21-02-2018, 01:31 PM | #127 |
| الإخلاص وصدق النية هما سنام كل طاعة، وبدونه قد تتغير نيه العبد ويصبح عمله هباءً منثورًا، وقد كان الصحابة الكرام يعيشون تلك المعاني الراقية، بل يبكون تعلقًا بطاعة الله إذا ما فاتتهم، ويبكون شوقًا إلى الله. وفي سورة التوبة، تصور لنا آية كريمة موقفًا لبعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كانوا يتمنون الجهاد في سبيل الله ونيل الشهادة وذلك عندما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجهز جيش العسرة، ولكن منعتهم الحاجة والفقر من ذلك، فذهبوا إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، لعلهم يجدون عنده الحل، ولكن كان الحبيب قد استكمل تنظيم الجيش ولم يعد هناك عتادًا ولا دوابًا ليحملهم عليهم، فانظروا كيف يصف لنا القرآن الكريم رد فعلهم. قال تعالى: {وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ}.. [التوبة : 92]. إنهم الصحابة الكرام سالم بن عمير من بني عمرو وعلية بن زيد من بني حارثة، وعبد الرحمن بن كعب من بني النجار، وعمرو بن الحمام من بني سلمة، وعبد الله بن المغفل المزني، وهرمي بن عبد الله الواقفي، وعرباض بن سارية. لم يجد النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ما يحمل عليه هؤلاء المخلصين، فقد كان أكثر من شخص يتشاركون الدابة الواحدة لنقص الدواب، فذهبوا وهم يبكون حزنًا على فوات هذا الفضل وعدم مشاركتهم في الجهاد في سبيل الله، ولهذا سموا بـ "البكائين". وفي طريق عودتهم لاقى اثنان منهم الصحابي الجليل يامين بن عمرو فسألهما عما يبكيهما، فحكيا له، فأهداهما ببعيرًا ليركبا عليه، كما أعطى كل واحد منهما زاد من التمر. وعندما علم الصحابة سارعوا في حملهم، فحمل سيدنا العباس بن عبد المطلب رجلين منهم، وحمل سيّدنا عثمان بن عفّان آخرين، وذهبوا جميعاً وقاتلوا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتشرفوا بالجهاد معه صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الأطهار. |
|
21-02-2018, 01:42 PM | #129 | |||||||||
| اقتباس:
| |||||||||
|
21-02-2018, 01:48 PM | #131 |
| إنه الصحابي الكريم أبو ذر الغفاري رضي الله عنه الذي علم بمبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم فانطلق إليه في مكة يكتم سبب قدومه عن الناس حتى لقي الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأخبره بأمره، فدخل به الإمام علي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وطلب منه أبو ذر أن يعرض عليه الإسلام، ليدخل نور الإيمان إلى قلبه وعقله وروحه فأسلم رضي الله عنه، وحثه النبي صلى الله عليه وسلم على كتمان إيمانه حتى يسمع بظهور الإسلام وقوة شوكته، إلا أن أبو ذر قال: والذي بعثك بالحق لأصرخن بها بين أظهرهم. وخرج أبو ذر الى البيت الحرام وصرخ بشهادة التوحيد بين الناس فكان أول من جهر بها في الإسلام قائلاً: "أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله"، فقام إليه المشركين يضربونه ليموت، لولا أن الله تعالى أنقذه بسيدنا العباس رضي الله عنه بعد أن هددهم بقبيلته غفار. وعاد أبو ذر رضي الله عنه إلى قبيلته يدعوهم إلى الإسلام حتى أسلمت قبيلته، فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة ومعها قبيلة أسلم، وحينها قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "غفار غفر الله لها، وأسلم سالمها الله". ومن شدة حرصه على الجهاد قيل أن أبو ذر في الطريق إلى غزوة تبوك تعثرت ركوبته فحمل متاعه ولحق بالجيش على قدمية. أقام أبو ذر في باديته حتى مضت بدرٌ وأحدٌ والخندقُ، ثم قدم إلى المدينة، وانقطع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستأذنه أن يقوم في خدمته، فأذن له، ونَعِمَ بصحبته، وسَعِدَ بخدمته، وظلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤثره ويكرمه، فما لقيه مرةً إلا صافحة، وهشَّ في وجهه وبشَّ . لما لحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرفيق الأعلى لم يُطِق أبو ذر صبرًا على الإقامة في المدينة، بعد أن خلت من سيدها، فرحل إلى بادية الشام، وأقام فيها مدة خلافة الصديق أبو بكر والفاروق عمر رضي الله عنهما. وفي خلافة سيدنا عثمان نزل في دمشق، فرأى من إقبال المسلمين على الدنيا وانغماسهم في الترف ما أذهله، ودفعه إلى استنكار ذلك، فاستدعاه عثمان إلى المدينة، فقدم إليها، لكن ما لبث أن ضاق برغبة الناس في الدنيا، وضاق الناس بشدته عليهم، وتنديده بهم ونصحه لهم، فأمره عثمان بالانتقال إلى الربذة، وهي قرية صغيرة من قرى المدينة المنورة، فرحل إليها، وأقام فيها بعيداً عن الناس، زاهداً بما في أيديهم من عرض الدنيا، مستمسكاً بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه من إيثار الباقية على الفانية. وصدق في أبو ذر نبوئه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: "رحم الله أبا ذر يمشي وحده ويموت وحده ويبعث يوم القيامة وحده".. فعندما حضرته الوفاة أخذت زوجته تبكي على حاله وكيف سيموت فقيرا وحيدا بعيدا عن الناس، فقال لزوجته مبتسمًا أنه كان جالسًا مع رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وبعض الصحابة فقال الرسول: "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين"، وقال لها أن جميع من حضروا ما قاله الرسول ماتوا في جماعة، وأنا من بقيت. وقال لها إذا أنا مت راقبي الطريق لأن عدد من المؤمنين سيحضرون لدفني برغم فوات ميعاد الحج، وأنا كلي ثقة في نبوءة الرسول فغسلوني وكفنوني وضعوني على قارعة الطريق. ثم مات فكفنته زوجته وغلامه ووضعاه على قارعة الطريق عسى أن يتكفل به من يمرون ببيتهم في الصحراء حتى مر سيدنا عبد الله بن مسعود مع جماعة من مسلمي العراق وكادت قافتلهم تطأ جثة أبا ذر فقالت لهم زوجته أن هذا صاحب رسول الله أبا ذر فساعدونا في دفنه فصلوا عليه ودفنوه وبكى عبد الله بن مسعود وقال: صدق رسول الله عندما قال فيك: "تمشي وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك". وكان أبو ذر -رضي الله عنه- يحب الله ورسوله حبًّا كبيرًا، فقد روى أنه قال للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل بعملهم، فقال له النبي: "أنت مع مَنْ أحببت يا أبا ذر" فقال أبو ذر: فإني أحب الله ورسوله، فقال له النبي : "أنت مع مَن أحببت"، وكان يبتدئ أبا ذر إذا حضر، ويتفقده (يسأل عنه) إذا غاب. وشهادة النبي صلى الله عليه وآله وسلَّم لأصحابه شهادة حق، لأنه لا ينطق عن الهوى، ولأنه عليه الصلاة والسلام لا يعرف المحاباة والمديح، وقد قال عن أبو ذر: " ما أقلت الغبراء ولا اظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر". |
|
21-02-2018, 01:58 PM | #133 | |||||||||
| اقتباس:
كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم تأتيه الرسائل من كل حدب وصوب، لذا كان يستعين ببعض الصحابة الكرام ممن يتقنون تلك اللغات غير العربية أو يأمرهم بتعلم لغة معينة حتى يعرف ما يأتيه من رسائل. ومن هؤلاء صحابي جليل أمره النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أن يتعلم لغة اليهود، وهي اللغة السريانية حتى يقرأ له الرسائل التي تأتيه بهذه اللغة، وهذا الصحابي كان من كتاب الوحي فكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كل مانزل الوحي عليه، بعث إليه فكتبه. وهو من الراسخين في العلم، وقد طلب منه سيدنا أبو بكر الصديق الخليفة الراشد الأول أن يقوم بمهمة جمع القرآن بعد أن مات الكثير من حفظته في حروب الردة، فدعاه وقال له: "إنك شاب عاقل لا نتهمك"، وأمره أن يبدأ جمع القرآن مستعينا بذوي الخبرة. فيقول هذا الصحابي عن ذلك" "والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن"، كما قال: "فكنتُ أتبع القرآن أجمعه من الرّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال". وأنجز المهمة على أكمل وجه وجمع القرآن في أكثر من مصحف. إنه الصحابي زيد بن ثابت بن الضحاك الأنصاري الذي كان يتيمـًا يوم أن قدم الرسول صلى الله عليه وآلخ وسلم مهاجرًا إلى المدينـة، وكان عمره إحدى عشرة سنة، حيث أسلـم مع أهلـه ودعا له النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وعن أمر النبي له بتعلم لغة اليهود روى الترمذي بسنده عن زيد بن ثابت قال: "أَمَرَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ أَتَعَلّمَ لَهُ كَلِمَاتٍ مِنْ كِتَابِ يَهُودَ وَقالَ إِنّي وَالله مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي، قالَ فَمَا مَرّ بي نِصْفُ شَهْرٍ حَتّى تَعَلّمْتُهُ لَهُ". فتعلم هذه اللغة في خمسة عشر يومًا فقط. | |||||||||
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أو , الصحابي , إن |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصة المعطف عن الرسول صل الله عليه وسلم مع الصحابي | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 18 | 27-11-2020 12:15 AM |
سيرة الصحابي الجليل - عبد الله بن مسعود … رضي الله عنه | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 12 | 27-04-2017 10:56 AM |
سيرة الصحابي الجليل - حجر بن عدي رضي الله عنه - حجر الخير | مبارك آل ضرمان | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 10 | 05-03-2017 07:23 AM |
الصحابي الذي دفنته الملائكة | قلائد ..~ | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 15 | 10-10-2016 04:21 PM |
الصحابي الذي كانت تسلم عليه الملائكة | محمدعبدالحميد | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 20 | 15-05-2014 07:10 PM |