الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
06-12-2019, 09:26 PM | #78 |
| شرف نسب السيدة زينب رضي الله عنها هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، القرشيَّة الهاشميَّة، بنت رسول الله سيِّد البشر أجمعين صلى الله عليه وسلم، أمُّها خديجة بنت خويلد رضي الله عنها. وهي كبرى بنات النبي صلى الله عليه وسلم وثاني أبنائه بعد القاسم أوَّل أبناء النبيِّ وبه كان يُكنَّى، ووُلِد بعدها عبد الله ورقية وأم كلثوم وفاطمة. ميلاد السيدة زينب رضي الله عنها وإسلامها وُلِدَت السيِّدة زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة ثلاثين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم؛ أي قبل البعثة بعشر سنين، وأسلمت مع أمِّها وأخواتها في أوَّل البعثة. السيدة زينب رضي الله عنها وأبو العاص بن الربيع لم تكن زينب رضي الله عنها قد جاوزت العاشرة من عمرها حين رَنَتْ إليها عيون الهاشميِّين، وتنافست بيوتات مكَّة على الظفر بها عروسًا لمن يختاره أبواها من كرام الفتية القرشيِّين، وكان الذي ظفر بها أبو العاص بن الربيع رضي الله عنه، ابن خالتها هالة بنت خويلد، وهو من أشراف مكة، كان ذلك قبل مهبط الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم [1]. وقد كانت السيِّدة زينب رضي الله عنه قد تعلَّمت الوفاء والإخلاص والمودَّة من أبويها، فكانت نِعْم الزوجة والحبيبة لزوجها وابن خالتها أبي العاص بن الربيع، وهو -أيضًا- لم يكن بأقلَّ منها وفاءً وإخلاصًا ومحبَّةً؛ فعلى الرغم من أنَّ زوجها أبو العاص ثبت على دين قريش، وكان من معدودي رجال مكَّة مالًا وأمانةً وتجارةً، فإنَّه حين مشت إليه وجوه قريش، وقالوا: اردد عَلَى مُحَمَّد ابنته، ونحن نزوِّجك أيَّة امرأةٍ أحببت من قريش. فقال: لا، ها الله، إِذَا لا أفارق صاحبتي، فإنَّها خير صاحبة. ولمـَّا سارت قريش إلى بدر كَانَ معهم، فأُسر فِي المعركة. وعن عائشة رضي الله عنها: لمــَّا بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند خديجة أدخلتها بها على أبي العاص قالت: فلمَّا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال: "إِنْ رَأَيْتُمْ أَنْ تُطْلِقُوا لَهَا أَسِيرَهَا، وَتَرُدُّوا عَلَيْهَا الَّذِي لَهَا". فقالوا: نعم. وكان رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم أخذ عليه أو وعده أن يخلِّي سبيل زينب إليه، وبعث رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم زيدَ بن حارثة رضي الله عنه ورجلًا من الأنصار، فقال: "كُونَا بِبَطْنِ يَأْجَجَ حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا حَتَّى تَأْتِيَا بِهَا" [2]. وقد أنشد أبو العاص رضي الله عنه مادحًا لها: ذَكَرْتُ زَيْنَبَ لَمَّا جَاوَزَتْ إِرَمَا ... فَقُلْتُ سُقْيًا لِشَخْصٍ يَسْكُنُ الْحَرَمَا بِنْتُ الْأَمِينِ جَزَاهَا اللهُ صَالِحَةً ... وَكُلُّ بَعْلٍ سَيُثْنِي بِالَّذِي عَلِمَا وقال أبو العاص هذا الشعر وقد خرج في سفرٍ له، وكان قد خرج في سنة ست إلى الشام في تجارةٍ له، فلمَّا انصرف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة مولاه في كثفٍ من المسلمين لاعتراض العير التي أقبل فيها أبو العاص، فاستاقها وأسره، فأُتي به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى زينب رضي الله عنها يستجير بها، ويقال: بل حاص حيصة حتى أتى زينب، فاستجار بها. فأجارته. فلمَّا صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح، قالت، وهي في صفة النساء: أيُّها الناس، إنِّي قد أجرت أبا العاص ابن الربيع. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَسَمِعْتُمْ مَا سَمِعْتُ؟ قالوا: نعم. قال: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا عَلِمْتُ بِمَا كَانَ حَتَّى سَمِعْتُ مَا سَمِعْتُمْ، إِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ. ثُمَّ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عند انصرافهم من المسجد، فقال: يَا بُنَيَّةُ: أَكْرِمِي مَثْوَاهُ، وَلَا يَخْلُصَنَّ إِلَيْكِ. وبعث إلى المسلمين ممَّن كَانَ فِي السريَّة: إِنَّكُمْ قَدْ عَرفْتُمْ مَكَانَ هَذَا الرَّجُلِ مِنَّا، فَإِنْ تَرُدُّوا عَلَيْهِ مَالَهُ فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ، وَإِلَّا تَرُدُّوهُ فَأَنْتُمْ أَمْلَكُ بِفَيْئِكُمْ الَّذِي جَعَلَهُ اللهُ لَكُمْ». فقالوا: بل نردُّه يا رسول الله. فردُّوا عليه ماله وجميع ما كان معه. وأسلم أبو العاص رضي الله عنه، فردَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليه زينب رضي الله عنها بنكاحٍ جديد. ويُقال: بل ردَّها بالنكاح الأول [3]. ردَّها في المحرم سنة سبع [4]. وكان إسلامه بعد أن ردُّوا عليه ماله ما فقد منه شيئًا، احتمل إلى مكة، فأدَّى إلى كلِّ ذي مالٍ من قريشٍ ماله الذي كان أبضع معه، ثم قال: "يا معشر قريش، هل لأحدٍ منكم مالٌ لم يأخذه؟" قالوا: جزاك الله خيرًا، فقد وجدناك وفيًّا كريمًا. قال: "فإنِّي أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، والله ما منعني من الإسلام إلَّا تخوُّف أن تظنُّوا أنِّي آكل أموالكم، فلمَّا أدَّاها الله عزَّ وجلَّ إليكم أسلمت". ثم خرج حتى قَدِمَ على رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمًا، وحسن إسلامه، وردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته عليه[5]. أبناء السيدة زينب رضي الله عنها ولدت السيدة زينب رضي الله عنها عليًّا وأمامة، وكان أبو العاص رضي الله عنه قد جعل عليًّا ابنه -وهو سبط الرسول- في قبيلةٍ للرضاعة، ثم استرجعه النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد رضاعته وربَّاه في كنفه، وعليٌّ رضي الله عنه هو الذي ردف النبيَّ على ناقته يوم الفتح، وتُوفِّي وهو في عمر الشباب. وفي صحيح البخاري عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما، قَالَ: أَرْسَلَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ: إِنَّ ابْنًا لِي قُبِضَ، فَأْتِنَا. فَأَرْسَلَ يُقْرِئُ السَّلاَمَ، وَيَقُولُ: «إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ، وَلَهُ مَا أَعْطَى، وَكُلٌّ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، فَلْتَصْبِرْ، وَلْتَحْتَسِبْ»، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ عَلَيْهِ لَيَأْتِيَنَّهَا، فَقَامَ وَمَعَهُ سعد بن عبادة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت ورجالٌ، فرفع إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الصَّبِيُّ وَنَفْسُهُ تَتَقَعْقَعُ -قَالَ: حَسِبْتُهُ أَنَّهُ قَالَ كَأَنَّهَا شَنٌّ- فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، فَقَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: «هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ، وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ»[6]. وهذا الحديث في الغالب في وفاة علي رضي الله عنه سبط الرسول صلى الله عليه وسلم، أمَّا أُمامة فهي حفيدته التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحبُّها وكان يحملها على عنقه في الصلاة كما جاء في صحيح مسلم وسنن النسائي وأبي داود، وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهَا أَحَبُّ أَهْلِي إِلَيَّ» [7]. وكانت السيدة فاطمة البتول رضي الله عنها قد أوصت زوجها عليًّا رضي الله عنه بأن يتزوَّج أُمامة، فتزوَّجها بناءً على هذه الوصيَّة، وكان سيدنا علي بن أبي طالب رضي لله عنه قد أمر المغيرة بن نوفل بن الحارث أن يتزوَّج أُمامة -زوجته- بعده، فتزوَّجت المغيرة بإذن الحسن رضي الله عنه، فولدت أُمامة للمغيرة ابنًا اسمه يحيى ولم يعقب[8]، وقيل: إنَّها لم تلد لا لعليٍّ ولا للمغيرة رضي الله عنهم أجمعين. وفاة السيدة زينب رضي الله عنها وكان سبب وفاتها أنَّه لمـَّا رجع أبو العاص إلى مكَّة وقد خُلِّي سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلًا من الأنصار مكانه، فقال: «كُونَا بِبَطْنِ يَأْجُجَ [9] حَتَّى تَمُرَّ بِكُمَا زَيْنَبُ فَتَصْحَبَاهَا فَتَأْتِيَانِي بِهَا». فخرجا مكانهما وذلك بعد بدر بشهر أو قريب منه، فلمَّا قَدِمَ أبو العاص مكَّة أمرها باللحوق بأبيها، فخرجت تتجهَّز، فلمَّا فرغت من جهازها قَدَّمَ إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيرًا فركبته، وأخذ قوسه وكنانته، ثم خرج بها نهارًا يقود بها وهي في هودجٍ لها، وتحدَّث بذلك رجالٌ من قريش، فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى، وكان أوَّل من سبق إليها هبَّار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العُزَّى والفهري، فروَّعها هبَّار بالرمح وهي في الهودج وكانت حاملًا -وقد اختلف الرواة في حملها- فطَرَحَت، وبرك حموها كنانة ونثر كنانته، ثم قال: والله لا يدنو منِّي رجلٌ إلَّا وضعت فيه سهمًا. فتكركر الناس عنه. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «هِيَ أَفْضَلُ بَنَاتِي أُصِيبَتْ فِيَّ»[10]. فلازمها المرض من وقتها حتى تُوفِّيت في سنة ثمان من الهجرة بالمدينة، فغسَّلتها أم أيمن، وأم المؤمنين السيدة سودة بنت زمعة، وأم المؤمنين السيدة أم سلمة رضي الله عنهن أجمعين. وصلَّى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل في قبرها ومعه أبو العاص، وجُعِل لها نعشٌ، فكانت أوَّل من اتُّخذ لَهَا ذلك، والذي أشارت باتِّخاذه أسماء بنت عميس؛ حيث رأته بالحبشة وهي مع زوجها جعفر بن أبي طالب[11]. وبهذا كانت سيرة السيدة زينب رضي الله عنها أولى حبَّات العقد الفريد في بيت الرسول الطاهر المبارك عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم. |
|
29-12-2019, 05:06 PM | #79 |
| قبسات من حياة أم المؤمنين السيدة خديجة هي خديجه بنت خويلد، كانت من كبار تجار قريش ومن أعالي النساء حسباً ومالاً أولى زوجات الرسول وأول من آمنت من النساء، أو لنتحرى الصدق هي أول إنسان آمن برسالة الإسلام ، لم تتوقف عن الجود بمالها ونفسها ورجاحة عقلها فى خدمة الدعوة إلى الإسلام ومؤازرة النبي صلى الله عليه وسلم . قبل نزول الوحي حينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلقب بالصادق الأمين، كانت السيدة خديجة تلقب بالطاهرة؛ دلالة على علو مكانتها وشرفها. كانت السيدة خديجة تعمل بالتجارة ولكن ما كانت تخرج لتجارةٍ مسافرةً، ولكن كانت تدفع مالها مُضاربةً للرجال، منها المال، ومن الرجال الجهد. وعندما سمعت -رضي الله عنها- عن أمانة وصدق النبي صلى الله عليه وسلم أرسلته بمالها مع غلامها ميسره. فذهب الرسول مع ميسره فى رحلة التجارة وكان ميسرة يراقبه، وإذ به يلحظ سحابة فى السماء تظلل الرسول أينما ذهب وعندما استراح الرسول بظل شجرة كانت مجاورة لمعبد, جاء الراهب وسأل ميسره من هذا؟ فقال له: محمد من مكة. فقال له الراهب: ما نزل تحت هذه الشجره قط إلا نبي، ويسر الله للنبي تجارته وربح ربحاً وفيراً. وعندما عاد ميسرة إلى السيدة خديجة، حكي لها عن كل ما رآه فى الرحلة, فأعجبت السيدة خديجة بما سمعته وبما عرفته عنه من صدق وأمانة وحسن خلق, وبرغم أن السائد أن الرجل هو من يأخذ خطوة الخطبة، وبالرغم من أنها كانت قد أعرضت عن الزواج بعد وفاة زوجها ورفضت من تقدم من خاطبين، وبرغم مكانتها العالية، أنها تكبره وفى سن أمه؛ فقد كانت هي فى الأربعين من عمرها، وهو فى الخامسة والعشرين من العمر، إلا أننا نجد منها الحكمة فى اختيار زوجها، فلا يهم كل تلك الأسباب أمام حسن الخلق والسيرة الطيبة للشخص، وهذا ما نجد الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا به فيما بعد فى حديثة صلى الله عليه وسلم قال: “إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ..”, ولا يهم كل ذلك إن كان الرجل المرجو هو النبي صلى الله عليه وسلم, فأخبرت صاحبتها نفيسة بنت أمية بما يجول فى صدرها، أنها ترى في محمد ما لا تراه في غيره من الرجال، وأنها تريد الزواج منه، فذهبت السيدة نفيسة للرسول تعرض عليه الزواج من خديجة، فقبل صلى الله عليه وسلم بشكل يحفظ ماء الوجه ويبدو كما أنه هو من تقدم، وذهب لأعمامه فوافقوا فرحين؛ لما لها من حسب ومال وجمال وشرف وتمت الخطبة والزواج. نزول الوحي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يذهب ليتعبد فى غار حراء، وكانت السيدة خديجة تعد له ما يلزم من طعام وشراب وتذهب به إليه، حتى نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم فى غار حراء، جاءه سيدنا جبريل فقال له “إقرأ ” فيقول الرسول ما أنا بقارىء إلى نهاية الحدث، فأصاب النبي الفزع والخوف، وعاد ترتعد جنباته، يقول لهم “زملوني زملوني” فزملوه، وبدأ يهدأ ويحكي للسيدة خديجة عن ما جرى له، فما كان منها إلا العقل الراجح واللسان الطيب؛ فلم تشك بصدقه أو تقل أن ما حدث ما هو إلا هلاوس وأوهام، ولم تخف كعادة النساء في مثل تلك المواقف، فهي تعي دور الزوجة تمامًا، فعملت على تهدئة النبي، تضرب مثالاً للزوجة المؤمنة، فهي سكن ومصدر طمأنينة لزوجها، كما أخبر الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}. فنجدها -رضى الله عنها- تقول له: “والله ما يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكَل وتكسب المعدوم وتُقري الضيف وتُعين على نوائب الحق”، فأراحت قلبة بطيب كلماتها, وذهبت معه لإستشارة ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان كبير فى السن وفاقد لبصره. وعندما أخبره النبي بما حدث له قال: أن هذا الناموس الذي أخبر الله به سيدنا موسى، وتمنى لو كان مازال شاباً ليعاصر إخراج قريش له، فقال رسول الله: أو مُخرِجِيَّ هم؟ فرد عليه ابن نوفل قائلاً: ما يأتي رجلاً بمثل ما جئت به إلا عودي، وأن يدركني يومك لنصرتك نصراً مؤزراً. ومن دلائل كمالها وفطنتها، حينما رأى الرسول سيدنا جبريل فى البيت فقال لها: إني أراه. قالت أتراه الآن؟ قال نعم. فقامت برفع حجابها عن رأسها وسألت النبي: هل تراه الآن؟ فقال: لا. قالت له: هذا والله ملك كريم، لا والله ما هذا شيطان. لم تتوقف عن مناصرته والوقوف بجواره، فنجدها فى عام المقاطعة تخرج مع المسلمين برغم كبر سنها ووهن جسدها، إلا أنها اختارت أن تصبر مع المسلمين فى حصارهم لمدة ثلاث سنوات، وتركت قومها وما عندهم من مال وقوة. وقد فتح عليها بالفقه من قبل أن ينزل عليهم، فحينما كانت تذهب بالطعام والشراب لغار حراء، قال سيدنا جبريل: “يا محمد! هذه خديجة تحمل حيساً في حلاب، وقد أرسلني الله إليها بالسلام”، فجاءت خديجة فقال لها الرسول: معك حيس، قالت: نعم يا رسول الله، قال: إن جبريل أخبرني ذاك وأخبرني أن الله أرسله إليك بالسلام، فقالت خديجة: “يا رسول الله، الله السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام”، فنجدها هنا أدركت جلالة الله وأنه هو -عز وجل- السلام ومنه نطلب السلام، فكيف أن نرد عليه السلام كما نفعل مع البشر! على عكس بعض الصحابة كانوا يقولون فى التشهد: السلام على الله، فنهاهم الرسول وقال الله السلام قولوا التحيات لله. مكانتها وقد بشرها الله ببيت فى الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب، ومع ذلك لم تبرح تزود عن الإسلام بكل ما أوتيت من قوة، ولم تضعف عزيمتها ومؤازراتها للنبي صلى الله عليه وسلم. في مناقب فضلها يأتي الكثير من الأحاديث والمواقف، فبعد وفاتها -رضى الله عنها- فى الخامسة والستين بعد أن عاشت مع النبي صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرين عاماً من الجهاد بالنفس والمال ومؤازرته؛ فقد كانت تنسيه ما يؤلمه من أقوال وأفعال المشركين, ما إن يذهب إليها إلا وتخفف عنه الحمل، فقد سخرها الله لتثبته وتصدقه, لذا فلا عجب أن لها فى قلب رسولنا الكريم مكانة كبيرة جعلته يقول عنها: “إني رزقت حبها”, ولم يتزوج عليها طوال حياتها. وفى بيان ما ذكر فى فضلها، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران” وفى رواية أخرى: أربع نساء هن سيدات نساء العالمين. وظل النبي طوال حياته يذكرها بالطيب ويحسن إلى صاحباتها، فيذبح الشاة ويقطع أعضائها ويقول أرسلوا هذا إلى صاحبات خديجة. وعن أم المؤمنين عائشه قالت: “كان النبي إذا ذكر خديجة، أثنى عليها فأحسن الثناء، فغرت يوماً، فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله -عز وجل- بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء”. وكان قلب النبي يرق شوقاً لها كلما تذكرها، فروى أحمد بن حنبل عن عباد عن عائشة قالت: “لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم, فبعثت زينب بنت رسول الله في فداء أبي العاص بن ربيع بمال, وبعثت بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها, قالت: فلما رآها رسول الله رق لها رقة شديدة، وقال: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها ورتدوا عليها الذي لها فافعلوا, فقالوا: نعم يارسول الله فأطلقوه وردوا عليها الذي لها”. يقولون “وراء كل رجل عظيم إمرأة عظيمة”، فمن يجحد دور المرأة في تشديد أزر زوجها واحتوائها لما يلاقى من هم وكلل بخارج بيته واهتمامها بأموره وتصديقه في كل ما يفعل أمر هين لا أهمية فيه، فلنقل له إقرأ فى سيرة السيدة خديجة لتعلم مدى عظمة هذا الدور ومدى خدمته لبناء أمة قوية البنيان، فمع أن كفى بالله وكيلاً ونصيراً لمعاونة النبي على الدعوة ومع صناعة الله لنبينا محمد، فإن الله -عز وجل- لم يغفل دور النساء والزوجة في حياة زوجها، فكما لو أن الله وهب النبي محمد تلك الهدية الثمينة لتشاركه أموره وليستشيرها ويحاورها في ما يجري من أمور الدين والدنيا، وليكون كلاً منهما كنف للآخر, واستطاعت هي برجاحة عقلها وحكمتها أن تجاهد مع نبينا ولم تتخاذل أو تخذله يوماً, بل كانت خلفه تجود بمالها ونفسها, حتى سمي العام الذي لاقت ربها فيه بعام الحزن.. فنسأل الله -عز وجل- أن يرزق بنات المسلمين أخلاق أمهات المؤمنين، وأن يجعلهم ذخراً لبناء أمة قوية على نهج أمنا ..أم المؤمنين ..خديجة -رضى الله عنها وأرضاها-. |
|
30-12-2019, 07:40 PM | #80 |
| قصة أم معبد مع الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة مع صاحبيه عن هشام بن حبيش بن خويلد صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من مكة مهاجرا إلى المدينة وأبو بكر رضي الله عنه ، ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ، ثم تسقي وتطعم فسألوها لحما وتمرا ليشتروا منها ، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال : " ما هذه الشاة يا أم معبد ؟ " قالت : شاة خلفها الجهد عن الغنم قال : " هل بها من لبن قالت : هي أجهد من ذلك قال : " أتأذنين لي أن أحلبها قالت : بأبي أنت وأمي ، إن رأيت بها حلبا فاحلبها فدعا بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فمسح بيده ضرعها ، وسمى الله تعالى ، ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت ، فاجترت فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء ، ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم حتى أراضوا ، ثم حلب فيه الثانية على هدة حتى ملأ الإناء ، ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا عنها ، فقل ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد ليسوق أعنزا عجافا يتساوكن هزالا مخهن قليل فلما رأى أبو معبد اللبن أعجبه قال : من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب [ ص: 544 ] حائل ، ولا حلوب في البيت ؟ قالت : لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا قال : صفيه لي يا أم معبد قالت : رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق لم تعبه ثجلة ، ولم تزريه صعلة ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج وفي أشفاره وطف ، وفي صوته صهل ، وفي عنقه سطع وفي لحيته كثاثة ، أزج أقرن ، إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سماه وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد وأحسنه وأجمله من قريب ، حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر كأن منطقه خرزات نظم ، يتحدرن ربعة لا تشنأه من طول ولا تقتحمه عين من قصر ، غصن بين غصنين فهو أنضر الثلاثة منظرا وأحسنهم ، قدرا له رفقاء يحفون به إن قال : سمعوا لقوله ، وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند قال أبو معبد : هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا وأصبح صوت بمكة عاليا يسمعون الصوت ، ولا يدرون من صاحب. جزى الله رب الناس خير جزائه رفيقين حــلا خيمتي أم معبد همـا نـزلا بـالبر وارتحــلا بــــه فأفلح من أمسى رفيق محمد والكثير عن قصة الهجره الى المدينه وكل الغرايب والعجايب في الرحله الميمونه. |
|
29-08-2020, 10:47 AM | #82 |
| بارك الله في جهودك وأسال الله لكي التوفيق دائما وأن يجمعنا على الود والإخاء والمحبة وأن يثبت الله أجرك ونفعنا الله وإياكي بما تقدميه |
|
29-08-2020, 10:52 AM | #83 |
| والدة الإمام سفيان الثوري سفيان الثوري هو فقيه العرب ومحدثهم وأمير المؤمنين في الحديث، كان وراءه أمٌ صالحة تكفلت بتربيته والإنفاق عليه فكان ثمرتهـا. يقول: لما أردت طلب العلم قلتُ: يا رب، لابد لي من معيشة، ورأيتُ العلم يذهبُ ويندثر، فقلت: أفرغ نفسي في طلبه، وسألتُ الله الكفاية (أن يكفيه أمر الرزق)، فكان من كفاية الله له أن قيَّض له أمه، التي قالت له: "يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي". بل والأكثر من ذلك، أنها كانت تتعهده بالنصح والوعظ لتحضه علي تحصيل العلم، فكان مما قالته له ذات مرة : " أي بني، إذا كتبت عشرة أحـرف، فانظر هل تري في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك، فاعلم أنها تضرك ولا تنفعك " . هكذا كانت أمه، فكان سفيان . |
|
29-08-2020, 10:56 AM | #84 |
| أم الإمـام الشافعي مات والد الإمام الشافعي، فكان وفاء الأم أن تجعل الابن محمد بن إدريس الشافعي إمامًا، فأخذته من غزة إلي مكة وهناك تعلم القرآن الكريم وهو ابن 7 سنوات، ثم أرسلته إلي البادية ليتعلم اللغة العربية، ثم تعلمه الفروسية والرماية فكان يضرب مائة رمية لا يُخطئ منها واحدة، لم تترك الأمور تسير حسب الظروف، وإنما قرارات تربوية، وأجازه الإمام مالك للفتوى وهو في الخامسة عشر من عمره!. أن أمه كانت ذات ذكاء وتفقه في الدين، حتى ذكر المؤرخون أنها تقدمت هي وامرأة أخري مع رجل للإدلاء بشهادة أمام القاضي، فأراد القاضي أن يفرق بينهما، فقالت له : ليس لك ذلك، ثم ذكرت قول الله تعالي : { أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى } [البقرة: 282]، فانصاع القاضي لقولها . لقد أوقفت أم الإمام الشافعي ابنها بين يدها، وقالت له : " أي بني عاهدني على الصدق " . فعاهدها الشافعي أن يكون الصدق له في الحياة مسلكاً ومنهاجاً . يروي الشافعيّ لنا نشأته فيقول : " كنت يتيماً في حجر أمّي ولم يكن لها ما تعطيني للمعلّم، وقد رضي منّي أن أقوم على الصبيان إذا غاب وأخفّف عنه، وحفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطّأ وأنا ابن عشر، ولما ختمت القرآن دخلت المسجد فكنت أجالس العلماء وأحفظ الحديث أو المسألة وكان منزلنا في شعب الحيف، ما كنت أجد ما أشتري به القراطيس فكنت آخذ العظم وأكتب فيه وأستوهب الظهور -أي الرسائل المكتوبة- وأكتب في ظهرها " . يقول الشافعي : فعدت إلى أمي أقول لها : " يا أماه تعلمت الذل للعلم والأدب للمعلم " . |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
متجدد , مهم , الجنة , وسام , نعبر , قبسات |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نحن الخيرات الحسان | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 10 | 29-06-2017 03:09 AM |
ملخص السلسلة الصحيحة للالبانى فى الجنة 1 | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 29-06-2017 03:03 AM |
هل اهل الجنة ينامون | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 9 | 14-05-2017 09:51 AM |
أول الأمم دخولا الجنة آنيتهم وأمشاطهم | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 7 | 06-05-2017 09:37 AM |
هذه هي الجنة دار السلام | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 9 | 05-05-2017 10:12 AM |