الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
23-06-2023, 04:52 PM | #295 |
| البِرُّ في واحة الشِّعر قال ابن الأعرابي: ليس بما ليس به بأسٌ باسُ ولا يضيرُ البَرَّ ما قال النَّاسُ قال الشَّاعر: واللهُ أنجحُ ما طلبتَ به والبِرُّ خيرُ حقيبةِ الرَّحْلِ وقال آخر: وما البِرُّ إلا مُضْمَراتٌ من التُّقى وما المال إلا مُعْمَراتٌ ودائع وقال سابق البربري: إنَّ التُّقى خيرُ زادٍ أنت حاملُه والبِرُّ أفضلُ شيءٍ ناله بشرُ وقال آخر: والإثمُ مِن شرِّ ما يُصالُ به والبِرُّ كالغيثِ نبتُه أَمِرُ وقال آخر: من لم يُنِلْك البِرَّ في حياتِه لم تبكِ عيناك على وفاتِه وقال آخر: بُنيَّ إنَّ البِرَّ شيءٌ هيِّنُ المنطقُ الليِّنُ والطُعَيِّمُ أنشد الكُرَيْزي: مِن خيرِ ما حُزتَه وُدٌّ لذي كرمٍ يجزيك ما عشتَ بالإحسانِ إحسانا تلقَى بشَاشَته في قربِه وإذا أنال نالك منه البِرُّ ما كانا قال الشَّاعر: وكم صاحبٍ أكرمته غيرَ طائعٍ ولا مكرهٍ إلا لأمرٍ تعمَّدا وما كان ذاك البِرُّ إلا لغيرِه كما نصبوا للطيرِ بالحبِّ مصيدا وقال أبو العتاهية: وإن امرأ لم يرتجِ النَّاسُ نفعَه ولم يأمنوا منه الأذَى لَلَئيمُ وإن امرأ لم يجعلِ البِرَّ كنزَه ولو كانت الدُّنيا له لعديمُ قال الصرصري: واغرسْ أصولَ البِرِّ تجْنِ ثمارَها فالبِرُّ أزكَى منبتًا للغارسِ وقال سفيان ابن عيينة: أَبُنَيَّ إنَّ البِرَّ شيءٌ هيِّنُ وجهٌ طليقٌ وكلامٌ ليِّنُ وأنشد أبو الحسن الهاشمي: النَّاس كلُّهم عيالُ اللهِ تحتَ ظلالِه فأحبُّهم طُرًّا إليه أبرُّهم لعيالِه قال أبو إسحاق الإلبيري: فلا ترضَ المعايبَ فهي عارٌ عظيمٌ يُورثُ الإنسانَ مقتا وتهوي بالوجيهِ من الثُّريَّا وتبدلُه مكانَ الفوقِ تحتا كما الطَّاعاتُ تَنعَلُكَ الدَّراري وتجعلُك القريبَ وإن بعدتا وتنشرُ عنك في الدُّنيا جميلًا فَـتُلفي البِرَّ فيها حيث كنتا وتمشي في مناكبها كريمًا وتجني الحمدَ ممَّا قد غرستا قال الوليد ين يزيد: من يتَّقِ الله يجدْ غِبَّ التُّقى يومَ الحسابِ صائرًا إلى الهدَى إنَّ التُّقى أفضلُ شيءٍ في العملْ أرى جماعَ البِرِّ فيه قد دخلْ ((تم بعون الله )) |
|
23-06-2023, 05:01 PM | #296 |
| موضوعنا القادم ضمن هذه السلسلة سيكون عن : التَّأنِّي أو (الأناة) وسوف أتناول من خلاله المحاور التالية إن شاء الله 1- معنى التَّأنِّي لغةً واصطلاحًا 2- الفرق بين الأناة وبعض الصِّفات 3- التَّرغيب في التَّأنِّي 4- أقوال السَّلف والعلماء في التَّأنِّي 5- فوائد التَّأنِّي 6- صور التَّأنِّي 7- أسباب عدم التَّأنِّي 8- الوسائل المعينة على اكتساب صفة التَّأنِّي 9- نماذج في التَّأنِّي 10- التَّأنِّي في واحة الشِّعر ( والله ولي التوفيق ) |
|
25-06-2023, 10:24 AM | #297 |
| التأني التأني وأهميته في حياة المسلم الحمد لله الذي جعل التأنِّي من الأخلاق الكريمة، ووعد مَنْ تخلَّق به السلامة من الحسرة والآفات والندامة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة خالصة ودائمة، سبحانه وتعالى أنزل القرآن نورًا للعباد وهداية ورحمة، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه زكى الله خلقه وأعلى مقامه، اللهم صَلِّ وسلِّم عليه وعلى آله وأصحابه أهل الأخلاق الفاضلة والقلوب السليمة، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71] إن الله تعالى أرسل رسوله الكريم، عليه أفضل صلاة وأزكى تسليم، وأنزل القرآن العظيم، ليكون لنا ضياءً ورحمةً، ونورًا وهدايةً، يُضيء لنا حياتنا بالخير والحكمة والسلامة، وهذا ما نتعلمه من هذه القصة التي بين أيدينا. بعد إسلام قبيلة بني المصطلق بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن عقبة رضي الله عنه لكي يجمع منهم أموال الصدقات، فلما سمعوا بقدومه خرجوا إليه ليستقبلوه، فلما رآهم ظن أنهم خرجوا إليه ليقتلوه، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أن القوم قد أرادوا قتله، فهَمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغزوهم ويحاربهم، فقدم عليه وفْدُهُم، فقالوا: يا رسول الله، سمعنا برسولك حين بعثته إلينا، فخرجنا إليه لنكرمه، ونؤدي إليه مَا قِبَلَنَا من الصدقة، فولَّى راجعًا، فبلغَنا أنه زعم أننا خرجنا إليه لنقتله، ووالله ما جئنا لذلك، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ * وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الحجرات: 5 - 8]. هذه الآية جاءت بمبدأ عظيم وخلق كريم من أخلاق الإسلام؛ ألا وهو خلق التبيُّن، ومعناه التأني وعدم التسرُّع، وهذا الخلق نحتاج إليه في جميع جوانب حياتنا، سواء في عباداتنا وفي معاملاتنا، وكذلك في علاقاتنا مع أنفسنا، فتكون الأقسام ثلاثة. فأمَّا حاجتنا إلى التأني في عباداتنا، فالمسلم يحرص أن يصلي بخشوع وخضوع، ولا يسرع في صلاته، فقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا صلى بسرعة ولم يتم ركوعها وسجودها قال له: ((ارجع فصلِّ، فإنك لم تصلِّ)) )ثلاث مرات (، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، قال: ((إذا قمت إلى الصلاة، فكَبِّر، ثم اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئنَّ راكِعًا، ثم ارفع حتى تعتدل قائمًا، ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجِدًا، ثم ارفع حتى تطمئنَّ جالِسًا، ثم اسجد حتى تطمئنَّ ساجِدًا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها)). ( يتبع ) |
|
25-06-2023, 10:26 AM | #298 |
| تابع – التأني عند قراءة القرآن الكريم لا ينبغي للمسلم أن يُسرِع في تلاوته؛ بل يرتله ترتيلًا، ويعطي كل حرف حقَّه، لينال على كل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. وكذا عند الدعاء، فالمسلم يسأل الله تعالى ما شاء من خيري الدنيا والآخرة؛ لكنه لا يتسرَّعُ ويستعجل الإجابة، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا يزال يستجاب للعبد ما لم يستعجل، يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أر يستجيب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء))، فسيدنا موسى عليه السلام لما دعا على فرعون وقومه بقوله: ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾ [يونس: 88] استجاب الله تعالى دعوته فقال: ﴿ قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا ﴾ [يونس: 89]؛ ولكن بقي بعد فرعون وقومه بعد هذه الإجابة أربعين سنة ثم أهلكوا، أربعون سنة يا عباد الله! وموسى ينتظر ولم يستعجل ولم يمل حتى تحققت الاستجابة بغرق فرعون وقومه. وأما حاجتنا إلى التأنِّي في معاملاتنا فإن أهميته تظهر فيما يلي: لو بلغتك إشاعة عن أخيك تكرهها في دينه أو عرضه أو شرفه أو خلقه، فإنك لا تتسرَّع إلى تصديقها؛ لأن الإشاعات غالبًا تكون كاذبةً، ونتائجها سيئة، فكم من زوجين طُلِّقا، وكم من قرابة قُطعت، وكم من شراكة فُرقت، وكم من جماعة شُتِّتَت بسبب خبر كاذب، وقد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحارب بني المصطلق؛ بل تأكَّد من صحة الخبر لما جاءه وفدهم يكذب ما ادَّعاه الوليد بن عقبة رضي الله عنه. مثال آخر: لو تتبعتم كثيرًا من حالات الطلاق في مجتمعنا، ستجدون أن السبب خلاف ونقاش بين زوجين بسبب مشكلة صغيرة، فيغضب الاثنان ويتسرَّعان إلى حل مشكلتهما بالطلاق، فيتشتت شمل الأسرة، ويكون الأولاد ضحية هذا التسرُّع، وعرضةً للانحراف والتشرُّد، فيا معشر الأزواج: إن الحياة الزوجية بما فيها من سكن ونفقة ومعاشرة وتربية الأولاد كلها عبادة لله تعالى، فلو قدر أن هناك مشاكل فحلُّها الصبرُ وكظم الغيظ، والاحترام والتسامح، والرضا وتحمل أخطاء الآخر، فلا يُتسرَّع إلى الطلاق؛ بل لا بُدَّ من التأنِّي والتمهُّل وعدمِ التسرُّع لكيلا تصبحوا على ما فعلتم نادمين. فاللهم رد بنا إلى الحق ردًّا جميلًا، وأعِنَّا على طاعتك يا رب العالمين، نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله ربِّ العالمين. ( يتبع ) |
|
25-06-2023, 10:27 AM | #299 |
| تابع – التأني أما حاجتنا إلى التأنِّي فيما بيننا وبين أنفسنا فإن الواحد منا أحيانًا عندما يُقبل على أمر من الأمور (على زواج، سفر، عمل شراكة (يحتار ويتردَّد، ولا يدري ماذا يفعل هل يتقدَّم أم يتأخَّر؟ ولكي يقطع المسلم دابر الندم والخيبة في تصرُّفاته، ينبغي ألَّا يتسرَّع، ويتحقَّق ذلك بأمرين: أولهما: الاستشارة، استشر مَن حولك من أهل التجارب والخبرة، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم دائمَ الاستشارةِ لأصحابه، وهذا عمرو بن العاص رضي الله عنه الصحابي الجليل المعروف بذكاء ودهاء لم يسبق لهما مثيل يقول عن نفسه: "ما نزلت بي قطُّ عظيمة فأبرمتها حتى أشاور عشرة من قريش مرتين؛ فإن أصبت كان لي الحظ دونهم، وإن أخطأت لم أرجع على نفسي بلائمة" ثانيهما: استخارة الله تعالى؛ فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستخارة في الأمور كلها، كما يُعلِّمنا السورة من القرآن، يقول: ((إذا هَمَّ أحدكم بالأمر، فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: اللهُمَّ إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علَّام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمرَ خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاقدره لي ويسِّره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شَرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، فاصرفه عني واصرفني عنه، واقدر لي الخير حيث كان، ثم رَضِّنِي به))، قال: «ويُسمِّي حاجته» منزلة خُلُق التَّأنِّي إن التأني خلق لا يندم من تخلَّق به، ويندم من لم يتخلَّق به؛ ألا وهو خلق التَّأنِّي، الذي قال فيه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلمالتَّأنِّي من الله والعجلة من الشَّيطان[رواه البيهقي20767، وحسنه الألباني في الجامع الصغير 5322]. وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع. وفي رواية: الأناة من الله والعجلة من الشَّيطان[الترمذي 2012، وضعفه الألباني في صحيح وضعيف سنن الترمذي 2012]. وقد ورد هذا الخلق أيضاً بلفظ التؤدة كما جاء في حديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلمالتُّؤدة والاقتصاد والسَّمت الحسن جزء من أربعة وعشرين جزءاً من النُّبوَّة[رواه عبد بن حميد 512، وصححه الألباني في الجامع الصغير 5321]. وصحَّحه كذلك الألباني في صحيح الجامع. ( يتبع ) |
|
25-06-2023, 10:28 AM | #300 |
| تابع – التأني فالتُّؤدة إذًا كما قال المناوي في فيض القدير هي: "التَّأنِّي التُّؤدة"[فيض القدير3/ 365]. والتَّأنِّي من النُّبوَّة هذه جزءٌ من النُّبوَّة، فالتَّأنِّي: خُلقٌ ملازمٌ للنَّبيِّ، فلا يمكن أن يستقيم الحال إلَّا به، وقد مدح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً من الصَّحابة الذين قدموا عليه بأنَّ فيه هذا الخلق، فقال: يا أشج إنَّك فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة [رواه مسلم 17]. وقد جاءت القصَّة في صحيح مسلم: عن أبي جمرة قال: "كنت أُترجم بين يدي ابن عباسٍ وبين النَّاس" يعني: يبلِّغ بصوته من لا يسمع لشدَّة الزِّحام مثلاً، "فأتته امرأةٌ تسأله عن نبيذ الجرِّ، فقال: "إنَّ وفد عبد القيس أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلممن الوفد أو من القوم؟ قالوا: ربيعة، قال: مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى [رواه البخاري87]. رواه البخاري. وفي رواية أخرى لمسلم: أنَّه أوصاهم فقال: وأنهاكم عن أربع: عن الدُّباء والحنتم والمزفَّت والنَّقير[رواه مسلم17]. لما طلبوا منهم الوصية أمرهم ونهاهم، فمن الأشياء التي نهاهم عنها: الدُّباء والحنتم والمزفَّت والنَّقير، قالوا: يا نبيُّ الله ما علمك بالنَّقير؟ قال: بلى جذعٌ تنقرونه فتقذفون فيه من القطيعاء قال سعيد: أو قال من التَّمر ثُمَّ تصبون فيه من الماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه، حتى إنَّ أحدهم ليضرب ابن عمه بالسَّيف قال: وفي القوم رجلٌ أصابته جراحة كذلك من جرَّاء شيءٍ سبق حصل من نفس هذا السكر وكنت أخبأها حياءً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ففيم نشرب يا رسول الله؟ قال: في أُسقية الأدم التي يلاث على أفواهها قالوا يا رسول الله: إنَّ أرضنا كثيرة الجرذان ولا تبقى بها أسقية الأدم، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلموإن أكلتها الجرذان وإن أكلتها الجرذان وإن أكلتها الجرذان، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: إنَّ فيك لخصلتين يحبُّهما الله: الحلم والأناة[رواه مسلم18]. ورواه الترمذي. كذلك عن ابن عباس أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لأشج عبد القيس: إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحلم والأناة[رواه الترمذي2011، وصححه الألباني في صحيح وضعيف الترمذي 2011]. قال أبو عيسى: "هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ"[سنن الترمذي 2011]. فإذاً التَّأنِّي من الله ومن النُّبوَّة، والتَّأنِّي يحبُّه الله وهو خُلُقٌ فاضل وجزءٌ من النُّبوة ورزقٌ من الله، يجبل الله من يشاء عليه، فحريٌّ بكُلِّ مسلمٍ أن يتخلَّق بهذا الخلق. ( يتبع ) |
|
25-06-2023, 10:30 AM | #301 |
| تابع – التأني عكس التَّأنِّي: العجلة وعكسه العجلة التي قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فيها: العجلة من الشَّيطان[رواه البيهقي20057، وأبو يعلى4256، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة1795]. قال ابن القيم رحمه الله: "إنَّما كانت العجلة من الشَّيطان؛ لأنَّها خفَّة وطيشٌ وحدَّةٌ في العبد تمنعه من التَّثبُّت والوقار والحلم، وتُوجب له وضع الأشياء في غير مواضعها، وتجلب عليه أنواعٌ من الشُّرور وتمنعه أنواع من الخيور، وهي قرين النَّدامة فقلَّ من استعجل إلَّا ندم، وهي متولِّدةٌ بين خلقين مذمومين: التَّفريط والاستعجال قبل الوقت، يتولَّد منهما العجلة"[الروح1/258]. ونقل المناوي أيضاً في الشَّرح: "العجلة فعل الشيء قبيل مجيء وقته"[فيض القدير6/72]. قبل استوائه ونضجه وأوانه، الصَّحيح يتعجَّل فيه الشَّخص هذا تعريف العجلة التي هي ضدُّ التَّأنِّي والتُّؤدة، وقد جبل الإنسان على العجلة وهو متعجَّل عجول بطبعه، كما قال الله تعالى: وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا [الإسراء:11]. وقال الله تعالى: خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ[الأنبياء:37]. فهو في طبعه التَّعجُّل باستمرار، فكان لا بُدَّ أن يقهره بالتَّأنِّي، وأن يتخلَّق بهذا الخلق، وقد سبق: أن اكتساب الأخلاق أمرٌ ممكنٌ ويحتاج إلى صبرٍ ومجاهدةٍ، ومن الأدلَّة على أنَّ هذا الخلق مجبول يمكن أن يرزقه الله تعالى الخلق بالتَّأنِّي الرِّواية التي جاءت عند أبي دواد وفيها أمُّ ابان بنت الوازع بن زارع وهي مقبولةٌ، يعني: إذا تُوبعت عن جدِّها زارع وكان في وفد عبد القيس قال: "لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبِّل يد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم" رجالهم يقبلِّون يد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورجله، قال: "وانتظر المنذر الأشجَّ حتى أتى عيبته فلبس ثوبيه" إذاً: وفد عبد القيس لما جاءوا من الإحساء وهو موطنهم أو البحرين لما جاءوا إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم جعلوا يتبادرون من رواحلهم متحمسين لتقبيل يد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، أمَّا الأشجُّ انتظر المنذر الأشج حتى أتى عيبته الذي هو مستودع الثِّياب فلبس ثوبيه، ثُمَّ أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فجاء وقد أزال عن نفسه رائحة السَّفر وثياب السَّفر، واستعدَّ للقاء فتأنَّى للأمر، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلمإنَّ فيك خلتين يحبهما الله الحلم والأناة قال يا رسول الله: أنا أتخلَّق بهما أم الله جبلني عليهما؟ قال: بل الله جبلك عليهما قال: "الحمد لله الذي جبلني على خلتين يحبهما الله ورسوله"[رواه أبو داود5225، وحسنه الألباني في صحيح وضعيف أبي داود5225]. فهو إذاً قد يكون رزقٌ من الله يُؤتيه الله من يشاء، ويوجد أناسٌ بطبعهم قد رزقوا حظَّاً وافراً من هذا الخلق وهو التَّأنِّي، ولكن حتى الذي في طبعه عجلة يمكن أن يقهرها بالتَّأنِّي وأن يتخلَّق به. ( يتبع ) |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |