الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
11-03-2019, 11:05 PM | #155 |
| قصة يعقوب عليه السلام ابن إسحاق يقال له "إسرائيل" وتعني عبد الله، كان نبيا لقومه، وكان تقيا وبشرت به الملائكة جده إبراهيم وزوجته سارة عليهما السلام وهو والد يوسف. دعا نبي الله يعقوب عليه السلام إلى دين الإسلام وإلى عبادة الله وحده وترك عبادة غير الله، وقد ابتلى الله نبيه يعقوب بالبلايا الكثيرة فصبر ونال الدرجات العالية، ومن جملة البلاء الذي ابتلى به عليه السلام أنه فقد بصره حُزنًا على ولده يوسف الذي مكر به أخوته العشرة وهم من سوى بنيامين، ثم رد الله تعالى له بصره بعد أن جاء البشير بقميص يوسف ووضعه على وجهه فعاد بصيرًا بعد طول غياب وشدة حزن وألم على فقد ابنه وحبيبه يوسف عليه الصلاة والسلام قال الله { فلما أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتد بصيرا قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون . قالوا يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين . قال سوف أستغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم } الآية رقم (96 : 98) سورة يوسف وقد اجتمع يعقوب بابنه يوسف عليهما السلام في مصر بعد طول غياب حيث مكث يوسف بعيدًا عن أبيه يعقوب ما يقارب الأربعين سنة. كما يتبين مقدار تقواه من هذه الإشارة السريعة إلى وفاته.. نعلم أن الموت كارثة تدهم الإنسان فتنسيه رسمه، ولا يذكر غير همه ومصيبته.. غير أن يعقوب لا ينسى وهو يموت أن يدعو إلى ربه.. في سورة (البقرة): { أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } (133) (البقرة) إن هذا المشهد بين يعقوب وبنيه في ساعة الموت ولحظات الاحتضار، مشهد عظيم الدلالة.. نحن أمام ميت يحتضر.. ما القضية التي تشغل باله في ساعة الاحتضار..؟ ما الأفكار التي تعبر ذهنه الذي يتهيأ للانزلاق مع سكرات الموت..؟ ما الأمر الخطير الذي يريد أن يطمئن عليه قبل موته..؟ ما التركة التي يريد أن يخلفها لأبنائه وأحفاده..؟ ما الشيء الذي يريد أن يطمئن -قبل موته- على سلامة وصوله للناس.. كل الناس..؟ ستجد الجواب عن هذه الأسئلة كلها في سؤاله { مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي }. هذا ما يشغله ويؤرقه ويحرص عليه في سكرات الموت.. قضية الإيمان بالله. هي القضية الأولى والوحيدة، وهي الميراث الحقيقي الذي لا ينخره السوس ولا يفسده.. وهي الذخر والملاذ. قال أبناء إسرائيل: نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا، ونحن له مسلمون.. والنص قاطع في أنهم بعثوا على الإسلام.. إن خرجوا عنه، خرجوا من رحمة الله.. وإن ظلوا فيه، أدركتهم الرحمة. توفي يعقوب عليه السلام وله من العمر ما يزيد على المائة، وكان ذلك بعد سبعة عشر سنة من اجتماعه بيوسف، وقد أوصى نبي الله يعقوب ابنه يوسف عليه السلام أن يدفنه مع أبيه إسحاق وجده إبراهيم عليهم الصلاة والسلام ففعل ذلك، وسار به إلى فلسطين ودفنه في المغارة بحبرون وهي مدينة الخليل في فلسطين. |
|
11-03-2019, 11:06 PM | #156 |
| قصة مدين قوم شعيب عليه السلام كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتهم "مدين" التي هي قريبة من أرض معان من أطراف الشام، مما يلي ناحية الحجاز قريباً من بحيرة قوم لوط، وكانوا بعدهم بمدة قريبة. ومدين قبيلة عرفت بهم المدينة، وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل. وشعيب نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن، ذكره ابن إسحاق. قال: ويقال له بالسريانية يترون، وفي هذا نظر، ويقال شعيب بن يشخر بن لاوي ابن يعقوب، ويقال: شعيب بن نويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم، ويقال: شعيب ابن ضيفور بن عيتا بن ثابت بن مدين بن إبراهيم، وقيل غير ذلك في نسبه. وقال ابن عساكر: ويقال جدته، ويقال أمه، بنت لوط. وكان ممن آمن بإبراهيم، وهاجر معه، ودخل معه دمشق. وعن وهب بن منبه أنه قال: شعيب وملغم ممن آمن بإبراهيم يوم أحرق بالنار، وهاجر معه إلي الشام، فزوجهما بنتي لوط عليه السلام. ذكره ابن قتيبة. وفي هذا كله نظر أيضاً. والله أعلم. وذكر عمر بن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة سلمة بن سعدي العنتري: أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وانتسب إلي عنزة، فقال: "نعم الحي عنزة مبغي عليهم، منصورون، رهط شعيب وأختان موسى" فلو صح هذا لدل على أن شعيباً صهر موسى، وأنه من قبيلة من العرب العاربة يقال لهم عنزة، لا أنهم من عنزة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، فإن هؤلاء بعده بدهر طويل، والله أعلم. وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال: "أربعة من العرب: هود، وصالح، وشعيب، ونبيك يا أبا ذر". وكان بعض السلف يسمي شعيباً خطيب الأنبياء، يعني لفصاحته وحلاوة عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلي الإيمان برسالته. وقد روى ابن إسحاق بن بشر عن جويبر ومقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعبياً قال: "ذاك خطيب الأنبياء" وكان أهل مدين كفاراً يقطعون السبيل ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة، وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها. وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان، ويطففون فيهما، يأخذون بالزائد، ويدفعون بالناقص. فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام، فدعاهم إلي عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة من بخس الناس أشياءهم وإخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم، فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم، حتى أحل بهم الله البأس الشديد، وهو الولي الحميد. كما : { وإلى مدين أخاهم شعيباً، قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، قد جاءتكم بينة من ربكم } (سورة الأعراف:85) أي: دلالة وحجة واضحة، وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم تنقل إلينا تفصيلاً، وإن كان هذا اللفظ قد دل عليها إجمالاً. { فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم في الأرض بعد إصلاحها } (سورة الأعراف:85) أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم، وتوعدهم على خلاف ذلك فقال: { ذلكم خير لكم إن كنتم مؤمنين * ولا تقعدوا بكل صراط } أي: طريق. { توعدون } (سورة الأعراف:85ـ86) أي: تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك وتخيفون السبل. قال السدي في تفسيره عن الصحابه: (ولا تقعدون بكل صراط توعدون) أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة. وقال إسحاق بن بشر بن الضحاك، عن ابن عباس قال: كانوا طغاة بغاة يجلسون على الطريق، يبخسون الناس؛ يعني يعشرونهم، وكانوا أول من سن ذلك. { وتصدون عن سبيل الله من آمن وتبغونها عوجاً } (سورة الأعراف:86) ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة، وحذرهم نقمة الله بهم إن خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه. كما قال لهم في القصة الأخرى: { ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخيرٍ وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط } (سورة هود:85) أي: لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه، فيمحق الله بركة ما بأيديكم؛ ويفقركم ويذهب ما به يغ###م. هذا مضاف إلي عذاب الآخرة، ومن جمع له هذا وهذا، فقد فاز بالصفقة الخاسرة!. فنهاهم أولاً عن تعاطي ما لا يليق من التطفيف، وحذرهم سلب نعمة الله عليهم في دنياهم، وعذابه الأليم في أخراهم، وعنفهم أشد تعنيف. ثم قال لهم آمراً بعد ما كان عن ضده راجزاً: { ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط، ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ } (سورة هود:85ـ86) قال ابن عباس والحسن البصري: (بقية الله خير لكم) أي: رزق الله خير لكم من أخذ أموال الناس. وقال ابن جرير: ما فضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف، قال: وقد روي هذا عن ابن عباس. وهذا الذي قاله وحكاه حسن، وهو شبيه بقوله تعالى: { قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث } (سورة المائدة:100) يعني: أن القليل من الحلال خير لكم من الكثير الحرام، فإن الحلال مبارك وإن قل، والحرام ممحوق وإن كثر. كما : { يمحق الله الربا ويربي الصدقات } (سورة البقرة:276) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الربا وإن فإن مصيره إلي قل". رواه احمد أي: إلي قلة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: البيعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما" والمقصود أن الربح الحلال مبارك فيه وإن قل، والحرام لا يجدي وإن كثر. ولهذا قال نبي الله شعيب: { بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين } (سورة هود:86) وقوله: { وما أنا عليكم بحفيظ } (سورة هود:86) أي: افعلوا ما آمركم به ابتغاء وجه الله ورجاء ثوابه، لا لأراكم أنا وغيري. { قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء، إنك لأنت الحليم الرشيد } (سورة هود:87) يقولون هذا على سبيل الاستهزاء والتنقص والتهكم: أصلاتك هذه التي تصليها؛ هي الآمرة لك بأن تحجر علينا فلا نعبد إلا إلهك؟ ونترك ما يعبد آباؤنا الأقدمون وأسلافا الأولون؟ أو أنا لا نتعامل إلا على الوجه الذي ترتضيه أنت، ونترك المعاملات التي تأباها إن كنا نحن نرضاها؟. (إنك لأنت الحليم الرشيد) قال ابن عباس وميمون بن مهران وابن جريج وزيد ابن أسلم وابن جرير: يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الاستهزاء. { قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقاً حسناً، وما أريد أن أخالفكم إلي ما أنهاكم عنه، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب } (سورة هود:88) هذا تلطف معهم في العبارة، ودعوة إلي الحق بأبين إشارة. يقول لهم: (أرأيتم) أيها المكذبون (إن كنتم على بينة من ربي) أي: على أمر من الله تعالى أنه أرسلني إليكم (ورزقني منه رزقاً حسناً) يعني: النبوة والرسالة، يعني وعمى عليكم معرفتها، فأي حيلة لي بكم؟. وهذا كما تقدم عن نوح عليه السلام أنه قال لقومه سواء. وقوله: (وما أريد أن أخالفكم إلي ما أنهاكم عنه) أي: ليست آمركم بالأمر إلا وأنا أول فاعل له، وإذا نهيتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه. وهذه هي الصفة المحمودة العظيمة، وضدها هي المردودة الذميمة، كما تلبس بها علماء بني إسرائيل في آخر زمنهم، وخطباؤهم الجاهلون. قال الله تعالى: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون } (سورة البقرة:44) وذكرنا عندها في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يؤتي بالرجل فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه ـ أي: تخرج أمعاؤه من بطنه ـ فيدور بها كما يدور الحمار برحاه، فيجتمع أهل النار فيقولون: يا فلان ما لك؟ ألم تكن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: بلى: كنت آمر بالمعروف ولا آتيه، وأنهى عن المنكر وآتيه" |
|
11-03-2019, 11:06 PM | #157 |
| مدين قوم شعيب عليه السلام وأما في سورة الشعراء؛ فذكر أنه أخذهم عذاب يوم الظلة، وكان ذلك إجابة لما طلبوا وتقريباً إلي ما إليه رغبوا، فإنهم قالوا: { إنما أنت من المسحرين * وما أنت إلا بشر وإن نظنك لمن الكاذبين * فأسقط علينا كسفاً من السماء إن كنت من الصادقين * قال ربي أعلم بما تعملون } (سورة الشعراء:185ـ188) قال الله تعالى وهو السميع العليم: { فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم } (سورة الشعراء: 189) ومن زعم من المفسرين كقتادة وغيره: أن أصحاب الأيكة أمة أخرى غير أهل مدين فقوله ضعيف. وإنما عمدتهم شيئان: أحدهما: أنه قال: { كذب أصحاب الأيكة المرسلين * إذ قال لهم شعيب } (سورة الشعراء:176ـ177) ولم يقول أخوهم، كما قال: { وإلى مدين أخاهم شعيباً } (سورة الأعراف:85) والثاني: أنه ذكر عذابهم بيوم الظلة، وذكر في أولئك الرجفة أو الصيحة. والجواب عن الأول: أنه لم يذكر الأخوة بعد قوله: (كذب أصحاب الأيكة المرسلين) لأنه وصفهم بعبادة الأيكة، فلا يناسب ذكر الأخوة هاهنا، ولما نسبهم إلي القبيلة ساغ ذكر شعيب بأنه أخوهم. وهذا الفرق من النفائس العزيزة الشريفة. وأما احتجاجهم بيوم الظلة؛ فإن كان دليلاً بمجرده على أن هؤلاء أمة أخرى، فليكن تعداد الانتقام بالرجفة والصيحة دليلاً على أنهما أمتان أخريان. فأما الحديث الذي أورده الحافظ ابن عساكر في ترجمة النبي شعيب عليه السلام؛ من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، عن أبيه، عن معاوية بن هشام، عن هشام ابن سعد، عن شقيق بن أبي هلال، عن ربيعة بن سيف، عن عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "إن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيباً النبي عليه السلام". فإنه حديث غريب، وفي رجاله من تكلم فيه، والأشبه أنه من كلام عبد الله بن عمرو؛ مما أصابه يوم اليرموك من تلك الزاملتين من أخبار بني إسرائيل، والله أعلم. ثم قد ذكر الله عن أهل الأيكة من المذمة ما ذكره عن أهل مدين من التطفيف في المكيال والميزان؛ فدل على أنهم أمة واحدة، أهلكوا بأنواع من العذاب، وذكر في كل موضع ما يناسب من الخطاب. وقوله: { فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم } (سورة الشعراء: 189) ذكروا أنهم أصابهم حر شديد، وأسكن الله هبوب الهواء عنهم سبعة أيام، فكان لا ينفعهم مع ذلك ماء ولا ظل، ولا دخولهم في الأسراب، فهربوا من محلتهم إلي البرية، فأظلتهم سحابة، فاجتمعوا تحتها ليستظلوا بظلها، فلما تكاملوا فيه أرسلها الله ترميهم بشرر وشهب، ورجفت بهم الأرض، وجاءتهم صيحة من السماء، فأرهقت الأرواح وخرجت الأشباح. { فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيباً كأن لم يغنوا فيها، الذين كذبوا شعيباً كانوا هم الخاسرين } (سورة الأعراف:91ـ92) ونجى الله شعيباً ومن معه من المؤمنين، كما وهو أصدق القائلين: { ولما جاء أمرنا نجينا شعيباً والذين آمنوا معه برحمة منا وأخذت الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن يغنوا فيها، ألا بعداً لمدين كما بعدت ثمود } (سورة هود:94ـ95) و: { قال الملأ الذين كفروا من قومه لئن اتبعتم شعيباً إنكم إذا لخاسرون * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * الذين كذبوا شعيباً كأن لم يغنوا فيها، الذين كذبوا شعبياً كانوا هم الخاسرين } (سورة الأعراف:90ـ92) وهذا في مقابلة قولهم: (لأن اتبعتم شعيباً إنكم إذا لخاسرون). ثم ذكر تعالى عن نبيهم: أنه نعاهم إلي أنفسهم موبخاً ومؤنباً ومقرعاً، ف: { فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم، فكيف آسى على قوم كافرين } (سورة الأعراف:93) أي: أعرض عنهم موليا عن محلتهم بعد هلكتهم قائلا: (يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم) أي: قد أديت ما كان واجباً على من البلاغ التام والنصح الكامل، وحرصت على هدايتكم بكل ما أقدر عليه وأتوصل إليه، فلم ينفعكم ذلك؛ لأن الله لا يهدي من يضل، وما لهم من ناصرين، فلست أتأسف بعد هذا عليكم، لأنكم لم تكونوا تقبلون النصيحة، ولا تخافون يوم الفضيحة. ولهذا قال: (فكيف آسى) أي: أحزن (على قوم كافرين) أي: لا يقبلون الحق ولا يرجعون إليه ولا يلتفتون عليه، فحل بهم من بأس الله الذي لا يرد ما لا يدفع ولا يمانع، ولا محيد لأحد أريد به عنه، ولا مناص عنه. وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس: أن شعيباً عليه السلام كان بعد يوسف عليه السلام. وعن وهب بن منبه: أن شعيباً مات بمكة ومن معه من المؤمنين، وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني سهم. |
|
11-03-2019, 11:07 PM | #158 |
| قصة أيوب عليه السلام قال ابن إسحاق: كان رجلاً من الروم، وهو أيوب بن موصى بن رازخ بن العيص ابن إسحاق بن إبراهيم الخليل. وقال غيره: هو أيوب بن موصى بن رعويل بن العيص بن إسحاق بن يعقوب، وقيل غير ذلك في نسبه. وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط عليه السلام، وقيل: كان أبوه ممن آمن بإبراهيم عليه السلام يوم ألقى في النار لحرقه. والمشهور الأول؛ لأنه من ذرية إبراهيم، كما قررنا عند قوله تعالى: { ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون } (سورة الأنعام:84) ومن أن الصحيح أن الضمير عائد على إبراهيم دون نوح عليهما السلام. وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في سورة النساء في قوله تعالى: { إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلي نوح والنبيين من بعده، وأوحينا إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب } (سورة النساء:163) فالصحيح أنه من سلالة العيص بن إسحاق، وامرأته قيل اسمها: "ليا" بنت يعقوب، وقيل: رحمة بنت أفراثيم، وقيل: ليا بنت منسا بن يعقوب. وهذا أشهر فلهذا ذكرناه هاهنا. ثم نعطف بذكر أنبياء بني إسرائيل بعد ذكر قصته إن شاء الله، وبه الثقة وعليه التكلان. : { وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين * فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر، وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين } (سورة الأنبياء:83ـ84) و في سورة ص: { واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب * اركض برجلك، هذا مغتسل بارد وشراب * ووهبنا له أهله ومثلهم ومعهم رحمة منا وذكرى لأولى الألباب * وخذ بيدك ضغثاً فاضرب به، ولا تحنث، إنا وجدناه صابراً نعم العبد، إنه أواب } (سورة ص:41ـ44) وروي ابن عساكر من طريق الكلبي أنه قال: أول نبي بعث إدريس، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم إسماعيل، ثم إسحاق، ثم يعقوب، ثم يوسف، ثم لوط، ثم هود، ثم صالح، ثم شعيب، ثم موسى وهارون، ثم إلياس، ثم اليسع، ثم عرفي بن سويلخ بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب، ثم يونس بن متى من بني يعقوب، ثم أيوب بن رازخ بن آموص بن ليفرز بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم. وفي بعض هذا الترتيب نظر فإن هوداً وصالحاً: المشهور أنهما بعد نوح وقبل إبراهيم. والله أعلم. قال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم: كان أيوب رجلاً كثير المال من سائر صنوفه وأنوعه؛ من الأنعام والعبيد والمواشي؛ والأراضي المتسعة بأرض الثنية من أرض حوران. وحكى ابن عساكر: أنها كلها كانت له، وكان له أولاد وأهلون كثير. فسلب منه ذلك جميعه، وابتلى في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه، يذكر الله عز وجل بهما، وهو في ذلك كله صابر محتسب، ذاكر الله عز وجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه. وطال مرضه حتى عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس، وأخرج من بلده وألقى على مزبلة خارجها، وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته، كانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته، وضعف حالها وقال مالها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر؛ لتطعمه وتقوم بأوده، رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد وخدمة الناس، بعد السعادة والنعمة والخدمة والحرمة. فإنا لله وإنا إليه راجعون!. وقد ثبت في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل" وقال: "يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه" ولم يزد هذا كله أيوب عليه السلام، ويضرب المثل أيضاً بما حصل له من أنواع البلايا. وقد روى عن وهب بن منبه وغيره من علماء بني إسرائيل في قصة أيوب خبر طويل؛ في كيفية ذهاب ماله وولده وبلائه في جسده، والله أعلم بصحته. وعن مجاهد أنه قال: كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري. وقد اختلفوا في مدة بلواه على أقوال: فزعم وهب أنه ابتلى ثلاث سنين لا تزيد ولا تنقص. وقال أنس: ابتلى سبع سنين وأشهراً، وألقى على مزبلة لبنى إسرائيل تختلف الدواب في جسده حتى فرج الله عنه، وأعظم له الأجر، وأحسن الثناء عليه. وقال حميد: مكث في بلواه ثماني عشرة سنة. وقال السدي: تساقط لحمه حتى لم يبق إلا العظم والعصب، فكانت امرأته تأتيه بالرماد تفرشه تحته، فلما طال عليها، قالت: يا أيوب، لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحاً، فهل قليل لله أن أصبر له سبعين سنة؟ فجزعت من هذا الكلام، وكانت تخدم الناس بالأجر، وتطعم أيوب عليه السلام. ثم إن الناس لم يكونوا يستخدمونها؛ لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفاً أن ينالهم من بلائه أو تعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحداً يستخدمها، عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره، فقالت: خدمت به أناساً. فلما كان الغد لم تجد أحداً فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به، فأنكره أيضاً، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين هذا الطعام؟ فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقا قال في دعائه: (ربي إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين). وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أبو سلمة، حدثنا جرير بن حازم، عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: كان لأيوب أخوان، فجاءا يوماً فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه فقاما من بعيد. قال أحدهما لصاحبه: لو كان الله علم من أيوب خيراً ما ابتلاه بهذا، فجزع أيوب من قولهما جزعاً لم يجزع مثله من شيء قط، فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعاناً وأنا أعلم مكان جائع فصدقني، فصدق من السماء وهما يسمعان. ثم قال: الله إن كنت تعلم أني لم يكن لي قميصان قط، وأنا أعلم مكان عار فصدقني. فصدق من السماء وهما يسمعان. ثم قال: اللهم بعزتك، وخر ساجداً، فقال: اللهم بعزتك لا أرفع رأسي أبداً حتى تكشف عني، فما رفع رأسه حتى كشف عنه. وقال ابن أبي حاتم وابن جرير جميعاً: حدثنا يونس، عن عبد الأعلى، أنبأنا ابن وهب، أخبرني نافع بن يزيد، عن عقيل، عن الزهري، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنباً ما أذنبه أحد من العالمين، قال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه ربه فيكشف ما به، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له، فقال أيوب: لا أدري ما تقول؟ غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان، فيذكران الله فأرجع إلي بيتي فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق". |
|
11-03-2019, 11:07 PM | #159 |
| قصة قوم يس ومنهم أصحاب القرية أصحاب يس، قال الله تعالى: { واضرب لهم مثلاً أصحاب القرية إذ جاءها المرسلون * إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث فقالوا إنا إليكم مرسلون * قالوا ما أنتم إلا بشر مثلنا وما أنزل الرحمن من شيء إن أنتم إلا تكذبون * قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون * وما علينا إلا البلاغ المبين * قالوا إنا تطيرنا بكم، لئن لم تنتهوا لنرجمنكم وليمسنكم منا عذاب أليم * قالوا طائركم معكم، أإن ذكرتم، بل أنتم قوم مسرفون * وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون * ومالي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون * أأتخذ من دونه، آلهة إن يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئاً ولا ينقذون * إني إذاً لفي ضلال مبين * إني آمنت بربكم فاسمعون * قيل ادخل الجنة، قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين * وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين * إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون } (سورة يس:13ـ29) اشتهر عن كثير من السلف والخلف أن هذه القرية "أنطاكية" رواه ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، وكذا روى عن بريدة بن الخصب وعكرمة وقتادة والزهري وغيرهم، قال ابن إسحاق فيما بلغه عن ابن عباس وكعب ووهب أنهم قالوا: وكان لها ملك اسمه أنطيخس بن أنطيخس وكان يعبد الأصنام، فبعث الله إليه ثلاثة من الرسل وهم: صادق، ومصدوق، وشلوم، فكذبهم. وهذا ظاهر أنهم رسل من الله عز وجل. وزعم قتادة أنهم كانوا رسلاً من المسيح. وكذا قال ابن جريج، عن وهب، عن سليمان، عن شعيب الجبائي: كان اسم المرسلين الأولين: شمعون، ويوحنا، واسم الثالث بولس، والقرية أنطاكية. وهذا القول ضعيف جداً؛ لأن أهل أنطاكية لما بعث إليهم المسيح ثلاثة من الحواريين كانوا أول مدينة آمنت بالمسيح في ذلك الوقت. ولهذا كانت إحدى المدن الأربع التي تكون فيها بطاركة النصارى، وهن: أنطاكية، والقدس، وإسكندرية، ورومية ثم بعدها إلي القسطنطينية ولم يهلكوا. وأهل هذه القرية المذكورة في القرآن أهلكوا، كما قال في آخر قصتها بعد قتلهم صديق المرسلين: (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون) ولكن إن كانت الرسل الثلاثة المذكورون في القرآن، بعثوا إلي أهل أنطاكية قديماً فكذبوهم وأهلكهم الله، ثم عمرت بعد ذلك، فلما كان في زمن المسيح آمنوا برسله إليهم، فلا يمنع هذا، والله أعلم. فأما القول بأن هذه القصة المذكورة في القرآن هي قصة أصحاب المسيح، فضعيف لما تقدم، ولأن ظاهر سياق القرآن يقتضي أن هؤلاء الرسل من عند الله. وقال الله تعالى: (واضرب لهم مثلاً) يعني: لقومك يا محمد (أصحاب القرية) يعني: المدينة (إذ جاءها المرسلون * إذا أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث) أي: أيدناهما بثالث في الرسالة: (فقالوا إنا إليكم مرسلون) فردوا عليه بأنهم بشر مثلهم، كما قالت الأمم الكافرة لرسلهم، يستبعدون أن يبعث الله نبياً بشرياً، فأجابوهم بأن الله يعلم أنا رسله إليكم، ولو كنا كذبنا عليه لعاقبنا وانتقم منا أشد الانتقام (وما علينا إلا البلاغ المبين) أي: إنما علينا أن نبلغكم ما أرسلنا به إليكم، والله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء (قالوا إنا تطيرنا بكم) أي: تشاءمنا بما جئتمونا به، (لئن لم تنتهوا لنرجمنكم) قيل: بالمقال، وقيل: بالفعال، ويؤيد الأول قوله: (وليمسنكم منا عذاب أليم) توعدوهم بالقتل والإهانة. (قالوا طائركم معكم)أي: مردود عليكم (أإن ذكرتم) أي: بسبب أنا ذكرناكم بالهدى ودعوناكم إليه، توعدتمونا بالقتل والإهانة (بل أنتم قوم مسرفون) أي: لا تقبلون الحق ولا تريدونه. قال ابن جرير: والأول أوجه. وقوله تعالى: (وجاء من أقصى المدينة) الإيمان بهم (قال يا قوم اتبعوا المرسلين * اتبعوا من لا يسألكم أجراً وهم مهتدون) أي: يدعونكم إلي الحق المحض بلا أجرة ولا جعالة. ثم دعاهم إلي عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم عن عبادة ما سواه مما لا ينفع شيئاً لا في الدنيا ولا في الآخرة. (إني إذاً لفي ضلال مبين) أي: إن تركت عبادة الله وعبدت معه ما سواه. ثم قال مخاطباً للرسل: (إني آمنت بربكم فاسمعون) قيل: فاستمعوا مقالتي واشهدوا لي بها عند ربكم، وقيل معناه: فاسمعوا يا قومي إيماني برسل الله جهرة، فعند ذلك قتلوه، قيل: رجماً، وقيل عضاً، وقيل: وثبوا إليه وثبة رجل واحد فقتلوه. وحكى ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن ابن مسعود قال: وطئوه بأرجلهم، حتى أخرجوا قصبته. وقد روي الثوري عن عاصم الأحول، عن أبي مجلز: كان اسم هذا الرجل "حبيب ابن مري"، ثم قيل: كان نجاراً، وقيل: حياكاً، وقيل: إسكافاً، وقيل قصاراً، وقيل: كان يتعبد في غار هناك، فالله أعلم. وعن ابن عباس: كان حبيب النجار قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة فقتله قومه، ولهذا : (قيل ادخل الجنة) يعني لما قتله قومه أدخله الله الجنة، فلما رأى فيها من النضرة والسرور (قال يا ليت قومي يعلمون ? بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) يعني: ليؤمنوا بما آمنت به، فيحصل لهم ما حصل لي. قال ابن عباس: نصح قومه في حياته بقوله: (يا قوم اتبعوا المرسلين) وبعد مماته: (يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) رواه ابن أبي حاتم. وكذلك قال قتادة: لا يلقى المؤمن إلا ناصحاً، لا يلقاه غاشاً، لما عاين ما عاين من كرامة الله (قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين) تمنى والله أن يعلم قومه بما عاين من كرامة الله وما هو عليه!. قال قتادة: فلا والله ما عاتب الله قومه بعد قتله: (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون). وقوله تعالى: (وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين) أي:وما احتجنا في الانتقام منهم إلي إنزال جند من السماء عليهم. هذا معنى ما رواه ابن إسحاق عن بعض أصحابه عن ابن مسعود، وقال مجاهد وقتادة، وما أنزل عليهم جنداً، أي: رسالة أخرى، قال ابن جرير: والأول أولى قلت: وأقوى، ولهذا قال: (وما كنا منزلين) أي: وما كنا نحتاج في الانتقام إلي هذا حين كذبوا رسلنا وقتلوا ولينا (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون). قال المفسرون: بعث الله إليهم جبريل عليه السلام فأخذ بعضادتي الباب الذي لبلدهم، ثم صاح بهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون، أي: قد أخمدت أصواتهم، وسكنت حركاتهم، ولم يبق منهم عين تطرف. وهذا كله مما يدل على أن هذه القرية ليست أنطاكية؛ لأن هؤلاء أهلكوا بتكذيبهم رسل الله إليهم، وأهل أنطاكية آمنوا واتبعوا رسل المسيح من الحواريين إليهم. فلهذا قيل: إن أنطاكية أول مدينة آمنت بالمسيح. فأما الحديث الذي رواه الطبراني من حديث حسين الأشقر، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "السبق ثلاثة: فالسابق إلي موسى يوشع بن نون، والسابق إلي عيسى أصحاب يس، والسابق إلي محمد علي بن أبي طالب" فإنه حديث لا يثبت؛ لأن "حسين" هذا متروك شيعي من الغلاة، وتفرده بهذا مما يدل على ضعفه بالكلية، والله أعلم. |
|
11-03-2019, 11:08 PM | #160 |
| قصة يونس عليه السلام قال الله تعالى في سورة يونس: { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلي حين } (سورة يونس:98) و في سورة الأنبياء: { وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم، وكذلك ننجي المؤمنين } (سورة الأنبياء:87ـ88) و في سورة الصافات: { وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلي الفلك المشحون * فساهم فكان من المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم * فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلي يوم يبعثون * فنبذناه بالعراء وهو سقيم * وأنبتنا عليه شجرة من يقطين * وأرسلناه إلي مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلي حين } (سورة الصافات:139ـ148) و في سورة نون: { فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصحاب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين } (القلم:48ـ50) قال علماء التفسير: بعث الله يونس ، عليه السلام ـ إلي أهل "نينوي" من أرض الموصل، فدعاهم إلي الله عز وجل، فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين أظهرهم، ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث. قال ابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة، وغير واحد من السلف والخلف: فلما خرج من بين ظهرانيهم، وتحققوا من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة، وندموا على ما كان منهم إلي نبيهم، فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلي الله عز وجل، وصرخوا، وتضرعوا إليه، وتمسكنوا لديه، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات، وجأرت الأنعام والدواب والمواشي: فرغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغب الغنم وحملانها، وكانت ساعة عظيمة هائلة. فكشف الله العظيم ـ بحوله وقوته ورأفته ورحمته ـ عنهم العذاب؛ الذي كان قد اتصل بهم سببه، ودار على رءوسهم كقطع الليل المظلم. ولهذا : { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها } (سورة يونس:98) أي: هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها، فدل على أنه لم يقع ذلك، بل كما : { وما أرسلنا في قرية من نبي إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون } (سورة سبأ:34) وقوله: { إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلي حين } (سورة يونس:98) أي: آمنوا بكاملهم. وقد اختلف المفسرون: هل ينفعهم هذا الإيمان في الدار الآخرة، فينقذهم من العذاب الأخروي كما أنقذهم من العذاب الدنيوي؟ على قولين: الأظهر من السياق: نعم، والله أعلم. كما : (لما آمنوا) و: { وأرسلناه إلي مائة ألف أو يزيدون * فآمنوا فمتعناهم إلي حين } (سورة الصافات:147ـ148) وهذا المتاع إلي حين لا ينفي أن يكون معه غيره من رفع العذاب الأخروي، والله أعلم. وقد كانوا مائة ألف لا محالة، واختلفوا في الزيادة، فعن مكحول عشرة آلاف، وروى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث زهير عمن سمع أبا العالية؛ حدثني أبي بن كعب، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: { وأرسلناه إلي مائة ألف أو يزيدون } (سورة الصافات:147) قال: "يزيدون عشرين ألفا". فلولا هذا الرجل المبهم لكان هذا الحديث فاصلاً في هذا الباب وعن ابن عباس: كانوا مائة ألف وثلاثين ألفاً، وعنه: وبضعة وثلاثين ألفاً، وعنه: وبضعة وأربعين ألفا. وقال سعيد بن جبير: كانوا مائة ألف وسبعين ألفاً. واختلفوا: هل كان إرساله إليهم قبل الحوت أو بعده؟ أو هما أمتان؟ على ثلاثة أقوال، هي مبسوطة في التفسير. والمقصود أنه عليه السلام لما ذهب مغاضباً بسبب قومه، ركب سفينة في البحر فلجت بهم، واضطربت، وماجت بهم، وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون على ما ذكره المفسرون. وقالوا: فتشاوروا فيما بينهم على أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يسمحوا به، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضاً، فشمر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه، فأبوا عليه ذلك، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضاً، لما يريده الله به من الأمر العظيم. قال الله تعالى: { وإن يونس لمن المرسلين * إذ أبق إلي الفلك المشحون * فساهم فكان المدحضين * فالتقمه الحوت وهو مليم } (سورة لصافات:139ـ143) وذلك أنه لما وقعت عليه القرعة ألقى في البحر، وبعث الله عز وجل حوتاً عظيماً من البحر الأخضر فالتقمه، وأمره الله تعالى ألا يأكل له لحماً، ولا يهشم له عظماً، فليس لك برزق، فأخذه فطاف به البحار كلها، وقيل: إنه ابتلع ذلك الحوت حوت آخر أكبر منه. |
|
11-03-2019, 11:09 PM | #161 |
| أخر قصة يونس عليه السلام قالوا: ولما استقر في جوف الحوت حسب أنه قد مات فحرك جوارحه فتحركت، فإذا هو حي فخر لله ساجداً، وقال: يا رب اتخذت لك مسجداً في موضع لم يعبدك أحد في مثله. وقد اختلفوا في مقدار لبثه في بطنه؛ فقال مجالد عن الشعبي: التقمه ضحى ولفظه عشية، وقال قتادة: مكث فيه ثلاثاً، وقال جعفر الصادق: سبعة أيام، ويشهد له شعر أمية بن أبي الصلت: وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا وقال سعيد بن أبي الحسن وأبو مالك: مكث في جوفه أربعين يوماً، والله أعلم كم مقدار ما لبث فيه. والمقصود أنه لما جعل الحوت يطوف به قرار البحار اللجية، ويقتحم به لجج الموج الأجاجي، فسمع تسبيح الحيتان للرحمن، وحتى سمع تسبيح الحصى لفالق الحب والنوى ورب السماوات السبع والأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى. فعند ذلك وهنالك؛ قال ما قال بلسان الحال والمقال، كما أخبر عنه ذو العزة والجلال؛ الذي يعلم السر والنجوى، ويكشف الضر والبلوى، سامع الأصوات وإن ضعفت، وعالم الخفيات وإن دقت، ومجيب الدعوات وإن عظمت، حيث قال في كتابه المبين، المنزل على رسوله الأمين، وهو أصدق القائلين ورب العالمين وإله المرسلين: { وذا النون إذ ذهب } (سورة الأنبياء:87) { مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين } (سورة القلم:48ـ50) (فظن أن لن نقدر عليه) أن نضيق عليه، وقيل معناه: نقدر على التقدير وهي لغة مشهورة، قدر وقدر كما قال الشاعر: فلا عائد ذاك الزمان الذي مضى تباركت، وتقدر يكن، فلك الأمر (فنادى في الظلمات) قال ابن مسعود وابن عباس وعمرو بن ميمونة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والحسن وقتادة الضحاك: ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل. وقال سالم بن أبي الجعد: ابتلع الحوت حوت آخر فصارت ظلمة الحوتين مع ظلمة البحر. وقوله تعالى: { فلولا أنه كان من المسبحين * للبث في بطنه إلي يوم يبعثون } (سورة الصافات:143ـ144) قيل معناه: فلولا أنه سبح الله هنالك، وقال ما قال من التهليل والتسبيح، والاعتراف لله بالخضوع، والتوبة إليه والرجوع؛ للبث هنالك إلي يوم القيامة، ولبعث من جوف ذلك الحوت. هذا معنى ما روي عن سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه. وقيل معناه: (فلولا أنه كان) من قبل أخذ الحوت له (من المسبحين) أي: المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيراً، قاله الضحاك بن قيس وابن عباس وأبو العالية ووهب بن منبه وسعيد بن جبير والسدي وعطاء بن السائب والحسن البصري وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير. وشهد لهذا ما رواه الإمام احمد وبعض أهل السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يا غلام إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة" وروى ابن جرير في تفسيره، والبزار في مسنده من حديث محمد بن إسحاق، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلي الحوت: أن خذه ولا تخدش له لحماً ولا تكسر له عظماً، فلما انتهى به إلي أسفل البحر سمع يونس حساً، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: إن هذا تسبيح دواب البحر، قال: فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنا نسمع صوتاً ضعيفا بأرض غريبة! قال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح؛ الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، قال: فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل" كما قال الله: { فنبذناه بالعراء وهو سقيم } (سورة الصفات:145) هذا لفظ ابن جرير إسناداً ومتناً، ثم قال البزار: لا نعلمه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. كذا قال. وقد قال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا أبو عبد الله احمد بن عبد الرحمن ابن أخي وهب، حدثنا عمي، حدثنا أبو صخر، أن يزيد الرقاشي قال: سمعت أنس بن مالك، ولا أعلم إلا أن أنساً يرفع الحديث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن يونس النبي عليه السلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فأقبلت هذه الدعوة تحت العرش فقالت الملائكة: يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة، فقال: أما تعرفون ذاك؟ قالوا: لا يا رب، ومن هو؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة؟ قالوا: يا ربنا أو لا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال: بلى: فأمر الحوت فطرحه في العراء". ورواه ابن جرير عن يونس عن وهب به زاد أبي حاتم: قال أبو صخر حميد بن زياد، فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث، أن سمع أبا هريرة يقول: طرح بالعراء، وأنبت الله عليه اليقطينة، قلنا: يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال: شجرة الدباء، قال أبو هريرة: وهيأ الله أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض، أو قال: هشاش الأرض، قال: فتفسخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت. وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتاً من شعر: فأنبت يقطينا عليه برحمةٍ من الله لولا الله أصبح ضاويا وهذا غريب أيضاً من هذا الوجه، ويزيد الرقاشي ضعيف، ولكن يتقوى بحديث أبي هريرة المتقدم، كما يتقوى ذاك بهذا، والله أعلم. وقد قال الله تعالى: (فنبذناه) أي: ألقيناه (بالعراء) وهو المكان القفر الذي ليس فيه شيء من الأشجار، بل هو عار منها، (وهو سقيم) أي: ضعيف البدن، قال ابن مسعود: كهيئة الفرخ ليس عليه ريش، وقال ابن عباس والسدي وابن زيد: كهيئة الصبي حين يولد وهو المنفوس عليه شيء. (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) قال ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف وعبد الله بن طاووس والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغير واحد: هو القرع. قال بعض العلماء: في إنبات القرع عليه حكم جمة، منها أن ورقة في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلي آخره، نياً ومطبوخاً، وبقشره وببذره أيضاً، وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك. وتقدم كلام أبي هريرة في تسخير الله تعالى له تلك الأروية التي كانت ترضعه لبنها وترعى في البرية، وتأتيه بكرة وعشية، وهذا من رحمة الله به ونعمته عليه وإحسانه إليه، ولهذا : (فاستجبنا له ونجيناه من الغم) أي: الكرب والضيق الذي كان فيه: (وكذلك ننجي المؤمنين) أي: وهذا صنيعنا بكل من دعانا واستجار بنا. قال ابن جرير: حدثني عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن، حدثني بشر بن منصور، عن علي بن زيد، عن سعيد ابن المسيب قال: سمعت سعد بن مالك ـ وهو ابن أبي وقاص ـ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، دعوة يونس بن متى"، قال: فقلت يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: "هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله تعالى: (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) فهو شرط من الله لمن دعاه به" |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
أو , الـكريم , القرآن , بقصه , دخولك , سجل , قصص |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
30 وسيلة إبداعية في حفظ القران الكريم. | غلا الكويت | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 29 | 05-06-2021 11:58 PM |
تلاوة قرآن | أمير الصحراء | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 03-05-2015 02:05 AM |
إحصائيات قرآنيه لوحه إلاهيه رائعه | نجوى العراق | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 12 | 28-08-2014 09:56 PM |
إعجاز القرآن الكريم | قطرات احزان | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 14 | 25-10-2013 03:01 AM |
أسرار التكرار في القرآن الكريم | ميارا | (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) | 11 | 13-02-2013 11:33 PM |