الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
14-06-2023, 04:28 PM | #141 |
| تابع – العزة ومن آثار عدم الاعتزاز بالاستقامة: 1 ـ الحيلولة دون العبودية الحقة. 2 ـ فقد ثقة الناس وقلة أو انعدام كسب الأنصار والمؤيدين. 3 ـ القلق والاضطراب النفسي. 4 ـ الحرمان من الأجر والمثوبة بل وتحمل الأوزار. 5 ـ التأثر بكل ما يسمع أو يرى من صور الابتلاء. 6 ـ الحرمان من العون والمَددُ الرباني. 7 ـ سرعة النكوص على الأعقاب. و علاج عدم الاعتزاز بالاستقامة: ـ 1 ـ الاستعانة بالله عز وجل ودعاؤه جل وعلا. 2 ـ الحرص على تجديد الإيمان وتقوية النفس. 3 ـ إدراك أن طريق الاستقامة والفرار إلى الله طريق كله أشواكٌ وصعابٌ. 4 ـ الوقوف على سير وأخبار من عرفوا بدقة وكمال الاستقامة. 5 ـ الإدراك الذهني بل والقلبي لأبعاد ومعالم الاستقامة بحيث يخالط هذا الإدراك الأحاسيس والمشاعر بل والخواطر ويصير سجَّيةً للنفس تفرح وتستريح حين تتمثله في داخلها وفي واقع الحياة وتحزن وتضيق إذا هي قصَّرَت في هذا التمثيل. 6 ـ محاسبة النفس دوماً والوقوف على جوانب الضعف والخلل فيها. 7 ـ المعايشة المستمرة لكتاب الله وسنة محمد صلى الله عليه وسلم . 8 ـ التحصين بالعلم الشرعي. 9 ـ عدم الإلتفات إلى المثبطين والمهبطين. 10ـ الفهم الصحيح لما تكون فيه العزة. 11ـ اجتناب قرناء السوء. 12ـ تقوية الشخصية ـ الثقة بالنفس. 13ـ اجتناب المعاصي. 14ـ مجاهدة النفس والصبر. 15 ـ الجدية وعدم الهزل. من خلال هذا الموضوع عن العزة تناولنا الكثير من الآثار والأهمية لهذا الخلق الإسلامي وسوف أتناول بالتفصيل المحاور التالية 1- معنى العِزَّة لغةً واصطلاحًا 2- الفرق بين الشَّرَف والعِزَّة 3- أهمية العِزَّة 4- الترغيب في العزة أولًا: في القرآن الكريم ثانيًا: في السُّنَّة النَّبَويَّة 5- أقوال السَّلف والعلماء في العِزَّة 6- أقسام العِزَّة العِزَّة الشَّرعيَّة: صور العِزَّة الشَّرعيَّة: من صور العِزَّة غير الشَّرعيَّة: أسباب العِزَّة الشَّرعيَّة 7- نماذج في العزة نماذج في العِزَّة عند الصَّحابة رضي الله عنهم نماذج في العِزَّة عند التَّابعين نماذج في العِزَّة عند العلماء المعاصرين 8- مواقف في العزة 9- قالوا عن العِزَّة 10- العِزَّة في الأمثال 11- العِزَّة في واحة الشِّعر ( والله ولي التوفيق ) |
|
14-06-2023, 04:31 PM | #142 |
| معنى العِزَّة لغةً واصطلاحًا معنى العِزَّة لغةً: العِزُّ: خلاف الذُلِّ. وهو في الأصل: القُوَّة والشِّدَّة والغَلَبَة والرِّفعة والامْتِنَاع. يقال: عَزَّ يَعَزُّ -بالفتح للمضارع-: إذا اشتَدَّ وقَوِيَ، وبالكسر للمضارع: إذا قَوِيَ وامتَنَع، وبالضَّم: إذا غَلَب وقَهَر. ويقال: عَزَّ فلانٌ، أي: صَار عَزِيزًا، أي: قَوِيَ بعد ذِلَّة. وأعَزَّهُ الله. وهو يَعْتَزُّ بفلان، ورَجُلٌ عَزِيزٌ: مَنِيعٌ، لَا يُغْلب، وَلَا يُقْهر. وعَزَّ الشَّيء: إذا لم يُقْدَر عليه، وعَزَّ الشَّخص: قَوِيَ وبَرِئ من الذُّل . فهذه المادة في كلام العرب لا تخرج عن معانٍ ثلاثةٍ: (أحدها: بمعنى الغَلَبَة، يقولون: مَنْ عَزَّ بَزَّ. أي: من غَلَبَ سَلَبَ، يقال منه: عَزَّ يَعُزُّ، ومنه قوله تعالى وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ [ص: 23]. والثَّاني: بمعنى الشِّدَّة والقُوَّة، يقال منه: عَزَّ يَعَزُّ. والثَّالث: أن يكون بمعنى نَفَاسَة القَدْر، يقال منه: عَزَّ يَعِزُّ) . معنى العِزَّة اصطلاحًا: العِزَّة: حالة مانعة للإنسان من أن يُغْلَب . وقيل: العِزَّة: القُوَّة والغَلَبَة والحَمِيَّة والأَنَفَة . وقيل: العِزَّة: التَّأَبِّي عن حمل المذَلَّة، وقيل: الـتَّــرَفُّع عمَّا تَلْحَقه غَضَاضَة الفرق بين الشَّرَف والعِزَّة أنَّ العِزَّة تتضمَّن معنى الغَلَبَة والامْتِنَاع. فأمَّا قولهم: عَزَّ الطَّعام، فهو عَزِيزٌ، فمعناه: قَلَّ حتى لا يُقْدَر عليه، فشُبِّه بمن لا يُقْدَر عليه، لقُوَّته ومَنْعَته؛ لأنَّ العِزَّ بمعنى القِلَّة. والشَّرَف إنما هو في الأصل شَرَفُ المكان، ومنه قولهم: أَشْرَف فلان على الشَّيء، إذا صار فَوْقَه، ومنه قيل: شُرْفَة القصر، وأَشْرَف على التَّلَف، إذا قَارَبَه، ثمَّ استُعْمِل في كَرَم النَّسَب، فقيل للقرشي: شَرِيف. وكلُّ من له نسب مذكور عند العرب: شَرِيف. ولهذا لا يقال لله تعالى: شَرِيف، كما يقال له: عَزِيز ( يتبع – أهمية العزة ) |
|
14-06-2023, 04:33 PM | #143 |
| أهمية العِزَّة العِزَّة والإيمان صِنْوَان لا يفترقان، فمتى وَقَرَ الإيمان في قلب الرَّجل، وتشبَّع به كيَانُه، واختلط بشِغَاف قلبه، تشرَّب العِزَّة مباشرةً، فانبثقت منه أقوال وأفعال صادرة عن شعور عظيم بالفَخْر والاستعْلاء، لا فخرًا واستعلاءً على المؤمنين، بل هو على الكافرين. بل يَنْتُج -أيضًا- عن هذا الخُلُق الكريم، صِدْقُ الانتماء لهذا الدِّين، وقُوَّةُ الرَّابط مع أهله، والتَّواضُع لهم، والرَّحمة بهم. قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ. [المنافقون: 8] (فجعل العِزَّة صِنْو الإيمان في القلب المؤمن؛ العِزَّة المستمدَّة من عِزَّته تعالى، العِزَّة التي لا تَهُون ولا تَهُن، ولا تنحني ولا تلين، ولا تُــزَايل القلب المؤمن في أحرج اللَّحظات، إلَّا أن يتضَعْضَع فيه الإيمان، فإذا استقرَّ الإيمان ورسخ، فالعِزَّة معه مستقِرَّة راسخة؛ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، وكيف يعلمون وهم لا يتذوَّقون هذه العِزَّة، ولا يتَّصِلون بمصدرها الأصيل؟!) . والعِزَّة تَنْتُج عن معرفة الإنسان لنفسه، وتقديره لها، وترفُّعه بها عن أن تصيب الدَّنايا، أو تُصَاب بها، أو أن تَخْنَع لغير الله عزَّ وجلَّ أو أن تركع لسواه، أو أن تُدَاهن، وتحابي في دين الله عزَّ وجلَّ ، أو أن ترضى بالدَّنيَّة فيه، فهي نتيجة طبيعيَّة لهذه المعرفة، كما أنَّ الكِبْر نتيجة طبيعيَّة للجهل بقيمة هذه النَّفس وبمقدارها، يقول الراغب الأصفهاني: (العِزَّة: منزلة شريفة، وهي نتيجة معرفة الإنسان بقدر نفسه، وإكرامها عن الضَّراعة للأعراض الدُّنيويَّة، كما أنَّ الكِبْر نتيجة جهل الإنسان بقدر نفسه، وإنزالها فوق منزلتها) والعِزَّة في الإسلام الحنيف، يستشعرها الدَّاخل في الإسلام بمجرَّد نُطْقه للشَّهادتين، فهو قد دخل في دين الحقِّ، الذي لا يضاهيه دين، والذي أظهره الله على الدِّين كلِّه، ولولا اتِّصافه بهذه الصَّفات ما دخل فيه، ولا استسلم وخضع لأحكامه وتشريعاته، قال الله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التَّوبة: 33]، وفي سورة الفتح: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا [الفتح: 28]. ومما يُظْهِر فضيلة هذه الصِّفة ومَزِيَّتها: أنَّ الله قد تسمَّى بها في كتابه، فسمَّى نفسه: العزيز، أي: الغَاِلب الذي لا يُقْهر، واتَّصف بصفة العِزَّة الذي تضمَّنها الاسم. قال ابن بطَّال: (العزيز يتضمَّن العِزَّة، والعِزَّةُ يُحْتَمل أن تكون صفة ذات، بمعنى القُدْرَة والعظمة، وأن تكون صفة فعل، بمعنى القَهْر لمخلوقاته، والغَلَبَة لهم، ولذلك صحَّت إضافة اسمه إليها) . وقال الغزالي: (العزيز: هو الخَطِير الذي يَقِلُّ وجود مِثْله، وتشتدُّ الحاجة إليه، ويصعُب الوصول إليه، فما لم يجتمع عليه هذه المعاني الثَّلاثة، لم يُطْلَق عليه اسم العزيز... ثمَّ في كلِّ واحد من المعاني الثَّلاثة كمال ونقصان، والكمال في قلَّة الوجود: أن يرجع إلى واحد، إذْ لا أقلَّ من الواحد، ويكون بحيث يستحيل وجود مِثْله، وليس هذا إلا الله تعالى؛... وشدَّة الحاجة: أن يحتاج إليه كلُّ شيء في كلِّ شيء، حتى في وجوده وبقائه وصفاته، وليس ذلك -على الكمال- إلَّا لله عزَّ وجلَّ ، والكمال في صعوبة المنَال: أن يستحيل الوصول إليه على معنى الإحاطة بكُنْهِه، وليس ذلك -على الكمال- إلَّا لله عزَّ وجلَّ ، فإنَّا قد بيَّنَّا أنَّه لا يَعرف اللهَ إلَّا الله؛ فهو العزيز المطْلَق الحقُّ، لا يوازيه فيه غيره) . ويقول ابن القيِّم: (والعِزَّة يُرَاد بها ثلاثة معان: عِزَّة القُوَّة، وعِزَّة الامْتِنَاع، وعِزَّة القَهْر، والرَّبُّ -تبارك وتعالى- له العِزَّة التَّامة بالاعتبارات الثَّلاث) . كما أنَّه سَمَّى نفسه المعِزَّ، فهو الذي يَهَب العِزَّة لمن يشاء، كما أنَّه يُذِلُّ من يشاء، قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [آل عمران: 26]، فهو المعِزُّ الحقيقي لمن يشاء إعزازه من البَشَر، بما يُقيِّض له من الأسباب الموجِبَة للعِزِّ. إذن فهو عزيز في ذاته، فلا يَحْصُل له الغَلَبَة والقَهْر من أحدٍ سبحانه وتعالى، ومُعِزٌّ لمن شاء من خَلْقه متى شاء، وكَيْفَمَا شاء. ( يتبع - الترغيب في العزة ) |
|
14-06-2023, 04:36 PM | #144 |
| الترغيب في العزة أولًا: في القرآن الكريم لم يفتأ كتاب الله عزَّ وجلَّ يبثُّ في قلب المؤمن وروحه هذا الشُّعور العظيم، الشُّعور بالعِزَّة المستمدَّة من عِزَّة هذا الدِّين وقُـوَّته، والمسْتَلْهَمة من آيات كتابه وتعاليمه، عِزَّةٌ تجعله يترفَّع عن كلِّ ما من شأنه أن يَحُطَّ من قدره، أو يُرْغِمه على إعطاء الدَّنيَّة في دينه. ففي العديد من آيات الكتاب الكريم، ينبِّه المولى -تبارك وتعالى- على هذه القضيَّة، والتي ينبغي على المؤمن أن يجعلها نُصْب عينيه، فلا يغفل عنها، ولا يتساهل بها؛ لأنَّ الإسلام إنَّما جاء بالعِزَّة لأتباعه والرِّفعة لأوليائه. وقبل أن نشْرَع في ذكر الآيات التي تحثُّ على صفة العزة وتدعو إليها، نذكر قول ابن الجوزي وهو يتحدَّث عن العِزَّة في القرآن، فيقول: (ذكر بعض المفسِّرين أنَّ العِزَّة في القرآن على ثلاثة أوجه: أحدها: العَظَمَة. ومنه قوله تعالى في سورة الشُّعراء: وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ [الشُّعراء:44]، وفي ص: قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ [ص: 82]. والثَّاني: المنْعَة. ومنه قوله تعالى في سورة النِّساء: أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [النِّساء: 139]. والثَّالث: الحَمِيَّة. ومنه قوله تعالى في سورة البقرة: وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ [البقرة: 206]، وفي سورة ص: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ [ص: 2] - قال الله تبارك وتعالى: مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا [فاطر: 10]. (أي: من كان يَوَدُّ أن يكون عزيزًا في الدُّنْيا والآخرة، فليلزم طاعة الله تعالى، فإنَّ بها تُنَال العِزَّة؛ إذْ لله العِزَّة فيهما جميعًا) . ويقول الشِّنقيطي: (بيَّن -جلَّ وعلا- في هذه الآية الكريمة: أنَّ من كان يريد العِزَّة، فإنَّها جميعها لله وحده، فليطلبها منه، وليتسبَّب لنيلها بطاعته -جلَّ وعلا- فإنَّ مَنْ أطاعه، أعطاه العِزَّة في الدُّنْيا والآخرة) . و(هذه الحقيقة كفيلة -حين تستقرُّ في القلوب- أن تبدِّل المعايير كلَّها، وتبدِّل الوسائل والخطط أيضًا! إنَّ العِزَّة كلَّها لله، وليس شيء منها عند أحد سواه، فمن كان يريد العِزَّة، فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره. ليطلبها عند الله، فهو واجدها هناك، وليس بواجدها عند أحد، ولا في أي كَنَف، ولا بأي سبب فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) . - وقال الله تبارك وتعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8]، وهنا ( يضمُّ الله -سبحانه- رسوله والمؤمنين إلى جانبه، ويُضْفِي عليهم من عِزَّته، وهو تكريم هائل، لا يكرِّمه إلا الله! وأي تكريم بعد أن يُوقِف الله -سبحانه- رسوله والمؤمنين معه إلى جواره، ويقول: ها نحن أُولاء! هذا لواء الأعزَّاء) . - وقال الله تبارك وتعالى: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا [النِّساء: 139]. قال ابن كثير: (أخبر تعالى بأنَّ العِزَّة كلَّها لله وحده لا شريك له، ولمن جعلها له. كما قال في الآية الأخرى: مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا [فاطر: 10]، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8]، والمقصود من هذا التَّهْيِيج على طلب العِزَّة من جناب الله، والالتجاء إلى عبوديَّته، والانتظام في جملة عباده المؤمنين، الذين لهم النُّصْرَة في هذه الحياة الدُّنْيا، ويوم يقوم الأشهاد) . ويقول الطَّبري: (فإنَّ الذين اتخذوهم -أي المنافقين- من الكافرين أولياء ابتغاء العِزَّة عندهم، هم الأذلَّاء الأقلَّاء، فهلَّا اتَّخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العِزَّة والمنْعة والنُّصْرَة من عند الله الذي له العِزَّة والمنْعَة، الذي يُعِزُّ من يشاء، ويُذِلُّ من يشاء، فيُعِزُّهم ويمنعهم) . - وقال الله تبارك وتعالى وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران: 139]. في هذه الآية الكريمة أدب قرآني عظيم، وتوجيه ربَّانيٌّ كبير للثُّلَّة المؤمنة المجاهدة والصَّابرة، يحثُّهم فيه على عدم الهَوَان الذي ينافي العِزَّة ويضادُّها، ويُنْهِيها ويقضي عليها. فهو أمرٌ للمؤمنين بالثَّبات على عِزَّتهم، حتى في الأوقات العصيبة؛ لتبقى العِزَّة ملازمة لهم، لا تنفكُّ عنهم في الضرَّاء والسَّرَّاء، في الفرح والحزن، في الحرب والسِّلم، في النَّصْر والهزيمة. يقول الفَخْر الرَّازي: (كأنَّه قال: إذا بحثتم عن أحوال القرون الماضية، علمتم أنَّ أهل الباطل، وإن اتَّفقت لهم الصَّولة، لكن كان مآل الأمر إلى الضَّعف والفُتور، وصارت دولة أهل الحقِّ عالية، وصَوْلة أهل الباطل مُنْدَرِسة، فلا ينبغي أن تصير صَوْلَة الكفَّار عليكم -يوم أُحد- سببًا لضعف قلبكم ولجُبْنكم وعجزكم، بل يجب أن يَقْوى قلبكم، فإنَّ الاستعلاء سيحصل لكم، والقُوَّة والدَّولة راجعة إليكم) . - قال الله -تبارك وتعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [المائدة: 54] . في هذه الآية الكريمة يُبيِّن الله -تبارك وتعالى- أنَّ العِزَّة على أهل الكفر، هي صفة من صفات جيل التَّمْكين، الذين أحبَّهم الله وأحبُّوه، وارتضاهم بديلًا عمَّن يرتد عن دينه، وبالمقابل فهم أذلَّة في تعاملهم مع إخوانهم من أهل الإيمان، يَخْفِضُون لهم الجناح تواضعًا، ويلينون لهم القول. يقول الشِّنقيطي في ((أضواء البيان)): (أخبر تعالى المؤمنين -في هذه الآية الكريمة- إنَّهم إن ارتدَّ بعضهم، فإنَّ الله يأتي -عوضًا عن ذلك المرتد- بقوم، من صفاتهم: الذُّل للمؤمنين، والتَّواضع لهم، ولين الجانب، والقسوة والشِّدَّة على الكافرين، وهذا من كمال صفات المؤمنين) ( يتبع ) |
|
14-06-2023, 04:37 PM | #145 |
| تابع – الترغيب في العزة ثانيًا: في السُّنَّة النَّبَويَّة - عن تميم الدَّاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليَبْلُغن هذا الأمر ما بلغ اللَّيل والنَّهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلَّا أدخله اللهُ هذا الدِّين، بِعِزِّ عَزِيزٍ أو بِذُلِّ ذَليلٍ، عِزًّا يُعِزُّ الله به الإسلام، وذُلًّا يُذِلُّ الله به الكفر)) ، وكان تميم الدَّاري يقول: قد عرفت ذلك في أهل بيتي، لقد أصاب من أسلم منهم الخيرُ والشَّرَف والعزُّ، ولقد أصاب من كان منهم كافرًا الذُّل والصَّغَار والجِزْية. - وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يبقى على ظهر الأرض بيت مَدَرٍ، ولا وَبَرٍ، إلَّا أدخله الله كلمة الإسلام، بِعزِّ عَزِيزٍ، أو ذُلِّ ذَلِيلٍ، إمَّا يُعِزُّهم الله، فيجعلهم من أهلها، أو يُذِلهُّم، فيدينون لها)) . ففي هذا الحديث يُـبَشِّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بِعِزِّ هذا الدِّين وتمكينه في الأرض، وأنَّ هذا العِزَّ والتَّمكين سيكون سواءً بِعِزِّ عَزِيزٍ، أو بِذُلِّ ذَلِيلٍ، أي: (أدخل الله تعالى كلمة الإسلام في البيت مُلْتَبسة بِعِزِّ شخص عزيز، أي يُعِزُّه الله بها، حيث قَبِلها من غير سَبْيٍ وقتال، ((وذُلِّ ذَلِيلٍ)) أي: أو يُذِلُّه الله بها حيث أباها، والمعنى: يُذِلُّه الله -بسبب إبائها- بِذُلِّ سَبْيٍ أو قتال، حتى ينقاد إليها كَرْهًا أو طَوْعًا، أو يُذْعِن لها ببذل الجِزْية. والحديث مُقْتَبَسٌ من قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [التَّوبة: 33]، ثمَّ فسَّر العِزَّ والذُّل بقوله: (إمَّا يُعِزُّهم) أي: قومًا أَعَزُّوا الكلمة بالقبول، ((فيجعلهم من أهلها)) بالثَّبات إلى الممات، ((أو بِذُلِّهم)) أي: قومًا آخرين لم يلتفتوا إلى الكلمة وما قبلوها، فكأنَّهم أذَلُّوها، فَجُوزُوا بالإذلال جزاءً وفاقًا، ((فيدينون لها))... أي يُطيعون وينقادون لها) . - و((أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عُيينة بن حصن بن حذيفة، والحارث بن عوف بن أبى حارثة، رئيسي غَطَفَان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة، وجرت المراوَضةَ في ذلك، ولم يتمَّ الأمر، فذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ وسعد بن عبادة، فقالا: يا رسول الله، أشيء أمرك الله به فلا بدَّ لنا منه؟ أم شيء تحبُّه فنصنعه، أم شيء تصنعه لنا؟ قال: بل شيء أصنعه لكم، والله ما أصنع ذلك إلا أنِّى رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة. فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، قد كنَّا نحن وهؤلاء القوم على الشِّرك بالله وعبادة الأوثان، وهم لا يطيقون أن يأكلوا منها تمرة إلا قِرَى أو بَيْعًا، فحين أكرمنا الله تعالى بالإسلام، وهدانا له، وأعزَّنا بك وبه- نعطيهم أموالنا؟ والله لا نعطيهم إلَّا السَّيف. فصوَّب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيه، وتمادوا على حالهم)) . وهكذا كأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يربِّيهم على معاني العِزَّة، ويغرسها في قلوبهم غرسًا. ( يتبع - أقوال السَّلف والعلماء في العِزَّة ) |
|
14-06-2023, 04:39 PM | #146 |
| أقوال السَّلف والعلماء في العِزَّة - قال عبد الله بن عمرو: (إيَّاك وعزَّة الغضب، فيضيرك إلى ذُلِّ الاعتذار. وإذا ما عَرَتك في الغضب العِزَّة فاذكر مَذَلَّة الاعتذار) . - وقيل للحسن بن علي رضي الله عنهما: فيك عَظَمَة. قال: لا، بل فيَّ عِزَّة الله تعالى، قال الله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8] . - وقال ابن أبي لبابة: (من طلب عِزًّا بباطل، أورثه الله ذُلًّا بحقٍّ) . - قال رجل للحسن: (إنِّي أريد السِّند فأوصني. قال: أَعِزَّ أَمْرَ الله حيث ما كنت، يُعِزَّك الله. قال: فلقد كنت بالسِّند، وما بها أحدٌ أعزَّ منِّي) . - وقال ابن عطاء: (العِزُّ في التَّواضع، فمن طلبه في الكِبْر، فهو كتطلُّب الماء من النَّار). - وقال الأحنف: (لا تعدَّنَّ شَتْم الوالي شَتْمًا، ولا إغلاظه إغلاظًا، فإنَّ ريح العِزَّة تُبْسط اللِّسان بالغلظة في غير بأس ولا سخط) . - وقال بعض السَّلف: (النَّاس يطلبون العِزَّ بأبواب الملوك، ولا يجدونه إلَّا في طاعة الله) . - وقال إبراهيم بن شيبان: (الشَّرَف في التَّواضع. والعِزُّ في التَّقوى. والحرِّية في القناعة). - وعن سفيان الثَّوري أنَّه قال: (أَعَزُّ الخَلْق خمسة أنفس: عالم زاهد، وفقيه صوفيٌّ، وغنيٌّ متواضع، وفقير شاكر، وشريف سني) . - وكان من دعاء بعض السَّلف: (اللهمَّ أعِزَّني بطاعتك، ولا تذلَّني بمعصيتك) . - وقال آخر: (إذا طلبت العِزَّة، فاطلبها في الطَّاعة، وإن طلبت الغِنى، فاطلبه في القناعة) . - وقال الغزالي: (من رزقه القناعة حتى استغنى بها عن خَلْقه، وأمدَّه بالقوَّة والتَّأييد حتى استولى بها على صفات نفسه، فقد أعزَّه، وآتاه الملك عاجلًا، وسيعزُّه في الآخرة بالتَّقريب) . - وقال -أيضًا-: (العزيز من العباد: من يحتاج إليه عباد الله في أهمِّ أمورهم، وهي الحياة الأخرويَّة، والسَّعادة الأبديَّة، وذلك ممَّا يَقِلُّ -لا محالة- وجوده، ويصعب إدراكه، وهذه رتبة الأنبياء -صلوات الله عليهم أجمعين- ويشاركهم في العزِّ، من ينفرد بالقُرب من درجتهم في عصره، كالخلفاء وورثتهم من العلماء، وعزَّة كلِّ واحدٍ منهم بقدر عُلوِّ رتبته عن سهولة النَّيل والمشاركة، وبقدر عنائه في إرشاد الخَلْق) . - وقال ابن القيِّم: (العِزَّة والعُلُوُّ إنَّما هما لأهل الإيمان الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهو علمٌ وعملٌ وحالٌ، قال تعالى: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. [آل عمران: 139] فللعبد من العُلُوِّ بحسب ما معه من الإيمان، وقال تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون: 8]، فله من العِزَّة بحسب ما معه من الإيمان وحقائقه، فإذا فاته حظٌّ من العُلُوِّ والعِزَّة، ففي مُقَابَلة ما فاته من حقائق الإيمان، علمًا وعملًا، ظاهرًا وباطنًا) . - وقال ابن باديس: (الجاهل يمكن أن تعلِّمه، والجافي يمكن أن تهذِّبه، ولكن الذَّليل الذي نشأ على الذُّلِّ، يَعْسُر أو يتعذَّر أن تغرس في نفسه الذَّليلة المهينة عزَّةً وإباءً وشهامةً تُلْحِقه بالرِّجال) ( يتبع – أقسام العزة ) |
|
14-06-2023, 04:42 PM | #147 |
| أقسام العِزَّة الخُلُق المحمود دائمًا ما يكون خُلقًا بين خُلقين مذمومين، فهو وسط بينهما، قال ابن القيِّم: (وكلُّ خُلُق محمود مُكْتَنف بخُلقين ذميمين. وهو وسط بينهما. وطرفاه خُلُقان ذميمان، كالجود: الذي يكتنفه خُلُقان: البخل والتَّبذير. والتَّواضع الذي يكتنفه خُلُقان: الذُّل والمهَانة، والكِبْر والعُلُو. فإنَّ النَّفس متى انحرفت عن التَّوسط، انحرفت إلى أحد الخُلُقين الذَّميمين ولا بدَّ...) ، وهكذا هو حال في العِزَّة، فهي خُلُق بين خُلُقين، أحدهما: الكِبْر، والآخر: الذُّل والهَوَان، والنَّفس (إذا انحرفت عن خُلُق العِزَّة -التي وهبها الله للمؤمنين- انحرفت إمَّا إلى كِبْرٍ، وإمَّا إلى ذُّلٍّ. والعِزَّة المحمودة بينهما) . وقد ذكر الله العِزَّة في مواطن، فمدحها حينًا، وذمَّها حينًا آخر، (فمن الأوَّل: قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8]، وقال تعالى: سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [الصَّافَّات: 180]، ومن الثَّاني: قوله تعالى: بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ [ص: 2]، وبيان ذلك: أنَّ العِزَّة التي هي لله -جلَّ وعلا-، ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وللمؤمنين -رضوان الله عليهم- هي الدَّائمة الباقية؛ التي هي العِزَّة الحقيقيَّة. والعِزَّة التي هي للكافرين والمخَالفين هي: التَّعزُّز، وهو -في الحقيقة- ذُلٌّ) . وعلى ما سبق، يُمْكِننا أن نقسِّم العِزَّة إلى قسمين: شرعيَّة، وغير شرعيَّة. العِزَّة الشَّرعيَّة: إنَّها العِزَّة الحقيقيَّة.. العِزَّة في