الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-08-2018, 10:11 PM | #113 |
| السماع من أصول النحو من كتاب الاقتراح في أصول النحو للسيوطي وأعني به ما ثبت في كلام من يوثق بفصاحته, فشمل كلام الله تعالى, وكلام نبيه صلى الله عليه وسلم, وكلام العرب, قبل بعثته, وفي زمنه, وبعده, إلى أن فسدت الألسنة بكثرة المولدين, نظما ونثرا, عن مسلم أو كافر. فهذه ثلاثة أنواع, لابد في كل منها من الثبوت. أما القرآن فكل ما ورد أنه قريء به جاز الاحتجاج به في العربية, سواء كان متواترا, أو آحادا, أم شاذا. وقد أطبق الناس على الاحتجاج بالقراءات الشاذة في العربية إذا لم تخالف قياسا معلوما, بل ولو خالفته يحتج بها في مثل ذلك الحرف بعينه, وإن لم يجز القياس عليه, كما يحتج بالمجمع على وروده ومخالفته القياس في ذلك الوارد بعينه, ولا يقاس عليه, نحو: استحوذ, ويأبى. وما ذكرته من الاحتجاج بالقراءة الشاذة لا أعلم فيه خلافا بين النحاة, وإن اختلف في الاحتجاج بها في الفقه. ومن ثم احتج على جواز إدخال لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب بقراءة (فبذلك فلتفرحوا) , كما احتج على إدخالها على المبدوء بالنون بالقراءة المتواترة (ولنحمل خطاياكم). واحتج على صحة قول من قال: إن (الله) أصله (لاه) بما قرئ شاذا {وهو الذي في السماء لاه وفي الأرض لاه} تنبيه كان قوم من النحاة المتقدمين يعيبون على عاصم وحمزة وابن عامر قراءات بعيدة في العربية وينسبونهم إلى اللحن. وهم مخطئون في ذلك، فإن قراءاتهم ثابتة بالاسانيد المتواترة الصحيحة التي لا مطعن فيها, وثبوت ذلك دليل على جوازه في العربية, وقد رد المتأخرون منهم ابن مالك, على من عاب عليهم ذلك بأبلغ رد, واختار جواز ما وردت به قراءاتهم في العربية, وإن منعه الأكثرون مستدلا به من ذلك احتجاجه على جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار بقراءة حمزة: (تساءلون به والأرحام). وعلى جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بمفعوله بقراءة ابن عامر: (قتل أولادهم شركائهم). وعلى جواز سكون لام الأمر بعد (ثم) بقراءة حمزة: (ثم ليقطع) فإن قلت فقد روي عن عثمان أنه قال: لما عرض عليه المصاحف: إن فيه لحنا ستقيمه العرب بألسنتها. وعن عروة قال: سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله: (إن هذان لسحران). وعن قوله: (والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة) وعن قوله: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون) فقالت يا ابن أختي, هذا عمل الكتاب, أخطأوا في الكتاب. أخرجهما أبو عبيد, في فضائله فكيف يستقيم الاستدلال بكل ما فيه بعد هذا؟ قلت: معاذ الله كيف يظن أولا بالصحابة أنهم يلحنون في الكلام, فضلا عن القرآن وهم الفصحاء اللد؟! فقلت: كيف يظن بهم ثانيا في القرآن الذي تلقوه من النبي صلى الله عليه وسلم كما أنزل وضبطوه وحفظوه وأتقنوه؟! ثم كيف يظن بهم ثالثا اجتماعهم كلهم على الخطأ وكتابته؟! ثم كيف يظن بهم رابعا عدم تنبههم ورجوعهم عنه؟! ثم كيف يظن بعثمان أن يقرأه ولا يغيره؟! ثم كيف يظن أن القراءات استمرت على مقتضى ذلك الخطأ, وهو مروي بالتواتر خلف عن سلف؟! هذا مما يستحيل عقلا وشرعا وعادة. وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة عديدة, بسطتها في كتابي (الإتقان في علوم القرآن). وأحسن ما يقال في أثر عثمان _ رضي الله عنه _ بعد تضعيفه بالاضطراب الواقع في إسناده والانقطاع: أنه وقع في روايته تحريف, فإن ابن أشته أخرجه في كتاب (المصاحف) من طريق عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر, قال: "لما فرغ من المصحف, أتي به عثمان, فنظر فيه فقال: أحسنتم وأجملتم, أرى شيئا سنقيمه بألسنتنا ". فهذا الأثر لا إشكال فيه فكأنه لما عرض عليه, عند الفراغ من كتابته, رأى فيه شيئا غير لسان قريش, كما وقع لهم في (التابوت) و (التابوه) , فوعد بأنه سيقيمه على لسان قريش, ثم وفى بذلك, كما ورد من طريق آخر, أوردتها في كتاب (الإتقان). ولعل من روى ذلك الأثر حرفه, ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان فلزم ما لزم من الإشكال, وأما أثر عائشة فقد أوضحنا الجواب عنه في (الإتقان) أيضا. |
|
08-08-2018, 10:12 PM | #114 |
| أساس الشعر من كتاب القسطاس في علم العروض للزمخشري اعلم أنّ أساس بناء الشعر شيئان: أحدهما مُركَّب من حرفين: إمَّا متحرّكٍ وساكنٍ، واسمه سَبَبٌ خفيفٌ، مثل لُنْ من فَعُولُنْ. وإمَّا متحرّكين، واسمه سببٌ ثقيل، مثل عَلَ من مُفاعَلَتُنْ. والثاني مركَّب من ثلاثة أحرف: إمَّا متحرّكَين يتوسطهما ساكن، واسمه وَتدٌ مفروق، مثل لاتُ من مَفْعُولاتُ. وإمَّا متحرّكين يعَقبُهما ساكن، واسمه وَتِدٌ مجموع، مثل عِلُنْ من فاعِلُنْ. وإذا اقترنَ السببان متقدّمِاً الثقيلُ منهما على الخفيف سُميَّ ذلك الفاصلةَ الصُّغرَى، مثل مُتَفا من مُتفاعِلُنْ. وإذا اقترن السبب الثقيل والوتد المجموع متقدّماً السبب على الوتد سُمَّي ذلك الفاصلةَ الكبرى، مثل فَعَلَتُنْ. ومنهم من سُمَّي الأولى فاصلة، والثانية فاضلة بالضاد المعجمة. ثم إنه يَتركَّب منهما ثمانية أجزاء، تُسمَّى الأفاعيل والتَّفاعيل: اثنان منهما خماسيَّان، وستَّة سباعيّة. فأحد الخماسيين متركب من وتد مجموع، بعده سبب خفيف، وهو فَعُولُنْ. والثاني عكس هذا، أعني أنَّ سببه متقدّم على وتده، وهو فاعِلُنْ. ألا ترى أنك لو قلبت فعولن فقلت لُنْ فَعُو كان بوزن فاعلن. وكذلك لو قلبت فاعلن فقلت عِلُنْ فا كان بوزن فَعُولُنْ. وأما السباعية فإنها على ثلاثة أصناف: منها ما هو متركب من سببين خفيفين ووتد مجموع، وهو ثلاثة أجزاء، وتسمى أركاناً أيضاً: أحدها سبباه متقدّمان على وتده المجموع، وهو مسَتْفعِلُنْ. والثاني عكس هذا، أعني أن وتده متقدّم على سببيه، وهو مَفاعِيلُنْ. ألا ترى أنك لو قلت عِيْلُنْ مفا كان بوزن مُستَفْعِلُنْ. وكذلك لو قلت عِلُنْ مُسْتَفْ كان بوزن مَفاعِيلُنْ. والثالث سبباه يكتنفان وتده، وهو فاعِلاتُنْ. ومنها ما تركَّب من سببين: ثقيل وخفيف، وهو الذي يسمونه الفاصلة، ومن وتد مجموع. وهو جزءان: أحدهما وتده مقدّم على فاصلته، وهو مُفاعَلَتُنْ. والثاني عكس هذا، أعني أن فاصلته متقدّمة على وتده، وهو مُتَفاعِلُنْ. ألا ترى أنك لو قلبت فقلت عِلُنْ مُتَفا وازنَ مُفاعَلَتُنْ. وكذلك لو قلت عَلَتُنْ مُفا وازنَ مُتَفاعِلُنْ. ومنها ما تركَّب من سببين خفيفين ووتد مفروق، وهو مَفْعُولاتُ وحده. فهذه هي الأصول التي بُنيَت أوزان العرب، عن آخرها، عليها، لا يشذّ منها شيء عنها. ولكلّ واحد من هذه الأصول فروع تتشعَّب منه. ف فَعُولُنْ له ستة فروع: فَعُولُ، فَعُولْ، فَعْلُنْ، فَعْلُ، فَعُلْ، فَعْ. فالأول: المقبوض. والقَبْضُ: إسقاطُ الخامس الساكن. والثاني: المقصور. والقَصْر: إسقاط ساكن السبب وتسكين متحركة. والثالث: الأثلم. والثَّلْم: أن تَخرِمَ سالماً والخَرْم: أن تُسقط أول الوتد المجموع في أول البيت. والسالم: الجزء الذي لا زِحاف فيه فيصير عُوْلُنْ، ويردّ إلى فَعْلُنْ. والرابع: الأثرم. والثَّرْم: أن تَخرم مقبوضاً، فيصير عُولُ، ويردّ إلى فَعْلُ. والخامس: المحذوف. والحَذْف: إسقاط السبب الخفيف من آخر الجزء فيصير فَعُو، ويردّ إلى فَعُلْ. والسادس: الأبتر. والبَتْر أن يجتمع فيه الحذف والقطع. والقطع في الوتد كالقصر في السبب. وفاعِلُن له فرعان: فَعِلُنْ، فَعْلُنْ. فالأول: المخبون. والخَبْنُ أن تُسقِط ثاني سببه. والثاني: المقطوع. صار فاعِلْ فردّ إلى فَعْلُنْ. ومُسْتَفْعِلُنْ له أحد عشر فرعاً: مَفاعِلُنْ مُفْتَعِلُنْ، فَعَلتُنْ، مُستَفْعِلُ، مفَاعِلُ، مفَعْوُلُنْ، فَعُولُنْ، مُستفْعِلانْ، مفَاعِلانْ، مُفْتَعِلانْ، فَعَلتَانْ. فالأول: المخبون. وقد ذكرنا الخَبْن. صار مُتَفْعِلُنْ، فردَّ إلى مَفاعِلُنْ. والثاني: المَطويّ. والطَّيّ: إسقاط ساكن ثاني سببيه، وهو الفاء، فيصير مُسْتَعِلُنْ، ويردّ إلى مُفْتَعِلُنْ. والثالث: المخبول. والخبل: أن يُجمع عليه الخبن والطيّ، فيصير مُتَعِلُنْ، ويردّ إلى فَعَلَتُنْ. والرابع: المكفوف. والكفّ: إسقاط السابع الساكن. والخامس: المشكول. والشَّكل: أن يجمع عليه الخبن والكفّ. فيصير مُتَفْعِلُ، ويردّ إلى مَفاعِلُ. والسادس: المقطوع. صار مُستَفْعِلْ، فردّ إلى مَفْعُولُنْ. والسابع: المكبولُ، وهو المخبون المقطوع. صار مُتَفْعِلْ، فردّ إلى فَعُولُنْ. والثامن: المُذال. والإِذالة: أن يُزاد على تعريته حرف ساكن. والُمعرَّى لقب الجزء السالم من الزيادة. والتاسع: المُذال المَخبون. صار مُتَفْعِلانْ، فردّ إلى مَفاعِلانْ. والعاشر: المُذال المَطويّ. صار مُسْتَعِلانْ، فردّ إلى مُفْتَعِلانْ. والحادي عشر: المُذال المَخبول. صار مُتَعِلانْ، فردّ إلى فَعَلتَانْ. ومَفاعِيلُنْ له سبعة فروع: مفَاعِلُنْ، مفَاعِيلُ، مَفاعِيلْ، فَعُولُنْ، مَفْعُولُنْ، فاعِلُنْ، مَفْعُولُ. فالأول: المقبوض. والثاني: المكفوف. والثالث: المقصور. والرابع: المحذوق. صار مَفاعِيْ، فنقل إلى فَعُولُنْ. والخامس: الأخرم. والخَرْم: أن تخرم سالماً. صار فاعِيلُنْ، فردّ إلى مَفْعُولُنْ. والسادس: الأشتر. والشَّتْرُ: أن تخرم مقبوضاً فيصير فاعِلُنْ. والسابع: الأخرب. والخَرْب: أن تخرم مكفوفاً. فيصير فاعِيلُ، ويردّ إلى مَفْعُولُ. وفاعِلاتُنْ له أحد عشر فرعاً: فَعِلاتُنْ، فاعِلاتُ، فَعِلاتُ، فاعِلانْ، فَعِلانْ، فاعِلُنْ، فَعِلُنْ، فَعْلُنْ مَفْعُولُنْ، فاعِلِيَّانْ، فَعِليَّانْ. فالأول: المخبون. وإنما يُسمَّى مخبوناً إذا وقع في أول البيت. فأمَّا إذا وقع في حشوه فاسمه الصَّدْر. والصدر هو الذي خُبِنَ بالمعاقبة. والمعاقبة: أن يجوز إثبات الحرفين معاً، ولا يجوز إسقاطهما معاً. فالألف من فاعلاتن والنون منه، أو من فاعلاتن غيِره الواقعِ قبله يتعاقبان. فلك أن تقول فاعلاتن فا أو فاعلاتُ فا أو فاعلاتُنْ فَ. وليس لك أن تقول فاعلاتُ فَ. والجزء السالم من المعاقبة يُسمَّى بريئاً. والثاني: المكفوف. وإذا كان بالمعاقبة فاسمه العجز. والثالث: المشكول. ولا يخلو فَعِلاتُ من أن يقع في أول البيت، أو في حشوه. فإن وقع في أول البيت يُسمَّى المشكولَ العجز. وإن وقع في الحشو يُسمَّى المشكولَ الطرفين، لأنه عوقب خبنه وكفه قبلاً وبعداً. وقد أجاز الخليل وأصحابة المعاقبة بين ساكني السببين الملتقيين، من آخر المصراع الأول، وأول المصراع الثاني. وأباها غيره. والرابع: المقصور. صار فاعِلاتْ، فردّ إلى فاعِلانْ. والخامس: المقصور المخبون. صار فَعِلات، فردّ إلى فَعِلانْ. والسادس: المحذوف. صار فاعلا، فردّ إلى فاعِلُنْ. والسابع: المحذوف المخبون. صار فَعِلا فردّ إلى فَعِلُنْ والثامن: الأبتر. صار فاعِلْ، فردّ إلى فَعْلُنْ. والتاسع: المُشَّعث. والتشعيث: أن تُسقط أحد متحرّكي وتده. فيصير فاعاتُنْ أو فالاتُنْ، ويردّ إلى مَفْعُولُنْ. أو أن تَخْبِنَ، وتسكن أول حرف من وتده، فيصير فَعْلاتُنْ، ثم يردّ إلى مَفعُولُنْ. والعاشر: المُسبَّغُ. والتَّسبيغُ في السبب كالإِذالة في الوتد. صار فاعِلاتانْ، فردّ إلى فاعِلِيَّانْ. والحادي عشر: المُسبَّغ المخبون. فيصير فَعِليّانْ. ومُفاعَلَتُنْ له ثمانية فروع: مَفاعِيلُنْ، مَفاعِلُنْ، مَفاعِيلُ، فَعُولُنْ، مَفْتَعِلُنْ، مَفْعُولُنْ، فاعِلُنْ، مَفْعُولُ. فالأول: المَعصوب. والعَصْب: تسكين الخامس حتى يصير مُفاعَلْتُنْ، ويردّ إلى مَفاعِيلُنْ. والثاني: المَعقول. والعَقْل: إسقاط خامسه بعد إسكانه، حتى يصير مُفاعَتُنْ، ويردّ إلى مَفاعِلُنْ. والثالث: المنقوص. والنَّقْص: الكفّ بعد العَصْب، حتى يصير مُفاعَلْتُ، ويردّ إلى مَفاعِيلُ. فالحاصل أن بين ساكني سببيه، بعد ما عُصب، معاقبةً. فإسقاط الأول يسمَّى عقلاً. وإسقاط الثاني يسمَّى نقصاً. والرابع: المقطوف. والقَطْف: الحذف بعد العصب، حتى يصير مَفاعِلْ، ويردّ إلى فَعُولُنْ. والخامس: الأعضب. والعَضْبُ: أن تخرم سالماً، فيصير فاعَلَتُنْ. ويردّ إلى مُفْتعِلُنْ. والسادس: الأقصم. والقَصْم: أن تخرم معصوباً. فيصير فاعَلْتُنْ، ويردّ إلى مَفْعُولُنْ. والسابع: الأجمّ. والجَمَمُ: أن تخرم معقولاً. فيصير فاعَتُنْ، ويردّ إلى فاعِلُنْ. والثامن: الأعقص. والعَقْصُ: أن تخرم منقوصاً. فيصير فاعَلْتُ، ويردّ إلى مَفْعولُ. ومُتَفاعِلُنْ له خمسة عشر فرعاً: مُسْتَفْعِلُنْ، مَفاعِلُنْ مُفْتَعِلُنْ، فَعِلاتُنْ، مَفْعُولُنْ، فَعِلُنْ، فَعْلُنْ، مُتَفاعِلانْ، مُستفْعِلانْ، مُفاعِلانْ، مُفْتَعِلانْ، مُتَفاعِلاتُنْ، مُستَفْعِلاتُنْ، مُفاعِلاتُنْ، مُفْتَعِلاتُنْ. فالأول: المضمر، والإضمار: أن تسكن الثاني. فيصير مُتْفاعِلُنْ، ويردّ إلى مُستَفْعِلُنْ. والثاني: الموقوص. والوقَصْ: إسقاط الثاني بعد إسكاته. فيصير مُفاعِلنْ، ويردّ إلى مَفاعِلنْ. والثالث: المخزول. والخَزْل: إسقاط الرابع بعد إسكان الثاني. حتى يصير مُتْفَعِلُنْ، ويرد إلى مُتْفَعِلُنْ، ويرد إلى مُفْتَعِلُنْ. فالحاصل أنه يلتقي بعد الإضمار سببان: فيتعاقب ساكناهما. والرابع: المقطوع. صار مُتَفاعِلْ فردّ إلى فَعِلاتُنْ. والخامس: المقطوع المضمر. صار مُتْفاعِلْ فردّ إلى مَفْعُولُنْ. والسادس: الأحذّ. والحَذَذَ: سقوط الوتد المجموع. حتى يصير مُتَفا، ويردّ إلى فَعلُنْ. والسابع: الأحذ المضمر. صار مُتْفا، فردّ إلى فَعْلُنْ. والثامن: المُذال. والتاسع: المُذال المُضمر. والعاشر: المُذال المَوقوص. والحادي عشر: المُذال المَخزول. والثاني عشر: المُرفَّل. والتَّرفيل: زيادة السبب الخفيف على تعريته حتى يصير مُتَفاعِلاتُنْ. والثالث عشر: المُرفَّل المُضمر. والرابع عشر: المُرفَّل المَوقوص. والخامس عشر: المُرفَّل المخزول. ومَفْعُولاتُ له أحد عشر فرعاً: فَعُولاتُ، فاعِلاتُ، فَعِلاتُ، مَفْعُولانْ، فَعُولانْ، فاعِلانْ، مَفْعُولُنْ، فَعُولُنْ، فاعِلُنْ، فَعِلُنْ، فَعْلُنْ. فالأول: المخبون. صار مَعُولاتُ، فردّ إلى فَعُولاتُ. والثاني: المَطويّ. صار مَفْعُلاتُ، فردّ إلى فاعِلاتُ. والثالث: المخبول. صار مَعُلاتُ، فردّ إلى فَعِلاتُ. والرابع: الموقوف. والوقف: أن تسكن آخر متحركي وتده المفروق، فيصير مَفْعُولاتْ، ويردّ إلى مَفْعُولانْ. والخامس: الَموقوف المَخبون. والسادس: المَوقوف المَطويّ. والسابع: المكسوف بالسين غير المعجمة، والشينُ تصحيف. والكسف: أن تحذف آخر متحر كي وتده المفروق. فيبقى مَفْعُولا ويردّ إلى مَفْعُولُنْ. والثامن: المَكسوف المَخبون. والتاسع: المَكسوف المَطويّ. والعاشر: المَكسوف المَخبول. والحادي عشر: الأصلم. والصَّلْم: أن تسقط الوتد المفروق. فيبقى مَفْعُو، ويردّ إلى فَعْلُنْ. ولا نريد أن الفروع، المذكورة عند كل أصل، أينما وقع جازت فيه. وإنما يجوز فيه بعضها أو كلّها، في بعض المواضع، دون بعض. ويتضَّح لك جليَّة ذلك إذا استقريتَ أبيات الشواهد. لكنِ المرادُ أنّ كلّ أصل منها هذه فروعه، على الإطلاق. ولا يكون له فروع وراءها. |
|
08-08-2018, 10:14 PM | #115 |
| البصرة تضع النحو من كتاب المدارس النحوية لشوقي ضيف رأينا البصرة تضع على يد أبي الأسود الدؤلي نقط الإعراب، وقد مضى الناس يأخذونه عن تلاميذه. ولعلنا لا نبعد إذا قلنا: إن ذلك كان باعثا لهم ولمعاصريهم على التساؤل عن أسباب هذا الإعراب, وتفسير ظواهره مما هيأ لبعض أنظار نحوية بسيطة. وكان طبيعيا بعد أن رسموا نقط الإعجام أن يضعوا له هذا الاسم وأن يضعوا لنقط أبي الأسود اسم نقط الإعراب تمييزا لهما بعضهما عن بعض، كما كان طبيعيا أيضا أن يطلقوا على علامات النقط الخاصة بالإعراب أسماء تفرق بينها، وقد اشتقوها من كلماته لكاتبه "فتحت شفتي وضممتهما وكسرتهما" فسموه على التوالي نقط الفتحة ونقط الضمة ونقط الكسرة. ولا بد أنهم لاحظوا اختلافا في إعراب الأسماء حسب مواضعها من الكلام، فهي إذا ابتدأ بها المتكلم في العبارة لزمها الرفع إلا إذا تقدمتها إن وأخواتها، وإذا تلت فعلا كانت إما مرفوعة وإما منصوبة. ولا يبعد أن يكونوا قد وضعوا لذلك "مصطلحات المبتدأ والفاعل والمفعول"، ولا يبعد أيضا أن يكونوا لاحظوا اختلافا في كلمات اللغة وأن منها ما يقبل الحركات الثلاث: الضمة والكسرة والفتحة، وهو الأسماء المعربة، وأن منها ما يلزم حركة واحدة وقد يلزم السكون، وسموا الأولى معربة والثانية مبنية. كل ذلك من الممكن وقوعه، ولكن ليس بين أيدينا ما يثبته إثباتا قاطعا سوى ما تمدنا به طبائع الأشياء، فالأصل في كل علم أن تبدأ فيه نظرات متناثرة هنا وهناك، ثم يتاح له من يصوغ هذه النظرات صياغة علمية تقوم على اتخاذ القواعد وما يطوى فيها من أقيسة وعلل. وأول نحوي بصري حقيقي نجد عنده طلائع ذلك هو ابن أبي إسحاق الحضرمي المتوفى سنة 117 للهجرة، وهو ليس من تلاميذ أبي الأسود، ولكنه من القراء، ومن الملاحظ أن جميع نحاة البصرة الذين خلفوه يسلكون في القراء، فتلميذاه عيسى بن عمر وأبو عمرو بن العلاء وتلميذا عيسى: الخليل بن أحمد ويونس بن حبيب كل هؤلاء من القراء. ويكثر سيبويه في كتابه من التعرض للقراءات، وكأن ما كان بينها من خلافات في الإعراب هو الذي أضرم الرغبة في نفوس قراء البصرة كي يضعوا النحو وقواعده وأصوله، حتى يتبين القارئ مواقع الكلم في آي الذكر الحكيم من الإعراب المضبوط الدقيق. ومعروف أنه لكي يصاغ علم صياغة دقيقة لا بد له من اطراد قواعده, وأن تقوم على الاستقراء الدقيق، وأن يكفل لها التعليل وأن تصبح كل قاعدة أصلا مضبوطا تقاس عليه الجزئيات قياسا دقيقا. وكل ذلك نهض به ابن أبي إسحاق وتلاميذه البصريون، أما من حيث الاطراد في القواعد فقد تشددوا فيه تشددا جعلهم يطرحون الشاذ ولا يعولون عليه في قليل أو كثير، وكلما اصطدموا به خطئوه أو أولوه. وأما من حيث الاستقراء فقد اشترطوا صحة المادة التي يشتقون منها قواعدهم، ومن أجل ذلك رحلوا إلى أعماق نجد وبوادي الحجاز وتهامة يجمعون تلك المادة من ينابيعها الصافية التي لم تفسدها الحضارة، وبعبارة أخرى: رحلوا إلى القبائل المتبدية المحتفظة بملكة اللغة وسليقتها الصحيحة، وهي قبائل تميم وقيس وأسد وطيئ وهذيل وبعض عشائر كنانة. وأضافوا إلى هذا الينبوع الأساسي ينبوعا بدويا زحف إلى بلدتهم من بوادي نجد، وهو نفر من الأعراب الكاتبين قدم إلى البصرة واحترف تعليم شبابها الفصحى السليمة وأشعارها وأخبار أهلها. وفي الفهرست لابن النديم ثبت طويل بأسماء هؤلاء المعلمين من الإعراب الذين وثَّقهم علماء البصرة وأخذوا عنهم كثيرا من المادة اللغوية والنحوية سجلوها في مصنفاتهم. وكان القرآن الكريم وقراءاته مددا لا ينضب لقواعدهم، وتوقف نفر منهم إزاء أحرف قليلة في القراءات لا تكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة، وجدوها لا تطرد مع قواعدهم، بينما تطرد معها قراءات أخرى آثروها، وتوسع في وصف ذلك بعض المعاصرين، فقالوا: إنهم كانوا يردون بعض القراءات ويضعفونها، كأن ذلك كان ظاهرة عامة عند نحاة البصرة مع أنه لا يوجد في كتاب سيبويه نصوص صريحة مختلفة تشهد لهذه التهمة الكبيرة. وسنرى الأخفش الأوسط يسبق الكوفيين المتأخرين إلى التمسك بشواذ القراءات والاستدلال عليها من كلام العرب وأشعارهم. وفي الحق, إن بصريي القرن الثالث هم الذين طعنوا في بعض القراءات، وهي أمثلة قليلة لا يصح أن تتخذ منها ظاهرة ولا خاصة عامة، وقد كانوا يصفونها بالشذوذ ويؤولونها ما وجدوا إلى التأويل سبيلا. وكانوا لا يحتجون بالحديث النبوي ولا يتخذونه إماما لشواهدهم وأمثلتهم؛ لأنه روي بالمعنى إذ لم يكتب ولم يدون إلا في المائة الثانية للهجرة، ودخلت في روايته كثرة من الأعاجم، فكان طبيعيا أن لا يحتجوا بلفظه وما يجري فيه من إعراب، وتبعهم نحاة الكوفة، وفي ذلك يقول أبو حيان: إن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب كأبي عمرو بن العلاء وعيسى بن عمرو والخليل بن أحمد وسيبويه من أئمة البصريين والكسائي والفراء وعلي بن المبارك الأحمر وهشام الضرير من أئمة الكوفيين لم يحتجوا بالحديث، وتبعهم على هذا المسلك المتأخرون من الفريقين. وأما من حيث القياس والتعليل فقد توسعوا فيهما, إذ طلبوا لكل قاعدة علة, ولم يكتفوا بالعلة التي هي مدار الحكم فقد التمسوا عِلَلا وراءها. وقانون القياس عام، وظلاله مهيمنة على كل القواعد إلى أقصى حد، بحيث يصبح ما يخرج عليها شاذا، وبحيث تفتح الأبواب على مصاريعها ليقاس على القاعدة ما لم يسمع عن العرب ويحمل عليها حملا، فهي المعيار المحكم السديد. وعلى هذه الشاكلة شادت البصرة صرح النحو ورفعت أركانه، بينما كانت الكوفة مشغولة عن ذلك كله، على الأقل حتى منتصف القرن الثاني للهجرة، بقراءات الذكر الحكيم ورواية الشعر والأخبار, وقلما نظرت في قواعد النحو إلا ما سقط إلى بعض أساتذتها من نحاة البصرة إذ كانوا يتتلمذون لهم ويختلفون إلى مجالس محاضراتهم وإملاءاتهم. وكان القدماء يعرفون ذلك معرفة دقيقة, فنصوا عليه بعبارات مختلفة، من ذلك قول ابن سلام: "وكان لأهل البصرة في العربية قدمة, وبالنحو ولغات العرب والغريب عناية", ويصرح ابن النديم في هذا المجال تصريحا أكثر وضوحا إذ يقول في حديثه عن نحاة الكوفة والبصرة: "إنما قدمنا البصريين أولا؛ لأن علم العربية عنهم أخذ". وحاول بعض المستشرقين أن يصلوا بين نشوء النحو في البصرة والنحو السرياني واليوناني الهندي, غير أنه لا يمكن إثبات شيء من ذلك إثباتا علميا وخاصة أن النحو العربي يدور على نظرية العامل وهي لا توجد في أي نحو أجنبي، وكل ما يمكن أن يقال: إنه ربما عرف نحاة البصرة الأولون أن لبعض اللغات الأجنبية نحوا، فحاولوا أن يضعوا نحوا للعربية راجعين في ذلك إلى ملكاتهم العقلية التي كانت قد رقيت رقيا بعيدا بتأثير ما وقفوا عليه من الثقافات الأجنبية، وخاصة الفلسفة اليونانية وما يتصل بها من المنطق، مما دعم عقولهم دعما قويا، وجعلها مستعدة لأن تستنبط قواعد النحو وعلله وأقيسته. ويظهر أنه كُفل للبصرة من الصلة بهذه الثقافات في القرن الثاني للهجرة ما لم يكفل للكوفة، فقد كانت مرفأ تجاريا للعراق على خليج العرب. فنزلتها عناصر أجنبية كثيرة أعدت في سرعة لوصلها بثقافاتها المختلفة، وأيضا فإنها كانت أقرب من الكوفة إلى مدرسة جُنْدَيْسابور الفارسية التي كانت تدرس فيها الثقافات اليونانية والفارسية والهندية، مما جعل جداول من تلك الثقافات تصب فيها؛ ولذلك كان طبيعيا أن نجد بها أقدم المترجمين، ونقصد ماسرجويه الذي عهد إليه عمر بن عبد العزيز بترجمة كتيب في الطب، ولا نلبث أن نلتقي بابن المقفع الذي نشأ بها وتوفي سنة 143 للهجرة وكان يتقن الفارسية، ويحذق العربية فترجم إليها أروع ما في الفارسية من كنوز تاريخية وأدبية، كما ترجم كليلة ودمنة الهندية منها، وكذلك منطق أرسططاليس. وبذلك نفهم السر في أن عقل البصرة كان أدق وأعمق من عقل الكوفة وكان أكثر استعدادا لوضع العلوم، إذ سبقتها إلى الاتصال بالثقافات الأجنبية وبالفكر اليوناني وما وضعه أرسططاليس من المنطق وحدوده وأقيسته. ويمكن أن نلاحظ آثار ذلك في نشاط المباحث الدينية في البلدتين، فقد عُنيت الكوفة بالفقه بينما عُنيت البصرة بعلم الكلام، وحقا أشاع أبو حنيفة في الفقه القياس والرأي أو الاجتهاد، ولكن من يرجع إلى كتب الفقه الحنفي حتى في العصور المتأخرة يلاحظ أنه ينقصها دائما شيء من التعميم والتعريف ووضع القواعد الكلية, فباب البيع مثلا يفتح، ولا يصاغ له تعريف محدد، ولا تذكر له أركان وشروط، وإنما مسائل متناثرة يتوالى بعضها في إثر بعض. وهكذا دائما في الفقه الحنفي يغلب أن يفتح الباب على فروع دون أصول عقلية تضم شعبها الكثيرة. بينما علم الكلام يناقش مسائل كلية، وهي مسائل ميتافيزيقية، والمسألة تثار في ضوء تفكير فلسفي معقد، مما يدل على صلة المتكلمين العميقة بالفلسفة اليونانية، حتى لنرى الجاحظ يقول: "لا يكون المتكلم جامعا لأقطار الكلام, متمكنا في الصناعة, يصلح للرياسة حتى يكون الذي يحسن من كلام الدين في وزن الذي يحسن من كلام الفلسفة". فعقل كل من البلدتين كان مختلفا: عقل مصبوغ بالصبغة الفلسفية المنطقية، وعقل لا يرتفع إلى هذه المنزلة إلا في حدود ضيقة؛ لذلك كان طبيعيا أن لا يصاغ الفقه الحنفي الكوفي صياغة علمية دقيقة، بينما يصاغ النحو في أدق صورة علمية ممكنة على نحو ما سنرى في كتاب سيبويه، وهي صياغة لم تستطع العصور التالية أن تضيف إليها إلا بعض تعريفات وبعض تسميات، أما الأصول وأما القواعد والضوابط والأسس فإنها ظلت قائمة كالأطواد الراسخة. |
|
08-08-2018, 10:15 PM | #116 |
| معنى الأحرف السَّبْعَة من كتاب الأحرف السبعة للقرآن لأبي عمرو الداني فَأَما معنى الأحرف الَّتِي أرادها النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَهُنَا فَإِنَّهُ يتَوَجَّه إِلَى وَجْهَيْن أَحدهمَا أَن يكون يَعْنِي بِذكر أَن الْقُرْآن أنزل على سَبْعَة أحرف سَبْعَة أوجه من اللُّغَات لِأَن الأحرف جمع حرف فِي الْجمع الْقَلِيل مثل فلس وأفلس وَرَأس وأرؤس والحرف قد يُرَاد بِهِ الْوَجْه بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف فَإِن أَصَابَهُ خير اطْمَأَن بِهِ وَإِن أَصَابَته فتْنَة انْقَلب على وَجهه} الْآيَة فَالْمُرَاد بالحرف هَهُنَا الْوَجْه الَّذِي تقع عَلَيْهِ الْعِبَادَة يَقُول جلّ ثَنَاؤُهُ وَمن النَّاس من يعبد الله على النِّعْمَة تصيبه وَالْخَيْر يَنَالهُ من تثمير المَال وعافية الْبدن وَإِعْطَاء السُّؤَال ويطمئن إِلَى ذَلِك مَا دَامَت لَهُ هَذِه الْأُمُور واستقامت لَهُ هَذِه الْأَحْوَال فَإِن تَغَيَّرت حَاله وامتحنه الله تَعَالَى بالشدة فِي عيشه والضر فِي بدنه والفقر فِي مَاله ترك عبَادَة ربه وَكفر بِهِ فَهَذَا عبد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على وَجه وَاحِد وَمذهب وَاحِد وَذَلِكَ معنى الْحَرْف وَلَو عَبده تبَارك وَتَعَالَى على الشُّكْر للنعمة وَالصَّبْر عِنْد الْمُصِيبَة والرضى بِالْقضَاءِ عِنْد السَّرَّاء وَالضَّرَّاء والشدة والرخاء والفقر والغنى والعافية وَالْبَلَاء إِذْ كَانَ سُبْحَانَهُ أَهلا أَن يتعبد على كل حَال لم يكن عَبده تَعَالَى على حرف فَلهَذَا سمي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه الْأَوْجه الْمُخْتَلفَة من الْقرَاءَات والمتغايرة من اللُّغَات أحرفا على معنى أَن كل شَيْء مِنْهَا وَجه على حِدته غير الْوَجْه الآخر كنحو قَوْله {وَمن النَّاس من يعبد الله على حرف} أَي على وَجه إِن تغير عَلَيْهِ تغير عَن عِبَادَته وطاعته على مَا بَيناهُ وَالْوَجْه الثَّانِي من معنى الأحرف أَن يكون صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سمى الْقرَاءَات أحرفا على طَرِيق السعَة كنحو مَا جرت علية عَادَة الْعَرَب فِي تسميتهم الشَّيْء باسم مَا هُوَ مِنْهُ وَمَا قاربه وجاوره وَكَانَ كسبب مِنْهُ وَتعلق بِهِ ضربا من التَّعَلُّق وتسميتهم الْجُمْلَة باسم الْبَعْض مِنْهَا فَلذَلِك سمي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقِرَاءَة حرفا وَأَن كَانَ كلَاما كثيرا من أجل أَن مِنْهَا حرفا قد غير نظمه أَو كسر أَو قلب إِلَى غَيره أَو أميل أَو زيد أَو نقص مِنْهُ على مَا جَاءَ فِي الْمُخْتَلف فِيهِ من الْقِرَاءَة فَلَمَّا كَانَ ذَلِك نسب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقِرَاءَة والكلمة التَّامَّة إِلَى ذَلِك الْحَرْف المغير الْمُخْتَلف اللَّفْظ من الْقِرَاءَة فَسُمي الْقِرَاءَة إِذْ كَانَ ذَلِك الْحَرْف مِنْهَا حرفا على عَادَة الْعَرَب فِي ذَلِك واعتمادا على اسْتِعْمَالهَا نَحوه أَلا ترى أَنهم قد يسمون القصيدة قافية إِذْ كَانَت القافية مِنْهَا كَمَا قَالَ ... وقافية مثل حد السنان ... تبقى وَيهْلك من قَالَهَا ... يَعْنِي وقصيدة فسماها على طَرِيق الاتساع وَكَذَا يسمون الرسَالَة على نظامها وَالْخطْبَة بكمالها وَالْقَصِيدَة كلهَا والقصة بأسرها كلمة إِذْ كَانَت الْكَلِمَة مِنْهَا فَيَقُولُونَ قَالَ قس فِي كَلمته كَذَا يعنون خطبَته وَقَالَ زُهَيْر فِي كَلمته كَذَا يُرِيدُونَ قصيدته وَقَالَ فلَان فِي كَلمته كَذَا أَي فِي رسَالَته قَالَ الله تبَارك وَتَعَالَى {وتمت كلمة رَبك الْحسنى على بني إِسْرَائِيل بِمَا صَبَرُوا} فَقَالَ إِنَّمَا يَعْنِي بِالْكَلِمَةِ هَهُنَا قَوْله فِي سُورَة الْقَصَص {ونريد أَن نمن على الَّذين استضعفوا فِي الأَرْض ونجعلهم أَئِمَّة ونجعلهم الْوَارِثين ونمكن لَهُم فِي الأَرْض ونري فِرْعَوْن وهامان وجنودهما مِنْهُم مَا كَانُوا يحذرون} فَسُمي مَا فِي الْآيَتَيْنِ من منَّة على بني إِسْرَائِيل وجعلهم أَئِمَّة ووارث الأَرْض وتمكينه إيَّاهُم إِلَى غير ذَلِك مِمَّا تضمنتا كلمة وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى {وألزمهم كلمة التَّقْوَى} قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله فَسُمي هَذِه الْجُمْلَة كلمة إِذْ كَانَت الْكَلِمَة مِنْهَا فَكَذَا سمى رسل الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْقرَاءَات أحرفا إِذْ كَانَت الأحرف الْمُخْتَلف فِيهَا مِنْهَا فخاطب صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من بالحضرة وَسَائِر الْعَرَب فِي هَذَا الْخَبَر من تَسْمِيَة الْقِرَاءَة حرفا لما يستعملون فِي لغتهم وَمَا جرت عَلَيْهِ عَادَتهم فِي منطقهم كَمَا بَيناهُ فَدلَّ على صِحَة مَا قُلْنَاهُ |
|
08-08-2018, 10:16 PM | #117 |
| واضع علم التصريف من كتاب سبب وضع علم العربية لجلال الدين السيوطي وَأما التصريف فقد ذكر شَيخنَا الْعَلامَة محيي الكافيجي رَحمَه الله فِي أول كِتَابه شرح الْقَوَاعِد أَن أول من وَضعه معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ وَلم تطمئِن النَّفس إِلَى ذَلِك وَسَأَلته عَنهُ لما قرأته عَلَيْهِ وَمَا مُسْتَنده فِي ذَلِك فَلم يجبني بِشَيْء وَلم اقف على سَنَد لشَيْخِنَا فِي ذَلِك ثمَّ رَأَيْت فِي تَرْجَمَة معَاذ الهراء رَحمَه الله أَن أَبَا مُسلم مؤدب عبد الْملك بن مَرْوَان كَانَ نظر فِي النَّحْو ثمَّ لما أحدث النَّاس التصريف جلس إِلَى معَاذ الهراء رَحمَه الله فَسَمعهُ يَقُول لرجل كَيفَ تبني من تؤزهم أزا مثل يَا فَاعل افْعَل فَأنكرهُ أَبُو مُسلم رَحمَه الله وَقَالَ (قد كَانَ أَخذهم فِي النَّحْو يُعجبنِي ... حَتَّى تعاطوا كَلَام الزنج وَالروم) فِي أَبْيَات اخر وأجابه معَاذ الهراء رَحمَه الله بِأَبْيَات أوردتها فِي طَبَقَات النُّحَاة فوضح بِهَذَا أَن وَاضع التصريف معَاذ بن مُسلم الهراء رَحمَه الله تَعَالَى وَأَنه تخرج على شَيخنَا معَاذ بن جبل رَضِي الله عَنهُ وَكَانَت وَفَاة معَاذ هَذَا سنة سبع وَثَمَانِينَ بِبَغْدَاد. |
|
08-08-2018, 10:46 PM | #118 |
| ألفاظ الغِنى والخِصب من كتاب الألفاظ لابن السكيت قال الأصمعيُّ: يُقالُ: إنّه لمُكثِرٌ، وإنّه لمُثْرٍ، يا هذا. وقد أثرَى فُلانٌ، إذا كثُرَ مالُه، يُثِري إثراءً. ويقالُ: ثَرا بنُو فُلانٍ بَني فُلانٍ، إذا صارُوا أكثرَ منهم، يَثرُونهم ثَرْوةً. وكَثَرَ بنُو فُلانٍ بَنِي فُلانٍ: إذا صارُوا أكثرَ منهم. ويُقال: إنّه لذو ثَراءٍ، وذو ثَرْوةٍ. يُرادُ به: لذو عددٍ وكثرةِ مالٍ. قال تميمُ بن أُبيِّ بنِ مُقبلٍ: وثَرْوةٌ، مِن رِجالٍ، لَو رأيتَهُمُ لَقُلتَ: إحدَى حِراجِ الجَرِّ، مِن أُقُرِ ثروةٌ أي: عددٌ كثيرٌ من مالٍ أو ناسٍ. ويُروى: "وثَورةٌ مِن رِجالٍ". قالَ: فالثَّورةُ: الرجالُ يَثورونَ. والثَّروةُ: منَ المالِ عن ابنِ الأعرابيِّ. والحِراجُ: جمعُ حَرَجةٍ. وهو شجرٌ مُلتفُّ كثير. وقال الباهليُّ: الحِراجُ: أصولُ الشَّجرِ. والجَرُّ: أسفلُ الجبلِ. وكلُّ ما غلُظَ في أسفلِ جبلٍ فهوَ جرٌّ. ويُروى: "حِراجِ الجَوِّ". والجوُّ: البطنُ. وأُقُرٌ: جبلٌ ببلادِ غَطَفانَ. وقالَ حاتمُ طيّئٍ: أماوِيَّ، ما يُغنِي الثَّراءُ عَنِ الفَتَى إذا حَشرَجَتْ يَومًا، وضاقَ بِها الصَّدرُ ويقال: إنّه لذو وَفْرٍ وذو دَثْرٍ. ويقال: قد استَوثَجَ منَ المالِ واستَوثَنَ، إذا استكثَرَ. ويقال: إنّه لمُتْرِبٌ. قالَ أبو عُبيدةَ: له مالٌ مثلُ التُّرابِ كثرةً. قالَ: ومِثلُها أثرَى. وهو ما فوقَ الاستغناءِ، وهما التَّخرُّقُ. والتَّخرُّقُ: أن تكونَ له الإبلُ والغنمُ والرَّقيقُ. الأصمعيُّ: يقالُ: إنّ له لمالًا جَمًّا أي: كثيرًا. قالَ: ويقالُ: رَجُلٌ مالٌ ومَيِّلٌ، إذا كانَ كثيرَ المالِ. ويقال: أمِرَ مالُه يأمَرُ أمَرًا وأمَرةً، وآمَرَه اللهُ. وأنشدَ أبو زيدٍ: * أُمُّ جَوارٍ، ضَنؤُها غَيرُ أمِرْ * ضَنؤها: نَسلُها. يقالُ: آمَرَهُ اللهُ يُؤمِرُهُ إيمارًا. ويقالُ في مَثَل: "في وَجهِ مالِكَ تَرَى إمَّرتَهُ". قالَ غيرُه: في وَجهِ مالِكَ تَعرِفُ أمَرتَهُ، أي: نَماءه وكثرتَه، وقالَ اللهُ تباركَ وتعالَى: {آمَرْنا مُترَفِيها} أي: كَثَّرْنا. قالَ أبو عُبيدةَ: "يقالُ: خَيرُ المالِ سِكّةٌ مأبُورةٌ، أو مُهرةٌ مأمُورةٌ". فالسِّكّةُ: السَّطرُ المُستطيلُ منَ النَّخلِ. والمأبورةُ: الّتي قد أُبِرَتْ أي: أُصلِحتْ ولُقِّحقتْ. والمأمورةُ: الكثيرةُ الولدِ. مِن: آمرَها اللهُ، أي: كثَّرَها. وأرادَ "مُؤمَرة"، فقالَ "مأمورةٌ" مثلَ: مَزكومةٍ ومَحمومةٍ. وقالَ أبو الحسنِ: وقد يُقالُ: أمَرَه اللهُ بمعنَى: آمَرَه. يكونُ فيه لغتانِ: فَعَلَ وأفعَلَ. وقال الأصمعيُّ: تفسيرُ هذا: خيرُ المالِ نتاجٌ أو زرعٌ. والسِّكّةُ: الحديدةُ الّتي تُشقُّ بها الأرضُ. والمأبورةُ: المُصلَحةُ. والمأمورةُ: مِن قولِك: آمرَها اللهُ، أي: أكثرَها. فأراد "مُؤمَرة"، فجعلَها مثلَ: مزكومةٍ. وقال أبو الحسنِ: وأصلُ التّأبيرِ والأبرِ في النَّخلِ، ثُمّ يُستعملُ في الزَّرعِ، كما قالَ الشّاعرُ: لا تأمَنَنْ قَومًا، ظَلَمتَهُمُ وبَدأتَهُم بالخَسْفِ، والغَشْمِ أن يأبِرُوا زَرعًا، لِغَيرِهِم والشَّيءُ تَحقِرُهُ، وقَد يَنمِي وقالَ غيرُه: إنّما قالَ "مأمورةٌ" لمجيئها معَ "مأبورة"، كما قالَ الآخرُ: هَتّاكُ أخبِيةٍ، وَلّاجُ أبْوِبةٍ يَخلِطُ بالجِدِّ، مِنهُ، البِرَّ واللِّينا رجَعنا إلى الكتابِ: ويقال: ضَفا مالُ فلانٍ يَضفُو ضَفْوًا، إذا كثُرَ. ويقالُ: ثوبٌ ضافٍ أي: سابغٌ. وفُلانٌ ضافي الفضلِ على قومِه أي: سابغٌ. قالَ أبو ذُؤيبٍ: إذا الهَدَفُ المِعزابُ، صَوَّبَ رأسَهُ وأعجَبَهُ ضَفوٌ، مِنَ الثَّلّةِ الخُطْلِ ويقال: ضَنأَ المالُ يَضنأُ ضَنْئًا. وحكَى الفرّاءُ: أضنأَ المالُ وأضنَى، بهمزٍ وبغيرِ همزٍ، وأضنأَ القومُ: إذا كثُرتْ ماشيتُهم. والمَشاءُ والوَشاءُ والفَشاءُ، مَمدوداتٌ: تَناسلُ المالِ. يقالُ: أمشَى القومُ وأوشَوا وأفشَوا. قالَ الحُطيئةُ: * ويُمشِي، إن أُرِيدَ بِهِ المَشاءُ * ويقالُ: مَشَى على آلِ فُلانٍ مالٌ أي: تَناتَجَ وكثُرَ. ويقالُ: ناقةٌ ماشِيةُ أي: كثيرةُ الأولادِ. ويقالُ: مالٌ ذو مَشاءٍ أي: ذو نَماءٍ يَتناسلُ. وقد ارتعَجَ المالُ. ويقال: إنّ له لمالًا عُكامِسًا وعُكَمِسًا وعُكابِسًا وعُكَبِسًا. وهو في الماشيةِ والإبلِ. وكلُّ متراكبٍ فهو عُكامِسٌ. ويقال: إنْ له لمالًا ذا مِزٍّ. والمِزُّ: الشّيءُ له فضلٌ. ويقال: إنّ له لغَنمًا عُلَبِطةً، ولا يقالُ إلّا في الغنمِ. ويقال: إنّ له منَ المالِ عائرةَ عَينَينِ، أي: مالٌ يَعيرُ فيه البصرُ ههنا وههنا من كثرتِه. وقالَ أبو عُبيدةَ: عليه مالٌ عائرةُ عَينٍ. يقالُ هذا للكثيرِ المالِ، لأنّه من كثرتِه يملأُ العينَينِ، حتّى يكادَ يَفقؤُهما. والرَّغْسُ: النَّماءُ والبَرَكةُ. يقالُ رَغَسَهُ اللهُ رَغْسًا. قالَ رؤبةُ: * حتَّى أرانا وَجهَكَ المَرغُوسا * أي: ذا البَرَكةِ والخيرِ. ورجُلٌ مَرغوسٌ: إذا كانَ كثيرَ المالِ والولدِ. وقالَ العجّاجُ: * إمامَ رَغسٍ، في نِصابِ رَغسِ * أي: إمامَ نماءٍ وبَرَكةٍ. ونِصابٌ: أصلٌ. ويقالُ: إنّه لذو أُكْلٍ منَ الدُّنيا. يعني حَظًّا. ويقالُ: فلانٌ من ذَوِي الآكالِ أي: من ذَوِي القِسمِ الواسعِ. أبو زيدٍ: يقال: رجلٌ حَظِيظٌ جَدِيدٌ، إذا كانَ ذا حظٍّ منَ الرِّزقِ. أبو عمرٍو: يقالُ: رجُلٌ مُرْغِبٌ: أي كثيرُ المالِ. ورجُلٌ مَغضورٌ: إذا كان ينبُتُ عليه المالُ، ويَصلحُ عليه. ويقال: مالٌ جِبْلٌ، بكسرِ الجيمِ، أي كثيرٌ. وأنشدَ: وحاجِبٌ كَردَسَهُ في الحَبْلِ مِنّا غُلامٌ، كانَ غَيرَ وَغْلِ حَتَّى افتَدَوا، مِنّا، بِمالٍ جِبْلِ الأصمعيُّ: يقالُ للرَّجلِ، يُرَى عليه أثرُ الغِنَى: قد تَمشَّرَ، وعليه مَشَرةٌ. ويُقالُ: قد أمشَرَ الطَّلحُ، إذا أورقَ. ويقال: خَيرٌ مَجنَبٌ، وشَرٌّ مَجنَبٌ، أي: كثيرٌ. ويقالُ: أتانا بطعامٍ مَجنَبٍ وبطعامٍ طَيسٍ، أي: كثيرٍ. ويقال: عَيشٌ دَغفَلٌ أي: واسعٌ سابغٌ. قالَ العجّاجُ: * وإذْ زَمانُ النّاسِ دَغفَلِيُّ * فأضافَه. ويقال: أبادَ اللهُ غَضراءَهم، ممدودٌ أي: خِصبَهم وخيرَهم. أبو زيدٍ: هم في عيشٍ رَخاخٍ. وهوَ الواسعُ. ومثلُه: عيشٌ عُفاهِمٌ. وهم في إمّةٍ منَ العيشِ، وبُلَهْنِيةٍ ورُفَهْنِيةٍ ورَفاهِيةٍ، مخفَّفاتٍ. وإنّهم لفي غَضْراءَ من العيشِ، ممدودٌ، وغَضارةٍ، وقد غَضَرَهُمُ اللهُ، وإنّهم لذوُو طَثْرةٍ: مِثلُه. كلُّه منَ السَّعةِ. أبو عمرٍو: يقالُ: نَشأَ فلانٌ في عيشٍ رَقيقِ الحَواشِي، أي: في عيشٍ ناعمٍ. الأصمعيُّ: يقالُ: إنّ فلانًا لمُخضَمٌ، أي: موسَّعٌ عليه منَ الدُّنيا. قالَ الأصمعيُّ: وأخبرَنا ابنُ أبي طَرَفةَ، قالَ: قالَ أعرابيٌّ لابنِ عمٍّ له، قَدِمَ عليه مكّةَ: إنّ هذه أرضُ مَقضَمٍ، وليستْ بأرضِ مَخضَمٍ. قالَ: وكلُّ شيءٍ صُلبٍ يُقضَمُ، وكلُّ شيءٍ ليّنٍ يُخضَمُ. الفرّاءُ: يقالُ: القَضْمُ يُدنِي إلى الخَضْمِ. أبو زيدٍ: يقالُ: "قَد يُبلَغُ الخَضْمُ بالقَضْمِ". يقالُ: اخضِموا، بكسرِ الضّادِ، فإنّا سنَقضَمُ، بفتحِ الضّادِ، أي: سوف نصبِرُ على أكلِ اليابسِ. الأُمويّ: النَّدهةُ: الكَثرةُ في المالِ أيضًا. وأنشدَ لجميلٍ: وكَيفَ، ولا تُوفِي دِماؤُهُمُ دَمِي ولا مالُهُم ذُو نَدهةٍ، فيَدُونِي؟ أبو زيدٍ: الكُثْرُ منَ المالِ: الكَثِيرُ. وقالَ الشّاعرُ: فإنّ الكُثرَ أعيانِي، قَدِيمًا ولَم أُقتِرْ، لَدُنْ أنِّي غُلامُ والحِلْقُ: المالُ الكثيرُ. يقالُ: جاءَ فلانٌ بالحِلقِ، بكسرِ الحاءِ. الفرّاءُ وأبو عُبيدةَ: يقالُ: مالٌ دِبرٌ، للكثيرِ. أبو زيدٍ: يقالُ: أحرَفَ الرجلُ إحرافًا، إذا نمَى مالُه وصلَحَ. الفرّاءُ: يقالُ: إنّه لمُرْكِحٌ إلى غِنًى، وإنّه لمُزْرٍ إلى غِنًى. معناه: مُتّكئٌ على غِنًى. ويقال: قد تَجبَّرَ فلانٌ مالًا. وذلك إذا عادَ إليه مِن مالِه ما كانَ ذهبَ. ويقالُ: قد تَجبَّرَ الشجرُ، إذا نَبتَ فيه الشيءُ وهوَ يابسٌ. ويقال: "قد جاءَ بالطِّمِّ والرِّمِّ"، إذا جاءَ بالكثيرِ. قالَ أبو عُبيدةَ: الطِّمُّ: الرَّطْبُ، والرِّمُّ: اليابسُ. قالَ أبو الحسنِ: قالَ أبو العبّاسِ: أصلُ الطِّمِّ: الماءُ. والرِّمُّ: التُّرابُ. كأنّه أرادَ: جاءَ بكلِّ شيءٍ. لأنّ كلَّ شيءٍ يجمعُه الماءُ والتُّرابُ؛ لأنّهما أصلٌ لما في الدُّنيا. رَجَعْنا إلى الكتابِ: قال: والفَنَعُ: كَثرةُ المالِ، وكَثرةُ الإعطاءِ. وأنشدَ: ولا أعتَلُّ، في فَنَعٍ، بِمَنْعٍ إذا نابَتْ نَوائبُ، تَعتَرِينِي وقالَ أبو مِحجنٍ: وقَد أجُودُ، وما مالِي بِذِي فَنَعٍ وأكتُمُ السِّرَّ، فِيهِ ضَربةُ العُنُقِ أي: وما مالي بكثيرٍ. ويقال لمن أخصبَ وأثرَى: "وَقَعَ في الأهيَغَينِ"، أي: في الطّعامِ والشّرابِ، بالغينِ معجمةً. ويقال للّذي أصابَ مالًا وافرًا واسعًا، لم يُصبْه أحدٌ: أصابَ فلانٌ قَرْنَ الكَلأِ. وذلك لأنّ قرنَ الكلأِ أنفُه الّذي لم يُؤكلْ منه شيءٌ. قال: ويقالُ: فلانٌ عَريضُ البِطانِ. يقالُ له ذلكَ إذا أثرَى وكثرَ مالُه. ويقال: فلانٌ رَخِيُّ اللَّبَبِ، إذا كانَ في سَعةٍ يصنعُ ما يشاءُ. ويقال: "جاء بالضِّحِّ والرِّيحِ". يقال ذلكَ في موضِع التّكثيرِ. والضِّحُّ: البَرازُ الظاهرُ. وهو ما بَرزَ منَ الأرضِ للشّمسِ. والتّأويلُ: جاءَ بما طَلعتْ عليه الشّمسُ. ويقال: "جاءَ بالحَظِرِ الرَّطْبِ"، والرِّيحِ والضِّحِّ، و"الهَيلِ والهَيلَمانِ"، و"الطِّمِّ والرِّمِّ"، وجاءَ بالبَوشِ البائشِ، و"بدَبَى دُبَيٍّ ودَبَى دُبَيّانٍ"، إذا جاءَ بالشَّيءِ الكثيرِ. ويقال: هو مَلِيءٌ زُكَأةٌ، أي: حاضرُ النَّقدِ. ويقالُ: زَكأتُه أي: عجّلتُ له نقدَه. أبو زيد: يقالُ: عَفا المالُ يَعفُو عُفُوًّا، ووَفَى يَفِي وَفاءً، ونَمَى يَنمِي نَماءً. كلُّ ذلكَ في الكثرةِ. قال: وسمعتُ رَدّادًا الكِلابيَّ يقولُ: تأبَّلَ فلانٌ إبلًا، وتَغنَّمَ غَنمًا. وذلك حينَ يتّخذُ إبلًا وغنمًا. ويقال: إنّ فلانًا لفي ضَرّةِ مالٍ يَعتمِدُ عليه. وذلك أن يعتمدَ على مالِ غيرِه من أقاربِه. فتلكَ الضَّرّة. قالَ أبو يوسفَ: وسمعتُ أبا عمرٍو يقولُ: رجلٌ مُضِرٌّ، له ضَرّةٌ من مالٍ أي: قطعةٌ. قال: وأنشدَني ابنُ الأعرابيِّ: بحسْبِكَ، في القَومِ، أن يَعلَمُوا بأنّكَ فِيهِم غَنِيٌّ، مُضِرْ وحكَى أبو عمرٍو، قالَ: يقالُ: لو كانَ الهَيءِ والجَيءِ ما نَفعَه. والهَيءُ: الطَّعامُ. والجَيءُ: الشَّرابُ. على وزنِ: الهَيعِ والجَيْعِ. ويقال: لو كانَ في التِّخْلِئِ ما نَفعَهُ، بالخاءِ معجمةً. وهيَ الدُّنيا. الأصمعيُّ: يقال: تأثَّلَ فلانٌ مالًا، أي: اتّخذَهُ. ومالٌ أثِيلٌ أي: مُؤثَّلٌ مُكثَّرٌ. قالَ ساعدةُ بنُ جؤيّةَ: ولا يُجدِي امرَأً وَلَدٌ، أجَمَّتْ مَنِيّتُهُ، ولا مالٌ أَثِيلُ لا يُجدي عنه: لا يُغني عنه، إذا حانتْ منيّتُه، ولدٌ ولا مالٌ أثيلٌ. أبو زيدٍ: أصَبتُ منَ المالِ حتَّى فَقِمتُ فَقَمًا. ويقال: فادَ له مالٌ يَفِيدُ فَيْدًا، إذا نَبَتَ له مالٌ. والاسمُ الفائدةُ. وهوَ ما استفَدتَ من طريفِ مالٍ، من ذهبٍ أو فضّةٍ أو مملوكٍ أو فائدةٍ أو ماشيةٍ. وقالوا: قدِ استفادَ مالًا استفادةً. وكرهوا أن يقولوا: أفادَ مالًا. غيرَ أنّ بعضَ العربِ يقولُ: أفادَ مالًا، إذا استفادَهُ. قال الأصمعيُّ: يقالُ: نَبَتَتْ لبنِي فلانٍ نابتةٌ، إذا نَشأَ لهم نَشْءٌ صِغارٌ. وكذلكَ من كلِّ شيءٍ. قالَ: والنّابتُ من كلِّ شَيءٍ: الطَّرِيُّ حِينَ يَنبُتُ صَغيرًا، منَ النّبتِ وغيرِ ذلكَ منَ النّاسِ وغيرِهم. ويقال: أخضَبَ القومُ وأحْيَوا. والحَيا مقصورٌ: كثرةُ الغَيثِ. ويقال: أرضٌ مَرِعةٌ. وهوَ كثرةُ الكلأِ. ويقال: أمرَعَتِ الأرضُ، وأكلأتِ الأرضُ. وقالوا: الرَّغَدُ: كثرةُ الغيثِ. ويقال: جاءَ يَقُثُّ الدُّنيا، أي: يَجُرُّها. ويقال: عَيشٌ رَفِيعٌ. وهوَ الواسعُ. وهيَ الرَّفاغِيةُ والرَّفاغَةُ. ويقال: عَيشٌ غَرِيرٌ أي: لا يُفزَّعُ أهلُه. ويقال: هوَ في عَيشٍ رَغَدٍ. ويقال: هوَ في عَيشٍ أغرَلَ. قالَ: وقالَ ابنُ الأعرابيِّ: يقالُ: أغرَلُ وأرغَلُ، وأغضَفُ وأغطَفُ، وأوطَفُ وأغلَفُ، إذا كانَ مُخصِبًا. ويقال: عَيشٌ رَغْدٌ مَغْدٌ. ويقال: عامٌ غَيداقٌ. الفرّاءُ: يقالُ عامٌ أزَبُّ: مُخصِبٌ. يونسُ قالَ: تقولُ العربُ: هوَ رجلٌ مُضيعٌ، للكثيرِ الضَّيعةِ. أبو عُبيدةَ: الغَيداقُ: الكثيرُ الواسعُ من كلِّ شَيءٍ. يقالُ: سَيلٌ غَيداقٌ. وأنشدَ لتأبّطَ شرًّا: * بِوالِهٍ، مِن قَبِيضِ الشَّدِّ، غَيداقِ * ويقال: هوَ في سِيِّ رأسِه من الخيرِ، أي: فيما يَغمُرُ رأسَه منَ الخيرِ. ويقال: ما أحسَنَ أَهَرةَ آلِ فُلانٍ، وغَضارتَهُم وغَضْراءهُم وأثاثَهُم، أي: هَيآتِهم وحالَهُم ومَتاعَهُم! وما أحسَنَ رِئْيَهُم، مِثلَ: رِعْيَهُم، أي: لِباسَهُم! وهوَ ما رأيتَ وظهَرَ. وما أحسَنَ أمارتَهُم، بفتحِ الألفِ، أي: ما يَكثُرُونَ ويَكثُرُ أولادُهم وعَدَدُهم! ومثلُ ذلك: ما أحسَنَ نابِتةَ بَنِي فُلانٍ، أي: ما تَنبُتُ عليه أموالُهم وأولادُهم! ويقال: رجلٌ حَسَنُ الشّارةِ، إذا كانَ حسنَ البِزّةِ. ويقالُ: اشتارَتِ الإبلُ، إذا لَبِسَتْ سِمَنًا وحُسنًا. وهوَ شارتُها أيضًا. الأصمعيُّ: يقالُ: رجلٌ حَسَنُ الجُهْرِ. يُريدُ به النُّبلَ والحُسنَ. أبو عُبيدةَ: عَيشٌ خُرَّمٌ أي: ناعِمٌ. وهيَ عربيّةٌ. ويقال: مَعِيشةٌ رِفَلّةٌ، أي: واسعةٌ. أبو زيدٍ: الأثاثُ: المالُ أجمَعُ، الإبلُ والغنمُ والعبيدُ. ويقال: أضعَفَ الرَّجلُ إضعافًا فهوَ مُضْعِفٌ، إذا فَشَتْ ضَيعتُه وكَثُرَتْ. الأصمعيُّ: يقالُ: أرتَعَ القَومُ، إذا وقعُوا في خِصبٍ ورَعَوا. ويقال: إنَّ فيه لغَدَنًا، إذا كانَ فيه لِينٌ ونَعمةٌ. وفلانٌ في حَبْرةٍ منَ العيشِ أي: في سُرورٍ. ويقال: أرضُ بَني فُلانٍ لا تُؤْبِئُ، وجَبَلٌ لا يُؤْبِئُ: مثلُه، أي: به نَبتٌ لا يَنقطعُ. أبو عُبيدةَ: إنّهم لفي قَمْأةٍ أي: في خِصبٍ وسَعةٍ منَ العيشِ ودَعةٍ. ويقال: تَركناهُم على سَكِناتِهِم ونَزِلاتِهِم ورَبَعاتِهِم ورِباعِهِم ومِنْوالِهِم، إذا كانُوا على حالِهم، وكانتْ حسنةً جميلةً. ولا يكونُ في غيرِ حُسنِ الحالِ. قالَ أبو العبّاسِ: سَكِناتِهم وسَكَناتِهم، ونَزِلاتِهم ونَزَلاتِهم، بالفتحِ والكسرِ جميعًا. |
|
08-08-2018, 10:47 PM | #119 |
| علم التصريف والحاجة إليه من كتاب المنصف شرح التصريف لابن جني وهذا القبيل من العلم -أعني التصريف- يحتاج إليه جميع أهل العربية أتم حاجة، وبهم إليه أشد فاقة؛ لأنه ميزان العربية، وبه تعرف أصول كلام العرب من الزوائد الداخلة عليها، ولا يوصل إلى معرفة الاشتقاق إلا به, وقد يؤخذ جزء من اللغة كبير بالقياس، ولا يوصل إلى ذلك إلا من طريق التصريف؛ وذلك نحو قولهم: إن المضارع من فَعُل لا يجيء إلا على يَفْعُل بضم العين، ألا ترى أنك لو سمعت إنسانا يقول: كرُم يكرَم بفتح الراء من المضارع، لقضيت بأنه تارك لكلام العرب, سمعتهم يقولون: يكرم أو لم تسمعهم؛ لأنك إذا صح عندك أن العين مضمومة من الماضي قضيت بأنها مضمومة في المضارع أيضا قياسا على ما جاء. ولم تحتج إلى السماع في هذا ونحوه, وإن كان السماع أيضا مما يشهد بصحة قياسك. ومن ذلك أيضا قولهم: إن المصدر من الماضي إذا كان على مثال أَفْعَلَ يكون مفعلا -بضم الميم وفتح العين- نحو: أدخلته مُدْخَلا، وأخرجته مُخْرَجا، ألا ترى أنك لو أردت المصدر من أكرمته على هذا الحد لقلت: مُكْرَما قياسا، ولم تحتج فيه إلى السماع، وكذلك قولهم: كل اسم كانت في أوله ميم زائدة مما يُنقَل ويُعمَل به فهو مكسور الأول، نحو مِطْرَقة ومِرْوَحة، إلا ما استُثني من ذلك. فهذا لا يعرفه إلا من يعلم أن الميم زائدة، ولا يعلم ذلك إلا من طريق التصريف، فهذا ونحوه مما يستدرك من اللغة بالقياس. ما لا يُؤخذ من اللغة إلا بالسماع: ومنها ما لا يُؤخذ إلا بالسماع، ولا يُلتفت فيه إلى القياس، وهو الباب الأكثر نحو قولهم: رجل وحجر، فهذا مما لا يقدم عليه بقياس، بل يرجع فيه إلى السماع. فلهذه المعاني ونحوها ما كانت الحاجة بأهل علم العربية إلى التصريف ماسّة، وقليلا ما يعرفه أكثر أهل اللغة؛ لاشتغالهم بالسماع عن القياس. تخليط أهل اللغة فيما سبيله القياس: ولهذا ما لا تكاد تجد لكثير من مصنفي اللغة كتابا إلا وفيه سهو وخلل في التصريف، وترى كتابه أسد شيء فيما يحكيه، فإذا رجع إلى القياس وأخذ يصرف ويشتق اضطرب كلامه وخلّط. وإذا تأملت ذلك في كتبهم لم يكد يخلو منه كتاب إلى الفرد، ويتكرر هذا التخليط على حسب طول الكتاب وقصره، وليس هذا غضا من أسلافنا، ولا توهينا لعلمائنا، كيف وبعلومهم نقتدي، وعلى أمثلتهم نحتذي، وإنما أردت بذلك التنبيه على فضل هذا القبيل من علم العربية، وأنه من أشرفه وأنفسه، حتى إن أهله المُشْبِلين عليه والمنصرفين إليه، كثيرا ما يخطئون فيه ويخلطون، فكيف بمن هو عنه بمعزل، وبعلم سواه متشاغل. ما بين التصريف والاشتقاق والنحو واللغة: وينبغي أن يعلم أن بين التصريف والاشتقاق نسبا قريبا، واتصالا شديدا؛ لأن التصريف إنما هو أن تجيء إلى الكلمة الواحدة فتصرفها على وجوه شتى،مثال ذلك أن تأتي إلى "ضَرَبَ" فتبني منه مثل "جَعْفَر" فتقول: "ضَرْبَب", ومثل "قِمَطْر": "ضِرَبّ", ومثل "دِرْهَم": "ضِرْبَب"، ومثل "عَلِم": "ضَرِب"، ومثل "ظَرُف": "ضرُب"، أفلا ترى إلى تصريفك الكلمة على وجوه كثيرة. وكذلك الاشتقاق أيضا، ألا ترى أنك تجيء إلى الضرب الذي هو المصدر فتشتق منه الماضي فتقول: "ضَرَبَ"، ثم تشتق منه المضارع فتقول: "يضرب"، ثم تقول في اسم الفاعل: "ضارب"، وعلى هذا ما أشبه هذه الكلمة. أولا ترى إلى قول رؤبة في وصفه امرأة بكثرة الصخب والخصومة: تشتق في الباطل منها المُمْتَذَق وهذا كقولك: تتصرف في الباطل، أي: تأخذ في ضروبه وأفانينه. فمن هاهنا تقاربا واشتبكا, إلا أن التصريف وسيطة بين النحو واللغة يتجاذبانه، والاشتقاق أقعد في اللغة من التصريف. كما أن التصريف أقرب إلى النحو من الاشتقاق، يدلك على ذلك أنك لا تكاد تجد كتابا في النحو إلا والتصريف في آخره, والاشتقاق إنما يمر بك في كتب النحو, منه ألفاظ مشردة لا يكاد يعقد لها باب. فالتصريف إنما هو لمعرفة أنفس الكلم الثابتة، والنحو إنما هو لمعرفة أحواله المتنقلة، ألا ترى أنك إذا قلت: "قام بكر، ورأيت بكرا، ومررت ببكر" فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف العامل، ولم تعرض لباقي الكلمة, وإذا كان ذلك كذلك فقد كان من الواجب على من أراد معرفة النحو أن يبدأ بمعرفة التصريف؛ لأن معرفة ذات الشيء الثابتة ينبغي أن يكون أصلا لمعرفة حاله المتنقلة، إلا أن هذا الضرب من العلم لما كان عويصا صعبا بُدِئ قبله بمعرفة النحو، ثم جيء به بعد؛ ليكون الارتياض في النحو موطئا للدخول فيه، ومعينا على معرفة أغراضه ومعانيه, وعلى تصرف الحال. فمن أمدّه الله بصفاء القريحة، وأيده بمضاء الخاطر والروية، وواصل الدرس، وأجشم النفس، وهجر في العلم لَذَّاته، ووهب له أيام حياته؛ امتاز من الجمهور الأعظم، ولحق بالصدر المقدم، ولحظته العيون بالنفاسة، وأشارت إليه الأصابع بالرياسة، وكان موفقا لما يرفعه ويُعْليه، مسددا فيما يقصد له وينتحيه. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
سطور , في , كتاب |
| |