الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
04-07-2023, 06:13 PM | #344 |
| تابع – التضحية إن هؤلاء -أيها المسلمون- الذين استطاعوا أن يضحوا، أن يبذلوا، أن يجعلوا راية الإسلام هي أهم عنده من أنفسهم، أهم عليهم من أموالهم، أهم عليهم من بيوتهم، أهم عليهم من أولادهم، أهم عليهم من عزهم وشرفهم.. هم الذين قام عليهم الدين، هم السلم الذي رفعت عليه راية الله -جل وعلا- حتى سار للدين مكانا وحتى فتحت بسببهم بلدان.. أما الذين لم يضحوا ولم يستطيعوا أن يخرجوا أنفسهم من وحل الدنيا فإنهم يتردون في نار جهنم؛ لأنهم أثاروا الحياة الدنيا واستحبوها على الآخرة. بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل كتابا مع دحية بن خليفة الكلبي -رضي الله تعالى- عنه فقرأ الكتاب ثم جمع إليه من كان من أهل مكة تجارا في دمشق في الشام فجيء بهم إليه فسألهم عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أسئلة حتى استقر في قلبه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو رسول حقا، وأنه الذي بشرت به من قبل الأنبياء، وأنه الذي أمرهم موسى باتباعه وأمرهم عيسى باتباعه، وأنه النبي الذي كان ينتظره أهل الكتاب.. أيقن هرقل ذلك بقلبه إيقانًا تامًّا وقرأ عليه كتاب رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وإذا به "من محمد بن عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم السلام على من اتبع الهدى أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيّين -يعني عليك إثم قومك- (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران:64]". قرئ عليه الكتاب وأيقن في داخله يقينًا تامًّا لا شك فيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- على حق، لكن هل عنده استعداد أن يضحّي بملكه؟ هل عنده استعداد أن يضحّي بقصره؟ هل عنده استعداد أن يضحي بماله؟ هل عنده استعداد ربما يضحي بنفسه لو قتله قومه؟ وإذا بهرقل يوازن بين هذا وبين الإسلام فتميل نفسه إلى ما هو فيه من عز ويلتفت إلى أبو سفيان -وكان أبو سفيان من التجار المكيين الذين جيء بهم إليه ليسألهم- فقال: "والله كنت أعلم أنه خارج" أن هذا النبي سيخرج بالناس في الأمة كما بشر به الأنبياء من قبل.. "كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أعلم أنه منكم، ووالله لو كنت أعلم أني أخلص إليه لغسلت عن قدميه بالماء فجئت إليه ذليلاً منكسرًا". ثم أخرجهم من بين يديه ولم يؤمن برسول الله -عليه الصلاة والسلام-، لم يستطع أن يضحي بملكه وبأمواله بل ولا في نفسه في سبيل الدين، ومات كافرا عياذا بالله. ( يتبع ) |
|
04-07-2023, 07:26 PM | #345 |
| تابع – التضحية أبو طالب كان مؤمنًا في داخله مصدقًا في داخله أن النبي -صلى الله عليه وسلم- على حق وكان يقول: ولقد علمت بأن دين محمد *** من خير أديان البرية دينا لَولا المَلامَةُ أَو حِذاري سُبَّةً *** لَوَجَدتَني سَمحًا بِذاكَ مُبينا لم يستطع أن يضحي بصداقاته من قومه يخاف أن يلوموه وأن يسبوه، هو أهل شرف في قومه لم يستطع أن يضحي بهذا الشرف ويتلقى بأنواع من الإهانة والسخرية كما يفعل مع بعض المسلمين، ما استطاع أن يضحي حتى مات كافرًا.. وسأل العباس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حال أبو طالب في الآخرة فقال: "وُضعت تحت قدميه جمرتان من نار يغلي منهما دماغه" ما استطاع أن يضحي. بعض الناس يسمع الأذان لصلاة الفجر ولا يستطيع أن يضحي بنومه ويقدم نومه على الصلاة، بعض الناس اليوم تجد أنه يجلس أمام شاشة من الشاشات سواء حاسب آلي أو تلفاز، ثم يعرض أمامه ما حرم الله ولا يستطيع أن يضحي بهذه النظرة لأجل الله فيقدمه على مراد الله، ويستمتع بها -وإن علم أن الله نهى عن ذلك- فيستهين بمراقبة الله له.. بعض الناس عنده مال محرم أو عنده دكان يبيع فيه بعض البضاعة المحرمة ثم يعلم بأمر الله تعالى ويسمع قول الله جل وعلا (لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ) [البقرة:188] وقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا"، "كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به". يسمع الآيات والأحاديث تقرع سمعه تصل إلى قلبه ولا يستطيع أن يضحي بهذا المال، ربح يدخل عليه بالمقدار الفلاني أو يجلب إليه الزبائن يبيع دخانًا أو يبيع مجلات فاسدة أو ربما في بعض البلدان يبيع الخمور والمسكرات أو بعض الناس يبتلى ببيع المخدرات، فإذا وعظ وذكر لم يستطع أن يذبح هواه في سبيل الله تعالى.. عنده أموال لا يستطيع أن يقود نفسه للتضحية بها، يقدم هذا المال وهذه الشهوة التي يجمع عليه عقابها وحسابها وربما مات وتركها لغيره ممن لا يرفع كفه داعٍ له بالمغفرة أو بالرحمة. ( يتبع ) |
|
04-07-2023, 07:26 PM | #346 |
| تابع – التضحية بعض الناس يكون له منصب في مكان محرم سواء في بنك ربوي أو في غير ذلك من الأعمال التي لا تجوز ويكون له شرف عند قومه ومنصب، ثم يذكر بالله تعالى ويطرق سمعه الأحاديث والآيات ولا يستطيع أن يضحي بهذا المنصب.. عنده منصب، عنده مال، عنده جاه، عنده ربما قناة فضائية يملكها يعرض فيها الفحش والفجور ومع ذلك إذا وعظ وقيل له: اتقِ الله، لكنه يعلم أنه إنما يجذب الناس إلى قناته ويشهرها ويظهرها بهذه البرامج الفاسدة فلا يستطيع أن يضحي بهذه البرامج.. ربما يضع الأمر والنهي والشرع آخر اهتماماته، ولا يلتفت إليها، ينظر فقط إلى نجاح مشروعه، إلى نجاح قناته.. بعض الناس بينه وبين أخيه هجر أو ضغينة ثم يقال له: يا فلان ادحر الشيطان وخيرهم الذي يبدأ بالسلام.. اذهب إليه واعتذر عما بدر منك، وأعد المياه إلى مجاريها، واستعذ بالله من الشيطان إن الله يحب الإصلاح والشيطان يحثك على الفساد وعلى الضغينة.. فلا يستطيع أن يضحي بعزة نفسه التي ربما ينفخ فيها الشيطان وفي غرور نفسه، فيقول: أنا أذهب أعتذر لفلان، أنا انزل نفسي إلى مستواه، ولا يستطيع أن يضحي، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا"؛ لأن من طبيعة بني آدم الكبر، قال: "فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام" الذي يضحّي يبدأ بالسلام. روى النسائي عن سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "إن الشيطان يقعد لابن آدم في أطرقه -في عدة طرق- يقعد له في طريق الإسلام، فإذا أراد أن يسلم قال له الشيطان تسلم وتذر دينك ودين آبائك ودين آباء أبيك فعصاه فأسلم -يعني ضحى بما كان عليه آبائه من دين استطاع أن يضحي-.. ثم قعد له في طريق الهجرة فقال: تهاجر وتترك ولدك ومالك وسمائك...". ( يتبع ) |
|
04-07-2023, 07:29 PM | #347 |
| تابع – التضحية البيت الذي أنت فيه وتنظر أثناء بنائه في حالك إذا سكنت هذه الغرفة، وهذه غرفة أولادي، وهذه وهذا.. وتخطط ليكون بيت العمر ثم فجأة تهاجر في سبيل الله وتترك هذا البيت.. "تهاجر وتترك ولدك ومالك وسماءك فعصاه فهاجر، ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تقاتل فتقتل فتنكح الزوجة"، زوجتك حليلتك التي تغار عليها من نظرة النظيرين يأتي رجل آخر يبيت معها من بعدك لماذا تتركها؟!، أنت الآن تقدم نفسك للقتل.. قال: "ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تقاتل فتقتل فتنكح الزوجة ويقسم المال فعصاه فجاهد..". ثم قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "فمن فعل ذلك كان حقًّا على الله -عز وجل- أن يدخله الجنة وإن قتل كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة أو وقصته ناقته فمات -يعني وهو في الطريق إلى الجهاد ما وصل إلى ساحة المعركة بعد إنما لا يزال على الطريق لم يصل- كان حقًّا على الله أن يدخله الجنة"؛ لأنه استطاع أن يضحي أن يجعل راية الإسلام ترتفع، أن ينحر هواه في طريق الوصول إلى رب العالمين، لو لم يضحِّ الغني بماله لما كفل الفقير، لو لم يضحِّ العالم بعلمه ويبذل له وقته وجهده وسفره وتعبه لما علم الجاهل، لو لم يضحِّ الطبيب بوقته ويشتغل لنفع المريض الفقير المسكين واليتيم لما شفي أو عولج مريض أو جريح.. إن التضحية والبذل في سبيل أن ترفع راية الإسلام، وأن ينفع الإنسان المسلمين، وأن يكون مباركًا أينما كان هو النهج الذي كان عليه أنبياء الله تعالى ورسله، نسأل الله أن يجمعنا بهم. إن من ينظر في حال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وحال الأنبياء من قبله يجد أن الذي وقَر في قلوبهم من أسباب جعلتهم -فعلا- يستطيعون البذل والتضحية أول ذلك: الثقة بالطريق الذي يسيرون عليه. الإنسان لو لم يثق أنه لو بذل ماله سيؤجر لما بذل ماله؛ فلماذا أوزع مالي الذي تعبت في جمعه، أوزع على الناس من الفقراء وأنا أعلم أنه لا ثواب لي، إذًا أزيد فيه نفسي نعيمًا أنا وولدي.. لكن لما يكون عنده ثقة في الطريق الذي يسير عليه، أنا أبذل مالي؛ لأن عندي ثقة تامة أن الله -تعالى- سوف يعوضني خيرا وسوف يأجرني كما قال -تعالى-: (فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ) [آل عمران:159] لماذا (إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ) [النمل:79]، (قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ) [التوبة:24]. إذا قدم الإنسان لذات نفسه على الطريق الذي يسير عليه دل هذا أنه يشك في صحة هذا الطريق، ما دمت واثقا بأنك إن بذلت نفسك إن بذلت جهدك إن بذلت مالك إن بذلت خبرتك إن بذلت نصيحتك إن بذلت علمك أنك مأجور عند الله -تعالى- فهذا يجعلك تضحي وأنت واثق بصحة الطريق. ( يتبع ) |
|
04-07-2023, 07:31 PM | #348 |
| تابع – التضحية الأمر الثاني: الثقة بأن الله -تعالى- يعطي الإنسان خيرا مما بذل، كما قال الله جل وعلا: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ) ثم قال (وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [سبأ:39]. إذا كان الرزق الذي آتاك الله تعالى إياه بذلته وأنفقته فاعلم وثق ثقة تامة أن الله تعالى سيعوضك خيرا، إن لم يعوضك مالا فسوف يعوضك سلامة في بدنك، فبدل ما تبذل المال وينقص مالك في سبيل الطب والعلاج يكفيك الله -تعالى- الأمر فيبارك في مالك يحفظ لك، يسلمك في دابتك، يسلمك في بيتك، في سيارتك، في شأنك .. بحيث إنك لما ما بذلت مائة ريال فقد قدر عليك أنت أن يصيبك شيء في سيارتك فتنفق ربما خمسمائة ريال سيكفيك الله -تعالى- هذه المصيبة في سبيل ذلك المال.. أنت تتعامل مع رب رحيم، وإذا بذلت جاهك اعلم أن الله -تعالى- يؤجرك ويرفعك، قال حكيم بن حزام -رضي الله عنه-، وقد أقبل إليه رجل يستشفع به عند أخر، ابن حزام صحابي جليل له شأنه.. أقبل هذا الرجل يطلب شفاعته؛ لأن له جاه يطلب شفاعته عند رجل فقال له حكيم: هذه يدي في يدك فلنمضي إليه، فأخذ الرجل في أثناء الطريق يعتذر كأنه يقول له: كلفتك، قطعتك عن مشاغلك، أتعبتك معي.. فقال له حكيم: "يا رجل والله إنا نرى أن للجاه زكاة كما أن للمال زكاة، فلابد أن أبذل منه". الأمر الثالث: مما وقر في قلوب الأنبياء: أنهم كانوا يبحثون دائما عن أتباع يعيشون معهم؛ ليتعاونوا على البر والتقوى كما قال الله -جل وعلا-: (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) [الكهف:28] يعني كن دائمًا مع الصالحين القانتين المقبلين لتتعاون معهم على البر والتقوى. إذا كان -عليه الصلاة والسلام- في أوائل الإسلام يطوف على القبائل يقول: "من يؤويني لأبلغ رسالة ربي"، أريد دولة تؤويني، أريد مجتمعا أتعاون معه على نشر الدين، من يؤويني لأبلغ رسالة ربي؛ فإن قريش منعتني أن أبلغ رسالة ربي.. حتى بعد ذلك كون -صلى الله عليه وسلم- له دولة إسلامية في المدينة.. فأنت إذا أردت فعلاً أن تتعلم البذل والتضحية فليكن الذين تسير معهم وتجالسهم وتصاحبهم من هذا الجنس كما قال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تصاحب إلا مؤمن ولا يأكل طعامك إلا تقي"، يعني لا تصاحب إلا المؤمن الذي عنده من الإيمان ما يجعله ما يكون همه نصرة الدين والتضحية والبذل من خلاله. ( يتبع ) |
|
04-07-2023, 07:33 PM | #349 |
| تابع – التضحية لا جهاد بلا تضحية، فمن ظن أنه يستطيع أن يجاهد في سبيل الله وينتصر دون تضحية فقد خاب ظنه، والتضحية ألوان متعددة: بالمال، والوقت، والجهد، والأهل، والعشيرة، بل والنفس في سبيل نشر الدعوة، وإقامة الدين وحفظه، وهكذا أقيم المجتمع المسلم الأول على أكتاف رجال ضحوا بكل شيء. إن أهل الباطل يتفانون في الدفاع عن باطلهم، ويغتنمون الفرص المناسبة للهجوم علي المعتقدات التي يرون أنها تهدد وجود باطلهم الذي يتوقف وجودهم عليه، قال تعالى: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ (٦) مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ (٧) أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ (٨)} [ص: ٥ - ٨] فأين أهل الحق من التضحية من أجل دينهم؟! ومن أنواع التضحية : ١ - تضحية بالعلاقات الاجتماعية قال ابن إسحاق: قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: لما قدمنا المدينة نزلت مع عياش بن أبي ربيعة في بني عمرو بن عوف بقباء، وخرج أبو جهل بن هشام والحارث بن هشام إلى عياش بن أبي بيعة، وكان ابن عمهما وأخاها لأمهما، حتى قدما علينا المدينة ورسول الله بمكة، فكلماه وقالا له: إن أمك قد نذرت أن لا يمس رأسها مشط حتى تراك ولا تستظل من شمس حتى تراك، فرقَّ لها. وهكذا ندرك كيف يبذل دعاة الضلال من وقتهم وجهدهم وأموالهم في سبيل نصرة باطلهم، ومحاولة إخماد دعوة الحق، حيث خرج أبو جهل وأخوه من مكة إلى المدينة وتحملا عناء السفر من أجل محاولة فتنة فرد واحد عن دينه، أفلا يتحمل المسلمون مثل هذا الجهد أو أفضل منه من أجل دعوة الناس إلى الرشد واتباع الحق؟! لقد حاول أبو جهل أن يدخل على عياش من الجانب المؤثر عليه، حيث ذكر وضع أمه ليكسب موافقته على العودة، وهو يعلم أن عياش من أهل البر والصلة. قال عمر: يا عياش، إنه والله إن يريد القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم فوالله لو آذي أمك القمل لامتشطت، ولو اشتد عليها حر مكة لاستظلت. فقال عياش: أبر قسم أمي، ولي هناك مال فآخذه، وهنا وقع عياش في شباك عاطفة القرابة، فقال عمر: والله إنك لتعلم أني لمن أكثر قريش مالاً فلك نصف مالي ولا تذهب معهما، قال: فأبي عليَّ إلا أن يخرج معهما، فلما أبي إلا ذلك قال: قلت له: أما إذ قد فعلت فخذ ناقتي هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريب فانجُ عليها. وهذه تضحية كبيرة من عمر حيث تنازل لعياش عن نصف ماله وعن ناقته، والمال من أعز المحبوبات لدي الإنسان. قال عمر: فخرج عليها -يعني علي ناقة عمر- معهما حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يا ابن أخي، والله لقد استغلظ عليَّ بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلي، قال: فأناخ، وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه رباطًا، ثم دخلا به مكة، وفتناه فافتتن. قالا: يا أهل مكة هكذا فافعلوا بسفهائكم كما فعلنا بسفيهنا هذا. وفي ذلك عبرة للمسلمين حتى لا يأمنوا الكفار، وإن أظهروا لهم المودة وقدموا لهم المعونة، إن ذلك نوع من الطعم الذي يصطادون به المسلمين، قال تعالى: {يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: ٨]. ( يتبع ) |
|
04-07-2023, 07:34 PM | #350 |
| تابع – التضحية روي ابن أبي شيبة عن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - قال: ما رأيت قريشا أرادوا قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا يومًا، ائتمروا به وهم جلوس في ظل الكعبة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عند المقام فقام إليه عقبة بن أبي معيط فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطًا، وتصايح الناس حتى ظنوا أنه مقتول، فأقبل أبو بكر يشتد، حتى أخذ بضبعي رسول الله من ورائه وهو يقول: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ} [غافر: ٢٨]. ثم انصرفوا عن النبي، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلي، فلما قضي صلاته مر بهم -وهم جلوس في ظل الكعبة- فقال: يا معشر قريش: "أما والذي نفس محمد بيده: ما أرسلت إليكم إلا بالذبح، وأشار بيده إلى حلقه" فقال له أبو جهل: ما كنت جهولاً، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أنت منهم". وتحمل الرسول الكثير من الإيذاء من أجل دعوة الناس إلى الخير، فلا تجزع من أول بلاء وتذكر تضحية الرسول - صلى الله عليه وسلم -. عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: "بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي عند الكعبة وجمع من قريش في مجالسهم إذ قال قائل منهم: ألا تنظرون إلى هذا المرائي؟ أيكم يقوم إلى جزور آل فلان، فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها، فيجيء به ثم يمهله حتى إذا سجد وضعه بين كتفيه؟ فانبعث أشقاهم (هو عقبة بن أبي معيط)، فلما سجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وضعه بين كتفيه، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ساجدًا، فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض من الضحك، فانطلق منطلق إلى فاطمة رضي الله عنها -وهي جويرية- فأقبلت تسعى، وثبت النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى ألقته عنه، وأقبلت تسبهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة قال: "اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش، اللهم عليك بقريش" ثم سمى: "اللهم عليك بعمرو بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشية بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأمية بن خلف وعقبة بن أبي معيط، وعمارة بن الوليد" قال ابن مسعود: فوالله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر، ثم سحبوا إلى القليب -قليب بدر- ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"وأتبع أصحاب القليب لعنة". ( يتبع ) |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |