الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| ||||||||||||
| ||||||||||||
سطور في كتاب { لغة الضاد للجماعات والأفراد} يقال نعم الأنيس إذا خلوت كتاب تلهو به إن ملك الأصحاب لا مفشيا سرا اذا استودعته وتفاد منه حكمة وصواب للقراءة في حياتنا أهمية عظمى فهي أبرز وسائل الثقافه وأفضل الطرق للمعرفه .. و فضل المؤمن المتعلم على الجاهل في ديننا وهذا مايبرز اهتمام الاسلام التآمـ بالعلم والتزود بالمعرفة من كافة مضاربها ووسائلها فأتى الوحي بأول أمر نبوي مستهلاً بكلمة ( إقرأ ) { اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم } فكان هذا الحدث الاسلامي التاريخي منقوشا في قلوبنا وأكبر موجب لغذاء العقل والروح .. فكما نحتاج للأكل والشرب كطاقة جسديه فإن أرواحنا تتغذى وغذاؤها التزود بالعلم والمعرفه في شتى المجالات المطلوبه القِراءةُ سِياحةٌ في أرجاءِ الكون الواسع، تتجاوزُ بوساطتها قيود المكان والزمان، فكلَّ مكانٍ مُتاحٌ للزيارة ينتظرُ قرارك، وكل زمان برسم الاسترجاع، دون سحر أو طلاسم، إلا سحر الكلمات. • القِراءةُ سِباحةٌ في بحار العلم والمعرفة على مراكب السطور. سِباحةٌ مأمونة العواقب، مضمونة النتائج. • القِراءةُ صَيدٌ لكلِّ ثمينٍ ونفيسٍ مِنَ الكُتب والمؤلفاتِ، والصيادُ الماهرُ يعرفُ الطرائد في مظانها. • القِراءةُ تَواصلٌ مع العلماء والمفكرين والأدباء والفلاسفة والمُصلحين وكلِّ مَنْ كَتَبَ بالقلم، منذ أول حَرفٍ خُطَّ. من مبدأ أن القراءة زاد النفس البشرية خاصة إذا كانت مدعمة بالصحائح اللغوية شرعت ها هنا أن أدرج لكم سطور في كتاب كـ قراءة أولية لأروع المؤلفات العربية ولأدباء فطاحل كان لهم الفضل وعلماء في اللغة ذو شأنٍ ذائع صيتهم وعمّ المعمورة فقههم كم من الرائع أن نثري مكتبنا الثقافية بكتب ترقى بها النفوس البشرية المصدر: منتدى همسات الغلا s',v td ;jhf V gym hgqh] gg[lhuhj ,hgHtvh]C td آخر تعديل تيماء يوم
08-08-2018 في 07:33 PM. |
08-08-2018, 06:42 PM | #2 |
| سطور في كتاب (1): من كتاب أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة مقدمة عامة حول أهمية اللّغة من كتاب "أجنحة المكر الثلاثة وخوافيها" لـ عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة تتمثل اللغة في الأمة الناطقة بها الصورة التعبيرية الثابتة لثرواتها الفكرية والحضارية والدينية، وذلك لأن تداول الخاطرة العلمية لدى أمة من المم هو الذي يملي عليها الصيغة التعبيرية الملائمة، كما أن تداول الصور الحضارية بينها - سواء أكانت مشاعر وجدانية أو آداباً اجتماعية أو منتجات مادية - لا بد أن يملي عليها ألواناً من الصيغ الكلامية، التي تستطيع أن تكون بها دقيقة التعبير عن مشاعرها، وآدابها، ومنتجاتها، يتولى ذلك النخبة الممتازة من أصحاب المهارات الفكرية والقدرات اللسانية، القادرين على تطوير الأوضاع اللغوية، وابتكار ألوان التعبير، ذات الدلالات الدقيقة الرائعة على المراد. كما أن تداول الحقائق الدينية - سواء كانت أفكاراً ومبادئ عقلية أو وجدانية، أو كانت تشريعاً عملياً، أو أخلاقاً وآداباً، أو أخباراً وأنباءً، أو تنبؤات بما سيأتي - لا بد أن يملي عليها أيضاً ألواناً أخرى من المفردات والصيغ التعبيرية الدينية، التي تستوعب المعاني المرادة، وتدل عليها دلالات صحيحة. وهذه الصيغ التعبيرية المؤلفة من حروف الهجاء والمفردات والجمل والقواعد والأساليب البيانية هي التي تتكون منها لغة الأمة التي تنطق بها، وتعطي صورة حالية عنها، وصورة ثابتة عن تاريخها. ونستطيع لدى التحليل أن نقول: إن اللغة هي الجزء المشترك من كيان الأمة، وهي الوطن المعنوي الواحد لحركة اللسان المعبرة عن حركة الفكر والنفس والوجدان، وهي في هذا تشبه حدود الأرض التي تحوي داخل محيطها الوطن المادي لحركة جسم كل فرد من أفراد الأمة، إذ يعبر بذلك عن مطالبه الفكرية والنفسية والوجدانية، وعن آماله وتطلعاته لنفسه وأهله وذرياته وأمته. ولذلك نجد الباحثين يلجؤون إلى اللغة ليستنبطوا منها خصائص أمة من الأمم، كلما عجزت الدلائل الأخرى عن أن تعطيهم صورة صحيحة عنها. ورقي لغة من اللغات عنوان رقي الأمة الناطقة بها، كما أن انحطاط لغة من اللغات عنوان انحطاط الأمة الناطقة بها، والثروة العلمية والثقافية والأدبية والفنية، التي تقدمها لغة من اللغات، متمثلة فيما أنتجه العلماء والمثقفون والأدباء الناطقون بها، أعظم مجد يتمتع به تاريخها الذي يكسو الأمة صاحبة هذه اللغة بحلل من المجد العلمي والحضاري. ولدى البحث المقارن في تاريخ اللغات العالمية نلاحظ أن للعربية الفصحى أكبر نصيب عرفته لغة واسعة الانتشار في العالم، منذ فجر التاريخ حتى عصر النهضة الأوروبية الحديثة. تشهد بذلك هذه الكنوز العلمية والثقافية والحضارية الدينية والمدنية، المنبثة في المكتبة الإسلامية العربية الجامعة لعشرات الألوف من المؤلفات الضخمة النافعة، في شتى العلوم ومختلف الفنون والآداب، والتي يقع في منزلة الرأس منها كتاب الله المنزل، ثم من دونه كلام الرسول العربي محمد صلوات الله عليه، ثم تأتي ذخائر الكتب النفيسة التي تستطيع أن تتوج الأمة الإسلامية والعربية بتاج المجد العظيم بين أمم الأرض. ومع الحزن الذي يقرّح الفؤاد نجد أن هذه الأمة قد وصلت إلى مرحلة تاريخية رمت فيها هذا التاج العظيم عن رأسها، وذلك بأسباب شتى، بعضها قد كان من إهمالا وتقصيرها، وبعضها قد كان من الغزو المركز المحكم الذي تداهمها به جيوش أعداء الإسلام، المسلحة بالأسلحة الحديثة المشحونة بدهاء ومكر شديدين. لقد أدرك أعداء الإسلام أن الشعوب الإسلامية ما دامت على صلة وثيقة باللغة العربية، فإنها ستظل مرتبطة بالإسلام وبالقرآن، وستظل متمسكة بفكرة الوحدة الإسلامية الكبرى. ومن أجل ذلك أخذ أعداء الإسلام يوجهون مختلف القوى، ويتابعون ألوان الجهود، ويتخذون شتى الوسائل الممكنة لهم، لصد الشعوب الإسلامية عن اللغة العربية، وصرف الشعوب العربية عن اللغة العربية الفصحى، وتغذية اللهجات الإقليمية المحلية، وتشجيع أبناء الشعوب الإسلامية على أن تكون لغاتها المحلية ولهجاتها الإقليمية العامية البعيدة كل البعد عن اللغة العربية الفصحى هي اللغات المستعملة في كتاباتها المتنوعة، في العلوم والفنون والآداب والمعاملات وسائر ما يحتاج فيه إلى الكتابة والتسجيل، وتشجيعها أيضاً على هجر رسم الكتابة العربية، ووضع الحروف اللاتينية موضعها، أو إحداث رسم جديد بعيد عن الرسم العربي، الذي يضم نفائس الثروات العربية الإسلامية في شكله المختصر الجميل، وإن كان فيه بعض الصعوبة التي لم تكن في يوم من الأيام عائقاً عن الانطلاق في ميادين المعرفة، على أن هذه الصعوبة أقل من الصعوبات التي يعانيها مثلاً متعلم اللغة الإنكليزية ذات الرسم الحفظي، الذي لا تطابق فيه بين الرسم والنطق في كثير من مفرداتها. ولكن الخطة المدبرة تهدف إلى محاربة الإسلام عن طريق تقليص ظل اللغة العربية الفصحى عن المسلمين، فهل يكون المسلمون على بصيرة مما يدبّر ضدهم، فيحذرون من خطط أعدائهم وأعداء دينهم. |
|
08-08-2018, 06:44 PM | #3 |
| محاربة اللغة العربية من كتاب "الاستشراق وجهوده وأهدافه في محاربة الإسلام والتشويش على دعوته" لعبد المنعم محمد حسنين من الوسائل التي يحارب الاستشراق بها، ويشوش بها على دعوته محاربة اللغة العربية التي نزل بها القرآن، وقد لجأ المستشرقون إلى هذه الوسيلة بعد عجزهم عن النيل من القرآن الكريم؛ فأخذوا يروّجون بين المثقفين من المسلمين من تلاميذهم أن اللغة العربية في حاجة إلى تطوّر وتجديد، وهم يهدفون من وراء دعوتهم هذه إلى إضعاف اللغة العربية؛ لينصرف المسلمون عنها؛ فتنقطع الصلة بينهم وبين كتاب الله وسنة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه الصلاة والسلام. إن المستشرقين يتهمون اللغة العربية بالعجز عن مسايرة ركب الحضارة الحديثة، ويزعمون أن اللغة العربية تعجز بقاموسها اللغوي عن حمل العلوم والفنون التي جاء بها العصر الحديث، وأن التخلّف الذي أصاب المجتمع الإسلامي سببه قصور اللغة العربية وعجزها عن نقل ما جاءت به العقول والقرائح عند الأمم الغربية، ولهذا يجب على أهل العربية - في زعمهم - أن يتركوا هذه اللغة ويبحثوا عن لغة أخرى حتى يلحقوا بركب الحضارة، ويعيشوا مع أهل العصر. وهذه دعوى باطلة من أساسها؛ فاللغة العربية أوسع اللغات وأقدرها على توليد الألفاظ الجديدة، والدليل على هذا أنها حين خرجت إلى ما وراء موطنها العربي إلى دولتي الفرس والروم استوعبت بألفاظها - من مفردات وتراكيب - كل ما وجدته من حضارات، ثم إنها مدّت ذراعها إلى حضارتي اليونان والرومان القديمتين، فترجمت كل ما أنتجته عقول حكمائها وعلمائها، وكان للتراث العلمي المشرق الذي أنتجته العربية أثره البعيد في تنوير أوربا، وإخراجها من ظلام القرون الوسطى وإدخالها إلى هذا العصر الحديث الذي تفخر به؛ فلا يعقل - بعد هذا - أن تعجز اللغة العربية عن نقل العلوم والفنون التي جاء بها العصر. وقد لقّن المستشرقون بعض تلاميذهم من المسلمين الدعوة إلى العدول عن الكتابة بالحروف العربية إلى الحروف اللاتينية؛ بحجة أن عملية الطباعة بالحروف العربية شاقة بطيئة؛ لأن لكل حرف صورا عديدة بحسب موقع الحرف في الكلمة، أما كتابة الكلمات العربية بالحروف اللاتينية فإنها لا تحتاج إلى جهد ووقت؛ لأن الحروف تكتب متفرقة على صورة واحدة مهما اختلف موقع الحرف في الكلمة. وهذه دعوة خبيثة تهدف إلى قطع الصلة بيننا وبين تراثنا القديم إذا طال الزمن وأصبحت الكتابة الإفرنجية هي التي تعلمتها الأجيال المتعاقبة، وصارت هي طريقها إلى القراءة والكتابة؛ فإذا رجع واحد من أبنائنا إلى كتاب مكتوب بالحروف العربية لا يحسن قراءته، وبذلك تطوى صفحة مكتبتنا العربية التي تضمّ موروثنا من العلوم والمعارف في الدين واللغة وفنون العلم المختلفة. كما أن في اللغة العربية حروفا لا مثيل لها في الحروف اللاتينية، مثل الثاء والحاء والطاء والعين والقاف، وهذه الحروف لا يتيسر النطق بها نطقا سليما بالحروف اللاتينية. فالدعوة إلى العدول عن الكتابة بالحروف العربية إلى الحروف اللاتينية تهدف في الحقيقة إلى إضعاف العربية لغة القرآن، ومحاربة الإسلام بهذه الوسيلة. كما لقّن المستشرقون بعض تلاميذهم من العرب الدعوة إلى استعمال اللغة العامية بدل الفصحى؛ بحجة أن الفصحى لا تستعمل في الحياة العامة حتى بين المثقفين أنفسهم؛ فهي في واد والحياة في واد آخر. وهي دعوة ظاهرة البطلان؛ لأن اللغة الفصحى هي التي يفهمها من يتكلمون العربية جميعا من مثقفين وغير مثقفين؛ فالعامة حين يستمعون إلى آيات القرآن يفهمون دلالتها وما تحمل من أوامر وزواجر وقصص ومواعظ، أما اللغة العربية العامية فلا تفهم إلا في نطاق ضيق بين المتحدثين بها في إقليم بعينه، وليس عجيبا أن تختلف العامية في بلد عنها في بلد آخر من بلاد اللغة الواحدة، فالإنجليزية تختلف عاميتها في إنجلترا عنها في أمريكا وهكذا.. وهذه الدعوة لا تهدف في الحقيقة إلا إلى محاربة الإسلام؛ لأن اللغة العربية الفصحى هي لغة القرآن الكريم، كتاب هذا الدين الذي يربط بين أتباعه برباط متين، كما أنها اللغة الوحيدة التي يتلقى عنها أهل العربية في جميع أقطارهم في مجال العلوم والآداب والفنون، وفي أخذهم من تراثهم الرائع في فروع المعرفة المختلفة. وقد لقّن المستشرقون أيضا بعض تلاميذهم من العرب الدعوة إلى ترك الإعراب وتسكين أواخر الكلمات العربية تسكينا لازما في جميع الأحوال، شأنها في ذلك شأن اللغات الأوربية، بحجة أن هذا الأمر ييسر تعلّمها، ويجعل متعلمها في مأمن من الخطأ. وهذا دعاء باطل يراد به هدم اللغة من أساسها، ومحاربة الإسلام؛ إذ كيف يقرأ كتاب الله جلّ جلاله وتقرأ أحاديث الرسول صلوات الله وسلامه عليه؟! إن الإعراب في اللغة العربية هو أعظم مميزاتها عن اللغات الأخرى، ويكفي اللغة العربيةشرفا أنها حملت المعجزة التي عجز الإنس والجن عن تحديها، وبهذا استحقت هذا الوصف الكريم من الله تعالى في قوله جل شأنه: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} 1. فليس هناك شكّ في أن محاربة الاستشراق للغة العربية، ومحاولاته العديدة للقضاء عليها أو إضعافها إنما هي محاربة للإسلام وتشويش على دعوته. وينبغي على الدعاة أن يدافعوا عن دينهم، وعن اللغة التي يتعلمون بها أمور هذا الدين الحنيف، حتى يردوا سهام المستشرقين إلى نحورهم {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} 2. --------------------- 1 سورة الشعراء: آية 193-195. 2 سورة يوسف: آية 21. |
|
08-08-2018, 06:46 PM | #4 |
| تأسيس علمي النحو والصرف وتدوين المعجمات العربية من كتاب الحضارة الإسلامية أسسها ووسائلها وصور من تطبيقات المسلمين لها ولمحات من تأثيرها في سائر الأمم لعبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة 1- دوافع التأسيس والتدوين: لما بدأت بوادر اللحن تدب إلى ألسنة بعض أبناء العرب؛ بسبب كثرة اختلاطهم وامتزاجهم بالأعاجم الذين دخلوا في الإسلام، نتيجة الدعوة الإسلامية التي واكبت الفتوح، هب نوابغ من العلماء ذوي العقل والرشد من المسلمين لضبط اللغة العربية في متن مفرداتها، وقواعد تصريفها وما تدل عليه اختلاف الصيغ من المعاني، ولضبط حركات أواخر كلماتها باختلاف أحوال مواقعها من الجملة العربية. وكان الهدف من هذا العمل حفظ واقع هذه اللغة الرفيعة بين اللغات، بصورتها الكاملة التي كانت عليه إبان المدة التاريخية التي أُنزل فيها القرآن، وعاش فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين للناس ما نُزِّل إليهم، وغرضهم من هذا الحفظ حفظ القرآن كما أنزل، وحفظ السنة المبينة له، وأن يكون ضبط أصولها وقوانينها وسيلة لفهم معاني القرآن والسنة فهمًا صحيحًا، وإدراك دلالات نصوصهما إدراكًا دقيقًا سليمًا مهما تعاقبت العصور. وقد ذكر المؤرخون عدة روايات تاريخية حول دوافع هذا التأسيس: الرواية الأولى: جاء فيها أن "عمر بن الخطاب" مر على قوم يسيئون الرمي، فقرعهم على ذلك، فقالوا له: "نحن قوم متعلمين" فساءه اللحن الذي وقع في كلامهم؛ إذ لم يقولوا: نحن قوم متعلمون، أكثر مما ساءه خطؤهم في الرمي، وأعرض مغضبًا وقال: "ولله لخطؤكم في لسانكم أشد على من خطئكم في رميكم". الرواية الثانية: أرسل "أبو موسى الأشعري" وهو والي البصرة إلى الخليفة عمر بن الخطاب كتابًا ذكر فيه كاتبه: "من أبو موسى الأشعري" فلحن في هذا، وكان ينبغي أن يكتب: "من أبي موسى".فكتب الخليفة "عمر بن الخطاب" رضي الله عنه لأبي موسى: "عزمت عليك لما ضربت كاتبك سوطًا". الرواية الثالثة: سمع أعرابي مؤذنًا يقول: "أشهد أن محمدًا رسولَ الله" ففتح لأم "رسول" بدل أن يضمها. فقال هذا الأعرابي للمؤذن، ويحك يفعل ماذا؟ إن فتح اللام يجعل عبارة "رسول الله" صفة، وحينئذ تكون الجملة ناقصة لم يأت خبرها، فطلب الأعرابي الخبر بسليقته الأصلية، فقال له: ويحك يفعل ماذا؟ الرواية الرابعة: قدم أعرابي في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: من يقرئني شيئًا مما أنزل الله تعالى على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فأقرأه رجل من بداية سورة "براءة" حتى إذا وصل إلى قول الله تعالى فيها: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} فنطق الرجل المقرئ بها "ورسولِهِ" بكسر اللام بدل ضمها وهذا اللحن الفاحش يفسد المعنى إفسادًا كبيرًا؛ إذ يجعل الله بريئًا من رسوله، مع أن المراد أن الرسول بريء من المشركين، أيضًا، بمقتضى دلالة: "ورسولُهُ" في حالة ضم اللام. فلما سمع الأعرابي من مقرئه ذلك، قال: أوقد برئ الله من رسوله؟ إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فبلغت مقالة الأعرابي أمير المؤمنين "عمر بن الخطاب" فدعاه فقال له: يا أعرابي أتبرأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقص عليه الأعرابي قصته، فقال عمر: ليس هذا يا أعربي، فقال: كيف هي يا أمير المؤمنين؟ فقال له عمر: {أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} برفع اللام. فقال الأعرابي: وأنا والله أبرأ ممن برئ الله ورسوله منهم، فأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يقرئ القرآن إلا متقن للغة العرب، وأمر أبا الأسود الدؤلي أن يضع ضوابط اللسان العربي، وهو "أبو الأسود ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل الدؤلي الكناني 1ق. هـ-69هـ" من أول واضعي علم النحو، وكان معدودًا من الفقهاء والأعيان والأمراء والشعراء، وهو تابعي. الرواية الخامسة: جاء أبو الأسود الدؤلي إلى زياد بن أبيه "1-53هـ" وهو أمير البصرة فقال له: "إني أرى العرب قد خالطت هذه الأعاجم، وفسدت ألسنتها، أفتأذن لي أن أضع للعرب ما يعرفون به كلامهم؟ ". فقال له زياد: لا تفعل. ثم جاء رجل إلى زياد، فقال: أصلح الله الأمير، توفي أبانا، وترك بنونا، بهذا اللحن الفاحش، بدل توفي أبونا وترك بنين. فقال زياد مستنكرًا لهذا اللحن الفاحش: توفي أبانا وترك بنونا؟!! ثم أمر بأبي الأسود الدؤلي أن يأتيه، فلما جاءه قال له: "ضع للناس ما كنت نهيتك عنه". ففعل ذلك أبو الأسود. الرواية السادسة: رُوي عن أبي الأسود الدؤلي أنه قال: دخلت على أمير المؤمنين "علي بن أبي طالب" رضي الله عنه، فوجدت في يده رقعة، فقلت: ما هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال: إني تأملت كلام العرب، فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء "يعني الأعاجم" فأردت أن أضع شيئًا يرجعون إليه، ويعتمدون عليه، ثم ألقى إليَّ الرقعة وفيها: "الكلام كله: اسم وفعل وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبئ به، والحرف ما أفاد معنى". وقال لي: أنح هذا النحو، وأضف إليه ما وقع إليك. الرواية السابعة: روي أن أبا الأسود الدؤلي قالت له ابنته: ما أحسنُ السماءِ "برفع أحسن وجر السماء" فقال لها: نجومها، فقالت: إني لم أرد هذا،وإنما تعجبت من حسنها، فقال لها: إذن فقولي: ما أحسنَ السماءَ، افتحي فاك، وحينئذ وضع علم النحو. أقول: مهما يكن أمر هذه الروايات فإن مجموعها يحدد السبب الذي دفع المسلمين إلى وضع العلوم الضابطة للسان العرب، ألا وهو حرصهم على صيانة كتاب الله القرآن وأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، من اللحن الذي يُفسد المعنى، ويَضيع به الدين، وذلك بعد تسرب اللحن إلى بعض أبناء العرب بسبب اختلاطهم بالأعاجم. ومعظم الروايات تشير باهتمام بالغ إلى أبي الأسود ظالم بن عمرو الدؤلي الكناني، وقد كان من سادات التابعين، وكان عاقلًا حازمًا سكن البصرة في خلافة عمر، وولي إمارتها في خلافة علي، وكان من أعلم أهل عصره بكلام العرب، وقد أخذ العلم عنه كثيرون، فمنهم ابناه عطاء، وأبو حرب، ومنهم نصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، وقد توفي بالبصرة في الطاعون الجارف سنة "69هـ". ويؤكد دور أبي الأسود الدوؤلي في وضع علم النحو ما ذكره ابن النديم في الفهرس مما شاهده بعينه، فقد ذكر في معرض حديثه عن خزانة كتب أطلعه عليها أحد جامعي الكتب، أنه كان في جملة ما فيها قمطر1 كبير، فيه قرابة ثلاثمائة رطل جلود فلجان2، وصكاك، وقرطاس مصري، وورق صيني، وبينها أربعة أوراق، قال: أحسبها من ورق الصين، ترجمتها "أي: العنوان المكتوب عليها": هذه فيها كلام في الفاعل، والمفعول، عن أبي الأسود رحمه الله عليه بخط يحيى بن يعمر، وتحت هذا الخط بخط عتيق، هذا خط علان النحوي، وتحته خط النضر بن شميل. يقول ابن النديم: ثم لما مات هذا فقدنا القمطر. لهذه الدلائل ذكر كثير من أهل العلم أن أبا الأسود الدؤلي هو أول من تكلم في علم النحو. - قال ابن قتيبة في المعارف، لدى حديثه عن أبي الأسود الدؤلي: "وهو أول من وضع العربية" أي: العلم الضابط للعربية. - وقال ابن سلام الجمحي: "أول من أسس العربية، وفتح بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسها، أبو الأسود الدؤلي". أما تعليل تسمية العلم الذي اشتمل على قواعد اللغة العربية وضوابطها باسم "علم النحو" فقد ذكر أهل العلم فيه وجهين: الوجه الول: أنه سمي "علم النحو" لقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأبي الأسود: أنح هذا النحو. لما دفع إليه الرقعة التي كتب فيها سيدنا علي: "الكلام كله: اسم، وفعل، وحرف، فالاسم ما أنبأ عن المسمى، والفعل ما أنبئ به، والحرف ما أفاد معنى". الوجه الثاني: أنه سمي "علم النحو" لأنه أبا الأسود كان كلما وضع بابًا، عرضه على سيدنا علي رضي الله عنه، فكان يقول له: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت. والله أعلم. |
|
08-08-2018, 06:47 PM | #5 |
| استخدام المصطلحات الغربية من كتاب "مصطلح فلسفة التربية في ضوء المنهج الإسلامي (دراسة نقدية) لخالد بن حامد الحازمي لقد كثر لدى المجتمعات الإسلامية استخدام المصطلحات الغربية في معظم شؤون الحياة، سواءً في التعليم أو الاقتصاد أو غيرها، بل إن البعض يفاخر باستخدامها ويغمط اللغة العربية حقها في قدرتها وسعتها لكل المجالات، فهي التي وسعت كتاب الله لفظاً وغاية، فلن يعجزها أن تمد البشر بما يحتاجون من المصطلحات. فتجد البعض يستخدم مضمون المصطلحات ومحاولة تطبيقها والمناداة بها كالديمقراطية والاشتراكية، وفي ذلك يقول أحد الذين دخلوا في الإسلام من الغربيين: "إن من باب التضليل المؤذي إلى أبعد الحدود أن يحاول الناس تطبيق المصطلحات التي لا صلة لها بالإسلام على الأنظمة الإسلامية؛ لأن للإسلام نظاماً اجتماعياً متميزاً خاصاً به وحده، يختلف من عدة وجوه عن الأنظمة السائدة في الغرب، ولا يمكن لهذا النظام أن يدرس ويفهم إلا في حدود مفاهيمه ومصطلحاته الخاصة، وأن أي شذوذ عن هذا المبدأ سوف يؤدي حتماً إلى الغموض والالتباس بدلاً من الوضوح والجلاء". والله سبحانه وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ}. وجاء في تفسير موالاتهم "أن التولي التام يوجب الانتقال إلى دينهم، والتولي القليل يدعو إلى الكثير، ثم يتدرج شيئاً فشيئاً حتى يكون العبد منهم" . وكثير من الأنظمة الأجنبية يشكل تهديداً أكيداً لقدراتنا على الارتباط بديننا وتهديداً لما نؤمله من أن نكون أمة تحترم ذاتها، وقد ترتب على هذه الازدواجية آثار بعيدة المدى، أهمها الانشطار والثنائية في الكيان الاجتماعي والفكري . فهناك من يرى اتفاق هذه المصطلحات مع الإسلام، وهناك من يراها على عكس ذلك، ومنهم من يحاول التوفيق بينها، ومن تلك المصطلحات الغربية التي غزت بعض بلداننا الإسلامية وأصبحت شعاراً يستخدم في المجالات المعرفية ما يلي: الديمقراطية: إن هذا المصطلح يستعمل في الغرب بالمعنى الذي أعطته إياه الثورة الفرنسية، ويقصد به الدلالة على المساواة في الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية لجميع المواطنين، ورقابة الأمة على الحكومة عن طريق هيئة نيابية يشترك في انتخاب أعضائها جميع البالغين من أفراد الشعب، ويشمل أيضاً حق الشعب المطلق في أن يشرع لجميع الأمور العامة بأغلبية أصوات نوابه ، كما يقوم على إعطاء الحريات في العقيدة والرأي والتملك . "وتلك صورة تحمل في طياتها بريقاً مذهلاً، غير أنها عند التحليل تبدو خيالية، بعيدة عن الواقع الذي يشهد باصطدام هذا المذهب بمبادئ الإسلام القائم على أن الله سبحانه وتعالى هو المشرع الأول وإن الحكم لله رب العالمين" . ومعاني الديمقراطية: "مخالفة لأحكام الإسلام ومناقضة له، بل ليس لها أي واقع حتى عند الديمقراطيين أنفسهم . وبالرغم من تعارض أسس الديمقراطية مع الإسلام إلا أنه "كثيراً ما نلاحظ فيما يكتبه بعض المسلمين المعاصرين بأن الإسلام يدعو إلى الديمقراطية". ولكن الذين ينطقون بها ويلهجون بذكرها قل ما يوجد فيهم من درس الإسلام، ونظر في تعاليمه، لمعرفة مقام الديمقراطية في الإسلام". "فخصائص الديمقراطية ليست من الإسلام في شيء، فلا يصح إطلاق كلمة الديمقراطية على نظام الدولة الإسلامية" . فالله تعالى أنزل الأحكام والتشريعات في كتابه العزيز وفي سنة المصطفي صلى الله عليه وسلم، ولم يترك الأمر هملاً يقدره الناس بينهم. قال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} . أي آمركم أن تقيموا جميع شرائع الدين، أصوله وفروعه، تقيمونه بأنفسكم، وتجتهدون في إقامته على غيركم". ومن شرائع الدين العلاقة بين الحاكم والمحكوم بينما الديمقراطية هي حكم الشعب. |
|
08-08-2018, 06:48 PM | #6 |
| {1} لغتنا الجميلة هل نعود إليها؟ من كتاب دروس الشيخ محمد صالح المنجد شاع لدى الكثير من أهل الإسلام التقليل من قيمة اللغة العربية، وقيمتها، وأهميتها، وسعتها. وأصبح التفاخر بالتحدث باللغات الأجنبية الأخرى. وأنها لغات العلم والتقدم، وأصبح الناس يلوكون بألسنتهم هذه اللغات، وذلك لأنهم لم يدركوا دور اللغة. إن لغتنا الأصيلة هي أم اللغات، وأشرفها، وأوسعها، والمتقدم يسود بكل ما يملك، فهكذا كنا فمتى نعود. هذا هو ما تحدث عنه الشيخ، ذاكراً ميزات اللغة العربية، موضحاً حكم تعلم اللغة الأجنبية. سيادة اللغة للأقوى عباد الله: لما كنا سادة وقادة، كان العالم لنا تبعاً، وكانت لغتنا هي اللغة السائدة، وكانوا يتعلمونها رغماً عنهم، ولا يمكن لهم تقدمٌ إلا بتعلمها، أقبلوا عليها يتعلمونها زرافات ووحدانا، وجاءوا من إيطاليا وغيرها إلى الأندلس ليتعلموا اللغة العربية في الأندلس ، وبعثوا البعثات إليها. يقول بعض المستشرقين: إن أرباب الفطنة والتذوق من النصارى سحرهم رنين الأدب العربي، فاحتقروا اللاتينية، وصاروا يكتبون بلغة القوم القاهرين. حتى قال أحد القساوسة من النصارى: وا أسفاه! إن الجيل الناشئ من المسيحيين لا يحسنون أدباً أو لغةً غير الأدب العربي واللغة العربية، وإنهم ليلتهمون كتب العرب ويجمعون منها المكتبات الكبيرة بأغلى الأثمان. وكتب الفارو مقران في عام (854م) إلى أحد أصدقائه رسالة يقول فيها: إننا لا نرى غير شبان مسيحيين هاموا بحب اللغة العربية، يبحثون عن كتبها، ويقتنونها، ويدرسونها في شغف، ويعلقون عليها، ويتحدثون بها في طلاقة، ويكتبون بها في جمال وبلاغة، ويقولون عليها الشعر في رقة وأناقة، يا للحزن! مسيحيون يجهلون من كتابهم وقانونهم ولاتينيتهم، وينسون لغتهم نفسها، ولا يكاد الواحد منهم يستطيع أن يكتب رسالة معقولةً لأخيه مسلِّماً عليه، وتستطيع أن تجد جمعاً لا يحصى يظهر تفوقه وقدرته وتمكنه من اللغة العربية. ثم انقلب الزمان وتغير الحال وانعكست القضية، حق لهم أن يتركوا لاتينيتهم لأجل العربية؛ لأنها أقوى وأعلى وأثمن وأبلغ وأقوى، ولكن هل يحق لنا أن نترك عربيتنا لإنجليزيتهم وهي الأضعف والأتفه والأدنى والأضيق؟! ليس عيباً عليهم أن يتعلموا عندنا في الأندلس ، ولكن العيب عندما نستخدم لغتهم وهي الأضعف. المؤامرة على اللغة علم أعداء الإسلام أن اللغة العربية هي الجزء المشترك من كيان الأمة، وهي الوطن المعنوي الواحد لحركة اللسان المعبرة عن حركة الفكر والوجدان، وأن مقياس رقي الأمم وانحطاطها في رقي اللغة وانحطاطها؛ هجموا على اللغة العربية، وأخذوا تراثنا ومخطوطاتنا إلى مكتباتهم وجامعاتهم، عندما أدركوا أن اللغة تربط بين المسلمين وتوحد بينهم، كان المسلم ينتقل من المغرب إلى أقصى المشرق وهو يتكلم باللغة العربية الفصحى، وكل واحد يفهمه، كلهم يفهم بعضهم بعضاً؛ لأن اللغة واحدة، فلما احتل الكفار الدولة الإسلامية، وقسموها شنوا الحرب على اللغة العربية الفصحى، وفرضت لغة الغزاة على الشعوب الإسلامية المغلوبة. أولاً: جعلوا لغتهم هي اللغة الإجبارية في المدارس، من المرحلة الابتدائية إلى الجامعية فما فوق، واعتبروها اللغة الأساسية في البلاد مع إهمال اللغة العربية، حتى ينشأ جيلٌ من أبناء المسلمين يتكلم بلغة الغزاة ويهجر لغته الأصلية، وصار طالب العمل والوظيفة لا يستطيع أن يجد وظيفة إلا إذا كان يتقن لغة الغزاة اتقاناً جيداً، حتى صارت الأجيال في بلاد المسلمين لا تحسن النطق بالعربية وتجيد لغات الغزاة، وابتعدت الأجيال عن الدين نتيجة لذلك، حتى صار الواحد يفتح المصحف ولا يحسن تلاوته، ولا قراءة حديث النبي صلى الله عليه وسلم، فضلاً عن مقطوعة شعرية، أو قصة كتبت بالعربية. انظروا إلى حال المسلمين في شمال أفريقيا ، ماذا فعلت بهم فرنسا و أفريقيا ؟ والشعوب الإسلامية في روسيا و الصين لقد دمرت اللغة العربية تدميراً تاماً فهم يتكلمون فرضاً باللغة الروسية. وهكذا في كثير من البلدان أزيحت اللغة العربية عن مسرح الحياة، ثم قاموا بعد ذلك بشن الهجمات، ومن ذلك محاولة نشر اللهجات العامية الإقليمية، والتشجيع على أن تكون اللهجة العامية هي التي تكتب بها العلوم والآداب والمعاملات، وأن العامية سهلة وتجيدها كل المستويات، والفصحى قواعد صعبة وألفاظ معقدة، هكذا خيَّلوا لنا؛ فصارت اللغة العامية هي الدارجة الباهية، حتى نصير مثل الألمان والإنجليز والفرنسيين، الذين انفصلوا بلغات مختلفة عن اللغة اللاتينية الأم هكذا كان المخطط، وأعطيت اللهجة العامية صيغة اللين والسهولة، ووصفت بأنها القادرة على التعبير عن كل أفكار أفراد المجتمع، وفتح المستشرقون الباب للدراسات، ونشروا الأبحاث في المجلات، وقاموا بتلك الحركة الخبيثة لترك الفصحى إلى العامية، فقام وليم جيمس ، و سلدن مور وغيرهما من هؤلاء الأخباث الأنجاس و لويس ماسنيون ، وبعضهم أسماؤهم على شوارع في بلاد المسلمين، قاموا بالدعوة إلى العامية، وتلقفها من المحسوبين على المسلمين من أمثال: لطفي السيد و عبد العزيز فهمي و توفيق الحكيم و سلامة موسى و زكي نجيب محمود ، وغيرهم فقاموا بإشاعة اللهجة العامية، وهدم اللغة العربية، وتغيير قواعد اللغة العربية، وتغيير الخط العربي، وتغيير قواعد الإملاء، وحذف بعض القواعد، وأيدهم نصارى العرب من أمثال سعيد عقل و أنيس شريحة و لويس عوض ، ولا غرابة أن يتشجع نصارى العرب ويتحمسوا إلى هذه الفكرة، وسُخّرت الأفلام والمسلسلات والمقالات والمجلات لهذه الأغراض الخبيثة، وأثيرت النعرات القومية، فإذا كان المسلمون من أصل هندي أثاروا قضية الحضارة الهندية القديمة، وآدابها ولغتها السنسكريتية، ونبشوا قبور المقبرة السنسكريتية وأخرجوا العظام البالية؛ ليقولوا: هذه لغتكم الأصلية، وأثاروا النعرة البربرية في أبناء المغرب العربي ، والقومية الطورانية في أبناء تركيا المسلمين، والنعرة القبطية في أبناء مصر ، وأحيوا أمجاد الفراعنة وآثارهم لقطع الشعب عن أصالته العربية الإسلامية، وفي بلاد الشام أثاروا الحضارة الفينوقية، والقومية الكردية في الأكراد، وغير ذلك؛ لتقطيع أوصال الأمة، وفرض أتاتورك على المسلمين في تركيا كتابة اللغة بالأحرف اللاتينية، ومنع الأذان بالعربية، والكتابة بالعربية، والتدريس بالعربية، واللباس الذي يميز المسلمين, فصار حالهم كما ترون اليوم لا يقدر المسلم أن يفتح القرآن ويقرأ، ولا يفهم بعضنا بعضاً إذا التقينا في الحج، وإنما يكون الكلام مع المسلم بالإشارات. ذهبت اللغة العربية، وقام طه حسين وأذنابه ومن معه بحركة إلغاء الإعراب، وإشاعة قاعدة: سَكِّنْ تسلم، وإلغاء الحركات الإعرابية، كرفع الفاعل، ونصب المفعول به كيف سيعرف المسلم معنى قوله تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } [فاطر:28]؟ الله: لفظ الجلالة مفعول به مقدم منصوب هو الذي يُخشَى، والعلماء: فاعل فهم الذين يَخشَون، { وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ } [البقرة:124] من الذي ابتلى؟ إبراهيمَ: مفعول به مقدم، ربُّهُ: فاعل مؤخر، فإذا ألغينا الحركات الإعرابية كيف سنفهم من الذي ابتَلى؟ ومن الذي ابتُلِي؟ ومن الذي يَخشى؟ ومن الذي يُخشى؟ وقام سوق السخرية بمدرسي اللغة العربية، وأصبحت رواتبهم من أدنى الرواتب إن لم تكن أدناها، ويظهر مدرس اللغة العربية في الأفلام بمظهر الحزن والسخرية، وتطلق النكت المضحكة اللاذعة للسخرية، وقُلّلت حصص اللغة العربية، وحذفت في بعض المدارس بالكلية، مع أن قواعد اللغة الإنجليزية تدرس في الجامعات، فالتخصص -علمي أو أدبي- تدَّرس فيه قواعد اللغة الإنجليزية، واللغة العربية حذفت بالكلية، بل إنه وصل الحال المزري أن تدرَّس في بعض الجامعات حصص قليلة للغة العربية وتدرِّس قواعد اللغة العربية باللغة الإنجليزية، فلا يقال: هذا فاعل، وإنما يقال: هذا ( Object) وهذا ( Subject ) وهذا ( dverb ) وهذا ( pronouns ) وهكذا تدرس قواعد اللغة العربية باللغة الأعجمية، ولما قام بعض المخلصين بتعريب المصطلحات والكلمات، قامت السخرية بالترجمة، أو بالتعريب، وقالوا: أتريدون؟ ترجمة الـ( Sandwich ) إلى شاطر ومشطور وبينهما طازج؟ سبحان الله! من الذي قال أن هذه ترجمة ( Sandwich )؟ ما هو الشاطر؟ أليس السكين؟ والمشطور هو الشطيرة؟ كيف تكون ترجمة ( Sandwich ) سكين وشطيرة؟ عندنا كلمة واحدة نقولها شطيرة أو فطيرة، وإذا كان ( Sandwich ) هو اسم الشخص الذي اخترع الفكرة، ( Bantlwoni ) (وبنطلوني) اسم الذي فصَّل هذا أول ما فصّله، فبأي شيء يتبجحون علينا والقضية قضية أسماء؟! وأشيعت المفردات الأجنبية في كتب اللغة العربية والمدارس العربية والجامعات العربية، مع أن لها بدائل واضحة وسهلة، أدخلت كلمة (Biology ) مع أننا بسهولة نقول: علم الأحياء، و ( Ficology ) مع أننا بسهولة نقول: علم وظائف الأعضاء، و ( Sociology ) مع أننا نقول بسهولة: علم النفس، وهكذا . لكنَّ رنين الكلمة الذي يوحي بالتقدم والحضارة عند المنهزمين من أبناء جلدتنا صاروا يرطنون بهذه الألفاظ في كلامهم؛ ليدللوا على أنهم متقدمون وحضاريون ومواكبون للمخترعات والمكتشفات والحضارة الغربية. نعم. لو قالوا أسماء الأشخاص، وأسماء البلدان، وأسماء الأدوية التي لا حيلة فيها لقبلنا ذلك، وقلنا: نأخذ الأعلام كما هي. يتبع {2} |
|
08-08-2018, 06:51 PM | #7 |
| الحفاظ على اللغة العربية أيها الإخوة: يقول الشافعي رحمه الله تعالى في تعليقه على تسمية التُجّار بالسماسرة، والسماسرة ليست لغة عربية، قال: سمى الله الطالبين من فضله في الشراء والبيع تُجّاراً، ثم سماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمى الله به من التجارة بلسان العرب، والسماسرة اسم من أسماء العجم، فلا نحب أن يسمي رجلٌ يعرف العربية تاجراً إلا تاجراً، لا نحب أن نسمي التاجر إلا تاجراً، ولا ينطق بالعربية فيسمي شيئاً بالأعجمية. وقال شيخ الإسلام رحمه الله: وما زال السلف يكرهون تغيير شعار العرب حتى في المعاملات، وهو التكلم بغير اللغة العربية إلا لحاجة، فمن فقه العالم أن يراعي قضية الحاجة، كما نقل ذلك عن مالك و الشافعي و أحمد ، بل قال مالك : من تكلم في مسجدنا بغير العربية أخرج منه. يقول محمد بن أحمد الخوارزمي البيروني : والله لئن أُهجى بالعربية أحب إليَّ من أن أُمدح بالفارسية. لقد رُميت اللغة العربية بسهام الأعداء والأبناء، فوصفوها بالصعوبة ونعتوها بالغموض والجمود، وحاولوا تهميشها في واقع الحياة، وتباهوا برطانة الأعاجم، وعزف كثير من الطلاب عن دراسة اللغة العربية، وتبرموا من مناهجها الدراسية، وانحدر مستوى مادة القواعد العربية والنحو والصرف، وكثرت الأخطاء في كلام الخطباء والكتاب، حتى أنك لا تكاد ترى رسالة في دائرة أو شركة إذا كتبت بالعربية إلا وهي مملوءة بالأخطاء. وادُّعي أن اللغة العربية لا تصلح لمواكبة التطور العلمي والتقني، وقال القائلون: ارحموا أولادنا وأطفالنا كيف لا تصلح؟! هل تعجز اللغة العربية عن اختيار اسم لمخترع من المخترعات؟! وسعت كتاب الله لفظاً وغايةً وما ضقت عن آي به وعظاتِ فكيف أضيق اليوم عن وصف آلةٍ وتنسيق أسماءٍ لمخترعاتِ أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامنٌ فهل ساءلوا الغواص عن صدفاتي وقام فريق منا يلوون ألسنتهم بالإنجليزية والأعجمية لتحسبوه من الحضارة والتقدم، وما هو من الحضارة والتقدم في شيء، كيف يفلح قومٌ يتكلمون بغير لغتهم، ويفكرون بغير لغتهم، ويدرسون بغير لغتهم، ويكتبون بغير لغتهم؟! أثر اللغة العربية على الإنجليزية ثم هذه الإنجليزية التي يتفاخرون ويتظاهرون ويتمظهرون بها، دقق في ألفاظها سترى أثر اللغة العربية فيها، وسترى أنهم نقلوا منَّا الكلمات بالنص، وبعضها بتغيير طفيف، فمثلاً: كيس في اللغة العربية وفي الإنجليزية ( cais ) وقط ( Cat ) كاف ( Kiev ) صك ( Sheet ) يقول الناس اليوم: (شيك) وهي كلمة عربية، كفن ( Coffin ) قطن ( Cotton ) وكَفَرَ باللغة العربية أي: غَطّى وستر، وسمي الكافر كافراً؛ لأنه يُغطّي حقيقة التوحيد بالكفر، وعندهم ( Caver )، كذلك كلمة صِفر ( Cipher ) والمسلمون هم الذين اخترعوا الصفر وبذلك أسدوا للاتينيين نعمة عظيمة، وكانوا يكتبون الأرقام الطويلة المكتوبة الآن على الساعات بالأرقام اللاتينية، وإذا أراد أن يكتب رقماً طالت كتابته، فلما اخترع الصفر اختصرت لهم الأرقام. يقول الواحد منا: سنذهب إلى (السِّيف) وإلى الشاطئ، وهو يظن أنها كلمة إنجليزية مع أن ( Seif ) هي شاطئ في اللغة العربية، وقد جاء في حديث أبي هريرة في البخاري : ( حتى إذا أتينا سيف البحر ) أي: شاطئ البحر وماذا يقول الإنجليزي عن السكر؟ أليس ( Sugar ) وماذا يقولون عن التعريفة؟ ( Tariff ) وماذا يقولون عن الكوب؟ ( Cup ) وعن الكأس ( Glass ) وقومنا يقولون: هات القلص، وهم أخذوها منَّا (كأس وكوب) والله قد ذكر الكوب والكأس في القرآن الكريم، فهم أخذوها منا، ويقول الأطباء: ( Serb ) وهم قد أخذوها منا أي: شراب. ويقولون: اللغة العربية ليست لغة علمية وتقنية. ولكن انظروا إلى الألفاظ المتعلقة بالعلوم في لغتهم، فمثلاً: (lgebra) أليست من ألفاظ الرياضيات والألفاظ العلمية؟ من أين أخذوها؟ أخذوها من عندنا نحن. كذلك: (lgorithm) أي: العلامة الخوارزمي ، ويقولون: ( lphabetical Order ) وليس عندهم ألف، لكنهم يقولون عن نظام ترتيب الحروف: (lphabetical) لأنهم أخذوا الألف منا نحن، كذلك أشعة (ألفا، بيتا) كلمات علمية، من أين أخذوها؟ أليست الألف والباء حروفنا نحن؟ ثم يتباهى المتفرجون الذين يقلدون الغرب منَّا باستعمال كلماتهم، وإذا صدق أن الإنفلونزا هي أنف العنزة، لأنه يسيل دائماً، فواعجباً لما يستعمل الناس اليوم من الكلمات الأجنبية كقولهم (استيشن) أي: يكفي، وكذلك يستعمل الطلاب في الجامعات (كويز سكاشن)، ثم يجمعون جمع تكسير وجمع تشويه، والذين يعملون في المطارات، وهذه رحلة عليها ( OVER ) ألا تستطيع أن تقول كلمة بالعربية بدلاً من (كنكشن)؟ ألا تستطيع أن تقول بدلاً منها كلمة بالعربية؟ ألا يوجد في اللغة العربية كلمات مرادفة؟ انتهينا من الأسماء وأسماء المخترعات، وسلمنا بأخذها كما هي، لكن هذه هي الكلمات التي نقولها طلاباً وموظفين وأطباء ومدراء، ويتكلم العربي مع العربي في الشركة باللغة الإنجليزية. أثر فرض المستعمر لغته على الشعوب المستعمرة يقول مصطفى صادق الرافعي رحمه الله: هل أعجب من أن المجمَّع العلمي الفرنسي يؤذن في قومه بإبطال كلمة إنجليزية كانت في الألسنة من أثر الحرب الكبرى -أي: العالمية- ويوجب إسقاطها من اللغة جملة، وهي كلمة: (نظام الحصر البحري) وكانت مما دخل على الفرنسيين من النكبات مع نكبة الحرب العظمى، فلما ذهبت تلك النكبات رأى المجمَّع العلمي الفرنسي أن الكلمة الإنجليزية نكبة على اللغة الفرنسية يجب التخلص منها، ورآها كأنها جندي دولة أجنبية في أرض دولة مستقلة بشارته وسلاحه وعلمه. ثم يقول الرافعي رحمه الله وهو من كبار الأدباء الذين أنجبتهم مصر أرض الكنانة : ما ذلت لغة شعب إلا ذلوا، ولا انحطت إلا كان أمره في ذهاب وإدبار، ومن هذا يفرض الأجنبي المستعمر لغته فرضاً على الأمة المستعمَرة، ويركَبَهُم بها، ويشعرهم عظمته فيها، فيحكم عليهم أحكاماً ثلاثةً في عمل واحد: أما الأول: فحبس لغتهم في لغته سجناً مؤبداً. وأما الثاني: فالحكم على ماضيهم بالقتل محواً ونسياناً. وأما الثالث: فتقييد مستقبلهم في الأغلال التي يضعها، فأمرهم من بعدها لأمره تبع. إن اللغة هي صورة وجود الأمة بأفكارها ومعانيها، وهي عمقها وعاطفتها وتفكيرها، فهي نسبٌ للعاطفة والفكر، حتى أن أبناء الأب الواحد لو اختلفت ألسنتهم، فنشأ منهم ناشئ على لغة، ونشأ الثاني على أخرى، والثالث على لغة ثالثة؛ لكانوا في العاطفة كأبناء ثلاثة آباء، وإنك ترى الواحد منا اليوم -مع الأسف- الكلمة الأجنبية أسبق إلى لسانه من الكلمة العربية، وإذا أراد أن يلقي تراجعاً، وقف فترة يفكر ويبحث عن الكلمة العربية المرادفة، ويعصر ذهنه، لأن مفردات الثروة اللغوية ضعيفة، فإن اللغة الفرنسية مفرداتها حسب القاموس تقريباً خمسة وعشرون ألف كلمة، واللغة الإنجليزية بالمصطلحات وبالمولدات وبالأشياء الجديدة وما أكثرها! مائة ألف كلمة، وكلمات اللغة العربية: أربعمائة ألف كلمة، فإنك تجد للسيف أسماء عدة، حتى الكلب له في اللغة العربية أسماءً عدة، وعندهم الكلمة الواحدة تحتمل معاني كثيرة لا علاقة ولا رابطة بينها وبينها. يذهب أولادنا إلى الخارج لدراسة اللغة الأجنبية في الخارج، وتقول له: يوجد هنا تدريس لغة أجنبية. فيقول: لا، أنا أريد أن أسكن مع عائلة أجنبية في الخارج لأتعلم اللغة وأصبح طليق اللسان بها. وفتح باب الهجرة إلى الغرب مثل كندا وغيرها؛ لامتصاص عقول المسلمين وعصارة المسلمين لصالحهم وتقدمهم، وإذابة المهاجرين المسلمين في مجتمعاتهم، إنها أهداف مزدوجة. ذهب رجل مسلم مع زوجته المحجبة وأولاده إلى السفارة الأجنبية، يطلب الهجرة، فقال له الملحق في تلك السفارة بصراحة نحن لا يهمنا لا أنت، ولا زوجتك المحجبة، لا نطمع فيك ولا في زوجتك المحجبة، ولا في أولادك الذين عندهم شيء من الثقافة المشرقية، لكننا نسمح لك، لأن أحفادك لنا، ولأننا نوقن أن أحفادك لنا نحن وهكذا حصل، فماذا سيفعل الذي يترك بلاد المسلمين والعرب إلى الغرب؟ وبعضهم مضطر إلى هذا، فيذهب إلى هناك ويعلم ولده حصة في اللغة العربية في مركز إسلامي، أو معهد إسلامي، ويبقى الولد سنوات وهو يتهجى الكلمات ولسانه طلقٌ بلغة القوم، وإذا طلبت من الواحد من أولاد المبتعثين الذين عاشوا سنين في الخارج أن يتكلم بالعربية، كأنه يكسر أحجاراً، قال أحد الدعاة لبنت صغيرة من بنات هؤلاء: قولي لي حكاية في اللغة العربية. فقالت: كانت هناك بنت، ( بنت هناك كانت، وكان لها ثنتين قطز، الجمع ) ثم تخلت عن العربية ولم تستطع أن تكمل الحكاية باللغة العربية، هذا هو حال أولاد المسلمين في الخارج، إنها مأساة. جاءني رجل يسأل عن مشكلة اجتماعية، ويعترف بأنه ارتكب جرماً عظيماً عندما تزوج من امرأة أمريكية في الخارج، وقال لي: انظر إلى هذا، وكان بجانبنا رجل من الصالحين يقرئ ولده القرآن، وقال: ولدي الصغير لا يستطيع أن يقرأ مثل هذا، وهو عربي، والآن عرفت الجريمة التي أجرمتها في حق ولدي. ولما تركنا أولادنا أمام التلفزيون مستمعين طيلة الوقت، صار الولد عاجزاً عن تركيب الجمل والتعبير، كان الأولاد في السابق يجتمعون أمام البيوت وفي الحارات، ويؤلفون قصصاً، ويتكلمون، أما الآن فإن أولادنا أمام الشاشات وألعاب الكمبيوتر، والقدرة على الكلام تلاشت، يصاب الولد بالارتباك في تفكيره وحركة أصابعه، ولم يحسن إمساك القلم بعد، ونحن ندرسه بلغتين في الروضة، ويكتب مرة من اليمين إلى الشمال، والحصة التي بعدها من الشمال إلى اليمين، فيبقى في غاية الارتباك. يأتي العمال البنغاليون الذين قدموا إلينا، وجلسوا عشر سنين وخمس عشرة سنة، ولم يتعلموا من اللغة إلا شيئاً يسيراً، والواحد منا إذا ذهب إلى الخارج تعلم رغماً عنه، وفي مدة يسيرة (ستة أشهر) يتقن اللغة الإنجليزية والألمانية، والألماني في الشارع في ألمانيا يرفض أن يكلمك باللغة الإنجليزية ولو كان يعرفها، بل يفرض عليك أن تتكلم بالألمانية، ولائحات الشوارع واللافتات كلها بالألمانية، ولا مجال للغة الدخيلة، ولا اللغة الأجنبية عندهم، والفرنسي لا يتكلم معك بالإنجليزية، ويعتبره غزواً ثقافياً وعيباً، ونحن يأتي أخونا المسلم من الهند يعيش بيننا، ولا يتعلم إلا ( أنت فيه روح، أنا فيه روح، خلي يولي) عبارات عجيبة! ويعود إلى بلده وهو لا يحسن العربية، ولا يتكلم بالعربية، ولا يكتب بالعربية، بل الأعجب من ذلك أن يأتي العامل البنغالي إلينا وهو لا يعرف لا الإنجليزية ولا العربية، لا يعرف إلا لغته الأصلية، فيرجع من عندنا وقد تكلم باللغة الإنجليزية، لأننا عودناهم، وانظر إلى أسماء الشركات (دسكو، مسكو، فسكو) وأسماء المحلات، والألفاظ التي حدثت، نعجز عن أن نقول (للتلفون) هاتف! أو للبيجر نداء! أو عن الراديو مذياع! ونحو ذلك، عندنا كلمات لكننا نحن كلمناهم وعودناهم، ورضخنا للأجنبي نتكلم معه، ولو ذهبنا إلى بلده، فلن يعترف بلغتنا إنها هزيمة وضعف ومصيبة كبيرة، وأهل العلم كانوا يرون تعزير من يروج الأشعار باللهجة العامية لقد صارت عندنا عقدة الأجنبي عقدةً عظيمةً. نسأل الله سبحانه وتعالى أن يردنا إلى الحق رداً جميلاً، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من أهل العربية وأهل كتابه المبين، ومن أهل سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم. |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
سطور , في , كتاب |
| |