لأن ذلك لن يقف عند أشخاصهم ، بل سيتعدى إلى ما يحملونه من علم الكتاب والسنة ، ومن هذا المنطلق ، ولما نراه من هجوم على كثير من العلماء ، من تتبّع لمثالبهم وانتقاصهم والتشهير بهم ، ولم يقتصر الأمر على الأحياء ، بل تعدى إلى الأموات من سلف هذه الأمة وقدوتها.


موضوعات السورة :

الثالث : التثبت في الأخبار :

قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ }الحجرات6 وفي قراءة أخرى : ( فتثبتوا ) وهما قراءتان متواترتان ، والتثبت ينصب على السند ، أما التبين فهو حول معنى الخبر ومتنه وملابساته .
إن التثبت منهج شرعي في سماع الأخبار وتمحيصها ونقلها وإذاعتها ، بل هو أصل كبير نافع ، أمَر الله به رسوله ، كما في الآية ، وأخبر بالأضرار المترتبة على عدم التثبت {أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ }الحجرات6 وأنّ من تثبت لم يندم ... إن الذي يعلم كيف يتحقق وكيف يسمع وكيف ينقل وكيف يعمل هو الحازم المصيب ، ومن كان غير ذلك فهو الأحمق الطائش الذي مآله الندامة .
وعند ورود الخبر ، فإنّ المنهج الشرعي تجاه ذلك يكون بما يلي :
1- عدالة الراوي ، وذلك بسلامته من الفسق وخوارم المروءة .
2- ضبط الراوي وإتقانه وقوة حفظه ، وإنّ كثيراً ممن يروون الأخبار ويتلقونها ، يغفلون عن هذه القضية ، أو يتساهلون بها ؛ قال مالك : ( إن هذا العلم دين ، فانظروا عمَّن تأخذونه ، لقد أدركت سبعين ممن يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذه الأساطين ، وأشار إلى المسجد ، فما أخذتُ عنهم شيئاً ، وإنّ أحدهم لو ائتُمن على بيت مالٍ لكان أميناً ، إلاّ أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن )
3- حسن الفهم ودقة الاستيعاب للمراد :
وكم من ورع حافظ ، لكنه لا يفقه ما يروي وما يحفظ ، وإلاّ فالطفل يحفظ حفظاً عجيباً ، قد يعجز عنه بعض الكبار ، ومع ذلك لا يُدرك ما يحفظ ولا يفهم ما يروي .
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : « نضّر الله عبداً سمع مقالتي فحفظها ووعاها ، وبلغها من لم يسمعها ، فرُبّ حامل فقه لا فقه له ، ورُبّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه »
4- مراعاة اتصال السند .
5- مقارنة الخبر ، وعرض متنه ومدلوله على السنن الإلهية والأحوال الجارية .
قال ابن خلدون : « وكثيراً ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات والوقائع لاعتمادهم فيها على مجرد النقل ، غثّاً أو سميناً ، ولم يعرضوها على أصولها ، ولا قاسوها بأشباهها ، ولا سبروها بمعيار الحكمة ... »
6- وجوب مقارنة الخبر بسيرة من نُسب إليه ابتداء ، بمعنى أنه يثبت الخبر ثبوتاً قاطعاً ، وهو لا يليق بسيرة هذا الرجل وما عُرِف عنه ، فنبحث له عن مخرج ونحمله على المحمل الحسن دون مجاملة أو مداهنة في الحق ، ولو تمحصنا بعض الأخبار التي يتعجّل بعض الناس في تصديقها وروايتها لاكتشفنا الحقيقة ، بأن هذا الخبر مكذوب ، أو قد يكون صحيحاً ولكن جاء على غير وجهه ، وقد يكون لصاحبه عذر وأنت لا تعلم ؛ قال السبكي : ( فإذا كان الرجل ثقة مشهوداً له بالإيمان والاستقامة ، فلا ينبغي أن يُحمَل كلامُه وألفاظُ كتاباتهِ على غير ما تُعوّد منه ومن أمثاله ، بل ينبغي التأويل الصالح وحسن الظن الواجب به وبأمثاله )
وقال ابن تيمية لما بلغه كلام عن سهل التستري ، مما فيه مخالفة شرعية : ( وهذه الحكاية ، إما كذب على سهل وهذا الذي نختار أن يكون حقاً ، أو تكون غلطاً منه فلا حول ولا قوة إلا بالله )
ونُنبّه إلى أن الأخبار تتفاوت ، فمنها ما يجب أن نُطبِّقه فيه ما نقدر عليه من شروط التوثيق ، ونسلك جميع السبل الممكنة للتبين والتثبت ، وأخرى دون ذلك حسب مدلولها وأثرها ، وتخصّص راويها أو المروية عنه ، فلكل خبرٍ رواتُه ، ولكل حدث فاعلوه ، ولكل جهد مصادرُها ومخبرُها ، ويجب أن تقدر كل حالة بقدرها ، فلا إفراط ولا تفريط .


