الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
14-06-2023, 05:06 PM | #155 |
| تابع – مواقف من العزة ● موقف حبيب بن زيدٍ رضي الله عنه مع مسيلمة الكذاب: أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم حبيب بن زيد رضي الله عنه إلى مسيلمة الكذاب برسالة يزجره فيها عن غيِّه فلما وصل حبيب رضي الله عنه إلى مسيلمة ودفع الرسالة إليه فلما قرأها مسيلمة انتفخ صدره ضغينةً وحقداً وبدا الشر والغدر على قسمات وجهه الدميم الأصفر, وأمر بحبيبٍ رضي الله عنه أن يقيد وأن يؤتى به إليه ضحى اليوم التالي. فلما كان الغد تصدر مسيلمة مجلسه وجعل عن يمينه وعن شماله الطواغيت من كبار أتباعه وأذن للعامة بالدخول عليه ثم أمر بحبيبٍ رضي الله عنه فجيء به إليه وهو في قيوده. وقف حبيب رضي الله عنه وسط هذه الجموع الحاشدة الحاقدة مشدود القامة مرفوع الهامة شامخ الأنف وأحكموا تقويمه، فالتفت إليه مسيلمة وقال: أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ فقال حبيب رضي الله عنه : نعم أشهد أن محمد رسول الله فاغتاظ مسيلمة غيظاً, وقال : وتشهد أني رسول الله ؟ فقال حبيب رضي الله عنه في سخريةٍ لاذعة : إن في أذني صمماً عن سماع ما تقول . فامتقع وجه مسيلمة وارتجفت شفتاه حنقاً, وقال لجلاده: اقطع قطعةً من جسده،فأهوى الجلاد على حبيب رضي الله عنه بسيفه وبتر قطعةً من جسده فتدحرجت على الأرض ، ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه فكان جواب حبيب رضي الله عنه نفس الجواب ، فأمر بأن تقطع من جسده قطعةً أخرى فقطعت فتدحرجت على الأرض إلى جانب أختها والناس شاخصون بأبصارهم مذهولون من تصميمه وعناده . ومضى مسيلمة يسأل والجلاد يقطع وحبيب رضي الله عنه يقول: أشهد أن محمداً رسول الله حتى صار نحو من نصفه قطعاً مقطعةً منثورةً على الأرض ونصفه الآخر كتلةً تتكلم, ثم فاضت روحه وعلى شفتيه الطاهرتين اسم النبي الذي بايعه ليلة العقبة . ● موقف جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه مع النجاشي: قال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه للنجاشي في قصته الطويلة عندما هاجر الصحابة إلى الحبشة وجاء نفرٌ من قريشٍ في طلبهم حتى يردهم النجاشي إليهم: " لا نسجد إلا لله ". موقف أسامة بن زيد رضي الله عنه مع حكيم بن حزام رضي الله عنه : عن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب رجلٍ من الناس إليَّ في الجاهلية فلما نبئ صلى الله عليه وسلم وخرج إلى المدينة شهد حكيم الموسم وهو كافر فوجد حُلَّةً لذي يزن تباع فاشتراها ليهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم بها عليه المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى . فقال صلى الله عليه وسلم : " إنا لا نقبل من المشركين شيئاً ولكن إن شئت أخذتها منك بالثمن " فأعطيته إياها حين أبى علي الهدية بالثمن فلبسها فرأيتها عليه على المنبر, فلم أر شيئاً أحسن منه يومئذ, ثم أعطاها أسامة بن زيد فرآها حكيمٌ على أسامة رضي الله عنه فقال : يا أسامة أنت تلبس حلة ذي يزن ؟ فقال أسامة رضي الله عنه : نعم والله لأنا خيرٌ من ذي يزن ولأبي خير من أبيه . قال حكيم رضي الله عنه : فانطلقت إلى أهل مكة أعجبهم بقول أسامة رضي الله عنه . ● موقف بلال بن رباحٍ رضي الله عنه مع أُميَّة بن خلف: لما علم أمية بأن بلالاً أسلم وتبع الرسول صلى الله عليه وسلم وصار يُسفِّه الأصنام وبخاصة هُبل اشتد غضبه وغلى قلبه بنار الحقد والكراهية, وأسرع يسأل بلالاً عن ذلك فأجابه دون تردداً أو خوفاً: نعم، وبدأت رحلة العذاب مع بلال وراح سيده أمية يذيقه من العذاب ألواناً ليصده عن دينه ولكن بلالاً كان يرد عليه ويقول: أحدٌ أحد, حتى أعتقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه . إن أول من أظهر إسلامه سبعة. أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب وأما أبو بكر رضي الله عنه فمنعه الله تعالى بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وأوقفوهم في الشمس فما من أحدٍ إلا قد آتاهم كل ما أرادوا غير بلال رضي الله عنه فإنه هانت عليه نفسه في الله عز وجل وهان على قومه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وجعل يقول : أحدٌ أحد. ● موقف عبدالله بن مسعودٍ رضي الله عنه عندما جهر بالقرآن: اجتمع يوماً أصحاب رسول الله في مكة وكانوا قلةٍ مستضعفين فقالوا: والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قط فمن رجلٌ يسمعهم إياه ؟ فقال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه : أنا أُسمعهم إياه . فقالوا: إنَّا نخشاهم عليك إنما نريد رجلاً له عشيرة تحميه وتمنعه منهم إذا أرادوه بشرٍ, فقال: دعوني فإن الله سيمنعني ويحميني، ثم غدا إلى المسجد حتى أتى مقام إبرهيم في الضحى وقريش جلوس حول الكعبة فوقف عند المقام وقرأ: " الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ " ومضى يقرأها فتأملته قريش وقالت: ماذا قال ابن أم عبد ؟ تباً له إنما يتلو بعض ما جاء به محمد وقاموا إليه وجعلوا يضربون وجهه وهو يقرأ حتى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ, ثم انصرف إلى أصحابه والدم يسيل منه, فقالوا له: هذا الذي خشيناه, فقال: والله ما كان أعداء الله أهون في عيني منهم الآن وإن شئتم لأغادينهم بمثلها غداً, قالوا: لا حسبك, لقد أسمعتهم ما يكرهون. ● موقف خبيب بن عدي رضي الله عنه وقصة قتله : روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرةً عيناً وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه جَدُّ عاصم بن عمر بن الخطاب حتى إذا كانوا بالهدأة بين عسفان ومكة ذُكروا لحيٍّ من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريبٍ من مئةٍ رجلٍ رامٍ فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزلٍ نزلوه فقالوا تمر يثرب, فاتبعوا آثارهم, فلما حس بهم عاصم وأصحابه لجئوا إلى موضع فأحاط بهم القوم, فقالوا لهم: انزلوا فأعطوا بأيديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحداً, فقال عاصم بن ثابت رضي الله عنه :أيها القوم أما أنا فلا أنزل في ذمة كافرٍ, ثم قال: اللهم أخبر عنَّا نبيك صلى الله عليه وسلم ,فرموهم بالنبل فقتلوا عاصماً ونزل إليهم ثلاثة نفرٍ على العهد والميثاق, منهم خبيبٌ وزيد بن الدثَنَة ورجلٍ آخر y فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قُسيِّهم فربطوهم بها, قال الرجل الثالث: هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة, ـ يريد القتلىـ فجرروه وعالجوه فأبى أن يصحبهم, فانطلقوا بخبيبٍ وزيد بن الدثنة y حتى باعوهما بعد وقعة بدرٍ, فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيباً رضي الله عنه وكان خبيبٌ رضي الله عنه قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر فلبث خبيب رضي الله عنه عندهم أسيراً حتى أجمعوا قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسى يستحد بها, فأعارته فدرج ابنٌ لها وهي غافلةٌ حتى أتاه فوجدته جالسٌ على فخذه والموسى بيده, قالت: ففزعت فزعةً عرفها خبيب رضي الله عنه , فقال: أتخشين أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك, قالت: والله ما رأيت أسيراً قط خيراً من خبيب رضي الله عنه , والله لقد وجدته يوماً يأكل قطفاً من عنبٍ في يده وإنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرةٍ, وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيباً رضي الله عنه , فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب رضي الله عنه : دعوني أصلي ركعتين فتركوه فركع ركعتين, فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع لزدت, ثم قال: اللهم أحصهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تبق منهم أحداً ثم أنشأ يقول: فلست أبالي حين أقتل مسلماً ..... على أي جنبٍ كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله وإن يشـأ ..... يبارك على أوصـال شلوٍ مـمزع ثم قام إليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله وكان خبيبٌ رضي الله عنه هو أول من سنَّ لكل مسلمٍ قتل صبراً الصلاة. وأخبر ينعى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم. وبُعث ناسٌ من قريشٍ إلى عاصم بن ثابت رضي الله عنه حين حدثوا أنه قتل أن يؤتوا بشيءٍ منه يُعرف, وكان قتل رجلاً عظيماً من عظمائهم, فبعث الله لعاصم رضي الله عنه مثل الظُلَّة من الدَّبرِ فحمته من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئا ". ( يتبع) |
|
14-06-2023, 05:11 PM | #156 |
| تابع – مواقف من العزة ● موقف حرام بن ملحان رضي الله عنه مع الذين قتلوه: يقول أنس رضي الله عنه : لما طعن خالي حرام بن ملحان رضي الله عنه يوم بئر معونةٍ, قال بالدم هكذا فنضحه على وجهه ورأسه, وقال : فزت ورب الكعبة. و عن أنس رضي الله عنه أنه ذكر سبعين من الأنصار كانوا إذا جنهم الليل آووا إلى مَعلمٍ بالمدينة فيبيتون يدرسون القرآن فإذا أصبحوا فمن كانت عنده قوةٌ أصاب من الحطب واستعذب من الماء ومن كانت عنده سِعة أصابوا الشاة فأصلحوها فكانت تصبح معلقة بحجر رسول الله صلى الله عليه وسلم , فلما أصيب خبيباً رضي الله عنه بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان فيهم خالي حرام رضي الله عنه وأتوا حياً من بني سليم, فقال حرام رضي الله عنه لأميرهم : ألا أخبر هؤلاء أنا لسنا إياهم نريد فيخلوا وجوهنا, قال : فأتاهم, فقال لهم : ذاك فاستقبله رجلٌ منهم برمح فأنفذه به فلما وجد حرام رضي الله عنه مسَّ الرمح في جوفه قال: الله أكبر فزت ورب الكعبة, فأبطأوا عليهم فما بقي منهم مخبر فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على سريةٍ وجده عليهم, قال أنس رضي الله عنه : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم فلما كان بعد ذلك أتاه أبو طلحة رضي الله عنه فقال لي : هل لك في قاتل حرام رضي الله عنه ,قلت : ماله فعل الله به وفعل, فقال أبو طلحة رضي الله عنه : لا تفعل فقد أسلم . ● موقف ربعيُّ بن عامر رضي الله عنه مع رستم : بعث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ربعيُّ بن عامرٍ رضي الله عنه إلى رستم فدخل عليه وقد زينوا مجلسه بالنمارق المذهبة والزرابي و الحرير وأظهر اليواقيت واللآلئ الثمينة والزينة العظيمة وعليه تاجه وغير ذلك من الأمتعة الثمينة وقد جلس على سريرٍ من ذهبٍ، ودخل ربعيٌّ رضي الله عنه بثيابٍ سخيفةٍ رثةٍ وسيفٍ وُترسٍ وفرسٍ قصيرٍ ولم يزل راكبها حتى داس بها على طرف البساط ثم نزل وربطها ببعض تلك الوسائد وأقبل وعليه سلاحه ودرعه وبيضته على رأسه, فقالوا له: ضع سلاحك. فقال: إني لم آتكم وإنما جئتكم حين دعوتموني فإن تركتموني هكذا وإلارجعت, فقال رستم: ائذنوا له فأقبل يتوكأ على رمحه فوق النمارق فخرق عامتها, فقالوا له: ما جاء بكم ؟, فقال: الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله, ومن ضيق الدنيا إلى سعتها, ومن جَورِ الأديان إلى عدل الإسلام, فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه, فمن قبل ذلك قبلنا منه ورجعنا عنه ومن أبى قاتلناه أبداً حتى نفضي إلى موعود الله. قالوا: وما موعود الله ؟ قال: الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي. فقال رستم: قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا ؟, قال : نعم, كم أحبُّ إليكم يوماً أو يومين ؟, قال: لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا. فقال ربعي رضي الله عنه : ما سنَّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نؤخر الأعداء عند اللقاء أكثر من ثلاث فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدةً من ثلاثٍ بعد الأجل ، فقال رستم: أسيدهم أنت ؟ قال: لا ولكن المسلمون كالجسد الواحد يجير أدناهم على أعلاهم فاجتمع رستم برؤساء قومه, فقال:هل رأيتم قط أعز وأرجح من كلام هذا الرجل؟. ● موقف هارون الرشيد ـ رحمه الله ـ مع نقفور: لما نقض الروم الصلح مع المسلمين وعزلوا ملكتهم وملكوا عليهم نقفور الذي كتب إلى هارون يطلبه برد ما دفعته إليه الملكة السابقة من أموال: وافدِ نفسك به و إلا فالسيف بيننا وبينك. فغضب هارون غضباً شديداً وكتب على ظهر الكتاب: بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما ترى لا ما تسمعه. ● موقف عبدالله بن حذافة رضي الله عنه مع قيصر: أمر قيصر رجاله إذا ظفروا بأسيرٍ من أسرى المسلمين أن يبقوا عليه وأن يأتوا به حياً وشاء الله أن يقع عبدالله بن حذافة رضي الله عنه أسيراً في أيدي الروم فحملوه إلى ملكهم, وقالوا: إن هذا من أصحاب محمد السابقين إلى دينه قد وقع أسيراً في أيدينا فأتيناك به، نظر ملك الروم إلى عبدالله بن حذافة رضي الله عنه طويلاً ثم بادره قائلاً: أني أعرض عليك أمراً، قال عبدالله : وما هو ؟ فقال قيصر: أعرض عليك النصرانية فإن فعلت خليت سبيلك وأكرمت مثواك. فقال عبدالله في أَنَفَةٍ وحزمٍ: هيهات إن الموت لأحب إليَّ ألف مرةٍ مما تدعوني إليه. فقال قيصر: إني لأراك رجلاً شهماً فإن أجبتني إلى ما أعرضه عليك أشركتك في أمري وقاسمتك سلطاني. فتبسم الأسير المكبل بقيوده, وقال: والله لو أعطيتني جميع ما تملك وجميع ما ملكته العرب على أن أرجع عن دين محمد طرفة عينٍ ما فعلت.قال قيصر: إذن أقتلك. قال عبدالله: أنت وما تريد ثم أمر به فصلب, وقال لقناصته: ارموا قريباً من يديه وهو يعرض عليه النصرانية فأبى. فقال قيصر: ارموه قريباً من رجليه وهو يعرض عليه مفارقة دينه فأبى. عند ذلك أمرهم أن يكفوا عنه وطلب أن ينزلوه عن خشبة الصلب ثم دعا بقدرٍ عظيمةٍ فصُبَّ فيها الزيت ورفعت على النار حتى غلت ثم دعا بأسيرين من أسارى المسلمين فأمر بأحدهما أن يُلقى فيها فألقي فإذا لحمه يتفتت وإذا عظامه تبدوا عاريةً ثم التفت إلى عبدالله بن حذافة ودعاه إلى النصرانية فكان أشد إباءً لها من قبل. فلما يئس منه أمر به أن يلقى في القدر التي ألقي فيها صاحباه فلما ذهب به دمعت عيناه, فقال رجال قيصر لملكهم: إنه بكى فظن أنه جزع, وقال: ردوه إليَّ. فلما مثل بين يديه عرض عليه النصرانية فأباها. فقال قيصر: ويحك فما الذي أبكاك إذن ؟ فقال عبدالله: أبكاني أني قلت في نفسي تُلقى الآن في هذا القدر فتذهب نفسك وقد كنت أشتهي أن يكون لي بعدد ما في جسدي من شعرٍ أنفس فتلقى كلها في هذا القدر في سبيل الله. فقال الطاغية: هل لك أن تقبل رأسي وأخلي عنك ؟ فقال له عبدالله: وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً ؟ قال: وعن جميع أسارى المسلمين أيضاً. قال عبدالله:فقلت في نفسي: عدو من أعداء الله أقبل رأسه فيخلي سبيلي وسبيل المسلمين لا ضير في ذلك عليَّ ثم دنا وقبل رأسه فأمر ملك الروم أن يجمعوا له أسارى المسلمين وأن يدفعوهم إليه فدُفِعوا له. ● موقف المعتصم ـ رحمه الله ـ مع ملك الروم: كتب ملك الروم إلى المعتصم كتاباً يتهدده فيه فأمر بجوابه, فلما قرئ عليه الجواب لم يرضه, قال للكاتب: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم, أما بعد: فقد قرأت كتابك وسمعت خطابك والجواب ما ترى لا ما تسمع وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار. ● موقف طاوس بن كيسان- رحمه الله- مع هشام بن عبد الملك: ذكر ابن خلكان في كتابه وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ج2/ص510,قال:" وحكي أن هشام بن عبد الملك قدم حاجا إلى بيت الله الحرام فلما دخل الحرم قال إيتوني برجل من الصحابة فقيل يا أمير المؤمنين قد تفانوا قال فمن التابعين فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم بإمرة المؤمنين ولم يكنه وجلس إلى جانبه بغير إذنه وقال كيف أنت يا هشام فغضب من ذلك غضبا شديدا حتى هم بقتله فقيل يا أمير المؤمنين أنت في حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم لا يمكن ذلك فقال له يا طاوس ما حملك على ما صنعت قال وما صنعت فاشتد غضبه له وغيظه وقال خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين ولم تكنني وجلست بإزائي بغير إذني وقلت يا هشام كيف أنت قال أما خلع نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يعاتبني ولا يغضب علي وأما ما قلت لم تسلم علي بإمرة المؤمنين فليس كل المؤمنين راضين بإمرتك فخفت أن أكون كاذبا وأما ما قلت لم تكنني فإن الله عز وجل سمى أنبياءه قال يا داود يا يحيى يا عيسى وكنى أعداءه فقال تبت يدا أبي لهب وتب وأما قولك جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار فانظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام فقال له عظني قال إني سمعت أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول إن في جهنم حيات كالقلال وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته ثم قام وخرج". ( يتبع) |
|
14-06-2023, 05:22 PM | #157 |
| تابع – مواقف من العزة ● موقف حماد بن سلمةٍ ـ رحمه الله ـ مع محمد بن سليمان: عن مقاتل بن صالح الخرساني قال: دخلت على حماد بن سلمة فإذا ليس في البيت إلا حصيرٌ وهو جالسٌ عليه ومصحفٌ يقرأ فيه وجرابٌ فيه علمه ومطهرةٌ يتوضأ منها فبينما أنا عنده جالسٌ إذا دقَّ الباب. فقال: يا صبية اخرجي فانظري من هذا. فقالت: رسول محمد بن سليمان. قال: قولي له يدخل. فدخل فناوله كتاباً, فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن سليمان إلى حماد بن سلمة أما بعد: فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته, وقعت مسألة فأتينا نسألك عنها والسلام. قال: يا صبية هلمي الدواة, ثم قال لي: اقلب الكتاب واكتب أما بعد: وأنت فصبحك الله بما صبح به أولياءه وأهل طاعته إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحداً فإن كانت وقعت مسألة فأتنا واسألنا عما بدا لك وإن أتيتني فلا تأتني إلا وحدك ولا تأتني بخيلك ورجلك فلا أنصحك، وأنصح نفسي والسلام. فبينما أنا عنده دق داق الباب. فقال: يا صبية اخرجي فانظري من هذا ؟ فقالت: محمد بن سليمان. قال: قولي له ليدخل وحده. فدخل فسلم ثم جلس بين يديه. فقال: ما لي إذا نظرت إليك امتلأت رعباً ؟ فقال حماد: سمعت ثابتاً البناني يقول: سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله عز وجل هابه كل شيء وإذا أراد أن يكتنز به الكنوز هاب من كل شيءٍ". فقال: أربعون ألف درهم تأخذها تستعين بها على ما أنت عليه. قال: ارددها على من ظلمته بها. قال: والله ما أعطيتك إلا ما ورثته. قال: لا حاجة لي فيها ازوها عني زوى الله عنك أوزارك. قال: فتقسمها. قال: فلعلي إن عدلت في قسمتها أن يقول بعض من لم يرزق منها: لم يعدل. ازوها عني زوى الله عنك أوزارك. ● موقف طاووس ـ رحمه الله ـ مع هشام بن عبدالملك: قدم هشام بن عبدالملك حاجاً إلى مكة فلما دخلها, قال: ائتوني برجلٍ من الصحابة. فقيل: يا أمير المؤمنين قد تفانوا. قال: فمن التابعين. فأتوه بطاووس اليماني. فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطه ولم يسلم بإمرة أمير المؤمنين, ولكن قال: السلام عليك ولم يكنه ولكن جلس بإزائه وقال: كيف أنت يا هشام ؟ فغضب هشام غضباً شديداً حتى همَّ بقتله. فقيل له: أنت في حرم الله ورسوله فلا يمكن ذلك. فقيل له: يا طاووس ما الذي حملك على ما صنعت ؟ قال: وما الذي صنعت ؟ فازداد هشام غضباً, وقال: لقد خلعت نعليك بحاشية بساطي ولم تُقبِّل يدي ولم تسلم لإمرة أمير المؤمنين ولم تُكنِّني وجلست بإزائي بغير إذنٍ, وقلت: كيف أنت يا هشام ؟ فقال: أما ما خلعت نعلي بحاشية بساطك فإني أخلعهما بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات فلا يعاتبني ولا يغضب عليَّ. وأما قولك: لم تقبل يدي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : " لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد إلا امرأته من شهوة أو ولده برحمة " . وأما قولك: لم تسلم بإمرة أمير المؤمنين فليس كل الناس راضين بإمرتك فكرهت أن أكذب. وأما قولك: جلست بإزائي فإني سمعت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : " إذا أردت أن تنظر إلى رجلٍ من أهل النار فانظر إلى رجلٍ جالسٍ وحوله ناسٌ قيامٌ" . وأما قولك : لم تكنني فإن الله عز وجل سمى أولياءه, وقال: يا داود ويا يحيى ويا عيسى وكنى أعداءه فقال : " تبت يدا أبي لهب " . فقال هشام : عظني . فقال : سمعت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه يقول : " إن في جهنم حيَّاتٍ كأمثال القلال وعقارب كالبغال تلدغ كل أميرٍ لا يعدل في رعيته " ثم قام وذهب . ● موقف محمد بن عبدالرحمن بن أبي ذئب ـ رحمه الله ـ مع المهدي: قال أبو العيناء: لما حجَّ المهدي دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبق أحدٌ إلا قام إلا ابن أبي ذئبٍ. فقال له المسيب بن زهير: قم هذا أمير المؤمنين. فقال: إنما يقوم الناس لرب العالمين . فقال المهدي : دعه فلقد قامت كل شعرةٍ في رأسي . ● موقف سالم بن عبدالله بن عمر بن الخطاب ـ رحمه الله ـ مع هشام بن عبدالملك : قال ابن عيينة دخل هشام الكعبة فإذا هو بسالم بن عبدالله فقال : سلني حاجةً . قال: إني استحيي من الله أن أسأل في بيته غيره. فلما خرجا، قال: الآن فسلني حاجةً. قال له سالم:من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة ؟ قال: من حوائج الدنيا. قال: والله ما سألت الدنيا من يملكها فكيف اسألها من لا يملكها. ● موقف مالك بن أنس ـ رحمه الله ـ مع هارون الرشيد: قال مالك بن أنسٍ ـ رحمه الله ـ: وجَّه إليَّ هارون الرشيد فسألني أن أُحدِّثه. فقلت: يا أمير المؤمنين إن العلم يؤتى ولا يأتي فصار إلى منزلي فاستند معي في الجدار. فقلت له: يا أمير المؤمنين إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم. قال: فقام فجلس بين يديّ. فقال لي بعد مدة: يا أبا عبدالله تواضعنا لعلمك فانتفعنا به, وتواضع لنا علم سفيان بن عيينة فلم ننتفع به. وكان سفيان يأتيهم إلى بيوتهم فيأخذ دراهم. ● موقف سعيد بن المسيب ـ رحمه الله ـ مع عبدالملك بن مروان: عن ميمون بن مهرانٍ قال: قدم عبدالملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلة واستيقظ, فقال لحاجبه: انظر هل في المسجد أحدٌ من حُدَّاثنا ؟ فخرج, فإذا سعيد بن المسيب في حلقته, فقام حيث ينظر إليه ثم غمزه وأشار بإصبعه, ثم ولى فلم يتحرك سعيد, فقال: لا أراه فطن فجاء ودنا منه ثم غمزه, وقال: ألم ترني أُشير إليك ؟ قال : وما حاجتك ؟ قال: أجب أمير المؤمنين. فقال: إليَّ أرسلك ؟ قال: لا, ولكن قال: انظر بعض حدَّاثنا فلم أرَ أحداً أهيأ منك. قال: اذهب فأعلمه أني لست من حُدَّاثه فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى الشيخ إلا مجنوناً وذهب فأخبر عبدالملك . فقال: ذاك سعيد بن المسيب فدعه. فلله دَرُّهُ من إمامٍ في عزة نفسه وصدعه بالحق. ● موقف الإمام البخاري ـ رحمه الله ـ مع أمير بخارى: بعث الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى إلى محمد بن إسماعيل البخاري: أن احمل إليَّ كتاب الجامع والتاريخ لأسمع منك. فقال البخاري لرسوله: قل له: إني لا أُذِّلُ العلم ولا أحمله إلى أبواب السلاطين فإن كانت له حاجةٌ إلى شيءٍ منه فليحضرني في مسجدي أو في داري, فإن لم يعجبك هذا فأنت سلطانٌ فامنعني من المجلس ليكون لي عذرٌ عند الله يوم القيامة: أني لا أكتم العلم فكانت سبب الوحشة بينهما. ● موقف الشيخ عبدالحميد الجزائري ـ رحمه الله ـ مع المندوب السامي: استدعى المندوب السامي الفرنسي ـ في سوريا ـ الشيخ عبدالحميد الجزائري وقال له: إما أن تقلع عن تلقين تلاميذك هذه الأفكار وإلا أرسلت جنوداً لإغلاق المسجد الذي تنفث فيه هذه السموم ضدنا وإخماد أصواتك المنكرة. فأجاب الشيخ عبدالحميد: أيها الحاكم إنك لا تستطيع ذلك. واستشاط الحاكم غضباً, كيف لا أستطيع ؟ قال الشيخ: إذا كنت في عُرسٍ هنأت وعلمت المحتفلين, وإذا كنت في مأتمٍ وعظت المعزين, وإن جلست في قطارٍ علَّمتُ المسافرين, وإن دخلت السجن أرشدت المسجونين, وإن قتلتموني ألهبت مشاعر المواطنين, وخيرٌ لك أيها الحاكم ألا تتعرض للأمة في دينها ولغتها. ( يتبع) |
|
14-06-2023, 05:24 PM | #158 |
| تابع – مواقف من العزة ● موقف العز بن عبدالسلام ـ رحمه الله ـ مع رسول السلطان: عندما قال له رسول السلطان بينك وبين أن تعود لمناصبك وما كنت عليه وزيادة أن تنكسر للسلطان وتُقبِّل يده لا غير, قال: " والله يا مسكين ما أرضاه أن يقبل يدي فضلاً أن أقبل يده ، يا قوم أنتم في وادٍ وأنا في وادٍ والحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به " . ● موقف الشيخ حسن العدوي ـ رحمه الله ـ مع السلطان العثماني: عندما زار السلطان العثماني عبدالعزيز مصر في عهد إسماعيل باشا كان إسماعيل حفيّاً بالزيارة لأنها كانت جزءاً من برنامجه للحصول على لقب [خديوي] مع عدة امتيازاتٍ في نظام الحكم بمصر, وكان من برنامج الزيارة أن يستقبل الخليفة العلماء في السَّراي ولكن كانت للمقابلة السنية تقاليد منها أن ينحني الداخل إلى الأرض وغير ذلك من التقاليد السخيفة المنافية لروح الإسلام فقد كان حتماً على رجال السَّراي أن يدربوا العلماء على طريقة المقابلة عدة أيام كي لا يخطئوا في حضرة السلطان . وعندما حان الموعد دخل السادة العلماء, فنسوا دينهم واشتروا به دنياهم وانحنوا أمام مخلوق مثلهم تلك الانحناءات وخرجوا موجهين وجوههم إلى الخليفة كما أمرهم رجال التشريفات, إلا عالماً واحداً هو الشيخ حسن العدوي ذكر دينه ونسي دنياه واستحضر في قلبه أن لا عزة إلا لله ودخل مرفوع الرأس كما ينبغي أن يدخل الرجال الأحرار وواجه الخليفة بتحية الإسلام : السلام عليكم يا أمير المؤمنين وابتدره بالنصيحة التي ينبغي أن يتلقى بها العالم الحاكم دعاه إلى تقوى الله والخوف من عذابه والعدل والرحمة بين رعاياه فلما انتهى سلم وخرج مرفوع الرأس وأُسقِطَ في يد الخديوي ورجال السَّراي وظنوا أن الأمر كله قد انقلب عليهم وأن السلطان لابُدَ غاضبٌ, فضائعةٌ تلك الجهود التي بذلوا والآمال التي نسجوا, ولكن كلمة الحق المؤمنة لا تذهب سدى فلابد أن تصدع القلوب قوية حارة كما نبعت من مكمنها قوية حارة وهكذا كان . فقال السلطان: ليس عندكم إلا هذا العالم وخلع عليه دون سواه. ● موقف أحد علماء الأزهر مع السلطان عبدالعزيز: لما قدم السلطان عبدالعزيز مصر زار الجامع الأزهر وصحبه الخديوي إسماعيل فلحظ الخديوي على شيخٍ بالجامع كأنه غير مهتمٍ, فهو مسندٌ ظهره مادُّ رجله فأسرع بالسلطان عنه, ثم كلَّفَ أحد رجاله ـ وقد أراه الشيخ ـ أن يذهب له بصُرَّةٍ يريد أن يعرف حاله, فلما جاء الرسول ليعطيه قبض الشيخ عنه يده, وقال له: قل لمن أرسلك: إن الذي يَمُدُّ رجله لا يمد يده. ● موقف الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي ـ رحمه الله ـ مع خورشيد: جيء بالشيخ المجاهد سعيد النورسي ليمثل أمام خورشيد باشا فسأله خورشيد وهو ينظر إلى الأجساد التي تتأرجح في الهواء: وهل أنت تدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية يا شيخ سعيد ؟ فأجابه ـ وهو ينظر إلى أجساد إخوانه الذين أكرمهم الله بالشهادة ـ: اعلم يا خورشيد أنه لو كان لي ألف روحٍ لما ترددت أن أجعلها كلها فداءاً لحقيقةٍ واحدةٍ من حقائق الإسلام, واسمع مني جيداً يا خورشيد إنني لا أخشى حكمكم بإعدامي فقد هيأت نفسي بشوقٍ عظيمٍ للذهاب إلى الآخرة لألحق بإخواني الذين سبقوني إلى أعواد المشانق لينالوا الشهادة في سبيل الله . واكتفى الطغاة بسجنه ومضى في قيادة مسيرة الحركة الإسلامية الممتحنة في تلك الأيام العصيبة. ( يتبع) |
|
14-06-2023, 05:26 PM | #159 |
| تابع – مواقف من العزة ● موقف الغلام المؤمن ـ صاحب قصة الأخدود ـ: عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان ملكٌ فيمن كان قبلكم وكان له ساحرٌ، فلما كبر، قال للملك: إني قد كبرت فابعث إليَّ غلاماً أعلمه السحر، فبعث إليه غلاما يعلمه فكان في طريقه إذا سلك راهبٌ فقعد إليه وسمع كلامه فأعجبه فكان إذا أتى الساحر مرَّ بالراهب وقعد إليه, فإذا أتى الساحر ضربه فشكى ذلك إلى الراهب, فقال:إذا خشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا خشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابةٍ عظيمةٍ قد حبست الناس, فقال: اليوم أعلم الساحر أفضل أم الراهب أفضل. فأخذ حجراً, فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحبُّ إليك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يمضى الناس. فرماها فقتلها ومضى الناس فأتى الراهب فأخبره, فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي وكان الغلام يُبرئ الأكمه والأبرص ويداوى الناس من سائر الأدواء فسمع جليسٌ للملك كان قد عُمي فأتاه بهدايا كثيرة, فقال: ما ها هنا لك أجمع. إن أنت شفيتني, فقال: أني لا أشفى أحداً إنما يشفى الله فإن أنت آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن بالله فشفاه الله فأتى الملك فجلس إليه كما كان يجلس, فقال له الملك: من ردَّ عليك بصرك قال: ربي, قال: ولك رب غيري, قال: ربي وربك الله. فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلَّ على الغلام فجيء بالغلام, فقال له الملك: أي بني قد بلغ من سحرك ما تُبرئ الأكمه والأبرص وتفعل وتفعل, فقال: أني لا أشفى أحداً إنما يشفى الله فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دلَّ على الراهب, فجيء بالراهب, فقيل له: ارجع عن دينك. فأبى فدعا بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه حتى وقع شقاه. ثم جيء بجليس الملك, فقيل له: ارجع عن دينك فأبى. فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه, ثم جيء بالغلام, فقيل له: ارجع عن دينك فأبى. فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه فقال : اذهبوا به إلى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه, فذهبوا به فصعدوا به الجبل فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت. فرجف بهم الجبل فسقطوا, وجاء يمشى إلى الملك, فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟, قال: كفانيهم الله. فدفعه إلى نفرٍ من أصحابه, فقال : اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقذفوه. فذهبوا به, فقال : اللهم اكفنيهم بما شئت. فانكفأت بهم السفينة فغرقوا, وجاء يمشى إلى الملك, فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟, قال : كفانيهم الله. فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟, قال: تجمع الناس في صعيدٍ واحدٍ وتصلبني على جذعٍ ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس, ثم قل: باسم الله رب الغلام. ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني. فجمع الناس في صعيدٍ واحدٍ وصلبه على جذعٍ ثم أخذ سهماً من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس, ثم قال: باسم الله رب الغلام. ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه في موضع السهم فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام, آمنا برب الغلام, آمنا برب الغلام. فأُتىَ الملك, فقيل له: أرأيت ما كنت تحذر, قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس. فأمر بالأخدود في أفواه السكك فخُدَّت وأَضرمَ النيران, وقال: من لم يرجع عن دينه فأحموه فيها, أو قيل له: اقتحم. ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبيٌ لها فتقاعست أن تقع فيها, فقال لها الغلام: يا أماه اصبري فإنك على الحق . ( يتبع) |
|
14-06-2023, 05:29 PM | #160 |
| تابع – مواقف من العزة ● موقف السحرة مع فرعون: كان اللقاء بين موسى عليه السلام والسحرة لبيانِ من الصادق ومن الكاذب, فبدأ السحرة فألقوا ما عندهم من سحرٍ فسحروا به أعين الناس واسترهبوهم, فألقى موسى عليه السلام عصاه فإذا هو حيةٌ تسعى تلقف ما يأفكون, فخرَّ السحرة سجداً لله فلم يرضي فرعون ذلك فهددهم وخوفهم ولكن لم يضرهم هذا التهديد والتخويف بل ثبتوا على الإيمان وصمدوا على ذلك حتى قتلهم فرعون, كما قال تعالى: " قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (111) يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (112) وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لأَجْراً إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ (113) قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ (114) قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ (115) قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ (116) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ (117) فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (118) فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانقَلَبُوا صَاغِرِينَ (119) وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ (122) قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (123) لأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لأصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ (124) قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ (125) وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ ". ● موقف الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في فتنته: لما قيل بخلق القرآن, كان للإمام أحمد ـ رحمه الله ـ موقفاً مشهوداً ألا وهو نفي هذه الشبهة, والقول بأن القرآن منزلٌ وليس مخلوق. ومن أجل ذلك أُذِيَ وسجن وعُذِّبَ فصبر وثبت على قوله. حتى أعزه الله وخرج من السجن معززاً مكرماً مرفوع الرأس . ● موقف يعقوب بن يوسف الموحدي مع الأذفونش الإفرنجي: كان يعقوب بينه وبين الأذفونش صاحب غرب جزيرة الأندلس هدنة ثم انقضت وذلك عام ( 590هـ ) وضعفت حال المسلمين بالأندلس فكتب الأذفونش رسالةًَ إلى الأمير يعقوب يتهدده ويتوعده ويطلب بعض الحصون ، فلما وصل كتابه إلى يعقوب مزَّقه, وكتب على ظهر قطعةٍ منه : " ارجع إليهم فلنأتينهم بجنودٍ لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرين، الجواب ما ترى لا ما تسمع". ثم أمر بالاستنفار واستدعى الجيوش وجمع العساكر ثم سار حتى دخل بلاد الإفرنج وقد تأهبوا لقتاله فكسرهم كسرةً شنيعةً. وذلك سنة ( 592هـ ). ● موقف المهندس المصري مع الضابط الفرنسي في قناة السويس: طلب الضابط الفرنسي إحضار أحد المهندسين لعملٍ ما كان في بيته, فأُحضر له المهندس المصري وكان من جماعة الإخوان, فلما حضر عنده وسأل عن العمل أخبره الضابط بنوع العمل المطلوب, وقال له الضابط:بكم القيمة, فلما رأى المهندس المطلوب, قال له: قيمة العمل كذا من المال, فقال الضابط في غضبٍ شديدٍ: أنت حرامي وغشاش, فقال المهندس: أنا لست حرامي ولا غشاش أنا مسلم, فقال: بل حرامي وغشاش, فقال له المهندس: أحضر من شئت من المهندسين واسأله عن قيمة العمل المطلوب فإن كان أقل أو مثل ما طلبت فسوف أقوم بالعمل بلا مقابل، فطلب إحضار مهندسٍ آخر فلما جاء وأخبره بالعمل, فقال المهندس: قيمة العمل كذا من المال. وكان أكثر من المهندس الأول بكثير, فرجع الضابط إلى المهندس الأول وطلب منه العمل بما طلب, فرفض المهندس حتى يعتذر منه عن غلطه فرفض الضابط الاعتذار وأمره بالقيام بالعمل وإلا سيعاقبه, فرفض المهندس حتى يعتذر منه, فلما رأى الضابط إصرار المهندس اعتذر منه, ثم قام المهندس وأنهى العمل فأعطى الضابط المهندس القيمة وزيادة. فقال المهندس: ما هذه الزيادة؟, فقال الضابط: البقشيش. فقال المهندس:لا أخذ البقشيش, ورده عليه. فتعجب الضابط من ذلك الموقف . ( يتبع - قالوا عن العِزَّة ) |
|
14-06-2023, 05:31 PM | #161 |
| قالوا عن العِزَّة - ذكر الماوردي قول بعض الأدباء، فقال: (إيَّاك وعزَّة الغضب، فإنَّها تُفْضِي إلى ذُلِّ العذر) . - وقيل في الحِكَم: (إذا أردت أن يكون لك عزٌّ لا يفنى، فلا تستعزَّ بعزٍّ يفنى. العطاء من الخَلْق حرمان، والمنع من الله إحسان، جلَّ ربُّنا أن يعامل العبد نقدًا فيجازيه نسيئة، إنَّ الله حَكَم بحكم قبل خَلْق السَّماوات والأرض: أن لا يطيعه أحد إلَّا أعزَّه، ولا يعصيه أحد إلَّا أذلَّه، فرَبَط مع الطَّاعة العزَّ، ومع المعصية الذُّلَّ، كما رَبَط مع الإحراق النَّار، فمن لا طاعة له لا عزَّ له) . - وقال الحكيم: (الاعْتِزَاز بالعبيد منشؤه من حبِّ العزِّ وطلبه له، فإذا طلب العزَّ للدُّنْيا، وطلبه من العبيد، تَرَك العمل بالحقِّ والقولَ به، لينال ذلك العزَّ، فيعزُّوه ويعظِّموه، وعاقبة أمره الذِّلَّة، وأنَّه سبحانه يُمْهِل المخْذول، وينتهي به إلى أن يستخفَّ لباس الذُّلِّ، فعندها يَلْبسه، إمَّا في الدُّنْيا، أو يوم خروجه فيها، فيخرجه من أذلِّ ذلَّة وأعنف عُنْف) . - قيل في بعض الصُّحف الأولى: (العِزَّة والقوَّة يعظمان القلب، وأفضل منهما خوف الله تعالى؛ لأنَّ من لزم خشية الله، لم يخف الوَضِيعة، ولم يحتج إلى ناصر) . - وقيل: (احذر دعوة المظْلوم وتوقَّها، ورِقَّ لها إن واجهك بها، ولا تبعثك العِزَّة على البطش، فتزداد ببطشك ظلمًا، وبعزَّتك بغيًا. وحسبك بمَنْصُور عليك، الله ناصره منك) . - وقيل: (من غرس الزُّهد اجتنى العِزَّة) . - وقال ابن المقفَّع: (من تعزَّز بالله لم يذلَّه سلطان، ومن توكَّل عليه لم يضرَّه إنسان) . - وقال المنفلوطي: (جاء الإسلام بعقيدة التَّوحيد ليرفع نفوس المسلمين، ويغرس في قلوبهم الشَّرَف والعِزَّة والأَنَفَة والحَمِيَّة، وليعتق رقابهم من رقِّ العبوديَّة، فلا يَذِلُّ صغيرهم لكبيرهم، ولا يهاب ضعيفهم قويَّهم، ولا يكون لذي سلطان بينهم سلطان إلا بالحقِّ والعدل) العِزَّة في الأمثال - (لا تُقرع له عصا) يشير إلى معاني العِزَّة والمنْعة التي يتَّصف بها الإنسان . - الموت في مقام العِزَّة خير من الحياة في الذُّلِّ . - ليست العِزَّة في حُسن البَزَّة . - قال أبو عبيد: ومن أمثالهم في العِزَّة قولهم: (تمرَّد ماردٌ، وعزَّ الأَبْلَقُ) . (يضرب مثلًا للرجل العزيز المنيع الذي لا يقدر على اهتضامه. والمثل للزباء الملكة، ومارد حصن دومة الجندل، والأبلق حصن تيماء، وكانت الزباء أرادت هذين الحصنين فامتنعا عليها فقالت (تمرد مارد وعز الأبلق) وعزَّ أي: امتنع من الضيم) ( يتبع - العِزَّة في واحة الشِّعر) |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |