الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-08-2018, 11:33 PM | #127 |
| جملة ما يحتاج المتأدب إليه في الأفعال وما يتصرف منها من كتاب الأفعال لابن القطاع اعلم أن أفضل ما رغب فيه الراغب وتعلق به الطالب معرفة لغة العرب التي نزل بها القرآن وورد بها حديث النبي عليه السلام لتعلم بها حقيقة معانيهما ولئلا يضل من أخذ بظاهرهما وقد قال بعض الحكماء اللغة أركان الأدب والشعر ديوان العرب بالشعر نظمت المآثر وباللغة نثرت الجواهر لولا اللغة ذهبت الآداب ولولا الشعر بطلت الأحساب بلغة العرب نزل القرآن وبشعرهم ميز الفرقان من ذم شعرهم فجر ومن طعن على لغتهم كفر سألتني أراك الله السول وبلغك المأمول إن الخص لك ما انغلق وبعد وأخلص لك ما عسر وانعقد من كتاب أبنية الأفعال لأبي بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز المعروف بابن القوطية وهذا الكتاب في غاية الجودة والإحسان لو كان ذا ترتيب وبيان لكن لم يرتبه على الكمال وقد اجتهدت في ترتيبه وتهذيبه بعد وسميته تهذيب كتاب الأفعال لأنه قد أربى فيه على كل من ألّف في معانيه إلا أنه لم يذكر فيه سوى الأفعال الثلاثية وما دخل عليها من الهمزة ولم يستوعب ذلك وترك نحوا مما ذكر وخلط في التبويب وقدم وأخّر في الترتيب وجعل الثلاثي باتفاق معنى في أبواب وباختلاف معنى في أبواب والمزيد بالهمزة في أبواب والثنائي المضاعف في أبواب والمتفق والمختلف منه في أبواب فأتعب الناظر وانصب الخاطر وصار الطالب للحرف يجده متفرقا في الكتاب في عدة أبواب ولم يذكر فيه الأفعال الرباعية الصحيحة ولا الخماسية والسداسية المزيدة ولا الثنائية المكررة فأجبتك إلى ما سألت وأسعفتك بما أردت على ما في ذلك من التعب الطويل والنصب الجزيل لأني أحتاج أن أعرض الكتاب لكل حرف عرضة وألحق به ما ترك من عدة دواوين وفي هذا من المشقة ما لا يخفى عليك غير أني ابتدأت في ذلك مستعينا بالله العظيم راغبا في ثوابه الجسيم وإحسانه السابغ العميم للانتفاع بذلك في القرآن العظيم وحديث نبيه الكريم عليه السلام فرددت كل فعل إلى مثله وقرنت كل شكل بشكله ورتبته خلاف ترتيبه وهذبته خلاف تهذيبه وذكرت ما أغفله من الأفعال الثلاثية والمزيدة بالهمزة والثنائية المكررة وأوردت الأفعال الرباعية الصحيحة والأفعال الخماسية والسداسية المزيدة وأثبتها على حروف المعجم حتى لا يحتاج الناظر أن يخرج من باب إلا وقد استوعب جميع الأفعال على التمام والكمال وأعلمت على ما أورده بحرف القاف وعلى ما أوردته بحرف العين ليعرف بذلك ما أورده وما أوردت وما ترك وما زدت وجمعت فيه ما افترق في مصنفات العلماء ونظمت فيه ما انتثر في مدونات البلغاء وأردت أن يكون الكتاب جامعا لسائر الأفعال حائز القصب الكمال ولم أورد فيه سوى المعروف المستحسن وعديت عن الحوشي المستهجن فإن شذّ عنه شيء فهو من هذا النوع وأرجو أن لا يشذ عنه شيء من اللغة المستعملة ولا يبقى في نفس الناظر فيه أمر من الأمور المشكلة بعون الله وتأييده وتوفيقه وتسديده جعلنا الله من الراغبين فيما لديه العاملين بما ندب إليه الفائزين برحمته عند القدوم عليه قال أبو بكر محمد بن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه اعلم أن الأفعال أصول مباني اكثر الكلام ولذلك سمتها العلماء الأبنية وبعلمها يستدل على أكثر علم القرآن والسنة وهي حركات متقيضات والأسماء غير الجامدة والنعوت كلها منها مشتقات وهي اقدم منها بالزمان وان كانت الأسماء اقدم بالترتيب في قول الكوفيين والبصريون يقولون بقدم الأسماء وان الأفعال مشتقة منها ولكل وجه وهي ضربان ضرب دخل التضعيف ثانية فصار ثلاثيا وضرب ثلاثي صحيح ومعتل فالمضاعف ضربان ضرب على فَعَل وضرب على فَعِل ليس فيه غيرهما إلا فعل شاذ رواه يونس وهو لبُبتَ تُلّب لَبّا ولبَابة والأعمّ لبَبت تلَبّ وحكى الخليل ذَمُمت تذُم وحكى ابن خالويه عَزُزت الشاة تعزُّقل لبنها وحكى الزجاج عن العرب لبُبت تلبّ بضم العين في الماضي وفتحها في المستقبل ولا نظير له في كلام العرب وحكى لببت تلبّ بكسر عين الماضي وضمها في المستقبل عن اليزيدي والضم يستثقل في المضاعف فما كان منه على فَعَل متعد يا فان مستقبله على يفُعل غير افعال جاءت باللغتين هرَّه يهُرُّه ويهرِّه كرِهه وعلَّه بالشراب يَعُلّه ويعِله وشدَّه يشُدّه ويشِدُّه وقال الفراء نمّ الحديث ينمِه وينُمُّه وَبتَّ الشيء يبُتُّه ويبِتّه وشذ من ذلك حَببَت الشيء احِبّه قرأ العطاردى ( فاتبعوني يَحِبُّكم الله ) وما كان غير متعد فإنه على يفعِل غير افعال اتت باللغتين شحَّ يشِحّ ويُشحّ ووجَدّ في الأمر يَجِدّ ويجُدّ وجمَّ الفرس يجّم ويُجّم وشب يشِبّ ويشبّ وفَحَّت الأفعى تفِح وتَفُحُّ وترَّت يده تِترّ وتُترّ وطّرت المرأة تطِرّ وتطُر وصدّ عني يصِدّو يصُدُّ وحدّت المرأة تحِدّو تحُدّ وشذَّ الشيء يشِذّ ويشُذّ ونسّ الشيء ينِسّ وينُسّ إذا يبس وشطّت الدار تَشِطّ وتشُطَّ ودرّت الناقة تدِرّ وتدرُّ وأمّا ذرّت الشمس وهبّت الريح فإنهما أتيا على يفعُل إذ فيهما معنى التعدي وشذ منه الّ يؤلّ الاً بَرِق والرجلّ أليلاً رفع صوته ضارعا وما كان على فَعِل فإنه على يفعَل وليس لمصادر المضاعف ولا الثلاثي كله قياس يحتمل عليه وإنما ينتهي فيه إلى السماع أو الاستحسان وقد قال الفراء كل ما كان متعديا من الأفعال الثلاثية فإن الفَعْل والفُعول جائزان في مصدره والثلاثي الصحيح ثلاثة اضرب فَعَل وفَعُل وفَعِل فما كان على فَعَل من مشهور الكلام مثل ضرب ودخل فالمستقبل فيه على ما أتت به الرواية وجرى على الألسنة يضرِب ويدخُل فإذا جاوزت المشهور فأنت بالخيار إن شئت قلت يفعِل أو يفعُل هذا قول أبي زيد إلا ما كان عين الفعل أو لامه احد حروف الحلق فإنه يأتي على يفعَل إلا افعالا يسيرة جاءت بالفتح والضم مثل يجنَح ويجنُح ودبَغ يدبَغ ويدُبغ وافعالاً بالكسر مثل هنأ يهنِىء ونزَع ينزِع ع وليس في كلام العرب فعل يفعَل بفتح الماضي والمستقبل مما ليس عينه ولا لامه حرف حلق إلا حرف واحد لا خلاف فيه وهو أبى يأبى وقد جاءت اربعة عشر فعلاً باختلاف فيها وهي قلَى يقلَى وغسَى الليل يغسَى وركَن يركَن وجنى يَجني وشحَى يشحَى وعثَى يعثى وحكى ايضاً سلى يسْلى وخطى يخطى وعلى يعلى وقنَط يقنَط وغصصتَ تغَصّ وبضضت تبَضُّ عن يعقوب وودَع يدَع وقرىء ( ما وَدَعَك ربُّك ) ويذر لأنه محمول على يدع وإن لم يأت له ماض وقيل اصله وَذر يذَر مثل وسِع يسَع إلا أنه أميت ماضيه ق وما كان على فَعُل فمستقبله يفعُل لا غير ع ما خلا حرفاً واحداً احكاه سيبويه وهو كُدت تكاد وقال غيره دُمت تَدام ومُتَّ تمات وجُدت تجاد ق وما كان على فَعِل فمستقبله على يَفعَل الأفضل الشيء يفضُل فإنه لما كان الأجود فَضَل استغنوا بمستقبله عن مستَقبل فَضِل وفي لغة نَعِم ينعُم ليس في السالم غيرهما ع هذه الأفعال ستة ذكر منها اثنين وبقى عليه أربعة وهي حَضِر يحضُر وقَنط يقنُط قرأ أبو حيوة شريح القاضي ( ومن يقنُط ) بالضم وركن يركَنُ قرأ قتادة ( ولا تركُنوا إلى الذين ظلموا ) ولَبِبَت تَلُبُّ وحكى ابن الأعرابي فَضَل ونَعَم ق وجاءت أفعال بالفتح والكسر وهي حَسِب يحسَب ويحسِب وبِئس يبأس ويبئس ونِعم ينَعم وينعِم ويئِس ييأسن وييئسَ ع ذكر أربعة أفعال وبقيت عليه ستة وهي يبِس ييبسِ وفضِل يَفضِل عن اللحيانى وقنِطَ يقنِط عن الأخفش وعرِضت له الغول تعرِض عن الأصمعي وضللت أضِل لغة تميم وقَدر يقَدر عن قطرب لغة لبعض ربيعة وقد يفتح المضارع فيها كلها ق وجاءت أفعال معتلة على فَعِل يفعِل وهي ورَم يَرم ووَلى يَلى ووَرِث يرث ووثِق يثِق وومِق يمِق ووَرِع يَرِع ووَفِق أمره يَفِق ووَرِى الزَنَد يرى لم يأت غيرها ع ذكر ثمانية أفعال سبعة لا خلاف فيها وواحداً فيه خلاف وهو وَرِى الَزند فأنه يقال فيه وَرِى ووَرَى وبقى عليه فعل لا خلاف فيه وهَوِ وَرِى المخُ يَرى إذا اكتنز بالكسر لا غير واثنا عشر فعلا باختلاف فيها وهي وَلِغ يلِغ ووزِع يَزِع عن أبي زيد والأجود وَلِغ يَولَغ ووزِع يزَع وقد جاء وَلَع يَلِع ووَلِع يَولَع ووَغِر صدره يغِر ووَحِر يَحِر عن أبي زيد أيضا والأجود يَوغَر ويوحَر ووَهِن يهِن وحكى ابن دريد وَهِن يَوهَن ووَبِق يَبِق وقالوا فيه وبَق يبَق ووبِق يَوبقَ ووَصِب الرجل في ماله وعلى ماله يَصِب إذا أحسن القيام عليه ويقال وَصِب يوصَب ووصَب يَصِب ووَلِه يَلِه ووَهِل يهِل والمستعمل يَولَه ويوهَل وطاح يطيح وتاه يتيه عن الخليل وهي فَعِلَ يَفعِل كحسِب يحسِب ووَلِغ يلَغ وحكى أبو زيد يولَغ وحكى غيره وَلَغَ يلَغ وإنما حذفت الواو من يلَغ ويَدع وأشباهها وقد وقعت بين ياء وفتحة لأن الأصل عند الخليل يَولِغ ويودِع فحذف الواو لذلك ثم فتح المضارع لأن فيهن حرفا من حروف الحلق وحَكى سيبويه وَرِع الرجل يَورَع وجاء في المضاعف ضَلِلت أضِل والمستعملَ ضَلِلت أضَلُّ وضَللَت أَضِل ق وجاء في المعتل دِمتَ تدوم وتَدام ومِتَّ تموت وتمات والأجود دُمت تدوم ومُتّ تموت ع وبقى عَليه كِدْت تكاد وجِدت تجاد وجاء فيهما تكود وتجود ق ومصادر الثلاثي كلها تأتي على فَعْلٍ وفَعَل وفِعْل وفُعَل وفَعِل وفُعُل وفِعَل وفُعُول وفَعِيل وفَعُول وفُعَال وفِعال وفَعال وفَعْلان وفُعُلان وفِعْلان وفَعَلان وفَعَالة وفِعَالة وفُعُولة وفَعْلة وفِعْلة وفُعْلة وفَعَلة وَفِعلة وفُعَلَة وسترى هذه المصادر مع أفعالها إن شاء الله تعالى ع لم يذكر من أبنية المصادر الثلاثية سوى خمسة وعشرين بناء وهي مائة وقد ذكرتها مستوفاة في كتابي المعروف بأبنية الأسماء والأفعال والمصادر ق وقد تأتي المصادر قليلا على فُعْلى وفَعْلى كالرُجعى والبُشرى والشَكْوَى والتَّقوى وقالوا في مصادر الرباعي البَقْوى والبُقيا والفَتوى والفُتيا ولهذه الأفعال مصادر دخلت زيادة الميم أولها تدرك بالقياس على ما أصلته به العلماء مما قالته العرب على أصله وأشذته ومنها أسماء مبنية بالزيادة تشبه المصادر في وزنها وتخالفها في بعض حركاتها للفصل بين الاسم والمصدر فما كان على يَفعِل فالمصدر منه على مَفَعل كالمفرّ والمَضرب لم يشذ غير المَرجِع قال الله تعالى ( إليه مَرجِعُكم ) والمعذِرة والمعرِفة وقالوا المعجِز والمعجَز في الْعَجز الذي هو ضد العزم وكذلك قالوا في المعجزة والمعجَزة والمعتِبة والمعتَبة والاسم منه على مَفعِل كالمفرِ موضع الفِرار والمضرِب موضع الضرب لم يشذ من هذا إلا ألفاظ جاءت باللغتين أرض مهَلكَة ومهلِكة وَمضرَبَةَ السيف ومضَرِبته ومن المضاعف مَدَبّ النمل ومدبّهَ حيث يدِبّ والمَزلَّة والمَزِلّة موضع الزلل وعِلْق مَضَنّة ومَضِنَّة وما كان على يفعُل فالاسم والمصدر منه مفتوحان حملوه محمل يفعَل إذ لم يكن في الكلام مَفعُل فالزموه الفتح لخفته إلا ألفاظا جاءت بالكسر كالمشرِق والمغرِب والمسجد اسم البيت والمجزِر موضع الجُزارة وجاءت ألفاظ باللغتين بالفتح والكسر كالمَطلَع والمَنِسِك والمسكِن ومَفَرَق الطريق والرأس والمِحشَر والمنبَتِ ومن المضاعف المَذَمّة ومِحَلّ الشيء حيث يحُل وما كان على يفَعل فالاسم والمصدر منه مفتوحان لم يشذَّ من ذلك إلا المَكْبِر يعنون الكِبَر والمحمِدة يريدون الحمد والثلاثية المعتلة بالواو في العين أو اللام والمعتلة بالياء في مصادرها والأسماء المبنية على مَفعَل فرُّوا عن الكسر إلى الفتح لخفته لم يشذ من ذلك إلا المعصية ومأوى الإبل فإنهما مكسوران والمأوَى لغير الإبل مفتوح على أصله وكسروا مأقى العين لم يأت غيره ع ليس مأقى العين مَفِعلا وإنما وزنه فَعْلِى وقد غلط فيه جماعة من العلماء وإنما الياء في آخره للإلحاق وليس له نظير فالحق بمفعِل على التشبيه فلهذا جمعوه على مآقٍ ق واما المعتلة بالياء في عين الفعل فانما ينتهى في مصادرها والأسماء منها إلى الروايات لأنهم قالوا المحيض والمَبيت والمَغيب والمزِيد وهن مصادر وقالوا المَغيض مغيض الماء والمحيض في الأسماء والمصادر وقالوا المَطار والمَنال والممَال في الأسماء والمصادر ومن العلماء من يجيز الكسر والفتح فيها مصادركُنَّ أو أسماء فيقول الممال والمميل والمغَاب والمغيب وفي اشباهها كذلك وتنقلب الواو والياء ألفا في مصادر ذوات الواو والياء كما انقلبت في افعالها كالمُقال والمجُال والمُطار والمُنال والمُقام والمُراح في الرباعي والأفعال السالمة من ذوات الياء في المصادر والأسماء كالمعتلة لم يشذ من ذلك الا المحمِية في الغضب والأنَفَة |
|
08-08-2018, 11:34 PM | #128 |
| وما كان منها فاء فعله واو فالمصدر منه والاسم على مَفِعل بالكسر الزموا العين الكسرة في المفعل اذ كانت لا تفارقها فى يفعِل لم يشذ من هذا الأمورَق اسم رجل ومَوكَل اسم رجل او بلد وجاء فيما كان من هذه البنية على مَفعَل مَوهَب اسم رجل بالفتح وحده والموَحَل موضع الوَحّل باللغتين وطىء تقول في هذه البنية كلها بالفتح ولطىء توسع في اللغات واما مَوحد فمعدول عن واحد ولهذا لم ينصرف انصراف المصادر ومن العرب من يلتزم القياس في مصادر يفعَل وأسمائه فيفتح جميع ذلك وكل حسن والأفعال الرباعية التي على أفعل اذا كانت صحيحة فليس في مصادرها اختلاف انما تأتى على الأفعال كالآكرام والإسراج والإلجام فإذا ارادوا المرة الواحدة قالوا اكرامة واسرِاجة والجامة كالضربة والقَعدة في الثلاثي والمصدر والإسم على مُفعَل بضم الميم كالمُدخل والمُخرج وإذا كانت معتلة العينات جاءت مصادرها بالهاء كالإقامة والأضاعة جعلوها عوضا مماسقط منها وهي الواو من قام والياء من ضاع ومن العرب من يأتى به محذوفا قال الله تعالى ( واقام الصلوة ) وكل حسن ومن العلماء من لايجيز الحذف إلا مع الإضافة وما كان اعتلاله في اللام فان مصادره كمصادر السالم على الأفعال كالإغراء والإرماء ومصادر ذوات الياء السالمة إذا نقلتها إلى الرباعي كذلك كالإِغناء والإِهداء والمصادر بالزيادة منها والأسماء على مُفعَل بفتح العين كالمغُزى والمُدعى وما اشبههما وما كان من الأفعال على فاعلتُ فمصدره على الفِعال والمفاعلة كالنزال والمنُازلة والقتال والمُقاتلة غير افعال يسيرة استغنوا فيها بالمفاعلة عن الفعال مثل عافيته مُعافاة وجازيته مُجازاة وساعى الأمة مساعاة اذا زنى بها والفعل المستقبل قبل الماضى لأنه لم يكن ماضياً حتى كان مستقبلاً تقول هو يفعل فإذا اوعب فعله قلت قد فعل وايضاً فإنهم بنوا الماضي من الأفعال المعتلة على المستقبلة فقالوا أغزيت لما قالوا يُغزى ولو كان الماضي قبل لم تكن ضرورة تضم إلى قلب الواو ياء والإعتلال في الأفعال مخالفة اصل البنية وبنية الفِعْل فَعَل محركاً بالفتح فلما قالوا قال وباع علمنا بظهور الواو في القَول والياء في البيع ساكنتين معتلّتين انهما اصل هاتين الألفين وأنهما وقعتا موقع حركة فقلبثا ألفا لفتحة فاء الفعل التي قبلهما ألا ترى أن الواو لماصحت في الهوى والعَور والحوَل وما اشبهها صحت في أفعالها فلم تنقلب والياء والواو في غزا ورمى مثلهما في قال وباع اذ اعتلالهما لا مات اشدُّ من اعتلالهما عيناتٍ وليس يعتل الفعل الثلاثي بوقوع حروف اللين في فائه فأما علة يَعِدو يَزِن وأشباههما فإن الكسرة في المضارع اوجبت سقوط فاء الفعل فيه والأفعال الثلاثية كلها ضربان ضربٌ لا يتعدى مثل قام وقعد وضَرب يتعدى مثل ضرب وأكل فإذا أردت أن تعدى ما لا يتعدى عديته إلى الزمان والمكان والأشخاص بحروف الصفات وبنقله إلى الرباعي مثل أَقمته واقعدته ع وبتشديد عين الفعل ق وتعدى الفعل المتعدى إلى مفعول واحد إلى مفعولين ايضاً بنقله إلى الرباعي مثل أركبتك فرساً وأعمرتك داراً وما كان على فَعِل من ذوات الياء في لامه فان مصدره يكتب بالياء كالهوى والجَوى والعمى إلا ما كانت الواو ظاهرة في مؤنثه فإنه يكتب بالألف كالعَشا في العين والقنَا في الأنف والعَثا كثرة الشعر في الوجه لأنك تقول في مؤنثه عشواء وقَنواء وعَثوا وَعثواء والأفعال الثلاثية من ذوات الياء والواو في لاماتها ومصادرها تكتب منها ما كان اصله الواو بالألف وما كان اصله الياء بالياء وما كان بهما كتبت بالأعم فيه وإن استوت اللغتان فيه كتبت بما شئت منهما وإذا نقلت الثلاثي من ذوات الواو إلى الرباعي أو الخماسى أو السداسي قلبت الواو ياء مثل اغزيت وغازيت واستغزيت وكذلك كل مابنى منها من مُغزَى ومُغازَى ومُستغزىً واشباهها تعود و أواتها ياءات في الخط والتثنية وكذلك افعل منها مثل أعشى وأقنى وظهور الواو والياء في المصادر يدلك على أفعالها الواوية واليائية والواو إذا كانت عين الفعل تنقلب ياءً في المصادر إذا جاءت على فعال كالصيام والقيام وهذا حكمها في الجمع كِثياب وحِياض وكذلك تنقلب إذا كانت فاء الفعل في المصادر كالايغاد والأَيجاب وكذلك الهمزة إذا كانت فاء الفعل تنقلب في مصادر الرباعي ياء كالايلاف والايجار وكذلك تنقلب في مِفعال كمِيزان ومِيعاد والصفات في الألوان تأتى اكثر افعالها الثلاثية على فَعِل الا أُدِم وشُهِب وقُهِب وكُهِب وسُمِر وصدُؤ الفرس وصدِىء فإنها أتت بالضَم والكسر وتدخل الزيادة في بعضها فتكون على افعلَّ اخضرَّ وإِصفرَّ وإِحمرَّ وإِدهمَّ واسودَّ وابيضَّ وافعالَّ جائز فيها والصفات بالجمَال والقبح والعلل والأعراض تأتى افعالها على فَعِل الأعجِف وحُمِق وخُرِق وكُدِر الماء وغيره فانها جاءت بالضم والكسر وقد جاء منه شىء على فُعل نحو خُشن الشيء خُشونة وخُشونة ورُعن رعُنا ورُعونة وقال الأصمعي وعجُم عُجمة وعُجومة ومؤنث أفعَل من الصفات فعلاء ولا ينصرفان في معرفة ولا نكرة وقد تأتي الصفات في الادواء والعلل أيضاَ على فَعِلٍ وفعِيلٍ وافعالها على فِعل كدِنفٍ وسقيم وعلى فَعْلان كسكران وغضبان ومؤنث هذين على فعلى ولا ينصرفان في معرفة ولا نكرة اتَبعوا المذكر في ذلك المؤنث كما فعلوا بأفعل وفعلاء والصفات على فعيل والأخلاق اكثر افعالها على فَعُل مثل كَرُم وجمُل وفقُه وظرُف ومنها ما يكون بمعنى فاعل مثل عليم وقدير وحفيظ وكريم ومنها ما يكون بمعنى مُفعِل مثلِ داع سميع وعذاب أليم ومنها ما يكون بمعنى مفعول كقتيل وجريح فليس يدرك بقياس إنما ينتهي فيه إلى السماع وجاءت صفات على أفعلَ ذكر سيبويه ان العرب لم تكلم لها بافعال ولكن بنتها بناء أضدادها وهي الأغلب والأزبر العظيم الزبرة وهو الكاهل والأهضم والأذن والأخلق والأملس والأنوك والأخرم والأقطع والأجذم للمقطوع اليد وقد جاء في كتاب العين وغيره لبعضها أفعال ذكرتها في مواضعها والقياس يصحبها والأمْيَل الذي لا سلاح معه والأشيب وقالوا في هذين استغنوا بمال عن مَيِل وبشاب عن شَيِب شبهوه بشاخ وقالوا صَيِد في فعل الأصيد والأمر والنهىِ من الفعل المستقبل ليس من الماضي وأقل ما بنيت عليه الأسماء والأفعال ثلثة أحرف فما رأيته ناقصاً عنها فاعلم ان التضعيف دخله مثل فرّوردّ وما زاد على ثلثة احرف فبحروف الزوائد الداخلة فيه وما كان على ثلثة أحرف منها مفتوح العين فإن ألفاعل منها فاعل كضارب وقاتِل والذي يقع به الفعل مفعول كمضروب ومقتول وما كان منها مضموم العين فالفاعل منه فعيل ككريم وقبيح لأنه إنما يقع في الذوات وما كان مكسور العين لعلة أو شبيه بها فالفاعل منه على فَعِل كعَمٍ ونَزِقٍ وقد يأتى هذا المكسور لغير علة كعامل ولاحق ولاحس وما كان رباعياً فالفاعل منه مُفعِل كمسرج وملجم والمفعول منه مُفعَل كمسرج وملجم واعراب الفعل بالرفع والنصب والجزم ولا يدخله الخفض إذ لا يكون إلا بالإضافة والإضافة إنما تكون إلى الشيء الثابت والفعل حركة متقضية وأيضا فإنه دلالة فكر هو أن يجمعوا بين دلالتين هذا جملة ما يحتاج المتأدب إليه في الأفعال وما يتصرف منها وبالله العون ومنه التوفيق |
|
08-08-2018, 11:35 PM | #129 |
| أقسام الشعر من كتاب الشعر والشعراء لابن قتيبة الدينوري قال أبو محمد: تدبرت الشعر فوجدته أربعة أضرب. ضربٌ منه حسن لفظه وجاد معناه، كقول القائل في بعض بني أمية: في كَفِّهِ خَيْزُرَانٌ رِيحُهُ عَبقٌ ... مِنْ كَفِّ أَرْوَعَ في عرْنِينِهِ شممُ يغْضِى حَيَاءً ويُغْضَى مِنْ مَهَابَتِةِ ... فَما يُكلَّمُ إلَّا حِينَ يَبْتَسِمُ لم يقل في الهيبة شيءٌ أحسن منه. وكقول أوس بن حجر: أيَّتُهَا النَّفْسُ أَجْمِلى جَزَعَا ... إنَّ الَّذِي تَحْذرِينَ قَدْ وَقَعَا لم يبتدى أحدٌ مرثيةٌ بأحسن من هذا. وكقول أبي ذؤيبٍ: والَّنْفُس رَاغِبَةٌ إذَا رَغَّبْتَهَا ... وإذَا تُرَد إلَى قَلِيلٍ تَقْنَعُ حدثني الرياشي عن الأصمعي، قال: هذا أبدع بيت قاله العرب. وكقول حميد بن ثورٍ: أَرَى بَصَرِي قَدْ رَابَني بَعْدَ صِحَّةٍ ... وحَسْبُكَ دَاءً أَنْ تَصِحَّ وتَسْلَمَا ولم يقل في الكبر شيءٌ أحسن منه. وكقول النابغة: كِلِينِي لِهَمٍّ يَا أُمَيْمَةَ نَاصِبِ ... ولَيْلٍ أُقَاسِيهِ بَطِىءِ الكَوَاكِب لم يبتدى أحدٌ من المتقدمين بأحسن منه ولا أغرب. ومثل هذا في الشعر كثيرٌ، ليس للإطالة به في هذا الموضع وجهٌ، وستراه عنه ذكرنا أخبار الشعراء. وضربٌ منه حسن لفظه وحلا، فإذا أنت فتشته لم تجد هناك فائدة في المعنى، كقول القائل: ولَمَّا قَضَيْنَا مِنْ مِنًى كُلَّ حَاجةٍ ... ومَسَّحَ بِالأَرْكانِ مَنْ هُوَ مَاسِحُ وشُدَّتٌ على حُدْبِ المَهَارِى رحَالُنَا ... ولا يَنْظُرُ الغَادِي الذي هُوَ رَائحُ أَخَذْنَا بِأَطْرافِ الأَحَادِيثِ بَيْنَنَاوسَالَتْ بِأَعْنَاقِ المَطِىِّ الأَبَاطِحُ هذه الألفاظ كما ترى أحسن شيءٍ مخارج ومطالع ومقاطع، وإن نظرت إلى ما تحتها من المعنى وجدته: ولما قطعنا أيام منى، واستلمنا الأركان، وعالينا إبلنا الأنضاء، ومضى الناس لا ينتظر الغادي الرائح، ابتدأنا في الحديث وسارت المطي في الأبطح. وهذا الصنف في الشعر كثيرٌ. ونحوه قول المعلوط: إِنَّ الذين غَدَوْا بُلِّبكَ غادَرُوا ... وَشَلاً بِعَيْنِكَ مَا يَزَالُ مَعِينَا غيَّضْنَ مِنْ عَبَرَاتِهِنَّ وقُلْنَ لي ... مَاذَا لَقِيتَ مِنَ الْهَوَى ولَقِينَا ونحوه قول جريرٍ: يا أُخْتَ نَاجِيَةَ السَّلَامُ عَلَيْكُمُ ... قَبْلَ الرَّحِيلِ وقَبْلَ لَوْمِ العُذَّل لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّ آخِرَ عَهْدكُمْ ... يَوْمُ الرَّحِيل فَعَلْتُ ما لم أَفْعَل وقوله: بَانَ الخلِيطُ ولوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا ... وقَطَعُوا مِنْ حِبَالِ الوَصْل أَقْرَانَا إِنَّ العُيُونَ التي في طَرْفِهَا مَرَضٌ ... قَتَّلْنَنَا ثُمَّ لم يُحيينَ قَتْلاَنَا يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حتى لَا حَرَاكَ بِهِ ... وهُنَّ أَضْعَفُ خَلْق اللهِ أَرْكانا وضربٌ منه جاد معناه وقصرت ألفاظه عنه، كقول لبيد بن ربيعة: ما عَاتَبَ المَرْءَ الْكَريمَ كَنَفْسِهِ ... والمَرْءُ يُصْلِحُهُ الجَلِيسُ الصَّالِحُ هذا وإن كان جيد المعنى والسبك فإنه قليل الماء والرونق. وكقول النابغة للنعمان: خَطَاطِيفُ حُجْنٌ في حِبَالٍ مَتِينَةٍ ... تَمُدُّ بِهَا أَيْدٍ إلَيْكَ نَوَازِعُ قال أبو محمد: رأيت علماءنا يستجدون معناه، ولست أرى ألفاظه جياداً ولا مبينةً لمعناه، لأنه أراد: أنت في قدرتك على كخطاطيف عقفٍ يمد بها، وأنا كدلوٍ تمد بتلك الخطاطيف، وعلى أني أيضاً لست أرى المعنى جيداً. وكقول الفرزدق: والشَّيْبُ يَنْهَضُ في الشَّبَاب كأَنَّه ... لَيْلٌ يَصِيحُ بجَانِبَيْهِ نَهَارُ وضربٌ منه تأخر معناه وتأخر لفظه، كقول الأعشى في امرأةٍ: وفُوها.....كَأَقَاحِيَّ ... غَذَاهُ دَائمُ الهَطْلِ كما شِيبَ برَاحٍ بَا ... رِد مِنْ عَسَل النَّحْل وكقول: إنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ مُرْتَحَلا ... وإِنَّ في السَّفْرِ ما مَضَى مَهَلا اسْتَأْثَرَ اللهُ بِالوَفَاءِ وَبِاْل ... حَمْدِ وَوَلَّى المَلَامَةَ الرَّجُلا والأَرْضُ حَمَّالَةٌ لمَا حَمَّلَ الَّل ... هُ وَمَا إِنْ تَرُدُّ ما فَعَلَا يَوْماً تَرَاهَا كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الْ ... عَصْب ويَوْماً أَدِيمُهَا نَغِلَا وهذا الشعر منحولٌ، ولا أعلم فيه شيئاً يستحسن إلا قوله: يَا خَيْرَ مَنْ يَرْكَبُ الْمَطِىَّ ولَا ... يَشْرَبُ كَأْساً بِكَفِّ مَنْ بَخِلَا يريد أن كل شاربٍ يشرب بكفه، وهذا ليس ببخيل فيشرب بكف من بخل، وهو معنًى لطيف. وكقول الخليل بن أحمد العروضي: إِنَّ الخَليطَ تَصَدَّعْ ... فَطِرْ بِدَائِكَ أَوْقَعْ لَوْلَا جَوَارٍ حِسَانٌ ... حُورُ الْمَدَامِع أَرْبَعْ أُمُّ البَنِينَ وأَسْمَا ... ءٌ والرَّبَابُ وبَوْزَعْ لَقُلْتُ لِلرَّاحِلِ ارْحَلْ ... إِذَا بدا لَكَ أَوْ دَعْ وهذا الشعر بين التكلف ردىء الصنعة. وكذلك أشعار العلماء، ليس فيها شيءٌ جاء عن إسماحٍ وسهولة، كشعر الأصمعي، وشعر ابن المقفع وشعر الخليل، خلا خلفٍ الأحمر، فإنه كان أجودهم طبعاً وأكثرهم شعراً. ولو لم يكن في هذا الشعر إلا أم البنين وبوزع لكفاه! فقد كان جررٌ أنشد بعض خلفاء بني أمية قصيدته التي أولها: بانَ الخَلِيطُ بِرَامَتَيْنِ فَوَدَّعُوا ... أَوَ كُلَّمَا جَدُّوا لِبَيْنٍ تَجْزَعُ كَيْفَ العَزَاءُ ولم أَجِدْ مُذْ بِنْتُمُ ... قَلْباً يَقِرُّ ولا شَرَاباً يَنْقَعُ وهو يتحفز ويزحف من حسن الشعر، حتى إذا بلغ إلى قوله: وتَقُولُ بَوْزَعُ قَدْ دَبَبْتَ عَلَى العَصَاهَلاَّ هَزِئْتِ بِغَيْرِنَا يَا بَوْزَعُ قال له: أفسدت شعرك بهذا الاسم وفتر. قال أبو محمد: وقد يقدح في الحسن قبح اسمه، كما ينفع القبيح حسن اسمه، ويزيد في مهانة الرجل فظاعة اسمه، وترد عدالة الرجل بكنيته ولقبه. ولذلك قيل: اشفعوا بالكنى، فإنها شبهةٌ. وتقدم رجلان إلى شريحٍ، فقال أحدهما: ادع أبا الكويفر ليشهد، فتقدم شيخٌ فرده شريحٌ ولم يسأل عنه، وقال: لو كنت عدلاً لم ترض بها، ورد آخر يلقب أبا الذبان ولم يسأل عنه. وسأل عمر رجلاً أراد أن يستعين به على أمرٍ عن اسمه واسم أبيه، فقال: ظالم بن سراق، فقال: تظلم أنت ويسرق أبوك ولم يستعن به. وسمع عمر بن عبد العزيز رجلاً يدعو رجلاً: يأبا العمرين، فقال: لو كان له عقلٌ كفاه أحدهما! ومن هذا الضرب قول الأعشى: وقَدْ غَدَوْتُ إلى الحَانُوتِ يتْبَعُني ... شَاوٍ مِشَلٌّ شَلُولٌ شُلْشَلٌ شَوِل وهذه الألفاظ الأربعة في معنىً واحد، وكان قد يستغنى بأحدها عن جميعها، وماذا يزيد هذا البيت أن كان للأعشى أو ينقص؟ وقول أبي الأسد، وهو من المتأخرين الأخفياء: ولَائِمَة لَامَتْكَ يَا فَيْضُ في النَّدَىفَقُلْتَ لَها لَنْ يَقْدَحَ اللَّوْمُ في البَحْرِ أَرَادَتْ لِتَثْنِي الفَيْضَ في كُلِّ بَلْدَةٍمَوَاقِعُ ماءِ المُزْنِ في البَلَدِ القَفْر لتثنى الغيض عن عادة الندى ... ومن ذا الذي يثني السحاب عن القطر مَوَاقِعُ جَوُدِ الفَيْضِ في كُلِّ بَلْدَةٍمَوَاقِعُ ماءِ المُزْنِ في البَلَدِ القَفْر كَأَنَّ وُفُودَ الفَيْضِ حِينَ تَحَمَّلُواإلى الْفَيِض وَافَوْا عْندَةُ لَيْلَةَ القَدْرِ وهو القائل: لَيْتَكَ آذَنْتَنِي بِوَاحدَاةٍ ... تَكُونُ لي مِنْكَ سَائِرَ الأَبَدِ تَحْلِفُ أَلاَّ تَبَرَني أَبَداً ... فَإنَّ فِيهَا بَرْداً على كَبدِي إِنْ كانَ رِزْقي إِلَيْكَ فَارْمِ بِهِ ... في نَاظِرَيْ حَيَّةٍ على رَصَدِ ومن هذا الضرب أيضاً قول المرقش: هَلْ بِالدِّيَارِ أَنْ تُجِيبَ صَمَمْ ... لَوْ أَنَّ حَيًّا نَاطِقاً كَلمْ يَأْبي الشَّبَابُ الأَقْوَرِينَ ولاَ ... تَغْبِطْ أَخَاكَ أَنْ يُقَالَ حَكَمْ والعجب عندي من الأصمعي، إذ أدخله في متخيره، وهو شعرٌ ليس بصحيح الوزن ولا حسن الروى، ولا متخير اللفظ، ولا لطيف المعنى ولا أعلم فيه شيئاً يستحسنُ إلا قوله: النَّشرُ مِسْك والوُجُوهُ دنَا ... نِيرُ وأَطْرَاف الأَكُفِّ عَنَمْ ويستجاد منه قوله: لَيْسَ على طُولِ الحيَاةِ نَدَمْ ... ومنْ وَرَاءِ المَرْء مَا يُعْلَمْ وكان الناس يستجيدون للأعشى قوله: وكَأْسٍ شَرِبْتُ على لَذةٍ ... وأُخْرَى تَدَاوَيْتُ منْهَا بهَا حتى قال أبو نواس: دَعْ عَنْكَ لَوْمي فَإنَّ اللَّوْمَ إِغْرَاءُ ... وَدَاوِني بالتي كانَتْ هِي الدَّاءُ فسلخه وزاد فيه معنًى آخر، اجتمع له به الحسنُ في صدره وعجزه، فللأعشى فضل السبق إليه، ولأبي نواسٍ فضل الزيادة فيه. وقال الرشيد للمفضل الضبي: اذكر لي بيتاً جيد المعنى يحتاج إلى مقارعة الفكر في استخراج خبيئه ثم دعني وإياه، فقال له المفضل: أتعرف بيتاً أوله أعرابي في شملته، هاب من نومته، كأنما صدر عن ركبٍ جرى في أجفانهم الوسن فركد، يستفزهم بعنجهية البدو، وتعجرف الشدو، وآخره مدني رقيق، قد غذى بماء العقيق؟ قال: لا أعرفه، قال: هو بيت جميل بن معمر: أَلاَ أَيُّهَا الرَّكْبُ النيَامُ أَلاَ هُبُّوا ثم أدركته رقة المشوق، فقال: أسائلكم: هل يقتل الرجل الحب؟ قال: صدقت، فهل تعرف أنت الآن بيتاً أوله أكثم بن صيفي في إصالة الرأي ونبل العظة، وآخره إبقراط في معرفته بالداء والدواء؟ قال المفضل: قد هولت علي، فليت شعري بأي مهرٍ تفترع عروس هذا الخدر؟ قال: بإصغائك وإنصافك، وهو قول الحسن بن هاني: دَعْ عَنْكَ لَوْمي فَإنَّ اللَّوْمَ إِغْرَاءُ ... وَدَاوِني بالتي كانَتْ هِي الدَّاءُ قال أبو محمد: وسمعت بعض أهل الأدب يذكر أن مقصد القصيد إنما ابتدأ فيها بذكر الديار والدمن والآثار، فبكى وشكا، وخاطب الربع، واستوقف الرفيق، ليجعل ذلك سبباً لذكر أهلها الظاعنين عنها، إذ كان نازلة العمد في الحلول والظغن على خلاف ما عليه نازلة المدر، لانتقالهم عن ماءٍ إلى ماءٍ، وانتجاعهم الكلأ، وتتبعهم مساقط الغيث حيث كان. ثم وصل ذلك بالنسيب، فشكا شدة الوجد وألم الفراق وفرط الصبابة، والشوق، ليميل نحوه القلوب، ويصرف إليه الوجوه، وليستدعي به إصغاء الأسماع إليه، لأن التشبيب قريبٌ من النفوس، لأئطٌ بالقلوب، لما قد جعل الله في تركيب العباد من محبة الغزل، وإلف النساء، فليس يكاد أحدٌ يخلو من أن يكون متعلقاً منه بسببٍ، وضارباً فيه بسهمٍ، حلالٍ أو حرامٍ، فإذا علم أنه قد استوثق من الإصغاء إليه، والاستماع له، عقب بإيجاب الحقوق، فرحل في شعره، وشكا النصب والسهر وسرى الليل وحل الهجير، وإنضاء الراحلة والبعير، فإذا علم أنه قد أوجب على صاحبه حق الرجاء، وذمامة التأميل وقرر عنده ما ناله من المكاره في المسير، بدأ في المديح، فبعثه على المكأفاة، وهزه للسماح، وفضله على الأشباه، وصغر في قدره الجزيل. فالشاعر المجيد من سلك هذه الأسالب، وعدل بين هذه الأقسام، فلم يجعل واحداً منها أغلب على الشعر، ولم يطل فيمل السامعين، ولم يقطع وبالنفوس ظمآءٌ إلى المزيد. فقد كان بعض الرجاز أتى نصر بن سيارٍ وإلى خراسان لبنى أمية، فمدحه بقصيدةٍ، تشبيبها مائة بيتٍ، ومديحها عشرة أبياتٍ، فقال نصرٌ: والله ما بقيت كلمةٌ عذبةً ولا معنى لطيفاً إلا وقد شغلته عن مديحي بتشبيبك، فإن أردت مديحي فاقتصد في التسيب، فأتاه فأنشده، هَلْ تَعْرِفُ الدَّارَ لأُمِّ الغَمْرِ ... دَعْ ذَا وحَبّرْ مدْحَةً في نَصْرِ فقال نصر: لا ذلك ولا هذا ولكن بين الأمرين. وقيل لعقيل بن علفة: ما لك لا تطيل الهجاء؟ فقال: يكفيك من القلادة ما أحاط بالعنق. وقيل لأبي المهوش الأسدي: لم لا تطيل الهجاء؟ فقال: لم أجد المثل السائر إلا بيتاً واحداً. وليس لمتأخر الشعراء أن يخرج عن مذهب المتقدمين في هذه الأقسام، فيقف على منزلٍ عامر، أو يبكى عند مشيد البنيان، لأن المتقدمين وقفوا على المنزل الداثر، والرسم العافي. أو يرحل على حمارٍ أو بغلٍ ويصفهما، لأن المتقدمين رحلوا على الناقة والبعير، أو يرد على المياه العذاب الجواري، لأن المتقدمين وردوا على الأواجن الطوامي. أو يقطع إلى الممدوح منابت النرجس والآس والورد، لأن المتقدمين جروا على قطع منابت الشيح والحنوة والعرارة. قال خلفٌ الأحمر: قال لي شيخٌ من أهل الكوفة، أما عجبت من الشاعر قال: أَنْبَتَ قَيْصُوماً وجَثْجَاثَا فاحتمل له، وقلت أنا: أَنْبَتَ إِجَّاصاً وتُفَّاحَا فلم يحتمل لي؟ وليس له أن يقيس على اشتقاقهم، فيطلق ما لم يطلقوا. قال الخليل بن أحمد: أنشدني رجلٌ: تَرَافعَ العِزٌّ بِنَا فارْفَنْعَعا فقلت. ليس هذا شيئاً، فقال: كيف جاز للعجاج أن يقول: تَقاعَسَ العزُّ بِنَا فَاقْعَنْسَسا ولا يجوز لي؟! ومن الشعراء المتكلف والمطبوع: فالمتكلف هو الذي قوم شعره بالثقاف، ونقحه بطول التفتيش، وأعاد فيه النظر بعد النظر، كزهيرٍ والحطيئة، وكان الأصمعي يقول: زهيرٌ والحطيئة وأشباههما من الشعراء عبيد الشعر، لأنهم نقحوه ولم يذهبوا فيه مذهب المطبوعين، وكان الحطيئة يقول: خير الشعر الحولي المنقح الممحكك. وكان زهيرٌ يسمى كبر قصائده الحوليات. وقال سويد بن كراعٍ، يذكر تنقيحه شعره: أَبِيتُ بِأَبْوابِ القَوَافي كَأَنَّمَا ... أُصَادي بها سِرْباً مِنَ الوَحْش نُزَّعَا أُكَالِئُهَا حَتَّى أعَرِّسَ بَعْدَ ما ... يكُونُ سُحَيْراً أَوْ بُعْيَدُ فأَهْجَعا إِذَا خفْتُ أَنْ تُرْوَى علَّى رَدَتْتُهَاوَرَاءَ التَّرَاقيِ خَشْيَةً أَنْ تَطَلَّعا وَجَشَّمَني خَوفُ ابْنِ عَفَّانَ رَدَّهَا ... فَثَقَّفْتُهَا حَوْلاً جَرِيداً ومَرْبَعا وقَدْ كان في نَفْسِي عليْها زِيَادَةٌ ... فَلَمْ أَرَ إلاَّ أَنْ أُطِيعَ وأَسْمَعا وقال عدي بن الرقاع: وقَصيدَةٍ قَدْ بِت أَجْمَعُ بَيْنَها ... حَتَّى أُقَوِّمَ مَيْلَها وسِنَادَها نَظَرَ المُثَقِّفِ في كُعُوبِ قَنَاتِهِ ... حَتَّى يُقِيمَ ثِقَافُهُ مُنَآدَها وللشعر دواعٍ تحث البطىء وتبعث المتكلف، منها الطمع، ومنها الشوق، ومنها الشراب، ومنها الطرب، ومنها الغضب. وقيل للحطيئة، أي الناس أشعر؟ فأخرج لساناً دقيقاً كأنه لسان حية، فقال: هذا إذا طمع. وقال أحمد بن يوسف الكاتب لأبي يعقوب الخريمي: مدائحك لمحمد بن منصور بن زياد، يعني كاتب البرامكة، أشعر من مراثيك فيه وأجود؟ فقال: كنا يومئذ نعمل على الرجاء، ونحن اليوم نعمل على الوفاء، وبينهما بونٌ بعيد. وهذه عندي قصة الكميت في مدحه بني أمية وآل أبي طالبٍ، فإنه كان يتشيع وينحرف عن بني أمية بالرأي والهوى، وشعره في بني أمية أجود منه في الطالبيين، ولا أرى علة ذلك إلا قوة أسباب الطمع وإيثار النفس لعاجل الدنيا على آجل الآجرة. وقيل لكثيرٍ: يأبا صخرٍ كيف تصنع. إذا عسر عليك قول الشعر؟ قال: أطوف في الرباع المخلية والرياض المعشبة، فيسهل علي أرصنه، ويسرع إلى أحسنه. ويقال أيضاً إنه لم يستدع شارد الشعر بمثل الماء الجاري والشرف العالي والمكان الخضر الخالي. وقال الأحوص: وأَشْرَفْتُ في نَشْزٍ مِنَ الأَرْضِ يَافِعٍوقَدْ تَشْعَفُ الأَيْفَاعُ مَنْ كانَ مُقْصَدا وإذا شعفته الأيفاع مرته واستدرته. وقال عبد الملك بن مروان لأرطاة بن سهية: هل تقول الآن شعراً؟ فقال: كيف أقول أنا للشنفري ما أشرف ولا أطرب ولا أغضب، وإنما يكون الشعر بواحدة من هذه. وقيل للشنفري حين أسر: أنشد، فقال: الإنشاد على حين المسرة، ثم قال: فَلاَ تَدْفنُوني إِنَّ دَفني مُحَرَّمٌ ... عليْكُمْ ولكِنْ خَامِرِي أَمَّ عَامِر إِذَا حَمَلُوا رأسِي وفي الرأسِ أَكثَرِى ... وغودِرَ عِنْدَ المُلْتَقَى ثَمَّ سَائِرى هُنالِكَ لاَ أَرْجُو حَيَاةً تَسُرُّني ... سَميَر الليالي مُبْسَلاً بالجَرَائرِ وللشعر تاراتٌ يبعد فيها قريبه، ويستصعب فيها ريضه. وكذلك الكلام المنثور في الرسائل والمقامات والجوابات، فقد يتعذر على الكاتب الأديب وعلى البليغ الخطيب، ولا يعرف لذلك سببٌ، إلا أن يكون من عارض يعترض على الغريزة من سوء غذاءٍ أو خاطر غم. وكان الفرزدق يقول: أنا أشعر تميمٍ عند تميمٍ، وربما أتت على ساعةٌ ونزع ضرس أسهل على من قول بيت. وللشعر أوقاتٌ يسرع فيها أتيه، ويسمح فيها أبيه. منها أول الليل قبل تغشى الكرى، ومنها صدر النهار قبل الغداء، ومنها يوم شرب الدواء، ومنها الخلوة في الحبس والمسير. ولهذه العلل تختلف أشعار الشاعر ورسائل الكتاب. وقالوا في شعر النابغة الجعدي: خمارٌ بواف ومطرفٌ بآلاف. ولا أرى غير الجعدي في هذا الحكم إلا كالجعدي، ولا أحسب أحداً من أهل التمييز والنظر، نظر بعين العدل وترك طريف التقليد، يستطيع أن يقدم أحداً من المتقدمين المكثرين على أحد من إلا بأن يرى الجيد في شعره أكثر من الجيد في شعر غيره. ولله در القائل: أشعر الناس من أنت في شعره حتى تفرغ منه. وقال العتبي: أنشد مروان بن أبي حفصة لزهير فقال: زهير أشعر الناس، ثم أنشد للأعشى فقال: بل هذا أشعر الناس، ثم أنشد لامرىء القيس فكأنما سمع به غناءً على شراب، فقال: امرؤ القيس والله أشعر الناس. وكل علمٍ محتاجٌ إلى السماع. وأحوجه إلى ذلك علم الدين، ثم الشعر، لما فيه من الألفاظ الغريبة، واللغات المختلفة، والكلام الوحشي، وأسماء الشجر والنبات والمواضع والمياه. فإنك لا تفصل في شعر الهذليين إذا أنت لم تسمعه بين شابة وساية وهما موضعان ولا تثق بمعرفتك في حزم نبايع، وعروان الكراث، وشسى عبقر، وأسد حلية، وأسد ترجٍ، ودفاقٍ، وتضارع، وأشباه هذا لأنه لا يلحق بالذكاء والفطنة، كما يلحق مشتق الغريب. وقرىء يوماً على الأصمعي في شعر أبي ذؤيب: بِأَسْفَل ذاتِ الدَّيْرِ أُفْرِدَ جَحْشُهَا فقال أعرابي حضر المجلس للقارىء: ضل ضلالك أيها القارىء! إنما هي ذات الدبر وهي ثنيةٌ عندنا، فأخذ الأصمعي بذلك فيما بعد. ومن ذا من الناس يأخذ من دفتر شعر المعذل بن عبد الله في وصف الفرس: |
|
08-08-2018, 11:36 PM | #130 |
| مِنَ السُّحِّ جَوالاً كَأَنَّ غُلاَمَهُ ... يُصَرِّف سِبْداً في العنَان عَمَّردَا إلا قرأه سيداً يذهب إلى الذئب، والشعراء قد تشبه الفرس بالذئب وليست الرواية المسموعة عنهم إلا سبداً قال أبو عبيدة: المصحفون لهذا الحرف كثير، يروونه سيداً أي ذئباً، وإنما هو سبدٌ بالباء معجمة بواحدة، يقال فلانٌ سبدٌ أسبادٍ أي داهية دواه. وكذلك قول الآخر: زَوْجُكِ يا ذاتَ الثَّنَايَا الغُرِّ ... الرِّتِلاَتِ والجَبِينِ الحُرِّ يرويه المصحفون والآخذون عن الدفاتر الربلات وما الربلات من الثنايا والجبين؟ وهي أصول الفخذين، يقال: رجل أربل إذا كان عظيم الربلتين، أي عظيم الفخذين وإنما هي الرتلات بالتاء يقال: ثغرٌ رتلٌ إذا كان مفلجاً. وليس كل الشعر يختار ويحفظ على جودة اللفظ والمعنى، ولكنه قد يختار ويحفظ على أسبابٍ: منها الإصابة في التشبيه، كقول القائل في وصف القمر: بَدَأَنَ بنا وابْنُ اللَّيَالي كَأَنَّهُ ... حُسَامٌ جَلَتْ عَنْهُ القُيُونُ صَقِيلُ فما زِلْتُ أُفْنى كُلَّ يَوْمٍ شَبَابَهُ ... إلى أَنْ أَتَتْكَ العيسُ وهْوَ ضَئِيلُ وكقول الآخر في مغن: كَأَنَّ أَبَا الشُّمُوس إِذَا تَغَنَّى ... يُحَاكي عَاطِساً في عَيْنِ شَمْسِ يَدُوكُ بلَحْيِهِ طَوْراً وطَوْراً ... كَأَنَّ بلَحْيِهِ ضَرَبَانَ ضِرْسِ وقد يحفظ ويختار على خفة الروى، كقول الشاعر: يا تَمْلكُ يَا تَمْلي ... صِليني وذَرِى عَذْلِى ذَريني وسِلاَحي ثُ ... مَّ شُدَّى الكفَّ بِالغَزْلِ ونَبْلى وفُقَاهَا كَعَ ... رَاقِيبِ قَطاً طُحْلِ ومِنِّى نَظْرَةٌ بَعْدِي ... ومِنَّى نَظْرَةٌ قَبْلي وثَوْبَاىَ جَدِيدَانِ ... وأُرْخِى شُرْكَ النَّعْل وإِمَّا مُتُّ يا تَمْلي ... فَكُونِي حُرَّةً مِثْلي وهذا الشعر مما اختاره الأصمعي بخفة رويه. وكقول الآخر: ولَو أُرْسِلْتُ مِنْ حُب ... كِ مَبْهُوتاً مِنَ الصِّينْ لَوَافَيْتُكِ قَبْل الصُّب ... حِ أَوْ حِينَ تُصَلِّينْ وكان يتمثل بهذا كثيراً وقال: المبهوت من الطير الذي يرسل من بعد قبل أن يدرج. وقد يختار ويحفظ لأن قائله لم يقل غيره، أو لأن شعره قليلٌ عزيز، كقول عبد الله بن أبي بن سلولٍ المنافق: مَتَى ما يَكُنْ مَوْلاَكَ خَصْمَكَ لا تَزَلْ ... تَذِلُّ ويَعْلُوكَ الَّذِينَ تُصَارِعُ وهلْ ينْهَضُ البَازِي بَغْيرِ جَنَاحِهِ ... وإنْ قُصَّ يَوْماً رِيشُهُ فَهْوَ وَاقِعُ وقد يختار ويحفظ لأنه غريبٌ في معناه، كقول القائل في الفتى: لَيَس الفَتَى بفتًى لا يُسْتَضَاءُ بِهِ ... ولا يكُونُ له في الأَرْضِ آثَارُ وكقول آخر في مجوسي: شهدْتُ عَلَيْكَ بِطِيب المُشَاشِ ... وأَنَّكَ بَحْرٌ جَوَادٌ خِضَمْ وأَنَّكَ سَيِّدُ أَهْلِ الجَحِيمِ ... إذَا مَا تَرَدَّيْتَ فِيمَنْ ظَلَمْ قَرينٌ لِهَامَانَ في قَعْرِهَا ... وفِرْعَوْنَ والمُكْتَنى بالحَكَمْ وقد يختار ويحفظ أيضاً لنبل قائله، كقول المهدي: تُفَّاحَةٌ مِنْ عِنْدِ تُفّاحَةِ ... جَاءَتْ فماذا صَنَعَتْ بالفُؤادْ واللِه ما أَدْرِي أَأَبْصَرْتُها ... يَقْظَانَ أَمْ أَبْصَرْتُهَا في الرُّقَادْ وكقول الرشيد: النَّفْسُ تَطْمَعُ والأَسْبَابٌ عاجِزَةٌوالَّنْفسُ تَهْلِكُ بَيْنَ اليَأْسِ والطَّمعِ وكقول المأمون في رسول: بعَثَتُكَ مُشْتَاقاً فَفُزْتَ بِنَظْرَةٍ ... وأَغْفَلْتَني حتَّى أَسَأْتُ بِكَ الظَّنَّا ونَاجَيْتَ مَنْ أَهْوَى وكُنْتَ مُقَرَّباًفَيَالَيْتَ شِعْرِي عَنْ دُنُوِّكَ ما أَغْنَى ورَدَّدْتَ طَرْفاً في مَحَاسِنِ وجْهِهَا ... ومَتَّعْتَ باسْتماعِ نَغْمتِهَا أَذُنَا أَرَى أَثَراً مِنْها بِعَيْنَيْكَ لَمْ يَكُنْلقد سَرقَتْ عَيْنَاكَ مِنْ وجْههَا حُسْنَا وكقول عبد الله بن طاهر: أَمِيلٌ مَعَ الذَّمَامِ على ابْنِ عَمِّى ... وأَحْمِلُ للِصَّدِيقِ على الَّشقِيق وإنْ أَلْفَيْتَني مَلِكاً مُطَاعاً ... فإِنَّكَ واجِدِي عَبْدَ الصَّدِيقِ أُفَرِّقُ بَيْنَ مَعْرُوِفي ومَنِّى ... وأَجْمَعُ بَيْنَ مَالي والحُقُوقِ وهذا الشعر شريفٌ بنفسه وبصاحبه. وكقوله: مُدْمِنُ الإِغْضَاء مَوْصُولُ ... ومُدِيمُ العَتْبِ مَمْلُولُ ومَدِينُ البِيضِ في تَعَبٍ ... وغَرِيمُ البِيضِ مَمْطُولُ وأَخُو الوَجْهَيْنِ حَيْثُ وهَي ... بَهَواهُ فَهْوَ مَدْخُولُ وكقول إبراهيم بن العباس لابن الزيات: أَبَا جَعْفَرٍ عَرِّجْ عَلَى خُلَطَائِكَا ... وأقْصِرْ قَلِيلاً مِنْ مَدَى غُلَوَائكا فإِنْ كُنْتَ قَدْ أُوتِيتَ في اليَوْمِ رِفْعَة ... فإِنَّ رَجَائي في غَدِ كَرَجَائِكا والمتكلف من الشعر وإن كان جيداً محكماً فليس به خفاءٌ على ذوي العلم، لتبينهم فيه ما نزل بصاحبه من طول التفكر، وشدة العناء، ورشح الجبين، وكثرة الضرورات، وحذف ما بالمعاني حاجةٌ إليه، وزيادة ما بالمعاني غنًى عنه. كقول الفرزدق في عمر بن هبيرة لبعض الخلفاء: أَوَلَّيْتَ العِرَاقَ ورَافِدَيْهِ ... فَزَارِيَّا أَحَذَّ يَدِ القَمِيصِ يريد: أوليتها خفيف اليد، يعني في الخيانة، فاضطرته القافية إلى ذكر القميص، ورافداه: دجلة والفرات. وكقول الآخر: مِنَ اللَّوَاتي والتي والَّلاتي ... زَعَمْنَ أَنى كَبَرتْ لِدَاتي وكقول الفرزدق: وعَضُّ زَمَانٍ يا ابْنَ مَرْوانَ لم يَدَعْمِنَ المَالِ إِلاَّ مُسْحَتاً أَوْ مُجَلَّفُ فرفع آخر البيت ضرورةً، وأتعب أهل الإعراب في طلب العلة، فقالوا وأكثروا، ولم يأتوا فيه بشيءٍ يرضي، ومن ذا يخفى عليه من أهل النظر أن كل ما أتوا به من العلل احتيالٌ وتمويه؟ وقد سأل بعضهم الفرزدق عن رفعه إياه فشتمه وقال: علي أن أقول وعليكم أن تحتجوا! وقد أنكر عليه عبد الله بن إسحق الحضرمي من قوله: مُسْتَقْبِلِين شَمالَ الشَّأْم تَضْرِبُنَا ... بحَاصِبٍ مِن نَديفِ القُطْن مَنْثُورِ على عَمَاعنا تُلْقِى وأَرْحُلُنا ... على زَوَاحِفَ تُزْجَى مُخُّهَا رِيرُ مرفوعٌ فقال أَلاَّ قلتَ ... على زَوَاحِفَ نُزْجِيهَا مَحَاسيرِ فغضب وقال: فلَوْ كانَ عَبْدُ اللهِ مَوْلًى هَجَوْتُهُ ... ولكِنَّ عبدَ الله مَوْلَى مَوَالِيَا وهذا كثير في شعره على جودته. وتتبين التكلف في الشعر أيضاً بأن ترى البيت فيه مقروناً بغير جاره، ومضموماً إلى غير لفقه، ولذلك قال عمر بن لجإٍ لبعض الشعراء: أنا أشعر منك، قال: وبم ذلك؟ فقال: لأني أقول البيت وأخاه، ولأنك تقول البيت وابن عمه. وقال عبد بن سالم لرؤبة: مت يأبا الجحاف إذا شئت! فقال رؤبة: وكيف ذلك؟ قال: رأيت ابنك عقبة ينشد شعراً له أعجبني، قال رؤبة: نعم، ولكن ليس لشعره قرانٌ. يريد أنه لا يقارن البيت بشبهه. وبعض أصحابنا يقول قرآن بالضم، ولا أرى الصحيح إلا الكسر وترك الهمز على ما بينت. والمطبوع من الشعراء من سمح بالشعر واقتدر على القوافي، وأراك في صدر بيته عجزه، وفي فاتحته قافيته، وتبينت على شعره رونق الطبع ووشى الغزيرة، وإذا امتحن لم يتعلثم ولم يتزحر. وقال الرياشي حدثني أبو العالية عن أبي عمران المخزومي قال: أتيت مع أبي والياً على المدينة من قريش، وعنده ابن مطيرٍ، وإذا مطرٌ جودٌ، فقال له الوالي، صفه، فقال: دعني حتى أشرف وأنظر، فأشرف ونظر، ثم نزل فقال: كَثْرَتْ لِكَثْرَةِ قَطْرِهِ أطْبَاؤُهُ ... فإِذَا تَحَلَّبَ فَاضَتِ الأَطْبَاءُ وكَجَوْفِ ضَرَّتِهِ التي في جَوْفهِ ... جَوْفُ السَّمَاءِ سِبَحْلَةٌ جَوْفَاءُ ولَهُ رَبَابٌ هَيْدَبٌ لِرَفيفِهِ ... قَبلَ التَّبَعُّق ديمَةٌ وطْفَاءُ وكأَنَّ بَارِقَهُ حَرِيقٌ يَلتَقي ... رِيحٌ عليهِ وعَرْفَجٌ وأَلاَءُ وكَأَنَّ رَيّقِهُ ولَمَّا يَحْتَفِلْ ... وَدْقُ السَمَاء عَجَاجَةٌ كَدْرَاءُ مُسْتَضْحِكٌ بِلَوَامِع مُسْتَعْبِرٌ ... بِمَدَامِعٍ لَمْ تَمْرِهَا الأَقْذَاءُ فَلَهُ بِلاَ حُزْنٍ ولا بِمَسَرَّةٍ ... ضَحْكٌ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ وبُكاءُ حَيْرَانُ مُتَّبَعٌ صَبَاهُ تَقُودُهُ ... وجَنُوبُهُ كِنْفٌ لَهُ ووِعاءُ ودَنَتْ لَهُ نَكْبَاؤُهُ حتَّى إِذا ... مِنْ طُولِ مَا لَعِبَتْ بِهِ النَّكْبَاءُ ذَابَ السَّحَابُ فَهُو بَحْرُ كُلُّهُ ... وعلى البُحُور مِنَ السَّحَابِ سَمَاءُ ثَقُلَتْ كُلاَهُ فنَهَّرَتْ أَصْلاَبَهُ ... وتَبَعَّجَتْ مِنْ مَائِهِ الأَحْشَاءُ غَدَقٌ يُنَتِّجُ بالأَبَاطِحِ فُرَّقاً ... تَلِدُ السُيُولَ وما لَهَا أَسْلاَءُ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ دوَالحُِ ضُمِّنَتْ ... حَمْلَ اللِّقَاحِ وكُلُّهَا عَذْرَاءُ سُحْمٌ فَهُنَّ إِذَا كَظَمْنَ فَوَاحِمٌ ... سُودٌ وهُنَّ إِذَا ضَحِكْنَ وِضَاءُ لَوْ كانَ مِن لُجَجِ السَّوَاحِلِ مَاؤُهُ ... لم يَبْقَ مِن لُجَجِ السَّوَاحِل مَاءُ قال أبو محمد: وهذا الشعر، مع إسراعه فيه كما ترى، كثير الوشي لطيف المعاني. وكان الشماخ في سفرٍ مع أصحابٍ له، فنزل يحدو بالقوم فقال: لم يَبْقَ إِلاَّ مِنْطَقٌ وأَطْرَافْ ... ورَيْطَتَانِ وقَمِيصٌ هَفْهَافْ وشُعْبَتَا مَيسٍ بَرَاهَا إِسْكَافْ ... يَا رُبَّ غَازٍ كارِهٍ للأِيجَافْ أَغْدَرَ في الحَيِّ بَرُودَ الأَصْيَافْ ... مُرْتَجَّةَ البُوِص خَضِيبَ الأَطْرافْ ثم قطع به هذا الروى وتعذر عليه، فتركه وسمح بغيره على إثره، فقال: لَمَّا رَأَتْنَا وَاقِفِي المَطِيَّاتْ ... قَامَتْ تَبَدَّى لي بِأَصْلَتِيَّاتْ غُرٍ أَضَاءَ ظَلْمُهَا الثَّنِيَّاتْ ... خَوْدٌ مِنَ الظَّعَائِنِ الضَّمْرِيَّاتْ حَلاّلَةُ الأَوْدِيِة الغَوْرِيَّاتْ ... صَفِىُّ أَتْرَابٍ لَهَا حَيِيَّاتْ مِثْلِ الأَشَاءَاتِ أَوِ البَرْدِيَّاتْ ... أَوِ الغَمَامَاتِ أَو الوَدِيَّات أَوْ كَظِبَاءِ السِّدْرِ العُبْرِيَّاتْ ... يَحْضُنَ بِالقَيْظِ على رَكِيَّاتْ وَضَعْنَ أَنْمَاطاً على زرْبِيَّاتْ ... ثُمَّ جلسْنَ بِرْكَةَ البُخْتِيَّاتْ مَنْ رَاكِبٌ يُهْدِي لَهَا التَّحِيَّاتْ ... أَرْوَعُ خَرَّاجٌ مِنَ الدَّاوِيَّاتْ يَسْرِى إِذَا نَامَ بَنُو السَّرِيَّاتْ قال أبو عبيدة: اجتمع ثلاثةٌ من بني سعد يراجزون بني جعدة، فقيل لشيخٍ من بني سعدٍ: ما عندك؟ قال: أرجز بهم يوماً إلى الليل لا أفثج، وقيل لآخر: ما عندك؟ قال: أرجز بهم يوماً إلى الليل ولا أنكف، وقيل للثالث: ما عندك؟ قال: أرجز بهم يوماً إلى الليل ولا أنكش، فلما سمعت بنو جعدة كلامهم انصرفوا ولم يراجزوهم. والشعراء أيضاً في الطبع مختلفون: منهم من يسهل عليه المديح ويعسر عليه الهجاء. ومنهم من يتيسر له المراثي ويتعذر عليه الغزل. وقيل للعجاج: إنك لا تحسن الهجاء؟ فقال: إن لنا أحلاماً تمنعنا من أن نظلم، وأحساباً تمنعنا من أن نظلم، وهل رأيت بانياً لا يحسن أن يهدم. وليس هذا كما ذكر العجاج، ولا المثل الذي ضربه للهجاء والمديح بشكل، لأن المديح بناءٌ والهجاء بناءٌ، وليس كل بانٍ بضربٍ بانياً بغيره. ونحن نجد هذا بعينه في أشعارهم كثيراً، فهذا ذو الرمة، أحسن الناس تشبيهاً، وأجودهم تشبيباً، وأوصفهم لرمل وهاجرةٍ وفلاةٍ وماءٍ وقرادٍ وحيةٍ، فإذا صار إلى المديح والهجاء خانه الطبع. وذاك أخره عن الفحول، فقالوا: في شعره أبعار غزلانٍ ونقط عروسٍ! وكان الفرزدق زير نساءٍ وصاحب غزل، وكان مع ذلك لا يجيد التشبيب. وكان جريرٌ عفيفاً عزهاةً عن النساء، وهو مع ذلك أحسن الناس تشبيباً، وكان الفرزدق يقول: ما أحوجه مع عفته إلى صلابة شعري، وما أحوجني إلى رقة شعره لما ترون. |
|
09-08-2018, 08:37 AM | #131 |
| فضائل الشعر من كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه ومن الدليل على عظم قدر الشعر عند العرب وجليل خطبه في قلوبهم: أنه لما بعث النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن المعجز نظمه، المحكم تأليفه، وأعجب قريشا ما سمعوا منه، قالوا: ما هذا إلا سحر! وقالوا في النبي صلّى الله عليه وسلّم: شاعر نتربّص به ريب المنون . وكذلك قال النبي صلّى الله عليه وسلّم في عمرو بن الأهتم لما أعجبه كلامه: إنّ من البيان لسحرا. وقال الراجز: لقد خشيت أن تكون ساحرا ... راوية مزا ومرا شاعرا وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: إنّ من الشّعر لحكمة. وقال كعب الأحبار: إنا نجد قوما في التوراة أناجيلهم في صدورهم، تنطق ألسنتهم بالحكمة، وأظنهم الشعراء. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أفضل صناعات الرجل الأبيات من الشعر يقدّمها في حاجاته، يستعطف بها قلب الكريم، ويستميل بها قلب اللئيم. وقال الحجاج للمساور بن هند: مالك تقول الشعر وقد بلغت من العمر ما بلغت؟ قال: أرعى به الكلأ، وأشرب به الماء، وتقضى لي به الحاجة، فإن كفيتني ذلك تركته! وقال عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده: روّهم الشعر، روّهم الشعر: يمجدوا وينجدوا! وقالت عائشة: روّوا أولادكم الشعر تعذب ألسنتهم. وبعث زياد بولده إلى معاوية، فكاشفه عن فنون من العلم فوجده عالما بكل ما سأله عنه، ثم استنشده الشعر، فقال: لم أرو منه شيئا! فكتب معاوية إلى زياد؟ ما منعك أن تروّيه الشعر؟ فوالله إن كان العاق ليرويه فيبرّ، وإن كان البخيل ليرويه فيسخو، وإن كان الجبان ليرويه فيقاتل. وكان علي رضي الله عنه إذا أراد المبارزة في الحرب أنشأ يقول: أيّ يوميّ من الموت أفرّ ... يوم لا يقدر أم يوم قدر يوم لا يقدر لا أرهبه ... ومن المقدور لا ينجو الحذر وقال المقداد بن الأسود: ما كنت أعلم أحدا من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أعلم بشعر ولا فريضة من عائشة رضي الله عنها! وفي رواية الخشني عن أبي عاصم عن عبد الله بن لا حق عن ابن أبي مليكة قال: قالت عائشة: رحم الله لبيدا كان يقول: قضّ الّلبانة لا أبا لك واذهب ... والحق بأسرتك الكرام الغيّب ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب فكيف لو أدرك زماننا هذا! ثم قالت: إني لأروي ألف بيت له، وإنه أقل ما أروي لغيره. وقال الشعبي: ما أنا لشيء من العلم أقلّ مني رواية للشعر، ولو شئت أن أنشد شعرا شهرا لا أعيد بيتا لفعلت. وسمع النبي صلّى الله عليه وسلّم عائشة وهي تنشد شعر زهير بن جناب. ارفع ضعيفك لا يحل بك ضعفه ... يوما فتدركه عواقب ما جني يجزيك أو يثني عليك فإنّ من ... أثنى عليك بما فعلت كمن جزى فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: صدق يا عائشة، لا شكر الله من لا يشكر الناس. يزيد بن عمر بن مسلم الخزاعي، عن أبيه عن جده قال: دخلت على النبي صلّى الله عليه وسلّم ومنشد ينشده قول سويد بن عامر المصطلقي: لا تأمننّ وإن أمسيت في حرم ... إنّ المنايا بجنبي كلّ إنسان فاسلك طريقك تمشي غير مختشع ... حتى تلاقي الذي منيّ لك الماني فكلّ ذي صاحب يوما مفارقه ... وكلّ زاد وإن أبقيته فان والخير والشّرّ مقرونان في قرن ... بكلّ ذلك يأتيك الجديدان فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لو أدرك هذا الإسلام لأسلم. أبو حاتم عن الاصمعي قال: جاء رجل إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: أنشدك يا رسول الله، قال: نعم، فأنشده: تركت القيان وعزف القيان ... وأدمنت تصلية وابتهلا وكرّ المشقر في حومة ... وشنى على المشركين القتالا أيا ربّ لا أغبننّ صفقتي ... فقد بعت مالي وأهلي بدالا فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: ربح البيع. ربح الببيع. وقدم أبو ليلى النابغة الجعدي على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأنشده شعره الذي يقول فيه: بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: إلى أين يا أبا ليلى؟ فقال: إلى الجنة يا رسول الله بك! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: إلى الجنة إن شاء الله! فلما بلغ قوله وانتهى وهو يقول: ولا خير في حلم إذا لم تكن له ... بوادر تحمي صفوه أن يكدّرا ولا خير في جهل إذا لم يكن له ... حليم إذا ما أورد الأمر أصدرا قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا يفضض الله فاك. فعاش مائة وثلاثين سنة لم تنغضن له ثنية . سفيان الثوري عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: إنها لكلمة نبيّ يعني قول الشاعر: ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ... ويأتيك وبالاخبار من لم تزوّد وسمع كعب قول الحطيئة: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ... لا يذهب العرف بين الله والناس قال: إنه في التوراة حرف بحرف، يقول الله تعالى: من يفعل الخير يجده عندي، لا يذهب الخير بيني وبين عبدي. |
|
09-08-2018, 08:38 AM | #132 |
| الإعلال..مفهومة، وأنواعه من كتاب مقصوصات صرفية ونحوية لثامر المصاروة تعريفه : هو تغيرٌ يجري في أحرف العلة بالقلب أو الحذف أو التسكين ، وأحرف العلة ثلاثة الواو والألف والياء ويلحق بها الهمزة ؛ لكثرة تغيرها . ولتوضيح الإعلال في أي كلمة نردها إلى أصلها وذلك من خلال المضارع أو المصدر ، ومن خلالهما يتضح أصل حرف العلة فيرد إلى الكلمة وبهذا يكون الإعلال واضح في الكلمة . الإعلال ثلاثة أنواع وهي كالتالي : (1) :ـ الإعلال بالقلب وهو قلب حرف عله من صورة إلى صورة أخرى نحو ، ( قلب الواو والياء ألفًا أو قلب الواو ياءً أو قلب الياء واوًا ...... ) . ملحوظة : حتى يكون هناك إعلال لا بد أن يكون في الكلمة حرف عله . تُقلب الواو والياء ألفًا .) مثل :ـ ـ دعا ؛ أصلها دَعَو ، ( بدليل المضارع يدعو ، والمصدر دعوه ) ، فالواو قلبت ألفًا . ـ رمى ؛ أصلها رَمَي ، ( بدليل المضارع يرمي ، والمصدر رمي ) ، فالياء قلبت ألفًا . ـ باع ؛ أصلها بَيَع ، ( بدليل المضارع يبيع ، والمصدر بيع ) ، فالياء قلبت ألفًا. ـ خاف ؛ أصلها خَوَف ، ( بدليل المصدر خوف ) ، فالواو قلبت ألفًا. ـ قال ؛ أصلها قَوَل ، ( بدليل المضارع يقول ) ، فالواو قلبت ألفًا . ـ صانَ ؛ أصلها صَوَن ، ( بدليل المضارع يصون ) ، فقلبت الواو ألفًا ؛ لأنها متحركة وما قبلها مفتوح . ـ اعتاد ، الفعل الثلاثي هو عادَ ؛ أصلها اعتود ، ( بدليل المضارع يعود ) ، فقلبت الواو ألفًا ؛ لأنها جاءت متحركة وما قبلها مفتوح . ـ انثنى ، الفعل الثلاثي هو ثني ؛ أصلها انثني ، ( بدليل المضارع ينثني ) ، فقلبت الياء ألفًا ؛ لأنها جاءت متحركة وما قبلها مفتوح . النموذج العام للإجابة عن الإِعلال بالقلب ( قلب الواو والياء ألفًا ) هو " قلبت الواو أو الياء ألفًا فأصلها ........ بدليل المصدر أو المضارع ؛ لأنها جاءت متحركة وما قبلها مفتوح " . تُقلب الواو والياء همزة . وذلك في حالات أهمها : 1 ـ إذا تطرفت إحداهما أي الواو والياء بعد ألف زائدة . مثل : ـ رجاء ، أصلها رجاو ، ( بدليل المضارع يرجو ) ، فقلبت الواو همزة ؛ لأنها جاءت متطرفة أي وقعت بعد ألف زائدة . ـ سماء ؛ أصلها سماو ، ( بدليل المضارع يسمو ) ، فقلبت الواو همزة ؛ لأنها جاءت متطرفة بعد ألف زائدة . ـ بناء ؛ أصلها بناي ، ( بدليل المضارع يبني ) ، فقلبت الياء همزة ؛ لأنها جاءت متطرفة بعد ألف زائدة . ملحوظة : أي كلمة على نفس الشاكلة يكون فيها إعلال بالقلب وهو قلب الواو أو الياء همزة وسبب هذا القلب هو ؛ أنها وقعت متطرفة بعد ألف زائدة . 2 ـ إذا وقعت الواو أو الياء في اسم الفاعل الأجوف الثلاثي الذي وسطه ألف وبعدها همزة وأصل الألف فيه ( واو أو ياء ) . مثل : ـ دائم ، أصلها داوِم ، ( بدليل المضارع يدوم ) ، فقلبت الواو همزة في اسم الفاعل الثلاثي الأجوف . ـ بائع ، أصلها بايِع ، ( بدليل المضارع يبيع ) ، فقلبت الياء همزة في اسم الفاعل الثلاثي الأجوف . ـ قائل ، أصلها قاوِل ، ( بدليل المضارع يقول ) ، فقلبت الواو همزة في اسم الفاعل الثلاثي الأجوف . ـ زائر ، أصلها زاوِر ، ( بدليل المضارع يزور ) ، فقلبت الواو همزة في اسم الفاعل الثلاثي الأجوف . ـ فائض ، أصلها فايض ، ( بدليل المضارع يفيض ) ، فقلبت الياء همزة في اسم الفاعل الثلاثي الأجوف . ملحوظة : أي كلمة على نفس الشاكلة يكون فيها إعلال وهو قلب الواو أو الياء همزة وسبب هذا القلب ؛ لأنه جاءت في اسم الفاعل الثلاثي الأجوف . 3 ـ يُقلب حرف المد الزائد في المفرد المؤنث همزة في صيغة منتهى الجموع ) مثل : ـ بصائر ، أصلها بصاير ، ( بدليل المفرد بصيرة ) ، فقلبت الياء همزة في صيغة منتهى الجموع . ـ مدائن ؛ أصلها مداين ، ( بدليل المفرد مدينه ) فقلبت الياء همزة في صيغة منتهى الجموع . ـ عرائس ؛ أصلها عراوس ، ( بدليل المفرد عروس ) ، فقلبت الواو همزة في صيغة منتهى الجموع . ـ عجائز ؛ أصلها عجاوز ، ( بدليل المفرد عجوز ) ، فقلبت الواو همزة في صيغة منتهى الجموع . ـ صحائف ؛ أصلها صحايف ، ( بدليل المفرد صحيفة ) ، فقلبت الألف همزة في صيغة منتهى الجموع . ـ جرائد ؛ أصلها جرايد ، ( بدليل المفرد جريده ) ملحوظة : أي كلمة تكون منتهى صيغة الجموع يكون فيها إعلال بالقلب(2) وهو قلب الواو أو الياء أو الألف همزة ، ونعرف أصل الهمزة بعد وقوع الإعلال عن طريق المفرد ، وسبب هذا القلب ؛ لأنها وقعت في منتهى صيغة الجموع . تُقلب الواو ياءً . وذلك في حالاتٍ أهمُها : 1 ـ في اسم المفعول ، أي الفعل الثلاثي المعتل الآخر بالياء ، فعند صياغة اسم المفعول منه تُقلب واو المفعول ياءً وتدغم في ياء الفعل الأصلية . مثل : ـ مرميّ ، الفعل الثلاثي هو رمى ، فأصلها مرموي ، فقلبت واو المفعول ياءً وأدغمت في ياء الفعل الأصلية . ـ مقضيّ ، الفعل الثلاثي منه هو قضي ، فأصلها مقضوي ، فقلبت واو المفعول ياءً وأدغمت في ياء الفعل الأصلية . ـ مرضيّ ، الفعل الثلاثي منه هو رضي ، فأصلها مرضوي ، فقلبت واو المفعول ياءً وأدغمت في ياء الفعل الأصلية . وكذلك الأمر في الفعل الثلاثي المعتل الآخر بالألف فعند صياغة اسم المفعول منه تقلب الألف واوًا ، وتدغم في واو المفعول . مثل : ـ مدعوّ ، الفعل الثلاثي دعا ، فقلبت الألف واوًا في اسم المفعول ، بدليل المضارع يدعو ، وأدغمت واو المفعول في واو الفعل الأصلية . ـ مغزوّ ، الفعل الثلاثي هو غزا ، فقلبت الألف واوًا في اسم المفعول ، بدليل المضارع يغزو ، وأدغمت واو المفعول في واو الفعل الأصلية . ـ ملهوّ ، الفعل الثلاثي هو لهى ، فقلبت الألف واوًا في اسم المفعول ، بدليل المضارع يلهو ، وأدغمت واو المفعول في واو الفعل الأصلية . ملحوظة : أي كلمة على نفس الشاكلة أي تكون منتهية بالياء المشددة أو الواو المشددة فيكون فيها إعلال بالقلب قلب الواو أو الألف ياءً أو واوًا ومن ثم حصل إدغام وهو إدغام واو المفعول في الياء أو الواو للفعل الأصلية . 2 ـ إذا كان الفعل على وزن أفعل وكانت فاؤه واوًا ، مثل : أوفد ، أورق ، أوعز ، أوغل ، فعند الإتيان بالمصدر تقلب الواو ياءً . مثل : ـ إيفادًا ، أصلها هو أوفد ، بدليل المضارع يوفد ، فقلبت الواو ياء في المصدر . ـ إيغالاً ، أصلها هو أوغل ، بدليل المضارع يوغل ، فقلبت الواو ياءً في المصدر ـ إيراقًا ، أصلها أورق ، بدليل المضارع يورق ، فقلبت الواو ياءً في المصدر . ـ إيجاد ، أصلها أوجد ، بدليل المضارع يوجد ، فقلبت الواو ياءً في المصدر . 3 ـ أن تأتي ( الواو ) ساكنةً بعد كسر . مثل : ـ ميعاد ، أصلها مِوْعاد ؛ لأنها من وَعَدَ ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها جاءت ساكنة بعد كسر . ـ ميزان ، أصلها مِوْزان ، لأنها من وَزَنَ ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها جاءت ساكنة بعد كسر . ـ ميراث ، أصلها مِوْراث ؛ لأنها من وَرَثَ ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها جاءت ساكنة بعد كسر . ـ ميثاق ، أصلها مِوْثاق ؛ لأنها من وَثَقَ ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها جاءت ساكنة بعد كسر . ـ صِيام ، أصلها صِوام ؛ لأنها من صَوَمَ ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها جاءت ساكنة بعد كسر . ملحوظة : أي كلمة على نفس الشاكلة وعلى نفس الوزن مِفْعال ، يكون فيها إعلال بالقلب وهو قلب الواو ياءً ؛ لأنها ساكنة بعد كسر . 4 ـ إذا تتطرفت أي وقعت بعد كسر . مثل : ـ رضي ، أصلها رضِو ، بدليل المصدر رضو ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها تتطرفت بعد كسر . ـ قوي ، أصلها قوِو ، بدليل المصدر القوه ، فقلبت الواو ياءً ؛ لأنها تتطرفت بعد كسر . ـ الداني ، أصلها الدانو ، بدليل المصدر دنو ، فقلبت الواو ياءً ؛ ======== . ـ الداعي ، أصلها الداعو ، بدليل المصدر دعوه ، فقلبت ============ . ـ الشجيِّة ، أصلها الشجوة ، بدليل المصدر الشجو ، ============= . ـ مبنيِّة ، أصلها المبنوة ، بدليل المصدر بنو ، ================= . معرفة : تُقلب الواو ياءً في غير اطراد أي على غير قواعد اللغة العربية ، وإنما تُقلب حتى يتم الازدواج والانسجام والتناسق بين الكلمات في الجملة الواحدة . ومثال ذلك : قول الشاعر : عيناءُ حوراءُ من العِينِ الحِير . فأصل كلمة الحِير هو الحور ، ولكن قلبت الواو ياءً ؛ حتى تناسب وتناسق الكلمة التي سبقتها وهو العِينِ ، وهذا يسمىَ في العربية بالازدواج . ومن ذلك ما جاء في المثل ( تركتُهم في حَيْصَِ بَيْصَِ ) والحيصُ : هو الحيد عن الشيء والرجوع عنه ، والبوص : هو السبق والتقدم ، فالأصل في بيص أن تأتي بالواو أي بوص ، ولكن قلبت الواو ياءً ؛ لأنها تأثرت في الكلمة الأولى فقلبت الواو ياء لكي يحدث الانسجام . تُقلب الياء واوًا . وذلك إذا وقعت الياء ساكنةً بعد ضمٍ . مثل : ـ مُوِسر ، أصلها مُيْسر ؛ لأنها من أيسر ، فقلبت الياء واوًا ؛ لأنها ساكنة بعد ضم . ـ مُوِقن ، أصلها مُيْقِن ؛ لأنها من أيقن ، فقلبت الياء واوًا ؛ لأنها ساكنة بعد ضم. (2) ـ الإِعلال بالحذف وهو حذف حرف العلة من الكلمة ، ويكون هذا الإعلال في الأفعال والأسماء . أ ـ الإِعلال بالحذف في الأفعال . قد يُحذف حرف العلة من أولها أو وسطها أو أخرها . حذف الهمزة . ويكون ذلك في الفعل الماضي الذي على وزن ( أفْعل ) ، فتحذف همزته من المضارع . مثل : ـ أحْسن ، أصلها أُأَحسن ، حذفت همزة الفعل وبقيت همزة المضارعة ، وكذلك الأمر تحذف الهمزة من الفعل مع بقية أحرف المضارعة نقول ( نُحسن ، يُحسن ، تُحسن ) ، فحذفت همزة الفعل فالأصل أن نقول ( نُأحسنُ ، يُأحسنُ ، تُأحسنُ ) . ـ أرْسل ، أصلها أُأَرسل ، حذفت همزة الفعل وبقيت همزة المضارعة ، فنقول ( نُرسلُ ، يُرسلُ ، تُرسلُ ) فحذفت الهمزة من الفعل ، فالأصل أن نقول ( نُأرسلُ ، يُأرسلُ ، تُأرسلُ ) . وهكذا مع كل فعل ماضي على وزن أفْعل . حذف الواو . تُحذف الواو في الفعل المثال في حالة المضارع والأمر والمصدر إذا عوض عنها بالتاء في حالة المصدر . مثل : ـ وعد ، المضارع يَعِدُ ، الأمر عِدْ ، المصدر عِدة ، فحذفت الواو في المضارع والأمر والمصدر ؛ لأنه ماضي مفتوح العين ، والمضارع مكسور العين وكذلك الأمر في حالة الأمر والمصدر . ـ وثق ، المضارع يَثِقُ ، الأمر ثِقْ ، المصدر ثقة ، فحذفت الواو في الحالات السابقة ؛ لأنه ماضي مفتوح العين ، والمضارع مكسور العين ، وكذلك الأمر في الأمر والمصدر . ـ وصف ، المضارع يَصِفُ ، الأمر صِفْ ، المصدر صفة ، فحذفت الواو في الحالات السابقة ؛ لأنه ماضي مفتوح العين ، والمضارع مسكور العين ، وكذلك الأمر في الأمر والمصدر . ملحوظات : 1 ـ الفعل مضموم العين في الماضي والمضارع لا تُحذف واوه ، مثل : ( وَجُه المضارع يوْجُه ) . 2 ـ الفعل المثال اليائي ، لا تُحذف ياؤه في المضارع ، مثل : ( يَنَع المضارع يَيْنَع ، يَبِس المضارع يَيْبسُ ) . إذا كان الفعل معتلّ الآخر ، فيحذف آخره في أمر المفرد المذكر ، نحو : أخشَ ، أدعُ ، أرمِ ، وفي المضارع المجزوم الذي لم يتصل بآخره شيء ، نحو : لم يخشَ ، لم يرمِ ، لم يدعُ ، وذلك لمنع التقاء الساكنين . يحذف حرف العلة من الأفعال الماضية والمضارعة المنتهية بحرف علة ( الناقصة ) ، وذلك عند اتصالها بواو الجماعة ، نحو : يرمي + واو الجماعة = يرمون ، فحذفت الياء فأصلها يرميون ، وسبب الحذف ؛ هو اتصالها بواو الجماعة ، ويخشون ، حذفت الياء منها فأصلها يخشيون ؛ بسبب اتصالها بواو الجماعة . إذا جاء آخر الفعل الأجوف ساكنًا حذف حرف العلة منعًا لالتقاء الساكنين ، نحو : كُن ، يقمن ، لم يَمِل ، قلتُ ، قم ، قمت ، فالأصل في الأفعال السابقة هو : كُوْنْ ، يَقوْمْنَ ، لم يمْيْل ، قُوْلْت ، قوْمْ ، قوْمْت ، فحذف حرف العلة منها ؛ لأنه ساكن وبعده ساكن ، ولا يجوز لقاء الساكنين ، فحذفت منعًا لالتقاء الساكنين . ... ... ب ـ الإِعلال بالحذف في الأسماء . ويكون ذلك في الأسماء المنقوصة أي الذي يكون آخره ياء ، والأسماء المقصورة أي الذي يكون آخره ألف ، فتحذف الياء والألف عند جمعها جمعًا مذكرًا سالمًا . مثل : ـ القاضي + ون = القاضون ، فحذفت الياء فأصلها القاضيون ؛ وذلك لمنع التقاء الواو والياء ، والاعلون ، حذفت الياء منها فأصلها الاعليون ؛ نفس السبب السابق . |
|
09-08-2018, 08:39 AM | #133 |
| أوجه الإعراب والقراءات في قوله تعالى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} من كتاب الدر المصون في علوم الكتاب المكنون للسمين الحلبي قوله: {يُطِيقُونَهُ} الجمهورُ على "يُطِيقُونه" من أطاق يُطِيق، مثل أَقامَ يُقيم. وقَرَأَ حُميد: "يُطْوِقُونه" من أَطْوقَ، كقولهم: أَطْوَلَ في أَطال، وأَغْوَلَ في أَغال، وهذا تصحيحٌ شاذ، ومثله في الشذوذ من ذواتِ الواو: أَجْوَدَ بمعنى أجاد، ومِنْ ذوات الياء: أَغْيَمتِ السماءُ وأَجْيَلَت، وأَغْيَلَتِ المرأة، وأَطْيَبَت، وقد جاء الإِعلال في الكلِ وهو القياسُ، ولم يَقُلْ بقياسِ نحو: "أَغْيَمَت" و "أطْوَل" إلا أبو زيد. وقرأ ابن عباس وابن مسعود: "يُطَوَّقونه" مبنياً للمفعول من طَوَّق مضعفاً على وزنِ قَطَّع. وقرأت عائشة وابن دينار: "يَطَّوَّقُونَه" بتشديد الطاء واواو من أَطْوَقَ، وأصلُه تَطَوَّق، فَلَمَّا أُريد إدغامُ التاءِ في الطاء قُلِبَتْ طاءً، واجْتُلِبَتِ همزةُ الوصل لتمكُّنِ الابتداءِ بالساكن، وقد تقدَّم تقريرُ ذلك في قولِه: {أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}. وقرأ عكرمة وطائفةٌ: "يَطَّيَّقونُه" بفتحِ الياء وتَشْدِيد الطاء والياء، وتُرْوى عن مجاهدٍ أيضاً. وقُرىء أيضاً هكذا لكن ببناءِ الفعل للمفعول. وقد رَدَّ بعضً الناسِ هذه القراءةَ. وقال ابن عطية: "تشديدُ الياء في هذه اللفظةِ ضعيفٌ" وإنما قالوا بِبُطْلاَنِ هذه القراءةِ لأنها عندهم من ذوات الواوِ وهو الطَّوْق، فمن أين تَجِيءُ الياءُ؟ وهذه القراءةُ ليس باطلةً ولا ضعيفةً، ولها تخريجٌ حسنُ: وهو أنَّ هذه القراءةَ ليست مِنْ تَفَعَّل حتى يلزمَ ما قالوه من الإشكال، وإنما هي من تَفَيْعَل، والأصلُ: تَطَيْوَق من الطَّوْقِ، كتَدَيَّر وتَحَيَّر من الدَّوَران، والحَوْر، والأصلُ: تَدَيْوَر وتَحَيْوَرَ، فاجتمعت الياءُ والوُ، وسبقت إحداهما بالسكونِ فقُلِبَت الواوُ ياءً، وأُدْغِمَت الياءُ في الياءِ، فكان الأصلُ: يَتَطَيْوَقُونه، ثم أُدْغِمَ بعد القلبِ، فَمَنْ قَرَأَه "يَطَّيَّقونه" بفتح الياءِ بناه للفاعل، ومَنْ ضَمَّها بَناه للمفعول. وتَحْتَمِل قراءةُ التشديد في الواوِ أو الياءِ أن تكونَ للتكلفِ، أي: يتكلَّفون إطاقَتَه، وذلك مجازق من الطَّوْقِ الذي هو القِلاَدَةُ، كأنه بمنزلةِ القِلادَةِ في أَعْنَاقِهِم. وأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أنَّ "لا" محذوفةٌ قبلَ "يُطِيقُونَه" وأنَّ التقديرَ: "لا يُطيقونه" ونَظَّره بقولِهِ: 840 - فخالِفْ فلا واللَّهِ تَهْبِطُ تَلْعَةً * من الأرضِ إلا أنت للذلِّ عارِفُ وقوله: 841 - آليتُ أمدحُ مُغْرَما أبداً * يَبْقى المديحُ وَيذْهَبُ الرِّفْدُ وقوله: 842 - فقلتُ يمِينَ اللَّهِ أَبْرَحُ قاعِداً * ولو قَطَعوا رأسي لديك وأَوْصَالي المعنى: لا تهبط ولا أمدح ولا أبرحُ. وهذا ليس بشيء، لأنَّ حَذْفَهَا مُلْبِسٌ، وأمَّا الأبياء المذكورةٌ فلدلالةِ القَسَمِ على النفي. والهاءُ في "يُطِيقُونَه" للصومِ، وقيل: للفِداءِ، قاله الفراء. و "فِدْيَةٌ" مبتدأٌ، خبرُهُ في الجارِّ قبلَه. والجماعةُ على تنوينِ "فِدْيَة" ورفع "طعام" وتوحيدِ "مسكين" وهشامٌ كذلك إلاَّ أنه قرأ: "مساكين" جمعاً، ونافع وابنُ ذكوان بإضافة "فدية" إلى "طعام مساكين" جمعاً. فالقراءةُ الأولى يكونُ "طعام" بدلاً من "فِدْية" بَيَّن بهذا البدلِ المرادَ بالفدية، وأجازَ أبو البقاء أن يكونَ خبرَ مبتدأٍ محذوف، أي: هي طعام. وأما إضافة الفِدْية للطعامِ فمنْ باب إضافة الشيء إلى جنسه، والمقصودُ به البيانُ كقولِك. خاتَمُ حديدٍ وثوبُ خَزٍّ وبابُ ساجٍ، لأنَّ الفِدْيَةَ تكونُ طعاماً وغيرَه. وقال بعضهم: "يجوزُ أن تكونَ هذه الإِضافة من بابِ إضافة الموصوفِ إلى الصفةِ، قال: "لأنَّ الفديةَ لها ذاتٌ وصفتُها أنَّها طعامٌ" وهذا فاسدٌ، لأنَّه: إمَّا أنَّ يريدَ بطعام المصدر بمعنى الإِطعام كالعَطاءِ بمعنى الإِعطاء، أو يريدَ به المفعولَ، وعلى كِلا التقديرين فلا يُوصف به؛ لأن المصدرَ لا يُوصَفُ به إلا عند المبالغةِ، وليسَتْ مُرادةً هنا، والذي بمعنى المعفولِ ليس جارياً على فِعْلٍ ولا ينقاسُ، لا تقولُ: ضِراب بمعنى مَضْروب، ولا قِتال بمعنى مَقْتُول، ولكونِها غيرَ جاريةً على فِعْلٍ لم تعملْ عَمَله، لا تقول: "مررت برجلٍ طعامٍ خبزُه" وإذا كانَ غيرَ صفةٍ فكيفَ يقال: أُضيف الموصوفُ لصفتِه؟ وإنَّما أُفْرِدَت "فِدْية" لوجهين، أحدُهما: أنَّها مصدرٌ والمصدرُ يُفْرَدُ، والتاء فيها ليست للمَرَّة، بل لِمُجَرَّدِ التأنيث. والثاني: أنه لَمَّا أضافها إلى مضافٍ إلى الجمع أَفْهَمَتِ الجَمْعَ /، وهذا في قراءةِ "مساكين" بالجمع. ومَنْ جمع "مساكين" فلمقابلةِ الجمع بالجمعِ، ومَنْ أَفْرَدَ فعلى مراعاةِ إفرادِ العمومِ، أي: وعلى كلِّ واحدٍ مِمَّن يُطيق الصومَ لكلِّ يوم يُفْطِرُه إطعامُ مسكين. ونظيرهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} وتَبَيَّن مِنْ إفراد "المساكين" أنَّ الحكم لِكلِّ يومٍ يُفْطِرُ فيه مسكينٌ، ولا يُفْهَم ذلك من الجَمْعِ. والطعامُ: المرادُ به الإِطعامُ، فهو مصدرٌ، ويَضْعُفُ أنْ يُراد به المفعولُ، قال أبو البقاء: "لأنه أضافه إلى المسكين، وليس الطعامُ للمسكين قبل تمليكِه إياه، فلو حُمِلَ على ذلك لكان مجازاً، لأنه يصير تقديرُه: فعليه إخراجُ طعامٍ يصيرُ للمساكين، فهو من باب تسميةِ الشيءِ، بما يَؤُول إليه، وهو وإنْ كان جائزاً إلا أنه مجازٌ والحقيقةُ أولى منه". |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
سطور , في , كتاب |
| |