الرابع : الأخوة :
قال تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ }الحجرات10 هذه الآية أصل من الأصول التي تنظم علاقة المسلم بأخيه المسلم ، حتى الاقتتال بين المسلمين ، عدّه الله خروج عن قاعدة الأخوة التي قرّرها الله ، إنّ للأخوة الإيمانية مكانة سامية ودرجة عالية رفيعة ، قال صلى الله عليه وسلم : « أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله »
وعن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة : « ورجلان تحابا في الله ، اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه »
وهذه الآية تدل في منطوقها ومفهمومها وسياقها على عدة دلالات أهمها أمران:
1- أن الاقتتال بين المسلمين خروج عن قاعدة الأخوة التي قررها الله بقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ )(الحجرات: من الآية10) فيجب اتخاذ جميع الوسائل المشروعة التي تعيد هؤلاء إلى القاعدة، ولو أدى ذلك إلى قتالهم، صيانة لهذا الأصل ومحافظة عليه.
2- أن على المؤمنين الذين لم يشاركوا في هذا الخلاف، أن يبادروا بالصلح بين الفريقين المتخاصمين، وإذا لم يجد الصلح مع أحدهما، فيجب عليهم قتاله وإجباره على ذلك.
إن هذا الأمر - وهو القيام بالصلح أو القتال - ليس أمرا اختياريا أو مندوبا، بل هو لأن هذه الآية تخولهم القيام بكل وسيلة مشروعة تعيد الأمر إلى نصابه والحق إلى أهله.
وبعد تقرير هذه القاعدة، ورسم المنهج الشرعي في المحافظة عليها، تأتي آيات أخرى متلمسة أسباب حدوث الخلاف والخصومات بين المسلمين، فتبين حكم الله فيها، وتحذر المسلمين من الوقوع في حبائلها، مغلقة أبواب الشر ووسائل الفتنة وحبائل الشيطان.
فجاءت الآيات ناهية عن: السخرية، والتنابز، واللمز، وسوء الظن والتجسس، والغيبة، والتفاخر لأن هذه الآفات من أعظم ما يبث الوشائج، ويثير الضغائن، ويفجر الخصومات، وبخاصة أن منشأها أمور قلبية، وما ظهرت على الجوارح إلا بعد أن عاشت واستوطنت القلوب زمنا، والقضاء عليها قضاء على آثارها، ومجرد إيقاف الاقتتال - لو حدث - لا يكفي لإطفاء نار الفتنة، فقد تشتعل بين لحظة وأخرى، إذا كانت النفوس تنطوي على أسباب الفتنة وجذورها.


( يتبع - سورة ق )








.





 

رد مع اقتباس
قديم 21-01-2021, 06:42 PM   #90


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي









سورة ق

‎‏ التعريف بالسورة


سورة مكية إلا الآية 38 فمدنية .
من المفصل .
آياتها 45 .
ترتيبها الخمسون .
نزلت بعد المرسلات .
أول سورة حزب المفصل .
بدأت السورة باسلوب قسم " ق والقرآن المجيد ".

سبب التسمية

هي من السور التي سميت بأسماء الحروف الواقعة في ابتدائها مثل طه وص . وق . ويس لانفراد كل سورة منها بعدد الحروف الواقعة في أوائلها بحيث إذا دعيت بها لا تلتبس بسورة أخرى .

وفي الإتقان أنها تسمى سورة ( الباسقات ) . هكذا بلام التعريف ، ولم يعزه [ ص: 274 ] لقائل والوجه أن تكون تسميتها هذه على اعتبار وصف لموصوف محذوف ، أي سورة النخل الباسقات إشارة إلى قوله : والنخل باسقات لها طلع نضيد .

سبب نزول السورة


عن ابن عباس أن اليهود أت النبي فسألت عن خلق السموات والارض فقال: خلق الله الأرض يوم الاحد والاثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق السموات يوم الاربعاء والخميس وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر ، قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد قال : ثم استوى على العرش قالوا : قد أصبت لو تممت ثم استراح ،فغضب رسول الله غضبا شديدا فنزلت (وَلَقَد خلقنا السموات والارض وما بينهما في ستة ايام وما مسَّنا من لغوب فاصبر على ما يقولون ).

محور مواضيع السورة :

تعالج السورة أصول العقيدة الإسلامية " الوحدانية ، الرسالة ، البعث " ولكن المحور الذي تدور حوله هو موضوع " البعث والنشور " حتى ليكاد يكون هو الطابع الخاص للسورة الكريمة وقد عالجه القرآن بالبرهان الناصع والحجة الدامغة وهذه السورة رهيبة شديدة الوقع على الحس تهز القلب هزًا وترج النفس رجًا وتثير فيها روعة الإعجاب ورعشة الخوف بما فيها من الترغيب والترهيب .
ومقصود السورة تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في الرسالة التي معظمها الإنذار وأعظمه الإعلام بيوم الخروج بالدلالة على ذلك بعد الآيات المسموعة العنية بإعجازها عن تأييد بالآيات المرئية الدالة قطعا على الإحاطة بجميع صفات الكمال، وأحسن من هذا أن يقال: مقصودها الدلالة على إحاطة القدرة التي هي نتيجة ما ختمت به الحجرات من إحاطة العلم لبيان أنه لابد من البعث ليوم الوعيد، فتكتنف هذه الإحاطة بما يحصل من الفضل بين العباد بالعدل لأن ذلك هو سر الوجود وذلك هو نتيجة مقصود البقرة، والذي تكفل بالدلالة على هذا كله ما شوهد من إحاطة مجد القرآن بإعجازه في بلوغه في كل من جميع المعاني وعلو التراكب وجلالة المفردات وتلازم الحروف وتناسب النظم ورشاقة الجمع وحلاوة التفضيل إلى حد لا تطيقه القوى، ومن إحاطة القدرة بما هدى إليه القرآن من آيات الإيجاد والإعدام، وعلى كل من الاحتمالين دل اسمها ق لما في آياته من إثبات المجد بهذا الكتاب، والمجد هو الشرف والكرم والرفعة والعلو، وذلك لا يكون إلا والآتي به كذلك، وهو ملازم لصدقه في جميع ما أتى به، وللقاف وحدها أتم دلالة على ذلك، أولا بمخرجها فإنه من أصل اللسان مما يلي الحلق ويحاذيه من الحنك الأعلى، فإن ذلك إشارة إلى أن مقصود السورة الأصل والعلو، وكل منها دال على الصدق دلالة قوية، فإن الأصل في وضع الخبر الصدق، ودلالته على الكذب وضعية لا عقلية، وهي أيضا محيطة باسمها أو مسماها بالمخارج الثلاث، والإحاطة بالحق لا تكون إلا مع العلو، وهو لا يكون إلا مع الصدق، ولإحاطتها سمي بها الجبل المحيط بالأرض، هذا بمخرجها، وأما صفتها فإنها عظيمة في ذلك فإن لها الجهر والشدة والانفتاح والاستعلاء والقلقة، وكل منها ظاهر الدلالة على ذلك جدا، وأدل ما فيها من المخلوقات على هذا المقصد النخل، لما انفردت به عما شاركها من النبلات بالإحاطة بالطول وكثرة المنافع، فإنها جامعة للفكه بالقلب ثم الطلع ثم البسر ثم الرطب وبالاقتيات بالتمر وبالخشب والحطب والقطا والخوض النافع للافتراش والليف النافع للحبال، ودون ذلك وأعلاه من الخلال، هذا مع كثرة ملابسة العرب الذين هم أول مدعو بهذا الكتاب الذكر لها ومعرفتهم بخواصهعا، وأدل ما فيها الطول مع أنه ليس لعروقها من الامتداد في الأرض والتمكن ما لغيرها، ومثل ذلك غير كاف في العادة في الإمساك عن السقوط وكثرة الحمل وعظم الإفناء وتناضد الثمر، ولذلك سميت سورة الباسقات لا النخل.


ومن مقاصد السورة أيضا : إِثبات النبوّة للرّسول صلى الله عليه وسلم وبيان حُجّة التَّوحيد، والإِخبار عن إِهلاك القرون الماضية، وعلم الحقّ تعالى بضمائر الخَلْق وسرائرهم، وذكر الملائكة الموكَّلين على الخَلْق، المشرفين على أَقوالهم، وذكر بَعْث القِيامة، وذُلّ العاصين يومئذ، ومناظرة المنكرين بعضهم بعضًا في ذلك اليوم، وتَغَيُّظ الجحيم على أَهله، وتشرّف الجنَّة بأَهلها، والخبر عن تخليق السّماءِ والأَرض، وذكر نداءِ إِسرافيل بنفخة الصُّور، ووعظ الرّسول صلَّى الله عليه وسلم الخَلْق بالقرآن المجيد في قوله: {فَذَكِّرْ بِالقرآن مَن يَخَافُ وَعِيدِ}.

ابتدأت السورة بالقضية الأساسية التي أنكرها كفار قريش، وتعجبوا منها غاية العجب، وهي قضية الحياة بعد الموت، والبعث بعد الفناء {ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب أئذا متنا وكنا ترابا ذلك رجع بعيد} الآيات.
ثم لفتت السورة أنظار المشركين- المنكرين للبعث- إلى قدرة الله العظيمة، المتجلية في صفحات هذا الكون المنظور، في السماء والأرض، والماء والنبت، والثمر والطلع، والنخيل والزرع، وكلها براهين قاطعة على قدرة العلي الكبير {أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها} الآيات.
وانتقلت السورة الكريمة للحديث عن المكذبين من الأمم السالفة، وما حل بهم من الكوارث وأنواع العذاب، تحذيرا لكفار مكة أن يحل بهم ما حل بالسابقين {كذبت قبلهم قوم نوج وأصحاب الرس وثمود} الآيات.
ثم انتقلت السورة للحديث عن سكرة الموت، ووهلة الحشر، وهول الحساب، وما يلقاه المجرم في ذلك اليوم العصيب، من أهوال وشدائد تنتهي بإلقائه في الجحيم {ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد} الآيات.
وختمت السورة الكريمة بالحديث عن صيحة الحق وهي الصيحة التي يخرج الناس بها من القبور، كأنهم جراد منتشر، ويساقون للحساب والجزاء، لا يخفى على الله منهم أحد، وفيه إثبات للبعث والنشور، الذي كذب به المشركون {واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج} الآيات.

( يتبع )










 

رد مع اقتباس
قديم 21-01-2021, 06:46 PM   #91


البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل :  16 - 3 - 2015
 أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM)
 المشاركات : 873,030 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Egypt
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي












تابع – سورة ق

محور مواضيع السورة :

جاء في خطبة للشيخ صالح بن عواد المغامسي
بعنوان : وقفات مع سورة " ق "
لا أحد أعلم بالله من الله تبارك وتعالى , ولا أحد أدل على الطريق الموصل إلى جنانه والمبعد عن نيرانه منه تبارك وتعالى ولهذا أقسم الله جل وعلا في صدر هذه السورة بالقرآن وختم هذه السورة بقوله جل شأنه : {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } [ق45] .

وإن المؤمن إذا كان على الفطرة قويماً مستقيماً على منهاج محمد صلى الله عليه وسلم كان لا يتأثر بشيء أعظم من تأثره بالقرآن . بالقرآن يجاهد المؤمن قال الله جل وعلا : { وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَاداً كَبِيراً } [الفرقان52] . وبالقرآن يقوم المؤمن بين يدي ربه {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً}[الإسراء79] . وبالقرآن يخوف من عصى الله { فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ} .

جعله الله جل وعلا شرفاً لهذه الأمة في الدنيا والآخرة {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف44] والذكر هنا بمعنى الشرف العالي والمقام العظيم الذي أتاه الله نبيه صلى الله عليه وسلم بما أوحى إليه من هذا القرآن العظيم .

ثم أخبر تبارك وتعالى أن أعظم العجب الذي انتاب كفار قريش أنهم استكبروا أن يبعث رسول من بين أظهرهم يعرفهم ويعرفونه فقالوا مستكبرين كما قال الله جل وعلا : {بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ } [ق2] وهذه العلة في الرد هي العلة التي امتطتها الأمم من قبل فأكثر الأمم التي بعث إليها الرسل كان أكبر حجتهم في الرد على رسولهم أنهم اعترضوا أن يبعث الله جل وعلا بشراً رسولاً فأخبر الله تبارك وتعالى أنه لو قُدّر أن ينزل الله جل وعلا ملكا لكان هذا الملك بشراً رسولاً يحمل أوصافهم ولبقي الأمر ملتبساً عليهم كما بقي في الأول ورسولنا صلى الله عليه وسلم كانت قريش تعرفه قبل أن يبعث تعرفه بأمانته وعفافه وطهره صلوات الله وسلامه عليه تعرف منشأه ومدخله و مخرجه فليس لهم حجة في اعتراضهم عليه صلوات الله وسلامه عليه .

بل الأمر رحمة من الله محضة يضعها الله حيث يشاء قال جل ذكره : {وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [الزخرف31] فقال تبارك وتعالى مجيب لهم : {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ } [الزخرف32] فاقتضت رحمة الله جل وعلا وحكمته و مشيئته أن يكون محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه خاتم الأنبياء وسيد الأولياء وأفضل الخلق أجمعين ولله جل وعلا الحكمة البالغة و المشيئة النافذة {بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } [ق2] .




وكما اعترضوا على الرسول اعترضوا على الرسالة وأعظم ما اعترضوا عليه إنكارهم للبعث والنشور وأن العظام إذا بليت والأجساد إذا تقطعت سيكون لها بعد ذلك مبعث ونشور كما أخبر الله تبارك وتعالى عنهم فقالوا : {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } [ق3] فقال الحق جل جلاله وعظم سلطانه : {قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } [ق4] .

قال صلوات الله وسلامة عليه : ( إن بني آدم خلق من عجب الذنب منه خلق وفيه يركب فكل جسد بني آدم يبلى في قبره إلا عجب الذنب ) . أجساد الشهداء أجساد حفاظ القرآن أجساد الصالحين أجساد غيرهم من الخلق أجمعين كُلها تبلى إلا أجساد الأنبياء قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا كانت ليلة الجمعة أو يومها فأكثروا من الصلاة علي قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك وقد أرمت فقال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " ) فخرجت أجساد الأنبياء بهذا الحديث الصحيح وبقي ما غيرها من الأجساد عرضه للبلاء والذهاب كما أخبر الله تبارك وتعالى ظاهراً في كتابه وكما بينته السنة الصحيحة الصريحة عن الرسول الهدى صلوات الله وسلامة عليه .

{ قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } ذلكم هو اللوح المحفوظ .
{ حَفِيظٌ } أي محفوظ لا يتغير ولا يتبدل , حفيظ لا يشذ عنه شيء , حفيظ كتبته الملائكة بأمر من الرب تبارك وتعالى فما فيه لا يتغير ولا يتبدل إلى أن يقوم الخلق ويحضر الأشهاد بين يدي رب العباد تبارك وتعالى .

ثم ذكر جل شأنه بعض من عظيم خلقه وجلائل صنائعه فذكر السماء والأرض وإنزال المطر وإنبات الزرع وأن ذلك كله لا يخلقه إلا الله تبارك وتعالى ومن تأمل في عظيم المخلوقات دلته بصيرته وبصره إلى رب البريات جل جلاله فما أجمل أن تكون الأشياء من حولنا تدلنا على ربنا تبارك وتعالى قال الله جل وعلا عن القانتين من خلقه والمتقين من عباده : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } [آل عمران191 ]فما عظمة المخلوق إلا دلالة على عظمة الخالق . وما جلالة المصنوع إلا دلالة على جلالة البارئ جل شأنه .

والله تبارك وتعالى ما من مخلوق إلا والله جل وعلا خالقه ومدبره فقير كل الفقر ذلك المخلوق إلى الله والله جل وعلا غني كل الغنى عن كل مخلوق خلق العرش وهو مستغني عن العرش خلق حملة العرش وهو جل وعلا مستغني عن حملة العرش خلق جبريل و ميكائيل و إسرافيل وملك الموت وغيرهم من الملائكة وهو جل وعلا مستغنى كل الغنى عنهم وهم أجمعون فقراء كل الفقر إلى ربهم تبارك وتعالى .

{اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ } [البقرة255] فحياته جل شأنه حياة لم يسبقها عدم ولا يلحقها زوال وقوله جل وعلا { الْقَيُّومُ } أي قيوم السموات والأرض احتاج كل أحد إليه واستغنى جل وعلا عن كل أحد سواه لا إله إلا هو رب العرش العظيم .

ذكر جل وعلا بعد ذلك الخصومة التي بين نبيه صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش اعترفوا أول الأمر أن الله هو خالقهم ثم قالوا إن الله غير قادر على أن يبعثنا فقال الله جل وعلا : {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ }[ ق15 ] .

فهم متفقون على أننا قد خلقناهم أول مرة لكن اللبس الذي في قلوبهم والشكك الذي في صدورهم إنما هو ناجم عن إعادة البعث والنشور قال الله جل وعلا مجيباً العاص ابن وائل لما أخذ عظاماً بالية ووضعها في كفة ثم نفثها في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " أتزعم يا محمد أن ربك يعيد هذا بعد خلقه " ، قال الله مجيباً له : {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ * الَّذِي جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ * أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ } [يس81] آمنا بالله الذي لا إله إلا هو قال الله : { أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ } ثم قال جل وعلا : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق16] وهذا قرب الله جل وعلا من عباده بملائكة بذلكم الرقيبين الذين يحصيان الكلمات ويعدان الأفعال . الذي عن اليمين يكتب الحسنات ويشهد على الآخر والذي عن الشمال يكتب السيئات ويشهد على الآخر ثم يلتقيان مع صاحبهما بين يدي الله بين يدي من لا تخفى عليه خافية فطوبى لعبد كانت سريرته خيراً له من علانيته . قال الله جل وعلا : {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ } وهذا بيان للأول أي : {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ }حين يتلقى المتلقيان {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} تمضي على ذلك أيامه وأعوامه وما كتب الله له من الحياة حتى يواجه سكرت الموت وكلما تلفظ به أمر مسطور مكتوب لا يغيب قال الله سبحانه : {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ } [ق19] أي تفر فلا يوجد أحد يلقي بنفسه إلى المهالك قال الله : {وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ } .
وقف الصديق رضي الله عنه يواجه سكرة الموت وهو مضطجع في بيته فقالت الصديقة رضي الله عنها ابنته عائشة لما رأت أباها يواجه سكرت الموت تردد قولاً قديماً لحاتم طي :

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى ***إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر

فكشف الصديق وهو في سكرة الموت عن غطاءه وقال : " يا بنيه لا تقولي هذا ولكن قولي كما قال الله : { وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ }" .

( يتبع )










 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التعريف , الصور , النزول , القرآن , الكريم , بصور , ومحاور , وأسباب , ومقاصد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
معلومات قرآنية البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 29-11-2020 01:14 PM
ختم القرآن من الأعمال الجليلة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 16 06-07-2020 06:12 PM
معجزة الإسلام الخالدة البرنس مديح ال قطب (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 18 05-03-2020 09:14 PM
تعرف على القرآن الكريم 2 تيماء (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 24 29-12-2018 10:05 PM
أسرار التكرار في القرآن الكريم ميارا (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 11 13-02-2013 11:33 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:46 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010