26-06-2018, 02:55 PM | #323 |
| ثم دفعها إلى الرسول وقال: ضعها في الموضع الذي أخذتها منه، ففعل، فلما كان من الغد، أخذها العباس فنظر فيها، فلما قرأ الأبيات، غضب، وقام من وقته، فركب إلى الرشيد، وكان أثيرا عنده يبجله ويقدمه، وكان قد هم أن يخطب إليه ابنته، فرأى الرشيد الكراهة في وجهه، فقال ما شأنك؟ قال: هجاني ربيعة الرقى، فأحضره الرشيد: وقال له: يا ماص كذا وكذا من أمه أتهجو عمى، وآثر خلق الله عندي؟ لقد هممت أن أضرب عنقك، فقال: يا أمير المؤمنين، والله لقد امتدحته بقصيدة ما قال أحد مثلها من الشعراء في أحد من الخلفاء، ولقد بالغت في الثناء، وأكثرت الوصف، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإحضارها فعل، فلما سمع الرشيد ذلك، سكن غضبه، وأحب أن ينظر في القصيدة، فأمر العباس بإحضارها فتلكأ عليه، فقال له الرشيد: سألتك بحق أمير المؤمنين، إلا أمرت بإحضارها؟ فأحضرت، فإذا فيها القصيدة بعينها، فاستحسنها واستجادها وأعجب بها، وقال: والله ما قال أحد من الشعراء في أحد من الخلفاء مثلها، ولقد صدق ربيعة فبر، ثم قال العباس: كم أثبته عليها؟ فسكت العباس، وتغير لونه، وغص بريقه، فقال ربيعة: أثابني عنها يا أمير المؤمنين دينارين، فتوهم الرشيد أنه قال ذلك من الموجدة عليه، فقال: بحياتي يا رقي كم أثابك؟ فقال: وحياتك يا أمير المؤمنين ما أثابني إلا بدينارين، فغضب الرشيد غضبا شديدا، ونظر في وجه العباس، وقال: سوءة لك! أية حال قعدت بك عن إثابته؟ أقلة مال؟ فوالله لقد نولتك جهدي، أم انقطاع المال عنك؟ فوالله ما انقطعت بك، أم أصلك؟ فهو الأصل الذي لا يدانيه شيء، أم نفسك؟ لا ذنب لي، بل نفسك والله فعلت بك ذلك، حتى فضحت أجدادك وفضحني، وفضحت نفسك، فنكس العباس رأسه، ولم ينطق، فقال الرشيد: يا غلام، أعط ربيعة ثلاثين ألف درهم، وخلعة، واحمله على بغلة، ثم قال له: بحياتي لا تذكره في شيء من شعرك تعريضا ولا تصريحا، وفتر الرشيد عما كان قد هم به من أن يتزوج إليه وأظهر له بعد ذلك جفاء واطراحا. وقال محمد بن هانيء: الواهب الألف إلا أنها بدر ... والطاعن الألف إلا أنها نسق تأتي عطاياه شتى غير واحدة ... كما تدافع موج البحر يصطفق وقال الرضى الموسوي: ريان والأيام ظمآنة ... من الندى نشوان بالبشر لا يمسك العذل يديه ولا ... تأخذ منه نشوة الخمر وقال أيضا: ذخائره العرف في أهله ... وخزان أمواله السائلونا وقال أمية بن أبي الصلت الثقفي يمدح عبد الله بن جدعان: أأذكر حاجتي أم قد كفاني ... حياؤك إن شيمتك الحياء وعلمك بالأمور وأنت قرم ... لك الحسب المهذب والسناء كريم لا يغيره صباح ... عن الخلق السنى ولا مساء إذا أثنى عليك المرء يوما ... كفاه من تعرضه الثناء وقال الشماخ بن ضرار: نزور امرأ يعطي على الحمد ماله ... ومن يعط أثمان المحامد يحمد وأنت امرؤ من تعطه اليوم نائلا ... بكفك لا يمنعك من نائل الغد ترى الجود لا يدني من المرء حتفه ... كما البخل والإمساك ليس بمخلد مفيد ومتلاف إذا ما سألته ... تهلل واهتز اهتزاز المهند متى تأته تعشو إلى ضوء ناره ... تجد خير نار عندها خير موقد وقال: لما سمع عمر رضي الله عنه هذا البيت، قال: كذب، تلك نار موسى عليه السلام. وقال السري الرفاء: كالغيث والليث والهلال إذا ... أقمر بأسا وبهجة وندى ناس من الجود ما يجود به ... وذاكر منه كلما وعدا وقال أبو الفرج الوأواء: من قاس جدواك بالغمام فما ... أنصف في الحكم بين اثنين أنت إذا جدت ضاحكا أبدا ... وهو إذا جاد باكي العين وقال ابن نباتة السعدي من قصيدة: لم يبق جودك لي شيئا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل الإعطاء قبل السؤال |
|
26-06-2018, 02:56 PM | #324 |
| قال سعيد بن العاصي: قبح الله المعروف، إذا لم يكن ابتداء من غير مسألة، فما المعروف عوض من مسألة الرجل، إذا بذل وجهه، فقلبه خائف، وفرائصه ترعد، وجبينه يرشح، لا يدري اريجع بنجح الطلب أم بسوء المنقلب، قد بات ليلته يتململ على فراشه، يعاق بين شقيه، مرة هكذا، ومرة هكذا، من لحاجته؟ فخطرت بباله أنا أم غيري، فمثل أرجاهم في نفسه، وأقربهم من حاجته، ثم عزم علي، وترك غيري، قد انتفع لونه، ودهب دم وجهه، فلو خرجت له مما أملك أم أكافئه، وهو علي آمن مني عليه، اللهم فإن كانت الدنيا لها عندي حظ فلا تجعل لي حظا في الآخرة. وقال أكثم بن صيفي: كل سؤال وإن قل، أكثر من كل نوال وإن جل. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأصحابه: من كانت له إلي منكم حاجة، فليرفعها في كتاب، لأصون وجوهكم عن المسألة. وقال عبد العزيز بن مروان: ما تأملني رجل قط، إلا سألته عن حاجته، ثم كنت من ورائها. وقال حبيب: عطاؤك لا يفني ويستغرق المنى ... وتبقى وجوه الراغبين بمائها وقال أيضا: ما ماء كفك إن جادت وإن بخلت ... من ماء وجهي إذا أفنيته عوض وقالوا: من بذلك إليك وجهه، فقد وفاك حق نعمته. وقال معاوية لصعصعة بن صوحان: ما الجود؟ فقال: التبرع بالمال، والعطاء قبل السؤال. وقال أحمد بن محمد بن عبد ربه: كريم على العلات جزل عطاؤه ... ينيل وإن لم يعتمد لنوال وما الجود من يعطي إذا ما سألته ... ولكن من يعطي بغير سؤال وقال حبيب الطائي: لئن حجدتك ما أوليت من كرم ... إني لفي اللؤم أمضي منك في الكرم أنسى ابتسامك والألوان كاسفة ... تبسم الصبح في داج من الظلم رددت رونق وجهي في صفيحته ... رد الصقال صفاء الصارم الخذم وما أبالي وخير القول أصدقه ... حقنت لي ماء وجهي أم حقنت دمي الشجاعة والصبر والإقدام روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الشجاعة غريزة يضعها الله فيمن يشاء من عباده، إن الله يحب الشجاع ولو على قتل حية " . وقالوا: حد الشجاعة سعة الصدر بالإقدام على الأمور المتلفة. وسئل بعضهم عن الشجاعة فقال: جبلة نفس أبية، قيل له: فما النجدة؟ قال: ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت، حتى تحمد بفعلها دون خوف. وقيل لبعضهم: ما الشجاعة؟ فقال: صبر ساعة. وقال بعض أهل التجارب: الرجال ثلاثة: فارس، وشجاع، وبطل، فالفارس: الذي يشد إذا شدوا، والشجاع: الداعي إلى البراز والمجيب داعيه، والبطل: الحامي لظهور القوم إذا ولوا. قال يعقوب بن السكيت في كتابالألفاظ: العرب تجعل الشجاعة في أربع طبقات، تقول: رجل شجاع، فإذا كان فوق ذلك، قالوا: بطل، فإذا كان فوق ذلك، قالوا: بهمة، فإذا كان فوق ذلك، قالوا: اليس. وقال بعض الحكماء: جسم الحرب: الشجاعة، وقلبها، التدبير، ولسانها: المكيدة، وجناحها: الطاعة، وقائدها: الرفق، وسائقها: النصر. قالوا: لما ظفر المهلب بن أبي صفرة بالخوارج، وجه كعب بن معدان إلى الحجاج، فسأله عن بني المهلب، فقال: المغيرة فارسهم وسيدهم، وكفى بيزيد فارسا شجاعا، وجوادهم وشيخهم: قبيصة، ولا يستحي الشجاع أن يفر من مدرك، وعبد الملك: سم نافع، وحبيب: موت زعاف، ومحمد: ليث غاب، وكفاك بالمفضل نجدة، قال: فكيف خلفت جماعة الناس؟ قال: خلفتهم بخير، قد أدركوا ما أملوا، وأمنوا ما خافوا، قال: فكيف كان بنو المهلب فيهم؟ قال: كانوا حماة السرج نهارا، فإذا أليلوا ففرسان البيات، قال: فأيهم كان أنجد؟ قال: كانوا كالحلقة المفرغة، لا يدري أين طرفها، قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا، عفونا، وإذا اجتهدوا، اجتهدنا فيهم، فقال الحجاج: إن العاقبة للمتقين. وقالوا: أشجع بيت قاله العرب قول العباس بن مرداس السلمي: أشد على الكتيبة لا أبالي ... أحتفي كان فيها أم سواها وقد مدح الشعراء الشجاعة وأهلها، وأوسعوا في ذلك، فمن ذلك قول المتنبي: شجاع كأن الحرب عاشقة له ... إذا زارها فدته بالخيل والرجل وقال أيضا: وكم رجال بلا أرض لكثرتهم ... تركت جمعهم أرضا بلا رجل |
|
26-06-2018, 02:56 PM | #325 |
| ما زال طرفك يجري في دمائهم ... حتى مشى بك مشى الشارب الثمل وقال العماد الإصفهاني: قوم إذا لبسوا الحديد إلى الوغى ... لبس الحداد عدوهم في المهر المصدرون الدهم عن ورد الوغى ... شقرا تجلل بالعجاج الأشهب وقال أبو الفرج الببغاء: واليوم من غسق العجاجة ليلة ... والكر يخرق سجفها الممدودا وعلى الصفاح من الكفاح وصدقه ... ردع أحال بياضها توريدا والطعن يغصب الجياد شياتها ... والضرب يقدح في التليل وقودا وعلى النفوس من الحمام طلائع ... والخوف ينشد صبرها المفقودا وأجل ما عند الفوارس حثها ... في طاعة الهرب الجياد القودا حتى إذا ما فارق الرأي الهوى ... وغدا اليقين على الظنون شهيدا لم يغن غير أبي شجاع والعلا ... عنه تناجي النصر والتأييدا وقال أيضا وروي البحتري: من كل متسع الأخلاق مبتسم ... للخطب إن ضاقت الأخلاق والحيل يسعى به البرق إلا أنه فرس ... في صورة الموت إلا أنه رجل يلقى الرماح بصدر منه ليس له ... ظهر وهادي جواد ما له كفل وقال البحتري: معشر أمسكت حلومهم الأر ... ض وكادت لولاهم أن تميدا فإذا الجدب جاء كانوا غيوثا ... وإذا النقع ثار ثاروا أسودا وكأن الإله قال لهم في ال ... حرب كونوا حجارة أو حديدا وقال مسلم: لو أن قوما يخلقون منية ... من بأسم كانوا بني جبريلا قوم إذا حمي الوطيس لديهم ... جعلوا الجماجم للسيوف مقيلا وقال آخر: عقبان روع والسروج وكورها ... وليوث حرب والقنا آجام وبدور تم والشوائك في الوغى ... هالاتها والسابري غمام جادوا بممنوع التلاد وجودوا ... ضربا تخد به الطلا والهام وتجاورت أسيافهم وجيادهم ... فالأرض تمطر والسماء تغام وقال آخر: قوم شراب سيوفهم ورماحهم ... في كل معترك دم الأشراف رجعت إليهم خيلهم بمعاشر ... كل لكل جسيم أمر كاف يتجننون إلى لقاء عدوهم ... كتحنن الألاف للألاف ويباشرون ظبا السيوف بأنفس ... أمضى وأقطع من ظبا الأسياف وقال ابن حيوس: إن ترد خبر حالهم عن قريب ... فأتهم يوم نائل أو نزال تلق بيض الوجوه سود مثار ال ... نقع خضر الأكناف حمر النصال الصبر والإقدام قال الله عز وجل: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تتمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاثبتوا وأكثروا من ذكر الله وإن جلبوا وضجوا فعليكم بالصمت " . ومن كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: رب حياة، سببها التعرض للموت، ورب منية، سببها طلب الحياة. وقالوا: أجمع كلمة قيلت في الصبر قول بعضهم: الصبر مطية النصر. وقال آخر: الصبر مطية لا تكبو، وإن عنف عليه الزمان. وقال آخر: الصبر شرية، تثمر أرية. وقيل للمهلب بن أبي صفرة: إنك لتلقي نفسك في المهالك، فقال: إن لم آت الموت مسترسلا، أتاني مستعجلا، إني لست آتي الموت من حبه، وإنما آتيه من بغضه، وتمثل بقول الحصين بن الحمام: تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما وهي قصيدة مشهورة منها: فلسنا على الأعقاب تدمي كلومنا ... ولكن على أقدامنا تقطر الدما نفلق هاما من كرام أعزة ... علينا وهم كانوا أعق وأظلما ولما رأينا الصبر قد حيل دونه ... وإن كان يوما ذا كواكب مظلما صبرنا وكان الصبر منا سجية ... بأسيافنا يقطعن كفا ومعصما |
|
26-06-2018, 02:57 PM | #326 |
| ولما رأيت الود ليس بنافعي ... عمدت إلى الأمر الذي كان أحزما فلست بمبتاع الحياة بسبة ... ولا مرتق من خشية الموت سلما وقالت العرب: الشجاعة وقاية، والجبن مقتلة. وكذلك: إن من يقتل مدبرا، أكثر ممن يقتل مقبلا. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد: احرص على الموت، توهب لك الحياة . وقالت الحكماء: استقبال الموت، خير من استدباره. وقال العلوي: محرمة أكفال خيلي على القنا ... ودامية لباتها ونحورها حرام على أرماحنا طعن مدبر ... وتندق منها في الصدور صدورها وقال أبو تمام: قلوا ولكنهم طابوا فأنجدهم ... جيش من الصبر لا يحصى له عدد أذا لا رأوا للمناياعارضا لبسوا ... من اليقين دروعا مالها زرد ناوا عن المصرح الأدنى فليس لهم ... إلا السيوف على أعدائهم مدد وما زالت العرب يتمادحون بالموت قعصا، ويتسابون بالموت على الفراش، ويقولون فيه: مات فلان حتف أنفه، وأول من قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومدح أعرابي قوما فقال: يقتحمون الحرب كأنما ... يلقونها بنفوس أعدائهم وقال عبد الله بن الزبير لما بلغه قتل أخيه مصعب: إن يقتل فقد قتل أخوه وأبوه وعمه، إنا والله لا نموت حتفا ولكن قعصا بأطراف الرماح، وموتا تحت ظلال السيوف، وقال السموءل بن عادياء: وما مات منا سيد في فراشه ... ولا طل منا حث كان قتيل تسيل على حد الظباة نفوسنا ... وليست على غير الظباة تسيل وقال أيضا آخر: وإنا لتستحلي المنايا نفوسنا ... ونترك أخرى مرة ما نذوقها وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم صفين، وقد قيل له: أتقائل أهل الشام بالغداة، وتظهر بالعشي في إزار ورداء؟ فقال: أبالموت تخوفونني؟ فوالله ما أبالي، أسقطت على الموت، أم سقط الموت علي، وقال لابنه الحسن: لا تدعون أحدا إلى المبارزة، وإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعي باغ، وللباغي مصرع. وقال رضي الله عنه: " بقية السيف أنمي عددا " . يريد أن السيف إذا أسرع في أهل بيت كثر عددهم ونمى. وقال ابن عباس رضي الله عنه: عقمت النساء أن تأتي بمثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لعهدي به يوم صفين، وعلى رأسه عمامة بيضاء، وهو يقف على شرذمة شرذمة من الناس، يحضهم على القتال، حتى انتهى إلي، وأنا في كنف من الناس، وفي أغيلمة من بني عبد المطلب، فقال: يا معشر المسلمين، تجلببوا السكينة، وكملوا اللأمة، وأقلقوا السيوف في الأغماد، وكافحوا بالظبا، وصلوا السيوف بالخطا، فإنكم بعين الله، ومع ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عاودوا الكر، واستحيوا من الفر، فإنه عار في الأعقاب، ونار في الحساب، وطيبوا على الحياة أنفسا، وسيروا إلى الموت سيرا سجحا، ودونكم هذا الرواق الأعظم، فاصبروا، فإن الشيطان راكب صعدته، قدموا للوثبة رجلا، وأخروا للنكوص أخرى، فصمدا صمدا، حتى يبلغ الحق أجله، والله معكم، ولن تترككم أعمالكم، ثم صدر عنا، وهو يقرأ " قاتلوهم يعذبهم الله بأيديهم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين " . وكان معاوية بن أبي سفيان يتمثل يوم صفين بهذه الأبيات: أبت لي شيمتي وأبي بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الربيح وإقدامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيج وقولي كلما جشأت لنفسي ... مكانك تحمدي أو تستريحي لأدفع عن مآثر صالحات ... وأحمي بعد عن عرض صحيح وقال قطري بن الفجاءة أمير الخوارج: وقولي كلما جشأت لنفسي ... من الأبطال ويحك لا تراعي فإنك لو سألت بقاء يوم ... على الأجل الذي لك لم تطاعي فصبرا في مجال الموت صبرا ... فما نيل الخلود بمستطاع سبيل الموت غاية كل حي ... وداعية لأهل الأرض داعي وقال عبد الله بن رواحة الأنصاري: يا نفس إن لم تقتلي تموتي ... إن تسلمي اليوم فلا تفوتي |
|
26-06-2018, 02:57 PM | #327 |
| أو تبتلي فطالما عوفيت ... هذي حياض الموت قد صليت وما تمنيت فقد لقيت ... إن تفعلي فعلهما هديت وإن توليت فقد شقيت يريد بقوله: فإن تفعلي فعلهما هديت فعل زيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب رضي الله عنهما، وكانا قتلا في ذلك اليوم بموته. وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، يخرج كل يوم بصفين حتى يقف بين الصفين وينشد: من أي يومي من الموت أفر ... يوم لا يقدر أم يوم قدر فيوم لا يقدر لا أرهبه ... ثم من المقدور لا ينجو الحذر ومثله قول جرير من قصيدة أولها: هاج الفراق لقلبك المهتاج. منها: قل للجبان إذا تأخر سرجه ... ما أنت من شرك المنية ناجي وقالت امرأة من عبد القيس: أبوا أن يفروا والقنا في نحورهم ... ولم يبتغوا من خشية الموت سلما ولو أنهم فروا لكانوا أعزة ... ولكن رأوا صبرا على الموت أكرما وقال حبيب بن أوس الطائي: فأثبت في مستنقع الموت رجله ... وقال لها من تحت أخمصك الحشر وقد كان فوت الموت سهلا فرده ... عليه الحفاظ المر والخلق الوعر غدا غدوة والحمد نسج ردائه ... فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر تردي ثياب الموت حمرا فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر وقال: قوم إذا لبسوا الحديد حسبتهم ... لم يحسبوا أن المنية تخلق انظر بحيث ترى السيوف لوامعا ... أبدا وفوق رءوسهم تتألق وقال الببغاء: يسعى إلى الموت والقنا قصد ... وخيله بالرؤوس تنتعل كأنه واثق بأن له ... عمرا مقيما وما له أجل وقال كعب بن مالك: نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق ومثله لبعض بني قيس بن ثعلبة: لو كان في الألف منا واحد فدعوا ... من فارس خالهم إياه يعنونا إذا الكماة تنحوا أن يصيبهم ... حد الظباة وصلناها بأيدينا ومثله قول الآخر: إذا قصرت أسيافنا كان وصلها ... خطانا إلى أعدائنا فنقارب ومثله قول وداك بن ثميل المازني: مقاديم وصالون في الورع خطوهم ... بكل رقيق الشفرتين يماني إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم ... لأية حرب أم بأي مكان وقال أبو تمام في سعة الخطو: خطو ترى الصارم الهندي منتصرا ... به من المازن الخطي منتصفا وقال آخر: كأن سيوفه صيغت عقودا ... تجول على الترائب والنحور وسمر رماحه جعلت هموما ... فما يخطرن إلا في ضمير وأجود ما قاله محدث في الصبر قول ابن الرومي: أرى الصبر محمودا وعنه مذاهب ... فكيف إذا ما لم يكن عنه مذهب هناك يحق الصبر والصبر واجب ... وما كان منه كالضرورة أوجب فشد امرؤ بالصبر كفا فإنه ... له عصمة أسبابها لا تقضب هو المهرب المنجي لمن أحدقت به ... مكاره دهر ليس منهن مهرب لبوس جمال جنة من شماتة ... شفاء أسى يثني به ويثوب فيا عجبا للشيء هذي خلاله ... وتارك ما فيه من الحظ أعجب وقد يتظنى الناس أن أساهم ... وصبرهم فيهم طباع مركب فإنهما ليسا كشيء مصرف ... يصرفه ذو نكبة حين ينكب فإن شاء أن يأسي أطاع له الأسى ... وإن شاء صبرا جاءه الصبر يجلب وليسا كما ظنوهما بل كلاهما ... لكل لبيب مستطاع مسبب يصرفه المختار منا فتارة ... يراد فيأتي أو يزاد فيذهب إذا احتج محتج على النفس لم تكد ... على قدر يمني لها لتعتب وساعدها الصبر الجميل فأقبلت ... إليها له طوعا جنائب تجنب وإن هو مناها الأباطيل لم تزل ... تقاتل بالعتب القضاء وتغلب |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأدب , المرة , في , فنون , نهاية |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
سلسلة لعلهم يتفكرون | تيماء | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 65 | 24-09-2018 10:41 AM |
العقيدة من مفهوم القران والسنة | تيماء | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 34 | 20-07-2018 09:12 AM |
ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 29-06-2017 02:53 AM |
فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 26-05-2017 03:24 PM |
مختصر كتاب( طوق الحمامة) | نزيف الماضي | ( همسات الثقافه العامه ) | 12 | 23-03-2015 10:14 AM |