ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > (همسات الحج والعمره)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-07-2020, 01:30 PM   #85


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



المبحث التاسع: لَقْطُ حَصَياتِ الرَّجْمِ




تُلتَقطُ حَصيَاتُ الرَّجْمِ مِن أيِّ مكانٍ، من مُزْدَلِفة (1) ، أو مِن الطريقِ إلى مِنًى أو غيرِ ذلك، فمِن حيث أخَذَه أجْزَأَه (2) ، وذلك باتِّفاقِ المذاهِبِ الفقهيَّةِ الأربعةِ: الحنفيَّة (3) ، والمالكيَّة (4) ، والشَّافعيَّة (5) ، والحنابلةِ (6) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
- أن ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غداةَ العَقَبةِ وهو على راحلته: ((هات الْقُطْ لي، فلَقَطْتُ له حَصَياتٍ هن حَصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: بأمثالَ هؤلاءِ وإيَّاكم والغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فإنَّما أهلَكَ مَن كان قَبْلَكم الغُلُوُّ في الدِّينِ)) (7) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أمْرَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لابنِ عبَّاسٍ بلَقْطِ الحَصى كان بمِنًى (8) .
ثانيًا: أنَّ عليه فِعْلَ المسلمينَ، وهو أحَدُ نَوعَيِ الإجماعِ (9) .


 

رد مع اقتباس
قديم 24-07-2020, 01:31 PM   #86


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



المبحث العاشر: النِّيابةُ (التَّوكيلُ) في الرَّمْيِ



محتويات الصفحة:

- المطلب الأوَّل: حُكْمُ التَّوكيلِ في الرَّمْيِ للمَعْذورِ.- المطلب الثَّاني: هل يُشْتَرَط أن يكونَ النَّائِبُ (الوكيل) قد رمى عن نَفسِه؟.- المطلب الثالث: الرَّميُ عن الصبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه.

المطلب الأوَّل: حُكْمُ التَّوكيلِ في الرَّمْيِ للمَعْذورِ
من كان لا يستطيعُ الرَّمْيَ بسبَبِ علَّةٍ لا يُرجَى زوالُها قبلَ خُروجِ وَقتِ الرَّميِ؛ فإنَّه يجِبُ عليه أن يستَنِيبَ مَن يَرمي عنه (1) ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (2) ، والشَّافعيَّة (3) ، والحَنابِلة (4) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قولُ اللهِ تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن: 16].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الاستنابةَ في الرَّميِ هي غايةُ ما يَقدِرُ عليه (5) .
ثانيًا: أنَّه لَمَّا جازت النيابةُ عنه في أصلِ الحَجِّ، فجوازُها في أبعاضِه أَوْلَى (6) .
ثالثًا: أنَّ زَمَنَ الرَّمْيِ مُضَيَّقٌ، ويفوت ولا يُشْرَع قضاؤه، فجاز لهم أن يوكِّلوا، بخلافِ الطَّوافِ والسَّعي فإنَّهما لا يفوتانِ، فلا تُشرَع النيابةُ فيهما (7) .
المطلب الثَّاني: هل يُشْتَرَط أن يكونَ النَّائِبُ (الوكيل) قد رمى عن نَفسِه؟
يُشْتَرَط أنْ يرمي النائبُ عن نفسِه ثم يرمي عن مُوَكِّلِه (8) ، وهذا مذهبُ الشَّافعيَّة (9) ، والحَنابِلة (10) ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ (11) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ تداخُلِ الأعمالِ البدنيَّةِ (12) .
ثانيًا: أنَّه لا يجوزُ أن ينوبَ عن الغيرِ، وعليه فَرْضُ نَفْسِه (13) .
ثالثًا: أنَّه لو رمى عن غيرِه قبل أن يرمِيَ عن نفسِه؛ فإنَّه يقع عن نفسِه، كأصْلِ الحجِّ (14) .
المطلب الثالث: الرَّميُ عن الصبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه
يجوزُ الرَّميُ عن الصَّبيِّ إذا لم يَقدِرْ عليه بنفْسِه.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن المنذر (15) ، والقرطبي (16) ، والنووي (17) .


 

رد مع اقتباس
قديم 24-07-2020, 01:32 PM   #87


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



المبحث الأوَّل: ذبحُ الهَدْي



محتويات الصفحة:

- المطلب الأوَّل: جنس الهدي وما يُجْزِئُ مِنَه.- الفرع الأول: جِنسُ الهَدْيِ.- الفرع الثاني: ما يجزئ من الهدي.- الفرع الثالث: السِّنُّ التي تُجزِئ في الهَديِ.- الفرع الرابع: أيُّ الهَديِ أفضلُ؟.- المطلب الثَّاني: حُكْمُ الاشتراكِ في الهَدْيِ.- الفرع الأول: الاشتراك في الإبل والبقر.- الفرع الثاني: الاشتراكُ في الشَّاةِ.- الفرعٌ الثالث: حُكْمُ التصَدُّقِ بقيمةِ الهَدْيِ.- المطلب الثالث: سَوْقُ الهَدْي وتَقليده.- الفرع الأول: سَوْقُ الهَدْي.- الفرع الثاني: تَقليدُ الهَديِ (43) .- المطلب الرابع: زَمَنُ الذَّبحِ.- الفرع الأول: أوَّلُ زَمَنِ الذَّبحِ.- الفرع الثاني: آخِرُ زَمَنِ الذَّبْحِ.- فرعٌ: .- المطلب الخامس: مكانُ الذَّبْحِ.- المطلب السادس: التطوُّعُ في الهَدْيِ.- المطلب السابع: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ.- الفرع الأوَّل: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التطوُّعِ.- الفرع الثَّاني: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ.- الفرع الثَّالث: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجَبَ لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرِه، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ.- الفرع الرابع: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ الكفَّاراتِ.- المطلب الثامن: مَنْ لم يقْدِرْ على الهَدْيِ.- الفرع الأوَّل: حُكْمُ مَن لم يقدِرْ على الهَدْيِ.- الفرع الثَّاني: وقْتُ صيامِ الأيَّامِ الثَلاثةِ في الحَجِّ لِمَنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ.- مسألةٌ: .- الفرع الثَّالث: صيامُ أيَّامِ التَّشريقِ لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ.- الفرع الرابع: حُكْمُ مَن فاتَه الصِّيامُ في الحَجِّ.- الفرع الخامس: ما يلْزَمُ مَن أخَّرَ صيامَ الأيامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حَجُّه.- الفرع السادس: حُكْمُ صيامِ الأيَّامِ السبْعةِ بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ.- الفرع السابع: حُكْمُ التَّتابُعِ في صيامِ هذه الأيَّامِ .

المطلب الأوَّل: جنس الهدي وما يُجْزِئُ مِنَه
الفرع الأول: جِنسُ الهَدْيِ
يكونُ الهَديُ من: الإبلِ، والبَقرِ، والضَّأنِ، والمَعْزِ.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك الجصاص (1) ، وابن حزم (2) ، وابن عبد البر (3) ، وابن رشد (4) .
الفرع الثاني: ما يجزئ من الهدي
الهَدْيُ شاةٌ، أو سُبْعُ بَدَنَةٍ، أو سُبْعُ بَقَرَةٍ، فإنْ نَحَرَ بَدَنةً، أو ذَبَحَ بقرةً، فقد زاد خيرًا، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (5) ، والشَّافعيَّة (6) ، والحَنابِلة (7) ، وهو قولُ داودَ الظاهريِّ (8) وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (9) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قولُه سبحانه وتعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اسمَ الهَدْيِ يقعُ على الشَّاةِ, والبَقَرةِ, والبَدَنةِ (10) .
ثانيًا: مِنَ الآثار
عن أبي جَمْرةَ قال: ((سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عن المُتعةِ، فأمَرَني بها، وسَأَلْتُه عن الهَدْيِ، فقال: فيها جَزُورٌ, أو بَقَرةٌ, أو شاةٌ, أو شِرْكٌ في دَمٍ)) (11) .
الفرع الثالث: السِّنُّ التي تُجزِئ في الهَديِ
يُجزِئُ في الهَدْيِ الثَّنيُّ (12) فما فوقَه.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ المُغلِّس (13) ، وابنُ حزْمٍ (14) ، وابنُ عبد البر (15) ، وابنُ رُشْد (16) .
الفرع الرابع: أيُّ الهَديِ أفضلُ؟
الإبلُ أفضلُ مِن البَقرِ، والبقرُ أفضلُ من الغنمِ في الهَدايا.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر (17) ، وابن رشد (18) ، والنووي (19) ، والمرداوي (20) .
المطلب الثَّاني: حُكْمُ الاشتراكِ في الهَدْيِ
الفرع الأول: الاشتراك في الإبل والبقر
يجوزُ الاشتراكُ في الهَدْيِ في الإبِلِ والبَقَرِ إلى حَدِّ سبعةِ أشْخاصٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (21) ، والشَّافعيَّة (22) ، والحَنابِلة (23) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ (مِن) للتَّبعيضِ، فجاز الاشتراكُ في الهَدْيِ بظاهِرِ الآيةِ (24) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((نَحَرْنا مع رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يومَ الحُدَيبِيَةِ البَدَنةَ عن سَبْعةٍ, والبَقَرةَ عن سَبْعةٍ)) (25) .
2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((فنَحَرَ عليه السلامُ ثلاثًا وستينَ, فأعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَر, وأشرَكَه في هَدْيِه)) (26) .
3- عن أبي جَمْرة قال: ((سألتُ ابنَ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما، عن المُتعةِ فأمَرَني بها، وسأَلْتُه عن الهَدْيِ، فقال: فيها جَزورٌ, أو بقَرَةٌ, أو شاةٌ, أو شِرْكٌ في دَمٍ)) (27) .
ثالثًا: أنَّه وَرَدَ ذلك عن طائفةٍ كبيرةٍ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم؛ منهم: عليٌّ، وابن مسعود، وعائشة، وأنس، وإليه رجع ابنُ عمر- رَضِيَ اللهُ عنهم أجمعينَ (28) .
رابعًا: القياسُ على اشتراكِ أهلِ البَيتِ في الأضْحِيَّةِ (29) .
الفرع الثاني: الاشتراكُ في الشَّاةِ
لا يجوزُ الاشتراكُ في الشَّاةِ لِمَن لزِمَه دمٌ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر (30) ، وأبو العبَّاس القُرْطبي (31) ، والنوويُّ (32) .
الفرعٌ الثالث: حُكْمُ التصَدُّقِ بقيمةِ الهَدْيِ
لا يجوزُ أن يُستعاضَ عن ذَبْحِ الهَدْي بالتصدُّقِ بِقِيمَتِه، وهو قرارُ المَجْمَعِ الفِقهيِّ (33) ، وبه أفتتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ (34) ، وهو قولُ ابنِ باز (35) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ جلَّ وعلا أوجَبَ على المتمَتِّعِ الهَدْيُ في حالِ القُدرَةِ عليه، فإذا لم يَجِدْ هَدْيًا أو ثمَنَه، فإنَّه ينتقِلُ إلى الصِّيامِ، ولم يجعَلِ اللهُ واسطةً بين الهَدْيِ والصِّيامِ، ولا بدلًا عن الصِّيامِ عند العَجْزِ عنه (36) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((ثُمَّ لْيُهِلَّ بالحَجِّ ويُهْدِي, فمَن لم يجِدْ فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ، وسَبعةً إذا رَجَعَ إلى أهلِه)) (37) .
ثالثًا: أنَّ المقصودَ مِن هذه العبادةِ إراقةُ الدَّمِ، وأمَّا اللُّحومُ فهي مقصودةٌ بالقَصْدِ الثَّاني؛ قال تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج: 37]، وفي الاكتفاءِ بالتصدُّقِ بالثَّمَنِ دون إراقةِ الدَّمِ إضاعةٌ للقَصْدِ الأوَّلِ (38) .
رابعًا: أنَّ النُّسُكَ عبادةٌ مبنيَّةٌ على التَّوقيتِ، فلا يجوز العُدولُ عن المَشروعِ إلَّا بدليلٍ شَرعيٍّ موجِبٍ للعُدولِ عنه, وكلُّ تَشريعٍ مَبنيٍّ على التوقيتِ فإنَّه لا يدخُلُه الاجتهادُ (39) .
المطلب الثالث: سَوْقُ الهَدْي وتَقليده
الفرع الأول: سَوْقُ الهَدْي
يُستحبُّ سوقُ الهَديِ، والأفضلُ أن يَسوقَه مِن الحِلِّ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن تيميَّة (40) ، والعراقيُّ (41) ، والمرداويُّ (42) .
الفرع الثاني: تَقليدُ الهَديِ (43)
يُستحبُّ تقليدُ الإبلِ والبَقرِ.
الدليل من الإجماع:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابن عبد البر (44) ، وابن بطال (45) ، وابن رشد (46) ، والنووي (47) ، والعراقي (48) .
المطلب الرابع: زَمَنُ الذَّبحِ
الفرع الأول: أوَّلُ زَمَنِ الذَّبحِ
يبتدِئُ وَقْتُ ذَبحِ الهَدْيِ يومَ النَّحْرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (49) ، والمالِكيَّة (50) ، والحَنابِلة (51) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه جاء في الآيةِ الكريمةِ أنَّ الحَلْقَ لا يكونُ إلَّا بعد أن يبلُغَ الهَدْيُ مَحِلَّه، ومعلومٌ أنَّ الحَلقَ لا يكونُ إلَّا يومَ النَّحرِ (52) .
2- قولُه تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ [الحج: 28-29].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قَضاءَ التَّفَثِ يختَصُّ بيومِ النَّحرِ، وقد جاء مرتَّبًا على النَّحرِ والأكْلِ منه (53) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن حَفصةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((يا رسولَ اللهِ، ما شأن الناس حلوا بعمرة ولم تحلل أنت مِن عُمْرَتِك؟ فقال: إنِّي لبَّدْتُ رأسِي، وقلَّدْتُ هَدْيي، فلا أحِلُّ حتى أنحَرَ)) (54) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه علَّقَ الحِلَّ على النَّحر، ومعلومٌ أنَّ الحِلَّ لا يكونُ إلَّا يومَ النَّحرِ (55) :
2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابَه قَدِموا في عَشْرِ ذي الحِجَّة، وقد بَقِيَتِ الغَنَمُ والإبلُ التي معهم موقوفةً حتى جاء يومُ النَّحرِ، فلو كان ذبحُها جائزًا قبل ذلك لبادَرَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأصحابُه إليه في الأيَّامِ الأربعةِ التي أقاموها قبل خُرُوجِهم إلى عَرَفاتٍ؛ لأنَّ النَّاسَ بحاجةٍ إلى اللُّحومِ في ذلك الوقتِ، فلمَّا لم يفعَلْ ذلك دلَّ ذلك على عَدَمِ الإجزاءِ، وأنَّ الذي ذبحَ قبلَ يومِ النَّحرِ قد خالَفَ السنَّة، وأتى بشرعٍ جديدٍ؛ فلا يُجْزِئُ؛ كمن صلَّى أو صام قبل الوقتِ (56) .
3- أنَّه لو كان ذبحُ الهَدْيِ جائزًا قبل يوم العيدِ؛ لفَعَلَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حينما أمَرَ أصحابَه أن يَحِلُّوا مِنَ العُمْرةِ مَنْ لم يكن معه هَدْيٌ؛ لأجلِ أن يطمئِنَّ أصحابُه في التحلُّلِ مِنَ العُمْرةِ، فدلَّ امتناعُ الرَّسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن ذَبْحِ هَدْيِه قبل يوم النَّحرِ مع دعاءِ الحاجةِ إليه على أنَّه لا يجوزُ (57) .
ثالثًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ، فلا يجوزُ قبل يومِ النَّحرِ، كالأضْحِيَّة (58) .
الفرع الثاني: آخِرُ زَمَنِ الذَّبْحِ
اختلفَ أهلُ العِلمِ في آخِرِ زَمَنِ الذَّبحِ على أقوال، أشهَرُها قولانِ:
القول الأوّل: أنَّ زَمَنَ الذَّبحِ يستمِرُّ إلى يومينِ بعد يوم النَّحرِ، فيكون مجموعُ أيَّامِ النَّحرِ ثلاثةَ أيَّامٍ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (59) ، والمالِكيَّة (60) ، والحَنابِلة (61) ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (62) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأيَّامَ المعلوماتِ هي يومُ النَّحرِ ويومانِ بعده، ويدلُّ على ذلك أنَّ لفظ: (المعلومات) جمعُ قلَّةٍ، والمتيقَّنُ منه الثلاثةُ، وما بعد الثَّلاثةِ غيرُ متيقَّنٍ، فلا يُعمَل به (63) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعدَ ثلاثٍ)) (64) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه أباح الأكَلَ منها في أيَّامِ الذَّبحِ، ولو كان اليومُ الرَّابِعُ منها لكان قد حَرَّمَ على من ذَبَحَ في ذلك اليومِ أن يأكُلَ مِن أضْحِيَّتِه، وليس هناك فرقٌ بين الأضْحِيَّة والهَدْيِ بالنسبةِ لزَمَن الذَّبح (65) .
ثالثًا: أنَّه وَرَدَ عن الصحابة رَضِيَ اللهُ عنهم تخصيصُه بالعيدِ ويومينِ بعده، منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وأبو هريرة، وأنس، وابن عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يُعرَف لهم مِنَ الصَّحابةِ مخالِفٌ, ومثلُ هذا لا يُقالُ بالرأي (66) .
رابعًا: أنَّه قد ثبَتَ الفَرْقُ بين أيَّامِ النَّحْرِ وأيَّامِ التَّشريقِ؛ ولو كانت أيامُ النَّحرِ أيَّامِ التَّشريقِ لَمَا كان بينهما فرقٌ، وكان ذِكْرُ أحَدِ العَدَدينِ ينوبُ عن الآخَرِ (67) .
القول الثاني: أنَّ وَقتَ الذَّبحِ ينتهي بغُروبِ شَمْسِ اليومِ الثَّالثِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا مذهَبُ الشَّافعيِّ (68) ، وقولٌ للحَنابِلة (69) ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (70) ، واختارَه ابنُ المُنْذِر (71) ، وابنُ تيميَّة (72) ، وابنُ باز (73) ، وابنُ عُثيمين (74) ، وبه صدَرَ قرارُ هيئةِ كبارِ العُلَماءِ (75) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قولُه تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ هَدْيَه يومَ النَّحْرِ (76) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لَمَّا لم يَحْظُر على النَّاسِ أن ينحَرُوا بعدَ يومِ النَّحر بيومٍ أو يومينِ؛ لم نَجِدِ اليومَ الثَّالثَ مفارِقًا لليومينِ قَبْلَه؛ لأنَّه يُنْسَكُ فيه ويُرمَى، كما يُنْسَكُ ويُرمَى فيهما (77) .
2- عن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((كلُّ مِنًى مَنحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْحٌ)) (78) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ نَصٌّ في الدَّلالةِ على أنَّ كُلَّ أيَّامِ مِنًى أيامُ نَحرٍ (79) .
ثالثًا: أنَّ الثَّلاثةَ أيَّامٍ تختَصُّ بكونها أيامَ مِنًى، وأيامَ الرَّمْيِ، وأيَّامَ التَّشريقِ، وأيَّامَ تَكبيرٍ وإفطارٍ، ويحرُمُ صيامُها؛ فهى إخْوةٌ في هذه الأحكامِ، فكيف تَفْتَرِقُ في جوازِ الذَّبحِ بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ؟! (80) .
فرعٌ:
السنَّة في وقتِ النَّحرِ أن يكون يومَ العيدِ بعد أن يُفْرَغَ مِنَ الرَّمْيِ وقبل الحَلْقِ أو التَّقْصيرِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى سَبْعَ حَصَياتٍ مِن بطنِ الوادي، ثم انصَرَفَ إلى المَنْحَرِ فنَحَرَ)) (81) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ (82) وابنُ رُشْدٍ (83) ، وابنُ حَجَرٍ (84) .
المطلب الخامس: مكانُ الذَّبْحِ
يجب أن يكونَ ذَبْحُ الهَدْيِ في الحَرَمِ، ولا يختصُّ بمِنًى، وإن كان الأفضَلُ أن يكون بمِنًى، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (85) ، والشَّافعيَّة (86) ، والحَنابِلة (87) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قال تعالى: وَلَا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مَحِلَّ الهَدْيِ الحَرَمُ عند القُدرةِ على إيصالِه (88) .
2- قال اللهُ تعالى: ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 33].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النصَّ جاء بأنَّ شعائِرَ اللهِ تعالى مَحِلُّها إلى البيتِ العَتيقِ، وهذا عامٌّ في الهدايا (89) .
3- قال تعالى في جزاءِ الصَّيدِ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ [المائدة: 95].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لو جاز ذَبحُه في غيرِ الحَرَمِ لم يكُنْ لذِكْرِ بلوغِه الكعبةَ معنًى، وهذا الحكمُ وإن كان في كفَّارةِ الصَّيدِ إلَّا أنَّه صار أصْلًا في دماءِ النُّسُكِ (90) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((نَحَرْتُ ها هنا، ومِنًى كلُّها مَنْحَرٌ)) (91) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
يدلُّ على أنَّه حيثما نُحِرَتِ البُدُنُ, والهَدايا- مِن فجاجِ مكَّةَ ومِنًى والحَرَمِ كُلِّه- فقد أصاب النَّاحِرُ (92) .
2- أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ هَدْيَه في مِنًى، وقال: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) (93) .
ثالثًا: أنَّ الهَدْي اسمٌ لِمَا يُهدَى إلى مكانِ الهدايا، ومكانُ الهدايا الحَرَمُ، وإضافةُ الهدايا إلى الحرمِ ثابتةٌ بالإجماعِ (94) .
رابعًا: أنَّ هذا دمٌ يجبُ للنُّسُكِ، فوجب أن يكونَ في مكانِه، وهو الحَرَمُ (95) .
المطلب السادس: التطوُّعُ في الهَدْيِ
يُسَنُّ التطوُّعُ بالهَدْيِ للمُفْرِد والمتمَتِّع والقارِن (96) وللحاجِّ ولغيرِ الحاجِّ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفَةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثم انصَرَفَ إلى المنحَرِ، فنَحَرَ ثلاثًا وستِّينَ بِيَدِه، ثم أعطى عليًّا، فنحر ما غَبَر، وأشْرَكَه في هَدْيِه، ثم أمَرَ مِن كُلِّ بدَنةٍ ببَضْعَةٍ، فجُعِلَتْ في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكَلا مِن لَحْمِها وشَرِبَا مِن مَرَقِها)) (97) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه معلومٌ أنَّ ما زاد على الواحِدةِ منها تطوُّعٌ (98) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((أهْدَى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مرَّةً غَنمًا)) (99) .
3- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: ((فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ أشْعَرَها وقَلَّدَها، أو قَلَّدْتُها، ثم بعَثَ بها إلى البيتِ، وأقامَ بالمدينةِ، فما حَرُمَ عليه شيءٌ كان له حِلٌّ)) (100) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقَلَ القرافيُّ الإجماعَ على ذلك (101) .
المطلب السابع: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ
الفرع الأوَّل: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التطوُّعِ
يُسَنُّ لِمَن أهدى هدْيًا تطوُّعًا أن يأكُلَ منه إذا بلغ مَحِلَّه في الحَرَمِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
1- قال اللهُ عزَّ وجلَّ: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27].
2- وقال عزَّ وجلَّ: فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا [الحج: 36].
وَجْهُ الدَّلالة مِنَ الآيتينِ:
أنَّ فيهما الأمْرَ بالأكلِ مِنَ الهَدْيِ، وأقلُّ أحوالِ الأمرِ الاستحبابُ (102) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في حديثِه الطَّويلِ في صِفةِ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((ثمَّ انصَرَف إلى المَنْحَر، فنَحَر ثلاثًا وسِتِّينَ بِيَدِه، ثم أعطى عليًّا، فنَحَر ما غَبَرَ، وأشْرَكَه في هَدْيِه، ثم أمَرَ مِن كُلِّ بَدَنةٍ ببَضْعةٍ، فجُعِلَت في قِدْرٍ، فطُبِخَتْ، فأكَلا مِن لَحْمِها وشَرِبا مِنْ مَرَقِها)) (103) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه معلومٌ أنَّ ما زاد على الواحِدةِ منها تطوُّعٌ، وقد أكل منها وشَرِبَ مِن مَرَقِها جميعًا (104) .
2- عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((كنَّا لا نأكُلُ مِن لحوم بُدُنِنا فوق ثلاث منى فرَخَّصَ لنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: كُلُوا وتزَوَّدوا، فأكَلْنا وتَزَوَّدْنا)) (105) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على جوازِ الأكْلِ مِن هَدْيِ التطوُّعِ: النوويُّ (106) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (107) ، وابنُ حَجَرٍ (108) ، والشنقيطيُّ (109) .
رابعًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ، ولا يتعَيَّن صَرْفُه إلى الفقراءِ، والقاعدةُ أنَّ ما لم يجِبْ صَرْفُه على الفُقَراءِ جاز الأكلُ منه (110) .
الفرع الثَّاني: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ
يُستحَبُّ الأكلُ مِنْ هَدْيِ التمَتُّعِ والقِرانِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (111) ، والمالِكيَّة (112) ، والحَنابِلة (113) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قال اللهُ عزَّ وجلَّ: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 28].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه سبحانه أمَرَ بالأكلِ مِنَ الهَدْيِ، فعَمَّ ولم يخُصَّ واجبًا مِن تطوُّعٍ، وهي مِن شعائِرِ اللهِ، فلا يجبُ أن يُمتَنَع مِن أكْلِ شيءٍ منها إلَّا بدليلٍ لا مُعارِضَ له أو بإجماعٍ (114) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((فدُخِلَ علينا يومَ النَّحرِ بلَحْمِ بَقَرٍ، فقلتُ: ما هذا؟ فقيل: ذَبَحَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أزواجِه)) (115) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذَبَحَ عنهُنَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بَقرًا، ودُخِلَ عليهِنَّ بلَحْمِه وهنَّ متمَتِّعاتٌ، وعائشةُ منهُنَّ قارِنَةٌ، وقد أكَلْنَ جميعًا مِمَّا ذُبِحَ عَنهُنَّ في تمتُّعِهِنَّ وقرانهن بأمْرِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وهو نصٌّ صحيحٌ صريحٌ في جوازِ الأكلِ مِنْ هَدْيِ التمتُّعِ والقِرانِ (116) .
ثالثًا: أنَّه دمُ نُسُكٍ وشُكْرانٍ، وسَبَبُه غيرُ محظورٍ، ولم يُسَمَّ للمساكينِ، ولا مَدْخَلَ للإطعامِ فيه، فأشبَهَ هَدْيَ التطوُّعِ (117) .
الفرع الثَّالث: الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجَبَ لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرِه، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ
لا يجوز الأكلُ مِنَ الهَدْيِ الذي وجب لتَرْكِ نُسُكٍ أو تأخيرٍ، أو كان بسبَبِ فَسْخِ النُّسُكِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (118) ، والشَّافعيَّة (119) ، والحَنابِلة (120) . وذلك لأنَّه وقع الإجماعُ على أنَّ ما ألزَمَه اللهُ من ذلك فإنَّما ألزَمَه لغَيرِه، فغيرُ جائزٍ له أكْلُ ما عليه أن يتصَدَّقَ به, كما لو لَزِمَتْه زكاةٌ في مالِه لم يكُنْ له أن يأكُلَ منها, بل كان عليه أن يُعْطِيَها أهلَها الذين جَعَلَها اللهُ لهم (121) .
الفرع الرابع: الأكْلُ مِنْ هَدْيِ الكفَّاراتِ
لا يجوز الأكلُ مِن هَدْيِ الكفَّاراتِ الذي وجب لفعلِ محظورٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (122) ، والمالِكيَّة (123) ، والشَّافعيَّة (124) ، والحَنابِلة (125) ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ (126) ؛ وذلك لأنَّها عِوَضٌ عنِ الترَفُّه، فالجمْعُ بين الأكلِ منها والتَّرَفُّه، كالجَمْعِ بين العِوَضِ والمُعَوَّضِ (127) .
المطلب الثامن: مَنْ لم يقْدِرْ على الهَدْيِ
الفرع الأوَّل: حُكْمُ مَن لم يقدِرْ على الهَدْيِ
إذا لم يقدِرِ المتمَتِّعُ والقارِنُ على الهَدْيِ بأنْ لم يجِدْ هَدْيًا في السُّوقِ، أو وَجَدَه لكن لم يجِدْ معه ثَمَنَه- فإنِّه يصومُ عَشَرَةَ أيَّامٍ: ثلاثةً في الحَجِّ، وسَبْعةً إذا رَجَعَ (128) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ [البقرة: 196].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما قال: ((تمتَّعَ النَّاسُ مع النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالعُمرةِ إلى الحجِّ، فكان من النَّاسِ من أهدَى فساقَ الهَدْيَ، ومنهم من لم يَهْدِ، فلمَّا قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مكَّةَ، قال للنَّاسِ: من كان منكم أهدى، فإنَّه لا يَحِلُّ لشَيءٍ حَرُمَ منه حتى يقضِيَ حَجَّه، ومن لم يكُن منكم أهدى فلْيَطُفْ بالبيتِ، وبالصَّفَا والمروةِ، ولْيُقَصِّرْ، وليَحْلِلْ، ثمَّ لْيُهِلَّ بالحجِّ، فمن لم يجِدْ هدْيًا فلْيصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحجِّ وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه)) (129) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ المُنْذِر (130) وابنُ قُدامة (131) .
الفرع الثَّاني: وقْتُ صيامِ الأيَّامِ الثَلاثةِ في الحَجِّ لِمَنْ لم يَجِدِ الهَدْيَ
مَن لم يجِدِ الهَدْيَ فإنَّه يبتدئُ الصِّيامَ مِن زَمَنِ إحرامِه، سواءٌ كان بإحرامِه بالعُمْرةِ إذا كان متمتِّعًا، أو كان بإحرامِه بالحَجِّ والعُمْرةِ إذا كان قارِنًا، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة (132) ، والحَنابِلة (133) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (134) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال الله تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه جَعَلَ الحجَّ ظرفًا للصَّومِ، وأفعالُ الحَجِّ لا يُصامُ فيها، وإنَّما يُصامُ في أشْهُرِها أو وَقْتِها، فعَرَفْنا أنَّ المرادَ به وَقْتُ الحَجِّ، كما قال الله تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ (135) [البقرة: 197].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((دَخَلَتِ العُمْرةُ في الحَجِّ)) (136) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه يدلُّ على جوازِ الصِّيامِ مِنَ الإحرامِ بالعُمْرةِ؛ وذلك لأنَّ العُمْرةَ دَخَلَتْ في الحجِّ إلى يومِ القيامةِ (137) .
ثالثًا: أنَّه لا بدَّ مِنَ الحُكْمِ بجوازِ الصَّومِ بعد الإحرامِ بالعُمْرةِ، وقبل الشُّروعِ في الحجِّ؛ إذ لو كان لا يجوزُ إلَّا بعد إحرامِه بالحَجِّ لَمَا أمكَنَه صيامُ الثَّلاثةِ أيَّامٍ؛ لأنَّه إنَّما يُشرَع له الإحرامُ بالحَجِّ يومَ التَّرْوِيةِ، فلا يتبقَّى له ما يَسَعُ الصِّيامَ (138) .
رابعًا: أنَّ صيامَ المتمَتِّعِ قبل إحرامِه بالحَجِّ هو من بابِ تقديمِ الواجِبِ على وقتِ وُجوبِه إذا وُجِدَ سَبَبُه، وهو جائزٌ؛ كتقديمِ الكفَّارةِ على الحِنْثِ بعد اليَمينِ (139) .
خامسًا: أنَّ إحرامَ العُمْرةِ أحَدُ إحرامَيِ التمتُّعِ، فجاز الصَّومُ بعده كإحرامِ الحَجِّ (140) .
مسألةٌ:
الأفضَلُ أن يُقَدِّمَ صيامَ الأيام الثلاثة على يومِ عَرَفة، ليكونَ يومَ عَرَفةَ مُفْطرًا، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة (141) ، ورُوِيَ عن مالك (142) ، وهو قولٌ للحَنابِلة (143) ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (144) ، واختارَه ابنُ باز (145) ، وابنُ عُثيمين (146) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابْنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفطَرَ بعَرَفةَ، وأرسَلَتْ إليه أمُّ الفَضْلِ بلَبَنٍ فشَرِبَ)) (147) .
ثانيًا: أنَّ الفِطْرَ في هذا اليومِ أقوى على العبادةِ، وأنشَطُ له على الذِّكْرِ والدُّعاءِ (148) .
الفرع الثَّالث: صيامُ أيَّامِ التَّشريقِ لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ
يجوزُ صَوْمُ أيَّامِ التَّشريقِ (149) لِمَن لم يجِدِ الهَدْيَ، ولم يكُنْ قد صامَها قبلَ يومِ النَّحرِ، وهذا مذهب المالِكيَّة (150) ، والحَنابِلة (151) ، وقولٌ للشافعيَّة (152) ،وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (153) ، واختاره البخاريُّ (154) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (155) ، وابنُ حجرٍ (156) ، وابنُ باز (157) ، والألبانيُّ (158) ، وابنُ عُثيمين (159) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال تعالى: فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ [البقرة: 196].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عمومَ قَولِه: فِي الْحَجِّ يعمُّ ما قبلَ يومِ النَّحرِ وما بَعْدَه، فتدخُلُ أيَّامُ التَّشريقِ (160) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عنِ ابنِ عُمَرَ وعائشةَ رَضِيَ اللهُ عنهما قالا: ((لم يُرخَّصْ في أيَّامِ التَّشريقِ أنْ يُصَمْنَ إلَّا لِمَن لا يجِدُ الهَدْيَ)) (161) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قولَ الصَّحابيِّ: لم يُرخَّصْ أو رُخِّصَ لنا، أو ما أشبه ذلك؛ يُعتَبَر مرفوعًا حُكمًا (162) .
ثالثًا: أنَّ صَوْمَها في أيَّامِ التَّشريقِ صَوْمٌ لها في أيَّامِ الحَجِّ؛ لأنَّ أيَّامَ التشريقِ أيَّامٌ للحَجِّ، ففيها رميُ الجَمَراتِ في الحادِيَ عَشَر والثَّاني عَشَر، وكذلك الثَّالثَ عَشَر (163) .
الفرع الرابع: حُكْمُ مَن فاتَه الصِّيامُ في الحَجِّ
مَن لم يَصُمِ ثلاثةَ الأيَّامِ في الحَجِّ؛ فإنَّه لا يَسقُطُ الصِّيامُ عنه، ويلزَمُه بعد ذلك القضاءُ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة (164) ، والشَّافعيَّة (165) ، والحَنابِلة (166) ؛ وذلك استدراكًا للواجِبِ (167) .
الفرع الخامس: ما يلْزَمُ مَن أخَّرَ صيامَ الأيامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حَجُّه
مَن أخَّرَ صيامَ الأيَّامِ الثَّلاثةِ التي في الحَجِّ حتى انتهى حجُّه، فلا تلزَمُه الفِدْيةُ، وهو مذهَبُ المالِكيَّة (168) ، والشَّافعيَّة (169) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (170) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه لَمَّا عَدِمَ الهَدْيَ صار الصِّيامُ واجبًا في حقِّه، فإذا تأخَّرَ عن أدائِه فإنَّه يُقضَى كرمضانَ (171) .
ثانيًا: أنَّ الصَّومَ بَدَلٌ عن الهَدْيِ، فلو وجَبَ الدَّمُ لاجتمَعَ البَدَلُ والمُبدَلُ معه، وهو خلافُ الأصلِ (172) .
الفرع السادس: حُكْمُ صيامِ الأيَّامِ السبْعةِ بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ
يجوزُ صِيامُ الأيام السبعة بمكَّةَ بعد فراغِه مِنَ الحجِّ، وإن كان الأفضَلُ تأخيرَه إلى أن يرجِعَ إلى أهْلِه، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (173) ، والمالِكيَّة (174) ، والحَنابِلة (175) ، وهو قولٌ للشافعي (176) .
الأدِلَّة:
أدِلَّة جوازِ الصِّيامِ بعد فراغِه مِنَ الحَجِّ
أولًا: مِنَ الكِتابِ
قولُه تعالى: وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 197].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ المرادَ مِنَ الرُّجوعِ الفَراغُ مِنَ الحجِّ؛ لأنَّ الفراغَ منه سبَبُ الرُّجوعِ إلى أهلِه، فكان الأداءُ بعد حصولِ السَّبَب، فيجوزُ (177) .
ثانيًا: أنَّ كُلَّ صَومٍ لَزِمَه، وجاز في وَطَنِه، جاز قبل ذلك، كسائِرِ الفُروضِ (178) .
ثالثًا: أنَّه صومٌ وُجِدَ مِن أهْلِه بعد وجودِ سَبَبِه، فأجزَأَه، كصومِ المُسافِرِ والمريضِ (179) .
أفضليَّةُ الصِّيامِ بعد رجوعِه إلى أهلِه:
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((فمَنْ لم يجِدْ هَدْيًا فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسَبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه)) (180) .
الفرع السابع: حُكْمُ التَّتابُعِ في صيامِ هذه الأيَّامِ
يجوز صَوْمُ الثلاثةِ أيَّامِ في الحَجِّ، والسَّبعةِ إذا رجَعَ إلى أهلِه؛ متتابعةً ومتفَرِّقةً، باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (181) ، والمالِكيَّة (182) ، والشَّافعيَّة (183) ، والحَنابِلة (184) ، وحُكِيَ في ذلك الإجماعُ (185) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتابِ
قال تعالى: فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ [البقرة: 196] (186) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: (( فمَنْ لم يَجِدْ هَدْيًا فلْيَصُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ في الحَجِّ، وسبعةً إذا رجَعَ إلى أهلِه)) (187) .
وَجْهُ الدَّلالة مِنَ الدَّليلينِ:
أنَّ الشَّارِعَ أطلَقَ الصِّيامَ ولم يَشْتَرِطْ فيه التَّتابُعَ، والواجِبُ إطلاقُ ما أطلَقَه اللهُ ورسولُه (188) .


 

رد مع اقتباس
قديم 24-07-2020, 01:43 PM   #88


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



المبحث الثَّاني: ذَبحُ الأضْحِيَّةِ



محتويات الصفحة:

- المطلب الأوَّل: تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها .- الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّة.- الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّة.- الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها.- الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة.- المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها.- الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة.- الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ.- الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ.- المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة.- الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِ.- الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا.- مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ.- الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ.- الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ.- الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ.- المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة.- الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ.- المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ.- المسألة الثَّانيَة: ذبحُ الأضْحِيَّةِ قبل الصَّلاةِ.- الفرع الثاني: ابتداءُ وَقتِ ذَبحِ الأضْحِيَّةِ.- الفرع الثالث: وقتُ الأضْحِيَّةِ في غيرِ أهْلِ الأمصارِ.- الفرع الرابع: زَمَن التَّضحيةِ وحُكْمُ التَّضحيةِ ليلًا .- المسألة الأولى: زَمَنُ التَّضحيةِ.- المسألة الثَّانيَة: حُكْمُ التَّضحيةِ في ليالي أيَّامِ النَّحرِ .- الفرع الخامس: المُبادَرةُ إلى التَّضحِيَةِ.- المطلب الخامس: من آدابِ التَّضحِيَة وسُنَنِها.- الفرع الأوَّل: حُكْمُ حَلْقِ الشَّعر وتقليمِ الأظفار لِمَن أراد أن يضَحِّيَ.- مسألةٌ: حُكْمُ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعَرِه أو قَلَّمَ أظفارَه.- الفرع الثَّاني: أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.- الفرع الثالث: الأكلُ والإطعامُ والادِّخارُ مِنَ الأضْحِيَّة.- المطلب السادس: الاستِنابةُ في ذَبْحِ الأضْحِيَّة.- المطلب السابع: أيُّهما أفضَلُ: ذبحُ الأضْحِيَّةِ أو التصَدُّقُ بثَمَنِها؟.- المطلب الثامن: إعطاءُ الجَزَّارِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبْحِه.- المطلب التاسع: الأضْحِيَّةُ عن المَيِّتِ استقلالًا.

المطلب الأوَّل: تعريفُ الأضْحِيَّةِ ومَشْروعِيَّتُها وحِكْمَةُ المشروعيَّة وفَضْلُها
الفرع الأوَّل: تعريف الأضْحِيَّة
الأضْحِيَّة لغةً: اسمٌ لِمَا يُضَحَّى به، أي: يُذبَحُ أيَّامَ عيدِ الأضحى، وجمعُها: الأَضاحِيُّ (1) .
الأضْحِيَّةُ اصطلاحًا: ما يُذبَحُ من بهيمةِ الأنعامِ في يومِ الأضحى إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ تقرُّبًا إلى اللهِ تعالى (2) .
الفرع الثَّاني: مشروعيَّة الأضْحِيَّة
الأضْحِيَّة مشروعةٌ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقل الإجماعَ على مشروعِيَّتِها: ابنُ قُدامة (3) ، وابنُ دقيق العيد (4) ، وابنُ حَجَر (5) ، والشوكانيُّ (6) .
الفرع الثَّالث: حِكْمةُ مَشْروعيَّتِها
مِن حِكَمِ مشروعيَّةِ الأضْحِيَّة (7) :
1- شُكْرُ اللهِ تعالى على نِعمةِ الحياةِ.
2- إحياءُ سُنَّةِ إبراهيمَ الخليلِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ حين أمَرَه الله عزَّ اسمُه بذَبحِ الفِداءِ عن ولَدِه إسماعيلَ عليه الصَّلاة والسَّلامُ في يومِ النَّحرِ، وأن يتذكَّرَ المؤمِنُ أنَّ صَبرَ إبراهيمَ وإسماعيلَ- عليهما السَّلامُ- وإيثارَهما طاعةَ اللهِ ومحَبَّتَه على محبَّةِ النَّفْسِ والولدِ- كانا سبَبَ الفِداءِ ورَفْعِ البلاءِ، فإذا تذَكَّرَ المؤمِنُ ذلك اقتدى بهما في الصَّبرِ على طاعةِ الله، وتقديمِ محبَّتَه عزَّ وجلَّ على هوى النَّفْسِ وشَهْوَتِها.
3- أنَّ في ذلك وسيلةٌ للتَّوسِعةِ على النَّفْسِ وأهلِ البَيتِ، وإكرامِ الجارِ والضَّيفِ، والتصَدُّقِ على الفقيرِ، وهذه كلُّها مظاهِرُ للفَرَحِ والسُّرورِ بما أنعَمَ اللهُ به على الإنسانِ، وهذا تحدُّثٌ بنعمةِ الله تعالى، كما قال عزَّ اسمُه: وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ [الضحى: 11].
4- أنَّ في الإراقةِ مبالغةً في تصديقِ ما أخبَرَ به اللهُ عزَّ وجلَّ؛ مِن أنَّه خَلَقَ الأنعامَ لنَفْعِ الإنسانِ، وأَذِنَ في ذَبْحِها ونَحْرِها؛ لتكونَ طعامًا له.
الفرع الرابع: فَضْلُ الأضْحِيَّة
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأضْحِيَّة مِن شعائِرِ اللهِ تعالى ومعالِمِه (8) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن البَرَاءِ رَضِيَ اللهُ عنه: قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ فإنَّما يذبحُ لنَفْسِه، ومَن ذَبَحَ بعد الصَّلاةِ فقد تَمَّ نسُكُه وأصاب سُنَّةَ المُسْلمينَ)) (9) .
ثالثًا: أنَّ الذَّبحَ لله تعالى والتقَرُّبَ إليه بالقَرابينِ؛ من أعظَمِ العباداتِ، وأجَلِّ الطاعاتِ، وقد قَرَنَ اللهُ عزَّ وجلَّ الذَّبحَ بالصَّلاةِ في عِدَّةِ مواضِعَ مِن كتابِه العظيمِ؛ لبيانِ عِظَمِه وكَبيرِ شَأنِه وعُلُوِّ مَنزِلَتِه (10) .
المطلب الثَّاني: حكم الأضْحِيَّة، وطريقةُ تعيينها
الفرع الأوَّل: حُكْمُ الأضْحِيَّة
الأضْحِيَّة سُنَّةٌ مؤكَّدةٌ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة في المشهور (11) ، والشَّافعيَّة (12) ، والحَنابِلة (13) ، ومذهب الظَّاهريَّة (14) ، وهو إحدى الرِّوايتينِ عن أبي يوسُفَ (15) وبه قال أكثرُ أهلِ العِلمِ (16) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا)) (17) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه عَلَّقَ الأضْحِيَّةَ بالإرادةِ، والواجِبُ لا يُعلَّقُ بالإرادةِ (18) .
2- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها: ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أمَرَ بكبشٍ أقرَنَ، يطَأُ في سوادٍ، ويَبْرُكُ في سوادٍ، وينظُرُ في سوادٍ؛ فأُتِيَ به ليُضَحِّيَ به، فقال لها: يا عائشةُ، هَلُمِّي المُدْيَةَ. ثم قال: اشْحَذِيها بحَجَرٍ، ففَعَلَتْ: ثمَّ أخَذَها وأخَذَ الكَبْشَ فأضجَعَه، ثم ذبَحَه، ثمَّ قال: باسْمِ اللهِ، اللهُمَّ تقبَّلْ مِن محمَّدٍ وآلِ محمَّدٍ، ومنْ أمَّةِ محمَّدٍ. ثم ضحَّى به)) (19) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ تَضْحِيَتَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن أمَّتِه وعن أهلِه؛ تُجْزِئُ عن كُلِّ مَن لم يُضَحِّ، سواءٌ كان متمكِّنًا مِنَ الأضْحِيَّةِ أو غيرَ متمَكِّنٍ (20) .
ثانيًا: مِنَ الآثارِ
1- عن حُذيفةَ بنِ أُسَيدٍ، قال: ((لقد رأيتُ أبا بكرٍ وعُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما وما يُضَحِّيانِ عن أهلِهما؛ خَشْيَةَ أن يُسْتَنَّ بهما، فلمَّا جِئْتُ بلَدَكم هذا حَمَلَني أهلي على الجَفَاءِ بعدَ ما علِمْتُ السُّنَّةَ (21) )) (22) .
2- قال عِكْرَمةُ: ((كان ابنُ عبَّاسٍ يبعَثُني يومَ الأضحى بدرهمينِ أشتري له لَحْمًا، ويقول: مَن لَقِيتَ فقل: هذه أضْحِيَّةُ ابنِ عبَّاسٍ)) (23) .
3- عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: (إنِّي لأَدَعُ الأضحى وإنِّي لمُوسِرٌ؛ مخافةَ أن يرى جِيراني أنَّه حَتْمٌ عليَّ) (24)
ثالثًا: أنَّها ذبيحةٌ لم يجِبْ تفريقُ لَحْمِها، فلم تكُنْ واجبةً، كالعقيقةِ (25) .
الفرع الثَّاني: حُكْمُ الأضْحِيَّةِ المَنذورةِ
مَن نَذَرَ أن يُضَحِّيَ، فإنَّه يجِبُ عليه الوفاءُ بنَذْرِه، سواءٌ كان النَّذْرُ لأضْحِيَّةٍ معيَّنةٍ أو غيرِ مُعَيَّنةٍ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (26) ، والمالِكيَّة (27) ، والشَّافعيَّة (28) ، والحَنابِلة (29) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن عائشةَ، رَضِيَ اللهُ عنها عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: ((مَن نَذَرَ أن يُطيعَ اللهَ فلْيُطِعْه، ومَن نَذَرَ أن يَعْصِيَه فلا يَعْصِه)) (30) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ التَّضْحيةَ قُربةٌ لله تعالى، فتلْزَمُ بالنَّذرِ؛ كسائِرِ القُرَبِ (31) .
الفرع الثَّالث: ما يحصُلُ به تعيينُ الأضْحِيَّةِ
تَعْيِينُ الأضْحِيَّةِ يحصُلُ بشِراءِ الأضْحِيَّةِ مع النيَّةِ، وهو مذهَبُ الحَنَفيَّة (32) ، وقولٌ للحَنابِلة (33) ، وبه قال ابنُ القاسِمِ مِنَ المالِكيَّة (34) ، واختاره ابنُ تيميَّة (35) ، وبه أفتَتِ اللَّجنةُ الدَّائمةُ (36) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أنَّه قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّيَّاتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى)) (37) .
2- عن أبي حُصَينٍ: أنَّ ابنَ الزُّبيرِ رَضِيَ اللهُ عنه رأى هَدْيًا له، فيه ناقَةٌ عَوْراءُ، فقال: إنْ كان أصابَها بعدما اشْتَرَيتُموها فأَمْضُوها، وإنْ كان أصابَها قبلَ أن تَشْتَرُوها فأَبْدِلُوها (38) .
ثانيًا: أنَّ الفِعْلَ مع النيَّةِ يقومُ مقامَ اللَّفْظِ، إذا كان الفِعْلُ يدلُّ على المقصودِ؛ كمن بنى مسجدًا، وأَذِنَ في الصَّلاةِ فيه (39) .
ثالثًا: أنَّه مأمورٌ بشِراءِ أضْحِيَّةٍ، فإذا اشتراها بالنيَّةِ وقَعَتْ عنه كالوكيلِ (40) .
المطلب الثَّالث: شروط صحة الأضْحِيَّة
الفرع الأوَّل: أن تكونَ مِنَ الأنعامِ
يُشْتَرَط أن تكونَ الأضْحِيَّةُ مِن بهيمةِ الأنعامِ؛ وهي الإبِلُ والبَقَرُ والغَنَمُ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قال تعالى: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28]
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين، أملحين أقرنين، ذبحهما بيده وسمى وكبر، ووضع رجله على صفاحهما)) (41) .
2- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذْبَحوا إلَّا مُسِنَّةً (42) إلَّا أن يَعْسُرَ عليكم، فتَذْبحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأْنِ)) (43) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (44) ، وابنُ رُشْدٍ (45) ، والنوويُّ (46) ، والصنعانيُّ (47) .
الفرع الثَّاني: أن تكونَ قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شَرعًا
يُشْتَرَط في الأضْحِيَّةِ أن تكون قد بلغَتِ السِّنَّ المُعتَبَرة شرعًا، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بما دون الثنيَّةِ مِن غيرِ الضَّأنِ، ولا بما دُونَ الجَذَعةِ مِنَ الضَّأنِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((لا تَذبَحوا إلَّا مُسِنَّةً إلَّا أنْ يَعْسُرَ عليكم، فتذبَحوا جَذَعةً مِنَ الضَّأنِ)) (48) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك: ابنُ عَبْدِ البَرِّ (49) ، والنوويُّ (50) ، والشنقيطيُّ (51) ، وحكاه ابْنُ حَزْمٍ في إجزاءِ الثَّنِيِّ مِنَ المَعْزِ (52) ، والتِّرمذيُّ في إجزاءِ الجَذَعِ مِنَ الضَّأنِ (53) .
مسألةٌ: معنى الثَّنِيِّ مِنَ الإبِلِ والبَقَرِ والغَنَمِ، والجَذَعِ مِنَ الضَّأْنِ
الثَّنِيُّ مِنَ الإبِلِ ما أتمَّ خَمْسَ سنينَ، ومِنَ البَقَرِ ما أتمَّ سَنتينِ، ومِنَ المَعْزِ ما أتمَّ سَنَةً، والجَذَعُ مِنَ الضَّأنِ ما أتمَّ سِتَّةَ أشْهُرٍ؛ نصَّ على هذا التَّفصيلِ: فُقهاءُ الحَنَفيَّةِ (54) ، والحَنابِلة (55) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (56) ، وأفتت به اللَّجنةُ الدَّائمةُ (57) .
الفرع الثَّالث: السَّلامةُ مِنَ العُيوبِ المانِعةِ مِنَ الإجزاءِ
يُشْتَرَطُ في الأضْحِيَّةِ السَّلامةُ مِنَ العيوبِ المانعةِ مِنَ الإجزاءِ، فلا تُجْزِئُ التَّضحيَةُ بالعوراءِ البَيِّنِ عَوَرُها، والمريضَةِ البَيِّنِ مَرَضُها، والعَرْجاءِ البَيِّنِ ضَلْعُها، والعَجْفاءِ التي لا تُنقِي (58) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن البَراءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((سمعْتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- وأشار بأصابِعِه، وأصابعي أقصَرُ مِن أصابِعِ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُشيرُ بأُصْبُعِه؛ يقولُ: لا يجوز مِنَ الضحايا: العوراءُ البَيِّنُ عَوَرُها، والعَرْجاءُ البَيِّنُ عَرَجُها، والمريضةُ البَيِّنُ مَرَضُها، والعَجفاءُ (59) التي لا تُنْقِي (60) )) (61) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ حَزْمٍ (62) وابنُ عَبْدِ البَرِّ (63) ، وابنُ رُشدٍ (64) ، وابنُ قُدامة (65) ، والنوويُّ (66) .
الفرع الرابع: أن تكونَ التَّضحِيةُ في وقتِ الذَّبحِ
(يُنظَر: أوَّلُ وقتِ التَّضحيةِ، وآخِرُ وَقْتِها)
الفرع الخامس: نيَّةُ التَّضحيةِ
يُشْتَرَط على المضَحِّي أن ينوِيَ بها التَّضحيةَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (67) ، والمالِكيَّة (68) ، والشَّافعيَّة (69) والحَنابِلة (70) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى)) (71) .
ثانيًا: أنَّ الذَّبحَ قد يكون لِلَّحمِ، وقد يكون للقُرْبَةِ، والفعلُ لا يقَعُ قُرْبَةً بدونِ النيَّةِ (72) .
المطلب الرابع: وقتُ الأضْحِيَّة
الفرع الأوَّل: أوَّلُ وقْتِ التَّضحيةِ
المسألة الأولى: ذَبْحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ يومَ النَّحرِ
لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل طُلوعِ الفَجرِ في يومِ النَّحرِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ)) (73) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر (74) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (75) ، والقرطبيُّ (76) .
المسألة الثَّانيَة: ذبحُ الأضْحِيَّةِ قبل الصَّلاةِ
لا يجوزُ ذَبحُ الأضْحِيَّةِ قبل صلاةِ العيدِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ)) (77) .
2- عن جُنْدَبَ بنِ سُفيانَ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذا أُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال: من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ)) (78) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (79) والنوويُّ (80) ، وابنُ رُشدٍ (81) .
الفرع الثاني: ابتداءُ وَقتِ ذَبحِ الأضْحِيَّةِ
يبدأُ وقتُ الأضْحِيَّةِ بعد صلاةِ العيدِ، وهذا مذهَبُ الحَنَفيَّة (82) ، والحَنابِلة (83) ، واختارَه الطَّحاوي (84) ، والشوكانيُّ (85) ، وابنُ عُثيمين (86) .
الأدِلَّة مِنَ السُّنَّةِ:
1- عَنِ البَرَاءِ بنِ عازبٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: سَمِعْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يخطُبُ، فقال: ((إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ)) (87) .
2- عن جُنْدَبَ بنِ سُفيانَ البَجَليِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضَحَّيْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أضْحِيَّةً ذاتَ يومٍ، فإذا أُناسٌ قد ذبحوا ضحاياهم قبلَ الصَّلاةِ، فلما انصَرَفَ رآهم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّهم قد ذبَحوا قبل الصَّلاةِ، فقال: من ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيَذْبَحْ مكانَها أخرى، ومَن كان لم يَذْبَحْ حتى صَلَّيْنا فلْيَذْبَحْ على اسْمِ اللهِ)) (88) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ يدُلُّ على أنَّ مَن ذَبَح بعد الصَّلاةِ، فله نُسُكٌ، سواءٌ انتهت الخُطبةُ أم لم تَنْتَهِ، وسواءٌ ذبَحَ الإمامُ أم لم يذبَحْ، وأنَّ مَن ذبَحَ قبل الصَّلاةِ، فعليه أن يذبَحَ أخرى مكانَها (89) .
3- عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((مَنْ ذَبَحَ قبل الصَّلاةِ فلْيُعِدْ)) (90) .
الفرع الثالث: وقتُ الأضْحِيَّةِ في غيرِ أهْلِ الأمصارِ
يَبدأُ وقْتُ الأضْحِيَّةِ لِمَن كان بمَحَلٍّ لا تُصلَّى فيها صلاةُ العيدِ كأهلِ البوادي: بَعدَ قَدْرِ فِعْلِ صلاةِ العيدِ بعدَ طلوعِ الشَّمسِ قِيدَ رُمْحٍ، وهذا مذهَبُ الحَنابِلةِ (91) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (92) ؛ وذلك لأنَّه لا صلاةَ في حقِّهم تُعتَبَر، فوجب الاعتبارُ بِقَدْرِها (93) .
الفرع الرابع: زَمَن التَّضحيةِ وحُكْمُ التَّضحيةِ ليلًا
المسألة الأولى: زَمَنُ التَّضحيةِ
اختلف الفقهاءُ في زَمَنِ التَّضحيةِ على قولينِ:
القول الأوّل: أيَّامُ التَّضحيةِ ثلاثةٌ: يومُ العيدِ واليومانِ الأوَّلانِ مِن أيَّامِ التَّشريقِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (94) ، والمالِكيَّة (95) ، والحَنابِلة (96) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نهى أن تُؤكَلَ لُحومُ الأضاحيِّ بعد ثلاثٍ)) (97) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه- صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- نهى عن أكْلِ لُحومِ الأضاحيِّ فوقَ ثلاثةِ أيَّامٍ، ولو كان اليومُ الرابعُ يومَ ذبحٍ، لكان الذبحُ مشروعًا في وقتٍ يَحرُمُ فيه الأكلُ، ثُمَّ نُسِخَ بعد ذلك تحريمُ الأكلِ، وبَقِيَ وقتُ الذَّبحِ بحالِه (98) .
ثانيًا: أنَّه وَرَدَ عن الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم تخصيصُه بالعيدِ ويومينِ بعده: منهم عمر، وعلي، وابن عمر، وابن عبَّاسٍ، وأبو هريرة، وأنس، رَضِيَ اللهُ عنهم، ولا يُعرَف لهم مِنَ الصَّحابةِ مخالِفٌ, ومِثْلُ هذا لا يُقالُ بالرأي (99) .
ثالثًا: أنَّه قد ثبت الفَرْقُ بين أيَّامِ النَّحر وأيَّامِ التَّشريقِ؛ ولو كانت أيَّامُ النَّحرِ أيَّامَ التَّشريقِ لَمَا كان بينهما فَرْقٌ، وكان ذِكْرُ أحدِ العَدَدينِ يَنوبُ عن الآخَرِ (100) .
القول الثاني: يبقى وَقتُ التَّضْحِيةِ إلى آخِرِ أيَّامِ التَّشريقِ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة (101) ، وقولٌ للحَنابِلة (102) ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ (103) ، واختارَه ابنُ تيميَّة (104) ، وابنُ القَيِّم (105) ، والشوكانيُّ (106) ، وابنُ باز (107) ، وابنُ عُثيمين (108) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جُبَيرِ بنِ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عن النبىِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّه قال: ((كلُّ مِنًى منحَرٌ، وكلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْحٌ)) (109) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الحديثَ نَصٌّ في الدَّلالةِ على أنَّ كُلَّ أيَّامِ مِنًى أيامُ نَحرٍ (110) .
2- عن نُبَيْشةَ الهُذَلِيِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: قال رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أيَّامُ التَّشريقِ أيَّامُ أكْلٍ وشُرْبٍ وذِكْرٍ للهِ عَزَّ وجَلَّ)) (111) .
ثانيًا: أنَّ الثَّلاثةَ أيَّامٍ تختَصُّ بكونها أيامَ مِنًى، وأيامَ الرَّمْيِ، وأيَّامَ التَّشريقِ، وأيَّامَ تَكبيرٍ وإفطارٍ، ويحرُمُ صيامُها؛ فهى إخْوةٌ في هذه الأحكامِ، فكيف تَفْتَرِقُ في جوازِ الذَّبحِ بغيرِ نَصٍّ ولا إجماعٍ؟! (112) .
المسألة الثَّانيَة: حُكْمُ التَّضحيةِ في ليالي أيَّامِ النَّحرِ
التَّضحيةَ في اللَّيلِ تُجزئُ، وهو مذهَبُ: الحَنَفيَّة (113) ، والشَّافعيَّة (114) ، وقول للحَنابِلة (115) ، واختيارُ ابْنِ حَزْمٍ (116) ، والصنعانيِّ (117) ، والشوكانيِّ (118) ، وابنِ عُثيمين (119) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قولُ الله تعالى وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ [الحج: 28].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ الأيَّامَ تُطلَقُ لغةً على ما يشمَلُ اللياليَ (120) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن جُبَيرِ بنِ مُطعِمٍ رَضِيَ اللهُ عنه عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذبْحٌ)) (121) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
ذِكْرُ الأيَّامِ في الحديثِ وإنْ دلَّ على إخراجِ اللَّيالي بمفهومِ اللَّقَبِ، لكِنَّ التعبيرَ بالأيَّامِ عن مجموعِ الأيامِ واللَّيالي، والعَكْسُ مشهورٌ متداوَلٌ بين أهْلِ اللُّغةِ، لا يكادُ يتبادَرُ غيرُه عند الإطلاقِ (122) .
ثالثًا: أنَّ الليلَ زَمَنٌ يَصِحُّ فيه الرَّميُ، وداخِلٌ في مدَّةِ الذَّبحِ، فجاز فيه كالأيَّامِ (123) .
رابعًا: أنَّ اللهَ قد أباح ذَبْحَ الحيوانِ في أيِّ وقتٍ (124) .
خامسًا: أنَّ القول بالكراهة يحتاج إلى دليل (125) .
الفرع الخامس: المُبادَرةُ إلى التَّضحِيَةِ
يُستحَبُّ المبادرَةُ في ذبْحِ الأضْحِيَّةِ بعد دخولِ وَقْتِها، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (126) ، والمالِكيَّة (127) ، والشَّافعيَّة (128) ، والحَنابِلة (129) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: ما فيه مِنَ المبادَرَةِ إلى الخيرِ، والخروجِ مِنَ الخلافِ (130) .
ثانيًا: أنَّ اللهَ جَلَّ شأنُه أضافَ عبادَه في هذه الأيامِ بلُحومِ القَرابينِ، فكانت التَّضحِيَةُ في أوَّلِ الوَقتِ مِن بابِ سُرعةِ الإجابةِ إلى ضيافَةِ اللهِ جَلَّ شأنُه (131) .
المطلب الخامس: من آدابِ التَّضحِيَة وسُنَنِها
الفرع الأوَّل: حُكْمُ حَلْقِ الشَّعر وتقليمِ الأظفار لِمَن أراد أن يضَحِّيَ
اختلفَ الفُقهاءُ في حُكْمِ حَلْقِ الشَّعْرِ وتقليمِ الأظفارِ لمَنْ أراد أن يضَحِّي، بعد رؤيةِ هلالِ ذِي الحِجَّة، على أقوالٍ، أقواها قولان:
القول الأوّل: يَحْرُمُ على مَن أراد أن يضَحِّي- إذا رأى هلالَ ذي الحِجَّة- أن يحلِقَ شَعْرَه أو أن يُقَلِّمَ أظفارَه، حتى يضَحِّيَ، وهو مذهَبُ الحَنابِلة (132) ، ووجهٌ للشَّافعيَّة (133) ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ (134) ، واختارَه ابْنُ حَزْمٍ (135) ، وابنُ القَيِّم (136) ، وابنُ باز (137) ، وابنُ عُثيمين (138) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ)) (139) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ مُقتضى النَّهْيِ التَّحريمُ، وهو خاصٌّ يجِبُ تقديمُه على عمومِ غَيرِه (140) .
القول الثاني: يُكرَه لِمَن أراد أن يضَحِّيَ أن يحلِقَ شَعْرَه أو أن يقَلِّمَ أظفارَه حتى يضَحِّيَ، وهذا مذهبُ المالِكيَّة (141) ، والشَّافعيَّة (142) وهو قولٌ للحَنابِلة (143) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
1- عن أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((مَن كان عِندَه ذبْحٌ يُريدُ أن يذبَحَه فرأى هلالَ ذي الحِجَّةِ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعْرِه، ولا مِن أظفارِه، حتى يضَحِّيَ)) (144) .
2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّها قالت: ((أنا فَتَلْتُ قلائِدَ هَدْيِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ ثمَّ قَلَّدَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدِه ثمَّ بعثَ بها مع أبي، فلم يَحْرُمْ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شَيءٌ مِمَّا أحَلَّهُ اللهُ حتى نَحَرَ الهَدْيَ)) (145) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
1- أنَّه لم يَحْرُمْ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم شيءٌ بِبَعْثِه بِهَدْيِه، والبَعْثُ بالهَدْيِ أكثَرُ من إرادةِ التَّضحيةِ، ولم يكنِ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لِيفعَلَ ما نَهى عنه (146) .
2- أنَّ النَّهْيَ محمولٌ على الكراهَةِ جمعًا بين النصوصِ (147) .
مسألةٌ: حُكْمُ الفِدْيةِ لِمَن أرادَ أن يُضَحِّيَ فأخَذَ مِن شَعَرِه أو قَلَّمَ أظفارَه
لا فِدْيةَ على مَن أراد أن يُضحِّيَ، وحَلَقَ شَعْرَه أو قَلَّمَ أظْفارَه.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ قُدامة (148) ، والمرداوي (149) .
الفرع الثَّاني: أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ
يُستحَبُّ أن يذبَحَ بنَفْسِه إذا استطاعَ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: ((ضحَّى النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بكَبشينِ أملحَينِ أقْرَنينِ، ذبَحَهما بيَدِه، وسَمَّى وكَبَّرَ، ووَضَعَ رِجْلَه على صِفاحِهما)) (150) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ (151) .
ثالثًا: أنَّها قُربةٌ، وفِعْلُ القُربةِ أَوْلى مِنِ استنابَتِه فيها (152) .
الفرع الثالث: الأكلُ والإطعامُ والادِّخارُ مِنَ الأضْحِيَّة
يجوزُ للمُضَحِّي أن يأكُلَ من أضحِيَّتِه ويَطعَمَ ويدَّخِرَ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (153) ، والمالِكيَّة (154) ، والشَّافعيَّة (155) ، والحَنابِلة (156) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قَولُه تعالى: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج: 27].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أنَّه نهى عن أكْلِ لُحومِ الضَّحايا بعد ثلاثٍ، ثم قال بعدُ: كُلُوا، وتَزَوَّدوا، وادَّخِروا)) (157) .
2- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عنه، عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إذا ضحَّى أحَدُكم فلْيَأْكُلْ مِنْ أُضْحِيَّتِه)) (158) .
المطلب السادس: الاستِنابةُ في ذَبْحِ الأضْحِيَّة
يجوز للمُضَحِّي أن يستنيبَ في ذَبْحِ أُضْحِيَّتِه، إذا كان النَّائِبُ مُسلِمًا، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (159) ، والمالِكيَّة (160) ، والشَّافعيَّة (161) . والحَنابِلة (162) ، وحُكِيَ فيه الإجماعُ (163) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه: ((أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نحَرَ ثلاثًا وسِتِّينَ بيده، ثم أعطى عليًّا فنَحَرَ ما غَبَرَ)) (164) .
المطلب السابع: أيُّهما أفضَلُ: ذبحُ الأضْحِيَّةِ أو التصَدُّقُ بثَمَنِها؟
ذبحُ الأضْحِيَّةِ أفضَلُ مِنَ التصَدُّقِ بثَمَنِها؛ نصَّ على هذا فُقهاءُ الحَنَفيَّة (165) ، والمالِكيَّة (166) ، والحَنابِلة (167) ، واختارَه ابنُ باز (168) ، وابنُ عُثيمين (169) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّ إيثارَ الصَّدَقةِ على الأضْحِيَّةِ يُفضِي إلى تَرْكِ سُنَّةٍ سَنَّها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (170) .
ثانيًا: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ضحَّى والخلفاءُ بعده، ولو عَلِمُوا أنَّ الصَّدَقةَ أفضَلُ لعَدَلُوا إليها (171) .
ثالثًا: أنَّ الأضاحِيَّ واجبةٌ عند طائفةٍ مِنَ الفقهاء، أمَّا التصَدُّقُ بثَمَنِها فهو تطوُّعٌ محضٌ (172) .
رابعًا: أنَّ الأضاحيَّ تفوتُ بفَواتِ وَقْتِها بخلافِ الصَّدَقةِ بثَمَنِها، فإنَّه لا يفوتُ، نظيرُ الطَّوافِ للآفاقيِّ، فإنَّه أفضَلُ له مِنَ الصَّلاةِ؛ لأنَّ الطَّوافَ في حَقِّه يفوتُ بخلافِ المكِّيِّ (173) .
خامسًا: أنَّ فيها جمعًا بين التقَرُّبِ إلى الله تعالى بإراقةِ الدَّمِ والتصَدُّقِ، ولا شكَّ أنَّ الجمعَ بين القُرْبَتينِ أفضَلُ (174) .
المطلب الثامن: إعطاءُ الجَزَّارِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبْحِه
لا يجوزُ إعطاءُ الذَّابحِ مِنَ الأضْحِيَّة ثمنًا لذَبحِه، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (175) ، والمالِكيَّة (176) ، والشَّافعيَّة (177) ، والحَنابِلة (178) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((أمَرَني رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن أقومَ على بُدُنِه، وأن أتصَدَّقَ بلَحْمِها وجُلُودِها وأَجِلَّتِها، وأنْ لا أعطِيَ الجزَّارَ منها، قال: نحنُ نُعطيه مِن عِندِنا)) (179) .
ثانيًا: أنَّ ما يدفَعُه إلى الجزَّارِ أجرةُ عِوَضٍ عن عَمَلِه وجِزارَتِه، ولا تجوزُ المعاوَضةُ بشيءٍ منها (180) .
المطلب التاسع: الأضْحِيَّةُ عن المَيِّتِ استقلالًا
لا تُشْرَعُ الأضْحِيَّةُ عن الميِّتِ استقلالًا، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة (181) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (182) ، وكَرِهَها المالِكيَّة (183) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكتاب
قَولُه تعالى: وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى [النجم: 39].
ثانيًا: لم يَرِدْ عَنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ولا عن الصَّحابةِ ولا عن أحدٍ مِنَ السَّلَفِ أنَّهم ضَحَّوْا عن الأمواتِ استقلالًا (184) .
ثالثًا: أنهَّا عبادةٌ، والأصلُ أنْ لا تُفعَلَ عن الغيرِ إلَّا ما خَرَجَ بدليلٍ، لا سيَّما مع عَدَمِ الإذنِ (185) .
رابعًا: أنَّ المقصودَ بذلك غالبًا المباهاةُ والمُفاخَرةُ (186) .


 

رد مع اقتباس
قديم 24-07-2020, 01:45 PM   #89


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



الفصل الثَّالث: الحَلقُ والتَّقصيرُ



محتويات الصفحة:

- المبحث الأوَّل: حُكْمُ الحَلْقِ والتقصيرِ:.- المبحث الثَّاني: إجزاءُ التَّقصيرِ عن الحَلْقِ.- المبحث الثَّالث: القَدْرُ الواجِبُ حَلقُه أو تقصيرُه.- المبحث الرابع: أفضَلِيَّةُ الحَلْقِ على التَّقصيرِ.- المبحث الخامس: الحلْقُ والتقصيرُ للمرأةِ.- المطلب الأوَّل: حَلْقُ المرأةِ رَأسَها.- المبحث السادس: إمرارُ الموسى على مَن ليسَ على رأسِه شَعْرٌ.- المبحث السابع: التَّيامُنُ في حَلْقِ الرَّأسِ.

المبحث الأوَّل: حُكْمُ الحَلْقِ والتقصيرِ:
حَلْقُ شَعْرِ الرَّأسِ أو تقصيرُه واجبٌ من واجباتِ الحجِّ والعُمْرةِ، وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (1) ، والمالِكيَّة (2) ، والحَنابِلة (3) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قَولُه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ الحَلْقَ والتقصيرَ وصفًا للحَجِّ والعُمْرةِ، والقاعدةُ أنَّه إذا عَبَّرَ بجزءٍ مِنَ العبادةِ عن العبادةِ، كان دليلًا على وجوبِه فيها (4) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَجَ معتَمِرًا، فحالَ كفَّارُ قريشٍ بينه وبين البيتِ، فنحَرَ هَدْيَه وحَلَقَ رَأسَه بالحُدَيبِيَةِ)) (5) .
2- عن عبدِ الله بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما ((أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلَقَ رأسَه في حَجَّةِ الوداع)) (6) ، وقد قال عليه الصَّلاة والسلامُ: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) (7) ، مع كونِ فِعْلِه وقعَ بيانًا لمُجمَلِ الكتابِ.
المبحث الثَّاني: إجزاءُ التَّقصيرِ عن الحَلْقِ
يُجْزِئُ التقصيرُ عن الحَلْقِ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
ظاهِرُ قَولِه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27].
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اللهُمَّ ارحَمِ المُحَلِّقينَ، قال في الرَّابعةِ: والمُقَصِّرينَ)) (8) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك (9) ، ابنُ المُنْذِر (10) ، والنوويُّ (11) وابنُ حجرٍ (12) .
المبحث الثَّالث: القَدْرُ الواجِبُ حَلقُه أو تقصيرُه
الواجِبُ حَلْقُ جميعِ الرَّأسِ (13) ، أو تقصيرُه كُلِّه، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة (14) ، والحَنابِلة (15) ، واختارَه ابنُ باز (16) ، وابنُ عُثيمين (17) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
عمومُ قَولِه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنه عامٌّ في جميعِ شَعْرِ الرَّأسِ، فالرَّأسُ اسمٌ لجميعِه (18) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلَقَ رأسَه في حجَّةِ الوداع (19) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حلَقَ جميعَ رأسِه؛ تفسيرًا لمُطلَقِ الأمرِ به، فيجِبُ الرُّجوعُ إليه (20) .
ثالثًا: ولأنَّه نُسُكٌ تعَلَّقَ بالرَّأسِ، فوجبَ استيعابُه به، كالمسحِ (21) .
المبحث الرابع: أفضَلِيَّةُ الحَلْقِ على التَّقصيرِ
حَلْقُ جميعِ الرَّأسِ أفضَلُ مِن تقصيرِه (22) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
ظاهِرُ قولِه تعالى: لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح: 27].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ اللهَ عزَّ وجَلَّ بدأ بالحَلْقِ، والعَرَبُ إنَّما تبدأُ بالأهَمِّ والأفضَلِ (23) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((اللهمَّ ارحَمِ المُحَلِّقينَ. قالوا: والمُقَصِّرينَ يا رسولَ الله، قال: اللهُمَّ ارحم المُحَلِّقينَ. قالوا: والمُقَصِّرينَ يا رسولَ اللهِ، قال: والمُقَصِّرينَ)) (24) .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه قال: ((حَلَقَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَجَّتِه)) (25)
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ عَبْدِ البَرِّ (26) ، والنوويُّ (27) .
المبحث الخامس: الحلْقُ والتقصيرُ للمرأةِ
المطلب الأوَّل: حَلْقُ المرأةِ رَأسَها
يُشْرَعُ للمرأةِ التَّقصيرُ (28) لا الحَلْقُ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
عن عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((ليس على النِّساءِ حَلْقٌ، وإنَّما عليهِنَّ التَّقصيرُ)) (29) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر (30) ، وابنُ عَبْدِ البَرِّ (31) ، وابنُ قُدامة (32) ، والنوويُّ (33) .
ثالثًا: أنَّ الحَلْقَ في حقِّ النِّساءِ فيه مُثْلَةٌ؛ ولهذا لم تَفْعَلْه نساءُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (34) .
رابعًا: أنَّ المرأةَ محتاجةٌ إلى التجمُّلِ والتزَيُّنِ، والشَّعْرُ جمالٌ وزينةٌ؛ ولذا شُرِعَ في حَقِّهنَّ التَّقصيرُ فقط (35) .
المبحث السادس: إمرارُ الموسى على مَن ليسَ على رأسِه شَعْرٌ
إذا لم يكُنْ على رأسِه شَعْرٌ- كالأقرعِ ومَن برأسِه قروحٌ- فقد اختلفَ أهلُ العِلمِ فيه على أقوالٍ، أقواها قولان:
القول الأوّل: أنَّه يُستحَبُّ له إمرارُ الموسى على رأسِه، ولا يجب، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة (36) ، والحَنابِلة (37) ، وهو قولٌ للحَنَفيَّة (38) وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ (39) ، وحُكِيَ الإجماعُ على ذلك (40) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ الحَلْقَ مَحَلُّهُ الشَّعْرُ، فسقَطَ بعَدَمِه كما سَقَطَ وجوبُ غَسْلِ العُضوِ في الوضوءِ بفَقْدِه (41) .
ثانيًا: لأنَّه إمرارٌ لو فَعَلَه في الإحرامِ لم يجِبْ به دمٌ، فلم يجِبْ عند التحلُّلِ كإمرارِه على الشَّعْرِ من غيرِ حَلْقٍ (42) .
ثالثًا: لأنَّه عبادةٌ تتعَلَّقُ بالشَّعرِ، فتنتقِلُ للبَشَرةِ عند عَدَمِه، كالمسحِ في الوضوءِ (43) .
رابعًا: تَشَبُّهًا بالحالقين (44) .
القول الثاني: لا يُستحَبُّ له إمرارُ الموسى على رأسِه، وهو مرويٌّ عن أبي بكرِ ابنِ داودَ (45) ، وبه قال ابنُ القَيِّم (46) ، ومال إليه المرداوي (47) ، واختارَه ابنُ عُثيمين (48) ؛ وذلك لأنَّ القاعدةَ المُتَّفَقَ عليها أنَّ الوسائِلَ يسقُطُ اعتبارُها عند تعذُّرِ المقاصِدِ، وإمرارُ الموسى وسيلةٌ لإزالةِ الشَّعْر، وليست مقصودةً بذاتها (49) .
المبحث السابع: التَّيامُنُ في حَلْقِ الرَّأسِ
يُستحَبُّ التيامُنُ في حَلْقِ الرَّأسِ (50) ، والعبرةُ في التيامُنِ في الحَلْقِ بيمينِ المحلوقِ، فيبدأ بشِقِّ رأسِه الأيمنِ ثمَّ الشِّقِّ الأيسرِ، وهذا مَذهَبُ الجُمْهورِ: المالِكيَّة (51) ، والشَّافعيَّة (52) ، والحَنابِلة (53) ، واختاره ابنُ الهمام مِنَ الحَنَفيَّة (54) .
الدَّليل مِنَ السُّنَّةِ:
عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه ((أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى جَمْرةَ العَقَبةِ، ثمَّ انصرَفَ إلى البُدُنِ فنَحَرَها، والحجَّامُ جالسٌ، وقال بيَدِه عن رأسِه، فحَلَقَ شِقَّه الأيمنَ فقَسَمَه فيمَن يليه، ثم قال: احلِقِ الشِّقَّ الآخَرَ، فقال: أين أبو طَلحةَ؟ فأعطاه إيَّاه)) (55) .
وفي روايةٍ عن أنسِ بنِ مالكٍ رَضِيَ اللهُ عنه قال: ((لَمَّا رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجَمْرةَ ونَحَرَ نسُكَه وحَلَقَ، ناول الحلَّاقَ شِقَّه الأيمنَ فحَلَقَه، ثم دعا أبا طلحةَ الأنصاريَّ رَضِيَ اللهُ عنه فأعطاه إيَاه، ثمَّ ناوله الشِّقَّ الأيسرَ، فقال: احلِقْ: فحَلَقَه، فأعطاه أبا طلحةَ، فقال: اقسِمْه بين النَّاسِ)) (56) .


 

رد مع اقتباس
قديم 24-07-2020, 01:46 PM   #90


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



الفصل الرابع: طوافُ الإفاضةِ



محتويات الصفحة:

- المبحث الأوَّل: تعريفُ طوافِ الإفاضةِ.- المبحث الثَّاني: حُكْمُ طوافِ الإفاضةِ.- المبحث الثَّالث: اشتراطُ كونِ طوافِ الإفاضةِ بعد الوقوفِ بعَرَفةَ .- المبحث الرابع: وقتُ طوافِ الإفاضةِ.- المطلب الأوَّل: السنَّةُ في وقتِ طوافِ الإفاضةِ.- المطلب الثَّاني: أوَّلُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ؟.- فرعٌ: أداءُ طوافِ الإفاضةِ أيَّامَ التَّشريقِ.- المطلب الثَّالث: آخِرُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ.- المطلب الرابع: وقتُ طوافِ الإفاضةِ الواجِبِ وما يترتَّبُ على تأخيرِه.- المطلب الرابع: الشُّربُ مِن ماءِ زَمْزَمَ.

المبحث الأوَّل: تعريفُ طوافِ الإفاضةِ
الإفاضة لغةً: هي الزَّحْفُ والدَّفْعُ في السَّيرِ بكثرةٍ، ولا يكونُ إلَّا عن تفرُّقٍ وجَمعٍ. وأصلُ الإفاضةِ الصَّبُّ، فاستُعيرَتْ للدَّفعِ في السير... ومنه طوافُ الإفاضةِ يومَ النَّحرِ، يُفيضُ مِن مِنًى إلى مكَّةَ، فيطوفُ ثم يرجِعُ (1) .
أسماءُ طَوافِ الإفاضةِ:
سُمِّيَ طوافُ الإفاضةِ بعدَّةِ أسماءَ؛ منها:
1- طوافُ الإفاضةِ: وسُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه يأتي بعد إفاضَتِه من مِنًى إلى مكَّة.
2- طوافُ الزِّيارة: وذلك لأنَّ الحاجَّ يأتي مِن مِنًى لزيارةِ البَيتِ، ولا يقيمُ بمكَّةَ بل يرجِعُ إلى مِنًى.
3- طوافُ الصَّدَر: لأنَّه يُفعَل بعد الرُّجوعِ, والصَّدَرُ: يطلق أيضًا على طوافِ الوَداعِ.
4- طوافُ الواجِبِ، وطوافُ الرُّكْنِ، وطوافُ الفَرْضِ: وذلك باعتبارِ الحُكْمِ (2) .
المبحث الثَّاني: حُكْمُ طوافِ الإفاضةِ
طوافُ الإفاضةِ رُكْنٌ مِن أركانِ الحَجِّ، لا يَصِحُّ الحجُّ إلا به، ولا ينوبُ عنه شيءٌ.
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
يقول الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج: 29].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
اتَّفَق أهلُ التَّفسيرِ أنَّ المرادَ بالطَّوافِ المأمورِ به في هذه الآيةِ: هو طوافُ الإفاضةِ (3) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
أنَّ صَفِيَّةَ بنتَ حُيَيٍّ- زوجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- حاضَتْ، فذكَرَتْ ذلك لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: ((أحابِسَتُنا هي؟ قالوا: إنَّها قد أفاضت، قال: فلا إذًا. وفي روايةٍ لمسلمٍ: لَمَّا أراد النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن ينفِرَ، إذا صفِيَّةُ على بابِ خِبائِها كئيبةً حزينةً. فقال: عَقْرى حَلْقى! إنَّكِ لحابِسَتُنا. ثم قال لها: أكنتِ أفضْتِ يومَ النَّحرِ؟ قالت: نعم. قال: فانفِري)) (4) .
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّ قولَ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((أحابِسَتُنا هي؟)) يدلُّ على أنَّ هذا الطَّوافَ لا بدَّ مِنَ الإتيانِ به, وأنَّ عدَمَ الإتيانِ به موجِبٌ للحَبْسِ (5) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقل الإجماعَ على ركنيَّة طوافِ الإفاضةِ: ابنُ المُنْذِر (6) , وابْنُ حَزْمٍ (7) , وابنُ عَبْدِ البَرِّ (8) , وابنُ رشد (9) , وابنُ قُدامة (10) , والنوويُّ (11) , وابنُ تيميَّة (12) .
المبحث الثَّالث: اشتراطُ كونِ طوافِ الإفاضةِ بعد الوقوفِ بعَرَفةَ
يُشْتَرَطُ أن يَسْبِقَ طوافَ الإفاضةِ الوقوفُ بعَرَفةَ, فلو طاف للإفاضةِ قبل الوقوفِ بعَرَفةَ لا يَسْقُطُ به فَرْضُ الطَّوافِ (13) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ الكِتاب
قال الله تعالى: ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ[الحج: 29].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لا يُمكِنُ قضاءُ التَّفَثِ والوفاءُ بالنَّذْرِ إلَّا بعد الوقوفِ بعَرَفةَ ومُزْدَلِفةَ (14) .
ثانيًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابرٍ رَضِيَ اللهُ عنه في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حاكيًا عمَلَه بعد الوقوفِ بعَرَفةَ والمبيتِ بالمُزْدَلِفةِ والرميِ: ((ثم ركِبَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأفاضَ إلى البيتِ، فصلَّى بمكَّة الظُّهرَ)) (15) .
2- عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((أفاض يومَ النَّحرِ، ثم رجَعَ فصَلَّى الظُّهرَ بمِنًى)) قال نافعٌ: ((فكان ابنُ عُمَرَ يُفيضُ يومَ النَّحرِ، ثمَّ يرجِعُ فيُصَلِّي الظُّهرَ بمِنًى، ويذكُرُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَه)) (16) .
ثالثًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ تيميَّة (17) .
المبحث الرابع: وقتُ طوافِ الإفاضةِ
المطلب الأوَّل: السنَّةُ في وقتِ طوافِ الإفاضةِ
يُسَنُّ أن يكونَ طوافُ الإفاضةِ في يومِ النَّحْرِ أوَّلَ النَّهارِ، بعد الرَّميِ والنَّحرِ والحَلْقِ، وهو أفضلُ وقتٍ لبدايَتِه (18) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- حديثُ جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنهما في صِفَةِ حجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وفيه: ((أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رمى جَمْرةَ العَقَبةِ، ثمَّ انصرَفَ إلى المنحَرِ، فنَحَرَ هَدْيَه, ثمَّ أفاض إلى البيتِ، فصلى بمكَّةَ الظُّهْرَ)) (19) .
2- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهما: ((أنَّ رَسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أفاض يومَ النَّحْرِ، ثم رجَعَ فصلى الظُّهرَ بمِنًى. قال نافعٌ: فكان ابنُ عُمَرَ يُفيضُ يومَ النَّحرِ، ثم يرجِعُ فيُصَلِّي الظهرَ بمِنًى. ويذكُرُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَعَلَه)) (20) .
ثانيًا: مِنَ الإجماعِ
نقلَ الإجماعَ على ذلك النوويُّ (21) .
المطلب الثَّاني: أوَّلُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ؟
اختلف العُلَماء في تحديدِ أوَّل وقت طواف الإفاضة على قولينِ:
القول الأوّل: أنَّ أوَّلَ وقتِ طوافِ الإفاضةِ بعد منتصَفِ ليلةِ النَّحرِ لِمَن وقف بعَرَفةَ قَبْلَه، وهذا مذهَبُ الشَّافعيَّة (22) ، والحَنابِلة (23) , واختارَه ابنُ باز (24) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّها قالت: ((أرسلَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بأمِّ سَلَمةَ ليلةَ النَّحْرِ، فرَمَتِ الجَمْرةَ قبل الفَجْرِ ثم مَضَتْ فأفاضت، وكان ذلك اليومُ اليومَ الذي يكون رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- تعني عندَها)) (25) .
2- عن أسماءَ ((أنَّها نَزَلت ليلةَ جَمعٍ عند المُزدَلفةِ، فقامت تصلِّي، فصلَّت ساعةً، ثم قالت: يا بُنَيَّ، هل غاب القمَرُ؟ قلتُ: لا. فصلَّت ساعةً، ثم قالت: هل غاب القمَرُ؟ قلتُ: نعم. قالت: فارتَحِلوا. فارتَحَلْنا، ومضَينا حتى رَمَت الجمرةَ، ثم رجَعَت فصَلَّت الصُّبحَ في مَنزِلِها. فقلتُ لها: يا هنتاه، ما أرانا إلَّا قد غَلَّسْنا. قالت: يا بنيَّ، إنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أذِنَ للظُّعُنِ)) (26) .
وَجْهُ الدَّلالةِ مِنَ الحديثينِ:
أنَّ ظاهِرَ النَّصِّ جوازُ الدَّفعِ مِنَ المُزْدَلِفةِ قبل منتصَفِ اللَّيلِ، والرَّميِ؛ لأنَّ أمَّ سَلَمةَ وأسماءَ رَضِيَ اللهُ عنهما رَمَتا الجَمْرةَ قبل الصُّبحِ؛ فهذا دليلٌ على جوازِ الرَّميِ قبل الفجرِ، فإذا جاز رميُ الجَمْرةِ قبل الفجرِ؛ جاز فِعْلُ بقيَّةِ أعمالِ يومِ النَّحرِ؛ لأنَّها مترابطةٌ (27) .
ثانيًا: قياسُ الطَّوافِ على الرَّميِ؛ بجامعِ أنَّهما من أسبابِ التَّحلُّلِ؛ فإنَّه بالرميِ للجِمار والذَّبحِ والحَلْقِ يحصُلُ التحلُّلُ الأوَّلُ، وبالطَّوافِ يحصُلُ التَّحلُّلُ الأكبرُ، فكما أنَّ وقتَ الرَّميِ يبدأُ عندهم بعد نِصْفِ اللَّيلِ، فكذا وقتُ طوافِ الإفاضةِ (28) .
القول الثاني: يبتِدئُ مِن طُلوعِ الفَجرِ الثَّاني يومَ النَّحرِ، وهذا مذهب الحَنَفيَّة (29) , والمالِكيَّة (30) , وهو روايةٌ عن أحمد (31) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- فِعْلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مع قوله: ((لِتَأخُذوا مناسِكَكم)) (32) ؛ فقد طاف طوافَ الإفاضةِ يومَ النَّحرِ (33) .
ثانيًا: أنَّ ما قبل الفجْرِ مِنَ الليلِ وقْتُ الوقوفِ بعَرَفة، والطَّوافُ مُرَتَّبٌ عليه، فلا يصِحُّ أن يتقدَّمَ ويَشغَلَ شيئًا من وقتِ الوقوف، فالوقتُ الواحدُ لا يكون وقتًا لركنينِ (34) .
فرعٌ: أداءُ طوافِ الإفاضةِ أيَّامَ التَّشريقِ
إذا أخَّرَ طوافَ الإفاضةِ عن يومِ النَّحرِ وأدَّاه في أيَّامِ التَّشريقِ؛ صَحَّ طوافُه، ولا شيءَ عليه.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابْنُ المُنْذِر (35) والنوويُّ (36) .
المطلب الثَّالث: آخِرُ وقتِ طوافِ الإفاضةِ
طوافُ الإفاضةِ ليس لآخِرِه وقتٌ (37) ، ولا يلزَمُ بتأخيرِه دَمٌ (38) ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة (39) ، والحَنابِلة (40) ، وهو قَوْلُ طائِفةٍ مِنَ السَّلَفِ (41) ، وهو اختيارُ ابنِ باز (42) ، وبه أفتَتِ اللجنةُ الدَّائمةُ (43) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: لأنَّ طوافَ الإفاضةِ ليس له وقتٌ يفوتُ بفواتِه، فإنَّه متى أتى به صَحَّ (44) .
ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الدَّمِ حتى يَرِدَ الشَّرْعُ به (45) .
ثالثًا: أنَّه طاف فيما بعد أيَّامِ النَّحرِ طوافًا صحيحًا، فلم يلزَمْه دمٌ، كما لو طاف أيَّامَ النَّحرِ (46) .
المطلب الرابع: وقتُ طوافِ الإفاضةِ الواجِبِ وما يترتَّبُ على تأخيرِه
اختلف أهلُ العِلْمِ في وقتِ طوافِ الإفاضةِ الواجِبِ (47) ، وما يترتَّبُ على تأخيرِه، على أقوال، أقواها قولان:
القول الأوّل: يجِبُ أداؤُه قبل خروجِ شَهْرِ ذي الحِجَّةِ، فإذا خرج لَزِمَه دمٌ، وهذا مذهَبُ المالِكيَّة (48) واختارَه ابنُ عُثيمين (49) .
الدَّليل مِنَ الكتاب
قال اللهُ تعالى: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ [البقرة: 197].
وَجْهُ الدَّلالةِ:
في الآيةِ دليلٌ على أنَّ الحجَّ مؤَقَّتٌ بأشهُرٍ محدَّدةٍ، لا يجوزُ تأخيرُه عنها, وتأخيرُ الطَّوافِ إلى مُحَرَّمٍ، فِعْلٌ للرُّكْنِ في غيرِ أشهُرِ الحَجِّ (50) .
القول الثاني: لا يلزَمُه شيءٌ بالتأخيرِ أبدًا، وهذا مذهب الشَّافعيَّة (51) ، والحَنابِلة (52) ، وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (53) ، واختاره ابنُ المُنْذِر (54) , وابنُ باز (55) .
وذلك للآتي:
أوَّلًا: أنَّه لا دليلَ على عَدَمِ جوازِ تأخيرِ طوافِ الإفاضةِ عن ذي الحِجَّةِ (56) .
ثانيًا: أنَّ الأصلَ عَدَمُ الدَّمِ حتى يَرِدَ الشَّرْعُ به (57) .
المطلب الرابع: الشُّربُ مِن ماءِ زَمْزَمَ
يُسَنُّ الشُّرْبُ مِن ماءِ زَمْزَمَ (58) ، وهذا باتِّفاقِ المَذاهِبِ الفِقْهيَّةِ الأربَعةِ: الحَنَفيَّة (59) ، والمالِكيَّة (60) ، والشَّافعيَّة (61) ، والحَنابِلة (62) ، وهو قولُ ابْنِ حَزْمٍ (63) .
الأدِلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّةِ
1- عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، فذكر حديثَ حَجَّةِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، قال: (ثم ركِبَ رسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأفاض بالبيتِ، فصلَّى بمكَّةَ الظُّهرَ، وأتى بني عبد المطَّلِب يَسقونَ على زمزمَ، فقال: انزِعُوا بني عبدِ المُطَّلِبِ، فلولا أنْ يغْلِبَكم النَّاسُ على سِقايَتِكم لنَزَعْتُ معكم، فناوَلُوه دَلْوًا فشَرِبَ منه) (64) .
2- قولُ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي ذرٍّ- في حديث إسلامِ أبي ذَرٍّ-: ((فمَن كان يُطْعِمُك؟)) قال قلتُ: ما كان لي طعامٌ إلَّا ماءُ زمزمَ، فسَمِنْتُ حتى تكسَّرَتْ عُكَنُ بطني (65) . وما أجدُ على كَبِدي سَخْفَةَ جُوعٍ (66) . فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ((إنَّها مباركةٌ؛ إنَّها طعامُ طُعْمٍ)) (67) .
وفي رواية: ((وشِفاءُ سُقْمٍ)) (68)
ثانيًا: مِنَ الآثار
عن عبَّادِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الزُّبيرِ، قال: ((لَمَّا حجَّ معاويةُ رَضِيَ اللهُ عنه حجَجْنا معه، فلَمَّا طاف بالبيتِ، وصلَّى عند المقامِ ركعتينِ، ثم مرَّ بزمزمَ، وهو خارِجٌ إلى الصَّفا، فقال: انزِعْ لي منها دَلْوًا يا غلامُ، فنَزَعَ له منها دَلْوًا، فأُتِيَ به فشَرِبَ منه، وصَبَّ على وجْهِه ورأسِه، وهو يقولُ: زمزمُ شفاءٌ، وهي لِمَا شُرِبَ له)) (69) .


 

رد مع اقتباس
قديم 24-07-2020, 01:54 PM   #91


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,303 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
شكراً: 445
تم شكره 511 مرة في 344 مشاركة
افتراضي



الفصل الخامس: التحلُّل الأوَّل



محتويات الصفحة:

- المبحث الأوَّل: تعريفُ التحلُّلِ.- المبحث الثاني: ما يحصُلُ به التحلُّلُ الأوَّلُ.- المبحث الثالث: ما يترتَّبُ على التحلُّلِ الأوَّلِ.

المبحث الأوَّل: تعريفُ التحلُّلِ
التحلُّلُ لغةً: يقال حَلَّ الْمُحْرِمُ يَحِلُّ حَلَالًا وَحِلًّا؛ إذا حلَّ له ما يَحْرُم عليه من محظوراتِ الحجِّ، ورجلٌ حَلالٌ: أي غيرُ مُحْرِمٍ ولا متلبِّسٍ بأسبابِ الحجِّ، وأحلَّ الرَّجُلُ إذا خرَجَ إلى الحِلِّ عن الحَرَمِ (1) .
التحلُّل اصطلاحًا: الخروجُ من الإحرامِ، وحِلُّ ما كان محظورًا عليه وهو مُحْرِمٌ (2) .
المبحث الثاني: ما يحصُلُ به التحلُّلُ الأوَّلُ
اختلف أهلُ العِلمِ فيما يحصُلُ به التحلُّلُ الأوَّلُ على أقوالٍ ثلاثةٍ:
القول الأوّل: أنَّه يحصُلُ بفِعلِ اثنينِ من ثلاثةٍ؛ وهي: الرَّميُ، والحَلْقُ، والطَّوافُ، وهو مذهَبُ الشَّافعيَّة (3) ، والحَنابِلةِ (4) ، وهو اختيار ابن باز (5) .
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ الله عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدَيَّ هاتينِ حين أحرَمَ، ولِحِلِّه حين أحَلَّ قبل أن يطوفَ، وبَسَطَتْ يَدَيها)) (6) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ إخبارَ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها بأنَّها طَيَّبتِ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حين أحَلَّ قبل أن يطوفَ؛ دليلٌ على أنَّ التحلُّلَ الأصغَرَ حصَلَ قبل الطَّوافِ، أي بعدَ الرَّميِ والحَلْقِ (7) .
ثانيًا: أنَّ الرَّميَ والحَلْقَ نُسُكانِ يتعَقَّبُهما الحِلُّ، فكان حاصلًا بهما، كالطَّوافِ والسَّعيِ في العمرةِ (8) .
القول الثاني: أنَّه يحصُلُ برَمْيِ جمرةِ العقبةِ؛ وهو مذهَبُ المالكيَّة (9) ، ووجهٌ للشَّافعيَّة (10) ، وروايةٌ عن أحمدَ (11) ، وبه قال عطاءٌ وأبو ثَورٍ (12) ، واختارَه ابنُ قُدامة (13) , والألبانيُّ (14) .
الأدلَّة مِنَ السُّنَّة
1- حديثُ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، وفيه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتم رَمَيْتُم الجمرةَ أن تَحِلُّوا- يعني مِن كلِّ ما حُرِمْتُم منه- إلَّا النِّساءَ)) (15) .
2- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيَدَيَّ بذريرةٍ (16) لحجَّةِ الوداعِ للحِلِّ والإحرامِ، حين أحرَمَ، وحين رمى جمرةَ العَقبةِ يومَ النَّحرِ، قبل أن يطوفَ بالبيتِ)) (17) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ تعليقَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الإحلالَ مِنَ الإحرامِ بَرَمْيِ جمرةِ العَقبةِ؛ دليلٌ على أنَّ التحلُّلَ الأصغَرَ يحصُلُ برَمْيِها دون التوقُّفِ على أشياءَ أُخَرَ، وقد أبان عن ذلك فِعْلُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، كما أخبَرَت به عائشةُ رَضِيَ اللهُ عنه، وأنَّ تَطييبَها إيَّاه كان عَقِبَ جَمرةِ العقبةِ (18) .
القول الثالثُ: يحصُلُ بالحَلْقِ بعد الرَّمْيِ، ولا يحِلُّ له بالرَّمْيِ قبل الحَلْقِ شَيءٌ، وهذا مذهب الحنيفةَ (19) ، واختيارُ الشِّنقيطيِّ (20) ، وابنِ عُثيمين (21) .
الأدلَّة:
أوَّلًا: مِنَ السُّنَّة
عن عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((كنتُ أُطَيِّبُ رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لإحرامِه قبل أن يُحْرِمَ، ولِحِلِّه قبل أن يطوفَ بالبيتِ)) (22) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّه لا طوافَ بالبيتِ بالنِّسبةِ لفِعْلِ الرَّسولِ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ إلَّا بعد الرَّمْيِ والحلْقِ، ولو كان يَتحلَّلُ قبل الحَلْقِ، لقالتْ عائشةُ: ولِحِلِّه قبل أن يحلِقَ، فلما قالت: ((قبل أن يطوفَ)) عُلِمَ أنَّه لا يحِلُّ التحلُّلَ الأوَّلَ إلَّا بالحَلْقِ (23) .
ثانيًا: أنَّ الحَلْقَ رُتِّبَ عليه الحِلُّ في مسألةِ الإحصارِ؛ فإنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَمَّا أُحْصِرَ في الحديبِيَةِ أَمَرَهم أن يحلِقُوا ثم يَحِلُّوا، ولا حِلَّ لِمُحْصَرٍ إلَّا بعد الحَلْقِ (24) .
المبحث الثالث: ما يترتَّبُ على التحلُّلِ الأوَّلِ
مَن تحلَّلَ التحلُّلَ الأوَّلَ حَلَّ له كلُّ شيءٍ حَرُمَ عليه، إلَّا النِّساءَ, وهو مَذهَبُ الجُمْهورِ: الحَنَفيَّة (25) , والشَّافعيَّة (26) , والحَنابِلَة (27) , وبه قالَتْ طائفةٌ مِنَ السَّلَفِ (28) .
الأدلَّة مِنَ السُّنَّة
1- حديثُ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها قالت: ((طَيَّبْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيدَيَّ هاتينِ حِينَ أحرمَ، ولِحِلِّه حين أحَلَّ، قبل أن يطوفَ، وبَسَطَتْ يَدَيها)) (29) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ عائشةَ رَضِيَ اللهُ عنها أخبَرَت أنَّها طَيَّبَتِ الرَّسولَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عندما أحلَّ قبل أن يطوفَ؛ وفي هذا دلالةٌ واضحةٌ ونَصٌّ صريحٌ في إباحةِ الطِّيبِ بالتحلُّلِ الأوَّلِ (30) .
2- حديثُ أمِّ سَلَمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، أنَّ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((إنَّ هذا يومٌ رُخِّصَ لكم إذا أنتم رَمَيْتُم الجمرةَ أن تَحِلُّوا- يعني مِنْ كُلِّ ما حُرِمْتُم منه- إلَّا النِّساءَ)) (31) .
وَجهُ الدَّلالةِ:
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أخبَرَ أنَّ مَن رَمَى الجمرةَ تحلَّلَ إلَّا مِنَ النِّساءِ, وهذا يدلُّ على أنَّ التحلُّلَ الأصغَرَ يَحِلُّ به كلُّ شيءٍ إلَّا النِّساءَ (32) .
المبحث الرابع: متى يكونُ التحلُّلُ الثاني، وما يترتَّبُ عليه:
إذا طاف الحاجُّ طوافَ الإفاضَةِ بعد إكمالِ أعمالِ الحَجِّ؛ فقد حَلَّ التحلُّلَ الثَّانيَ (الأكبَرَ) وحَلَّ له كلُّ شيءٍ حتَّى النِّساءُ.
الدَّليلُ مِنَ الإجماعِ:
نقلَ الإجماعَ على ذلك ابنُ حَزْمٍ (33) ، وابنُ حَجَرٍ الهيتمِيُّ (34) ، والشربينيُّ (35) .


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
أبيك , اللهم


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مائة دعاء لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ذابت نجوم الليل (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) 23 19-11-2022 09:21 PM
أَصْـبَحْنا وَأَصْـبَحَ المُـلْكُ لله وَالحَمدُ لله، لا إلهَ إلاّ اللّهُ { متجدد } تيماء ( همســـــات الإسلامي ) 50 31-01-2021 12:04 PM
الدعاء لأم الإدارية الجوري .. نوآف ( قناة وحصريات الجوري ) 17 14-05-2016 11:06 PM
أدعيه لآم اختنا الجوري وجميع موتى المسلمين هدهد الشرق ( قناة وحصريات الجوري ) 23 08-05-2016 11:53 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 04:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010