ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات




إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-07-2023, 12:59 PM   #456


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

فليَعلمْ كلُّ مُنفِق كريم أنَّ ما أنفقه في سبيل الله باقٍ مدَّخَرٌ له إلى يوم القيامة؛ فعن عائشة رضي الله عنها أنَّهم ذبحوا شاةً، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ما بقي منها؟))، قالت: ما بقي منها إلاَّ كتفُها، قال: ((بقي كلُّها غيرَ كتفها))؛ أخرجه الترمذيُّ وقال: هذا حديث صحيح، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول العبد: مالي مالي، إنَّما له من ماله ثلاث: ما أكل فأفنى، أو لبس فأبلى، أو أعطى فاقتنى - أي ادَّخره لنفسِه في الآخرة - وما سوى ذلك فهو ذاهبٌ وتارِكُه للناس)).

وفي صحيح البخاري عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((أيُّكم مالُ وارثِه أحَبُّ إليه من مالِه؟))، قالوا: يا رسول الله، ما مِنَّا أحد إلا مالُه أحبُّ إليه، قال: ((فإنَّ مالَه ما قدَّم، ومالُ وارثه ما أخَّر)).

فما المالُ إلا ظلٌّ زائل، وعارِية مسترجَعة، انتقَل إلينا مِن غيرنا، وسينتقل منَّا إلى غيرنا، فلنتزوَّد منه ليومٍ يقف فيه العبادُ بين يدَي الله تعالى حفاة عراة، من غير مال ولا جاه، كما خُلقوا أول مرة، لا ينفعهم إلاَّ ما قدَّموه بين أيديهم من صالح الأعمال، قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ مَا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ مَا كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ [الأنعام: 94].

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2023, 01:00 PM   #457


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنّ اللَّهَ تَعَالَى جَوَادٌ يحِبُّ الجُودَ ويحِبُّ معَالِيَ الأَخْلاقِ ويَكْرَهُ سَفْسافَها» (رواه الترمذي).

لا أفضل في بدء الحديث عن خلق الكرم والجود من هذا الحديث النبوي الشريف، لقد وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخلق في سياق حديثه عن معالي الأخلاق، وأكد عليه باستعماله أسلوب عطف العام على الخاص لإظهار علو مكانته من بين سائر الشمائل العليّة، وكأنه الأفضل منها جميعها، وزاد في إبراز مكانته باستعمال المقابلة ضمن أساليب البديع في اللغة العربية لترسيخ المعنى وإظهاره في أدق وأوضح صوره، فقال "يحب معالي الأخلاق" (التي أخصّها الجود) وقابلها ب "يكره سفسافها".

إن الكرم من الصفات العريقة عند الناس جميعا، تفاضل على أساسها الأفراد والأمم، ورفعوا قدر المتصف بها وجعلوها "أصل المحاسن كلها"، وعدّوها من دلائل نبل الأصول والأعراق، ومدحوا بها الأعيان والأكابر، وجعلوها عنوان السيادة، ومن شمائل القيادة، وغاية المجد وسبيل الريادة، لما تشمله من خلال كثيرة في معانيها، كالجود والسخاء والإيثار والإفضال والسماحة والإباء والنبل والنجدة وعلو الهمة والسماحة والشهامة والمروءة والعزة والإحسان، و ألصقوا بنقيضها، في قواميسهم، كل صفات الشح والبخل والجشع والأنانية واللؤم والذل والمهانة.

ولعل اللؤم هو الصفة الذميمة الأشمل نقيض الكرم، وفي هذا يقول أبو الطيب المتنبي، في بيت صار مثلا من أمثال العرب تتناقله الأجيال:

إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ ... وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا.

أي أن الكريم يأسره عطاء الكريم، في أي مجال من مجالات العطاء، فيظل يقر بفضل المحسن له أبدا، واللئيم ينكر الفضل سريعا ويضجر بالكريم إذ يذكّره وجودُه فضلَه فيتمرد.

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2023, 01:00 PM   #458


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

اللَّئيم عند العرب، وفق ما جاء في كتاب " الزاهر في معاني كلمات الناس" لصاحبه محمد بن القاسم الأنباري: الشَّحيح المهِين النَّفس، فإن كان الرَّجل شحيحًا، ولم تجتمع فيه هذه الخصال قيل له: بخيل، ولم يُقَل له: لئيم، يقال لكلِّ لئيم: بخيل، ولا يقال لكلِّ بخيل: لئيم، والعامَّة تخطئ فيهما فتسوِّي بينهما".

ويتجاوز كثير من الناس عن سائر العيوب في المرء إذا اتصف بالكرم، إذ يغمرهم كرم الكريم بفضله وجوده فلا تبين مساوئه، وقد قال في هذا الإمام الشافعي شعرا ظل يتردد بين الناس منه:

وَإِن كَثُرَت عُيوبُكَ في البَرايا … وَسَرَّكَ أَن يَكونَ لَها غِطاءُ

تَسَتَّر بِالسَخاءِ فَكُلُّ عَيبٍ …. يُغَطّيهِ كَما قيلَ السَخاءُ

والكرم لغة "مصدر كريم، يقال: رجل كرم، قوم كرم، امرأة كرم، وهو كذلك ضد اللؤم" في "إصلاح المنطق" لابن السكيت، وفي معجم المعاني الجامع هو : "العطاء بطيب نفس"، ويعرف في مَعلمة مفردات المحتوى الإسلامي "الجمهرة" بأنه: "صِفَةٌ تَحْمِلُ صاحِبَها على بَذْلِ الخَيْرِ قَلِيلاً كان أو كَثِيراً بِطِيبِ نَفْسٍ دون مُقابِلٍ". وللكرم مفردات كثيرة تتشابه ذكر القاضي عياض بعضها في سياق تعريفه لصفة الكرم، في كتابه الشفا بتعريف حقوق المصطفى فقالوأما الجود والكرم والسخاء والسماحة، معانيها متقاربة، وقد فرق بعضهم بينها بفروق، فجعلوا الكرم: الإنفاق بطيب نفس فيما يعظم خطره ونفعه، وسموه أيضا جرأة، وهو ضد النذالة).

فلفظ الكرم - كما يقول ابن تيمية في مجموع الفتاوي، "لفظ جامع للمحاسن والمحامد لا يراد به مجرد الإعطاء، بل الإعطاء من تمام معناه".

فمنه العطاء من المال، وكل ما يملكه المرء من المقتنيات المادية التي ينتفع بها غيره من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والمركب وما يتداوى به وما يستعان به في قضاء الحاجات ورفع المشقات، ومنه العطاء من العلم والمعرفة مما يتعلمه المرء ولو كان حرفا، بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، بلا تحفظ ما أمكن ولا كتمان ولا خوف من أن يسبق المتعلم المعلم، وكل ما يساهم في محاربة الجهل ونشر المعارف وتعليم الناس جميعا والمساعدة على الاكتشاف والابتكار.

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2023, 01:03 PM   #459


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

من الكرم بذل المرء من طاقة جسمه وقوته فيساعد بما أمكنه الضعيف، ويمشي في مصالح الناس، ويحمل على المثقل، ويأخذ بيد التائه والعاجز، ويهب لنجدة المظلوم والدفاع عن المقهور، وقد يصل هذا الجود بالنفس إلى التضحية بالحياة في الميادين التي يتعيّن فيها الجهاد في سبيل الله.

ومنه بذل النصيحة إذ لا يبخل الكريم عن تنبيه غيره لما ينفعه في دينه، وما يصلحه في شأن دنياه وإن لم يُطلب منه ذلك. وذلك هو الدين إذ "الدين النصيحة" وكلما كانت النصيحة في أساليبها الشرعية من الإشفاق والكلمة الطيبة وفي السر ما أمكن، كان الكرم فيها متجليا.

وأساس كل تلك المكارم كرم النفس إذ الكريم لطيف بغيره يهب للناس الحب والمودّة والحنان والرأفة ويوزع على الجميع ابتسامته، إذ ((كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق)) كما ورد في الحديث الصحيح، كما يحزن الكريم لكربات الناس من تلقاء نفسه، وتدمع عينه بسهولة حين يرى مآسي العباد، ويود لو يستطيع إعانة كل الخلق بلا مقابل ولا جزاء ولا شكور، كما يظل محافظا على مكارم أهله وأجداده، فلا يسمح لنفسه أن تتدنى حفاظا على أصله، وتأنف نفسه من أن تتصف بصفات اللؤم فيأسره المعروف ويظل مدينا لمن أحسن إليه أبد الآبدين، فلا يزداد بذلك إلا نبلا ورزقا ورفعة بين الخلائق.

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2023, 01:04 PM   #460


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

إن حب الكرم مغروس في الفطرة البشرية، والكريم مبجل في كل الشرائع والفلسفات والنظم، ومحبوب عند كل الأجناس والأمم، ففي المسيحية يعدّ الكرم من الفضائل السبع، ويقرر التلمود أن صنائع الكرم تتساوى في القدر مع جميع الوصايا، وفي البوذية هو أحد الإكتمالات العشرة، وتحض الكونفوشيوسية أتباعها إلى الاتصاف بخلق الكرم، وفي الفلسفة اليونانية تغنى أرسطو بخلق الكرم في كتابه "علم البيان" وفعل مثله كثير من الفلاسفة المتقدمين والمتأخرين.

ومن أكبر صفات العرب التي أهلتهم لحمل الرسالة المحمدية صفة الكرم، فلم تشتهر أمة بصفة كما اشتهر العرب بهذه الصفة الجليلة، فقد كانوا يتنفاسونها إلى حد المهلكة، ويتغنون بها في أشعارهم، وكان الكريم بالنسبة إليهم أفضل من ذي المنصب، ولا يعدّون السيد سيدا ما لم يكن كريما، وظهر فيهم كِرامٌ اشتهرت أسماؤهم في الآفاق وسُجلت في التاريخ كحاتم الطائي القائل في شعره:

يرى البخيل سبيل المال واحدة … إنَّ الجَوَاد يرى في ماله سبلا

لا تعذليني في مال وصلت به … رحمًا، وخير سبيل المال ما وصلا

وعبد الله بن جدعان القائل:

.إنِّي وإن لم ينل مالي مدى خُلُقِي … وهاب ما ملكت كفِّي مِن المال

لا أحبس المال إلَّا ريث أتلفه … ولا تغيِّرني حال عن الحال

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2023, 01:05 PM   #461


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

أنه لا دين استطاع أن يبني منظومة كاملة خالدة عمليّة للكرم كالإسلام، فالكرم في ديننا مرتبط بعقيدتنا، وركن في عبادتنا، وأساس في أخلاقنا، وحقيقة قائمة في مجتمعاتنا، وتشريعات في حكمنا، وسمة لازمة في حضارتنا.

الكرم والجود من صفات الله تعالى ونعوت الكمال القائمة بذاته سبحانه، ومنها اشتُّق اسمان من أسمائه الحسنى "الجواد" الذي ورد في السنة النبوية منها الحديث الشريف أعلاه، و"الكريم" الذي ورد كذلك في السنة، وفي القرآن الكريم في بعض الآيات منها قوله تعالى في سورة الانفطار: ((يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ -6)) وخص نفسه في آية أخرى باسم التفضيل "الأكرم" الدال على أنه سبحانه الكريم الذي لا يوازيه كريم ولا يعادله نظير في قوله تعالى في سورة العلق: ((اقرأ وربك الأكرم . 3)). فهو سبحانه “الأكرم لأن له الابتداء في كل كرم وإحسان، وكرمه غير مشوب بالتقصير" وفق ما قاله الرازي في تفسيره " مفاتيح الغيب".

ومبعث الكرم عند المسلم فطرته كغيره من الناس غير أن الإسلام عمّقه في نفسه بأن جعل ما يصدر عنه من أوجه الجود والكرم يكون لوجه الله تعالى، وأن يبتغي بنفقته وبذله نفع من يبذل له الخير بحفظ كرامته، فلا رياء ولا عجب ولا تفاخر ولا منة، موقنا بأن أي خير أنفق منه فهو من الله تعالى وأن الله سيخلفه، وأن يقتصد المانحُ في عطائه فلا تقتير ولا تبذير. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا قولا جامعا جعل للكرم أصلا إيمانيا هو التقوى، وأصلا بالنّسَب لمن سمت أصوله، وأصلا بمكارم الأخلاق المتأصلة في البيئة العربية حين تفقه، فقال في الحديث المتفق عليه الذي رواه أبو هريرة عنه: ((قيلَ يا رسولَ اللَّهِ من أَكرَمُ النَّاسِ قال أتقاهُم للَّهِ ، قالوا : ليسَ عن ذلِكَ نسألُك قال يوسُفُ نبيُّ اللَّهِ ابنُ نبيِّ اللَّهِ ابنِ خليلِ اللَّهِ قالوا ليسَ عَن هذا نسألُك قال فعَن معادِنِ العربِ تسألونِِّي ؟ فإنَّ خيارَهم في الجاهليَّةِ خيارُهم في الإسلامِ إذا فقُهوا)).

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 11-07-2023, 01:05 PM   #462


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الجود والكرم والسخاء والبذل

لم يترك الإسلام الإنفاق لتطوع الإنسان الكريم كمِنحة يتفضّل بها على المحتاج كما هي سائر الديانات والملل، بل جعلها الله ركنا من أركان الإسلام الخمسة، إذ لا يكون المسلم الميسور مسلما إن لم يعترف بحق الفقير في ماله كما هي مقاصد ركن الزكاة فيبذلها وجوبا لا تطوعا، لوجه الله تعالى وبنفس طيبة كريمة. كما فرض سبحانه زكاة الفطر في آخر شهر رمضان ضمن أكبر عملية إنفاق يدور فيها المال وتوزع فيها الثروة على الفقراء على مستوى العالم بأسره كل سنة بتلقائية عجيبة لم يعرف التاريخ مثلها.

كما أنتج الإسلام محتوى أخلاقيا غزيرا ورسم قيما محكمة ومناهج قويمة في توجيه الناس إلى مكارم الأخلاق ومنها خلق الكرم والجود والسخاء من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الفعلية والقولية، ومن أقوال ومناقب الصحابة والتابعين وما أنتجه العلماء من مصنفات وموسوعات في علم الأخلاق. فالله تعالى الذي وصف نفسه بالكريم الأكرم جعل القرآن الكريم عامرا في كل أجزائه بالترغيب في بذل الخير بكل أنواعه، وجعل البذل طريق الهداية وسبب النجاة في الآخرة والبركة في الدنيا ومن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: ((لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (272)).

ورسول الله صلى الله عليه وسلم ((كان أحسنَ الناسِ ، و أجودَ الناسِ ، و أشجعَ الناسِ)) كما قال أنس بن مالك في الحديث الذي أخرجه البخاري، وكان عليه الصلاة والسلام: ((أجودَ الناسِ بالخيرِ ، وكان أجودَ ما يكون في شهرِ رمضانَ حتى ينسلِخَ ، فيأتيه جبريلُ فيعرضُ عليه القرآنَ ، فإذا لقِيَه جبريلُ كان رسولُ اللهِ أجودَ بالخيرِ من الرِّيحِ الْمُرسَلَةِ))، ومن أعظم ما حبب رسولَ الله إلى الناس كرمُه كما جاء في حديث أنس بن مالك الذي رواه مسلم قال أنه: ((ما سئل رسول الله ﷺ على الإسلام شيئاً إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلِموا فإن محمداً يعطي عمن لا يخشى الفقر وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها))، ودعا إلى الكرم بمختلف صوره في أحاديث كثيرة منها ما رواه مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال: «ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله - عز وجل -»، وبيّن أن الظلم مرتبط بالشح والاستئثار بالخير وأن ذلك سبب الحروب والفتن في الحديث الذي رواه مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (اتَّقُوا الظُّلْمَ، فإنَّ الظُّلْمَ ظُلُماتٌ يَومَ القِيامَةِ، واتَّقُوا الشُّحَّ، فإنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ، حَمَلَهُمْ علَى أنْ سَفَكُوا دِماءَهُمْ واسْتَحَلُّوا مَحارِمَهُمْ).

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعوة الى الاسلام بEnglish ميارا (همســـــات English word) 15 30-05-2023 08:13 PM
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية البرنس مديح ال قطب ( همســـــات الإسلامي ) 16 16-09-2021 03:35 PM
الأخلاق في الاسلام 2 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 8 15-09-2015 07:01 AM
الأخلاق في الاسلام 1 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 11 21-08-2015 04:27 AM
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام شـوش آلشـريف ( همســـــات الإسلامي ) 26 25-07-2015 06:30 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010