الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
08-08-2018, 07:06 PM | #15 |
| التغيرات الطارئة على اللغة العربية "الفصحى" من كتاب علم اللغة مقدمة للقارئ العربي للدكتور محمود السعران ونحن في حاجة إلى أن نتقبل أن اللغة العربية "الفصحى" في حياتها الطويلة الخصبة، مع محافظتها البالغة بوجه عام، قد طرأت عليها تغيرات في هذا الجانب أو ذاك، وأيا كان كنه هذه التغيرات، فهي في نظر العلم "تغيرات" يجب أن تدرس دراسة موضوعية منزهة من الأهواء. والغريب في الأمر أننا ندرس "الدخيل" و"المولد" ونتحدث عن "غريب" القرآن الكريم والحديث الشريف، وعما فيها من كلمات أجنبية الأصل، وعن "تحضر" الكلام العربي، و"رقته" في بعض العصور، وعن "أساليب" عفى عليها الزمن فلم نعد نستعلمها، ونتحدث في تاريخ الأدب العربي عن الأطوار التي مر بها "أسلوب" الشعر، وعن تلك التي مر بها "أسلوب" النثر، ولكنا مع ذلك كله نحجم عن أن نقرر ذلك الحكم العام، وهو حكم بديهي صادق، رضينا أو لم نرض، ألا وهو أن اللغة العربية قد أصابها منذ نزول القرآن الكريم، حتى أيامنا هذه، تغيرات في هذا الجانب من جوانبها أو في ذاك. ونرى أن في هذا خطرا على لغتنا التي يجب علينا أن نصونها صونا للقرآن الكريم. ولغة القرآن الكريم مغايرة منذ نزولها للغة العرب، لم تكن كلغة الشعر الجاهلي، ولم تكن شبيهة بكلام خطباء العرب وكهانهم ولم يشبهها فيما بعد ذلك من زمان كلام من الكلام. إن "التغيرات" التي أصابت الكلام العربي الفصيح لم تصب أصول التركيب اللغوي في كثير، فلن يضر رصدها وتسجيلها المحافظة على كتاب الله العلي القدير، ولا على آثارنا الأدبية والفكرية. بل إن رصدها فضلا عن كونه واجبا علميا، سيوسع آفاق فهمنا للغتنا وتاريخها. وإن الفهم الصحيح للغة وتاريخها، من أولى الخطوات اللازمة عند النظر في "صونها" أو "الارتقاء" بها، أو "تطويعها" لتجاري مقتضيات العصر الحديث وحضارته. إن الملاحظة الصوتية لنقل الكلام العربي الفصيح كما يتمثل في الأقطار العربية المختلفة لحاكمة بأن نطقه في مصر يختلف عن نطقه في العراق، ونطقه في العراق يغاير نطقه في ليبيا أو تونس أو الجزائر أو المغرب. إن دراسة وجوه الخلاف في نطق الكلام العربي الفصيح في الأقطار العربية المختلفة ليس يعني بحال من الأحوال الدعوة إلى تفتيت "الوحدة العربية" أو إلى إضعافها. وأعجب ما في الأمر أنا لا نتخذ ما بين العرب من خلافات في هيئات الجسوم وسمات الوجوه، ولا نتخذ ما بين بلداتهم من خلافات في الأجواء والأنهار والأرضين، ولا ما بينهم من خلافات في الأزياء والمآكل والمشارب والزينات، نحن لا نتخذ ذلك كله أو شيئا منه مبررًا للحكم على من يجهر به بأنه "رجعي" أو "استعماري" أو "ضيق الأفق"!. ولكن أكثرنا لا يقبل التصريح بظاهرة يسيرة صادقة فيما يتعلق بكلام العرب! ويتصور أن هذه الملاحظة وأشباهها "ستقضي" على العربية شر قضاء، أو ستصيبها بجرح بليغ، ولا يدري أنه بذلك يحكم على نفسه بأنه يجهل كيف تحيا اللغات وتتطور. ولو قال قائل: إن أوجه الخلاف بين الكلام العربي الفصيح في الأقطار العربية المختلفة لا تقتصر على خلافات في النطق "من حيث مخارج بعض الأصوات، ومواضع "الارتكاز" و"النبر" إلخ.." بل تتسع حتى تشمل المفردات والعبارات، لكان ما يواجه به من هجوم أقسى مرات ومرات مما يواجه به صاحب القول الأول ونسي هؤلاء أن معرفة هذه الأوجه الخلافية خطوة أولى في سبيل التعريف بها تيسيرا على أبناء العربية في مختلف أقطارها، وقد يؤدي هذا التعريف إلى التقريب أو التوحيد. |
|
08-08-2018, 07:07 PM | #16 |
| قضية الاستخدام اللغوي للفصحى واللهجات من كتاب علم اللغة العربية للدكتور محمود فهمى حجازى تثبت كتب اللغة والنحو وجود اختلافات في اللهجات التي سادت شمال الجزيرة العربية ووسطها في فجر الإسلام والقرنين الأول والثاني للهجرة، وتختلف العربية الفصحى كما نعرفها في الشعر الجاهلي اختلافات بعينها عن كل لهجة من اللهجات العربية القديمة، حتى إنه من الصعب اعتبار العربية الفصحى امتدادًا مباشرًا لإحدى هذه اللهجات، فالثابت أنها كانت لغة الشعر. وقد أثار بعض الباحثين منذ أواخر القرن التاسع عشر قضية لغة الحديث اليومي في جزيرة العرب في هذه الفترة، تسائل البعض هل كانت اللغة الفصحى لغة الشعر فقط أم أنها كانت أيضًا لغة التعامل في الأمور غير اليومية ولغة التعامل بين القبائل؟ وارتبط بهذا التساؤل تساؤل آخر حول اللغة التي كان الرسول يستخدمها في قراءته للقرآن، هل كان يقرأ القرآن بلهجة الحجاز، أم وفق الخصائص الصوتية للغة الفصحى أي لغة الشعر الجاهلي. كان المتعارف عليه عند اللغويين العرب قديمًا واللغويين المحدثين حتى أواخر القرن التاسع عشر أن لغة الشعر الجاهلي ولغة القرآن الكريم تمثلان العربية الفصحى، والمقصود بهذا أن هذه اللغة لم تكن مجرد لغة أدبية، بل كانت أيضًا لغة التعامل الراقي ولغة التعامل بين أبناء القبائل المختلفة. وقد أثار فولرز وهو متخصص ألماني في اللغة العربية كثيرًا من الشكوك حول كون هذه اللغة قد استخدمت في الحديث اليومي أو في التعامل الشفوي في الفترة التي ألف فيها الشعر الجاهلي. ولذا رفض فولرز تسمية هذه اللغة باسم: "العربية الفصحى"، واقترح تسميتها باسم اللغة "المكتوبة الأقدم". وبهذا عد فولرز المعايير المتعارف عليها حول العربية الفصحى والتي سجلتها الأمثلة الواردة في كتب النحو شيئًا مصنوعًا أقامه النحاة ودعوا إليه. ومعنى هذا في رأي فولرز. أن لغة الحديث اليومي في عصر تأليف الشعر الجاهلي وفي صدر الإسلام كانت تخلو من عدد كبير من السمات التي تنسب للعربية الفصحى، ومنها مثلا الإعراب. فيرى فولرز أن اللغويين العرب صنعوا ظاهرة الإعراب، ولم يكن لها وجود حقيقي من قبل. أما القرآن الكريم فرأى فولرز اعتمادًا على المصاحف المخالفة للمصحف المتداول، واعتمادًا على بعض القراءات - أنه كان يقرأ في صدر الإسلام على نحو محلي، أي وفق العادات الصوتية لأهل الحجاز في مكة والمدينة، أما قراءته وفق معايير اللغة الفصحى فقد كان عملا متأخرًا، هذه خلاصة رأي فولرز. ويقوم هذا الرأي على بعض المعلومات التي جاءت بها كتب اللغة والنحو وكتب الطبقات، مع تجاهل البعض الآخر. فاللغويون العرب في القرن الثاني الهجري لم يعتمدوا على الشعر والقرآن فقط، بل اعتمدوا أيضًا على لغة الإعراب الفصحاء. وكان الإعراب من أهم السمات التي لاحظها اللغويون العرب عند رواتهم، واعترفوا بصحة لغة مجموعة من القبائل، فعدوا أبناءها حجة في قضايا اللغة، ولو كانت لغة الحديث اليومي عند هذه القبائل تخلو من الإعراب في الشعر والقرآن الكريم على هذا النحو المطرد، وفي قراءة القرآن الكريم على نحو يجعلنا نقتنع بأنه ليس من عمل النحاة بل هو انعكاس للواقع اللغوي الحي، وأغلب الظن أن اللغة الفصحى كانت مستخدمة في الأغراض الفنية وفي التعامل الرفيع بين أصحاب المكانة في القبائل وفي التعامل بين أبناء القبائل المختلفة. فإذا كانت لغة الشعر الجاهلي لا تختلف باختلاف القبائل، بل يقتصر الاختلاف على الاستخدام اللغوي من شاعر لآخر في إطار المستوى اللغوي الواحد فإن الطبيعي أن يكون ترتيل القرآن بهذه اللغة الفصحى التي يحترمها ويتعامل بها أبناء القبائل المختلفة في الأمور الجادة. وإذا كان القرآن ينص على أنه "بلسان عربي مبين" فمن غير المتوقع أن يكون بعد هذا ذا لون محلي والأقرب إلى طبيعة الأمور أن تكون قراءة القرآن وأن يكون الاستخدام اللغوي في القرآن مطابقًا بصفة عامة للمتعارف عليه في اللغة الفصحى آنذاك. لقد عرفت اللهجات القديمة مجموعة من الظواهر المغرقة في المحلية مثل الكشكشة والكسكسة والعجعجة. إلخ. والمقصود بالكشكشة إبدال الشين من كان الخطاب المؤنثة فبدلا من "عليك" يكون نطق هذه الكلمة في اللهجات التي تعرف الكشكشة "عليش"، وبالمثل "منش" و "بش". وهناك أشكال للكشكشة لا تزال مسموعة في اللهجات البدوية الحالية. وقريب من الكشكشة ظاهرة الكسكسة وهي استخدام السين مع ضمير المؤنث بديلا للكاف أو ملحقة بالكاف، فبدلا من: "رأيتك" تكون الصيغة عند بعض القبائل "رأيتكس"، وبدلا من "أخوك" تنطق بعض القبائل "أخوس". أما العجعجة فهي ثمرة اختلاط نطق الجيم مع نطق الياء فبدلا من "تميمي" كانت بعض القبائل تقول "تميمج". فهذه الظواهر الصوتية المحلية كانت مما أثار انتباه اللغويين العرب. ولكن الشواهد التي جاءوا بها لبيان هذه الخصائص شواهد شعرية محدودة العدد تتكرر في كل الكتب، وكأنها انعكاس خافت للهجات المحلية. وبغض النظر عن هذه الظواهر المحدودة الأثر في الشعر الجاهلي فإن لغته لا تختلف باختلاف القبائل، ويبدو أن اللغة الفصحى وفق ما تعارف عليه القوم آنذاك كان ينبغي لها أن تخلو من مثل الظواهر المحلية. ولذا كان من الطبيعي أن يحاول المسلمون في صدر الإسلام تجنب استخدام هذه السمات المغرقة في المحلية في قراءتهم للقرآن الكريم، وأن يكون المثل اللغوي المنشود في لغة القرآن الكريم بعيدًا عن المحلية في الخصائص اللغوية بمثل ما هو بعيد عن المحلية في المضمون الفكري. ولذا فليس من الممكن تصور أن لغة القرآن الكريم تعكس لهجة الحجاز وأية لهجة أخرى، بل الأقرب إلى واقع الأمر أن يكون بتلك اللغة الفصيحة المحترمة من الجميع. لقد شك فولرز في كون اللغة المنطوقة في فجر الإسلام ذات نظام إعرابي واضح المعالم، وظنها تخلو من النهايات الإعرابية. وقد ورد نولدكه على فولرز بمجموعة من الأدلة اللغوية مثبتًا عدم صحة ما قال به فولرز. فعلامات الإعراب رفعًا ونصبًا وجرًّا مطردة في اللغة الأكاديمة على نحو اطرادها في لغة الشعر الجاهلي والقرآن الكريم ولغة القبائل التي أخذت عنها شواهد كتب النحو. والصحيح أن العربية ورثتها كما ورثتها الأكادية عن اللغة السامية الأولى. وقد بقيت من علامات الإعراب في اللغة الحبشية علامة النصب، وهي تطابق تمام المطابقة علامة النصب في العربية فما جاء عند النحاة العرب يعد تسجيلا لواقع يفسره ما جاء في النقوش الأكادية والنصوص الحبشية. وإذا كانت ثمة شك في الحركات النهائية للفعل الماضي، فهو ينتهي مثلا بالفتحة في "كتب" بينما ينتهي دون هذه الفتحة في اللهجات العربية، فإن العربية الفصحى كانت تعرف نهاية هذه الصيغة بالفتحة كما تعرفها اللغة الأمهرية إلى اليوم. لقد أثبت "نولدكه" أن الشك في النهايات الإعرابية للأسماء أو الحركات النهائية للأفعال لا يقوم على دليل، وأثبت بمقارنة العربية بالأكادية بالحبشية من هذا الجانب أن هذه النهايات لا يمكن أن تكون من صنع النحاة، بل كان جهد النحاة تسجيلا لها كما وجدوها في الشعر الجاهلي والإسلامي وفي القرآن الكريم وعند القبائل المعترف بفصاحتها. |
|
08-08-2018, 07:08 PM | #17 |
| انتقال اللغة من السلف إلى الخلف, وأثره في التطور اللغوي من كتاب علم اللغة لعلي عبد الواحد وافي - رحمه الله - على الرغم من أن الطفل يأخذ اللغة عن أبويه والمحيطين به، فإن لغة الخلف في كل أمة تختلف عن لغة السلف في كثير من المظاهر، وبخاصة مظاهر الصوت. ويرجع جزء يسير من نواحي هذا الاختلاف إلى أمور خاصة مقصورة على بعض الأفراد؛ كالعيوب الصوتية التي يصاب بها بعض الناس، وضعف السمع، واختلاف أعضاء النطق ... وما إلى ذلك, وليس لمثل هذه الأمور شأن كبير في تطور اللغة؛ لأن آثارها مقصورة على أصحابها، تبقى معهم وحدهم في حياتهم وتختفي بموتهم. أما معظم نواحي هذا الاختلاف وأكبرها أثرًا في تطور اللغة؛ فترجع إلى أمور عامة يشترك فيها جميع أفراد الطبقة الواحدة, ويمتازون بها عن أفراد الطبقة السابقة لهم؛ كالتطور الطبيعي لأعضاء النطق في الفصيلة الإنسانية؛ لأن أعضاء النطق في تطور طبيعي مطّرد، فتختلف في كل طبقة عنها في الطبقة السابقة لها؛ والتطور الطبيعي للظواهر النفسية "فالقوى العقلية بمختلف أنواعها في تطور طبيعي مطرد, فتختلف في كل طبقة عنها في الطبقة السابقة لها، شأنها في ذلك شأن أعضاء النطق، ومن الواضح أن كل تطور يحدث في هذه القوى ينبعث صداه في اللغة"، والأخطاء التي تنتشر بين الصغار في طبقة ما, ولا يفطن لها الكبار لدقتها وخفائها, أو يهملون إصلاحها, ولا يُعْنَوْنَ بالقضاء عليها، وكثرة استخدام الكبار في جيل ما لبعض المفردات في غير ما وضعت له عن طريق التوسع أو المجاز, لدواع اجتماعية خاصة, فتنتقل هذه المفردات إلى الجيل اللاحق بمعانيها المجازية وحدها، والنظم والتقاليد الخاصة التي يسير عليها المجتمع في جيلٍ ما في تلقين الأطفال اللغة في الأسرة, وتعليمهم إياها في المدارس؛ فالفروق اللغوية الناشئة عن هذه الطائفة من العوامل يشترك فيها جميع أفراد الطبقة الواحدة، وتمتاز بها لغتهم عن لغة الطبقة السابقة لهم. ومن هذا يظهر أن ناحية هامة من نواحي التطور اللغوي ترجع إلى عوامل جبرية، لا اختيار للإنسان فيها، ولا يد له على وقف آثارها, أو تغيير ما تؤدي إليه. ومن هذا يظهر كذلك أنه ليس في قدرة الأفراد أن يقفوا تطور لغة، أو يجعلوها تجمد على وضع خاصٍّ, فمهما أجادوا في وضع معجماتها, وتحديد ألفاظها ومدلولاتها, وضبط قواعدها وأصواتها ... ومهما أجهدوا أنفسهم في إتقان تعليمها للأطفال قراءة وكتابة ونطقًا, وفي وضع طريقة ثابتة سليمة يسير عليها المعلمون بهذا الصدد، ومهما بذلوا من قوةٍ في محاربة ما يطرأ عليها من لحن وخطأ وتحريف، فإنها لا تلبث أن تحطم هذه الأغلال، وتفلت من هذه القيود، وتسير في السبيل التي تريدها على السير فيها سنن التطور والارتقاء الطبيعيين. حقًّا أنه يمكن أحيانًا التحكم في لغة الكتابة والجمود بها زمنًا طويلًا على أصولها القديمة, أو ما يقرب منها. ولكن لغة الكتابة التي تجمد بهذا الشكل لا تمثل تمثيلًا صحيحًا حالة الحياة اللغوية في الأمة، وتتسع كثيرًا مسافة الخلف بينها وبين لغة المحادثة؛ لأن هذه اللغة الأخيرة في تطور مطرد، ولا تستطيع أية قوة إلى تعويق تطورها سبيلًا، فلا تنفك تبعد عن لغة الكتابة الجامدة، حتى تصبح كل منهما غريبة عن الأخرى أو بعيدة عنها، ويصبح تعليم لغة الكتابة في الأمة أشبه شيء بتعليم لغة أجنبية, وهذا هو ما كان عليه الحال بفرنسا وإيطاليا ورومانيا وأسبانيا والبرتغال أيام أن كانت لغة الكتابة فيها هي اللاتينية، وكانت لهجاتها المحلية مقصورة على شئون المحادثة، وما عليه الحال الآن تقريبًا في مصر والسودان وبلاد العرب وشمال أفريقيا بصدد العلاقة بين لهجات المحادثة واللغة العربية الفصحى المتخذة لغة كتابة هذه البلاد. على أن ظاهرة كهذه لا تكاد تبدو إلّا حيث تكون لغة المحادثة غير تامة التكون ولا كاملة النمو، ولا تبقى إلّا ما بقيت لغة المحادثة على هذه الحال؛ فإذا ما بلغت هذه اللغة أشدها، وتمّ تكونها، واكتمل نموها، واتسع متنها، ووضحت دلالات مفرداتها, ووجوه استخدامها، وتشعبت فيها فنون القول، ودقت مناحي التعبير، وقويت على تأدية حقائق الآداب والعلوم، أخذت تطارد لغة الكتابة وتسلبها وظائفها وظيفة وظيفة حتى تجردها منها جميعًا، فتصبح هي لغة الكتابة، وتقذف بلغة الكتابة القديمة في زوايا اللغات الميتة, وهذا هو ما انتهى إليه أمر اللاتينية مع لغات المحادثة بفرنسا وإيطاليا ورومانيا وأسبانيا والبرتغال. فما أشبه لغة الكتابة الجامدة في حالات كهذه بجبل ثلج ثابت على ما سطح البحر، ولغات المحادثة المتطورة بالتيارات المائية التي تموج تحته, فمهما طال بقاء هذا الثلج، فإن مصيره إلى التحطيم والذوبان، وحينئذ تطفو تلك التيارات إلى سطح البحر، وتعيد إليه ما كان مستورًا تحت هذا الجبل الجامد من مظاهر النشاط والحياة. |
|
08-08-2018, 07:09 PM | #18 |
| دواعي الدراسات اللغوية قديمًا من كتاب دراسات لغوية في أمهات كتب اللغة لإبراهيم محمد أبو سكين قال أبو الطيب: واعلم أن أول ما اختل من كلام العرب وأحوج إلى التعلم الإعراب؛ لأن اللحن ظهر في كلام الموالي والمتعربين من عهد النبي -صلى الله عليه وسلم، فقد روينا أن رجلًا لحن بحضرته فقال: أرشدوا أخاكم فقد ضل، وقال أبو بكر: لِأَنْ أقرأ فأسقط أحب إلَيَّ من أن أقرأ فألحن. وقال ياقوت: "مر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على قوم يسيئون الرمي، فقرعهم، فقالوا: إنا قوم "متعلمين"، فأعرض مغضبًا وقال: والله لخطؤكم في لسانكم أشد على من خطئكم في رميكم .وكتب كاتب لأبي موسى الأشعريّ إلى عمر فلحن فكتب إليه عمر: "إن اضرب كاتبك سوطًا واحدًا". وانتشرت جرثومة اللحن حتى أعدت الخاصة حتى صاروا يعدون من لا يلحن قال الأصمعيّ: "أربعة لم يلحنوا في جد ولا هزل: الشعبيّ وعبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف وابن القرية والحجاج أفصحهم". وانتقلت جرثومة اللحن من الحاضرة إلى البادية قال الجاحظ: "قالوا وأول لحن سُمِع بالبادية هذه عصاتي". وتحت تهديد خطر "ذيوع اللحن حاول العرب أن يحافظوا على لُغتهم نقية خالصة من الشوائب، وأن يقيموا حولها الأسوار، يقول الدكتور تمام حسان: "فلقد نشأت دراسة اللغة العربية الفصحى علاجًا لظاهرة كان يخشى منها على اللغة وعلى القرآن وهي التي سموها "ذيوع اللحن" وعلى الرغن من أن تسمية هذه الظاهرة المذكورة لا تشير إلا إلى الخطأ في ضبط أواخر الكلمات بعد إعطائها العلامات الإعرابية الملائمة أشعر بميل شديد إلى الزعم بأن الأخطاء اللغوية التي شاعت على ألسنة الموالي وأصابت عدواها ألسنة بعض العرب لم تكن مقصورة على هذا النوع من أنواع الأخطاء، فأكبر الظن أن هذا الذي سموه "لحنًا" كان يصدق على أخطاء صوتية كالذي يشير إليه مغزى تسمية اللغة العربية الفصحى "لغة الضاد" ويفصله ما يروى من نوادر الموالي كأبي عطاء السندي وسعد الزندخاني وغيرهما، كما كان يصدق على الخطأ الصرفي الذي يتمثل في تحريف بنية الصيغة في الإلحاق أو الزيادة على الخطأ النحوي الذي كان يتعدى بمجال العلامة الإعرابية أحيانًا إلى مجالات الرتبة والمطابقة وغيرهما، وعلى الخطأ المعجمي الذي يبدو في اختيار كلمة أجنبية دون كلمة عربية لها المعنى نفسه، ويصدق على جميع هذه الأنواع من الخطأ أنها أخطاء في المبنى أولًا وأخيرًا ولو أدت في النهاية إلى خطأ في المعنى لم يكن نتيجة خطأ في القصد. ويقول أحمد عبد الغفور عطار: "ومن الأسباب التي دعت إلى تأليف كتب اللغة والمعجمات كثرة الأمم ذات الألسنة غير العربية التي دخلت في الإسلام واتخذت العربية لغتها وخشي العلماء أن يدخل في لغة القرآن ما ليس من كلام العرب". كما وجدت ظاهرة أخرى لها خطرها في تاريخ اللغة العربية تلك هي مبدأ "تنقية اللغة العربية" الذي حمل راية المحافظة على خلوص اللغة، وقد برهن الأمويون على أنهم حماة المبادئ العربية القديمة. فقد روي أن عبد الملك "حكم 65-86هـ" كان يحذر أبناءه من اللحن فإن اللحن في منطق الشريف أقبح من آثار الجدري في الوجه، وأقبح من الشق في ثوب نفيس. ويروى أن هذا الخليفة لم يكن يستعمل صيغًا ملحونة حتى في المزاح وأنه كان يقدر الدقائق اللغوية حق قدرها، فحينما غير الشاعر الخارجي أبو المنهال عتبان بن وصيلة بيته: "ومنَّا أميرُ المؤمنينَ شبيبُ" إلى "وَمِنَّا أميرَ المؤمنينَ شبيبُ". نال على هذا التغيير في الجواب استحسان الخليفة حتى أطلق سراحه ومما هو جدير بالذكر أن مذهب تنقية اللغة والمحافظة على فصاحتها تعدى العرب إلى طبقة الموالي الملحة في التسامي والتعالي والتي كانت في سبيل طموحها إلى محاكاة الطبقة السائدة فيما تفعل، تجاري هذه أيضًا في الناحية اللغوية وتحتضن حركة تنقية اللغة العربية بما في ذلك من إعلاء شأن اللغة البدوية الخالصة، وكلما أخذت سلامة اللغة تصير أمرًا من أمور التربية والتعليم، قويت آمال غير العرب في أن يستبدلوا -بالصبر والاجتهاد- عربية فصحى من عربية اللهجات الدارجة في محيطهم وقديمًا تملك الحسن البصري المتوفى سنة 110هـ وهو ابن أحد أسارى الحرب من مدينة ميسان، أزمة العربية بحيث كان رجال ضليعون، كأبي عمرو بن العلاء ورؤبة، لا يجدون غضاضة في أن يضعوه إلى جانب الحجاج وكان تلاميذه المجتهدون يكتبون عبارات أستاذهم، لا لما تحتويه من علم فحسب بل لصياغتها اللغوية كذلك وكثيرة هي الأخبار والروايات التي تطلب في وصف دقة إحساسه تجاه الأخطاء اللغوية. واستتبع هذا المذهب الذي يرى أن العربية الفصحى هي العربية النقية من الشوائب التي لم تخالطها لغة أخرى، أنهم رأوا أن أفصح اللغات هي لغات البدو، البعيدين عن الاختلاط في أواسط البيداء، وإذن فالطريق إلى الحكم على سلامة اللغة وفصاحتها ونقائها هو قياسها على لغة هؤلاء البدو، والسبيل إلى تعلم الفصحى هو معاشرتهم وقد حدث ذلك فعلًا، وقد واصل الخلفاء والكبراء ما اعتادوا عليه من تنشئة أبنائهم في البادية. "فهذا سليمان بن عبد الملك الذي كان يحسن الإشادة بقيمة الجمال اللغوي وذلك لأنه تأدب أدبًا رفيعًا، وكذلك كان أخوه مسلمة رفع الثقافة وكان يكره عمرو بن مسلم، أخا قتيبة بن مسلم؛ لأنه كان يلحن في كلامه، كما روى أنه كان يمقت السائلين الذين يلحنون في لغتهم". ولم يكن كل الناس قادرين على إيفاد أبنائهم إلى البادية فظهرت فئة من المربين الفصحاء يتولون تنشئتهم، منهم من اختص بأبناء شريف معين، ومنهم من فتح كتابًا أو مدرسة للتعليم، وأشهر هؤلاء المدربين، الضحاك بن مزاحم وعامر الشعبي مربيًا أولاد عبد الملك ابن مروان ومحمد بن مسلم الزهري "مربي أبناء هشام بن عبد الملك". وظهرت فئة أخرى من العلماء لم يكن همها الأول التدريس بل العلم، من أمثال أبي الأسود الدؤلي وتلاميذه، وأراد هؤلاء العلماء الاتصال باللغة في أنقى صورها فارتحلوا إلى البوادي التي تعيش فيها القبائل العربية الفصيحة التي لم تختلط بالأجانب، ونهلوا من معارفهم، ودونوا ما سمعوا، وأشهر هؤلاء أبو عمرو بن العلاء، والخليل بن أحمد والكسائي. وسيبويه وتلاميذهم. يضاف إلى ما سبق ظاهرة أدبية أثرت تأثيرًا كبيرًا في الدراسات اللغوية، إذ عرف عن بني أمية حبهم الشديد للأدب وخاصة معاوية وعبد الملك بن مروان، فقربوا إليهم الأدباء والعلماء وعقدوا لهم المجالس الخاصة، يعرضون للأمور الأدبية ويتبادلون فيها الآراء شارحين ناقدين، وحاول العلماء أن يهيئوا أنفسهم لإرضاء رغبات الخلفاء فجمعوا شعر الفحول والقبائل، ودونوها، وقد روي عن حماد الراوية أنه تأهب لمقابلة الخليفة الوليد بالنظر في "كتاب قريش وثقيف"؛ لأنه كان يعتقد أن الخليفة سائله عن أشعار القبائل التي هو على صلة بها. وكان السبب المباشر الذي أظهر الدراسات اللغوية هو العناية بالقرآن الكريم وقراءته وإقرائه، فكانت العناية بالقرآن دافعًا دينيًا لطائفة القراء الذين أدركوا ضرورة الانتفاع بهذه الدراسة في ضبط القراءة وضبط أصولها، وتوضيح آيات القرآن فما اتصل بالقرآن من علوم كان أولها ظهورًا وما ابتعد عنه كان من آخرها وليس من شيء أكثر صلة به من محاولة فهمه بإدراك غريبه ومشكله، فتفسير غريب القرآن ومشكله أولى الحركات العلمية التي رآها العرب. ويقول الدكتور السعران: "نشأت الدراسات اللغوية عند العرب خدمة للقرآن الكريم". وكان للحديث الشريف نصيبه في إظهار الدراسات اللغوية فقد اتجهت هذه الدراسات إلى العناية بغريب الحديث كما عنيت بغريب القرآن. وآخر الظواهر الجديرة بالتسجيل وكانت سببًا في نشأة الدراسات اللغوية لمعاصرتها الدراسات اللغوية ومدها إياها بالروافد ظاهرة التدوين العلمي، فقد نظم العلماء أنفسهم فرقًا كل فرقة تغزو الجهل أو الفوضى في ناحيتها. اجتمعت هذه العوامل جميعًا فأثمرت الدراسات اللغوية. |
|
08-08-2018, 07:10 PM | #19 |
| المستويات النحوية من كتاب المدخل إلى علم اللغة للدكتور رمضان عبد التواب يجرى ترتيب المركبات القالبية، على هيئة طائفة من المستويات المحددة المعالم. وأكثر هذه المستويات شيوعًا في الدراسات اللغوية المعاصرة، هي: مستويات "الكلمة" Word و"العبارة" Phrase و"التركيب" Clause و"الجملة" Sentence فضلا عن مستوى "المورفيم" Morpheme. فمستوى "الكلمة" هو ذلك المستوى من النحو، الذي نحلل عنده الكلمة إلى مورفيماتها المكونة لها. ومستوى "العبارة" هو ذلك المستوى من النحو، الذي نحلل عنده مجموعات الكلمات، ذات الأبنية المعينة -باستثناء التراكيب- إلى كلمات. ومستوى "التركيب" هو ذلك المستوى من النحو، الذي نحلل عنده التراكيب، إلى ما فيها من مسند ومسند إليه ومكملات. ومستوى "الجملة" هو ذلك المستوى من النحو، الذي نحلل عنده جمل اللغة الصغرى والكبرى، إلى تراكيب مستقلة وغير مستقلة. أما المنهج التاريخي، فيدرس اللغة دراسة طولية، بمعنى أنه يتتبع الظاهرة اللغوية في عصور مختلفة، وأماكن متعددة ليرى ما أصابها من التطور، محاولا الوقوف على سر هذا التطور، وقوانينه المختلفة. ويمكننا لذلك، القول بأن عرض نحو أية لغة، يكتفى إن أراد الاقتصار على هذه اللغة بوصفها. غير أن تعليل الظواهر التي توجد في هذه اللغة، يظل أمر بالغ الصعوبة، إذا لم يعرف لهذه اللغة فترات تاريخية متباعدة، يمكن المقارنة بينها، ومعرفة صور التطور الناتجة عبر الأجيال الكثيرة. وعندئذ يمكن الكشف عن السر الذي يكمن وراء إحدى صور هذا التطور. ولنأخذ مثلا على هذا: اللغة العربية العامية، التي نتحدث بها اليوم في البلاد العربية، فإن وصف هذه اللغة من نواحيها المختلفة، أمر سهل ميسور؛ إذ يقال مثلا: إن الاستفهام يعبر عنه بنبر أحد أجزاء الجملة، وإن النفي يكون بالأداء: "مُِش" مثلا، وإن ترتيب الجملة فيها: فاعل+ فعل+ مفعول ... إلخ. ولكن معرفة سر وصول هذه النواحي المختلفة، من صوتية، وصرفية، وتركيبية، ودلالية، وغيرها، إلى ما وصلت إليه، كان من الممكن أن يظل لغزا، لولا معرفتنا بالعربية الفصحى. وكان من الممكن أن يزداد وضوح التطور وأسراره في هذه اللغة العامية، لو أننا توصلنا إلى معرفة حلقات التطور المختلفة، منذ الجاهلية حتى الآن. فالمنهج التاريخي في الدرس اللغوي، عبارة عن تتبع أية ظاهرة لغوية في لغة ما، حتى أقدم عصورها، التي نملك منها وثائق ونصوصا لغوية، أي أنه عبارة عن بحث التطور اللغوي في لغة ما عبر القرون، فدراسة أصوات العربية الفصحى دراسة تاريخية، تبدأ من وصف القدماء لها من أمثال الخليل بن أحمد، وسيبويه، وتتبع تاريخها منذ ذلك الزمان، حتى العصر الحاضر، دراسة تدخل ضمن نطاق المنهج التاريخي. ومثل ذلك يقال عن تتبع الأبنية الصرفية، ودلالة المفردات، ونظام الجملة. وإذا كان علم اللغة الوصفي، يمكن أن يوصف بأنه علم ساكن static إذ فيه توصف اللغة بوجه عام، على الصورة التي توجد عليها، في نقطة زمنية معينة، فإن علم اللغة التاريخي "يتميز بفاعلية مستمرة dynamic، فهو يدرس اللغة من خلال تغيراتها المختلفة. وتغير اللغة عبر الزمان والمكان خاصة فطرية في داخل اللغة، وفي كل اللغات، كما أن التغير يحدث في كل الاتجاهات: النماذج الصوتية، والتراكيب الصرفية والنحوية، والمفردات. ولكن ليس على مستوى واحد، ولا طبقا لنظام معين ثابت. هذه التغيرات اللغوية تعتمد على مجموعة من العوامل التاريخية. وبينما يمكن دراسة هذه التغيرات دراسة وصفية، هي محض تعريف بأشكال التغيرات الحادثة، فإنه لا يمكن عزلها عن الأحداث التاريخية التي تصاحب وجودها. وإذا كانت الوظيفة الأولى لعلم اللغة الوصفي، هي أن يصف، ولعلم اللغة التاريخي هي أن يعرض التغيرات اللغوية، فمن الصعب كثيرا الفصل بين النوعين في مجال التطبيق العملي؛ وذلك لأن كل المصطلحات التي استعملت تحت العنوان الوصفي قابلة من الناحية العملية للاستعمال مع الفرع التاريخي". "وعلى الرغم من أسبقية علم اللغة التاريخي، في ميدان البحث اللغوي، ومن التقدم المطرد، الذي أمكن تحقيقه خلال القرنين الماضيين، فما زالت هناك جهود ضخمة يمكن بذلها، حتى بالنسبة لتلك اللغات التي لاقت اهتماما كبيرا، فإن هناك اكتشافات ضخمة لكتابات مسجلة، ما تزال يتوصل إليها. ويجب كلما اكتشف شيء من ذلك، أن يعاد النظر في النتائج المقارنة السابقة التي كان بعضها فرضيا، ويدخل عليها من التعديلات ما هو ضروري، بعد الاستفادة من تلك الشواهد الجديدة ... وهنا نجد المنهجين: التاريخي والوصفي، يدخلان في شكل انسجامي تعاوني مثمر". "وليس المنهج المقارن إلا امتدادا للمنهج التاريخي، في أعماق الماضي السحيق، وينحصر في نقل منهج التفكير، الذي يطلق على العهود التاريخية، إلى عهود لا نملك منها أية وثيقة". ومع أن المنهج المقارن، يولي وجهه شطر الماضي السحيق، فإنه في الواقع لا يؤتي ثمرته، إلا في اتجاه عكسي؛ لأنه يوضح تفاصيل اللغات الثابتة بالوثائق. وأظهر نتيجة لنحو اللغات الهندوأوربية المقارن، تنحصر في تحديد صلات القرابة بين هذه اللغات، فكل اللغات الفارسية، واللغات السلافية، والجرمانية، والرومانية، والكلتية، إذا اعتبرت من الوجهة الزمنية، تبدو للعالم اللغوي، نتيجة لسلسلة متتابعة من التباين لحالة لغوية واحدة، سابقة عليها جميعا، وتسمى باللغة "الهندية الأوربية". "ويتضمن المنهج المقارن أساسًا، وضع الصيغ المبكرة المؤكدة، المأخوذة من لغات يظن وجود صلة بينها جنبا إلى جنب، ليمكن إصدار حكم فيها بعد الفحص والمقارنة، بخصوص درجة الصلة بين عدة لغات، والشكل الذي يبدو أقرب صلة إلى اللغة الأم. "ولعل الباحث يكون آمنا، حين يقرر انتماء لغات متعددة إلى أصل مشترك، إذا وجد بينها تماثلا كافيا في تركيباتها النحوية، ومفرداتها الأساسية، وإذا لاحظ ازدياد قربها بعضها من بعض، كلما اتجهنا إلى الوراء". "ويقدم لنا النحو المقارن نظاما، تصنف فيه اللغات في أسرات تبعا لخصائصها، فبمقارنة الأصوات، والصيغ، تتجلى ضروب التجديد الخاصة بكل لغة، في مقابلة البقايا الباقية من حالة قديمة، وقد نجح اللغويون في أن يحددوا ما قبل تاريخ اللغات الهندوأوربية، ولكنهم لم يصلوا إلى معرفة من كانوا يتكلمونها، ولم يستطيعوا أن يحددوا أسلاف الإغريق أو الجرمان، أو اللاتين، أو الكلتيين، وإنما يعرفون فقط التغييرات التي مرت بها الجرمانية والإغريقية واللاتينية والكلتية، حتى وصلت إلى الحالة، التي تكشف عنها النصوص. أما الأسماء التي أطلقوها على اللغات، التي أعادوا بناءها فتحكمية، قد اتفقوا عليها مجرد اتفاق، فكلمة: الهندية الأوربية، إذا أخرجت من الاستعمال اللغوي، لم يبق لها أي معنى". ومنذ نشأة طريقة المقارنة بين اللغات -وهي أصلا طريقة تاريخية- وهي تحظى بمكانة مرموقة في علم اللغويات، كما صارت البحوث اللغوية التاريخية، وقفا على كبار العلماء والباحثين، على حين استمرت الطريقة الوصفية كما كانت من قبل، طريقة عملية ذات نفع عاجل، تعالج تعلم الناس اللغات الأجنبية، وتعرفهم بالطريقة الصحيحة لاستخدام لغاتهم. هذا هو المنهج المقارن، وتلك هي حدوده، وقد تأثر به دارسو اللغات السامية، وقطعوا فيه شوطا ليس بالقصير. وإن من يلج ميدان الدراسة السامية المقارنة، يدرك على الفور مدى الصعوبة، التي تقابل الباحث، عندما يريد الرجوع بظاهرة ما في هذه اللغات إلى أصلها، ذلك لأن هذه اللغات السامية ليست حلقات متصلة في سلسلة لغوية واحدة، يمكن اعتبار إحداها أقدم اللغات، والثانية أحدث منها ... وهكذا، بل هي على العكس من ذلك، تعد خلفا للغة واحدة، هي ما اصطلح العلماء على تسميته "بالسامية الأم"، وهذه اللغة لا وجود لها الآن في صورة وثائق أو نقوش مكتوبة. ولذلك، فمن الممكن دراسة كل لغة من اللغات السامية على حدة، دراسة وصفية وتاريخية منتجة إلى أقصى حد، غير أن استنباط الأصول الأولى، للظواهر اللغوية المختلفة في هذه اللغات، أمر بالغ الصعوبة. وقد حاول العلماء استخدام الطرق العلمية، التي كشف عنها المنهج المقارن، وعلم اللغة الحديث، في الوصول إلى هذه الأصول الأولى، "لكن لا يجوز للمرء، أن يطلب الكثير في هذه الناحية، فإن سير تطور اللغات غامض في تفاصيله بالنسبة لنا غالبا، وذلك في المرحلة السابقة للمرحلة، التي وصلت إلينا منها وثائق لغوية". لقد أدى اكتشاف اللغة السنسكريتية، في القرن الثامن عشر، إلى نشوء علم اللغة المقارن كما ذكرنا، وطمع علماء الساميات في تطبيق المنهج المقارن للغات الهندوأوربية، على مجموعة اللغات السامية، وحاولوا بالمقارنة الاهتداء إلى الأصول الأولى، وأطلقوا عليها اسم "اللغة السامية الأم". غير أنهم كانوا يدركون تماما، أن هذه اللغة الأم، لا تخرج عن كونها افتراضا قابلا للتعديل في أي وقت، طبقا لما تؤدي إليه بحوث المستقبل. ولقد كان "نولدكه" Noldeke على حق، عندما قال: "وإننا نريد أن نوجه سؤالا لمن يظن أن إعادة البناء الكامل للغة السامية الأولى، ولو بالتقريب، أمر ممكن. والسؤال هو: هل يستطيع أحسن العارفين باللهجات الرومانية كلها "الإيطالية والفرنسية والإسبانية" أن يعيد بناء الأصل القديم لهذه اللهجات، وهو اللغة اللاتينية، لو فرض أنها غير معروفة الآن؟ ". ومع كل هذه الصعوبات، أثمرت الدراسات السامية المقارنة في القرن الماضي، والقرن الحالي، ثمرات عظيمة، وأصبحنا نقف في كثير من المسائل فيها، على أرض ليست هشة. والفضل في كل هذا للمستشرقين من علماء الغرب. ولم تكن اللغات السامية مجهولة تماما، بالنسبة للعرب، فقد فطن الخليل بن أحمد "المتوفى سنة 175هـ" إلى العلاقة بين الكنعانية والعربية، فقال: "وكنعان بن سام بن نوح، ينسب إليه الكنعانيون، وكانوا يتكلمون بلغة تضارع العربية" لقد أدى اكتشاف اللغة السنسكريتية، في القرن الثامن عشر، إلى نشوء علم اللغة المقارن كما ذكرنا، وطمع علماء الساميات في تطبيق المنهج المقارن للغات الهندوأوربية، على مجموعة اللغات السامية، وحاولوا بالمقارنة الاهتداء إلى الأصول الأولى، وأطلقوا عليها اسم "اللغة السامية الأم". غير أنهم كانوا يدركون تمامًا، أن هذه اللغة الأم، لا تخرج عن كونها افتراضًا قابلا للتعديل في أي وقت، طبقا لما تؤدي إليه بحوث المستقبل. ولقد كان "نولدكه" Noldeke على حق، عندما قال: "وإننا نريد أن نوجه سؤالا لمن يظن أن إعادة البناء الكامل للغة السامية الأولى، ولو بالتقريب، أمر ممكن. والسؤال هو: هل يستطيع أحسن العارفين باللهجات الرومانية كلها "الإيطالية والفرنسية والإسبانية" أن يعيد بناء الأصل القديم لهذه اللهجات، وهو اللغة اللاتينية، لو فرض أنها غير معروفة الآن؟ ". ومع كل هذه الصعوبات، أثمرت الدراسات السامية المقارنة في القرن الماضي، والقرن الحالي، ثمرات عظيمة، وأصبحنا نقف في كثير من المسائل فيها، على أرض ليست هشة. والفضل في كل هذا للمستشرقين من علماء الغرب. ولم تكن اللغات السامية مجهولة تماما، بالنسبة للعرب، فقد فطن الخليل بن أحمد "المتوفى سنة 175هـ" إلى العلاقة بين الكنعانية والعربية، فقال: "وكنعان بن سام بن نوح، ينسب إليه الكنعانيون، وكانوا يتكلمون بلغة تضارع العربية" كما عرف أبو عبيد القاسم بن سلام "المتوفى سنة 224هـ" اللغة السريانية، وأداة التعريف فيها وهي الفتحة الطويلة في أواخر كلماتها. وكذلك أدرك ابن حزم الأندلسي "المتوفى سنة 456هـ" علاقة القربى بين العربية والعبرية والسريانية، فقال: "من تدبر العربية والعبرانية والسريانية، أيقن أن اختلافها، إنما هو من تبديل ألفاظ الناس على طول الأزمان، واختلاف البلدان، ومجاورة الأمم وأنها لغة واحدة في الأصل". ويقول الإمام السهيلي "المتوفى سنة 581هـ": "وكثيرا ما يقع الاتفاق بين السرياني والعربي، أو يقاربه في اللفظ". كما عرف أبو حيان الأندلسي "المتوفى سنة 754هـ" اللغة الحبشية، وأدرك العلاقة بينها وبين العربية، وألف فيها تأليفا مستقلا، فقال: "وقد تكلمت على كيفية نسبة الحبش، في كتابنا المترجم عن هذه اللغة، المسمى: بجلاء الغبش عن لسان الحبش. وكثيرا ما تتوافق اللغتان: لغة العرب ولغة الحبش، في ألفاظ، وفي قواعد من التركيب نحوية، كحروف المضارعة، وتاء التأنيث، وهمزة التعدية". |
|
08-08-2018, 07:11 PM | #20 |
| الترتيب المعجمي عند العرب من كتاب البحث اللغوي عند العرب للدكتور أحمد مختار عمر لا تعرف أمة من الأمم في تاريخها القديم أو الحديث قد تفننت في أشكال معاجمها، وفي طرق تبويبها وترتيبها كما فعل العرب. وقد تعددت طرق وضع المعجم العربي حتى كادت تستنفد كل الاحتمالات الممكنة. وقد كان العرب منطقيين حينما لاحظوا جانبي الكلمة، وهما اللفظ والمعنى، فرتبوا معاجمهم -إجمالًا- إما على اللفظ، وإما على المعنى، وبهذا وجد قسمان رئيسيان هما: أ- معاجم الألفاظ: ب- معاجم المعاني: وقد كان مجال تنافسهم واضحًا بالنسبة للقسم الأول حيث وجدت في داخله طرق متعددة بخلاف القسم الثاني حيث لم يوجد فيه إلا طريقة واحدة. وما أظنهم كانوا سيكتفون بهذه الطريقة الواحدة لو أمكن -عقلًا- الاهتداء إلى طريقة أخرى. وبالنسبة لمعاجم الألفاظ كان هناك عدة أشكال لترتيب الأحرف الهجائية هي: أ- الترتيب الصوتي الذي يراعي التشابه الصوتي للأحرف وتدرج المخارج. ب- الترتيب الألفبائي الذي يراعي التشابه الكتابي للأحرف فيضع الثلاثيات متجاورة ثم الثنائيات وينتهي بالأحرف المفردة. جـ- الترتيب الأبجدي وهو أقدم ترتيب عرفه العرب، وهو ترتيب فينيقي. ولم يستخدم العرب في معاجمهم الترتيب الأبجدي، وإنما استعملوا الترتيب الصوتي والترتيب الألفبائي. وقبل أن نتناول أنواع المعاجم العربية بصورة مفصلة نلخص مدارسها في الشكل التالي: القسم الأول: "معاجم الألفاظ" سنتناول معاجم هذا النوع على الترتيب التالي: أ- مدرسة الترتيب الصوتي "أو المخرجي". ب- مدرسة الترتيب الألفبائي. وقد أخذت الأخيرة صورًا خمسة هي: 1- وضع الكلمة تحت أسبق حروفها الأصلية في الترتيب الألفبائي. 2- وضع الكلمة تحت أول حروفها الأصلية. 3 - وضع الكلمة تحت أول حروفها دون تجريد. 4- وضع الكلمة تحت حرفها الأخير دون تجريد. 5- وضع الكلمة تحت حرفها الأصلي الأخير "الباب والفصل". جـ- مدرسة الترتيب بحسب الأبنية. وإليكم تفصيل ذلك: أ- مدرسة الترتيب المخرجي: معجم العين للخليل: رائد هذه المدرسة هو الخليل بن أحمد "100 - 175 هـ" الذي امتاز بعقلية رياضية، وبراعة في الموسيقى والنغم. وخبرة واسعة بأمور اللغة ومشكلاتها. وقد صب الخليل كل خبراته هذه في معجمه الذي سماه "العين"، والذي يعد أول معجم من أي نوع عرفته اللغة العربية. وأهم ما يميز هذا المعجم -عدا نظامه- أن مؤلفه لم يجمع مفرداته عن طريق استقراء ألفاظ اللغة، وتتبعها في مؤلفات السابقين، وجمعها من شفاه الرواة، وإنما جمعها بطريقة منطقية رياضية، حيث لاحظ أن الكلمة العربية قد تكون ثنائية وقد تكون ثلاثية، وقد تكون رباعية وقد تكون خماسية. وفي كل حالة إذا أمكن تبديل حروف الكلمة إلى جميع احتمالاتها "بالانتقال من حرف هجائي إلى الذي يليه" وأمكن تقليب أماكن هذه الحروف إلى جميع أوجهها الممكنة يكون الحاصل معجمًا يضم جميع كلمات اللغة من الناحية النظرية. ولكن لا توجد لغة تستخدم جميع إمكانياتها النظرية، ولهذا كان لا بد للخليل بعدالإحصاء النظري أن يميز بين المستعمل من هذه الصور والمهمل وقد فعل ذلك، واستفاد في تمييز المستعمل من المهمل بثقافته اللغوية الخصبة، وبخبرته الصوتية الباهرة، ومعرفته بالتجمعات الصوتية المسموح بها وغير المسموح بها في اللغة العربية. وبذا حكم القوانين الصوتية إلى جانب تحكمة للمادة اللغوية المسجلة. وإذا تصورنا كيفية حصر الخليل للمادة اللغوية في أبواب الثنائي والثلاثي الصحيح، فإننا نفترض أنه قام بصنيع يشبه الجداول الآتية لجمع مواد اللغة "التوافيق" ثم قام بتقليب أصوات كل مادة ليحصل على الصور العقلية الممكنة "التباديل": وقد أثيرت شكوك حول كتاب العين شملت المؤلف نفسه أهو الخليل أم غيره. كما شملت احتمال وجود تأثير أجنبي على معجم العين. وسنترك قضية التأثير الأجنبي لمكانها في الباب الثالث من هذا البحث. ونتحدث الآهن عن مؤلف العين أهو الخليل أم غيره. ولن نتناول القضية بالتفصيل، فقد سبقنا إليها الدكتور عبد الله درويش الذي خصص بابًا بعنوان "الخلاف حول كتاب العين" في كتابه المعاجم العربية. ولكننا سنكتفي بالعرض السريع المركز. تتلخص الآراء في مؤلف العين فيما يأتي: 1- أن المؤلف هو الخليل. 2- واضع الفكرة هو الخليل والمنفذ هو الليث. 3- المؤلف هو الليث. 4- واضع الفكرة، ومؤلف قسم منه هو الخليل. أما الذي أكمله فهو الليث. أما من نفوا نسبة "العين" للخيل كليًّا أو جزئيًّا -وهذا يجمع الآراء الثلاثة الأخيرة- فقد بنوا رأيهم على ما يأتي: 1- اختفاء معجم العين منذ عصرالمؤلف حتى منتصف القرن الثالث الهجري. وحين ظهر على أيدي أحد الوراقين الخراسانيين أنكره أبو حاتم السجستاني "255 هـ". 2- وجود فجوة بين معجم "العين" وثاني معجم يظهر في اللغة العربية وهو معجم الجمهرة لابن دريد "321 هـ". مما يشكك في تأليف العين في القرن الثاني الهجري. فلا بد أن يكون مؤلفه لغويًّا متأخرًا. 3- لم يذكر أحد من تلامذة الخليل أو معاصريه هذا المعجم ولم يحكه عنه، مما يدل على أنه ليس من مصنفات الخليل. 4- تشكك كثير من العلماء في نسبته للخليل أو إنكارهم هذه النسبة. ومن هؤلاء الأزهري "370 هـ" الذي قال في كتابه التهذيب: "كان الليث رجلًا صالحًا عمل كتاب العين ونسبه إلى الخليل لينفق كتابه باسمه ويرغب فيه". ومن هؤلاء أبو الطيب اللغوي "ت بعد سنة 305" الذي يرى أن ترتيب الأبواب للخليل والحشو لغيره. 5- استخدام العين لبعض المصطلحات الكوفية مع أن الخليل أستاذ مدرسة البصرة. ومن ذلك إدخاله الرباعي المضعف في باب الثلاثي المضعف. 6- ما يوجد من خلاف في الترتيب الصوتي ومخارج الحروف بين ما جاء في العين وما جاء في كتاب سيبويه. فلو كان المؤلف هو الخليل لتطابق ما في الكتابين لأن سيبويه حامل علم الخليل. 7- كثرة الأخطاء والمآخذ في العين. 8- النقل عن علماء متأخرين أو معاصرين للخليل، والاستشهاد بالمرذول من شعر المحدثين. 9- نسخ العين التي عثر عليها كلها حديثة. 10- لا إسناد لكتاب العين. ويبدو أن منكري نسبة العين للخليل -لكي يجعلوا إنكارهم مقنعًا- قد نسجوا من خيالهم قصصًا شائقة، وإن لم تكن في جملتها مقنعة. فمن ذلك ما يحكيه ابن المعتز عن ذهاب الخليل إلى خراسان ونزوله عند الليث. وقد لاقى الخليل حفاوة وترحيبًا وإكرامًا بالغًا من الليث؛ فقام بإهدائه معجمه "العين". وأعجب الليث بالمعجم وانكب عليه دراسة حتى كاد يحفظه عن ظهر قلب. وطاب لليث يومًا أن يشتري جارية حسناء، مما أحفظ قلب زوجته عليه، وهداها تفكيرها إلى الانتقام منه في أغلى شيء لديه فأحرقت نسخته من العين. ولم يتوان الليث عن التفكير في طريقة يحيي بها الكتاب من جديد، فأخذ يكتب مرة أخرى ما كان يحفظه من الكتاب حتى أتم نصفه تقريبًا. ثم جمع بعضًا من اللغويين المعاصرين فعاونوه على إتمام الكتاب. وقد أفضى الأستاذ الدكتور عبد الله درويش في مناقشة هذه الأدلة وأبطلها جميعها بما ملخصه، مع بعض إضافات لي أو لغيري: 1- يبدو أن عزلة الخليل، وانصرافه عن أن يدون كتبه بنفسه قد ساعد هو وغيره على أن يختفي كتاب العين بعضًا من الوقت فلم يظهر هذا الكتاب إلا بأخرة على يد وراق من خراسان، وربما كان مصير "العين" مثل مصير "الجيم" لأبي عمرو الشيباني، إذ يرون أن أبا عمرو بعد أن أتم تأليفه ضن به على الناس، ولهذا لم تكثر نسخه، ولم يشتهر أمره بين المتأخرين من العلماء. 2- أن هناك بعض معاجم ظهرت بين "العين" و"الجمهرة"، وأشهرها "الجيم" لأبي عمرو الشيباني "206 هـ". 3- ليس من الغريب أن يروي العين عن الخليل الليث وحده، فقد حدث ما هو أغرب من هذا بالنسبة لصحاح الجوهري، ومع ذلك لم يشك أحد في نسبته، حيث لم يروه -كما يقول القفطي- أحد من أهل خرسان. 4- أما إنكار الأزهري فلا اعتبار له، لأنه كان دائب التجريح لغيره من اللغويين، والانتقاص من قدر الكتب التي ألفت قبله حتى يرفع من قيمة معجمه. 5- أما ما يوجد من خلاف في الترتيب الصوتي بين الخليل وسيبويه أو ما يوجد من وفاق بين مصطلح الخليل ومصطلح الكوفيين، فلا شيء يمكن أن يؤخذ منه. وقد سبق أن عرضنا في فصل "النحو والصرف" تحت عنوان "هل وجدت مدارس نحوية عند العرب؟ " أمثلة كثيرة من هذا النوع فارجع إليها. بالإضافة إلى أن تصنيف الكلمات التي تكرر بعض حروفها محل خلاف كبير بين اللغويين، إذ لم يتفقوا فيه على رأي. 6- أما الأخطاء أو المآخذ الموجودة في العين؛ فلا دلالة لها كذلك حتى مع التسليم بها. وهل هناك من يزعم أن الخليل منزه عن الخطأ أو التصحيف أو التحريف؟ ومَنْ مِنَ اللغويين قد سلم من أمثال هذه الهفوات؟ ويكفي أن يراجع القارئ كتاب "التنبيه على حدوث التصحيف" لحمزة الأصفهاني "ت حوالي 460 هـ" ليرى مصداق ذلك. وأكتفي بأن أشير إلى الباب الأول من كتابه وعنوانه: "في تصحيفات العلماء في شعر القدماء وهم "أي العلماء" ستة وعشرو" ذكر منهم: أبو عبيدة، الأصمعي، أبو زيد، أبو عمرو بن العلاء، عيسى بن عمر، الخليل بن أحمد، سيبويه، أبو الخطاب الأخفش ... وبالإضافة إلى هذا فقد سبق أن ذكرنا أن الخليل قد وجه كل اهتمامه إلى الطريقة الرياضية التي جمع بها مادته اللغوية، وأنه لم يفعل كما فعل غيره من الرجوع إلى الرواة والأعراب ليسمع منهم ويسجل لهم. وهذهطريقة ربما كانت أكثر عرضة للخطأ من غيرها، وإن كانت أدق من الناحية الإحصائية. 7- أما ما عثر عليه من نقول، سواء من المعاصرين أو المتأخرين، فيمكن تفسيره بسهولة على النحول التالي: أ- ما ذكره أهلورات -حيث عثر على قطعتين مخطوطتين لا عنوان عليهما- ووجد فيهما نقولًا عن ثعلب "ت 291" والدينوري "ت 281" وكراع "ت 307" والزجاج "ت 310" وغيرهم- لا قيمة له مطلقًا؛ لأن القطعتين ليستا من كتاب "العين" كما زعم وإنما من كتاب "المحكم" لابن سيده كما حقق الدكتور عبد الله درويش. ب- أما نقوله عن المعاصرين فلا شيء فيها، وقد كانت هذه طريقة القدماء، يجلس أحدهم إلى من يجد عنده علمًا دون نظر إلى سنة أو بلد ولا نظن أن نقل المؤلف عمن هو أصغر منه سنًّا -ما دام في سن تسمح بالأخذ عنه- يعد أمرًّا غريبًا، أو شيئًا مثيرًا للشبهة. جـ- وأما نقوله عن المتأخرين فتفسيرنا لها أنها كانت أول الأمر بمثابة حواش أو تعليقات كتبها أحد التلامذة على نسخته من العين. وبمرور الوقت أدخلت هذه الزيادات في صلب الكتاب بفعل النساخ. وقد حدث هذا لكثير من الكتب، فليس "العين" بدعًا من بينها. 8- وأما الزعم بأن كتاب "العين" ظل بلا إسناد ولا رواية فليس من الواقع في شيء فعندنا ثلاث سلاسل لإسناد الكتاب وهي: أ- السلسلة الموجودة في النسخة التي طبعت وهي: قال أبو معاذ عبد الله بن عائد: حدثني الليث بن المظفر ابن نصر بن سيار عن الخليل بجميع ما في هذا الكتاب ... ب- سلسلة ذكرها ابن فارس في أول المقاييس، وهي عن على بن إبراهيم القطان عن أبي العباس أحمد بن إبراهيم المعداني ... عن الليث عن الخليل. يتبع |
|
08-08-2018, 07:12 PM | #21 |
| ـ- سلسلة ذكرها السيوطي في "المزهر" وهي عن أبي علي الغساني، عن أبي عمر بن عبد البر، عن عبد الوارث بن سفيان، عن القاضي منذر بن سعيد، عن أبي العباس أحمد بن محمد بن ولاد النحوي، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن مهدي، عن أبي معاذ عبد الجبار بن يزيد، عن الليث، عن الخليل. وقراءة كتاب العين على ابن ولاد ثابتة في عدة مراجع. بل إن الروايات نفسها تتحدث عن وجود نسخة أخرى من "العين" عند أبي جعفر النحاس "وهو معاصر لابن ولاد" كان يقرئها لمن يحب من تلاميذه. وتمضي الروايات قائلة: إن المنذر بن سعيد حينما ذهب إلى مصر قصد أبا جعفر النحاس أولًا، ولكن نشأ بينهما نوع من الجفوة نتيجة تصحيح منذر بن سعيد خطأ وقع فيه النحاس1. ولذلك أبى النحاس أن يقرئ منذر بن سعيد معجم "العين" فانتقل ابن سعيد من مجلس النحاس إلى مجلس ابن ولاد وقرأ عليه ونسخ من نسخته كتاب "العين". وننتهي من هذا إلى أن معجم "العين" من عمل الخليل -جزئيًّا على الأقل- وإن كان الأرجح أنه كان من عمله. ويبدو أن الدكتور إبراهيم أنيس -برغم تشككه في نسبة العين- يميل مع الرأي الذي ينسبه إلى الخليل وهو يدعم رأيه بقوله: "وفي رأينا أن مثل هذا الترتيب الصوتي الموسيقى لا يمكن أن يقوم به إلا الخليل الذي عرف أنه موسيقى وعني عناية خاصة بالأصوات. والدليل اختراعه علم العروض وتأليفه كتبًا في الموسيقى. فمثله يمكن أن يعني بهذا الترتيب المخرجي". وقد طبع الجزء الأول من العين عام 1967، وقام بتحقيقه الدكتور عبد الله درويش على ثلاث نسخ مخطوطة. ولكنه توقف عن تحقيقه فتقدم لهذه المهمة الدكتوران إبراهيم السامرائي، ومهدى المخزومي. وقد نشرا الجزء الأول عام 1980 ثم تتابع نشر بقية الأجزاء حتى اكتمل المعجم في ثمانية أجزاء ظهر آخرها عام 1985. أما ترتيب الخليل للعين فقد أخذ الصورة الآتية: 1- رتب كلمات معجمه على الحروف ترتيبًا مخرجيًّا. وقد وجد أعمق الحروف هي حروف الحلق فبدأ بها. ولم يكتف بذلك، بل رتب حروف الحلق فيما بينهما فوجدها ذات مخارج ثلاثة هي: الهمزة والهاء - ثم العين والحاء - ثم الغين والخاء - وقد كان من المتوقع إذن أن يبدأ الخليل معجمه بحرف الهمزة وأن يسمي كتابه بـ "الهمزة"، ولكنه عدل عن ذلك وبدأ بحرف العين وسمى كتابه "العين"، والسر في ذلك أن الخليل قد وجد -بحسه الصوتي- أن الهمزة صوت معرض للتغييرات مثل التسهيل أو الحذف، فلم يشأ أن يبدأ بها، ووجد أن الهاء صوت مهموس خفي فلم يشأ أيضًا أن يبدأ بها. وانتقل إلى الحيز الثاني من حروف الحلق فوجد فيه العين والحاء فبدأ بالعين لأنها "أنصع" أي: أوضح لأنها مجهورة. 2- كان يلتزم تجريد الكلمة من زوائدها، ثم يضعها في مكانها بعد ذلك، ومعنى ذلك أنه بنى معجمه على "الجذور" أو "ألأصول" وأهمل حروف الزيادة. وقد ظل هذا دأب معظم معاجمنا حتى الآن. 3- رتب الأصوات على الوجه الآتي: ع ح هـ خ غ / ق ك / ج ش ض / ص س ز / ط د ت / ظ ذ ث / ر ل ن / ف ب م / وأ ي . 4- خصص لكل حرف كتابًا أسماه باسمه. فالمعجم عبارة عن كتب بعدد حروف الهجاء هي كتاب العين - كتاب الحاء - كتاب الهاء ... وهكذا. 5- وفي كل كتاب كان يضع الكلمات التي تشتمل على الحرف الذي يحمل الكتاب اسمه أيًّا كان موضع هذا الحرف في الأول أو الوسط أو الآخر. 6- حين يتناول كلمة ما كان يقلبها على جميع أوجهها الممكنة. وكان في كثير من الأحيان يلتزم ببيان الأوجه المستعملة، والأوجه المهملة. فكلمة مثل "قد" تقرأ بوجهين إما مع البدء بالقاف أو مع البدء بالدال. وكلمة مثل "عند" إذا قلبت على أوجهها تنتج ست صور هي: ع ن د - ع د ن - ن ع د - ن د ع - د ع ن - د ن ع. ولتوضيحها بالنسبة للثلاثي رسم ابن دريد مثلثًا وضع عند كل زاوية منه حرفًا من الحروف الثلاثة للجذر، وتحرك من كل زاوية في الاتجاهين، فحصل على التقليبات الستة: ولتوضيحها بالنسبة للرباعي رسم الدكتور محمد سالم الجرح جدولًا ذا قوائم أربعة. فإذا وضعنا في القائمة الأولى أحد الأصول جاز لنا أن نضع في الثانية كلًّا من الثلاثة الباقية. ويتبادل مع كل واحد من حروف القائمة الثانية الحرفان الباقيان في الثالثة والرابعة. أي: أننا نحصل على ست صور في القائمة الرابعة مع حرف بعينه في القائمة الأولى. فإذا ضربنا ذلك في الاحتمالان الأربعة بالنسبة للحرف الأول حصلنا على 24 صورة. فإذا كان الأصل الرباعي مثلًا هو دحرج كان الجدول كما يأتي: وتتكرر نفس العملية مع كل من الحاء والراء والجيم بوضعها في القائمة الأولى مكان الدال. فإذا كان الجذر خماسيًّا ضرب هذا الرقم في خمسة فتبلغ صور الخماسي العقلية 120 تقليبًا. وقد طبق الخليل التقليبات مع جميع كلمات الثنائي والثلاثي وكان ينص على المستعمل من هذه الصور والمهمل. ولكن مع الرباعي والخماسي. وجد أن العملية طويلة والاحتمالات كثيرة والصور المستعملة فعلًا -بالنسبة للمهملة- قليلة جدًّا، ولذا اكتفى بالتقليبات العملية فقط لا الممكنة عقلًا. 7- نتيجة لنظام التقليبات فإن كل كتاب لا يشتمل على كلمات فيها حروف سابقة: فكتاب "الحاء" لا يشتمل على أي كلمة فيها "عين"، لأن جميع الكلمات التي تشتمل على حرف العين قد سبقت في كتاب العين، وكتاب الهاء لا يشتمل على أي كلمات فيها عين أو حاء لأنها سبقت.... وهكذا. ومعنى هذا أن الكتب الأولى أكبر من الكتب المتأخرة. وكلما تأخرنا قلت كلمات الكتاب. ولهذا فإن كتاب العين يُعد أكبر كتب المعجم وحين نصل إلى كتاب الميم نجده لا يتجاوز بضع عشرة صفحة،لأنه لم يبق لهذا الحرف ليوفق معه إلا أحرف العلة الثلاثة. أما كتب الحروف المعتلة وهو آخر الكتب فلم يتجاوز بضع صفحات. 8 خضع تبويب الكلمات لنظام الكمية. فمثلًا في باب العين نجد الكلمات مسجلة بحسب التقسيم الآتي: الثنائي - الثلاثي الصحيح - الثلاثي المعتل - اللفيف - الرباعي - الخماسي - أما الثنائي فقد قصد به الخليل ما وجد فيه حرفان من الحروف الصحيحة، ولو مع تكرار أحدهما في أي موضع طبقًا لنظرية العناصر، فيشمل مثل قد وقد وقدقد. كما يشمل مثل ددن وقلق وجلل. ولذلك يقول ابن القطاع: الثنائي ما كان على حرفين من حروف السلامة، ولا تبال أن تتكرر فاؤه أو عينه" وواضح أن اصطلاح الخليل هذا ناتج عن نظام التقليبات الذي اتبعه، لأن مثل ددن وقلق وجلل ستتماثل في صورة من صور تقليباتها وتشترك في موضع التكرير فيها. أما سائر اللغويين ممن لم يقلبوا، فيعتبرون مثل قد وجلل من مضعف الثلاثي، ويعتبرون مثل قدقد من مضعف الرباعي، ويعتبرون مثل قلق من السالم. وأما الثلاثي الصحيح فهو عنده -كما عند غيره- ما اجتمع فيه ثلاثة حروف صحيحة. وأما الثلاثي المعتل فما وجد فيه حرفان صحيحان وحرف علة واحد سواء جاء أولًا "مثال" أو وسطًا "أجوف" أو آخرًا "ناقص". وأما اللفيف فقد عنى به ما وجد فيه حرفا علة سواء كانا مفروقين مثل وعى، أو مقرونين مثل كوى. أما طريقة الكشف في العين فتقضي أولًا تجريد الكلمة من زوائدها لتحديد الجذر، ثم يبحث عن أعمق أصواتها لتحديد الكتاب. فإن كان من بينها "ع" أيًّا كان موضعها؛ فإن مكان الكلمة كتاب العين وإن لم يكن بها "ع" ووجد بها "ح" فمكانها كتاب الحاء ... ولهذا لا بد أن يعرف الباحث الترتيب المخرجي للحروف، ويفتش عن أقصى حرف في المخرج. فإذا حددنا الكتاب الذي سنبحث فيه عن الكلمة نظرنا إلى ناحية الكم، وحددنا نوع الكلمة أهي من الثنائي أم الثلاثي الصحيح أم الثلاثي المعتل ... وبذا نضيق دائرة البحث. وبعد ذلك نحدد مادة الكلمة عن طريق إعادة ترتيبها صوتيًّا. وأخيرًا نقوم بالتقليبات الممكنة، وسنجد جذر الكلمة المطلوبة ضمن هذه التقليبات. تهذيب اللغة للأزهري: كان الأزهري مخظوظًا في مقدمة معجمه فنشرت أكثر من مرة، قبل أن تتعهد المؤسسة المصرية العامة للتأليف والأنباء والنشر بتحقيق المعجم بأكمله ونشره. ويرجع الاهتمام بالمقدمة إلى أنها -كما يقول الأستاذ عبد السلام هارون- "من أهم الوثائق في تاريخ التأليف اللغوي وتاريخ المدارس اللغوية الأولى". ويبدو أن الأزهري -وقد امتد به العمر من 282 إلى 370 هـ- قد ألف معجمه هذا بعد السبعين كما يفهم من عبارة له وردت في المقدمة2 وأنه حشد له خبرات هذه الأعوام الطوال، وأمده بكثير مما سجله وقيده وسمعه سواء من الأساتذة أو الأعراب أو القوم الذين وقع في أسرهم، وكانوا عربًا عامتهم من هوازن. وقد ذكر الأزهري في مقدمة معجمه أن من الروافد التي أمدت معجمه: 1- تقييد نكث حفظها ووعاها من أفواه الأعراب الذين شاهدهم وأقام بين ظهرانيهم سنيات. إذ كان ما أثبته كثير من أئمة اللغة في الكتب لا ينوب مناب المشاهدة، ولا يقوم مقام الدربة والعادة. 2- المادة التي جمعها حين وقع في أسر القرامطة. وكان القوم الذين وقع في سهمهم عربًا عامتهم من هوازن، واختلط بهم أصرام من تميم وأسد. وقد كانوا قومًا "لا يكاد يقع في منطقهم لحن أو خطأ فاحش". وقد أقام بينهم -على حد تعبيره- دهرًا طويلًا واستفاد من مخاطباتهم ومحاورة بعضهم بعضًا ألفاظًا جمة ونوادر كثيرة أوقع أكثرها مواقعها في الكتاب. ومن يراجع "تهذيب اللغة" بأجزائه الخمسة عشر يجد مئات الأمثلة لهذه المادة التي رواها الأزهري عن طريق المشافهة والنقل المباشر. ولهذا فنحن لا نقر الدكتور عبد الله درويش على تشككه في قيمة المادة المسجلة من هذا الطريق، ووصفه لها بالندور. ومن أمثلة هذه المشافهة: 1- وسمعت الأعراب من بني عقيل يقولون: جارية فارهة وغلام فاره إذا كانا مليحي الوجه. "6/ 279". 2- وخطأ بعض الناس قول القائل: فلان يستأهل أن يكرم بمعنى يستحق الكرامة. قال: ولا يكون الاستئهال إلا من الإهالة، وأجاز ذلك كثير من أهل الأدب. وأما أنا فلا أنكره، ولا أخطئ من قاله لأني سمعته. وقد سمعت أعرابيًّا فصيحًا من بني أسد يقول لرجل أولى كرامة: أنت تستأهل ما أوليت، وذلك بحضرة جماعة من الأعراب فما أنكروا قوله "6/ 418". 3- سمعت صبيًّا من بني عقيل يقول: وجهي زين ووجهك شين أراد أنه صبيح الوجه وأن الآخر قبيحة ... والتقدير: وجهي ذو زين، ووجهك ذو شين "13/ 255". ولم يكن للأزهري طريقة معينة في تسجيل مشافهاته: 1- فتارة يعتمد على الدليل السلبي "أي عدم سماعه عن العرب" في نفي وجود اللفظ أو التعبير ومن ذلك قوله: أ- ولم أسمعهم يقولون في الغراب: نعق ولكنهم يقولون: نعب "1/ 257". ب- لم أسمع الوضع في شيء من كلامهم "3/ 84". 2- وتارة ينص على القبيلة أو الجماعة اللغوية التي سمع منها. وأكثر من سمع عنهم. 8 بنو تميم "1/ 129، 3/ 263، 5/ 169، 9/ 228، 10/ 562" * بنو عقيل "4/ 327، 6/ 279، 13/ 255". * بنو كلاب - الكلابيون "2/ 238، 15/ 446، 650". * بنو كليب "1/ 376، 7/ 144". * بنو نمير "13/ 158، 15م 650. * بنو سعد "2/ 219، 7/ 178". * قيس "3/ 326، 10/ 562. * بنو أسيد "10/ 94، 110". ثم طييء "14/ 359"، وبنو مضرس "15/ 124"، وبنو فزارة "11/ 155"، وبنو سليم "10/ 546"، والهجريون "1/ 344"، والبحرانيون "1/ 62". 3- وهو في معظم حالاته يسجل سماعه دون أن ينسبه ومن ذلك: أ- سمعت بعض العرب "1/ 64، 106، 2/ 125، 284....". ب- سمعت العرب "1/ 113، 151، 152، 178، 308، 328....". جـ- سمعت غير واحد من العرب "1/ 212، 267....". د- سمعت أعرابيًّا يقول: "1/ 241، 377 ... ". هـ هذا سماعي من العرب "1/ 263....". وسمعت امرأة من العرب "3/ 58....". ز هكذا سمعت من العرب "3/ 331.....". ومهما يكن من شيء فإن "تهذيب اللغة" يعد تابعًا في منهجه "للعين" تبعية كاملة، بل بلغ من اتخاذه نموذجًا له أن نقل مقدمة العين في مقدمته نقلًا يكاد يكون حرفيًّا، بعد أن اعترف أن هذه المقدمة -بإجماع اللغويين- من عمل أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد. أما من ناحية المادة اللغوية فحجم التهذيب ضخم جدًّا بالنسبة لحجم العين. وقد أبدى الأزهري كذلك اهتمامًا كبيرًا بأسماء البلدان والأماكن والمياه. واهتم بإيراد الشواهد من القرآن والحديث بالإضافة إلى الشعر، كما عني بإيراد القراءات المختلفة في مكانها المناسب. البارع للقالي: مؤلف هذا المعجم أبو علي إسماعيل بن القاسم القالي المولود عام 280 هجرية والمتوفي عام 356 هجرية بالزهراء ضاحية من ضواحي قرطبة. وبعد البارع أول معجم أندلسي، وإن لم يكن له من الأندلسية إلا مكان التأليف. وقد دخلت نسخة من كتاب "العين" الأندلس، ولم تكن موثقة فأوعز الحاكم الأموي إلى مجموعة من العلماء منهم "القالي" بمقابلة الكتاب ولم يكن القالي يطمئن قبل ذلك إلى صحة نسبة "العين" للخليل. يتبع |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
سطور , في , كتاب |
| |