23-11-2017, 11:42 AM | #64 |
| 62 أيام ابن حنبل' الزمن: القرن الثاني الهجري المكان: بغداد الحكمة: جدد الله الدين بعد أن ضاع أكثره بأحمد' خرجت صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني من مدينة (مرو) وهي تحمل في بطنها جنينًا، وما إن وصلت إلى بغداد حتى ولدت (أحمد بن حنبل) في شهر ربيع الأول سنة 164هـ. كان والده قائدًا في جيش خراسان، أما جده فكان واليًا للأمويين في بلدة تسمى (سرخس) تابعة لبلاد خراسان، وحين بلغ أحمد من العمر ثلاث سنوات توفي والده، فنشأ يتيمًا، تكفله أمه وترعاه، وتقوم على تربيته والعناية به، وعاش أحمد عيشة فقيرة،* ومضت الأيام حتى بلغ أحمد الخامسة عشرة من عمره فأراد أن يتعلم أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من كبار العلماء والشيوخ، فلم يترك شيخًا في بغداد وخارجها إلا سعى إليه سأله أحد أصحابه ذات يوم: إلى متى تستمر في طلب العلم، وقد أصبحت إمامًا للمسلمين وعالمًا كبيرًا؟! فقال له: (مع المحبرة إلى المقبرة) ومعنى ذلك أنه سيستمر في طلب العلم إلى أن يموت ويدخل القبر، ولم يكن في عصره أحد أحفظ منه لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى سَمَّوْه (إمام السنة وفقيه المحدثين) . وبعد أن تعلم الإمام أحمد بن حنبل ما تعلم، وحفظ ما حفظ من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جلس في المسجد الجامع ببغداد سنة (24هـ) وعمره أربعون سنة، ليعلم الناس أمور دينهم؛ فأقبل الناس على درسه إقبالا عظيمًا، فكانوا يذهبون إلى المسجد في الصباح الباكر ليتخذوا لهم مكانًا يجلسون فيه. وكان أغلى شيء عند الإمام أحمد بن حنبل ما جمعه من حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لذلك كان يكتبه في أوراق يحفظها في مكان أمين، وقد حدث ذات يوم أن سرق لص منزله، فأخذ ملابسه وكل ما في بيته، فلما جاء الإمام أحمد إلى البيت، لم يسأل عن شيء إلا عن الأوراق التي يكتب فيها أحاديث رسول الله-صلى*الله عليه وسلم- ولما وجدها اطمأن قلبه ولم يحزن على ما سرق منه. ولم يكن الإمام أحمد بن حنبل مجرد حافظ لأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- بل كان يعمل بما في هذه الأحاديث، فيقول عن نفسه: ما كتبتُ حديثًا إلا وقد عملتُ به، وكان الإمام أحمد زاهدًا في الدنيا، يرضى بالقليل، فقد كان كثير العبادة والذكر لله. وقد تعرض الإمام أحمد -رضي الله عنه- للتعذيب والأذى بسبب شجاعته من مواجهة الفتن والبدع التي حدثت في زمانه، تلك الفتن التي تعرض من أجلها للضرب والسجن في عهد الخليفة المعتصم، فكان يُضرب بالسياط، حتى أغمي عليه عدة مرات، ودخل السجن وظل فيه عامين ونصف، ثم خرج منه مريضًا يشتكي من الجراح، وظل في منزله بعض الوقت؛ حتى شفي وعاد إلى درسه، ولما تولى الخليفة (الواثق) الخلافة لم يتعرض الإمام أحمد للإيذاء، لكنه منعه من الاجتماع بالناس، فظل معزولاً عنهم، حتى مات الخليفة (الواثق) وتولى (المتوكل) الخلافة الذي عامل الإمام أحمد معاملة حسنة وعرض عليه المال، فرفضه، لكنه ألح عليه أن يأخذه، فتصدق به كله على الفقراء. ورغم انشغال الإمام أحمد الشديد بالعلم وضيق وقته فإنه كان شديد الاهتمام بمظهره، فقد كان من أنظف الناس بدنًا، وأنقاهم ثوبًا، شديد الاهتمام بتهذيب شعر رأسه، وكان الإمام أحمد يميل إلى الفقراء، ويقربهم منه في مجلسه، وكان حليمًا، كثير التواضع تعلوه السكينة والوقار، وكان إذا جلس في مجلسه بعد العصر لا يتكلم حتى يُسأل، كما كان -رضي الله عنه- شديد الحياء، كريم الأخلاق، سخيًّا، وكان مع لينه شديد الغضب لله. والإمام أحمد مؤسس المذهب الحنبلي أحد المذاهب الفقهية الأربعة، وقد ترك الإمام أحمد كتبًا كثيرة منها: (المسند) وهو أكبر كتبه وأهمها بل هو أكبر دواوين السنة النبوية، إذ يحتوي على أربعين ألف حديث، وكتاب (الزهد)* فلما كانت ليلة الجمعة الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 241هـ، وفي بغداد صعدت روحه إلى بارئها، فحزن عليه المسلمون حزنًا شديدًا، وصاح الناس، حتى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع، وأخرجت الجنازة بعد انصراف الناس من صلاة الجمعة، وشيعه ما يقرب من ست مائة ألف إنسان، بالإضافة إلى الذين صعدوا إلى أسطح المنازل ليلقوا نظرة الوداع الأخيرة على الإمام أحمد بن حنبل. اليوم الثالث والستون انشاء أول مصنع ورق الزمن: 794م- 179 ه المكان: بغداد الحكمة: استخدم الورق ب'مصر' 800 م وفي أوربا ( إيطاليا وألمانيا وانجلترا) بعد أكثر من 3 قرون( 1154، 1228، 1309 م) * |
|
23-11-2017, 11:43 AM | #65 |
| 63 انشاء أول مصنع ورق الزمن: 794م- 179 ه المكان: بغداد الحكمة: استخدم الورق ب'مصر' 800 م وفي أوربا ( إيطاليا وألمانيا وانجلترا) بعد أكثر من 3 قرون( 1154، 1228، 1309 م) قيل أنه لما فتح المسلمون 'سمرقند ' 712 م أخذوا عن المسيحيين صناعة استخراج عجينة من الكتان وغيرها من النباتات ذات الألياف، وجففت العجينة لتصنع منها رقائق رفيعة. ودخلت هذه الصناعة في بلاد الإسلام واستعملت فيه بدل رقائق الجلد ونبات البردي وقيل بل أخذ عن الصينيين بعد معركة نهر 'طلاس' ولكن المؤكد أن أول مصنع للورق كان في 794م في بغداد على يد الفضل بن يحيي وزير 'هارون الرشيد' ، ونقل المسلمون هذه الصناعة إلى صقلية وأسبانيا ، ومنهما انتقلت إلى إيطاليا وفرنسا بشهادة الغرب. فنجد الورق مستخدما في مصر سنة 800 م وفي الأندلس 950 م ، وفي إيطاليا 1154م ، وفي ألمانيا 1228 م، وفي انجلترا 1309 م. ويسر هذا الاختراع تأليف الكتب في كل بلد انتقل إليه، *بفضل الإسلام وحده انتشرت العلوم في العالم كله.. وكانت في معظم المساجد مكتبات، كما كان في معظم المدن دور عامة للكتب ، وكانت مفتحة الأبواب لطلاب العلم، وكان في 'الموصل' 950م - 245 ه مكتبة عامة ، بلغت فهارس الكتب التي اشتملت عليها عشرة مجلدات، وكانت تعطي رواتب وإعانات لمن يشتغلون فيها من الطلاب. وكان عند بعض الأمراء كالصاحب بن عباد من الكتب بقدر ما في دور الكتب الأوربية مجتمعة بشهادة 'ول ديورانت' أوربا التي تعيرنا الآن بضحالة ثقافتنا.. ولم يبلغ الشغف باقتناء الكتب في بلد آخر من بلاد العالم - إلا في الصين- ما بلغه في بلاد الإسلام في القرون 8-11 م 2-5 ه* ففي هذه القرون الأربعة بلغ الإسلام ذروة حياته الثقافية وأصبحت اللغة العربية أغنى لغات العالم في العلوم والآداب اليوم الرابع والستون أيام هارون الرشيد |
|
23-11-2017, 11:43 AM | #66 |
| 64 أيام 'الرشيد' الزمن: القرن 8 م- 2 ه (14 سبتمبر 786 م 170 ه - 193 ه)* المكان: بغداد الحكمة: العصر الذهبي للحضارة الإسلامية أتبكي يا أمير المؤمنين؟! تبكي وأنت الذي تصلى كل يوم مائة ركعة، وتتصدق من مالك الخاص بألف درهم في كل يوم؟! تبكي وأنت الذي عظَّمت حرمات الإسلام، وبالغت في احترام العلماء والوعاظ، وجاهدت في سبيل الله؟! كان كثير البكاء على نفسه، تسيل دموعه كالسيل إذا وعظ، ولم يذكر له النبي صلى*الله عليه وسلم إلا قال: صلى الله على سيدي. وُلِد هارون الرشيد بن المهدي بن جعفر المنصور في أواخر ذي الحجة*ثمان وأربعين ومائة، وكان أبوه (المهدي) في تلك الأيام أميرًا على الري وخراسان من قبل الخليفة المنصور، ثم أصبح خليفة للمسلمين بعد وفاة أبيه المنصور. نشأ هارون تحيطه رعاية والده الذي دربه منذ حياته المبكرة على الحياة العسكرية، فجعله أميرًا لحملة عسكرية كانت تسمى بالصوائف حيث كانت تخرج للجهاد في الصيف، والشواتي نسبة إلى الشتاء لتهديد العدو البيزنطي وتخويفًا له،*وولاه المغرب كله، ثم عينه والده وليًّا للعهد بعد أخيه الهادي. تولي الرشيد خلافة المسلمين سنة 170هـ، وسنه خمسة وعشرين عامًا وأصبحت بغداد في عصره من أعظم مدن الدنيا، فريدة في حضارتها وعمارتها، وشمل بعدله القوي والضعيف والعاجز والمريض وذا الحاجة، وازدهرت فترة ولايته بوجود الكثير من أئمة العلم العظام كالإمام مالك بن أنس، والليث بن سعد، والكسائي ومحمد بن الحسن من كبار أصحاب أبي حنيفة. وكان يضرب به المثل في التواضع، يحكى أن أبي معاوية الضرير وهو من العلماء المحدثين قال: أكلت مع الرشيد ثم صبَّ على يدي الماء رجل لا أعرفه، فقال الرشيد: تدري من صب عليك؟ قلت: لا. قال: أنا، إجلالاً للعلم. وجاوزت خشيته من الله الحدود، فكان جسده يرتعد، ويسمع صوت بكائه إذا وعظه أحد من الناس، يحكي أنه جالس (أبا العتاهية) ، وكلف أحد جنوده بمراقبته، وإخباره بما يقول، فرآه الجاسوس يومًا وقد كتب على الحائط: إلى ديان يوم الـدين نمضــــي وعند الله يجتمع الخصـــــوم فأخبر الجاسوس الرشيد بذلك، فبكي وأحضر أبا العتاهية، وطلب منه أن يسامحه، وأعطاه ألف دينار. وقال الأصمعي: وضع الرشيد طعامًا، وزخرف مجالسه وزينها، وأحضر أبا العتاهية وقال له: صف لنا ما نحن فيه من نعيم هذه الدنيا، فقال أبو العتاهية: فعش ما بدا لك سالمـــًا في ظـل شاهقــة القصـــــور فقال الرشيد: أحسنت ثم ماذا؟ فقال: يسعى إليك بما اشتهيـــــت لدى الرواح وفي البكــــــور فقال: حسن؟ ثم ماذا؟ فقال أبو العتاهية مندفعًا: فـــإذا النفـــوس تقعقعت في ظل حشرجــــة الصـــدور فهنــــاك تعلــم موقـنًا مـــا كنت إلا فـي غــــرور فبكى الرشيد، فزجر أحد الحاضرين أبا العتاهية لأن المقام مقام فرح وسرور، فقال الرشيد: دعه، فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا منه. وكان كثير الغزو والحج يغزو سنة ويحج سنة، فإذا حج حجَّ معه مائة من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج قام بالإنفاق على ثلاثمائة رجل ليؤدوا فريضة الحج، ورغم هذه الرقة والشفافية والزهد، كان شجاعًا لا يخاف في الله لومة لائم، غيورًا على دينه،*صلبًا كالحديد في وجه أعداء الله، ففي سنة سبع وثمانين ومائة (187هـ) نقض ملك الروم الهدنة التي كانت بين المسلمين وبين الملكة (ذيني) ملكة الروم، فكتب للرشيد كتابًا يقول فيه: (أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (طائر ضخم خيالي) وأقامت نفسها مقام البيدق (الطائر الصغير) فحملت إليك من أموالها أحمالاً لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها وإلا فالسيف بيني وبينك). فلما قرأ الرشيد رسالته كتب إليه: (قد قرأت كتابك والجواب ما ترى لا ما تسمع) وسار إليه بجيش كبير حتى فتح مدينة (هرقل) وانتصر عليه انتصارًا عظيمًا، وفي عهده لم يبق في الأسر مسلم، وظل طيلة حياته يحب الجهاد والفتوحات الإسلامية، فغزا الروم، وفتح هرقلة، وبلغ جيشه أنقره، وسار الرشيد نحو خراسان ليغزوها، فوصل (طوس) فمرض بها ومات في ثالث جمادى الآخر سنة ثلاث وتسعين ومائة (193هـ). مات هارون الرشيد، وود العلماء لو يفتدوه بأنفسهم، يقول الفضيل بن عياض: (ما من نفس تموت أشد على من موت أمير المؤمنين هارون الرشيد، ولوددت أن الله زاد من عمري في عمره) ويحكي أنه لما احتضر قال: اللهم انفعنا بالإحسان واغفر لنا الإساءة.. يا من لا يموت ارحم من يموت. اليوم الخامس والستون أيام 'الخوارزمي' الزمن: توفي 232 ه- 846م المكان : بغداد |
|
23-11-2017, 11:44 AM | #67 |
| 65 أيام علم 'الجبر' الزمن: 780م إلى 232 ه- 846م المكان : بغداد الحكمة: يدين علم 'الجبر' باسمه للمسلمين خاصة لمحمد بن موسى الخوارزمي وقد كتب رسائل قيمة في علوم خمسة: كتاب عن الأرقام الهندية وفي 976 م ظهر الصفر ومنها اشتق الطليان الكلمةzero ولايزال الغرب يسمي الأرقام بالعربية وجمع أزياجا فلكية ظلت قرونا هي المعمول بها في البلاد من أسبانيا للصين ووضع أقدم جداول حساب المثلثات وموسوعة جغرافية وكتاب 'الجبر' الذي ظل يدرس في جامعات أوربا حتى القرن ال16 م وقد ابتكر 'الخوارزمي' الجبر ليحل به قضايا الميراث والخليفة 'المأمون' هو الذي طلب منه تأليف كتاب ' الجبر والمقابلة' وبفضل ترجمته انتقل الحساب إلى أوربا، وعرفت العمليات الحسابية باسم Alguarismo . والغريب أنها ترجمت إلى العربية باسم 'اللوغاريتمات' والصحيح أن تترجم 'الخوارزميات' أو 'الجداول الخوارزمية' وكذلك سبق المسلمون دول العالم في استعمال الرموز في العلوم الرياضية اليوم السادس والستون: أيام أولاد موسى |
|
23-11-2017, 11:44 AM | #68 |
| 66 أيام عصر الآلة الزمن: القرن الثالث الهجري ،التاسع الميلادي* المكان: بغداد* الحكمة: اختراع آلات الري ورفع الماء والساعات هو نتاج المسلمين وبالتحديد أولاد 'موسى بن شاكر' هم أول وأشهر فريق علمي جماعي في التاريخ، حيث كان محمد عالما في الهندسة،( توفي 259 ه-873 م) وأحمد عالما في الفلك، والحسن عالما في الميكانيكا،( توفي 26- ه- 874 م) وقد ألفوا معا كتاب 'الحيل'( الميكانيكا) الذي اتضحت فيه روح الفريق وهذا المزيج من مختلف التخصصات أدى للوصول لحقائق علمية كان من الصعب التوصل إليها إلا باشتراك أكثر من عالم في أكثر من تخصص،* وذلك مثل القياس الدقيق لقطر الأرض، وصناعة الاسطرلاب الذي يحسب حركة الأجرام *وكتابهم يحتوي على مائة تركيب ميكانيكي، فاستخدموا الصمامات التي تعمل تلقائيا، والتحكم الآلي، وهي من أهم الإنجازات في تاريخ العلم والتقنية اليوم السابع والستون يوم حفظ السنة * |
|
23-11-2017, 11:45 AM | #69 |
| 67 يوم حفظ السنة الزمن: القرن الثالث الهجري المكان: أوزبكستان ملأ الدنيا علمًا، ورددت الألسنة ذكره إعجابًا وإجلالاً، إنه الإمام (محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة) الإمام الحافظ البخاري. ولد بمدينة (بخارى) وهي تقع في جمهورية أوزبكستان سنة 194هـ، وكان والده عالم كبير يحفظ آلاف الأحاديث النبوية، ورحل في طلب العلم إلى المدينة ،*وتتلمذ على أيدي كبار العلماء أمثال: مالك بن أنس، وكان رجلا غنيًّا، أنعم الله عليه بثروة كبيرة كان ينفقها في الخيرات على الفقراء والمساكين. توفي والد البخاري وتركه طفلاً مع والدته بعد أن ترك له مالا كثيرًا وعلمًا،*وما إن بلغ البخاري سن العاشرة حتى ظهرت عليه علامات الذكاء والتفوق؛ وتردد على حلقات علماء الحديث في بلده ليتعلم على أيديهم، وعمره إحدى عشرة سنة، وكان مع صغر سنه يصحح لأساتذته وشيوخه ما قد يخطئون فيه. وقد ساعد البخاري على ذلك حفظه الجيد للأحاديث، وذاكرته القوية والكتب الكثيرة التي تركها له والده،* *وكان من الممكن أن يقنع الفتي الصغير بذلك القدر من العلم، ولكنه رحل مع والدته وأخيه الأكبر أحمد إلى مكة المكرمة لتأدية فريضة الحج وعمره ستة عشر عامًا ولما أدى الفريضة استقر هناك يتعلم الحديث على أيدي علماء مكة وشيوخها، ثم رحل إلى البصرة ليسمع الحديث، ومكث بها خمس سنوات، كان يتردد فيها على مكة المكرمة في مواسم الحج؛ ليلتقي فيها بعلماء المسلمين، وظل البخاري ينتقل في بلاد الإسلام لطلب العلم. يقول البخاري عن نفسه: لقيت أكثر من ألف رجل، أهل الحجاز والعراق والشام ومصر لقيتهم مرات؟ أهل الشام ومصر والجزيرة مرتين، وأهل البصرة أربع مرات*ومكثت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت الكوفة وبغداد مع محدِّثي خراسان. كتب البخاري الحديث وسمعه عن ألف وثمانين من الشيوخ وحفاظ الحديث، وكان يدوِّن الأحاديث الصحيحة، ويترك الأحاديث التي يشك في أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قالها،* وكان البخاري عالمًا كبيرًا إذ كان يحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح، مما جعل عشرات الآلاف من طلاب العلم يلتفون حوله؛ لينهلوا منه ويتتلمذوا عليه، ومن أشهرهم الإمام مسلم صاحب كتاب الجامع الصحيح، وقد أثني العلماء على البخاري، فقال ابن خزيمة: ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل البخاري.. وقال قتيبة بن سعيد: جالست الفقهاء والعباد والزهاد فما رأيت منذ عقلت مثل محمد بن إسماعيل (البخاري) وهو في زمانه كعمر في الصحابة . وكان البخاري كثير العبادة لله -عز وجل- يجتمع مع أصحابه في أول شهر رمضان، فيصلى بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، ويظل هكذا إلى أن يختم القرآن، وكذلك كان ينفق من أمواله الكثيرة التي ورثها عن أبيه على الفقراء*وتعلم البخاري رمي السهام، ولم يشغله طلب العلم عن ذلك، بل إنه كان يرى ذلك واجبًا على كل مسلم؛ حتى يستطيع الدفاع عن ديار المسلمين. وعاد البخاري إلى بلدته (بخارى) فاستقبله أهلها أروع استقبال، ومن فرحتهم الشديدة بقدومه نثروا عليه الدراهم والدنانير، فعقد جلسات للعلم في مسجده ومنزله ليورث علمه للمسلمين، ولم يبخل البخاري بعلمه على أحد، غير أن أمير بخارى (خالد بن أحمد) طلب منه أن يأتيه بكتبه؛ حتى يسمعها له ولأولاده في قصره وحدهم، فرفض البخاري أن يستجيب لطلبه، وقال: من أراد أن يتعلم فليأت إلى مجلس العلم، فالعلم يؤتى له ولا يأتي، ولا يمكنني أن أحرم الناس الآخرين من علمي، وقال لرسول الأمير قل له: إني لا أذل العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين فإن كان له إليَّ شيء منه حاجة فليحضر في مسجدي أو في داري، وإن لم يعجبه هذا فإنه سلطان فليمنعني من الجلوس، ليكون لي عُذر عند الله يوم القيامة لئلا أكتم العلم. وظل الإمام البخاري عزيزًا كريمًا، لا يخضع لأحد مهما كان مركزه وقدره، فأحبه الناس، وأراه الله في حياته قبل مماته منزلته ومكانته، حيث كان الناس ينصرونه بأنفسهم حفظًا للعلم والعلماء، وكتب إليه أهل بغداد يومًا قائلين: المسْلِمَونَ بِخَيـْرِ مَا بَقِيـتَ لَهَــمْ وَلَيْسَ بَعْدَكَ خَيْــرٌ حِـينَ تُفْتَقَــــدُ وقد كتب الإمام البخاري الكثير من الكتب النافعة؛ من أشهرها: كتابه (الجامع الصحيح) المعروف بصحيح البخاري الذي كان يغتسل ويصلى ركعتين لله قبل أن يكتب أي حديث فيه، وقد كتبه في ست عشرة سنة، ويعد أصح كتب الحديث على الإطلاق وقد توفي البخاري ليلة عيد الفطر سنة 256هـ لم يخلف 'البخاري' درهما ولا دينارا، ولا قصرا ولا دارا، وإنما خلف تركة نبوية ، ونفحة زكية ، تدمر الوثنية* اليوم الثامن والستون يوم نشأة الطب الزمن: القرن الرابع الهجري -العاشر الميلادي المكان: بغداد الحكمة: نشأة الطب الحديث على يد الرازي صاحب 'الحاوي في الطب' |
|
23-11-2017, 11:46 AM | #70 |
| 69 يوم الأندلس الذهبي الزمن: 16/1/929 م - 317 ه المكان: الأندلس الحكمة:' لم تنعم أسبانيا طوال تاريخها بحكم رحيم عادل كما نعمت به أيام المسلمين'.. مستشرق مسيحي * يعلن عبد الرحمن الثالث نفسه خليفة في العصر الذهبي للأندلس في أول حادثة من نوعها كان عبدالناصر' أميرا لقرطبة وإعلانه الخلافة نتيجة لسلسلة من الانقسامات في الامبراطورية الإسلامية بدأت من القرن التاسع الميلادي، الثاني الهجري . تلك الانقسامات أضعفت السلطة السياسية للخليفة العباسي ، وإن لم تزاحمه لقبه إبقاء لوحدة الصف الإسلامي. وذلك حتى أعلن الحاكم الفاطمي في 'مصر' 910 م نفسه خليفة . وقد أجمع أكثر العلماء على زندقة الفاطميين الذين ادعوا التشيع. أما عبد الرحمن' فكان أول سني يعلن نفسه خليفة دون الخليفة العباسي بناء على أصله الأموي الذي حكم المسلمين من 661 -750 م 40-131ه فقد رأى أن له من القوة مالايقل عن أي حاكم في زمانه، وأدرك أن الخليفة العباسي أصبح ألعوبة في أيدي الحرس التركي وقد ترك 'عبد الرحمن' بعد وفاته نبذة كتبها بخط يده ' مضت خمسون سنة مذ توليت الخلافة ، احترمني الملوك وخافوني، وحباني الله بأقصى مايرغب فيه إنسان، فأحصيت أيام السرور التي صفت لي فكانت 14 يوما، فاعجب أيها العاقل لهذه الدنيا وعدم صفائها' بلغت الإيرادات أيام 'عبدالرحمن' 12 مليون دينار ذهبي ، يفوق إيرادات حكومات البلاد الأوربية مجتمعة، يقول ' ول ديورانت': ' ولم يكن مصدر هذه الإيرادات هو الضرائب بقدر ماكان أثر الحكم الصالح ، وتقدم الزراعة والصناعة، ورواج التجارة يقول استانلي لين بول في 'حكم المسلمين في أسبانيا' :* ' لم تنعم أسبانيا طوال تاريخها بحكم رحيم عادل كما نعمت به أيام العرب' تقدمت الصناعات المعدنية فاشتهرت مارسيا بمصنوعات الحديد ، وطليطلة بالسيوف، وقرطبة بالدروع والجلد الذي يستخدمه الحذاءون في أوربا بل قد عرفت النظارات والساعات على يد 'ابن فرناس القرطبي' ..! كانت الأندلس في القرن 10 م أعظم البلاد المتحضرة في العالم، الشوارع مرصوفة ، مضاءة ليلا، والمدن تموج بالعلماء والمدارس منها 27 مدرسة لتعليم الفقراء بالمجان، وكانت البنات يذهبن إلى المدارس كالأولاد وكان التعليم العالي يقوم به أساتذة مستقلون في المساجد ، وكانت مناهجهم هي التي كونت جامعة قرطبة التي لم يفوقها إلا جامعتا 'القاهرة و'بغداد' وأنشئت الكليات وسبعون مكتبة عامة وكان لأبي القاسم الزهراوي طبيب 'عبد الرحمن الثالث' منزلة رفيعة جعلته حامل لواء الجراحة في العالم اليوم السبعون يوم نشأة الجراحة الحديثة المكان: الأندلس الزمن: القرن 10 م- 4 ه الحكمة: 'كتاب الزهراوي (936-1013 م) أصبح المرجع الأعلى في الجراحة في العالم قرونا كثيرة، وكانت قرطبة المدينة التي يلجأ إليها الأوربيون لتجرى لهم الجراحات'.. 'قصة الحضارة' |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أداء , الله |
| |