الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-07-2023, 01:10 PM | #463 |
| تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل وعلى هذا النهج كان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم قولا وعملا، فهذا أبو بكر الصديق عليه الرضوان يقول، وفق ما ورد في " ربيع الأبرار ونصوص الأخيار للزمخشري: " الجود حارس الأعراض" وقوله: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء" وكان قدوة في ذلك بنبله ورقته، وحزمه عند وفاة نبيه المصطفى، وبصرامته ونجدته في قتال المرتدين، وجاء رضي الله عنه بكل ماله يتصدق به بين يدي رسول الله حين دعا صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى الصدقة. وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لا أكرم منه بعد صاحبيه ببذل عطفه وشفقته للمسلمين، ووفائه لنبي الله وتوقيره لأبي بكر الصديق، ونجدته لنصرة الحق والمسلمين، وجاء رضي الله عنه بنصف ماله يتصدق به حين ظن أنه سيسبق أبا بكر فلم يسبقه، وقصص الكرم عند الصحابة والتابعين عند غير هاذين الكريمين في التاريخ كثيرة لا يستوعبها هذا المقال. وقد أدت هذه المرتكزات العقائدية والأبعاد الإيمانية والأركان التعبدية والتوجيهات الأخلاقية إلى قيام مجتمعات إسلامية ارتفعت فيها المكارم المتوارثة في المجموعات العرقية والبيئات الاجتماعية فصار الكرم تصرفات تلقائية ومؤسسات تتوالد في مختلف المجالات ومناحي الاحتياجات ضمن مؤسسات الزكاة والأوقاف والروابط والمنظمات، وحين قامت الحضارة الإسلامية طغت أبعادها الإنسانية القائمة على تكريم الإنسان وفق قوله تعالى في سورة الإسراء: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا- 70))، بمحاربة الفقر والقضاء عليه في فترات محددة في تاريخ الإسلام، وبالسماحة مع الديانات والملل الأخرى وعدم الإكراه في الدين، وتوفير العلم والتعليم لكل الأجناس من أهل القبلة وغيرهم حتى سهل على الأوربيين الاعتماد على المسلمين في ثورتهم العلمية الأولى، وبالنجدة ونصرة المظلومين وإن لم يكونوا على دينهم، خلافا لما تتصف به الحضارة الغربية اليوم القائمة على الجشع الرأسمالي والاحتكار العلمي وترك أغلب سكان العالم يحطمهم الفقر وتفتك بهم الأمراض وتدمرهم الحروب. ( يتبع ) |
|
11-07-2023, 01:11 PM | #464 |
| تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل إن صلاح أنفسنا ومجتمعاتنا ونهوض حضارتنا من جديد إنما يتحقق - ذلك كله - بكثرة أصحاب النفوس الكريمة بيننا، وإن بداية ذلك أن يشيع المعروف فينا فيُعرف الكريم بين الناس وتتمايز العوائل والعشائر والقبائل بلزوم الكرم فيها، وأن يبقى المنكر منكرا فلا يستطيع لئيم أن يرفع عقيرته في الساحات ولا يجد لنفسه بين الخلق مكانة، ويصبح الخاطب يبحث في مضارب الكرم بين العائلات ليختار الكريمة بنت الأكارم، ولا تقبل حرة زواجا بغير شهم نبيل كريم، فيُحافَظَ على الفطرة السليمة في البشر وتنمو سلالات الخير والبر، فيكثر الكرم ويشيع، ويقل اللؤم والشح ويضيق. والطريق إلى ذلك التذكير بالله ورفع لواء التقوى وخوف المولى العزيز الجبار، والتربية السليمة في الأسرة على مكارم الأخلاق، وإعداد وتدريس المناهج الدراسية التي تلقن معاني الكرم والجود والنجدة والإيثار والشهامة، وحذق الأئمة في تحبيب الكرم وأصنافه وأبعاده للمصلين، وأن ينهض المجتمع المدني بتأسيس شبكات عديدة للتطبيقات العملية لخلق الكرم وتوابعه، في المجالات الخيرية والتربوية والتعليمية والصحية والفنية وغير ذلك، وأن تكون الأحزاب وعاء الأكارم لا يثبت فيها فقير النفس واللئيم، وأن تكون الدولة هي حارسة الأخلاق، بالاعتماد على النفوس الكريمة ذات الكفاءة، في التأهيل والتوظيف والترقية، وبالتشريعات الأخلاقية في كل الميادين، وبالقدوة والأسرة الحسنة في القادة والمسؤولين. موضوعنا القادم ضمن هذه السلسلة سيكون عن ( الجود والكرم والسخاء والبذل ) سوف أتناول في هذا الموضوع المحاور التالية إن شاء الله 1- الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذْل 2- معنى الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل، لغةً واصطلاحًا 3- الفرق بين صفة الجُود وبعض الصِّفات 4- الترغيب في الجُود والكَرَم والسَّخاء والبذل 5- أقوال السَّلف والعلماء في الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل 6- فوائد الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل 7- صور الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل 8- الأسباب المعينة على الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل 9- نماذج في الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل 10- حكمٌ وأمثالٌ في الكَرَم والجُود 11- أجواد أهل الإسلام 12- الطَّلَحَات المشهورون بالكَرَم 13- الكَرَم والجُود في واحة الشِّعر ( والله الموفق ) |
|
11-07-2023, 01:12 PM | #465 |
| معنى الجُود، والكَرَم، والسَّخاء، والبَذل، لغةً واصطلاحًا معنى الجُود لغةً: الجُود: المطر الغزير، وجاد الرَّجل بماله يجُود جُودًا بالضَّم، فهو جَوَادٌ وقيل: الجَوَاد: هو الذي يعطي بلا مسألة؛ صيانة للآخذ مِن ذلِّ السُّؤال ويُفَسَّر الجُود أيضًا بالسَّخاء معنى الجُود اصطلاحًا: قال الجرجاني: (الجُود: صفة، هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض) (وقال الكِرْماني: الجُود: إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي) وقيل هو: (صفةٌ تحمل صاحبها على بذل ما ينبغي مِن الخير لغير عوض) معنى الكَرَم لغةً: الكَرَم: ضدُّ اللُّؤْم، كرُم كرامة وكَرَمًا وكَرَمة، فهو كريم وكريمة، وكرماء وكرام وكرائم، وكرم فلان: أعطى بسهولة وجاد، وكرم الشيء عزَّ ونفس معنى الكَرَم اصطلاحًا: قال الجرجاني: (الكَرَم: هو الإعطاء بسهولة) وقال المناويُّ: (الكرم: إفادة ما ينبغي لا لغرض) وقال القاضي عياض: (وأما الجود والكرم والسخاء والسماحة، ومعانيها متقاربة، وقد فرق بعضهم بينها بفروق، فجعلوا الكرم: الإنفاق بطيب نفس فيما يعظم خطره ونفعه، وسموه أيضا جرأة، وهو ضد النذالة) معنى السَّخاء لغةً: السَّخاوة والسَّخاء: الجُود، والكرم. والسَّخي: الجَوَاد، وفي الفعل ثلاث لغات سخا من باب علا، وسخي من باب تعب، وسَخُو من باب قرُب معنى السَّخاء اصطلاحًا: قال المناويُّ: (السَّخاء: الجُود، أو إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي، أو بذل التَّأمُّل قبل إلحاف السَّائل) وقال الرَّاغب: (السَّخاء: هيئة للإنسان داعية إلى بذل المقتنيات، حصل معه البَذْل أو لم يحصل، وذلك خُلُق) وقال القاضي عياض: (السَّخاء: سهولة الإنفاق، وتجنُّب اكتساب ما لا يُحْمَد) معنى البَذْل لغةً: بَذَلَ الشَّيء: أعطاه وجاد به. والبَذْل نقيض المنع، وكلُّ مَن طابت نفسه لشيءٍ فهو باذلٌ. ورجلٌ بذَّال، وبَذُول: إذا كَثُر بذله للمال. يقال: بَذَلَ له شيئًا، أي: أعطاه إيَّاه معنى البَذْل اصطلاحًا: قال المناويُّ: (البَذْل: الإعطاء عن طيب نفس) يتبع - الفرق بين صفة الجُود وبعض الصِّفات |
|
11-07-2023, 01:13 PM | #466 |
| الفرق بين صفة الجُود وبعض الصِّفات - الفرق بين الجُود والسَّخاء: قال الرَّاغب: (السَّخاء: اسم للهيئة التي عليها الإنسان. والجُود: اسم للفعل الصَّادر عنها. وإن كان قد يسمَّى كلُّ واحد باسم الآخر مِن فضله) وقال أبو هلال العسكري: (الفرق بين السَّخاء والجُود: أنَّ السَّخاء هو أن يلين الإنسان عند السُّؤال، ويسهل مهره للطَّالب، مِن قولهم: سَخَوت النَّار أسخوها سخوًا: إذا ألينتها، وسَخَوت الأديم: ليَّنته، وأرضٌ سَخاوِيَّةٌ: ليِّنة... والجُود كثرة العطاء مِن غير سؤال، مِن قولك: جادت السَّماء، إذا جادت بمطر غزير، والفرس: الجَوَاد الكثير الإعطاء للجري، والله تعالى جَوَاد لكثرة عطائه فيما تقتضيه الحكمة. ويظهر مِن كلام بعضهم: التَّرادف. وفرَّق بعضهم بينهما: بأنَّ مَن أعطى البعض وأبقى لنفسه البعض فهو صاحب سخاء. ومَن بَذَلَ الأكثر وأبقى لنفسه شيئًا، فهو صاحب جود) - الفرق بين الجُود والكَرَم: قال الكفوي: (الجُود: هو صفة ذاتيَّة للجَوَاد، ولا يستحقُّ بالاستحقاق ولا بالسُّؤال. والكَرَم: مسبوقٌ باستحقاق السَّائل والسُّؤال منه) وقال أبو هلال العسكري في الفرق بينهما: (أنَّ الجَوَاد هو الذي يعطي مع السُّؤال. والكريم: الذي يعطي مِن غير سؤال. وقيل بالعكس. وقيل: الجُود: إفادة ما ينبغي لا لغرض. والكَرَم: إيثار الغير بالخير) - الفرق بين الجُود والإفضال: قال الكفوي: (والإفضال أعمُّ من الإنعام والجُود، وقيل: هو أخصُّ منهما؛ لأنَّ الإفضال إعطاءٌ بعوض، وهما عبارة عن مطلق الإعطاء. والكَرَم: إن كان بمال فهو: جود. وإن كان بكفِّ ضررٍ مع القُدْرة فهو: عفو. وإن كان ببذل النَّفس فهو: شجاعة) يتبع - الترغيب بالجود والكرم |
|
11-07-2023, 01:14 PM | #467 |
| الترغيب بالجود والكرم أولًا: الترغيب في الجُود والكَرَم والسَّخاء والبذل في القرآن الكريم - هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذَّاريات: 24-26] قال الطَّبري: (عن مجاهدٍ، قوله: ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ قال: أكرمهم إبراهيم، وأمر أهله لهم بالعجل حينئذٍ) قال الزجَّاج: (جاء في التَّفسير أنَّه لما أتته الملائكة أكرمهم بالعجل. وقيل: أكرمهم بأنَّه خدمهم، صلوات الله عليه وعليهم) - وقال تعالى: مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ [البقرة: 261] قال ابن كثير: (هذا مثلٌ ضربه الله تعالى لتضعيف الثَّواب لمن أنفق في سبيله وابتغاء مرضاته، وأنَّ الحسنة تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ) - وقال تعالى: الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة: 274] قال ابن كثير: (هذا مدحٌ منه تعالى للمنفقين في سبيله، وابتغاء مرضاته في جميع الأوقات مِن ليلٍ أو نهارٍ، والأحوال مِن سرٍّ وجهار، حتى إنَّ النَّفقة على الأهل تدخل في ذلك أيضًا) وقال السَّمرقندي: (هذا حثٌّ لجميع النَّاس على الصَّدقة، يتصدَّقون في الأحوال كلِّها، وفي الأوقات كلِّها، فلهم أجرهم عند ربِّهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون) ( يتبع ) |
|
11-07-2023, 01:16 PM | #468 |
| تابع – الترغيب بالجود والكرم ثانيًا: الترغيب في الجُود والكَرَم والسَّخاء والبذل في السُّنَّة النَّبويَّة - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دينارٌ أنفقته في سبيل الله ودينارٌ أنفقته في رقبةٍ، ودينارٌ تصدَّقت به على مسكينٍ، ودينارٌ أنفقته على أهلك، أعظمها أجرًا الذي أنفقته على أهلك )) قال النَّوويُّ: (في هذا الحديث فوائد، منها: الابتداء في النَّفقة بالمذكور على هذا التَّرتيب. ومنها: أنَّ الحقوق والفضائل إذا تزاحمت، قُدِّم الأوكد فالأوكد. ومنها: أنَّ الأفضل في صدقة التَّطوع أن ينوِّعها في جهات الخير ووجوه البرِّ بحسب المصلحة، ولا ينحصر في جهةٍ بعينها) - وعن أبي ذرٍّ رضي الله عنه قال: انتهيت إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهو جالسٌ في ظلِّ الكعبة، فلمَّا رآني قال: ((هم الأخسرون وربِّ الكعبة. قال: فجئت حتى جلست، فلم أتقارَّ أن قمت، فقلت: يا رسول الله، فداك أبي وأمي، مَن هم؟ قال: هم الأكثرون أموالًا، إلَّا مَن قال هكذا وهكذا وهكذا -مِن بين يديه ومِن خلفه وعن يمينه وعن شماله- وقليلٌ ما هم، ما مِن صاحب إبلٍ، ولا بقرٍ، ولا غنمٍ لا يؤدِّي زكاتها إلَّا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت، وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأظلافها، كلَّما نفدت أخراها، عادت عليه أولاها، حتى يُقْضَى بين النَّاس )) قال النَّوويُّ: (فيه الحثُّ على الصَّدقة في وجوه الخير) وقال المباركفوريُّ: (فقوله: ((قال هكذا)) الخ، كناية عن التَّصدُّق العام في جميع جهات الخير) - وعن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال: بينما نحن في سفرٍ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجلٌ على راحلةٍ له، قال: فجعل يصرف بصره يمينًا وشمالًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن كان معه فضل ظهرٍ، فليعد به على مَن لا ظهر له، ومَن كان له فضلٌ مِن زاد، فليعد به على مَن لا زاد له )) قال النَّوويُّ: (في هذا الحديث: الحثُّ على الصَّدقة والجُود والمواساة والإحسان إلى الرُّفقة والأصحاب، والاعتناء بمصالح الأصحاب، وأمرُ كبير القوم أصحابه بمواساة المحتاج، وأنَّه يُكتفى في حاجة المحتاج بتعرُّضه للعطاء وتعريضه مِن غير سؤال) يتبع - أقوال السَّلف والعلماء في الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل |
|
11-07-2023, 01:17 PM | #469 |
| أقوال السَّلف والعلماء في الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل - قال أبو بكر الصِّدِّيق رضي الله عنه: (صنائع المعروف تقي مصارع السوء ) - وعنه رضي الله عنه: (الجُود حارس الأعراض) - وقال عليٌّ رضي الله عنه: (السَّخاء ما كان ابتداءً، فأمَّا ما كان عن مسألة فحياء وتذمُّم) - ورُوِي عنه مرفوعًا: ((الكَرَم أعطف مِن الرَّحم)) - (وقيل لحكيم: أيُّ فعلٍ للبَشَر أشبه بفعل الباري تعالى، فقال: الجُود) - وقال يحيى البرمكي: (أعط مِن الدُّنْيا وهي مقبلة؛ فإنَّ ذلك لا ينقصك منها شيئًا. فكان الحسن بن سهل يتعجَّب مِن ذلك ويقول: لله درُّه! ما أطبعه على الكَرَم وأعلمه بالدُّنْيا) - و(قال محمَّد بن يزيد الواسطي: حدَّثني صديق لي: (أنَّ أعرابيًّا انتهى إلى قوم فقال: يا قوم، أرى وجوهًا وضيئة، وأخلاقًا رضيَّةً، فإن تكن الأسماء على إثر ذلك فقد سعدت بكم أمُّكم... قال أحدهم: أنا عطيَّة، وقال الآخر: أنا كرامة، وقال الآخر: أنا عبد الواسع، وقال الآخر: أنا فضيلة، فأنشأ يقول: كرمٌ وبذلٌ واسعٌ وعطيَّةٌ لا أين أذهب أنتم أعين الكَرَم مَن كان بين فضيلة وكرامة لا ريب يفقؤ أعين العدم قال: فكسوه وأحسنوا إليه وانصرف شاكرًا) - و(كان يُقَال: مَن جاد بماله جاد بنفسه، وذلك أنَّه جاد بما لا قوام لنفسه إلَّا به) - وقال الماورديُّ رحمه الله تعالى: (اعلم أنَّ الكريم يجتزي بالكرامة واللُّطف، واللَّئيم يجتزي بالمهانة والعنف، فلا يجود إلَّا خوفًا، ولا يجيب إلَّا عنفًا، كما قال الشَّاعر: رأيتك مثل الجوز يمنع لبَّه صحيحًا ويعطي خيره حين يُكْسَر فاحذر أن تكون المهانة طريقًا إلى اجتدائك، والخوف سبيلًا إلى عطائك، فيجري عليك سفه الطَّغام، وامتهان اللِّئام، وليكن جودك كرمًا ورغبة، لا لؤمًا ورهبة) - و(عن حسن بن صالحٍ، قال: سُئِل الحسن عن حُسْن الخُلُق، فقال: الكَرَم، والبَذْلة، والاحتمال) - (وقال جعفر بن محمَّد الصَّادق: إنَّ لله وجوهًا مِن خلقه، خلقهم لقضاء حوائج عباده، يرون الجُود مجدًا، والإفضال مغنمًا، والله يحبُّ مكارم الأخلاق) - وقال بكر بن محمَّد العابد: (ينبغي أن يكون المؤمن مِن السَّخاء هكذا، وحثا بيديه) - وقال بعض الحكماء: (أصل المحاسن كلِّها الكَرَمُ، وأصل الكَرَم نزاهةُ النَّفس عن الحرام، وسخاؤها بما تملك على الخاص والعام، وجميع خصال الخير مِن فروعه) - وقال ابن المبارك: (سخاء النَّفس عمَّا في أيدي النَّاس أعظم مِن سخاء النَّفس بالبَذْل) - وقال بعض العلماء: (الكَرَم: هو اسم واقع على كلِّ نوع مِن أنواع الفضل، ولفظٌ جامعٌ لمعاني السَّمَاحة والبَذْل) - وقالوا: (السَّخيُّ مَن كان مسرورًا ببذله، متبـرِّعًا بعطائه، لا يلتمس عرض دنياه فيحْبَطُ عملُه، ولا طلب مكافأة فيسقط شكرُه، ولا يكون مَثَلُه فيما أعطى مَثَلُ الصَّائد الذي يلقي الحَبَّ للطَّائر، ولا يريد نفعها ولكن نَفْعَ نفسه) يتبع - فوائد الكَرَم والجُود والسَّخاء والبذل |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |