ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-07-2023, 08:23 AM   #78


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – إفشاء السر

وليحذر حامل السر ممن قد يستدرجه للإفضاء بمضمون السر من حيث لا يشعر ، فإن للناس في ذلك أساليب لا تخفى على ذوي الفطانة .
قال الحليمي " الستر هو في الفواحش التي لا تخرج من الملة ، فأما إذا سمع مسلما يتكلم الكفر ، فعرف به أنه من المنافقين ، فلا ينبغي أن يستر عليه .. ليعلم المسلمون أنه خارج من جملتهم ، ولئلا يغتروا بما يظهره لهم فينكحوه ، أو يأكلوا ذبيحة ، أو يصلوا خلفه ، أو يوصي أحد منهم إليه بولاية أطفاله . ولأن من أظهر الكفر زالت حرمته ، فإن الحرمة فيما أوجبنا ستره ، إنما كان لدين المتعاطي له ، فإذا لم يكن دين فقد زالت العلة . والله أعلم " .
وواضح أن هذا إنما هو فيما كان من الأسرار من قبيل ستر العورات ، أما إن كان من قبيل حمل الأمانة فإن الخيانة لا تجوز ، ولو كان من حملك الأمانة زنديقا ، إن التزمت له بحفظها .
والسبب في حفظ الأسرار :
أولا : لما في كشف السر من الأضرار في أغلب الأحوال :
ولا ينبغي لمسلم أن يسعى فيما فيه ضرر أخيه المسلم . ولا يحل لمسلم أن يتعمد الإضرار بأخيه بغير حق . ولا أن يسعى في أمر يكون سببا في إيقاع الضرر بأخيه . لقول الله تعالى : ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا ) "سورة الأحزاب /58" .
وهناك مجموعة من الأضرار لإفشاء الأسرار منها :
أ - الأضرار النفسية والمعنوية :
وذلك إن كان السر عورة يسترها أخوك على نفسه ، من إثم ارتكبه ، أو فعل شائن زلت قدمه فأقدم عليه ، ثم استتر بستر الله تعالى . فإن كشفته عنه آلمته ألما شديدا ، فاستاء وحزن ، وقد تسقط شهادته وقد تسقط بذلك كرامته ، ويجفوه بعض من كان يألفه ، ويحقره من كان يعظمه ، وقد تسقط شهادته ، وقد يفسد ذلك ما بينه وبين أهله ، فيكون في ذلك تحطيم الروابط الأسرية والعلاقات الاجتماعية .
وقال الحليمي : في هتك ستر أصحاب القروف تخفيف أمر الفاحشة على قلب من يشاع فيه ، لأنه ربما كان يخشى أن يعرف أمره فلا يرجع إلى ما قارفه أو يستتر منه . فإذا هتك ستره اجترأ وأقدم ، واتخذ ما وقع منه عادة يعسر بعدها عليه النزع عنها ، وهذا إضرار به .
وقد نهى الله تعالى عن التجسس وهو تتبع ما يخفيه الناس من أمورهم . وقال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاوية رضي الله عنه "إنك إن تتبعت عورات المسلمين أفسدتهم أو كدت تفسدهم " قال بعض السلف : " كلمة سمعها معاوية من النبي صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها " يعني استقام له شأن خلافته مع الناس .
ب - الأضرار البدنية :
فقد يلزمه بكشف سره حد أو عقوبة .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 15-07-2023, 08:24 AM   #79


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – إفشاء السر

ج - الأضرار المهنية :
فإن المتعاملين مع أصحاب الصنائع كالطبيب والمحامي ، إذا شعروا بأن أسرارهم في خطر ، يحجمون عن التعامل معهم ، أولا يطلعونهم بالقدر الكافي على ما يريدون الاطلاع عليه لينجحوا في مهماتهم ، وبذلك يفقدون وتفقد المهنة ككل نسبة كبيرة من فرص النجاح . و هكذا المهن الأخرى حتى السائق والخادم إذا كان حافظا للأسرار التي يطلع عليها تزيد الثقة به . فإن كان على عكس ذلك فقد نسبة كبيرة من فرص العمل ، وخسر غالبا ما بيده منها .
د . الأضرار المالية :
فربما أفقده إفشاء السر فرصة كسب ينتظرها ، أو مصلحة خطط لتحصيلها ، وكم يكسب أصحاب الصناعات من الحقائق التي اكتشفوها فأدرت عليهم الأموال الطائلة ، واعتبروها أسرارا مملوكة لهم ، فهم يستثمرونها وينعمون بخيراتها ، ويحرصون عليها كما يحرص كل منا على ما ينفعه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احرص على ما ينفعك واستعن بالله " .
وربما أدى كشف أسرار الناس المالية إلى تسلط اللصوص وأشباه اللصوص حتى يعود الغني فقيرا ، وتؤول الثروات التي جمعت بالكدح الدؤوب ، والعمل الشريف، إلى الأيدي الظالمة ، تعبث بها يمينا وشمالا .
وربما لزمته بكشف سره غرامات وتكاليف مالية كان عنها في عافية .
وربما أفقده فضح السر منصبا يكتسب به رزقه .
وكم قد ثلت الفضائح عروشا ، وأوهنت حكومات ، وأتلفت أمما .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 15-07-2023, 08:24 AM   #80


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – إفشاء السر

ثانيا :لأنه قد يكون في إفشاء السر خياله للأمانة وذلك في أحوال :

أ - أن يكون بين المرء وزوجته :
ففي خطبة الوداع أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا وقال " وإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله " .
وروى مسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى المرأة وتفضي إليه ، ثم ينشر سرها " وفي رواية لمسلم " إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة … الحديث " جاء في أخبار بعض أهل الفضل أنه سئل عن حال زوجة له كان قد طلقها فتزوجت بعده ، فلما سئل عنها قال " مالي ولزوجة غيري " والمراد بما يكتم هنا تفاصيل ما يقع بين الزوجين في خلوتهما .
ب - أن يكون أخوك قد طلب منك كتمان سره قبل أن يفضي إليك به فالتزمت له بذلك ـ فإن أفشيته كنت قد خنت الأمانة ونقضت العهد فكنت ظلوما جهولا شأن المنافقين الذين يظهر نفاقهم ويعلم ، بمثل هذا الفعل الذميم .
وقد يستكتم الأخ أخاه سرا في حال دون حال أو وقت دون وقت ، فيقبل ، فتكون الأمانة بحسب ذلك كأن يقول : لا تفش عني هذا الخبر إلى ثلاثة أيام أو : ما دام فلان حيا ، أو ما دمت حيا أو نحو ذلك .
ج - أن يكون أخوك قد فاتحك في أمر خاص مما شأنه أن يكتم عن الناس ولو لم يستكتمك ، وخاصة إن كان يستشيرك في أمر مما ينويه أو أمر يعزم عليه فذلك أمانة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم "المستشار مؤتمن " ويكون كشف خبايا ذلك الحديث خيانة لتلك الأمانة .
وفيما روى من الحكمة أن رجلا وشى بأديب لدى بعض الخلفاء ، فأراد الخليفة الانتقام منه ، فقال : أجمع بيني وبين هذا الواشي . فلما جاء قال له :
وأنـت امرؤ إما ائتمنتك خاليا فخنت وإما قلت قولا بلا علم
فأنت من الأمر الذي كان بيننا بمنزلة بين الخيانـة والإثـم
كأنه يقول للخليفة : كيف نأخذ في بقول من لا يخرج عن أن يكون خائنا أو كاذبا.

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 15-07-2023, 08:25 AM   #81


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع – إفشاء السر

د - أن يكون السر كلاما صدر في مجلس خاص يثق الحاضرون فيه بعضهم ببعض ، فيتبسطون في الحديث بما لو حضر شخص غريب أو من لا يأمنونه لم يتكلموا بذلك ، فالحديث الذي قالوه بمقتضى الثقة هو أمانة . ففي ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهو أمانة " قال شارح الإحياء : أي التفت يمينا وشمالا ، لأن ذلك يظهر أنه قصد أن لا يطلع على حديثه غير الذي حدثه .
هـ - أن تقضي الضرورة أو الحاجة الإنسان أن يكشف عما يسوؤه أو يضره إظهاره ، وما كان ليظهره لولا حاجته إلى المعونة ، كمن يذهب إلى المفتي ليسأله عن حكم الشرع في أمر قد فعله . فإن لم يشرح الواقعة بالقدر الذي يتبين به الحكم فيها لم يتمكن المفتي من إجابته والبيان له . فيكون الحديث الذي وصف به فعله إن كان مما يسوء إظهاره ، أمانة عند المفتي ، فإن كشفه كان خائنا للأمانة . فلو شهد المفتي بعد ذلك أمام القضاء بما سمعه من الإقرار لم تقبل شهادته ولا عبرة بها ، لأن الخائن للأمانة فاسق غير عدل . وهذا عند المالكية هو المعتمد من قولين لهم مرويين عن مالك . وعليه العمل .
ومثل ذلك الطبيب إذا أفضى إليه المريض بسبب مرضه ، وقـد يكـون فعلا شائنا ، أو كشف للطبيب من بدنه ما يحتاج إلى كشفه للعلاج ،ويكون فيه تشويه أو مرض منفر .
وربما أفضى إلى الطبيب النفساني بأوضاع خاصة به في حياته السابقة ، أو أوضاع أسرته ، ليتمكن من تشخيص المرض ومعرفة أسبابه وعلاجه . فيكون ذلك كله أمانة لدى الطبيب ، ومن الخيانة أن يفشيها .
وكذلك المكلفون بالأبحاث الاجتماعية الذين يطلب منهم التحقق من الأوضاع المعيشية للمتقدمين بطلب المعونات الاجتماعية ، أو معونة الزكاة والصدقات ، فإن ما يفضي إليهم به من الشؤون الخاصة التي من شأنها أن تكتم هي أمانات لديهم ليس لهم تضييعها ولا بثها إلا بإيصالها لمن شأنه تقرير تلك المعونة .
غير أن هذا لا يمنع استخدام وقائع الفتوى أو الوقائع الطبية أو نحو ذلك في الأبحاث العلمية ، والاستشهاد بها في تأييد النظريات أو تزييفها ، غير أنها إن كانت من قبيل الأسرار فلا يذكر أسماء أصحابها ، ولا ما يكشف شخصياتهم ، بل تستخدم الألفاظ المبهمة .
وسائر أمناء السر والموظفون في الدوائر الحكومية أو الأهلية حملوا الأمانة بحكم وظيفتهم ، فعليهم كتمان كل ما يعلمون أن في إظهاره ضررا حسيا أو معنويا للجهة التي قلدتهم تلك المهمات ، ومن الخيانة أن يكشفوا من ذلك شيئا .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 15-07-2023, 08:30 AM   #82


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – إفشاء السر

ثالثا : لأن البوح بالأسرار فيه غالبا اتباع لهوى النفس ممن يفعله :
وقد قال الله تعالى : ( ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) فإن الذي يدعوا الناس إلى فضح أسرار غيرهم أو كشف معايبهم أكثرها راجع إلى الهوى . فمن ذلك :

أ - أن النفوس تنزع إلى كشف الخبايا ، والتبسط بغيبة الناس وذكر معايبهم ، وخاصة في المجالس التي لا يتقي فيها الله تعالى ، فمن اتبع ما تنزع إليه نفسه من ذلك كان متبعا للهوى ، ومن جاري قائلي السوء وكشف لهم ما يعلم من أسرار إخوانه ، كان متبعا للمتبعين للهوى من إخوان الشياطين . قال الحليمي : إنما يحمل على ذلك الدغل ورداءة الطبع وسوء النية .
فإن الصاحب إذا حل من خليله محل الفؤاد ، فاطمأن كل منهما إلى الآخر وركن إليه فائتمنه على أدق أسراره ، وبث إليه أشياء مما في نفسه وأخبارا عن أشياء فعلها ، وربما أفضى إليه برأي له في فلان من الناس أو فلانة ، فحق حامل الأمانة أن يكون كفئا لها فلا يفضي بشيء من ذلك إلى أحد . ولو أن حبل الوداد انفصم بين هذين الصاحبين ما كان لأحد منهما أن يخون ما ائتمن عليه ، ولا أن يفشي سر صاحبه القديم . فإن فعل دل ذلك على لؤم طبعه وخبث باطنه وليس للآخر أن يقول : فضحني فأفضحه ، وأذلني فأذله ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك " .
ثم إن كان في فضح سر المسلم ، وكشف الستر عنه ، ضرر يلحقه في نفسه أو ماله أو بدنه أو مركزه الاجتماعي ، فإن الغالب أن يكون ذلك عن عداوة باطنة أو حقد خفي أو حسد دفين ، وذلك من الهوى . قال الغزالي " منشأ التقصير في ستر العورة أو السعي في كشفها : الداء الدفين في الباطن ، وهو الحقد والحسد ، فإن الحقود الحسود يملأ باطنه الخبث ، ولكنه يحبسه في باطنه ويخفيه ولا يبديه مهما لم يجد له مجالا ، وإذا وجد فرصة انحل الرباط وارتفع الحياء وترشح الباطن بخبثه الدفين " .
ويزداد ذلك الهوى ضراوة إذا انحل رباط المودة فعاد عداوة ، فإن لم يكن للصديق القديم عاصم من دين يعتصم به ، استغل تلك الأسرار القديمة ، وأصبحت في يديه سلاحا يقتل به عدو اليوم أخاه بالأمس ، وكان الهوى حينئذ الأمر والنهي ولإبليس الكلمة التي لا ترد ، لكنه ليس له سلطان على غير الغواة . بل إن هذه الحالة في الحقيقة هي التي تتبين فيها قدرة أهل الحفاظ على كتم الأسرار ، فمن أفشى السر عند الغضب فهو لئيم ، لأن إخفاءه عند الرضا تقتضيه الطباع السليمة كلها ، وإنما محل الامتحان عند الغضب . فإفشاؤه عنده من علامات اللؤم وخبث الطبع وسوء السريرة . وقد قال بعض الحكماء : لا تصحب من يتغير عليك عند أربع : " عند غضبه ورضاه ، وعند طمعه وهواه " ، بل ينبغي أن يكون صدق الإخوة ثابتا على اختلاف هذه الأحوال .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 15-07-2023, 08:32 AM   #83


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – إفشاء السر

متى يجوز إفشاء الأسرار :
لا يجوز البوح بالسر الذي يشرع كتمانه ـ على الوجه الذي قدم ـ إلا في أحوال معينة منها :
1 - انقضاء حالة كتمان السر :
إذا انتهت حالة السر من غير جهة الكاتم لها ، فلا بأس أن يتكلم بذلك ، ويكون انقضاء حالة السر بأمور :
أ - أن يبوح بالسر صاحبه نفسه ، لأنه لا يعود سرا فيكتم ، ولذا فيرتفع الحرج بذلك ومع هذا فقد تبقى بعض التفاصيل التي لم يبح بها سرا إن كان يكره التصريح بها ، أو يكون في إعلانها ضرر عليه . ومن هنا كان من يفعل الفواحش ويعلن بها خارجا عمن يجب الكتمان عليه ، لأنه كاشف ستر نفسه من أول أمره ، ولأنه لم يبال أصلا بما يقال فيه . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " كل أمتي معافى إلا المجاهرون وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله تعالى فيقول : عملت البارحة كذا وكذا ، وقد بات يستره ربه ، ويصبح يكشف ستر الله عنه . " متفق عليه .
فإن الرجل إذا قارف السوء ، ولم يره غير الله تعالى والكرام الكاتبين الذين يعلمون ما تفعلون ، كان عليه أن يستتر بستر الله ويتوب إليه . ولكنه إن ذهب يكشف ستر الله عنه ويحدث فلانا وفلانا بقبيح ما فعل ، فكأنه يتمدح بالمذمة ، ويتفاخر بالمعصية ، فيزداد قبحا إلى قبح ، ولم يكن للستر عليه معنى ، وإنما تنصرف مشروعية كتم السر والستر على صاحب المعصية إن كان ممن تبدر منه الزلة النادرة ، وظاهره عند الناس حسن جميل .
وقد قال الله تعالى : ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فامسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا ) سورة النساء /15 .
فالظاهر أن طلب الشهداء ليشهدوا في هذه الحال إنما هو في المرأة التي كثر منها ذلك واشتهر ، جمعا بين ما في هذه الآية وبين ما علم في الشريعة من طلب الستر على من بدرت منه الزلة وأناب .
ب - انقضاء الأضرار والمفاسد التي يستضر بها المكتوم عنه أو غيره من جميع نواحيها : بدنيا ونفسيا ومعنويا وماليا . وهذا إن كان سبب مشروعية الكتمان الضرر ، فأما إن كان السبب حمل الأمانة فلا تقتضي بذلك ، ما لم يأذن المكتوم عنه بإعلانها أو يعلنها هو بذاته.
ج - أن يأذن صاحب السر في إفشائه ، فإن أذن فلحامل السر أن يحدث به ، فإذا حدث به أحدا أداه على أحسن وجه ، واختار أجود ما سمع .
د - أن يكون الالتزام بكتمان السر إلى أجل ، فيأتي ذلك الأجل .
هـ - أن ينتقل حال المكتوم عنه ممن يشرع كتمان سره إلى من يشرع كشف ستره وفضح أمره ، كأن ينتقل من حال الإيمان إلى النفاق والكفر والعياذ بالله ، أو من حال التستر بالفواحش إلى الإعلان بها .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 15-07-2023, 08:32 AM   #84


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع – إفشاء السر

2 - موت صاحب السر :
وذلك لأن ضرر البوح بالسر ينتفي بالموت غالبا . ولكن في المسألة تفصيلا فقد نقل ابن حجر : إذا مات لا يلزم من الكتمان ما كان يلزم في حياته ، إلا أن يكون عليه غضاضة . ثم قال ابن حجر : والذي يظهر انقسام ذلك إلى أقسام : فيكون مباحا ، وقد يستحب ذكره ولو كرهه صاحب السر ، كأن يكون فيه تزكية له من كرامة أو منقبة أو نحو ذلك ، ويكون مكروها ، وقد يحرم ، كالذي على الميت فيه غضاضة ، وقد يجب ، كأن يكون فيه ما يحب ذكره كحق عليه .
قلت وقد يكون الحق في الأصل للميت ، كوديعة أودعها عند غيره سرا واستكتم المودع ، فوجب عليه ردها على الورثة .
3 - أن يؤدي الكتمان إلى ضرر أبلغ من ضرر الإفشاء :
ومن هنا كشف علماء الحديث أحوال الرواة ووقائع وقعت لهم تدل على فسق أو قلة دين و تساهل في الكذب ، أو نحوه ، لا بغرض العيب على المسلمين ، وإنما بغرض تفويت الفرصة على هؤلاء ، لئلا يغتر الناس بأحاديثهم فيظنوها صحيحة وهي ضعيفة أو مكذوبة ، فإن استمرار الكذب ، وبناء الأحكام الشرعية على أحاديث منسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو لم يتكلم بها أعظم ضررا من كشف كذب الكاذبين .
وكذلك في الشهادة ، فإن شهد المستور الحال أو الظاهر العدالة ، بأن لمن يعلم باطن حاله أن يقدح فيه ويبين السبب لئلا يظلم المشهود عليه .
4 - دفع الخطر :
قال الزبيدي : يستثنى ما لو تعين (الإفشاء ) طريقا لإنقاذ مسلم من هلاكه أو نحوه ، كأن يخبر ثقة بأن فلانا قد خلا برجل ليقتله ، أو امرأة ليزني بها ، فيشرع التجسس كما نقله النووي من الأحكام السلطانية واستجاده . وفي حديث جابر قال النبي صلى الله عليه وسلم : " المجالس بالأمانة ، فلا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين " إلا أنه حديث ضعيف . وفي رواية عند أبي داود "المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس : مجلس يسفك فيه دم حرام ، أو يستحل فيه فرج حرام ، أو مجلس يستحل فيه مال من غير حله " قال الزبيدي : سكوت أبي داود عليه يدل على أنه عنده حديث حسن .
قال : والمراد بالحديث أن المسلم إذا حضر مجلسا ، وجد أهله على منكر أن يستر على عورتهم ولا يشيع ما رأى منهم إلا أن يكون أحد هذه الثلاثة فإنه فساد عظيم وإخفاؤه ضرر كبير .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المذمومة , الأخلاق , الاسلام , سلسلة , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
سلسلة الأخلاق المحمودة في الاسلام البراء الحريري ركن الأديب البراء الحريري 547 13-03-2024 12:12 AM
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية البرنس مديح ال قطب ( همســـــات الإسلامي ) 16 16-09-2021 03:35 PM
الأخلاق في الاسلام 2 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 8 15-09-2015 07:01 AM
الأخلاق في الاسلام 1 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 11 21-08-2015 04:27 AM
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام شـوش آلشـريف ( همســـــات الإسلامي ) 26 25-07-2015 06:30 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 05:15 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010