03-08-2017, 01:40 PM | #29 |
| لفظ (الرحمة) في القرآن لفظ (الرحمة) مفهوم إسلامي أصيل، ورد ذكره في القرآن الكريم في نحو ثمانية وستين ومائتي (268) موضع، وقد ورد في أكثر مواضعه بصيغة الاسم، نحو قوله سبحانه: {إنه هو التواب الرحيم} (البقرة:37)، وورد في أربعة عشر موضعاً بصيغة الفعل، نحو قوله سبحانه {قالوا لئن لم يرحمنا ربنا} (الأعراف:149). ولفظ (رحم) يدل على الرقة والعطف والرأفة. يقال: رحمه يرحمه، إذا رقَّ له، وتعطف عليه. والرُّحم والمرحمة والرحمة بمعنى واحد. والرَّحِم: علاقة القرابة. وسميت رحم الأنثى رحماً من هذا؛ لأن منها ما يكون ما يرحم ويرق له من ولد. ولفظ (الرحمة) في القرآن ورد على عدة معان، نستعرضها تالياً: - الرحمة التي هي (صفة) الله جلا وعلا، تثبت له على ما يليق بجلاله وعظمته، من ذلك قوله عز وجل: { ورحمتي وسعت كل شيء } (الأعراف:156)، وقوله سبحانه: {وربك الغني ذو الرحمة} (الأنعام:133). و(الرحمة) كـ (صفة) لله سبحانه هي الأكثر وروداً في القرآن الكريم. - الرحمة بمعنى (الجنة)، من ذلك قوله تعالى: {أولئك يرجون رحمة الله} (البقرة:218)، أي: يطمعون أن يرحمهم الله، فيدخلهم جنته بفضل رحمته إياهم. - الرحمة بمعنى (النبوة)، من ذلك قوله سبحانه: {والله يختص برحمته من يشاء} (البقرة5)، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يختص برحمته: أي: بنبوته، خصَّ بها محمداً صلى الله عليه وسلم. وهذا على المشهور في تفسير (الرحمة) في هذه الآية. ومن هذا القبيل قوله تعالى: {وآتاني رحمة من عنده} (هود:28)، أي: نبوة ورسالة. - الرحمة بمعنى (القرآن)، من ذلك قوله تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا} (يونس:58). فـ (الرحمة) في هذه الآية القرآن. وهذا مروي عن الحسن والضحاك ومجاهد وقتادة. - الرحمة بمعنى (المطر)، من ذلك قوله تعالى: {وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته} (الأعراف:57)، قال الطبري: و(الرحمة) التي ذكرها جل ثناؤها في هذا الموضع: المطر. ومن هذا القبيل قوله عز وجل: {فانظر إلى آثار رحمة الله} (الروم:50). - الرحمة بمعنى (النعمة والرزق)، من ذلك قوله سبحانه: {أو أرادني برحمة} (الزمر:38)، قال الشوكاني: الرحمة: النعمة والرزق. ومن هذا القبيل قوله عز من قائل: {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربي} (الإسراء0)، قال البيضاوي: أي: خزائن رزقه، وسائر نعمه. ومنه قوله عز وجل: {ما يفتح الله للناس من رحمة} (فاطر:2). - الرحمة بمعنى (النصر)، من ذلك قوله تعالى: {قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة} (الأحزاب، قال القرطبي: أي: خيراً ونصراً وعافية. - الرحمة بمعنى (المغفرة والعفو)، من ذلك قوله تعالى: {كتب ربكم على نفسه الرحمة} (الأنعام:54)، أي: أنه سبحانه يقبل من عباده الإنابة والتوبة. ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: {قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} (الزمر:53)، أي: لا تيأسوا من مغفرته وعفوه. - الرحمة بمعنى (العطف والمودة)، من ذلك قوله سبحانه: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} (الفتح:29)، قال البغوي: متعاطفون متوادون بعضهم لبعض، كالولد مع الوالد. ونحو هذا قوله عز وجل: {وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة} (الحديد:27)، أي: مودة فكان يواد بعضهم بعضاً. - الرحمة بمعنى (العصمة)، من ذلك قوله تعالى: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي} (يوسف:53)، قال ابن كثير: أي: إلا من عصمه الله تعالى. - الرحمة بمعنى (الثواب)، من ذلك قوله سبحانه: {إن رحمت الله قريب من المحسنين} (الأعراف:56)، قال سعيد بن جبير: الرحمة ها هنا الثواب. - الرحمة بمعنى (إجابة الدعاء)، من ذلك قوله سبحانه: {ذكر رحمة ربك عبده زكريا} (مريم:2)، قال الشوكاني: يعني إجابته إياه حين دعاه وسأله الولد. وعلى الجملة، فإن لفظ (الرحمة) من الألفاظ العامة والشاملة، التي يدخل في معناها كل خير ونفع يعود إلى الإنسان في دنياه وآخرته؛ ومن هنا فلا غرابة أن نجد في كتب التفسير من يفسر لفظ (الرحمة) في موضع بمعنى من معانيه، ويفسره آخر بمعنى آخر، ويحكم ذلك كله في النهاية سياق الكلام وعِلْم المفسِّر. |
|
03-08-2017, 01:41 PM | #30 |
| الخوف في القرآن ألفاظ (الخوف) في القرآن في القرآن الكريم جملة من الألفاظ تدل على حالة نفسية تعتري الإنسان جراء سلوك إيجاب أو سلبي، يُعبر عن هذا الشعور تارة بالخشية، وتارة بالخوف، وتارة بالفزع، وتارة بالرعب، وتارة بالرهبة، وتارة بالوجف، وتارة بالوجل. نسعى في مقالنا التالي إلى رصد هذه الألفاظ، مبينين معناها اللغوي أولاً، ثم نتبع ذلك بذكر الفروق الدلالية بينها، انطلاقاً من أن هذه الألفاظ وإن كان بينها قاسم مشترك من جهة المعنى، بيد أنها تحمل بعض الفروق الدلالية يقتضيها هذا السياق القرآني أو ذاك. الجزع (الجزع) هو: حزن يصرف الإنسان عما هو بصدده، ويقطعه عنه. وأصل الجزع: قطع الحبل من نصفه، يقال: جزعته فانجزع. وهو خلاف الصبر. وهذا اللفظ لم يرد في القرآن إلا مرتين، أولاهما: جاء بصيغة الفعل، وذلك قوله سبحانه: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا} (إبراهيم:21). ثانيهما: جاء بصيغة الاسم، وذلك قوله سبحانه: {إذا مسه الشر جزوعا} (المعارج:20). الحذر (الحذر): احتراز عن مخيف، يقال: حذر حذرًا وحذرته. وحذار: أي: احذر. وهذا اللفظ جاء في القرآن في سبعة عشر موضعاً، جاء أكثرها بصيغة الفعل، كقوله تعالى: {ويحذركم الله نفسه} (آل عمران:28). وجاء أقلها بصيغة الاسم نحو قوله تعالى: {وإنا لجميع حاذرون} (الشعراء:56). الخشية (الخشية): خوف يشوبه تعظيم، وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يُخشى منه. قال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} (فاطر:28). و(الخشية): حالة تحصل عند الشعور بعظمة الخالق، وهيبته، وخوف الحجب عنه. و(الخشية) أيضاً: تألم القلب بسبب توقع مكروه في المستقبل، يكون تارة بكثرة الجناية من العبد، وتارة بمعرفة جلال الله وهيبته. وخشية الأنبياء من هذا القبيل. وهذا اللفظ توارد في القرآن في نحو ثلاثة وعشرين موضعاً، جاء أكثرها بصيغة الفعل، كقوله تعالى: {فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى} (طه:44). وجاء أقلها بصيغة الاسم، كقوله تعالى: {ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق} (الإسراء:31). الخوف (الخوف): توقع مكروه عن أمارة مظنونة، أو معلومة، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة، أو معلومة. ويضاد الخوف الأمن. ويستعمل ذلك في الأمور الدنيوية والأخروية. قال تعالى: {ويرجون رحمته ويخافون عذابه} (الإسراء:57). و(الخوف) سوط الله، يُقَوِّم به الشاردين من بابه، ويسير بهم إلى صراطه، حتى يستقيم به أمر من كان مغلوباً على رشده. ومن علامته: قصر الأمل، وطول البكاء. والخوف من الله لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب، كاستشعار الخوف من الأسد، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات؛ ولذلك قيل: لا يعد خائفاً من لم يكن للذنوب تاركاً. والتخويف من الله تعالى: هو الحث على التحرز، وعلى ذلك قوله تعالى: {ذلك يخوف الله به عباده} (الزمر:16). ولفظ (الخوف) جاء في القرآن في نحو خمسة وستين موضعاً، جاء بعضها بصيغة الاسم، كقوله تعالى: {فمن تبع هداي فلا خوف عليهم} (البقرة:38)، وجاء بعضها الآخر بصيغة الفعل، كقوله تعالى: {ليعلم الله من يخافه بالغيب} (المائدة:94). الرعب (الرعب) هو: الانقطاع من امتلاء الخوف، يقال: رعبته فرعب رعباً، فهو رعب. والتِّرعابة: الشديد الخوف والفزع. وقد جاء هذا اللفظ في القرآن في خمسة مواضع فقط، منها قوله تعالى: {سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب} (آل عمران:151)، وجاء في مواضعه الخمسة بصيغة الاسم، ولم يأت بصيغة الفعل في القرآن. الرهبة (الرهبة) و(الرهب): مخافة مع تحرز واضطراب، تقول: رهبت الشيء رُهْباً ورَهَباً ورهبة. وجاء هذا اللفظ في القرآن وَفْق هذا المعنى في ثمانية مواضع، جاء في خمسة منها بصيغة الفعل، منها قوله تعالى: {هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون} (الأعراف:154)، وجاء بصيغة الاسم في ثلاثة مواضع، منها قوله تعالى: {ويدعوننا رغبا ورهبا} (الأنبياء:90). الروع (الرَّوع): إصابة الرُّوع (القلب). واستعمل فيما ألقي فيه من الفزع، يقال: رعته وروَّعته، وريع فلان: فزع. والأروع: الذي يروع بحسنه، كأنه يُفزِع. وقد جاء هذا اللفظ في القرآن مرة واحدة، وذلك قوله تعالى: {فلما ذهب عن إبراهيم الروع} (هود:74)، أي: الخوف. الفَرَق (الفَرَق): الفزع وشدة الخوف، يقال: فَرِقَ فلان: إذا جزع واشتد خوفه. وقد جاء هذا اللفظ في القرآن مرة واحدة بصيغة الفعل، وذلك قوله سبحانه في وصف المنافقين: {ولكنهم قوم يفرقون} (التوبة:56)، أي: يخافون أن يظهروا ما هم عليه. الفزع (الفزع): انقباض ونفار يعتري الإنسان من الشيء المخيف، وهو من جنس الجزع. وهذا اللفظ ورد في القرآن في ستة مواضع، ورد في موضعين بصيغة الاسم: أحدهما: قوله تعالى: {لا يحزنهم الفزع الأكبر} (الأنبياء3). وثانيهما: قوله سبحانه: {وهم من فزع يومئذ آمنون} (النمل9). وورد في أربعة منها بصيغة الفعل، منها قوله تعالى: {ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السماوات ومن في الأرض} (النمل7). الهلع (الهلع): أسوأ الجزع. وهذا اللفظ لم يَرِد في القرآن إلا مرة واحدة فقط، وذلك قوله تعالى: {إن الإنسان خلق هلوعا} (المعارج:19). الوجف (الوجف): الاضطراب، يقال: وجف الشيء يجف وجفاً: اضطرب؛ ووجف القلب: خفق؛ ووجف فلان: إذا سقط من الخوف، فهو واجف. وهذا اللفظ بهذا المعنى لم يَرِد في القرآن إلا مرة واحدة فقط، وذلك قوله تعالى: {قلوب يومئذ واجفة} (النازعات). وأما قوله تعالى: {فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب} (الحشر:6)، فالمراد بـ (الإيجاف) هنا: الإسراع في السير، يقال: وجف الفرس يجف وجيفاً وهو: سرعة السير؛ وأوجفه صاحبه: إذا حمله على السير. الوجل (الوجل): استشعار الخوف. يقال: وَجِلَ يَوْجَلُ وَجَلاً: خاف وفزع، فهو وَجِلٌ. وهذا اللفظ جاء في القرآن في خمسة مواضع فقط، جاء بصيغة الاسم في موضعين: أحدهما: قوله تعالى: {قال إنا منكم وجلون} (الحجر:52). ثانيهما: قوله سبحانه: {والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة} (المؤمنون:60). وجاء في ثلاثة مواضع بصيغة الفعل، منها قوله سبحانه: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} (الحج:35). ثم ها هنا بعض الفروق التي تُذكر بين هذه الألفاظ: الفرق بين الخوف والوجل الخوف خلاف الطمائنينة. يقال: وجل الرجل يوجل وجلا: إذا قلق ولم يطمئن. ويقال: أنا من هذا على وجل، ومن ذلك على طمأنينة. ولا يقال: على خوف في هذا الموضع. وقوله تعالى: {الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم} (الأنفال:2)، أي: إذا ذكرت عظمة الله وقدرته، لم تطمئن قلوبهم إلى ما قدموه من الطاعة، وظنوا أنهم مقصرون، فاضطربوا من ذلك، وقلقوا. فليس الوجل من الخوف في شيء. الفرق بين الخوف والرهبة الخوف: هو توقع الوعيد. وأما الرهبة فهي انصباب إلى وجهة الهرب، فثمة علاقة بين الرهب والهرب، فصاحبها يهرب أبداً لتوقع العقوبة. ومن علاماتها: حركة القلب إلى الانقباض من داخل، وهربه وإزعاجه عن انبساطه، حتى إنه يكاد أن يبلغ الرهابة في الباطن، مع ظهور الكمد والكآبة على الظاهر. الفرق بين الخوف والخشية الخوف يتعلق بالمكروه وبترك المكروه، تقول: خفت زيداً، كما قال تعالى: {يخافون ربهم من فوقهم} (النحل:50). وتقول: خفت المرض، كما قال سبحانه: {ويخافون سوء الحساب}. والخشية تتعلق بمُنْزِل المكروه. ولا يسمى الخوف من نفس المكروه خشية؛ ولهذا قال: {ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب} (الرعد:21). وفرق بعضهم بين الخوف والخشية، فقال: الخوف تألم النفس من العقاب المتوقع بسبب ارتكاب المنهيات، والتقصير في الطاعات. وهو يحصل لأكثر الخلق، وإن كانت مراتبه متفاوتة جداً، والمرتبة العليا منه لا تحصل إلا للقليل. فالخشية: خوف خاص، وقد يطلقون عليها الخوف. ويؤيد هذا الفرق قوله تعالى واصفاً المؤمنين: {ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب}، حيث ذكر الخشية في جانبه سبحانه، والخوف في جانب الحساب. الفرق بين الخوف والحذر الخوف توقع الضرر المشكوك في وقوعه، ومن يتيقن الضرر لم يكن خائفاً له. وكذلك الرجاء لا يكون إلا مع الشك، ومن تيقن النفع لم يكن راجياً له. والحذر توقي الضرر، سواء أكان الضرر مظنوناً أم متيقناً. والحذر يدفع الضرر، والخوف لا يدفعه. ولهذا يقال: خذ حذرك. ولا يقال: خذ خوفك. الفرق بين الخوف الفزع الفزع مفاجأة الخوف عند هجوم غارة أو صوت وما أشبه ذلك. وهو انزعاج القلب بتوقع مكروه عاجل. وتقول: فزعت منه، فتعديه بـ (مِن). وتقول: خفته، فتعديه بنفسه. فمعنى خفته، أي: هو نفسه خوفي. ومعنى فزعت منه، أي: هو ابتداء فزعي؛ لأن (مِن) لابتداء الغاية. ويقال: خفت من الله، ولا يقال: فزعت منه. الفرق بين الجزع والهلع الجزع أقل مرتبة من الهلع؛ إذ الهلع أسوء الجزع. والإنسان لا يوصف بوصف (الهلع) إلا إذا تحقق فيه الوصفان المذكوران في قوله تعالى: {إذا مسه الشر جزوعا * وإذا مسه الخير منوعا}. |
|
03-08-2017, 01:44 PM | #31 |
| الصلاة في القرآن لفظ (الصلاة) في القرآن الصلاة من العبادات التي أقرتها جميع الشرائع السماوية، وإن اختلفت صور أدائها من شريعة إلى أخرى. قال القرطبي نقلاً عن القشيري: "إن الله تعالى لم يُخلِ زماناً من شرع، ولم يَخلُ شرع من صلاة". وفي السطور التالية نحاول أن نتبين دلالة لفظ (الصلاة) لغة، والمعاني التي ورد عليها في القرآن الكريم. يدل لفظ (الصلاة) لغة على معنيين: أحدهما: النار وما أشبهها من الحمى؛ تقول: صَلَيْتُ العود بالنار. واصطليتُ بالنَّار. و(الصلى): صَلَى النار. و(الصلاء): ما يُصطلى بِه، وما يُذكى به النار ويوقد. ثانيهما: جنس من العبادة، وهي الدعاء؛ قال الأعشى: تقول بِنْتي وقد قرَّبتُ مُرْتَحَلاً: يا رب جنِّبْ أبي الأوصاب والوجعا عليكِ مثلُ الذي صَلَّيتِ فاغتمضي نوماً فإن لجنب المرء مضطجعا وقد قال قوم: إن الصلاة الشرعية إنما سميت صلاة لما فيها من الدعاء. وقال آخرون: سميت صلاة لما فيها من الركوع والسجود الذي يكون برفع الصلا. ولفظ (الصلاة) ورد في القرآن الكريم في نحو مائة موضع؛ فجاء اسماً في نحو خمسة وثمانين موضعاً، كقوله سبحانه: {الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة} (البقرة:3)، وجاء فعلاً في نحو خمسة عشر موضعاً، كقوله تعالى: {فلا صدق ولا صلى} (القيامة:31). ولفظ (الصلاة) ورد في القرآن الكريم على عدة معان، منها: - الصلاة بمعنى (الصلاة المفروضة)، ومنه قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة} (البقرة:43)، أي: الصلوات المفروضة. وأغلب ما ورد لفظ (الصلاة) في القرآن الكريم على هذا المعنى، مقروناً بلفظ (الزكاة). - الصلاة بمعنى (الثناء على العبد)، ومنه قوله تعالى: {هو الذي يصلي عليكم} (الأحزاب:43)، وقوله أيضاً: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} (الأحزاب:56)، فالصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة، حكاه البخاري عن أبي العالية. وتفسير الآية بحسب هذا المعنى هو ما ذهب إليه ابن كثير. وقال كثير من المفسرين: الصلاة من الله: الرحمة. ورُد بقوله تعالى: {أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة} (البقرة:157)، قال ابن كثير: "وقد يقال: لا منافاة بين القولين". - الصلاة بمعنى (الدعاء والاستغفار)، ومنه قوله تعالى: {وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} (التوبة3). أي: ادع لهم واستغفر لهم، كما روي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أُتي بصدقة قوم صَلَّى عليهم، فأتاه أبي بصدقته فقال: (اللهم صلِّ على آل أبي أوفى)، رواه مسلم. وعلى هذا المعنى قوله سبحانه: {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم} (غافر:7)، وقوله: {هو الذي يصلي عليكم وملائكته}. قال القرطبي: "وصلاة الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين، واستغفارهم لهم". - الصلاة بمعنى (قراءة القرآن)، ومنه قوله تعالى: {ولا تجهر بصلاتك} (الإسراء0)، أي: بقراءتك، على ما رجحه الطبري، وذهب إليه ابن كثير. ولم يرد لفظ (الصلاة) بمعنى (قراءة القرآن) في غير هذا الموضع، إلا ما روي عن الأعمش في قوله تعالى: {قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك} (هود7)، قال: قراءتك. ووردت (قراءة القرآن) بمعنى (الصلاة) في قوله سبحانه: {فاقرؤوا ما تيسر من القرآن} (المزمل:20)، قال ابن كثير: "عبر عن الصلاة بالقراءة". والمعنى: صلوا بالليل ما تيسر لكم. - الصلاة بمعنى (صلاة الخوف)، وذلك قوله سبحانه: {وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة} (النساء2)، فالمقصود بالصلاة هنا صلاة الخوف أثناء الالتحام في المعركة. ولم يرد لفظ (الصلاة) على هذا المعنى في غير هذا الموضع من القرآن. - الصلاة بمعنى (صلاة الجنازة)، ومنه قوله تعالى: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} (التوبة4)، فالمقصود بـ (الصلاة) هنا صلاة الجنازة، حيث مُنع النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة على المنافقين. ولم يرد لفظ (الصلاة) على هذا المعنى في غير هذا الموضع من القرآن. - الصلاة بمعنى (صلاة الجمعة)، ومنه قوله تعالى: {إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} (الجمعة:9). قال القرطبي: "قال بعض العلماء: كون (الصلاة) الجمعة ها هنا معلوم بالإجماع، لا من نفس اللفظ. قال ابن العربي: وعندي أنه معلوم من نفس اللفظ بنكتة، وهي قوله: {من يوم الجمعة}، وذلك يفيده؛ لأن النداء الذي يختص بذلك اليوم هو نداء تلك الصلاة. فأما غيرها فهو عام في سائر الأيام. ولو لم يكن المراد به نداء الجمعة لما كان لتخصيصه بها وإضافته إليها معنى ولا فائدة". ولم ترد الصلاة على هذا المعنى في غير هذه الآية. - الصلاة بمعنى (صلاة الجماعة)، ومنه قوله سبحانه: {وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا} (المائدة5)، روى البيهقي في "الدلائل" عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: كان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نادى بالصلاة، فقام المسلمون إلى الصلاة، قالت اليهود والنصارى: قد قاموا لا قاموا، فإذا رأوهم ركعوا وسجدوا، استهزءوا بهم، وضحكوا منهم. وعلى هذا المعنى يمكن أن يُحْمَل قوله تعالى: {شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة} (المائدة6)، قال ابن كثير: المقصود: أن يقام هذان الشاهدان بعد صلاة اجتمع الناس فيها بحضرتهم. - الصلاة بمعنى (مكان العبادة)، ومنه قوله تعالى: {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا} (الحج:40)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: الصلوات: الكنائس. وكذا قال عكرمة، والضحاك، وقتادة: إنها كنائس اليهود. وعن مجاهد: الصلوات: مساجد لأهل الكتاب، ولأهل الإسلام بالطرق. وأما المساجد فهي للمسلمين. أخيراً، فإن لفظ (الصلاة) في القرآن ورد إما بشارة للمؤمنين لقيامهم بها، كقوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين} (يونس87)؛ وإما نذارة للكافرين للإعراض عنها، كقوله تعالى: {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} (مريم:59). وكل موضع مدح الله تعالى بفعل الصلاة، أَو حث عليها، ذُكر بلفظ (الإقامة)، كقوله تعالى: {والمقيمين الصلاة} (النساء:162)، وقوله سبحانه: {وأقاموا الصلاة} (البقرة:277)، وقوله عز وجل: {وأقيموا الصلاة} (البقرة:43)، ولم يخرج عن هذا العموم إلا قوله تعالى: {وإذا مسه الخير منوعا * إلا المصلين} (المعارج:21-22)، وما عدا ما تقدم فلم يأت لفظ (المصلين) إلا في المنافقين، كقوله تعالى: {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى} (التوبة:54)، وقوله سبحانه: {فويل للمصلين} (الماعون:4). وإنما خص لفظ (الإقامة)؛ تنبيهاً على أَن المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها، لا الإتيان بصورها وهيآتها فحسب. ولهذا روي أن المصلين كثير، والمقيمين لها قليل. |
|
03-08-2017, 01:45 PM | #32 |
| العلم في القرآن لفظ (العلم) في القرآن لفظ (العلم) في القرآن الكريم ورد بتصريفاته المختلفة فيما يزيد عن سبعمائة وخمسين مرة، مشفوعاً معظمها بالدعوى إلى التدبر في آيات الله المسطورة، كما في قوله تعالى: {كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون} (فصلت:3)، والتفكر في آياته المبثوثة، كما في قوله سبحانه: {وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها في ظلمات البر والبحر قد فصلنا الآيات لقوم يعلمون} (الأنعام:97). ولفظ (العلم) جاء في أغلب مواضعه في القرآن بمعنى العلم بالشيء، ومعرفته على حقيقته، كقوله تعالى: {أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون} (البقرة:77)، وقوله: {والله يعلم وأنتم لا تعلمون} (البقرة:216). غير أن لفظ (العلم) ورد في مواضع من القرآن على معان غير معنى العلم بالشيء، ومعرفته على حقيقته. وهذه المعاني هي كالتالي: بمعنى (الرؤية)، من ذلك قوله سبحانه: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم} (آل عمران:142)، قال ابن عباس رضي الله عنهما - فيما نقله عنه ابن كثير -: لنرى من يصبر على مناجزة الأعداء. ونقل عنه أيضاً في تفسير قوله تعالى: {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول} (البقرة:143)، قال: إلا لنرى؛ وذلك أن الرؤية إنما تتعلق بالموجود، والعلم أعم من الرؤية، فإنه يتعلق بالمعدوم. بمعنى (الأذن)، ومنه قوله تعالى: {فاعلموا أنما أنزل بعلم الله} (هود:14)، قال مقاتل: بعلم الله، أي: بإذن الله. وهذا على قول في تفسير (العلم) في الآية. بمعنى (الدين)، ومنه قوله سبحانه: {ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير} (البقرة0)، قال أبو حيان: أي: من الدين. وجعله عِلْماً؛ لأنه معلوم بالبراهين الصحيحة. وقال الرازي: أي: من الدين المعلوم صحته بالدلائل القاطعة. بمعنى (الدليل والحجة)، ومنه قوله تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه} (الأنعام:148)، قال البغوي: أي: كتاب وحجة من الله. وقال الشوكاني: هل عندكم دليل صحيح من العلم النافع، فتخرجوه إلينا لننظر فيه ونتدبره. بمعنى (النبوة)، ومنه قوله سبحانه: {ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما} (يوسف:22)، قال مجاهد: يعني النبوة. وروي عنه أيضاً، أن (العلم) هنا: الفقه في الدين. بمعنى (التمييز)، ومنه قوله تعالى: {وليعلم المؤمنين * وليعلم الذين نافقوا} (آل عمران:166-167)، قال ابن كثير: إنما ابتليناكم بالكفار يقاتلونكم، وأقدرناهم على إنفاق الأموال وبذلها في ذلك؛ ليتميز الخبيث من الطيب. بمعنى (الفضل)، ومنه قوله سبحانه: {قال إنما أوتيته على علم عندي} (القصص:78)، روى ابن كثير عن عبد الرحمن بن زيد أنه قال في معنى الآية: لولا رضا الله عني، ومعرفته بفضلي ما أعطاني هذا المال. وقال ابن قتيبة: معناه: أعطاني المال لفضل عندي. وجاء لفظ (العلم) بمعنى (ما يعده أصحابه علماً، وإن لم يكن كذلك)، ومنه قوله تعالى: {فرحوا بما عندهم من العلم} (غافر3)، قال السدي: فرحوا بما عندهم من العلم بجهلهم، فهو من قبيل قوله تعالى: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تخرصون} (الأنعام:148). وقال ابن عاشور: إطلاق العلم على اعتقادهم تهكم وجري على حسب معتقدهم، وإلا فهو جهل. والمتأمل في المعاني التي جاء عليها لفظ (العلم) في القرآن الكريم، يجد أنها وإن كانت تحمل دلالات محددة، يقتضيها سياق الآية، غير أنها في نهاية المطاف لا تعارض بينها ولا تنافر، بل هي في المحصلة ترجع إلى المعنى الرئيس من لفظ (العلم)، وهو معرفة الشيء على ما هو عليه. |
|
03-08-2017, 01:46 PM | #33 |
| القسط في القرآن لفظ (القسط) في القرآن أقام الله (القسط) في تكوين العوالم على نُظُمها، وفي تقدير بقاء الأنواع، وإيداع أسباب المدافعة في نفوس الموجودات، وفيما شرع للبشر من الشرائع في الاعتقاد والعمل؛ لدفع ظلم بعضهم بعضاً، وظلمهم أنفسهم، فهو القائم بالعدل سبحانه، قال تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط} (آل عمران:18)، وعَدْل الناس مقتبس من محاكاة عدله. حول معنى (القسط) في القرآن الكريم، ستكون لنا هذه الوقفة. تذكر معاجم اللغة أن لفظ (القسط) يدل على معنيين متضادين: أحدهما: العدل. يقال: أقسط يقسط فهو مقسط: إذا عدل فيما أُسند إليه. والاسم منه (القِسط) بكسر القاف. والإقساط: أن يعطي قسط غيره، وذلك إنصاف. والثاني: الجور: يقال: قَسط يقسِط قسوطاً فهو قاسط: إذا جار وظلم فيما أسند إليه. والاسم منه (القَسط) بفتح القاف، و(القُسوط). والقَسط: أن يأخذ قسط غيره، وذلك جور. وعلى هذا يقال: إن الله يُقْسِط ولا يَقْسِط. ويقال: أمر الله بالقِسْط، ونهى عن القُسط. ولفظ (القسط) مأخوذ في العربية من لفظ (قسطاس) اسم العدل بلغة الروم، فهو من المعرب. وروي ذلك عن مجاهد. وقد ورد لفظ (القسط) في القرآن الكريم في نحو سبعة وعشرين موضعاً، وورد في أكثر تلك المواضع كاسم مقرون بالباء، نحو قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط} (النساء:135)، وورد في بعض منها كفعل، نحو قوله سبحانه: {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} (الحجرات:9)، وورد في موضعين كاسم آلة للوزن، وذلك في قوله تعالى: {وزنوا بالقسطاس المستقيم} (الإسراء:35)، (الشعراء:182). وأكثر ما ورد لفظ (القسط) في القرآن الكريم إنما جاء على المعنى الأول، من ذلك قوله تعالى: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط} (آل عمران:18). وقوله سبحانه: {وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} (الحجرات:9)، وقوله عز وجل: {ونضع الموازين القسط} (الأنبياء:47). وورد لفظ (القسط) على المعنى الثاني في موضعين فقط: أحدهما: قوله تعالى: {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون} (الجن:14)، وقوله سبحانه: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} (الجن:15). ولم يرد لفظ (القسط) بمعنى الجور في القرآن في غير هذين الموضعين. وأغلب المواضع التي جاء فيها لفظ (القسط) في القرآن الكريم إنما جاء على المعنى الأول، أي: على معنى العدل . وقوله تعالى: {قل أمر ربي بالقسط} (الأعراف:29). قال ابن عباس رضي الله عنهما: (القسط) هنا: لا إله إلا الله؛ لأن أسباب الخير كلها تنشأ عنها. وقوله تعالى: {وزنوا بالقسطاس المستقيم}، أي: الميزان؛ لأن الميزان هو الوسيلة التي يتوصل بها إلى العدل. وقوله تعالى: {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (الأنبياء:47) أي: ونضع الموازين العدل ليوم القيامة. وبما تقدم تعلم أن لفظ (القسط) يُطلق على معنيين متضادين، العدل، والجور، وأن أغلب استعماله في القرآن ورد على المعنى الأول. والمفسرون حيثما ورد هذا اللفظ في القرآن يفسرونه بمعنى العدل، إلا في المواضع التي ألمحنا إليها. |
|
03-08-2017, 01:47 PM | #34 |
| الهدى في القرآن لفظ (الهدى) في القرآن الكريم الشرائع السماوية كافة جاءت لهداية الناس إلى الدين الحق، وإرشادهم إلى الصراط المستقيم، ومن هنا كانت الهداية محور عمل الأنبياء جميعاً، وملتقى كتب السماء كافة. وفي هذه الصفحات نكشف شيئاً عن لفظ (الهدى)، من جهة المعنى اللغوي، ومن جهة توارد هذا اللفظ في القرآن، والمعاني التي ورد عليها. أما من حيث اللغة، فإن لفظ (الهدى) يفيد معنى الإرشاد والدلالة؛ يقال: هداه إلى الطريق وللطريق: أي أرشده ودلَّه إليه. والمسلم يطلب الهداية إلى الطريق المستقيم صباح مساء فيقول: {اهدنا الصراط المستقيم}، أي: أرشدنا يا الله إلى طريق الحق والصواب، ودلنا على ما فيه فلاحنا في الدنيا والآخرة. قال ابن الأنباري: "أصل الهدى في كلام العرب: التوفيق". وقال ابن عطية: "الهداية في اللغة: الإرشاد، لكنها تتصرف على وجوه، يعبر عنها المفسرون بغير لفظ الإرشاد، وكلها إذا تؤملت رجعت إليه". وقال الراغب: الهداية: دلالة بلطف، ومنه الهدية. وخُص ما كان دلالة بـ (هديت)، وما كان إعطاء بـ (أهديت)، نحو: أهديت الهدية، وهديت إلى البيت. وأما من جهة توارد هذه اللفظ في القرآن فحدث ولا حرج، فإن القرآن الكريم بلغ الغاية في الاهتمام بموضوع الهدى والهداية والاهتداء؛ ولذلك تعددت اشتقاقات هذا اللفظ في القرآن، حيث جاء في نحو خمسين ومائتي موضع، وجاء بصيغ متعددة ومتنوعة. فجاء اسماً بتصرفات مختلفة في خمسة وعشرين ومائة موضع، منها قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين} (البقرة:2). وقوله سبحانه: {وكفى بربك هاديا ونصيرا} (الفرقان:31)، وقوله سبحانه: {فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا} (الإسراء:48) . وجاء فعلاً مضارعاً بتصرفات مختلفة في تسعة وأربعين موضعاً، منها قوله سبحانه: {ويهدي به كثيرا} (البقرة:26)، وقوله سبحانه: {إلا أن يُهدى} (يونس:35). وقوله تعالى: {ولا يهتدون سبيلا} (النساء:98). وجاء فعلاً ماضياً بتصرفات مختلفة في سبعة وثلاثين موضعاً، منها قوله تعالى: {وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله} (البقرة:143)، وقوله سبحانه: {والذين اهتدوا زادهم هدى} (محمد:17)، وقوله تعالى: {وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد} (الحج:24) . وجاء فعل أمر ثلاثة مواضع: أولها: قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} (الفاتحة:6). وثانيها: قوله سبحانه: {واهدنا إلى سواء الصراط} (ص:22). وثالثها: قوله تعالى: {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} (الصافات:23) . وهذا التوارد الكثيف والمتنوع لهذا اللفظ يُنبئ بمحوريته في القرآن الكريم . وأما من جهة المعاني التي ورد عليها لفظ (الهدى) في القرآن، فهي كالتالي: بمعنى البيان، ومنه قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم} (البقرة:5)، أي: على نور وبيان وبصيرة. ومثله قوله سبحانه: {إنا هديناه السبيل} (الإنسان:3)، أي: بيناه له، ووضحناه، وبصرناه به. ونحوه قوله سبحانه: {إن علينا للهدى} (الليل)، يعني البيان. قال قتادة: على الله بيان حلاله وحرامه. ووروده على هذا المعنى كثير في القرآن . بمعنى دين الإسلام، ومنه قوله تعالى: {إن هدى الله هو الهدى} (البقرة0)، أي: إن دين الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، هو الدين المستقيم الصحيح الكامل الشامل. ونحوه قوله سبحانه: {إنك لعلى هدى مستقيم} (الحج:67) . بمعنى الإيمان، ومنه قوله تعالى: {وزدناهم هدى} (الكهف:13)، أي: إيماناً وبصيرة. ونحوه قوله سبحانه: {أنحن صددناكم عن الهدى} (سبأ:32)، أي: أنحن منعناكم عن الإيمان . بمعنى الدعوة إلى الله، ومنه قوله تعالى: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} (الأنبياء:73)، أي: يدعون إلى الله بإذنه. ونحوه قوله سبحانه: {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا} (السجدة:24)، أي: يدعون الناس إلى ديننا بأمرنا. بمعنى الدلالة والإرشاد، ومنه قوله تعالى: {وعلامات وبالنجم هم يهتدون} (النحل:16)، أي: جعل سبحانه النجوم في السماء دلائل للناس على طرقهم ومسارهم. ونحوه قوله سبحانه: {أن يهديني سواء السبيل} (الأنبياء:31)، سأل موسى عليه السلام ربه أن يدله على أقصد الطريق بحيث أنه لا يضل. ونحوه أيضاً قوله تعالى: {أو أجد على النار هدى} (طه)، أي: أجد عند النار من يدلني على الطريق . بمعنى أمر محمد صلى الله عليه وسلم، ومنه قوله تعالى: {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى} (البقرة:159)، قال أبو حيان: (الهدى): أمر محمد صلى الله عليه وسلم ونعته واتباعه. ونحوه قوله سبحانه: {من بعد ما تبين لهم الهدى} (محمد:25،32)، قال قتادة: نزلت في قوم من اليهود، كانوا عرفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من التوراة، وتبين لهم بهذا الوجه، فلما باشروا أمره حسدوه، فارتدوا عن ذلك القدر من الهدى . بمعنى القرآن، ومنه قوله تعالى: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى} (الإسراء:94)، أي: ما منع الناس الإيمان بالقرآن وبنبوة محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبهة تلجلجت في صدورهم. ونحوه قوله سبحانه: {ولقد جاءهم من ربهم الهدى} (النجم:23). بمعنى التوراة، ومنه قوله تعالى: {ولقد آتينا موسى الهدى} (غافر:53)، أي: التوراة. وهذا على معنى في الآية. بمعنى التوحيد، ومنه قوله تعالى: {أرسل رسوله بالهدى} (التوبة:33)، قال أبو حيان: (الهدى): التوحيد، أو القرآن، أو بيان الفرائض. ونحوه قوله سبحانه: {وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا} (القصص:57)، قال مجاهد وغيره: نزلت في أبي طالب، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (قل لا إله إلا الله، أشهد لك بها يوم القيامة)، قال: لولا أن تعيرني قريش، يقولون: إنما حمله على ذلك الجزع، لأقررت بها عينك. بمعنى نهج الأنبياء السابقين، ومنه قوله تعالى: {فبهداهم اقتده} (الأنعام:90)، روى مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أُمِرَ أن يقتدي بهم. رواه البخاري. بمعنى الإلهام، ومنه قوله تعالى: {أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (طه:50)، قال المفسرون: معناه ألهم الحيوانات كلها إلى منافعها. ونحوه قوله سبحانه: {والذي قدر فهدى} (الأعلى:3)، قال ابن عباس رضي الله عنهما: عرَّف خلقه كيف يأتي الذكر الأنثى. بمعنى التسديد والتصويب، ومنه قوله تعالى: {وأن الله لا يهدي كيد الخائنين} (يوسف:53)، أي: لا يصوبه ولا يسدده. ونحوه قوله تعالى: {أرأيت إن كان على الهدى} (العلق)، أي: فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه، إن كان على صواب وطريق مستقيم في فعله؟ بمعنى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومنه قوله تعالى: {فإما يأتينكم مني هدى} (البقرة:38)، أي: رسول. وهذا على قول في الآية. بمعنى الرشد، ومنه قوله تعالى: {فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين} (البقرة:16)، أي: راشدين في صنيعهم ذلك. ونحوه قوله سبحانه: {قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين} (الأنعام:56)، يقول: ما أنا من الراشدين إن اتبعت أهواءكم . بمعنى التفضيل، ومنه قوله تعالى: {ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا} (النساء:51)، أي: يفضلون الكفار على المسلمين بجهلهم، وقلة دينهم. بمعنى التقديم، ومنه قوله تعالى: {فاهدوهم إلى صراط الجحيم} (الصافات:23)، قال ابن عباس: دلوهم إلى طريق النار. وقال ابن كيسان: قدموهم. وقال بعض المفسرين: المعنى: سوقوهم سوقاً عنيفاً إلى جهنم. بمعنى الموت على الإسلام، ومنه قوله تعالى: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى} (طه2)، قال قتادة وغيره: أي: لزم الإسلام حتى يموت. بمعنى التعليم، ومنه قوله تعالى: {ووجدك ضالا فهدى} (الضحى:7)، أي: وجدك لا تدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلمك ما لم تكن تعلم. بمعنى الثبات، ومنه قوله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم} (الفاتحة:3)، أي: بَصِّرنا فيه، وثبتنا عليه. قال القرطبي: ثبتنا على الهداية. وهذا كما يقال للقائم: قم حتى أعود إليك. أي: دُمْ على ما أنت عليه. وإذا أنعمنا النظر في معاني (الهدى) التي جاءت في القرآن الكريم، تبين في المحصلة أنها تعود إلى معنى الإرشاد؛ إذ إن هذا المعنى هو المعنى الأساس الذي تلتقي عليه، وتدور حوله كل تلك المعاني، وهو ما صرح به ابن عطية كما تقدم. ومن المهم أن نعلم في هذا المقام، أن معرفة المعاني المتعددة للفظ (الهدى)، وغيره من الألفاظ، تعين على فهم القرآن الكريم؛ وذلك أن هذا اللفظ يختلف معناه بحسب السياق الذي يرد فيه . فمثلاً، قوله سبحانه: {إنك لا تهدي من أحببت} (القصص:56)، يبدو معارضاً لقوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} (الشورى:52)؛ إذ الآية الأولى تنفي أن يكون الرسول يمكنه هداية من أحب، في حين أن الآية الثانية تثبت له الهداية. لكن إذا رجعنا إلى معاني لفظ (الهدى)، وعلمنا أن الهداية قد يراد بها هداية التوفيق والتسديد والإلهام، وقد يراد بها هداية الدلالة والإرشاد، تبين لنا أن الهداية المنفية في الآية الأولى إنما هي هداية التوفيق والتسديد والإلهام، بينما الهداية المثبتة في الآية الثانية إنما هي هداية الدلالة والإرشاد. |
|
03-08-2017, 01:48 PM | #35 |
| القضاء في القرآن لفظ (القضاء) في القرآن لفظ (القضاء) من الألفاظ المركزية في العقيدة الإسلامية، ويكفينا أن نستحضر في هذا الشأن، أن الإيمان بالقضاء ركن أساس من أركان الإيمان، فلا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بما قضاه الله عليه في هذا الحياة الدنيا. ومادة (قضى) في اللغة، تدل على إحكام أمر وإتقانه وإنفاذه لجهته. وسمي القاضي قاضياً؛ لأنه يحكم الأحكام وينفذها. وسميت المنيَّة قضاء؛ لأنها أمر ينفذ في ابن آدم وغيره من الخلق. ولفظ (القضاء) ورد في القرآن الكريم في نحو ستين موضعاً؛ جاء في أكثر تلك المواضع فعلاً؛ فجاء فعلاً ماضياً مبنياً للمعلوم في اثنين وعشرين موضعاً، منها قوله تعالى: {وإذا قضى أمرا} (البقرة7)، وجاء في تسعة عشر موضعاً فعلاً ماضياً مبنياً للمجهول، منها قوله عز وجل: {وقضي الأمر} (البقرة:210)، وجاء فعلاً مضارعاً مبيناً للمعلوم في عشرة مواضع، منها قوله سبحانه: {إن ربك يقضي بينهم} (يونس:93)، وجاء فعلاً مضارعاً مبيناً للمجهول في ثلاثة مواضع، منها قوله تعالى: {ليقضى أجل مسمى} (الأنعام:60)، وجاء في موضعين فعل أمر، أحدهما: قوله تعالى: {ثم اقضوا إلي} (يونس:71)، وثانيهما: قوله سبحانه: {فاقض ما أنت قاض} (طه:72)، وجاء بصيغة اسم الفاعل في موضعين، أحدهما قوله تعالى: {فاقض ما أنت قاض}، وثانيهما: قوله سبحانه: {يا ليتها كانت القاضية} (الحاقة:27)، وجاء في موضعين بصيغة اسم المفعول، أحدهما: قوله تعالى: {وكان أمرا مقضيا} (مريم:21)، وثانيهما: قوله سبحانه: {كان على ربك حتما مقضيا} (مريم:71). وذكر المفسرون في معنى (القضاء) جاء في القرآن معان عدة، منها: - الأمر، ومنه قوله تعالى: {وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه} (الإسراء:23)، أي: أمر، قال ابن كثير : القضاء ها هنا بمعنى الأمر. - الخبر والإعلام، ومنه قوله تعالى: {وقضينا إليه ذلك الأمر} (الحجر:66)، قال ابن كثير: أي: تقدمنا إليه، وأخبرناه بذلك وأعلمناه به. ونحو ذلك قوله تعالى: {وقضينا إلى بني إسرائيل} (الإسراء:4)، قال الرازي: أعلمناهم إعلاماً قاطعاً. - انقضاء العبادة والانتهاء منها، ومنه قوله تعالى: {فإذا قضيتم مناسككم} (البقرة:200)، أي: لتذكروا الله عند انقضاء أعمال الحج. قال البغوي: إذا فرغتم من حجكم، وذبحتم نسائككم. وعلى هذا المعنى قوله سبحانه: {فإذا قضيتم الصلاة} (النساء3)، أي: إذا انتهت صلاة الخوف. وقوله عز من قائل: {فإذا قضيت الصلاة}، أي: إذا انتهت صلاة الجمعة، فلا جناح عليكم أن تبتغوا من فضل الله. - الفعل، ومنه قوله تعالى: {ليقضي الله أمرا كان مفعولا} (الأنفال:42)، أي: فعل ذلك سبحانه؛ لئلا يبالغ الكفار في تحصيل الاستعداد والحذر. ومنه أيضاً قوله سبحانه: {فاقض ما أنت قاض}، أي: افعل ما أنت فاعل، أو فاصنع ما أنت صانع. قال ابن كثير: فافعل ما شئت، وما وصلت إليه يدك. - الموت، ومنه قوله تعالى: {فوكزه موسى فقضى عليه} (القصص:15)، أي: قتله، قال ابن كثير: أي: كان فيها حتفه فمات. ونحوه قوله سبحانه: {ليقض علينا ربك} (الزخرف:77)، قال ابن عاشور: القضاء بمعنى: الإماتة، وذكر الآية هذه والتي قبلها. - وجوب العذاب، ومنه قوله تعالى: {وقضي الأمر} (هود:44)، قال البغوي: وجب العذاب، وفُرِغ من الحساب. وقال أبو حيان: وقع الجزاء، وعُذِّب أهل العصيان. ونحو هذه الآية قوله سبحانه: {وقال الشيطان لما قضي الأمر} (إبراهيم:22)، قال القرطبي: يعني: لما وجب العذاب بأهل النار. - استيفاء الأمر وتمامه، ومنه قوله تعالى: {ليقضى أجل مسمى} (الأنعام:160)، قال البغوي: أجل الحياة إلى الممات، يريد استيفاء العمر على التمام. وقال الرازي: معنى القضاء: فصل الأمر على سبيل التمام، ومعنى قضاء الأجل: فصل مدة العمر من غيرها بالموت. وعلى هذا المعنى قوله تعالى: {أيما الأجلين قضيت} (القصص:28)، أي: أتممت وفرغت منه. - الفصل بين الناس يوم القيامة، ومنه قوله تعالى: {قضي بينهم بالقسط} (يونس:47)، أي: فُصل بينهم، بأن أُدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار. ومنه قوله سبحانه: {إذا قضي الأمر} (مريم:39)، قال ابن كثير: أي: فصل بين أهل الجنة وأهل النار، ودخل كل إلى ما صار إليه مخلداً فيه. - الخلق، ومنه قوله تعالى: {فقضاهن سبع سماوات} (فصلت)، قال الآلوسي: خلقهن خلقاً ابداعياً، وأتقن أمرهن حسبما تقتضيه الحكمة. - الحتم والإبرام، ومنه قوله تعالى: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} (يوسف:41)، أي: وجب حكم الله عليكما الذي أخبرتُكما به، رأيتما أو لم تريا. ومنه قوله سبحانه: {وكان أمرا مقضيا}، قال ابن كثير: إن الله قد عزم على هذا، فليس منه بد. - العزم على الشيء، ومنه قوله تعالى: {إذا قضى الله ورسوله أمرا} (الأحزاب:36)، قال ابن عاشور: إذا عزم أمره. - الحكم، ومنه قوله تعالى {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت} (النساء:65)، قال ابن كثير: لا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به، وقال أبو حيان: لا يجدون ضيقاً من حكمك. - العهد، ومنه قوله تعالى {إذ قضينا إلى موسى الأمر} (القصص:44)، قال البغوي: عهدنا إليه، وأحكمنا الأمر معه بالرسالة إلى فرعون وقومه. وقال الآلوسي: عهدنا إليه، وأحكمنا أمر نبوته بالوحي، وإيتاء التوراة. ونحو ذلك قال الشوكاني. - الإرادة، ومنه قوله تعالى {وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون} (البقرة7)، قال ابن كثير: إذا قدر أمراً، وأراد كونه، فإنما يقول له: {كن}، أي: مرة واحدة، {فيكون}، أي: فيوجد على وَفْق ما أراد. وقال أبو حيان: ومعنى قضى هنا: أراد، أي: إذا أراد إنشاء أمر واختراعه. وهذا المعنى يشهد له قوله سبحانه: {إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون} (النحل:40). والمهم في الأمر، أن هذه المعاني للفظ (القضاء) في القرآن، ليس بالضرورة أن يُحمل عليها ما ذكرناه من آيات، بل إن معنى (القضاء) في الآية الواحدة، قد يحتمل أكثر من معنى، وبالتالي لم يكن عجباً، أن نرى بعض المفسرين يفسرون لفظ (القضاء) في آية بمعنى، ويفسره آخرون بمعنى آخر. فمثلاً، قوله تعالى: {فاقض ما أنت قاض}، فسر القرطبي (القضاء) هنا بمعنى: الحكم. وفسره ابن كثير بمعنى: الفعل. وفسره البغوي بمعنى: العمل. وكل هذا لا حرج فيه ما دام المعنى القرآني يقره ولا يأباه. ومرجع هذا المسلك إلى أن الألفاظ المشتركة - ولفظ القضاء منها - تعود إلى أصل واحد من حيث المعنى، أو على الأقل ترجع إلى أصول متقاربة، ولفظ (القضاء) من هذا القبيل؛ إذ إن جميع معانيه تعود في النهاية إلى معنى انقطاع الشيء وتمامه. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
ألفاظ , القرآن , الكريم , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأملات من القرآن | ريحانة بغداد | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 94 | 29-04-2019 06:05 PM |
المشكاة في القرآن الكريم | نسيم فلسطين | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 15 | 28-07-2017 06:12 PM |
الفاظ الشتاء في القرآن الكريم | مبارك آل ضرمان | ( همســـــات الإسلامي ) | 13 | 29-06-2017 02:45 AM |
معلومـــات رائعـــة عن القُرآن... | عِطرِ آلجَنُوبَ | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 31 | 03-03-2015 08:01 AM |
أسرار التكرار في القرآن الكريم | ميارا | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 11 | 13-02-2013 11:33 PM |