06-02-2021, 06:13 PM
|
#212 |
بيانات اضافيه [
+
] | رقم العضوية : 5942 | تاريخ التسجيل : 16 - 3 - 2015 | أخر زيارة : يوم أمس (03:48 PM) | المشاركات : 873,030 [
+
] | التقييم : 2147483647 | الدولهـ | الجنس ~ | MMS ~ | SMS ~ | | لوني المفضل : Darkorange | |
تابع – سورة الجن محاور ومقاصد السورة وهكذا تمتد إيحاءات السورة إلى مساحات ومسافات وأبعاد وآماد واسعة بعيدة ، وهي سورة لا تتجاوز الثماني والعشرين آية ، نزلت في حادثة معينة ومناسبة خاصة .. فأما هذا الحادث الذي أشارت إليه السورة. حادث استماع نفر من الجن للقرآن. فتختلف بشأنه الروايات. قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه : «دلائل النبوة» : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان ، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار ، حدثنا إسماعيل القاضي ، أخبرنا مسدد ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس - رضي اللّه عنهما - قال : «ما قرأ رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - على الجن ولا رآهم. انطلق رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء ، أرسلت عليهم الشهب ، فرجعت الشياطين إلى قومهم ، فقالوا : ما لكم؟ فقالوا : حيل بيننا وبين خبر السماء ، وأرسلت علينا الشهب. قالوا : ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث ، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ، وانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء. فانصرف أولئك النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - وهو بنخلة عامدا إلى سوق عكاظ ، وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر ، فلما سمعوا القرآن استمعوا إليه ، فقالوا : هذا واللّه الذي حال بينكم وبين خبر السماء ، فهنالك حين رجعوا إلى قومهم قالوا : «إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً» .. وأنزل اللّه على نبيه - صلى اللّه عليه وسلم - : «قُلْ : أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ» .. وإنما أوحي إليه قول الجن (و رواه البخاري عن مسدد بنحو هذا ، وأخرجه مسلم عن شيبان ابن فروخ عن أبي عوانة بهذا النص). فهذه رواية. وهناك رواية أخرى .. قال مسلم في صحيحه : حدثنا محمد بن المثنى حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا داود وهو ابن أبي هند ، عن عامر ، قال : سألت علقمة : هل كان ابن مسعود شهد مع رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ليلة الجن؟ قال : فقال علقمة : أنا سألت ابن مسعود - رضي اللّه عنه - فقلت : هل شهد أحد منكم مع رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ليلة الجن؟ قال : لا ، ولكنا كنا مع رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ذات ليلة ، ففقدناه فالتمسناه في الأودية والشعاب ، فقيل : استطير؟ اغتيل؟ قال : فبتنا بشرّ ليلة بات بها قوم. فلما أصبحنا إذا هو ، جاء من قبل حراء. قال : فقلنا : يا رسول اللّه ، فقدناك فطلبناك فلم نجدك ، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم. فقال : «أتاني داعي الجن ، فذهبت معهم فقرأت عليهم القرآن». قال : فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم» وسألوه الزاد فقال : «كل عظم ذكر اسم اللّه عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما ، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم. قال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «فلا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم» ..
وهناك رواية أخرى عن ابن مسعود أنه كان تلك الليلة مع رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ولكن إسناد الرواية الأولى أوثق. فنضرب عن هذه وأمثالها .. ومن الروايتين الواردتين في الصحيحين يتبين أن ابن عباس يقول : إن الرسول - صلى اللّه عليه وسلم - لم يعرف بحضور النفر من الجن ، وأن ابن مسعود يقول : إنهم استدعوه. ويوفق البيهقي بين الروايتين بأنهما حادثان لا حادث واحد.
وهناك رواية ثالثة لابن اسحق قال :
«ولما هلك أبو طالب نالت قريش من رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - من الأذى ما لم تكن تنال منه في حياة عمه أبي طالب ، فخرج رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى الطائف يلتمس النصرة من ثقيف ، والمنعة بهم من قومه ، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاءهم به من اللّه عز وجل ، فخرج إليهم وحده.
«قال ابن إسحق : فحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي قال : لما انتهى رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى الطائف عمد إلى نفر من ثقيف هم يومئذ سادة ثقيف وأشرافهم ، وهم إخوة ثلاثة :
يا ليل بن عمرو بن عمير ، ومسعود بن عمرو بن عمير ، وحبيب بن عمرو بن عمير ... وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح. فجلس إليهم رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فدعاهم إلى اللّه ، وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام ، والقيام معه على من خالفه من قومه. فقال له أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة (أي يمزقها) إن كان اللّه أرسلك! وقال الآخر : أما وجد اللّه أحدا يرسله غيرك؟ وقال الثالث :
واللّه لا أكلمك أبدا لئن كنت رسولا من اللّه كما تقول لأنت أعظم خطرا من أن أرد عليك الكلام. ولئن كنت تكذب على اللّه ما ينبغي لي أن أكلمك. فقام رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - من عندهم وقد يئس من خير ثقيف. وقد قال لهم - فيما ذكر لي - : «إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني». وكره رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - أن يبلغ قومه عنه ، فيذئرهم (أي يحرشهم) ذلك عليه! «فلم يفعلوا ، وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ، حتى اجتمع عليه الناس ، وألجئوه إلى حائط (أي بستان) لعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة - وهما فيه - ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه ، فعمد إلى ظل حبلة من عنب (أي طاقة من قضبان الكرم) فجلس فيه ، وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف ... فلما اطمأن رسول اللّه - صلّى اللّه عليه وسلم - قال - فيما ذكر لي - : «اللهم إليك أشكو ضعف قوتي ، وقلة حيلتي ، وهواني على الناس ، يا أرحم الراحمين ، أنت رب المستضعفين وأنت ربي ، إلى من تكلني؟ إلى عبد يتجهمني؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي ، ولكن عافيتك هي أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات ، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك ، أو يحل علي سخطك ، لك العتبى حتى ترضى ، ولا حول ولا قوة إلا بك» ..
«قال : فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما ، فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له :
عداس. فقال له : خذ قطفا من هذا العنب ، فضعه في هذا الطبق ، ثم اذهب به إلى ذلك الرجل ، فقل له يأكل منه. ففعل عداس ، ثم أقبل به حتى وضعه بين يدي رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - ثم قال له :
كل. فلما وضع رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - فيه يده قال : «بسم اللّه» ثم أكل. فنظر عداس في وجهه ثم قال : واللّه إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد. فقال له رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - :
«ومن أهل أي البلاد أنت يا عداس؟ وما دينك؟ قال : نصراني ، وأنا رجل من أهل نينوى. فقال له رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «من قرية الرجل الصالح يونس بن متى؟» فقال عداس : وما يدريك ما يونس ابن متى؟ فقال رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - : «ذاك أخي. كان نبيا وأنا نبي» فأكب عداس على رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - يقبل رأسه ويديه وقدميه. قال : يقول ابنا ربيعة أحدهما لصاحبه أما غلامك فقد أفسده عليك! فلما جاءهما عداس قالا له : ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه؟
قال : يا سيدي ما في الأرض شيء خير من هذا. لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي. قالا له : ويحك يا عداس! لا يصرفنك عن دينك ، فإن دينك خير من دينه! «قال : ثم إن رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلم - انصرف من الطائف راجعا إلى مكة ، حين يئس من خير ثقيف ، حتى إذا كان بنخلة قام من جوف الليل يصلي. فمر به النفر من الجن الذين ذكرهم اللّه تبارك وتعالى ، وهم - فيما ذكر لي - سبعة نفر من جن أهل نصيبين ، فاستمعوا له ، فلما فرغ من صلاته ولوا إلى قومهم منذرين ، قد آمنوا وأجابوا إلى ما سمعوا. فقص اللّه خبرهم عليه - صلى اللّه عليه وسلم - قال اللّه عز وجل :
«وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ» إلى قوله : «وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ». وقال تبارك وتعالى :
«قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ» إلى آخر القصة من خبرهم في هذه السورة».
وقد علق ابن كثير في تفسيره على رواية ابن إسحاق هذه فقال : «هذا صحيح. ولكن قوله : إن الجن كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر. فإن الجن كان استماعهم في ابتداء الإيحاء كما دل عليه حديث ابن عباس - رضي اللّه عنهما - المذكور. وخروجه - صلى اللّه عليه وسلم - إلى الطائف كان بعد موت عمه. وذلك قبل الهجرة بسنة أو سنتين كما قرره ابن إسحاق وغيره. واللّه أعلم».
( يتبع ) |
|
|
|
| |