الحقِّ، وبالحقِّ، والتي يكون صاحبها عزيزًا ولو كان ضعيفًا مَظْلومًا، شامخًا ولو كان طريدًا مُستضَامًا، فتجده لا يركع إلا لله، ولا يتنازل عن شيء ممَّا أَمَره به، فهو يَعْتَزُّ بعِزَّة الله -تبارك وتعالى-، الذي يُعِزُّ من يشاء، ويُذِلُّ من يشاء. فهذه هي العِزَّة بالحقِّ؛ لأنَّها اعْتِزَاز بمن يملكها، وإذعان له، وانتساب لشرعه وهديه. وهي التي ترتبط بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، يقول تعالى: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ [المنافقون: 8]، ووجه ذلك: أنَّ العِزَّة - التي لله ولرسوله وللمؤمنين - هي الدَّائمة الباقية، التي هي العِزَّة الحقيقيَّة، والعِزَّة التي هي للكافرين: هي التَّعزُّز، وهو -في الحقيقة- ذُلٌّ. إنَّ (العِزَّة والإِباء والكرامة من أبرز الخِلَال التي نادى بها الإسلام، وغرسها في أنحاء المجتمع، وتعهَّد نماءها بما شرع من عقائد، وسنَّ من تعاليم، وإليها يشير عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه بقوله: أُحِبُّ الرَّجل -إذا سِيمَ خطَّة خَسْف - أن يقول -بملء فيه-: لا). صور العِزَّة الشَّرعيَّة: 1- الاعْتِزَاز بالله تبارك وتعالى: فهو يعرف أنَّ الله عزيز، يَهَب العِزَّة من يشاء، كما أنَّه ينزعها ممَّن يشاء، كما أنَّه يوقن أنَّ الاعْتِزَاز بالعزيز عزَّة، والاعتماد عليه قوَّة، والالتزام بنَهْجِه شموخ، فتراه قويًّا بإيمانه به، عزيزًا بتوكُّله عليه، شامخًا بيقينه به. وهو يعلم أنَّ الاعْتِزَاز بغيره ذلٌّ وهَوَان، والاستقواء بغيره ضعف، مُعْتَبِرًا بحال كلِّ من اعتزَّ بغير الله تعالى كيف هَوَى إلى مدارك الذِّلة، وهبط إلى حضيض المهَانة، وكيف تخلَّى عنه من اعتزَّ بهم، ليتَدَحْرج من ذُرَى العلياء والمجد -المزعوم الكاذب- إلى أسفل دركات الذُّلِّ؛ قال عبيدة بن أبي لبابة: (من طلب عزًّا بباطل وجور، أورثه الله ذُلًّا بإنصاف وعدل) . 2- الاعْتِزَاز بالانتساب للإسلام، والاعْتِزَاز بهديه وشرائعه: فهو يعلم أنَّ هذا الدِّين دين العِزَّة والقوَّة، الذي يستمدُّ المسلمون عزَّهم من عِزِّه، وقوَّتهم من قوَّته، ومتى طلبوا العِزَّة في سواه -من مناهج الأرض الشَّرقيَّة أو الغربيَّة- أذلَّهم الله. كما أنَّه لا يعتزُّ بقبيلة أو قوميَّة أو نسب أو عِرْق ممَّا ينتسب إليه أهل الجاهليَّة في القديم والحديث، بل عزَّته بدينه فقط، وعلى هذا ربَّى نبيُّنا صلى الله عليه وسلم أصحابه، فلمَّا سمعهم -بأبي هو وأمي، صلَّى الله عليه وسلَّم- ينادي بعضهم: يا للأنصار، وآخرون ينادون: يا للمهاجرين. قال صلى الله عليه وسلم: ((أبِدَعْوَى الجاهليَّة وأنا بين أظهركم)) ، وقال: ((دعوها فإنَّها منتنة)) . حال المسلم -في اعْتِزَازه بدينه- كحال أمير المؤمنين عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه حين قال: (نحن أمَّة أعزَّنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العِزَّة بغيره، أذلَّنا الله) . فلا اعْتِزَاز إلَّا بالإسلام، ولا انتماء إلَّا إلى الإسلام. أبي الإسلام لا أبَ لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم ( يتبع ) |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |