25-06-2018, 11:05 PM | #22 |
| كأنه قوس رام والبروق له ... رشق السهام وعين الشمس برجاس وقال سعيد بن حميد القيرواني، رحمة الله عليه: أما ترى القوس في الغمام وقد ... نمق فيه الهواء نورا؟ حكى الطواويس وهي جاعلة ... أذنابها للمياه أستارا. أخضر في أحمر على يقق ... على وشاح السحاب قد دارا. كأنما المزن وهي راهبة ... شدت على الأفق منه زنارا. وقال ظاهر الدين الحريري. شاعر الخريدة عفا الله عنه: ألست ترى الجو مستعبرا ... يضاحكه برقه الخلب؟ وقد بات من قزح قوسه ... بعيدا وتحسبه يقرب؟ كطاقي عقيق وفيروزج ... وبينهما آخر مذهب. وقال سيف الدولة بن حمدان، من أبيات: وقد نشرت أيدي الجنوب مطارفا ... على الجود كنا والحواشي على الأرض. يطرزها قوس السحاب بأصفر ... على أحمر في أخضر وسط مبيض. كأذيال خود أقبلت في غلائل ... مصبغة،والبعض أقصر من بعض. وقال عبد المحسن الصوري، عفا الله تعالى عنه: تأمل الجو ترى واليا ... قد ولى العهد على السحب! سار، وقوس الله تاج له، ... ركضا من الشرق إلى الضرب! الباب الثالث من القسم الثاني من الفن الأول الهواء في أسطقس الهواء روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: الريح من روح الله تعالى، تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب. فلا تسبوها، واسألوا الله خيرها؛ واستعيذوا بالله من شرها. أخرجه البيهقي في سننه. وروى أبو الفرج بن الجوزي بإسناده إن الريح تنقسم إلى قسمين: رحمة وعذاب؛ وينقسم كل قسم إلى أربع أقسام. ولكل قسم اسم، فأسماء أقسام قسم الرحمة: المبشرات، والنشر، والمرسلات، والرخاء. وأسماء أقسام قسم العذاب: العاصف، والقاصف، " وهما في البحر " ، والعقيم، والصرصر " وهما في البر " . وقد جاء القرءان بكل هذه الأسماء. ما قيل في حد الهواء قال الشيخ الرئيس أبو على بن سينا في حده: الهواء حرم بسيط، طباعه أن يكون حارا رطبا مشفا متحركا إلى المكان الذي تحت كرة النار التي فوق كرة الأرض والماء. وقال إبقراط: إن تغير حالات الهواء هو الذي يغير حالات الناس مرة إلى الغضب، ومرة إلى السكون، وإلى الهم والسرور، وغير ذلك. وإذا استوت حالات الهواء، استوت حالات الناس وأخلاقهم. وقال: إن قوى النفوس تابعة لأمزجة الأبدان، وأمزجة الأبدان تابعة لتصرف الهواء، إذا برد مرة، وسخن مرة، خرج مرة الزرع نضيجا، ومرة غير نضيج، ومرة قليلا، ومرة كثيرا، ومرة حارا، ومرة باردا، فتتغير لذلك صورهم ومزاجاتهم. وإذا استوى واعتدل الهواء، خرج الزرع معتدلا، فاعتدلت بذلك الصور والمزاجات. قال: والعلة في تشابه الترك، هو أنه لما استوى هواء بلادهم في البرد استوت صورهم وتشابهوا. وقال: إن الرياح تقلب الحيوان حالا إلى حال، وتصرفه من حر إلى برد، ومن يبس إلى رطوبة، ومن سرور إلى خزن؛ وإنها تغير ما في البيوت من أصناف المأكل كالتمر، والعسل، والسمن، والشراب، فتسخنها مرة، وتبردها أخرى، وتصلبها مرة، وتيبسها مرة. وعلة ذلك أن الشمس والكواكب تغير الهواء بحركاتها؛ وإذا تغير الهواء، تغير بتغيره كل شيء. وقال: أن الجنوب إذا هبت، أذابت الهواء وبردته، وسخنت البخار والأنهار فكل شيء في رطوبة تغير لونه وحالاته. وهي ترخى الأبدان والعصب، وتورث الكسل، وتحث ثقلا في الأسماع، وغشاوة في الأبصار. وأما الشمال فإنها تصلب الأبدان، وتصحح الأدمغة، وتحسن اللون، وتصفي الحواس، وتقوي الشهوة والحركة، غير أنها تهيج السعال، ووجع الصدر. وزعم بعض من تأخر في الإسلام من الحكماء: أن الجنوب إذا هبت بأرض العراق، تغير الورد، وتناثر الورق، وتشقق القنبيط، وسخن الماء، واسترخت الأبدان، وتكدر الهواء. وزعم آخرون من القدماء: إن الهواء جسم رقيق متى تموج من المشرق إلى المغرب سمي ريح الصبا. |
|
25-06-2018, 11:06 PM | #23 |
| قيل: سميت ريح الصبا، لأن النفوس تصبو إليها لطيب نسيمها وروحها. والصبوة الميل. وجاء في بعض الآثار: ما بعث نبي إلا والصبا معه، وهي الريح التي سخرت لسليمان عليه السلام غدوها شهرا، أي من أول النهار إلى الزوال، ورواحها شهر، أي من الزوال إلى المغرب. كان يغدو من تدمر من بلاد الشام فيقيل في إصطخر من بلاد فارس، ويبيت بكابل من بلاد الهند. وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال نصرت بالصبا، وأهلكت عاد بالدبور. وإذا تموج من الجنوب إلى الشمال، سمي ريح الجنوب، وهي الريح التي أهلك الله عز وجل بها عادا وسيأتي ذكر ذلك إن شاء الله تهالى في الفن الخامس من كتابنا هذا. وإذا تموج من الشمال إلىالجنوب، سمي ريح الشمال. وهم يزعمون أن مبادئ الرياح شمالية أخذت إلى الجنوب، وغربية أخذت إلى المشرق للطف الهواء في هاتين الجهتين،. والعرب تحب الصبا لرقتها، ولأنها تجيء بالسحاب. والمطر فيها والخصب، وهي عندهم اليمانية. أسماء الرياح اللغوية قال الثعالبي في فقه اللغة: إذا وقعت الريح بين ريحين، فهي النكباء. فإذا وقعت بين الجنوب والصبا، فهي الحربياء. فإذا هبت من جهات مختلفة، فهي المتناوحة. فإذا كانت لينة، فهي الريدانة. فإذا جاءت بنفس ضعيف وروح، فهي النسيم. فإذا كان لها حنين كحنين الإبل، فهي الحنون. فإذا ابتدأت بشدة، فهي العاصف، والسيهوج. فإذا كانت شديدة ولها زفزفة وهي الصوت، فهي الزفزافة. فإذا اشتدت حتى تقلع الخيام، فهي الهجوم. فإذا حركت الأغصان تحريكا شديدا أو قلعت الأشجار، فهي الزعزاع، والزعزعان، والزعزع فإذا جاءت بالحصباء، فهي الحاصبة. فإذا درجت حتى ترى لها ذيلا كالرسن في الرمل، فهي الدروج. فإذا كانت شديدة المرور، فهي النؤوج. فإذا كانت سريعة، فهي المجفل، والجافلة. فإذا هبت من الأرض كالعمود نحو السماء، فهي الإعصار. فإذا هبت بالغبرة، فهي الهبوة. فإذا حملت المور وجرت الذيل، فهي الهوجاء. فإذا كانت باردة فهي الحرجف، والصرصر، والعرية. فإذا كان مع بردها ندى، فهي البليل. فإذا كانت حارة، فهي الحرور، والسموم. فإذا كانت حارة وأتت من قبل اليمن، فهي الهيف. فإذا كانت باردة شديدة تخرق البيوت، فهي الخريق. فإذا ضعفت وجرت فويق الأرض، فهي المسفسة. فإذا لم تلقح شجرا ولم تحمل مطرا، فهي العقيم. " وقد نطق بها القرآن " . الرياح بلفظ الجمع يقال: الرياح الحواشك: المختلفة الشديدة. البوارح: الشمال الحارة في الصيف. الأعاصير: التي تهيج بالغبار. المعصرات: التي تأتي بالأمطار. المبشرات: التي تهب بالسحاب والغيث السوافي: التي تسقى التراب ما يتمثل به في ذكر الهواء يقال: أخف من النسيم. أسرع من الريح. ريحهما جنوب " يضرب للمتصافيين " . هو ساكن الريح " إذا كان حليما " . قد هبت ريحه " إذا قامت دولته " . ومن أنصاف الأبيات. إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا ... وبعض القول يذهب بالرياح تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ... لو كنت ريحا كانت الدبورا ومن الأبيات: إذا هبت رياحك ، فاغتنمها ... فإن لكل خافقة سكون! وقال آخر: وكل ريح لها هبوب ... يوما فلا بد من ركود. وقال آخر: والريح ترجع عاصفا ... من بعد ما ابتدأت نسيما. وقال أبو تمام، عفا الله عنه: إن الرياح إذا ما أعصفت، قصفت ... عيدان نجد ولم يعبأن بالرتم. وقال ابن الرومي، رحمة الله عليه: لا تطفئن جوى بلوم إنه ... كالريح تغرى النار بالإحراق. وصف الهواء وتشبيهه قال عبد الله بن المعتز، رحمة الله عليه: ونسيم يبشر الأرض بالقط ... ر كذيل الغلالة المبلول. ووجوه البلاد تنتظر الغي ... ث انتظار المحب رد الرسول. |
|
25-06-2018, 11:08 PM | #24 |
| وقال ابن الرومي: حيتك عنا الشمال طاف طائفها ... تحية، فجرت روحا وريحانا. هبت سحيرا فناجى الغصن صاحبه ... سرابها، وتنادى الطير إعلانا. ورق تغنى على خضر مهدلة ... تسمو بها وتشم الأرض أحيانا. يخال طائرها نشوان من طرب ... والغصن من هزه عطيفة نشوانا. وقال أيضا: كأن نسيمها أرج الخزامى ... ولاها بعد وسمي ولي. هدية شمال هبت بليل ... لأفنان الغصون بها نجي. إذا أنفاسها نسمت سحيرا ... تنفس كالشجي لها الخلي وقال آخر: وأنفاس كأنفاس الخزامى ... قبيل الصبح بلتها السماء. تنفس نشرها سحرا فجاءت ... به سحرية المسرى رخاء. وقال إسحاق الموصلي: يا حبذا ريح الجنوب إذا جرت ... في الصبح وهي ضعيفة الأنفاس! قد حملت برد الندى وتحملت ... عبقا من الجثجاث والبسباس! وقال آخر: إذا خلا الجو من هواء، ... فعيشهم غمة وبوس. فهو حياة لكل حي، ... كأن أنفاسه نفوس. وقال ابن سعيد الأندلسي: الريح أقود ما يكون لأنها ... تبدي خفايا الردف والأعكان. وتميل الأغصان بعد علوها ... حتى تقبل أوجه الغدران. وكذلك العشاق يتخذونها ... رسلا إلى الأحباب والأوطان. وقال آخر: أيا جبلى نعمان بالله خليا ... سبيل الصبا يخلص إلى نسيمها. أجد بردها أو تشف مني حرارة ... على كبد لم يبق إلا صميمها. فإن الصبا ريح إذا ما تنفست ... على كبد حراء، قلت همومها. وقال ابن هتيمل اليمني: هبت لنا سحرا، والصبح ملتثم، ... والليل قد غاب فيه الشيب والهرم. سقيمة من نبات الشرق أضعفها ... عن قوة السير، لما هبت، السقم. فبلغت بلسان الحال قائلة ... ما لم يبلغه يوما إلى فم، سرا لغاينه تسرى إلى به ... من النسيم رسول ليس يتهم. أصافح الريح إجلالا لما حملت ... إلى من ريح برديها وأستلم. الباب الرابع: من القسم الثاني من الفن الأول النار في أسطقس النار وأسمائها، وعبادها، وبيوت النيران حكى أصحاب التواريخ في حدوث النار أن آدم عليه السلام لما هبط إلى الأرض وحج، ونزل جبل أبي قبيس. فأنزل الله إليه مرختين من السماء، فحك إحداهما بالأخرى فأوريا نارا، فلهذا سمي الجبل بأبي قبيس. ويدل على أن النار من الشجر، وقوله عز وجل: " الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون " . والعرب تقول: في كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار. لأنهما أسرع اقتداحا. قال الله عز وجل: " أفرأيتم النار التي توقدون أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون " . وقال أصحاب الكلام في الطبائع: إن الله عز وجل جمع من النار الحركة، والحرارة، واليبوسة، واللطافة، والنور. وهي تفعل بكل صورة من هذه الصور خلاف ما تفعل بالأخرى. فبالحركة تعلي الأجسام؛ وبالحرارة تسخن؛ وباليبوسة تجفف؛ وباللطافة تنفذ؛ وبالنور تضيء ما حولها. ومنفعة النار تختص بالإنسان دون سائر الحيوان. فلا يحتاج إليها شيء سواه، وليس به عنها غني في حال من الأحوال. ولهذا عظمتها المجوس، وقالوا: إذ أفردتنا بنفعها، فنفردها بتعظيمها. على أنهم يعظمون جميع ما فيه منعة على العباد، فلا يدفنون موتاهم في الأرض، ولا يستنجون في الأنهار. أسماء النار " وأحوالها في معالجتها وترتيبها " أما أسماؤها، فمنها: النار، والصلاء، والسكن، والضرمة، والحرق، والحمدة " وهو صوت التهابها " ، والحدمة، والجحيم، والسعير، والوحى. وأما تفصيلأحوالها ومعالجتها وترتيبها، فقد قال الثعالبي في فقه اللغة: إذا لم يخرج النار عن القدح، قيل: كبايكبو. فإذا صوت ولم يخرج، قيل: صلد يصد. فإذا أخرج النار، قيل: ورى يرى. فإذا ألقى الإنسان عليها ما يحفظها ويذكيها، تقول: شيعتها وأثقبتها. فإذا عالجها لتلهب، قال: حضأتها وأرثتها. فإذا جعل لها مذهبا تحت القدر، قال: سخوتها. فإذا زاد في إيقادها وإشعالها، قال: أحجبتها. فإذا اشتد تأججها، فهي جاحمة. فإذا طفئت البتة، فهي هامدة. فإذا صارت رمادا، فهي هابية. والله تعالى أعلم. عباد النار |
|
25-06-2018, 11:08 PM | #25 |
| " وسبب عبادتها وبيوت النيران " أول من عبد النار قابيل بن آدم. وذلك أنه لما قتل أخاه هابيل هرب من أبيه إلى اليمن، فجاءه إبليس لعنه الله، وقال له: إنما قبل قربان هابيل وأكلته النار لأنه كان يخدمها ويعبدها. فانصب أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك، فبنى بيت نار. فهو أول من نصب النار وعبدها. وأول من عظمها من ملوك الفرس، جم. وهو أحد ملوك الفرس الأول، عظمه ودعل الناس إلى تعظيمها، وقال: إنها تشبه ضوء الشمس والكواكب، لأن النور عنده أفضل من الظلمة. ثم عبدت النار بالعراق، وأرض فارس، وكرمان، وسجستان، وخراسان، وطبرستان، والجبال، وأذربيجان، وأران، وفي بلاد الهند، والسند، والصين. وبنى في جميع هذه الأماكن بيوت للنيران، نذكرها بعد إن شاء الله تعالى. ثم انقطعت عبادة النيران من أكثر هذه الأماكن إلا الهند. فإنهم يعبدونها إلى يومنا هذا. وهم طئفة تدعى الإكنواطرية. زعموا أن النار أعظم العناصر جرما، وأوسعها حيزا، وأعلاها مكانا، وأشرفها جوهرا، وأنورها ضياء وإشراقا، وألطفها جسما وكيانا، وأن الاحتياج إليها أكثر من الاحتياج إلى سائر الطبائع؛ ولا نور في العالم إلا بها، ولا نمو ولا انعقاد إلا بممازجتها. وعبادتهم لها أن يحفروا أخدودا مربعا في الأرض ويحشوا النار فيه، وثم لا يدعون طعاما لذيذا، ولا شرابا لطيفا، ولا ثوبا فاخرا، ولا عطرا فائحا، ولا جوهرا نفيسا، إلا طرحوه فيها: تقربا إليها، وتبركا بها، وحرموا إلقاء النفوس فيها، وإحراق الأبدان بها، خلافا لجماعة أخرى من زهاد الهند. وعلى هذا المذهب أكثر ملوك الهند وعظمائها. يعظمون النار لجوهرها تعظيما بالغا، ويقدمونها على الموجودات كلها. ومنهم زهاد وعباد يجلسون حول النار صاغين، يسدون منافسهم حتى لا يصل إليها أنفاسهم نفس صدر عن صدر مجرم. وسنتهم الحث على الأخلاق الحسنة، والمنع من أضدادها، وهي الكذب، والحسد، والحقد، والكفاح، والحرص، والبغي، والبطر. فإذا تجرد الإنسان عنها، تقرب من النار. وأما بيوت النيران، ومن رسمها من ملوك الفرس قال المسعودي: أول ما حكى ذلك عنه أفريدون الملك. وذلك أنه وجد نارا يعظمها أهلها، و " هم " معتكفون على عبادتها. " فسألهم عن خبرها ووجه الحكمة منهم في عبادتها. فأخبروه بأشياء اجتذبت نفسه إلى عبادتها " وأنها واسطة بين الله تعالى وبين خلقه، وأنها من جنس الآلهة النورية، وأشياء ذكروها له. وجعلوا للنور مراتب وقوانين " وفرقوا بين طبع النار والنور " وزعموا أن الحيوان يجتذبه النور، فيحرق نفسه: كالفراش الطائر بالليل فما لطف جسمه، ويطرح نفسه في السراج فيحرقها. وغير ذلك مما يقع في صيد الليل من الغزلان، والوحش، والطير، وكظهور الحيتان في الماء إذا قربت من السراج في الزوارق كما يصاد السمك ببلاد البصرة في الليل، فإنهم يجعلون السرج حوالي المركب، فيثب السمك من الماء إليها؛ وان النور صلاح هذا العالم، وشرف النار على الظلمة إلى غير ذلك. فلما أخبروا أفريدون بذلك أمر أن تحمل جمرة منها إلى خراسان، فحملت. فاتخذ لها بيتا بطوس. " واتخذ بيتا آخر بمدينة بخارا يقال له برد سورة " . وبيتا آخر بسجستان كواكر، كان اتخذه بهمن بن إسفنديار بن يستاسف بن يهراسف. وبيت آخر ببلاد الشير والران، كانت فيه أصنام أخرجها منه أنوشروان، وقيل إنه صادف هذا البيت، وفيه نار معظمة فنقلها إلى الموضع المعروف بالبركة. وبيت آخر للنار يقال له كوسجة: بناه كيخسرو الملك. وقد كان بقومس بيت نار معظم لا يدرى من بناه، ويقال له حريش. ويقال أن الإسكندر لما غلب عليها. تركها ولم يطفئها. وبيت نار آخر يسمى كنكدز، بناه سياوش بن كاوس الجبار، وذلك في زمن لبثه بشرق الصين مما يلي البركة. وبيت نار بمدينة أرجان من ارض فارس، بناه قمار. وبيت بأرض فارس أتخذ في أيام يهراسف. |
|
25-06-2018, 11:09 PM | #26 |
| فهذه البيوت كانت زرادشت بعد ذلك بيوتا للنيران. فكان مما اتخذ بيت بمدينة نيسابور من بلاد خراسان، وبيت بمدينة نسا والبيضاء من أرض فارس. وقد كان زرادشت أمر يستاسف الملك بطلب نار كان يعظمها جم فطلبت، فوجدت بمدينة خوارزم. فنقلها يستاسف الملك إلى مدينة دار بجرد من أرض فارس والمجوس تعظم هذه النار مالا تعظم غيرها من النيران والبيوت وللفرس بيت نار بإصطخر فارس، يعظمه المجوس. كان في قديم الزمان للأصنام، فأخرجتها جمان بنت بهمن بن اسبنديار وجعلته بيت نار. ثم نقلت عنه النار فجرب وفي مدينة سابور من أرض فارس بيت معظم عندهم اتخذه دارا بن دارا. وفي مدينة جور من أرض فارس بيت بناه أردشير بن بابك وقد كان أردشير بني بيت نار يقال له بارنوا في اليوم الثاني من غلبته على فارس. وبيت نار على خليج القسطنطينية من بلاد الروم بناه سابور الجنود ابن أردشير بن بابك حين نزل على هذا الخليج وحاصر القسطنطينية. ولم يزل هذا البيتإلى خلافة المهدي. وكان سابور اشترط على الروم بقاء هذا البيت وبأرض العراق بين نار بالقرب من مدينة السلام. بنته بوران بنت كسرى ابرويز، الملكة، بالموضع المعروف بأسنيبا. وبيوت النيران كثيرة تعظمها المجوس. والذي ذكرناه هو المشهور منها. نيران العرب ونيران العرب أربعة عشر نارا. نار المزدلفة توقد حتى يراها من دفع من عرفة. وأول من أوقدها قصي بن كلاب. نار الاستسقاء كانت الجاهلية الأولى ، إذا تتابعت عليهم الأزمات، واشتد الجدب، واحتاجوا إلى الأمطار. يجمعون لها بقرا، في أذنابها وعراقيبها السلع والعشر، ويصعدون بها إلى جبل وعر، ويشعلون فيها النار، ويضجون بالدعاء والتضرع. وكانوا يرون ذلك من الأسباب المتوصل بها إلى نزول الغيث. وفي ذاك يقول الوديك الطائي: لا در در رجال خاب سعيهم، ... يستمطرون لدى الأزمات بالعشر؟؟؟؟؟؟؟! أجاعل أنت بيقورا مسلعة ... ذريعة لك بين الله والمطر؟ وقال أمية بن أبي الصلت: ويسوقون باقر السهل للطو ... د مهازيل خشية أن تبورا. عاقدين النيران في بكر الأذ ... ناب منها، لكي تهيج النحورا. سلع ما ومثله عشر ما ... عائل وما وعالت البيقورا. نار الزائر والمسافر ويسمونها نار الطرد. وذلك أنهم كانوا إذا لم يحبوا رجوع شخص، أوقدوا خلفه نارا ودعوا عليه. ويقولون في الدعاء. أبعد الله وأسحقه! وأوقدوا نار إثره. قال الشاعر: وجمة قوم قد أتوك ولم تكن ... لتوقد نارا خلفها للتندم. والجمة: الجماعة يمشون في الدم، وفي الصلح. ومعنى هذا البيت: لم تندم على ما أعطيت في الحمالة عند كلام الجماعة، فتوقد خلفهم نارا كي لا يعودوا. نار التحاليف كانوا لا يعقدون حلفهم إلا عليها، فيذكرون منافعها، ويدعون الله بالحرمان والمنع من منافعها على الذي ينقض العهد، ويطرحون فيها الكبريت والملح. فإذ فرقعت هول على الحالف. قال الكميت: همو خوفوني بالعمى هوة الردى ... كما شب نار الحالفين المهول. وقال أوس بن حجر : إذا استقبلته الشمس، صد بوجهه ... كما صد عن نار المهول حالف. نار الغدر كانت العرب إذا غدر الرحل بجاره، أوقدوا له نارا بمنى، أيام الحج على الأخشب " وهو الجبل المطل على منى " . ثم صاحوا: هذه غدرة فلان. قالت امرأة من هاشم: فإن نهلك فلم نعرف عقوقا ... ولم توقد لنا بالغدر نار. نار السلامة وهي نار توقد للقادم من سفره، إذا قدم بالسلامة والغنيمة. قال الشاعر: يا سليمى أوقدي النارا ... إن من تهوين قد زارا. نار الحرب وتسمى نار الأهبة والإنذار. توقد على يفاع، فتكون إعلاما لمن بعد. قال ابن الرومي: له ناران: نار قرى وحرب. ... ترى كلتيهما ذات التهاب. نار الصيد يوقدونها لصيد الظباء، لتعشى أبصارها. نار الأسد كانت العرب توقدها إذا خافوه؛ فإن الأسد إذا عاين النار حدق إليها وتأملها. نار السليم توقد للملدوغ، والمجروح، ومن عضه الكلب حتى لا يناموا فيشتد بهم الألم. قال النابغة: |
|
25-06-2018, 11:10 PM | #27 |
| يسهد من ليل التمام سليمها ... لحلى النساء في يديه قعاقع. وذلك لأنهم يعقلون عليه حلى النساء ويتركونه سبع أيام. نار الفداء وذلك أن ملوكهم كانوا إذا سبوا قبيلة وخرجت إليهم السادات في الفداء وفي الاستهياب، كرهوا أن يعرضوا النساء نهارا فيفتضحن. وأما في الظلمة فيخفى قدر ما يحسبون من الصفي لأنفسهم، وقدر ما يجودون به، وما يأخذون عليه الفداء. فيوقدون لذلك النار. قال الشاعر: نساء بني شيبان يوم أوارة ... على النار إذ تجلى له فتيانها. نار الوسم كانوا يقولون للرجل: ما نارك؟ " في الاستخبار عن الإبل " أو ما سمتك؟ " فيقول " : حياط، أو علاط، أو حلقة، أو كذا، أوكذا. حكي أن بعض اللصوص قرب إبلا كان قد أغار عليها وسلبها من قبائل شتى إلى بعض الأسواق، فقال له بعض: ما نراك؟ وإنما سأله عن ذلك، لأنهم كانوا يعرفون ميسم كل قوم وكرم إبلهم من لؤمها، فقال: تسألني الباعة: ما نجارها، ... إذ زعزعوها فسمت أبصارها؟ وكل دار لأناس دارها! ... وكل نار العالمين نارها! نار القرى وهي من أعظم مفاخر العرب. كانوا يوقدونها في ليالي الشتاء، ويرفعونها لمن يلتمس القرى. فكلما كانت أضخم وموضعها أرفع، كان أفخر، وهم يتمادحون بها، قال الشاعر: له نار تشب بكل واد ... إذا النيران ألبست القناعا. وقال إبراهيم بن هرمة: إذا ضل عنهم ضيفهم، رفعوا له ... من النار في الظلماء ألوية حمرا. وكانت للعرب نار عظمى تسمى نار الحرتين وهي التي أطفأها الله تعالى بخالد بن سنان العبسي. وكانت حرة ببلاد عبس، وتسمى حرة الحدثان. روي عن ابن الكلبي أنه قال: كان يخرج منها عنق فيسيح مسافة ثلاثة أو أربعة أميال، لا تمر بشيء إلا أحرقته. وأن خالد بن سنان أخذ من كل بطن من بني عبس رجلا فخرج بهم نحوها، ومعه درة حتى انتهى إلى طرفها، وقد خرج منها عنق كأنها عنق بعير فأحاط بهم، فقالوا له: هلكت والله أشياخ بني عبس آخر الدهر! فقال خالد كلا! وجعل يضرب ذلك العنق بالدرة ويقول: بدا بدا، كل هدي الله يؤدى! أنا عبد الله خالد بن سنان! فما زال يضربه حتى رجع، وهو يتبعه والقوم معه كأنه ثعبان يتملك حجارة الحرة حتى انتهى إلى قليب، فانساب فيه وتقدم عليه، فمكث طويلا. فقال ابن عم لخالد، يقال له عروة بن شب: لا أرى خالدا يخرج إليكم أبدا! فخرج ينطف عرقا، وهو يقول: زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج. فقيل لهم بنو راعية المعزى إلى الآن. وفي هذه النار يقول الشاعر: كنار الحرتين لها زفير ... تصم مسامع الرجل السميع. النيران المجازية ومن النيران، نيران مجازية لا حقيقة. فمنها: نار البرق. وقد وصفها بعض الأعراب فقال: نار تجدد للعيدان نظرتها ... والنار تشعل عيدان فتحترق. إشارة إلى أن النار تحرق العيدان، إلا نار البرق فأنها تجيء بالغيث. نار المعدة. وهي التي تهضم الطعام. وهي كنار الحياة، ونار الغريزة. وقوتها مادة للصحة، كما أن ضعفها سبب للعلة. نار الحمى. وقد قيل: النيران ثلاثة: نار لا تأكل ولا تشرب، وهي نار الآخرة؛ ونار تأكل وتشرب، وهي نار الحمى،تأكل اللحم وتشرب الدم؛ ونار تأكل ولا تشرب، وهي نار الدنيا. ومن النيران المجازية: نار الشوق، نار الشره، نار الشباب، نار الشراب. قال شاعر يمدح بعض الملوك: وقيت نار الجحيم يا ملك، ... أربع نيرانه له نسق! نار شباب تروق نظرتها، ... ونار راح كأنه شفق، ونار سلطانه، تقارنها ... نار قرى لا تزال تأتلق، نيران يضرب المثل بها يضرب المثل: بنار الحباحب. وهي نار لبخيل كان يوقدها. فإذا استضاء بها إنسان، أطفأها. وقيل: إنها النار التي توريها الخيل بسنابكها من الحجارة. قال الله تعالى: " فالموريات قدحا " . وقال النابغة: ويوقدن بالصفاح نار الحباحب. وهذا المثل يضرب لما لا منفعة فيه ولا حاصل له. نار الغضى، يضرب بها المثل في الحرارة. وهي جمر أبيض لا يصلح إلا للوقود. نار العرفج. وهي نار تتقد سريعا. قال قتيبة بن مسلم لعمرو بن عباد بن الحصين: |
|
25-06-2018, 11:11 PM | #28 |
| للسؤدد أسرع إليك من النار في يبس العرفج. إذا التهبت فيه النار انتشرت وتسمى نار الزحفتين، لأن العرفج إذا انتشرت فيه النار عظمت واستفاضت. فمن كان بالقرب منها زحف عنها، ثم لا تلبث أن تنطفئ من ساعتها. فيحتاج الذي زحف عنها أن يزحف إليها. فلا يزال المصطلى بها كذلك، فلذلك سميت نار الزحفتين. نار الحلفاء. يضرب بها المثل في سرعة الاتقاد، كما قيل: فما ظنك بالحلفا ... ء أدنيت له نارا. وفي سرعة الانطفاء، كما قيل: نار الحلفاء، سريعة الانطفاء. ما جاء منها على لفظ أفعل يقال: آكل من النار؛ أحر من الجمرة؛ أحسن من النار؛ أسرع من شرارة في قصباء.ويقال: فلان واري الزناد؛ وريت بك زنادي؛ فلان ثاقب الزند؛ فلان كابي الزناد؛ صلدت زناده؛ فلام يصطلى بناره؛ هو القابس العجلان؛ هما زندان في وعاء. ومن أنصاف الأبيات: والنار قد يخمدها النافخ ... كملتمس إطفاء نار بنافخ والجمر يوضع في الرماد فيخمد ... كذا كل نارروحت تتوهج هيهات تكتم في الظلام المشاعل ومن الأبيات قول علي بن الجهم: والنار في أحجارها مكنونة ... لا تصطلى إن لم تثرها الأزند وقال آخر: والنار بالماء الذي هو ضدها ... تعطي النضاج، وطبعها الإحراق. وقال آخر: والكاتم الأمر ليس يخفى ... كالموقد النار باليفاع. وقال آخر: لا تتبع كل دخان ترى ... فالنار قد توقد للكي. وقال أبو تمام: لولا اشتعال النار فيما جاورت، ... ما كان يعرف طيب عرف العود. وقال آخر: وفتيلة المصباح تحرق نفسها ... وتضيء للساري، وأنت كذاكا. وصف النار وتشبيهها قال عبد الله بن المعتز، غفر الله له: كأن الشرار على نارها ... وقد راق منظرها كل عين. سحالة تبر إذا ما علا ... فإما هوى ففتات اللجين. أخذه العسكري فقال: أوقدت بعد الهدو نارا ... لها على الطارقين عين. شرارها إن علا نضار ... لكنه إن هوى لجين. وقال السري الرفاء: والتهبت نارنا، فمنظرها ... يغنيك عن كل منظر عجب. إذا رمت بالشرار فاطردت ... على ذراها مطارد اللهب، رأيت ياقوتة مشبكة ... تطير عنها قراضة الذهب. وقال إبراهيم بن خفاجة الأندلسي: حمراء نازعت الرياح رداءها ... وهنا وزاحمت السماء بمنكب. ضربت سماء من دخان فوقها، ... لم تدر منها شعلة من كوكب. وتنفخت عن كل نفحة جمرة ... باتت لها ريح الشمال بمرقب. قد ألهبت فتذهبت فكأنها ... شقراء تمرح في عجاج أكهب. وقال أبو الفتح كشاجم: كأنما النار والرماد وقد ... كاد يوارى من نورها النورا: ورد جني القطاف أحمر قد ... ذرت عليه الأكف كافورا. وقال تاج الملوك بن أيوب: أما ترى النار وهي تضرم في ... أحشاء كانونها وتلتهب؟ كأنما الفحم فوقها قضب ... من عنبر وهي تحته ذهب. وقال أبو مروان بن أبي الخصال: لابنة الزند في الكوانين جمر ... كالدراري في دجى الظلماء. خبروني عنها و لا تكتموني، ... ألديها صناعة الكيمياء؟ سبكت فحمها صفائح تبر ... رصعتها بالفضة البيضاء. كلما رفرف النسيم عليها ... رقصت في غلالة حمراء. هذا البيت مأخوذ من قول الخفاجي: وكأنها والريح عابثة بها ... تزهى فترقص في قميص أحمر. وقال أبو هلال العسمري: نار تلعب بالسقوف كأنها ... حلل مشققة على حبشان. ردت عليها الريح فضل دخانها ... فأنت به سبجا على عقيان. فالجو يضحك في ابيضاض شرائر ... منها ويعبس في اسوداد دخان. وقال ابن أبي الخصال: وعوجوا على ياقوتة ذهبية ... يهيم بها المقرور بالسبرات. إذا ما ارتمت من فحمها بشرارها ... رأيت نجوم الليل منكدرات. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأدب , المرة , في , فنون , نهاية |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سلسلة لعلهم يتفكرون | تيماء | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 65 | 24-09-2018 10:41 AM |
العقيدة من مفهوم القران والسنة | تيماء | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 34 | 20-07-2018 09:12 AM |
ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 29-06-2017 02:53 AM |
فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 26-05-2017 03:24 PM |
مختصر كتاب( طوق الحمامة) | نزيف الماضي | ( همسات الثقافه العامه ) | 12 | 23-03-2015 10:14 AM |