ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ > (همسات القرآن الكريم وتفسيره )


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-2017, 05:29 PM   #8


مبارك آل ضرمان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6704
 تاريخ التسجيل :  22 - 12 - 2015
 العمر : 34
 أخر زيارة : 29-10-2024 (09:03 PM)
 المشاركات : 287,431 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



" من أسرار البلاغة القرآنيّة "
من المعلوم عند أهل اللغة أنّ حرف الفاء يدل على الترتيب والتعقيب؛ فعندما نقول:"جاء أحمد فمحمود" فإننا نقصد أن نقول:" جاء أحمد وجاء بعده محمود، بغير فارقٍ زمنيّ طويل"، فحرف الفاء يشير إلى العلاقة الترتيبيّة والزمنيّة بين الفعلين: (جاء و جاء)، وعليه لا بدّ أن يأتي في اللفظ بين الفعلين. أمّا حرف الواو فلا بدّ أن يأتي أيضاً بين الفعلين، ولكن لا يدلّ بالضرورة على ترتيب ولا تعقيب.
ما نطرحه الآن هو استقراء لتكرار كلمة (لمّا) في سورة يوسف، وذلك عندما يسبقها حرف الفاء، أو حرف الواو. وقد خرجنا بنتيجة نظن أنّها لم ترد عند أهل اللغة، ولا مانع من ذلك، لأنّ قواعد اللغة العربيّة هي في الأصل استقرائيّة.

جاء في سورة يوسف:
" وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ..."95
" وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ..."65
" وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ..."94
" وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ..."69
" فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ..."63
" فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ..."70
" فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرّ"88
" فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ..."99
اللافت في الآيات الأربع الأولى أنّه تمّ استخدام ولمّا. أمّا في الآيات الأربع التالية فقد تمّ استخدام فلما. وقد وردت ولمّا في سورة يوسف 6 مرّات، في حين وردت فلمّا في السورة 12 مرّة. وفي محاولة لاستنباط القاعدة في استخدام الفاء والواو مع لمّا نقوم باستعراض الآيات السالفة:
" وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ ".
هناك فارق زمنيّ بين تجهيز حمولة أخوة يوسف ووصية يوسف، عليه السلام، لهم، لأنّ الرحيل في العادة لا يكون بعد التجهيز مباشرة، وإنما كان يرتبط بالوقت المناسب لرحيل القوافل. ولا تكون الوصية في الغالب إلا عند اقتراب الرحيل، أو عند وداع المسافرين. من هنا، ونظراً لوجود فارق زمنيّ بين الفعل جَهَّزَ والفعل قَالَ ، ناسب أن ترد الواو مع الأداة لمّا.
" فَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ".
جاءت الفاء هنا مع الأداة لمّا لعدم وجود فارق زمنيّ كبير بين الفعل جَهَّزَ والفعل جَعَلَ، لأنّ يوسف، عليه السلام، عندما أراد أن يضع صُواع الملك في رحل أخيه الصغير اختار أن يكون ذلك عند تجهيز الرحال.
" وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ ".
استخدمت الواو مع الأداة لمّا هنا نظراً لوجود فارق زمنيّ بين الفعل دَخَلُواْ والفعل آوَى، لأنّ يوسف، عليه السلام، لم يكن قد كشف عن شخصيّته لإخوته، وبالتالي لم يكن بالإمكان أن يخلو بأخيه الصغير فور دخولهم، بل كان لا بد له من الحيلة وانتهاز الفرصة أو افتعالها، لينفرد به ويعرّفه على نفسه.
" فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ ".
جاءت الفاء هنا مع الأداة لمّا لعدم وجود فارق زمنيّ بين الفعل دَخَلَ والفعل آوَى، وذلك لأنّ يوسف، عليه السلام، كان ينتظر حضور أبويه على أحرّ من الجمر، فكيف لا يسارع إلى ضمّهما وإيوائهما إليه بمجرّد دخولهما؟!
" وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ ".
جاءت الواو مع الأداة لمّا هنا نظراً لوجود فارق زمنيّ بين الفعل فَتَحُواْ، والفعل وَجَدُواْ، وذلك لأنّ اكتشاف البضاعة المُخبّأة داخل أكياس القمح، أو غيره من المواد التموينيّة، لا يتم بمجرد فتح هذه الأكياس، بل لا بد من مرور بعض الأيام، وعلى وجه الخصوص، في ذلك الزمن، الذي كانت فيه أساليب الطحن بدائيّة، فيتمّ الأخذ من الأكياس شيئاً فشيئاً. في المقابل لا يُتوقّع أن تُجعل بضاعتهم، التي قدّموها كثمنٍ للمواد التموينيّة، في فم الأكياس:" وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ..."، والجعلُ في الرحال فيه معنى الإخفاء في الداخل. وقد يَحسُن هنا أن نلفت الانتباه إلى أنّ إخوة يوسف، عليه السلام، كانوا يعيشون في مجتمع بدوي مما يعني أنّ بضاعتهم يمكن أن تكون من المنسوجات أو المصنوعات، وعلى وجه الخصوص الحليّ المختلفة.
" وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ ".
وردت الواو مع الأداة لمّا هنا نظراً لوجود فارق زمنيّ بين الفعل فصل والفعل قال، لأنّ القوافل تقترب شيئاً فشيئاً، وعندما تقترب تبدأ بالانفصال يميناً وشمالاً، كلٌ يقصد قبيلته، ويستغرق ذلك زمناً. وقد استشعر يعقوب، عليه السلام، ذلك، ووجد في نفسه قرب لقاء يوسف، عليه السلام. ويتكرر الوجدان لديه ويقوى إلا أنّه يكتم ذلك، خشية التكذيب:"وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قَالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لأجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ"، فاستخدام الفعل أَجِدُ يدل على تكرار واستمرار الوجدان. ولمّا قوي لديه، عليه السلام، ذلك صرّح به، وطول الكتمان تشير إليه لَوْلاَ؛ أي لولا معرفته، عليه السلام، بموقفهم المُكذّب، لسارع إلى الإخبار بما وجده من إشعار ربّاني.
" فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ ".
أمّا هنا فجاءت الفاء مع الأداة لمّا وذلك لعدم وجود فارق زمنيّ كبير بين الفعل رَجَعَ والفعل قال، وهذا يشير إلى مسارعة إخوة يوسف، عليه السلام، لإخبار أبيهم بأنّهم قد مُنعوا من الرجوع إلى مصر. وهذه المسارعة كانت بمجرد لقائه، كيف لا، وهي مسألة في غاية الأهميّة في مجتمع بدوي يعاني من القحط الشديد؟! ويضاف إلى ذلك أنّهم قوم من البدو البسطاء، والمسارعة إلى عرض المشكلات لديهم من الأمور المتصوّرة في مثل هذه الحالات. وقد يكون من مقاصد القرآن الكريم هنا أن يكشف عن هذه الحقيقة النفسيّة.
" فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ ".
جاءت الفاء هنا مع الأداة لمّا لعدم وجود فارق زمنيّ كبير بين الفعل دَخَلَ والفعل قالَ، لأنّ أخوة يوسف، عليهم السلام، قد جاءوا وهم في حالة شديدة من الضنك والمعاناة، كما هو ظاهر في النص الكريم. ومن المتصوّر عندها أن يبادروا إلىعرض مشكلتهم بمجرد دخولهم على العزيز. وفي هذا تشخيص بليغ لواقعهم النفسي الناتج عن واقعهم الاقتصادي. ولا عجب عندها أن يبادر يوسف، عليه السلام، إلى الكشف عن حقيقته!
من هنا ندرك أنّ البلاغة ليست مجرد قدرة على التلاعب بالألفاظ، بل هي القدرة على البيان عن الواقع وتشخيصه في أصدق وأجمل صورة.


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 05:32 PM   #9


مبارك آل ضرمان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6704
 تاريخ التسجيل :  22 - 12 - 2015
 العمر : 34
 أخر زيارة : 29-10-2024 (09:03 PM)
 المشاركات : 287,431 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



البلاغة في القرآن الكريم - اختلاف الصبر
يقول الله سبحانه وتعالى : ( واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور )

ثم نجد في آية ثانية : ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) زادت هنا اللام .. أي إنسان يقول إن زيادة اللام هنا للتأكيد .. كلمة مترادفة .. لا يتوقف عندها كثيرا .. ولكن المسلم حين يدقق في معاني القرآن الكريم .. يجد أن كل حرف في القرآن الكريم .. قد تم وضعه بحكمه بالغة .. وأنه لا شيء اسمه مترادفات وإنما لكل لفظ معنى يؤديه , ولا يؤديه اللفظ الآخر .. رغم التشابه .. فإذا دققنا في المعنى نجد ما يلي : في الآية الأولى يقول الله سبحانه وتعالى ( واصبر على ما أصابك ) .
والأمر هنا نوعان نوع للإنسان فيه غريم .. ونوع لا يوجد فيه غريم .. عندما أمرض ليس لي غريم .. وإذا أصابني مكروه بقضاء وقدر .. كان أكون سائرا في الطريق فيسقط شيء فوقي ليس هناك غريم .. إنما عندما أسير في الشارع ويعتدي على إنسان بالضرب .. إذن هناك غريم . فهناك نوعان من الصبر .. صبر النفس وما ليس لي فيه غريم .. وهذا هين لأنه ليس هناك إنسان انفعل عليه .. ولا أملك أن أرد على شيء قد حدث لي .. ما حدث هو قضاء الله .. وأنا ليس أمامي إلا الصبر .. هذا نوع من الصبر لا يحتاج إلى طاقة كبيرة ليمارسه الإنسان .. لأنه ليس هناك غريم أستطيع أن أرد له ما أصابني . والنوع الثاني من الصبر .. محتاج إلى جلد .. ومحتاج إلى قوة إرادة .. وهذا النوع هو الذي يوجد لي فيه غريم أستطيع أن انتقم منه .. وأستطيع أن أصفح وأغفر .. إذن عندما يتحدث الله سبحانه وتعالى عن الصبر بنوعيه .. يعطي لكل نوع ما يستحقه من وصف للنفس البشرية .. فهو عندما يتحدث عن الصبر على شيء ليس له .. فيه غريم يقول : ( واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ) وعندما يتحدث عن الصبر الذي لي فيه غريم بحيث أستطيع أن أنتقم وأكون منفعلا إذا لم أنتقم .. يقول سبحانه وتعالى : ( إن ذلك لمن عزم الأمور ) هنا اللام للتأكيد في نوع الصبر .. وما يحتاجه من جلد وضبط للنفس .. ففي الحالة الأولى حينما لا تستطيع أن تعاقب بمثل ما عوقبت به .. يكون الصبر من عزم الأمور .. ولكن في الحالة الثانية فإنك تستطيع أن تنتقم من غريمك ولذلك قال الله سبحانه وتعالى : ( ولمن صبر وغفر ) وهنا يظهر من كلمة غفر .. أن هناك غريما يمكن الانتقام منه .. وأن هذا الغريم قد غفر الإنسان له .. ومن هنا لابد أن تأتي اللام للتأكيد .. لتؤكد المعنى .. وتؤكد الفرق بين عزم الأمور في الحالة الأولى .. وعزم الأمور في الحالة الثانية .. وهكذا نرى أن حرفا واحدا في القرآن الكريم يصنع معجزة


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 05:33 PM   #10


مبارك آل ضرمان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6704
 تاريخ التسجيل :  22 - 12 - 2015
 العمر : 34
 أخر زيارة : 29-10-2024 (09:03 PM)
 المشاركات : 287,431 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



البلاغة في القرآن الكريم - لماذا التغيير
قال تعالى : ( سقاهم ربهم شرابا طهورا ) هذا قول الله سبحانه وتعالى .. وفي آية أخرى يقول الله سبحانه وتعالى : ( وإن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ) لماذا لم يقل سبحانه لو استقاموا على الطريقة لسقيناهم .. مع أن سقى وأسقى بمعنى واحد .. واللفظان يتعديان لمفعولين ما هو الخلاف .. هل هي مجرد مترادفات .. أم ألفاظ تتغير حتى لا تتكرر نفس الألفاظ .. أبدا .. كل تغيير له حكمه .. كل تغيير يحدد معنى معينا لا يحدده غيره .. ونحن حين نأتي ونتابع القرآن الكريم نجد أن سقى تستخدم في الأمر الذي ليس فيه كلفة ولا علاج .. وأسقيناهم في الأمر الذي فيه كلفة وعلاج .. هذا في أمور الدنيا ( أسقيناهم ماء غدقا ) أمر فيه كلفة .. فيه جهد .. نحن أوجدنا لهم الماء وجعلناه متوافر لديهم بلا تعب ولا نصب .. فهو موجود في البئر .. ولكن لكي تتم السقيا يجب أن يذهب الإنسان إلى البئر ليشرب .. أو أن يحضر له إنسان آخر الماء .. إذن هنا في أسقيناهم .. رغم أن الماء موجود بقدرة الله سبحانه وتعالى .. ومتوافر بقدرة الله سبحانه وتعالى .. إلا إن عملية السقيا فيها عمل من الإنسان .. أو جزء من العمل .. فإذا أتينا إلى كلمة سقيناهم .. نجد الله سبحانه وتعالى يقول : ( وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) هذا في الجنة .. بمجرد الخاطر ليس فيه كلفة .. إذا أحسست بالعطش وجدت الماء أمامك يصل إلى فمك .. هنا في الآخرة لا يوجد أي جهد ولا أي كلفة للإنسان في أي عمل يعمله .. فكل شيء في الجنة متى تمناه الإنسان وجده حاضرا أمامه .. إذن فقول الله سبحانه وتعالى : ( وسقاهم ربهم شرابا طهورا ) معناه أن السقيا هنا في الجنة ليس فيها أي جهد .. ولا أي كلفة .. ولذلك فرق الله سبحانه وتعالى بين السقيين .. رغم إنه هو الذي أوجد الماء أو ما يتم شربه في الحالتين وقول الله تعالى : ( يعملون .. ) ( ويعقلون ) إذا مضينا نقرأ القرآن الكريم .. نجد الله سبحانه وتعالى قد استخدم لفظا معينا .. وفي حالة مماثلة لم يأت بنفس اللفظ حتى انك حين تسمع الآية تظن أنه سيأتي باللفظ الأول .. ولكنه لا يأتي به .. مثلا يقول الله سبحانه وتعالى : ( أو لو كان آباؤهم لا يعلمون ) ويقول الله سبحانه وتعالى : ( أو لو كان آباؤهم لا يعقلون ) لماذا الاختلاف في الكلمة .. مع أن العلم والعقل واحد .. أقول إن هناك فرقا كبيرا يحتم في مرة استخدام لفظ يعلمون .. وفي مرة استخدام لفظ يعقلون .. نأتي إلى نص الآيتين الكريمتين في سورة البقرة يقول الله تعالى : ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه ءاباءنا أو لو كان ءاباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون * ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) والآية الثانية في سورة المائدة : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول قالوا حسبنا ما وجدنا عليه ءاباءنا أو لو كان ءاباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون * يأيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) ولكن عندما يأتي المستشرقون يقولون إن اللفظين مترادفان .. فالعلم والعقل .. العقل والعلم شيء واحد.. والعاقل من علم أو من استطاع أن يعقل العلم , ويقولون إن هذه مترادفات إلى آخر ما يقال في هذا الموضوع نقول لهم إنكم حينما تقولون هذا الكلام .. إنما لا تعرفون شيئا عن بلاغة القرآن الكريم .. فالله سبحانه وتعالى لا يستخدم لفظين لأداء نفس المعنى ولكن كل لفظ له معناه كل لفظ يعبر بدقة عن المعنى المراد منه .. فالله سبحانه وتعالى عندما يقول يعقلون .. معناها إنهم لا يفهمون شيئا أي ليس لهم عقول تفكر .. لا يتدبرون في أمر هذا الكون .. إنهم لا يستخدمون عقولهم .. ولو استخدموها وفكروا وتأملوا قليلا لوصلوا إلى أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق البارئ .. وإن هذا الكون بدقته وبديعه لا يمكن إلا أن يكون من خلق الله سبحانه وتعالى .. هذه في كلمة يعقلون .. إذن هنا هو نفى عنهم التدبر والتعقل في أمور العبادة وفي أمور هذا الكون ولكن عندما يقول الله سبحانه وتعالى لا يعلمون فهو قد نفي عنهم التعقل والعلم معا .. بمعنى أنني قد أكون أنا باحثا في هذا الكون .. قد أكون متأملا فيه عاقلا لما يدور .. فافكر بعقلي .. وأصل إلى أشياء .. هذا هو الإنسان الذي يعقل .. أما قوله تعالى : ( لا يعلمون ) فهو يريد أن يقول لنا . إنهم بجانب عدم تدبرهم في هذا الكون .. وإنهم لا يعقلون الآيات الموجودة فيه .. هم أيضا لا يعقلون ما علمه غيرهم من العلم .. فالذي لا يعقل لا يتدبر ولا يفكر في آيات الكون .. أما الذي لا يعلم فهو لا يفكر بعقله .. ولا يعلم ما عقله غيره .. إنه ليس لديه علم .. ولا علم له من نتاج عقل غيره .. فالعلم أوسع من التعقل .. ذلك أن العلم قد يكون علم غيري دونه أو كتبه وسجله وأكون أنا في هذه الحالة قد أخذت هذا العلم .. وقرأته .. فكأني علمت ما عقله غيري .. وهذا يحدث لنا كل يوم فنحن حين نقرأ كتابا جديدا نعقل ما علمه غيرنا .. وحين نذهب إلى الجامعة ندرس ما علمه الأساتذة وكبار المفكرين .. فأنا لم أعقل الجاذبية مثلا .. ولم أعقل قوانين الفضاء لأنني لم اشتغل بها لكي أصل إليها بعقلي .. ولكني علمتها عن طريق عالم في الفضاء .. أو في الجاذبية .. ووصل بعقله وفكره إليها ثم قرأت أنا ما علمه هو .. فأنا هنا علمت ما عقله غيري .. فالله سبحانه وتعالى حين يقول لا يعقلون في الآية الأولى .. أي إنهم لا يتدبرون في الكون مستخدمين عقولهم .. لأنهم يقولون .. ( بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا ) ومن هنا فإن الله رد عليهم ( أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) ولذلك يصفهم الله سبحانه وتعالى : ( صم بكم عمي فهم لا يعقلون ) أي لا يسمعون ولا يرون ولا يتحدثون بآيات الله سبحانه وتعالى وهذا هو السبب في أنهم لا يعقلونها .. ولكن حين يقول الله سبحانه وتعالى : ( لا يعقلون ) .. تأتي ردا على كافرين .. قالوا : ( حسبنا ما وجدنا عيه آباءنا ) هنا هم قد نطقوا .. قالوا : لا نريد شيئا .. ولا نريد علما . . يكفينا ما وجدنا عليه آباءنا .. فرد الله سبحانه وتعالى : ( أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ) أن أنهم لا يعلمون علما بعقلهم .. ويرفضون العلم الذي وصل إليه غيرهم .. وهكذا نرى الفرق بين كلمة لا يعقلون .. وكلمة لا يعلمون




 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 05:36 PM   #11


مبارك آل ضرمان غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6704
 تاريخ التسجيل :  22 - 12 - 2015
 العمر : 34
 أخر زيارة : 29-10-2024 (09:03 PM)
 المشاركات : 287,431 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



البلاغة في القرآن الكريم - أنت العزيز

قال تعالى : ( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم ء أنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلــهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب ) ( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) : ( إن تعذبهم فإنهم عبادك ) فهذا مفروغ منها .. فنحن جميعا عباد الله مقهورون لإرادته .. خاضعون له سبحانه وتعالى ولقضائه .. ثم يقول عيسى بن مريم : ( وإن تغفر لهم ) هذا طبعا ما يرجوه كل إنسان من الله سبحانه وتعالى الرحمة والمغفرة .. ولكن هنا يتبع كلمة ( وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ) . لماذا لم يقل إنك أنت الغفور الرحيم ؟ هنا موقف غفران .. فلماذا العزة في موقف الغفران .. وليست المغفرة والرحمة ؟ يقول بعض الناس إن العبارة غير متمشية .. وإن سياق الكلام كان يقتضي أن يقول عيسى بن مريم ( إنك أنت الغفور الرحيم ) ونحن نقول إن كل من يثير هذا الكلام لا يفهم إعجاز القرآن .. فقول ابن مريم ( إن تغفر لهم ) .. يحمل نفس المعنى في إنك أنت الغفور وإلا إن لم تكن غفورا فكيف تغفر . ولكن قوله إنك أنت العزيز الحكيم ما سبب وضع العزيز الحكيم هنا .. هل الآية مختومة بما لا يتمشى مع العقل ؟ الآية مختومة بعبارة من أبلغ ما يمكن .. هنا في مطلب الغفران .. وهو يدعو الله أن يغفر لعباده .. فيقول له : وإن تغفر لهم .. فإنك أنت العزيز .. أي الذي لا يحاسبه أحد على ما يفعل .. فلا أحد سيأتي ليقول لله لماذا غفرت لهؤلاء الناس الذين عصوا ؟ لأنك أنت العزيز لا يحاسبه أحد .. وليس فوقه قوة .. فأنت يا ربي إن أردت أن تغفر لهم فهي مشيئة رحمتك .. فإنك قادر .. لماذا ؟ لأنك أنت العزيز تستطيع أن تفعل ذلك دون أن يسألك أحد .. الحكيم الذي يتم كل أمر منك بحكمة وهكذا نرى أن هذه الكلمة وضعت بحكمة زيادة في الاستغفار .. زيادة في طلب المغفرة .. يا ربي اغفر لهم إنك أنت العزيز .. لا يحاسبك أحد .. ولا يعقب عليك .. وبالتالي فنحن نلوذ بشيئين بأنك غفور رحيم .. وبأنك عزيز حكيم .. غفور تغفر الذنوب للعاصين .. وعزيز تستطيع أن تغفر ما تشاء لمن تشاء .. بلا قيود .. ولا يحاسبك أحد على ما تفعل .. ولا يعتب عليك .. ولا يسألك .. انك تستطيع أن تغفر الذنوب مهما بلغت .. هل وضح


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 06:08 PM   #12


د/ نور اليقين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8086
 تاريخ التسجيل :  15 - 9 - 2017
 أخر زيارة : 17-10-2018 (11:29 PM)
 المشاركات : 10,789 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Navajowhite
افتراضي



الأستاذ القدير مبارك آل ضرمان
جزاك الله خيرا لروعة الردود والفائدة فمن العسير سيدي أن نلم بالأسرار البلاغية لحروف الجر وحسبنا أن نقدم نماذج تشهد بالإبداع وعمق الدلالة في التراكيب القرآنية.
1- تكرار الحرو ف الجر:
وهذا التكرار إما أن يكون بالحروف المكررة وإما أن يكون بتنوع الحروف.
أ- تكرا ر الحروف المتماثلة:
ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: ﴿ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7) وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾([2]) فقد تكرر الحرف على- في الآية الأولى- وحرف
الباء في الآية الثانية؛ وجاءت الآية الأولى في مقابلة الآية السابقة التي وصف الله فيها المتقين بأنهم ﴿ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ﴾([3]) حيث تشير- على- إلى التمكن من الهدى والاستقرار عليه بطريق المجاز ولاشك أن الاستعلاء أقوى أنواع التمكن فقوبل هذا الثناء بهذا الحجب والإقصاء لهؤلاء الكافرين الذين منعهم الله من نفاذ الإيمان إلى منافذ الإدراك فيهم- وهى- القلوب والسمع والأبصار - وبدأ بالقلوب لأنها أساس الفهم والإدراك ثم السمع لأنها المنفذ إلى القلب، ثم كانت الغشاوة على الأبصار لحجبها عن أدلة التوحيد؛ وفى اختيار حرف الجر- على- ما يدل على قوة المنع وعدم حصول فائدة إيمانية لهم على وجه الإطلاق؛ فالاستعلاء هنا استعلاء حجب وحرمان بطريق المجاز وإن كانت وسائل الإدراك موجودة لكنها عطلت، وقوله: (ومن الناس) هذه طائفة ثالثة هي طائفة المنافقين وهو من باب عطف القصة على القصة وقد أكدوا القول بإيمانهم بالله وباليوم الآخر بتكرير حرف الجر وجعلوا ذلك في إطار الجملة الفعلية التي تدل على تحقيق ذلك منهم في الماضي وهو مستمر في الحال؛ وكان
الرد عليهم بالنفي المؤكد كذلك ﴿وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ﴾ بدخول حرف الجر على خبر-ما-النافية الدالة على النفي في الحال؛ وهو يستلزم النفي في الماضي من باب أولى وإذا كانوا قد اهتموا بالفعل وهو- آمنا- وجاءوا بالجملة الفعلية لذلك فقد جاءت الجملة التي تنفى عنهم الإيمان اسمية لأن الاهتمام فيها يكون للفاعل، أي: أنهم كاذبون في قولهم آمنا([4]).
ويناظر تكرار حرف- على- ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَفَرَءيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إلَهَهُ هَوَاهُ وأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وقَلْبِهِ وجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ﴾([5]) نجد أن حرف- على - يمثل استعلاء القهر وقدرة الله النافذة حيث لا يجدى علم ولا ينفع سمع ولا قلب ولا بصر؛ فكل ذلك مقهور لله عز وجل، وذلك بسبب الكفر؛ ولذلك كان اختيار- على- وتكراره تجسيدا للقهر والغلبة التي أحاطت بوسائل الأدراك فأحبطت عملها وأزالت إدراكها.
وكان الختم على السمع أولا هنا لأن الحديث عن كافر سمع ولكنه استكبر كما ورد في السورة- يسمع ﴿يَسْمَعُ آيَاتِ اللَّهِ تُتْلَى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِرًا كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾([6]) و كان في البقرة على القلوب أولا لأن الحديث عن كافرين كفرهم أشد والختم على القلب أقوى.
وتكرير حرف الجر في البقرة ثلاث مرات، وفى الجاثية مرتين يدل على أن توكيد الختم في البقرة أقوى واكد لأن الكفر أشد وأطغى؛ لأنه قال: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾([7])فالإنذار وعدمه سواء بالنسبة لهؤلاء الكافرين ولذلك لا يرجى منهم إيمان، ولذلك قال: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَة﴾([8])بالجملة الاسمية الدالة على الثبوت والدوام، وذلك بخلاف قوله في الجاثية:﴿ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾([9]) بالجملة الفعلية الدالة على التجدد والحدوث، والجعل معناه التصيير والتحويل ومعنى ذلك "أن الغشاوة لم تكن قبل الجعل- يدل على ذلك
قوله تعالى:﴿ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾([10]) مما يدل على أنه كان مبصرا قبل ترديه"([11]).
وقد يتكرر الحرف ليبين واقعا حقيقيا في عالم المخلوقات كما في قوله تعالى:﴿ وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ مَاءٍ ۖ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَىٰ أَرْبَعٍ ۚ﴾([12]).
فتكرار- ومنهم، وعلى-لاستقلال كل قسم عن الآخر، وإن الكل محط نظر واعتبار، وقد غلب جانب العقلاء لأن الكل سواء في الدلالة على قدرة الله وبديع صنعه.


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 06:16 PM   #13


د/ نور اليقين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8086
 تاريخ التسجيل :  15 - 9 - 2017
 أخر زيارة : 17-10-2018 (11:29 PM)
 المشاركات : 10,789 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Navajowhite
افتراضي



هنا تكرار الحروف المتنوعة:
ومن بديع الحروف في النظم أن تتكرر وتتنوع في الأسلوب الواحد مثل أسلوب القسم، تأتى الواو، والباء، والتاء، والواو أكثر استعمالا ولا تختص بلفظ الجلالة، وإنما تأتى معه ومع غيره، كما في قوله تعالى: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾([17])، ﴿وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾([18])، ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا ﴾([19])، ﴿ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾([20]).
وتأتى- الباء- مع الله ومع غيره كما في قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾([21])، ﴿فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾([22]) وهى دالة على الطلب والاستعطاف .
وأما التاء: فخاصة بالله عز وجل كما في قوله تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم﴾([23])، ﴿تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ﴾([24]) وهى دالة على معنى التعجب والتفخيم.
قال الزمخشري : "في قوله تعالى: ﴿وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم﴾ فإن قلت ما الفرق بين الباء والتاء؟ قلت إن التاء فيها زيادة معنى وهو التعجب كأنه تعجب من تسهيل الكيد على يده وتأتيه لأن ذلك كان أمرا مقنوطا منه لصعوبته وتعذره"([25]).
وفى قوله تعالى: ﴿۞إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾([26]) نجد أن- اللام- جاءت أولا للأربعة الأول، ثم جاءت- في- مع اثنين، ثم تكررت مع الاثنين الأخيرين، والعلة في ذلك كما يقول الزمخشري- للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره لأن- في- للوعاء فنبه على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصبا، وذلك لما في فك الرقاب من الكتابة أو الرق أو الأسر، وفى فك الغارمين من الغرم من التخليص والإنقاذ ولجمع الغازي الفقير أو المنقطع في الحج بين الفقر والعبادة وكذلك ابن السبيل جامع بين الفقر والغربة عن الأهل والمال.
وتكرير-في- في قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السبيل فيه فضل ترجيح لهذين على الرقاب والغارمين"([27]).
كما أن اللام مشعرة بتملك الأربعة الأوائل لما يصرف إليهم.
ولكن الأربعة الأواخر إنما هم محال لما يصرف إليهم من اجل إنقاذهم مما هم فيه ومن البين في ذلك قوله تعالى: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾([28]) فقد أقسم الشيطان بأنه سيترصد لكل من يسلك طريق الحق ونلاحظ أنه قال: ﴿لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ﴾، واللام تفيد الاختصاص في قوله: (لهم) أى: هم خصوصا أهل الحق والصلاح هم الذين يقعد لهم الشيطان في كل مكان يسلكونه ولذلك لم يقل: (في صراطك المستقيم) لدلالة- في- على خصوصية المكان وهو لا يريد مكان معينا وإنما يريد المكان على سبيل العموم أى: في أى مكان يرى فيه أهل الحق، وبعد ذلك ارتقى بطريق التراخي الرتبي في- ثم- ليحدد السبل التي ينفد فيها إلى أعدائه وهو يتسلل إليهم في خفية ولذلك عبر عن ذلك بالإتيان-لآتينهم- دون المجيء، وذكر جهتين-بــــــ/من — من بين أيديهم ومن خلفهم، وجهتين بــــــــ/عن- عن أيمانهم وعن شمائلهم.
وحرف من يدل على أن بداية الإتيان إليهم يكون من الأمام ومن خلف، وأما إتيانه من اليمين والشمال فإنه يكون منحرفا عنهم وذلك من منطلق أن- من- للابتداء- وعن- للمجاوزة- وهذه فروق دقيقة في بلاغة استعمال الحروف قلما توجد إلا في العربية.
نقول- جئته من يمينه- أى: أن ابتداء مجيئك كان من جهة اليمين.
وجئته عن يمينه؛ أى: أن المجيء كان منحرفا عن اليمين.
وجئته من عن يمينه؛ أى: أن بداية المجيء كان منحرفا عن جهة اليمين([29]).
وانظر إلى قوله تعألى: ﴿ وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾([30]).
وقوله تعالى بعد ذلك: ﴿وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا﴾([31]). تأمل قوله﴿وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا- فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ﴾ تجد أن- فيها- ومنها- ترسم وترسخ مبدأ التعامل مع الأموال، والأمر الأول للأوصياء.
يقول لهم- اجعلوها مكانا لرزقهم بأن تتجروا فيها وتتربحوا حتى تكون نفقتهم من الأرباح لا من صلب المال فلا يأكلها الإنفاق([32]).ويؤيد هذا المعنى قوله-صلى الله عليه وسلم - ابتغوا في أموال اليتامى التجارة لا تأكلها الزكاة).
والأمر الثانى للورثة الذين يجتمعون لقسمة الميراث أمروا بأن يعطوا هؤلاء الحاضرين شيئا من التركة ترضية لهم وجبرا لخواطرهم، ولذلك قيل: ﴿ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ﴾ أى: مما ترك الوالدان والأقربون.
ومما تراوحت فيه حروف الجر- اللام- و- إلى قوله تعالى من سورة الرعد: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾([33]) من سورة لقمان: ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾([34]) ﴿وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى﴾([35]) كل هذه الآيات ناطقة-بقدرة الله عز وجل حيث سخر هذه النجوم والكواكب لمصلحة الإنسان بما ينتج عنه من الليل والنهار وفصول السنة الأربعة، والفعل- يجرى- يدل على هذه الحركة الحثيثة المستمرة طوال هذه الحياة، وأن هذا الجري لهدف وغاية مقصودة، ثم إن هذا الجري سوف ينتهى عندما تصل الحياة إلى نهايتها. ولذلك تنوعت تعدية هذا الجري.
فعندما عدى باللام الدالة على الاختصاص وبيان التعليل، كان المقصود الجري الدنيوي لإدراك أجل مسمى.
وعندما عدى بإلى، كان المقصود الانتهاء إلى أجل مسمى في الأخرة التي ينتهى إليها كل شيء.


 

رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 06:22 PM   #14


د/ نور اليقين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 8086
 تاريخ التسجيل :  15 - 9 - 2017
 أخر زيارة : 17-10-2018 (11:29 PM)
 المشاركات : 10,789 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Morocco
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Navajowhite
افتراضي



أما فيما يخص حروف الجر بين الذكر والحذف:
وتعظم رمزية حروف الجر كذلك في الذكر والحذف مما يدل على أن الحرف طاقة قوية إذا ذكر تفاعلت هذه الطاقة مع السياق وأدت من المعاني ما لا يؤديه حذف الحرف.
ومن ذلك قوله تعالى في سورة البقرة:﴿وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا﴾([36]) وفى الأعراف فكلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا﴾([37]).
والأمر لآدم وحواء أن يأكلا مما تذخر به الجنة من ألوان المأكولات، ودلت كلمة- رغدا- على التوسعة لهما مما يرغبان فيه دون الشجرة، ولما لم تذكر كلمة- رغدا- الدالة على التوسعة في الأعراف عوض عنها بـــــ/من- في الأعراف للدلالة على التوسعة.
وفى موطن آخر نجد- من- تذكر للدلالة على مزيد من التوكيد كما في قوله تعالى: ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ﴾([38]) وقال في سورة مريم: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّن قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثاً وَرِءْياً﴾([39]) وهكذا الآيات المتناظرة في الشعراء، وفى ص، وفى طه حيث ذكرت- من- تجد الاستيفاء الكامل والتفصيل الشامل في التهديد والوعيد وشدة التخويف في الآيات السابقة واللاحقة فذلك موضع زيادتها والتأكد بإثباتها وحيث لا يتقدم تفصيل على ما ذكرناه أو تكون آى: التهديد لا تبلغ في اقتضاء مقتضاها نفوذ الوعيد فهذا يناسبه الإيجاز بحذفها([40]).
وأحيانا تحذف- في- للدلالة على عمومية المكان كما في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾([41]).
فقد ذكر قبلها ما يدل على العموم والإطلاق من قوله تعالى:﴿ قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ۚ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا﴾([42]).
والسياق امتنان على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بأن الله جعلهم خلفاء في أرضه يملكونها ويتصرفون فيها، وليس ذلك خاصا ببقعة معينة و إنما هو على سبيل العموم والإطلاق حيث ينتشرون بانتشار الإسلام في كل مكان دخل عليه الليل والنهار.
وعندما تذكر- في- فإنها تدل على بقعة معينة من الأرض كما ورد في شأن فرعون وقومه كما قال تعالى: ﴿قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ ([43]).
وقال في القصص: ﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾([44])
وقال لقارون: ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ ([45])
والواضح من السياق أن المقصود بالأرض هي أرض مصر فجاء حرف الوعاء-في- لخصوصية المكان.
وأما قوله تعالى على لسان يوسف: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾([46]) فإن الإضافة هنا لا تعطى عمومية الأرض كما في- خلائف الأرض- وإنما تعطى عمومية المخازن في أرض مصر، والفرق واضح فالخلفاء ينتشرون في الأرض ولكن المخازن كانت منتشرة في أرض مصر خاصة، ولذلك عندما ذكر التمكن قال:
﴿وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ ۚ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾([47])لأن تمكن يوسف خاص بأرض مصر.
وقد تأتى من الدلالة على التراخي في التحدي كما قال تعالى في سورة يونس:﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([48]).
وقال في هود: ﴿أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ ۖ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾([49]).
وقال في البقرة: ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾([50]) والآيات تدور حول تحدى العرب الذين بلغوا قمة الفصاحة والبلاغة أن يأتوا بمثل سورة من القرآن، وقد كان الكلام شعرا ونثرا من أنفس بضاعتهم ومن أشدها رواجا في أسواقهم الثقافية ومع ذلك "تحداهم وكرر عليهم ذلك التحدي في صور شتى متهكما بهم متنزلا معهم إلى الأخف فالأخف فدعاهم أول مرة أن يجيئوا بمثله، ثم دعاهم أن يأتوا بعشر سور مثله، ثم أن يأتوا بسورة واحدة مثله، ثم بسورة واحدة من مثله وأباح لهم في كل مرة أن يستعينوا بمن شاءوا ومن استطاعوا.... ([51]).
2- حروف الجر بين التقديم والتأخير:
من المعلوم أن حرف الجر يصاحب مجروره تقديما وتأخيرا ولذلك رأينا الحروف مع مجروراتها تتقدم أو تتأخر طبقا للمعنى المراد من السياق، فليست هي المقصودة بالذات بالتقديم والتأخير، وإنما المقصود ما دخلت عليه، ولما كانت لا تنفك عنه أدخلناها في هذا المبحث.
وقد رأينا الكلام البليغ يتنوع ويتكاثر بسبب تقديم المجرور أو تأخيره، فمنه ما يدل على القصر، كما في قوله تعالى:﴿وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾([52])، ﴿وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾([53]).
وهكذا كل موضع يدل على إثبات الشيء للشيء ونفيه عن غيره فإنه يدل على القصر، كما في قوله تعالى: ﴿أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ﴾([54])،﴿إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25)ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ﴾([55])، ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾([56]) وقد يأتي الجار والمجرور متقدما ولا يدل على القصر وإنما لمجرد الاهتمام وبيان النعمة، كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ﴾([57]).
وقد يقتضى المعنى المقصود التقديم مرة والتأخير مرة أخرى، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾([58]).
وقال:﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ﴾([59])
وهاتان الآيتان وغيرهما مما هو متناظر معهما في التقديم والتأخير
تشير إلى ما هو محرم شرعا من المطعومات وبخاصة من الحيوان والإهلال، رفع الصوت بالتسمية والتكبير عند الذبح ولكن كان لتقديم الجار ومجروره وتأخيره معنى بليغا ما كان ليكون لو جاء الكلام على منحى واحد فقوله: ﴿ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ قصد منها تحريم الذبح الذى أريد به التقرب لغير الله كالذبح حول الأضرحة والنعوش أو لمرور حاكم، وما إلى ذلك من العادات والتقاليد التي ما أنزل الله بها من سلطان ولا سند لها من الدين، فهذا الذبح محرم أكله حتى ولو ذكر اسم الله عليه.
وأما قوله: ﴿ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾ فالقصد منها تحريم الذبح الذى ذبح بغير اسم الله تعالى، كاللات، والعزى، أو أى اسم آخر كما كانت تفعل بعض الطوائف الدينية، فهذا الذبح محرم شرعا حتى ولو كان القصد منه التقرب إلى الله.
فالآيتان تؤكدان الأمر الشرعي وهو أن الذبح يكون باسم الله وللتقرب به إلى الله، وبذلك تسد منفذي التحريم وهما:
1 - التقرب لغير الله ولو باسمه.
2 - التقرب لله بغير اسمه.


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
التلاعب , القران , تعرفوا , على , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القران الكريم يشرح نظرية تطور الانسان من الأحسن تقويم الى الادنى منه مبارك آل ضرمان (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 12 16-04-2017 12:53 AM
🌹: علمني القران ....✏ ساره الطنايا ( همســـــات الإسلامي ) 10 04-04-2017 07:13 PM
قصة جميلة عن القران Beautiful story about QURAN ميارا (همســـــات English word) 31 13-06-2014 06:11 PM
واحة القلوب في رحاب القران الكريم قطرات احزان (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 51 21-03-2014 12:16 AM
إن لم نبدأ الآن في حفظ القران فمتى سنبدأ ؟؟؟ النـور (همسات القرآن الكريم وتفسيره ) 13 12-04-2013 11:41 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 09:32 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010