ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات




إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-06-2023, 04:04 PM   #134


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

وردتْ لفظةُ العزة ومشتقاتهُا في القرآن الكريم مائة وتسعَ عشرة مرة في ثمانٍ وأربعين سورة، كان نصيبُ الآيات المكية منها للفظ الصريح أكثرَ من الآيات المدنية، وذلك مِن أجل تأسيس معنى العزة في النفوس. والله أعلم.
وأما آياتُ العزة المدنية فقد كانت صريحة في طلب العزة وتهييج نفوس المؤمنين على اكتسابها، والترهيب من تركها أو طلبها من غيرِ مظانِّها، ولا أدلَّ على ذلك من آيتي سورة النساء وسورة المنافقون، فقد كانت في معرِض الحديث عن المنافقين وذمِّهم، بسبب تعزّزهم باليهود قال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً} (النساء: 139)، وردَّ ادعاءهمُ الباطلَ بأنهم أصحابُ شرف وعزة بقوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ...}، وجاءت آية سورة ِالمائدة تصبُّ في نفس الاتجاه {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} (المائدة: 54) هذا وقد وردت لفظة العزة في القرآن الكريم اثنتين وتسعين مرة، كان نصيبُ المكي منها ثمانيَ وأربعينَ آية، وكان لهذا الاهتمام المكي بهذه اللفظة حكمة ٌبالغة من الله عز وجل، وهي أنَّ الله أراد أنْ تمتلئَ أسماعُ المؤمنين بهذه اللفظةِ، وترسخَ معانيها في أذهانهم، فيتربون على حبها في بداية الأمر، حتى يسيطرَ عليهمُ اليقينُ بعزة ربهم، ويستشعروا القوةَ في أنفسهم ويعتزوا بمن له الكبرياءُ وحده في السموات والأرض، ويتأبوْا عل الهوان حين يأتيهم من أيِّ مخلوق، ويفزعوا إلى الله ليُعزَّهم بعزته.

وأما عن دور الأسرة في تربية العزة فإننا نرى ولخطورة دورها أنَّ الله لمْ يخترْ لنبيه موسى عليه السلام أنْ يتربى إلا عندَ فرعون الطاغية، وذلك أنَّ ما سوى بيت فرعون وآل فرعونَ من بني إسرائيل بيوتٌ ذليلة ٌمضطهدة يُقتل فيها الوليدُ الذكر، وتُستحيا فيها الأنُثى حتى تكبرَ لتخدمَ في بيوت فرعون، وآل فرعون.
ويكمُنُ دورُ الأسرة في التربية على العزة بالالتزام بتعاليم الإسلام ظاهرا وباطنا، ومن ذلك:
-أولا: تربيةُ النشء على الإيمان بالله أولا، وأنه هو الذي خلقنا، فلا نتوجهُ لغيره، وأنه سبحانه الذي يستحقُّ منا العبادةَ والشكر، وتعويدُ النشء عند مُلماته البسيطةِ أو الصعبة على الالتجاء إلى الله سبحانه، وتربيتُه على الإيمان بملائكة الله ورسلِه وكتبه واليوم الآخر والقدَر خيرِه وشرِّه، فكلُّ هذا مِنْ شأنه أنْ يُربيَه على الاعتزاز بالله والارتباط به.
ثانيا: تربيتُه على العبادات الأساسية، وتنميةُ المخزون العباديِّ لديه، كالصلاة وإيصالِ الصدقة والذِكر وزيارةِ الأرحام، لأنَّ الطاعة تكون زادا للإنسان في تحصيل العزة كما قال {مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ} (فاطر: 10).
ثالثا: تربيتُه على مُدارسة سيرة النبيِّ " صلى الله عليه وسلم" العطرة وأصحابهِ الكرام والسلف الصالح، ومَلءُ قلوبهم بحبهم والاقتداءِ بهم، وتنميةُ الاعتزاز بهم؛ وذلك لأنَّ في دراسة السيرة النبوية العطرة تقويةً للإيمان وزرعًا لقيَم الدين في النفس، وتعويدًا على مكارم الأخلاق، وثباتًا على الحق، وتمسكا بالإسلام، وذلك من شأنه أنْ يُنشئ جيلا صالحا عزيزا.
رابعا: تربيتُه على خُلُق العفة عما في أيدي الناس، فالتعففُ عما في أيديهم يترتبُ عليه عدمُ إذلال نفسه تجاهَ الآخرين، أو أنه لا يُشعره بدونيته بينهم، بل بعزته وشموخه وكرامته، فلا يأخذُ وهو ذليلُ النفس، بل يأخذُ وهو مرفوعُ الرأس، ويُعطي وهو مرفوعُ الرأس.

( يتبع )



 

رد مع اقتباس
قديم 14-06-2023, 04:05 PM   #135


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

والتعففُ عما حرَّم اللهُ يترتب عليه رضا الله وعدمُ سخطه عليه؛ لأنَّ التعففَ الذي هو بمعنى تركِ المعاصي كبيرِها وصغيرِها يزيدُه عزة ورفعة عندَ الله وعندَ الناس، والمعصية لا تزيدُه إلا ذُلا وهوانا عندَ الله وعند خَلقه، قال الحسنُ رحمه الله: وإنْ هملجتْ بهمُ البراذينُ، وطقطقتْ بهمُ النعال، إنَّ ذُلَّ المعصية لفي قلوبهم، أبى الله إلا أنْ يُذلَّ من عصاه.
ألا ترى أيها الأخُ القارئ كيف يَنفِر العقلاءُ ممن يَفعل المعصيةَ أمامهم، فكيف بالله عز وجل وهو مُطّلعٌ على الخلق ولا يغيبُ عنه شيءٌ من أفعالهم وأقوالهم، وهو المستحقُّ للخشية جلَّ جلالُه.
خامسا: امتثالُ الأبوين لمنهجية القدوة الصالحة في البيت، التي مِن شأنها تربيتُهم على الفضائل واكتساب الأخلاق الحميدة من أبويهم. ومنها العزة.
سادسا: التعاملُ السليمُ مع الأبناء في معالجة أخطائهم فالأسرةُ التي تُربي أبناءها في معالجة أخطائهم بالضرب والصياح وعدمِ مجالسة الكبار أو عدم الإجابة على أسئلتهم، فإنها بذلك تورثُ عند الأولاد فُقدانَ الثقة التي هي مصدرُ أمانهم في المستقبل، وتتسببُ في ضَعف الشخصية التي مِن شأنها أنْ تحققَ لهمُ الذلَّ في ذواتهم بدلا مِن العزة.
سابعا: تعويدُهم على مكارم الأخلاق وصفات الرجولة كالكرم والشجاعة والعزة وحسن التعامل والذوقِ الرفيع، فلا يقاطعُ متحدثا، ولا يسخرُ من أحد، ولا يرفعُ صوتَه على مَنْ أمامَه، ويعتذرُ عن الخطأ الذي يَصدر منه بسرعة، ولا يتجشّأ أمامَ أحد متعمدا، وغيرِها من الأفعال الأخرى.

وتأتي أهميةُ المدرسة بعد أهميةِ البيت في تربية العزة من حيثُ إنَّ الناشئَ يقضي ربعَ يومه تقريبا فيها ولمدة سنوات طويلةٍ من عمره، ولاشكَّ أنَّ دورَها رائدٌ في التربية مِن هذا الباب.. ولأنَّ المدرسة تعتمدُ في تدريسها على التلقين المُحاط بوسائلَ مساعِدة كوجود زملاءَ للنشء، وإمكانية إخراج طاقاته الكامنة في أكثرَ مِن نشاط وأكثرَ مِن وسيلة.
قال بعضُ الصالحين: لو اجتمعَ الخلقُ على أنْ يُثبتوا لأحدٍ عزًا فوقَ ما يُثبته اليسيرُ من طاعته لما قدروا، لا تُعَزُّ إلا بطاعة الله... أَعِزَّ أمرَ الله يُعزَّك الله، العاملُ الوحيدُ الذي يرفعُك ويخفضك هو الطاعة والمعصية، كلما أطعت الله ازددت عزا، وكلما عصيته هُنت عليه.
والغاية من العزة الرفعة والفخر على الآخرين بلا تكبر وهي نابعةٌ من الخيرية التي ينتج عنها الخير للبشر من مناصرة للفضيلة ومقارعة للرذيلة واحترام للمثل العليا .
ومن أوصاف الله تعالى وأسمائه [الْعَزِيزُ] أي: الغالب القوي الذي لا يغلبه شيء وهو أيضاً المعز الذي يهب العزة لمن يشاء من عباده. والإيمان بهذا الاسم يعطي المسلم شجاعةً وثقةً كبيرةً به, لأن معناه: أن ربه لا يمانع ولا يرد أمره وأنه ما شاء كان وإن لم يشأ الناس وما لم يشأ لم يكن وإن شاء الناس.
وقد تكرر وصف الله تعالى بوصف [ الْعَزِيزُ ] في القرآن ما يقرب من تسعين مرة.


( يتبع )



 

رد مع اقتباس
قديم 14-06-2023, 04:12 PM   #136


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

وقد أشار الله في كتابه المجيد إلى أن العزة خلق من أخلاق المؤمنين التي يجب أن يتحلوا بها ويحرصوا عليها فقال : " وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ " وقال عن عباده الأخيار : " أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ " وقال : " مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ " والشدة على الكافرين تستلزم العزة, وقال : " وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ " وهذا يقتضي أن يكونوا أعزاء ، وهذه الآية الأخيرة تُفهِّمُنا أن كتاب الله جل جلاله يعلم المؤمنين إباء الضيم وهو خلقٌ يفيد معنى الاستمساك بالعزة والقوة ، والثورة على المذلةِ والهوان ، وإذا كنا قد عرفنا أن القرآن قد كرر وصف ذات الله القدسية بصفة [الْعَزِيزُ] ما يقرب من تسعين مرة فكأنه أراد بذلك ـ وهو أعلم بمراده ـ أن يملأ أسماع المؤمنين بحديث العزة والقوة فإذا ما سيطر عليهم اليقين بعزة ربهم واستشعروا القوة في أنفسهم واعتزوا بمن له الكبرياء وحده في السماوات و الأرض وتأبوا على الهوان حين يأتيهم من أي مخلوقٍ وفزعوا إلى واهب القوى والقدر يرجونه أن يعزهم بعزته, وكأن الله عز وجل قد أراد أن يؤكد هذا المعنى في نفوس عباده حين جعل كلمة الله أكبر تتردد كل يوم في أذان الصلاة مراتٍ ومراتٍ ثم يرددونها كل يوم في صلواتهم كل يوم مراتٍ ومراتٍ فتشعرهم بأن الكبرياء لله عز وجل وأن عباده يلزمهم أن يلتمسوا العزة من لدنه وأن يستوهبوا القوة من حماه " مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ " يقول ابن كثير ـ رحمه الله ـ : " من كان يحب أن يكون عزيزاً في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تعالى "،" قُلْ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " .

ولقد أراد القرآن المجيد أن يهدي المؤمنين إلى الطريق الذي يصون لهم العزة ويحصنهم ضد الرضا بالهوان أو السكوت على الضيم فأمرهم بالإعداد والاستعداد لحفظ الكرامة والذود عن العزة فقال لهم :" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ " لأن القوة تجعل صاحبها في موطن الهيبة والاقتدار فلا يسهل الاعتداء عليه من غيره من الضعفاء .
وعلمهم الله في القرآن الإقدام والاحتمال والثبات في مواطن اليأس موقنين أنه سبحانه معهم فقال لهم: " وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنْ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً "، وفي موطن آخر يقول لهم: " فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ".
وليست هذه دعوة إلى بغيٍ أو طغيانٍ وإنما يُعوِّدُ القرآن أتباعه أن يكونوا أولاً على حيطةٍ وحذرٍ فيقووا أنفسهم بكل وسائل التقوية والتحصين حتى يكونوا أصحاب رهبةٍ في نفوس أعدائهم وإلا تطاولوا عليهم وعصفوا بهم, ومن هنا قال: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانفِرُوا ثُبَاتٍ أَوْ انفِرُوا جَمِيعاً " ويقول: " وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ".
ومتى شاء الله يوماً أن يلتقي المؤمنون في معركةٍ مع الكافرين فالواجب حينئذ على كل مؤمن أن يظل عزيزاً قوياً وأن يثبت على مبادئه وعقائده لا يخيفه الألم ولا التعب بل يبذل جهده وطاقته مستخدماً كل ما أعده قبل ذلك من سلاحٍ وعتادٍ واثقاً أنه مربوط الأسباب بالله القوي القادر وإذا شاء الله تعالى له لوناً من ألوان الاختبار والابتلاء تحمله راضياً صابراً محتفظاً بعزته وكرامته وشهامته موقناً بأن احتمال الألم خيرٌ ألف مرةٍ من التخاذل والاستسلام: " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ ".

( يتبع )



 

رد مع اقتباس
قديم 14-06-2023, 04:18 PM   #137


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

والإسلام – مع هذا – يدعو أتباعه إلى السلام العادل المنصف الذي لا ينطوي على ضيمٍ أو ذُلٍّ ويدعوهم أن يغفروا الهفوة إذا كانت عن غير تعمدٍ أو كانت لا تبلغ مبلغ الإهانة أو لا تخدش العزة والكرامة أما إذا كانت الخطيئة بغياً فعلاجها الرد عليها بما يغسل العار ويدفع الضيم ويصون الكرامة ولذلك يقول الله عز وجل : " وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمْ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (39) وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (40) وَلَمَنْ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (41) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " ولذلك كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : " يعجبني من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول : لا،بملء فيه " .
ولم يكتف الله في القرآن الكريم بتحريض المؤمنين على إباء الضيم وإيثار العزة تحريضاً يقوم على الأمر الصريح أو التوجيه المباشر بل عمد إلى ضرب الأمثال من الأمم السابقة التي استجابت لدعوت الحق وتابعت رسل الله جل جلاله واستشعرت العزة وتمردت على المذلة فكان جزاؤها كريماً وثوابها عظيماً حيث خاضت المعارك من أجل عقيدتها ومبادئها ولم تهن أو تضعف بل صبرت وصابرت وكافحت وناضلت حتى ظفرت وانتصرت وذلك فضل الله القوي الذي يحب الشرفاء، العزيز الذي ينصر من استمسك بالعز والإباء، يقول الله في القرآن: " وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآتَاهُمْ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها " وقال صلى الله عليه وسلم : " من أعطى الذلة من نفسه طائعاً غير مكره فليس منا " .

والعزة ليست تكبراً أو تفاخراً وليست بغياً أو عدواناً وليست هضماً لحقٍ أو ظلماً لإنسانٍ وإنما هي الحفاظ على الكرامة والصيانة لما يجب أن يصان ولذلك لا تتعارض العزة مع الرحمة بل لعل خير الأعزاء هو من يكون خير الرحماء وهذا يذكرنا بأن القرآن الكريم قد كرَّرَ قوله عن رب العزة: " وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " تسع مرات في سورة الشعراء ثم ذكر في كل من سورة يس والسجدة والدخان وصفَي: الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ مرة واحدة.
ثم أغلب المواطن التي جاء فيها وصف الله باسم [العزيز] قد اقترن فيها هذا الاسم باسم [الحكيم]. والحكيم هو الذي يوجد الأشياء على غاية الإحكام والضبط فلا خلل ولا عيب.
وكما تكون العزة خلقاً كريما ًووصفاً حميداً إذا قامت على الحق والعدل واستمدها صاحبها من حمى ربه لا من سواه: " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً "... تكون العزة الكاذبة أو الضالة خلقاً ذميماً حين تقوم على البغي والفساد ومن ذلك النوع قول الله تعالى: "بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ " فعزة الكافرين تَعزُّزٌ كاذبٌ, ولذلك قيل: "كل عزٍّ ليس بالله فهو ذل " ومن ذلك أيضاً قوله تعالى عن بعض الضالين: " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ " والعزة هنا مستعارة للحمية الجاهلية والأنفة الذميمة, ومن ذلك أيضا قوله تعالى: " وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزّاً " أي يحاولون التَّمنُعَ به من العذاب وهيهات هيهات.
رحم الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين أراد أن يوطد في نفس أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قواعد العزة عندما أرغمه بعض حكام عصره على شدة تعرض لها فقال: " يا أبا ذر رضي الله عنه إنك غضبت لله فارج من غضبت له, إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك, فاترك في أيديهم ما خافوك عليه, واهرب بما خفتهم عليم فما أحوجهم إلى ما منعته وما أغناك عما منعوك, وستعلم من الرابح غداً والأكثر حسداً ولو أن السماوات والأرض كانتا على عبدٍ رتقاً ثم اتقى الله لجعل الله له منهما مخرجاً. لا يؤنسنك إلا الحق ولا يوحشنك إلا الباطل فلو قبلت دنياهم أحبوك ولو قرضت منها أمنوك ". أي: لو ذللت ونلت من متاع الدنيا لما خافوك.

( يتبع )



 

رد مع اقتباس
قديم 14-06-2023, 04:21 PM   #138


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

ومن معاني العزة في القرآن:
1 ـ العظمة, ومنه قوله تعالى: " وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغَالِبُونَ "، وقوله تعالى: " قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ".
2 ـ المَنَعة, ومنه قوله تعالى: " أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمْ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ".
3 ـ الحميَّة , ومنه قوله تعالى: " وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ " ، وقوله تعالى : " بَلْ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ " .

والعزة تقسم إلى
1 ـ عزةٌ شرعية وهي :التي ترتبط بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فيعتز المرء بدينه ويرتفع بنفسه عن مواضع المهانة فهو لا يُريق ماء وجهه ولا يبذل عرضه فيما يدنسه فيبقى موفور الكرامة مرتاح الضمير مرفوع الرأس شامخ العرين سالماً من ألم الهوان متحرراً من رق الأهواء ومن ذل الطمع لا يسير إلا وفق ما يمليه عليه إيمانه والحق الذي يحمله ويدعو إليه, روى البيهقي في شعب الإيمان ج2/ص247,قال:" أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أنا الحسن بن محمد بن إسحاق قال سمعت أبا عثمان الخياط يقول سمعت ذا النون يقول ثلاثة من أعمال المراقبة ايثار ما أنزل الله وتعظيم ما عظم الله وتصغير ما صغر الله قال وثلاثة من أعلام الاعتزاز بالله التكاثر بالحكمة وليس بالعشيرة والاستعانة بالله وليس بالمخلوقين والتذلل لأهل الدين في الله وليس لأبناء الدنيا".

2 ـ عزةٌ غير شرعية وهي:التي ترتبط بالكفر والفسق و النسب والوطن والمال ونحوها. فكل هذه مذمومة.
ولها صورٌ منها:
● الاعتزاز بالكفار من يهودٍ ونصارى ومنافقين وعلمانيين وحداثيين وغيرهم.
● الاعتزاز بالآباء والأجداد.
● الاعتزاز بالقبيلة والرهط.
● الاعتزاز بالكثرة, سواءاً كان بالمال أو العدد.
● الاعتزاز عند النصح والإرشاد, وذلك بعدم قبول النصيحة.
● الاعتزاز بجمال الثياب.
● الاعتزاز بالأصنام والأوثان.
● الاعتزاز بالجاه والمنصب.

( يتبع )



 

رد مع اقتباس
قديم 14-06-2023, 04:23 PM   #139


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

ومصدر العزة هو الله تعالى والالتجاء إليه فهو يُذِلُّ من يشاء ويُعِزُّ من يشاء وهو على كل شيء قدير.
قال القرطبي: فمن كان يريد العزة لينال الفوز الأكبر ويدخل دار العزة, فليقصد بالعزة الله سبحانه والاعتزاز به فإنه من اعتز بالعبد أذله الله ومن اعتز بالله أعزه الله.
قال أبو بكر الشبلي: من اعتز بذي العز فذو العزِّ له عزٌُ.
قال الشافعي: من لم تُعِزُّهُ التقوى فلا عز له.
قال المناوي في كتابه فيض القدير ج4/ص290,:"فينبغي للعالم أن لا يشين علمه وتعليمه بالطمع ولو ممن يعلمه بنحو مال أو خدمة وإن قل ولو على صورة الهدية التي لولا اشتغاله عليه لم يهدها وقد حث الأئمة على أن لا يدنس العلم بالأطماع ولا يذل بالذهاب إلى غير أهله من أبناء الدنيا بلا ضرورة ولا إلى من يتعلمه منه وإن عظم شأنه وكبر قدره وسلطانه والحكايات عن مالك وغيره مشهورة فعلى العالم تناول ما يحتاجه من الدنيا على الوجه المعتدل من القناعة لا الطمع وأقل درجاته أن يستقذر التعلق بالدنيا ولا يبالي بفوتها فإنه أعلم الناس بخستها وسرعة زوالها وحقارتها وكثرة عنائها وقلة غنائها".

ومن أهم أسباب العزة:
1 ـ الإيمان بالله تعالى وطاعته.
2 ـ الإيمان باليوم الآخر.
3 ـ الجهاد في سبيل الله.
4 ـ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
5 ـ التواضع.
6 ـ العلم الشرعي.
7 ـ العفو عن الناس مع المقدرة.
8 ـ اليقين بأن المستقبل لهذا الدين.
9 ـ الثقة بنصر الله وانتصار الدين.

و من مظاهر عدم الاعتزاز بالاستقامة:
1 ـ الوقوع في المعاصي مع الأقران بدون قناعةٍ.
2 ـ إخفاء الأعمال حياءً مثل: السنن.
3 ـ محاولة تغيير ملامح الاستقامة ( الثوب ـ الشخصية ).
4 ـ الشعور بالحرج عندما يقال: مستقيم.
5 ـ التشبُّه والتقليد ( قصات الشعر ـ المشي ـ الكلام ).
6- عدم إنكار المنكر والأمر بالمعروف والتخوف من ذلك.

( يتبع )



 

رد مع اقتباس
قديم 14-06-2023, 04:24 PM   #140


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزة

أما أسباب عدم الاعتزاز بالاستقامة: ـ
1 ـ عدم الإخلاص لله عز وجل.
2 ـ الحياء ـ احتقار النفس وعدم الثقة بالنفس ـ ضعف الشخصية.
3 ـ الخوف من النقد.
4 ـ عدم مراقبة الله تعالى.
5 ـ ضعف التربية الإيمانية ـ عدم الاهتمام بالنشأة الأولى ـ ضعف الإيمان ـ عدم استشعار الأجر ـ عدم استشعار فضيلة ذلك.
6 ـ عمل المعاصي.
7 ـ قرناء السوء ـ وجود التثبيط له من قبل أقرانه وذويه ـ وجود الشخص في مجتمعٍ كثير الانحرافات...
8 ـ عدم الصبر ومجاهدة النفس.
9 ـ قلة الكلام والتحدث حول هذا الموضوع.
10ـ عدم وجود القدوة الصالحة ـ عدم معرفة أحوال السلف الصالح في ذلك.
11ـ عدم الاستعانة بالله تعالى.
12 ـ عدم القناعة بالاستقامة ـ عدم الجدية ـ اتخاذ الاستقامة عادةً وليس عبادةً ـ عدم الفهم الصحيح للعزة ـ التقليد الأعمى.
13ـ كثرة النقد والسخرية والاستهزاء ـ المضايقة من قبل المجتمع.
14ـ قلة العلم الشرعي.
15 ـ عدم الإحساس بأنه لا يمثل نفسه بل يمثل غيره من المستقيمين.
16ـ عدم التناصح بين الشباب.
17ـ عدم الفهم أو عدم الإدراك لأبعاد ومعالم الاستقامة.
18ـ الغفلة عن العواقب.

( يتبع )



 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعوة الى الاسلام بEnglish ميارا (همســـــات English word) 15 30-05-2023 08:13 PM
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية البرنس مديح ال قطب ( همســـــات الإسلامي ) 16 16-09-2021 03:35 PM
الأخلاق في الاسلام 2 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 8 15-09-2015 07:01 AM
الأخلاق في الاسلام 1 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 11 21-08-2015 04:27 AM
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام شـوش آلشـريف ( همســـــات الإسلامي ) 26 25-07-2015 06:30 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:34 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010