الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
04-07-2023, 08:02 PM | #365 |
| حِكَمٌ وأقوالٌ في التضحية - (قال ابن المقفع: ابذل لصديقك دمك ومالك، ولمعرفتك رفدك ومحضرك، وللعامَّة بشرك وتحيَّتك، ولعدوك عدلك، وضنَّ بدينك وعرضك عن كلِّ أحد. - قيل لعبد الله بن جعفر إنَّك لتبذل الكثير إذا سُئِلت، وتضيِّق في القليل إذا توَجَّرت؟ فقال: إنِّي أبذل مالي، وأضنُّ بعقلي ( يتبع - التَّضْحية في واحة الشِّعر ) |
|
04-07-2023, 08:04 PM | #366 |
| التَّضْحية في واحة الشِّعر قال حسَّان شعرًا في الزُّبير -رضي الله عنهما-: أقام على عهدِ النَّبي وهديه حواريُّه والقولُ بالفعلِ يعدلُ أقام على منهاجِه وطريقِه يوالي وليَّ الحقِّ والحقُّ أعدلُ هو الفارسُ المشهورُ والبطلُ الذي يصولُ، إذا ما كان يومٌ مُحَجَّلُ إذا كشفت عن ساقِها الحربُ حَشَّها بأبيضَ سَبَّاقٍ إلى الموتِ يُــرْقِـلُ وإن امرأً كانت صفيَّةُ أُمَّه ومِن أَسَدٍ في بيتِها لمرَفِّلُ له مِن رسول الله قربى قريبة ومن نصرة الإسلامِ مجدٌ مؤثَّلُ فكم كربةٍ ذبَّ الزُّبيرُ بسيفِه عن المصطفى، واللهُ يعطي فيجزلُ فما مِثلُه فيهم، ولا كان قبلَه وليس يكونُ الدَّهرَ ما دام يَذْبُلُ ثناؤُك خيرٌ مِن فعالِ معاشرٍ وفعلُك، يا ابنَ الهاشميَّةِ أفضلُ وقال علي الجارم: بيتٌ دعائمُه نبلٌ وتَضْحيةٌ إذا بنى النَّاسُ مِن صخرٍ ومن شِيدِ وقال إبراهيم طوقان: ما نال مرتبةَ الخلودِ بغيرِ تَضْحيةٍ رضيَّة عاشت نفوسٌ في سبيلِ بلادِها ذهبت ضحيَّة وقال شوقي: وما نيلُ المطالبِ بالتَّمني ولكن تُؤخَذُ الدُّنيا غلابَا وما استعصى على قومٍ منالٌ إذا الإقدامُ كان لهم ركابَا وقال مسلم بن الوليد: يجودُ بالنَّفسِ، إذ ضنَّ البخيلُ بها والجودُ بالنَّفسِ أقصى غايةِ الجودِ ((تم بعون الله )) |
|
04-07-2023, 08:11 PM | #367 |
| موضوعنا القادم ضمن هذه السلسلة سيكون عن التعاون وسوف اتناول من خلاله المحاور التالية إن شاء الله 1- معنى التَّعاون لغةً واصطلاحًا 2- أهمية التَّعاون 3- التَّرغيب في التَّعاون 4- أقوال العلماء في التَّعاون 5- فوائد التَّعاون 6- أقسام التَّعاون 7- آثار التَّعاون على الإثم والعدوان 8- صورٌ مِن التَّعاون 9- موانع اكتساب التَّعاون 10- الأسباب المعينة على اكتساب التَّعاون 11- نماذج للتَّعاون 12- أصناف النَّاس في التَّعاون 13- التَّعاون بين الحاكم والمحكوم 14- وصايا في الحثِّ على التَّعاون 15- حكمٌ وأمثالٌ في التَّعاون 16- مِن أقوال الحكماء 17- التَّعاون في واحة الشِّعر (( والله الموفق )) |
|
08-07-2023, 10:40 AM | #368 |
| التعاون لقد دعا الإسلام إلى التعاون، ورغب الناس فيه؛ حرصًا على ترابط المسلمين وتماسك وحدتهم، فقال تعالى :{ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ و َالْعُدْوَانِ}[المائدة :2] وقال- صلى الله عليه وسلم- : «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلمًا ستره الله يوم القيامة. رواه البخارى . وقد فهم المسلمون معنى التعاون منذ أن بدأ النبي- صلى الله عليه وسلم- دعوته في مكة، فتعاونوا في نشر الإسلام، ودعوة من يرون فيه خيرًا واستجابة للإسلام، وبفضل تعاونهم دخلت أفراد جديدة إلى الإسلام. وكان «أبو بكر الصديق» أبرز من عاون النبي- صلى الله عليه وسلم- في نشر الإسلام، فأسلم على يديه عثمان بن عفان»، و»عبد الرحمن بن عوف» و»أبوعبيدة بن الجراح»، وغيرهم . وكان النبي محمد- صلى الله عليه وسلم- المثل الأعلى في التعاون، سواء كان داخل بيته أم مع أصحابه ... كان متعاونًا في كل أحواله، في البيت يساعد أهله، ويعاونهم في شؤون المنزل، وفى خارج البيت يتعاون مع أصحابه في القيام ببعض الأعمال بهمة ونشاط. بعد هجرة النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة بدأ في بناء مسجد للمسلمين يصلون فيه، ويجتمعون فيه لبحث شؤون حياتهم، واشترك النبي بنفسه في البناء، فكان- صلى الله عليه وسلم- يحمل مثل أصحابه التراب والطوب، وكان عمره في ذلك الوقت - وهو يعمل - ثلاثًا وخمسين سنة، ولم تمنعه سنه ولا مكانته العالية من أن يتعاون مع أصحابه في بناء المسجد، وظل يعمل معهم حتى اكتمل بناء المسجد، الذي كانت أعمدته من جذوع النخل، وسقفه من الجريد. موقف آخر قام به النبي- صلى الله عليه وسلم- مع أصحابه في غزوة الخندق، وهي الغزوة التي تحالفت فيها «قريش» مع عدد من القبائل العربية لمحاربة المسلمين في «المدينة»، فقدموا إليها في عشرة آلاف مقاتل، وأقام النبي- صلى الله عليه وسلم- خندقًا حول «المدينة»؛ استجابة لرأي الصحابى «سلمان الفارسي». وقد عمل المسلمون في حفر الخندق في ظل ظروف صعبة جدَّا، فالجو كان في غاية البرودة، ولا بد من إنجاز الحفر في أسرع وقت، فقسم الرسول العمل على أصحابه، وجعل لنفسه نصيبًا من العمل، فكان يحفر معهم، ويحمل التراب بنفسه مثل باقي الصحابة .. وكان إذا رأى من الصحابة تعبًا قام بتنشيطهم للعمل مردَّدا : اللهم إن العيش عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة. وكانوا يجيبونه مرددين : نحن الذين بايعوا محمدًا على الجهاد ما بقينا أبدًا. كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يعمل ذلك العمل الشاق وهو في السابعة والخمسين من عمره، ضاربًا المثل الأعلى والقدوة الحسنة لأصحابه، وأنه مثلهم يعمل كما يعملون، ويبذل جهدًا كما يبذلون. وبفضل هذا التعاون أتم المسلمون حفر الخندق في ستة أيام، على الرغم من طوله واتساع عرضه وعمقه، وصلابة الأرض الصخرية التي تم الحفر فيها، ولما جاء المشركون فوجئوا بهذا الخندق، واندهشوا من قدرة المسلمين على إنجاز هذا العمل الجبار في هذا الوقت القصير وبهذه الأعداد القليلة ! ( يتبع ) |
|
08-07-2023, 10:41 AM | #369 |
| تابع – التعاون إنّ للتعاون فوائد عظيمة على الفرد والمجتع، يمكننا ذكر بعضا منها في النقاط التالية: - ازدياد الروابط الأخوية بين الزملاء . - إنجاز الأعمال في أسرع وقت وفى صورة جيدة، حيث يؤدي كل فرد ما يجيده ويحسن عمله. - توفير الوقت وتنظيم الجهد، فبدلاً من أن يتحمل فرد واحد مسؤولية إنجاز عمل ما، فإنه يوزع على آخرين لإنجازه، وهذا يعنى مجهودًا أقل ووقتًا أقل. - إظهار القوة والتماسك، فالمتعاونون يصعب هزيمتهم، مثلهم مثل العصا يمكن كسرها إن كانت واحدة، ويصعب كسر مجموعة من العصي المترابطة. - نيل رضا الله، لأن الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه. - يد الله مع الجماعة : فالله تعالى يكون معهم، وما دام الله معهم فلن يخسروا، ويكون النجاح حليفهم. - القضاء على الأنانية وحب الذات، حيث يقدم كل إنسان ما عنده ويبذله للآخر عن حب وإيمان. قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» . (متفق عليه) فما أحوجنا لهذا الفقه والأخذ بهذا الخلق الرفيع من أجل القيام بعملية التعاون والتكافل على أتم وجه وأحسنه واقتداءا برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. ( يتبع ) |
|
08-07-2023, 10:43 AM | #370 |
| تابع – التعاون يقول الله تعالى في كتابه الكريم: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2»، جاء في كتاب مختصر تفسير ابن كثير للصابوني في تفسير الآية السابقة: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات وهو البر، وترك المنكرات وهو التقوى، وينهاهم عن التناصر على الباطل والتعاون على المآثم والمحارم، قال ابن جرير: الإثم: ترك ما أمر الله بفعله، والعدوان مجاوزة ما حد الله في دينكم ومجاوزة ما فرض الله عليكم في أنفسكم وفي غيركم. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً» قيل: يا رسول الله هذا نصرته مظلوماً، فكيف أنصره إذا كان ظالماً؟ قال: «تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره». الخير والسعادةإن ديننا الإسلامي يرشدنا إلى أهمية التعاون، فالتعاون أساس كلّ خير وسعادة، وعماد كلّ تقدم ورقيّ، فما نالت أمة من الأمم نصيبها من رَغَد العيش وعزّ الدنيا، ولا فاز شعبٌ بحظه من التقدم والرقيّ، إلا بائتلاف القلوب وجمع الكلمة والتعاون على الخير والبر، فالتعاون بين الناس أمرٌ تفرضه طبيعة حياتهم، لأن التعاون معناه تبادل العون والمساعدة بين الناس، فهو يؤدي إلى تقوية رابطة الإخاء فيما بينهم، لأن ديننا الإسلامي يحث على التعاون في جميع المجالات منذ أشرقت شمس الإسلام، فإذا ما تعاونوا على الخير والبر والتقوى عاشوا آمنين مطمئنين. لقد حثَّ القرآن الكريم على التعاون في آيات كثيرة، منها: قوله-سبحانه وتعالى-:(وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)، «سورة المائدة: الآية 2». كما حثت السنة النبوية الشريفة على التعاون أيضاً في عدد من الأحاديث الشريفة، منها: قوله - صلى الله عليه وسلم-: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى»، (أخرجه البخاري). قال النَّوويُّ في تعليقه على حديث: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ...»: «صريحٌ في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم بعضًا، وحثِّهم على التَّراحم والملاطفة والتَّعاضد في غير إثمٍ ولا مكروهٍ». نماذج عملية من المعلوم أن رسولنا - صلى الله عليه وسلم - كان يسعى لقضاء حوائج المسلمين، والوقوف معهم ومساعدتهم في جميع أحوالهم، حيث كان - عليه الصلاة والسلام - مجبولاً على ذلك، وقد أكدت ذلك أمّ المؤمنين خديجة - رضي الله عنها - عندما كانت تُخفِّف مِن رَوْعِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم- عند عودته مِن غار حراء بعد نزول الوحي عليه، وكان فزعًا. * فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه في كتاب بدء الوحي: «... فَدَخَلَ عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-، فَقَالَ: «زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي»، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، فَقَالَ لِخَدِيجَةَ وَأَخْبَرَهَا الْخَبَر: «لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي» فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الْكَلَّ، وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ...»، (أخرجه البخاري). فما أحوجنا نحن المسلمين اليوم إلى التأسي برسولنا - صلى الله عليه وسلم - في العمل بروح الفريق الواحد، بدلاً من الفردية والأنانية، لأن التعاون على الخير هو سبيل هذه الأمة منذ أشرقت شمس الإسلام، فالمسلم للمسلم كالبنيان يشدّ بعضه بعضاً . جمع الحطب (كَانَ النَبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَفَرٍ، فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِإِصْلاحِ شَاةٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: عَلَيَّ ذَبْحُهَا، وَقَالَ آخَرُ: عَلَيَّ سَلْخُهَا، وَقَالَ آخَرُ: عَلَيَّ طَبْخُهَا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «عَلَيَّ جَمْعُ الْحَطَبِ»، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ: نَكْفِيكَ الْعَمَلَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ تَكْفُونِي، وَلَكِنْ أَكْرَهُ أَنْ أَتَمَيَّزَ عَلَيْكُمْ، وَإِنَّ اللَّهَ - سبحانه وتعالى - يَكْرَهُ مِنْ عَبْدِهِ أَنْ يَرَاهُ مُتَمَيِّزًا بَيْنَ أَصْحَابِهِ»، (ذكره الطبري في خلاصة سير سيد البشر ص87). هكذا يُعَمّق رسولنا - صلى الله عليه وسلم - معنى التعاون بين أصحابه، ويربي فيهم روح الجماعة وروح الفريق، ويضعها موضع التطبيق العملي، وهذا تعليم وتربية للأمة الإسلامية على ضرورة التعاون والتآلف فيما بينهم. ( يتبع ) |
|
08-07-2023, 10:46 AM | #371 |
| تابع – التعاون من لوازم الإخاء في الإسلام: التعاون والتراحم والتناصر؛ إذ ما قيمة الأخوة إذا لم تعاون أخاك عند الحاجة، وتنصره عند الشدة، وترحمه عند الضعف؟! لقد صور الرسول الكريم مبلغ التعاون والترابط بين أبناء المجتمع المسلم بعضه وبعض هذا التصوير البليغ المعبر حين قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضاً"، وشبك بين أصابعه، فاللبنة وحدها ضعيفة مهما تكن متانتها، وآلاف اللبنات المبعثرة المتناثرة لا تصنع شيئا، ولا تكون بناء. إنما يتكون البناء القوى من اللبنات المتماسكة المتراصة في صفوف منتظمة، وفق قانون معلوم، عندئذ يتكون من اللبنات جدار متين، ومن مجموع الجدر بيت مكين، يصعب أن تنال منه أيدي الهدامين. كما صور مبلغ تراحم المجتمع وتكامله، وتعاطف بعضه مع بعض بقوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر"، فهو ترابط عدوى، لا يستغني فيه جزء عن آخر، ولا ينفصل عنه، ولا يحيا بدونه، فلا يستغني الجهاز التنفسي عن الجهاز الهضمي، أو كلاهما عن الجهاز الدموي أو العصبي، فكل جزء متمم للآخر، وبتعاون الأجزاء وتلاحمها يحيا الكل، ويستمر نماؤه وعطاؤه. ويقول: "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم، يرد مشدهم على مضعفهم، ومسرعهم على قاعدهم". ويدخل في نصرة المسلم للمسلم عنصرا جديداً حين يقول: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً"، قيل: ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً يا رسول الله؟ قال: "تأخذ فوق يديه، أو تمنعه من الظلم فذلك نصر له". والقرآن الكريم يوجب التعاون به و يأمر به بشرط أن يكون تعاوناً على البر التقوى، ويحرمه وينهى عنه إذا كان على الإثم والعدوان. يقول تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2)، ويجعل المؤمنين أولياء بعضهم على بعض، بمقتضى عقد الإيمان، كما قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (التوبة:71)، وهذا في مقابلة وصف مجتمع المنافقين بقوله: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ} (التوبة:67). كما وصف مجتمع الصحابة بأنهم: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} (الفتح:29)، فالتراحم سمة أولى من سمات المجتمع المسلم. ومقتضى ذلك أن يشد القوى أزر الضعيف، وأن يأخذ الغنى بيد الفقير، وأن ينير العالم الطريق للجاهل، وأن يرحم الكبير الصغير، كما يوقر الصغير الكبير، ويعرف الجاهل للعالم حقه، وأن يقف الجميع صفاً واحداً في الشدائد والمعارك العسكرية والسلمية، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} (الصف:4). ( يتبع ) |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |