الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
24-07-2018, 09:17 PM | #8 |
| رابعًا: ماذا عن رضاع الصغير عند الخميني، بالطبع الخميني لم يكن يتكلم عن رضاع الطفلة الصغيرة ولكن مفاخذتها وضمها وتقبيلها جنسيًّا. وهذا من عجائب الشيعة الذين ينظرون بدقة بالغة في نصوصنا ثم يصابون فجأة بعمى في أبصارهم عند مطالبتهم بالنظر في كتبهم وكلام مراجعهم الملقبين بآيات الله. يقول الخميني: « وأما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة والضم والتفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة» (تحرير الوسيلة2/216). قليلًا من الإنصاف. هل أنتم مبصرون لكتب مخالفيكم عمي في شأن كتبكم؟ أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ : عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: وَكَانَ مَتَاعِي فِيهِ خَفٌّ، وَكَانَ عَلَى جَمَلٍ نَاجٍ، وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، وَكَانَ عَلَى جَمَلٍ ثَقَالٍ بَطِيءٍ يَتَبَطَّأُ بِالرَّكْبِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص: « حَوِّلُوا مَتَاعَ عَائِشَةَ عَلَى جَمَلِ صَفِيَّةَ، وَحَوِّلُوا مَتَاعَ صَفِيَّةَ عَلَى جَمَلِ عَائِشَةَ حَتَّى يَمْضِيَ الرَّكْبُ »، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ، قُلْتُ: يَا لَعِبَادِ اللهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ ص، قَالَتْ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص: يَا أُمَّ عَبْدِ اللهِ، إِنَّ مَتَاعَكِ كَانَ فِيهِ خَفٌّ وَكَانَ مَتَاعُ صَفِيَّةَ فِيهِ ثِقَلٌ، فَأَبْطَأَ بِالرَّكْبِ، فَحَوَّلْنَا مَتَاعَهَا عَلَى بَعِيرِكِ، وَحَوَّلْنَا مَتَاعَكِ عَلَى بَعِيرِهَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: « أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ؟». قَالَتْ: فَتَبَسَّمَ، قَالَ: أَوَ فِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللهِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ؟، أَفَهلا عَدَلْتَ؟» وَسَمِعَنِي أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ فِيهِ غَرْبٌ، أَيْ حِدَّةٌ، فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَلَطَمَ وَجْهِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص: مَهْلا يَا أَبَا بَكْرٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَمَا سَمِعْتَ مَا قَالَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ص: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أعْلَاه». (رواه أبو يعلى في مسنده). الجواب: هذا الحديث لا يصح ، قال الهيتمي في مجمع الزوائد: « رواه أبو يعلى وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس. وسلمة بن الفضل وقد وثقه جماعة ابن معين وابن حبان وأبو حاتم وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح». وأشار الحافظ العراقي في تخريج إحياء علوم الدين إلى تدليس محمد بن إسحق. فالحديث معلول بالعنعنة. والمدلس تقبل روايته إذا كانت بلفظ (حدثني) ولا تقبل إذا قال (عن عن). عائشة أرَتْ مولاها سالم كيف كان رسول الله ص يتوضأ: هل توضأت عائشة ل أمام سَالِمٌ سَبَلَانُ؟ قال الإمام النَسائى :«أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى عَنْ جُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنِى عَبْدُ الْـمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِى ذُبَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللهِ سَالِمٌ سَبَلَانُ ، قَالَ: « -وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَعْجِبُ بِأَمَانَتِهِ وَتَسْتَأْجِرُهُ- فَأَرَتْنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللهِ ص يَتَوَضَّأُ فَتَمَضْمَضَتْ وَاسْتَنْثَرَتْ ثَلَاثًا وَغَسَلَتْ وَجْهَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ غَسَلَتْ يَدَهَا الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَالْيُسْرَى ثَلَاثًا وَوَضَعَتْ يَدَهَا فِي مُقَدَّمِ رَأْسِهَا ، ثُمَّ مَسَحَتْ رَأْسَهَا مَسْحَةً وَاحِدَةً إِلَى مُؤَخِّرِهِ ثُمَّ أَمَرَّتْ يَدَهَا بِأُذُنَيْهَا ، ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْخَدَّيْنِ ، قَالَ سَالِمٌ : « كُنْتُ آتِيهَا مُكَاتَبًا مَا تَخْتَفِي مِنِّي فَتَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيَّ ، وَتَتَحَدَّثُ مَعِي حَتَّى جِئْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقُلْتُ : «ادْعِي لِي بِالْبَرَكَةِ يَا أُمَّ الـْمُؤْمِنِينَ »، قَالَتْ : «وَمَا ذَاكَ ؟ » قُلْتُ :«أَعْتَقَنِي اللهُ» ، قَالَتْ: «بَارَكَ اللهُ لَكَ » ، وَأَرْخَتْ الْحِجَابَ دُونِي فَلَمْ أَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ». الجواب: أولًا: هذا الأثر رواه الإمام النسائي ، وقال عنه الشيخ الألباني : «صحيح الإسناد». وهذا القول ليس تصحيحًا للحديث ؛ فهناك فرق بين قول أحد علماء الحديث: «هذا الحديث صحيح» وبين قوله: «إسناده صحيح »؛ فالأول جَزْمٌ بصحته، والثاني شهادة بصحة سنده، وقد يكون فيه علة أو شذوذ، فيكون سنده صحيحًا ولا يحكمون أنه صحيح في نفسه. ثانيًا: في إسناد هذا الأثر عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذناب قال عنه الحافظ ابن حجر في تقريب التهذيب: «مقبول من السادسة» ( ). ومعناه عنده أنه ( لين الحديث ) حيث تفرد، ولم يتابع ، حيث قال في مقدمة التقريب: «السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل ، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله ، وإليه الإشارة بلفظ: مقبول ، حيث يتابع ، وإلا فلين الحديث». وعبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذناب لم يتابع ، فلم يَرْوِ عنه غير جعيد بن عبد الرحمن. معنى اصطلاح الحافظ ابن حجر: قال الدكتور ماهر الفحل: «الحافظ ابن حجر يضع ثلاثة شروط للمقبول عنده وهي : 1 - قلة الحديث . 2 - عدم ثبوت ما يترك حديث الراوي من أجله . 3 - المتابعة. فالأصل في المقبول عند الحافظ أنه ضعيف ، إذ ( ليِّن الحديث) من ألفاظ التجريح، فإذا توبع الراوي رفعته المتابعة إلى مرتبة القبول ، فالمتابعة شرط لارتقاء الراوي من الضعف إلى القبول عند الحافظ ابن حجر ، و(المقبولية ) أول درجات سلّم القبول بمعناه الأعم» ( ). يتضح مما سبق أن عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذناب ضعيف عند الحافظ ابن حجر؛ أما ذِكْرُ ابن حبان له في ( الثقات ) ( ) ، فلا يُعتد به ، فابن حبان لا يُعتمد على توثيقه. وقد أشار الشيخ الألباني نفسه كثيرًا إلى تساهل ابن حبان في التوثيق ( ). وإذا طبقنا كلام الشيخ الألباني / فلن نتردد في الحكم على الأثر بالضعف( ). ثالثًا: يدل هذا الأثر ـ إن صح ـ على أن سالم سبلان راوي الحديث كان مكاتَبًا ، والمكاتَب هو العبد إذا اشترى نفسه من سيده بمال يؤديه إليه ، وكانت عائشة ل لا تحتجب عنه ، وكان يرى شعرها وأطرافها ، ولما أخبرها بأن الله قد منَّ عليه بالحرية أرْخَتْ الحجاب دونه فلم يرها بعد ذلك. ومكاتَب المرأة يجوز له أن يرى منها ما لا يجوز لغيره ، فإذا أدى ما عليه وجب عليها أن تحتجب عنه. رابعًا: الشيعة في كتبهم ومروياتهم أجازوا للمملوك أن يرى شعر مولاته وساقها؟ ( ). فليقرأ الرافضة قول علمائهم بأن المرأة لا يجب أن تحجب من العبد إلا أن يؤدي ما يعتقه. إنا لم نُرِِدْ هذا ، إنا لم نُرِد هذا: روى الديلمي عن عائشة ل أنها خاصمت النبي ص إلى أبي بكر فقالت: «يا رسول الله اقصد» ، فلطم أبو بكر خدها وقال: «تقولين لرسول الله ص اقصد »، وجعل الدم يسيل من أنفها على ثيابها ورسول الله ص يغسل الدم من ثيابها بيده ويقول: «إنا لم نُرِدْ هذا إنا لم نُرِدْ هذا». الجواب: هذا الحديث صرح الحافظ العراقي بضعفه في تخريج الإحياء 2/40). وكذلك ضعفه الألباني في (سلسلة الأحاديث الضعيفة رقم 4966). وروى ابن سعد أن عائشة ل قالت: «كنت أسْتَبُّ أنا وصفية فسبَبْتُ أباها فسبَّتْ أبي وسمعه رسول الله ص، فقال: « يا صفية تسبين أبا بكر، يا صفية تسبين أبا بكر». وروى عن ابن المسيب قال قال رسول الله ص لأبي بكر: «يا أبا بكر ألا تعذرني من عائشة»، فرفع أبو بكر يده فضرب صدرها ضربة شديدة فجعل رسول الله ص يقول: «غفر الله لك يا أبا بكر ما أردت هذا». وهذا فيه محمد بن عمر وهو الواقدي. والواقدي كذاب مشهور. وفيه محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة ؛ قال الحافظ :« رموه بالوضع» « وكان ممن يروي الموضوعات عن الأثبات ، لا يحل كتابة حديثه ولا الاحتجاج به بحال ، كان أحمد بن حنبل يكذبه» ( ). أَشَارَ ص نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ: « هُنَا الْفِتْنَةُ -ثَلاَثًاـ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ»: عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الله بن عمر ب قَالَ: « قَامَ النَّبِىُّ ص خَطِيبًا فَأَشَارَ نَحْوَ مَسْكَنِ عَائِشَةَ فَقَالَ:« هُنَا الْفِتْنَةُ ـ ثَلاَثًا ـ مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ».(رواه البخاري). الجواب: هذا الحديث له روايات أخرى كثيرة تبين المقصود الحقيقي منه قد أخرجها البخاري نفسه وغيره، والواجب علينا جمعها وضمها كلها فإنها كلها صحيحة ثم نفهم بعد ذلك مراد النبي ص من قوله. ليس المراد من الحديث عائشة ل بل جهة المشرق، فقد كان بيت عائشة جهة المشرق، فلو كانت عائشة المقصودة بذلك لطلقها النبي ص بل -على العكس- كانت ل أحب الناس إليه. ويدل على أن الجهة هي المقصودة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « رَأْسُ الكُفْرِ قِبَل الْـمَشْرِقِ » (رواه البخاري ومسلم). وعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ص قَامَ عِنْدَ بَابِ حَفْصَةَ فَقَالَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْـمَشْرِقِ: « الْفِتْنَةُ هَا هُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ ». قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا. (رواه مسلم). وفي رواية عنه:« سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يُشِيرُ بِيَدِهِ نَحْوَ الْـمَشْرِقِ وَيَقُولُ: « هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا، هَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا » -ثَلاَثًاـ « حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ ».(رواه مسلم). فليس المقصود بيت حفصة أو بيت عائشة ، إنما المقصود جهة المشرق التي كان فيها بيتاهما. وقال سَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ: «يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ مَا أَسْأَلَكُمْ عَنِ الصَّغِيرَةِ وَأَرْكَبَكُمْ لِلْكَبِيرَةِ ، سَمِعْتُ أَبِى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص يَقُولُ: « إِنَّ الْفِتْنَةَ تَجِىءُ مِنْ هَا هُنَا ». وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْمَشْرِقِ « مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ ». وَأَنْتُمْ يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ». (رواه مسلم). فيستفاد إذن من مجموع هذه الروايات الصحيحة بأن مقصود النبي ص بمطلع الفتنة إنما هو جهة المشرق وهي قرن الشيطان ولأن بيت عائشة ل كان إلى شرقي مسجده ص. أراد راوي الحديث وهو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر ب أن يحدد الجهة التي أشار إليها رسول الله ص فذكر أنه أشار إلى هذه الناحية، حتى أنه لم يقل ( أشار إلى مسكن عائشة ) بل قال: ( فأشار نحو مسكن عائشة ) مما يبين أنه عنى الجهة فقط بخلاف كل الروايات الأخرى والتي فيها قوله: ( وأشار إلى المشرق ) لأن فيها تحديد المقصود تماما، وهذا لا يخفى على من له علم باللغة. ثانيًا: كلام الشيعة لا يعني إلا أحد شيئين: إما أن يقولوا أن النبي ص عنى بتلك الإشارة عائشة نفسها، أو يقول أنه ص قصد مسكنها نفسه، فإن قالوا الأول فبطلانه واضح من معرفة التراكيب اللغوية التي في الحديث وإنها لا تستعمل إلا للإشارة لمكان معين لا لشخص، كقوله ( مِنْ حَيْثُ ) وقوله ( هَاهُنَا الْفِتْنَة ) يشير إلى مكان تستوطن فيه الفتنة. وإن قالوا الثاني ـ وهو أنه ص أراد مسكنها نفسه ـ فلا يمكن أن يكون كذلك طيلة حياة النبي ص وهو مقّر السكن فيه ويتردد إليه كل يوم فيه نوبة عائشة ل ، بل كان يتردد إليه أكثر من بيوت زوجاته الأخريات بمقدار الضعف فإن لعائشة ل في القسم يومان: يومها ويوم سودة بنت زمعة ل التي وهبته لها لعلمها بمحبة النبي ص لها. وأكثر من ذلك أنه ص كان في سكرات موته يحب أن يمرّض في بيت عائشة ل دون بيوت سائر زوجاته ، وبقي هناك حتى توفي ص في بيت عائشة ل ودفن فيه رغم أنوف الرافضة. ولم يبقَ من القول مجال إلا أن يقولوا إنما عنى به مسكن عائشة ل بعد وفاة رسول الله ص ، وهذا إن قالوه فإنما ينادوا على أنفسهم بالويل والثبور، إذ إن مسكن عائشة ل تحول بوفاة رسول الله ص إلى قبره الشريف ولم يعد بيتا لها حتى ينسب إليها، وكيف يستجيز عاقل على أن يرضى الله تعالى لحبيبه وعبده محمد ص أن يدفن في مكان هو مطلع الفتنة على حدّ زعم الرافضة؟ وإن المرء ليتعجب من آيات الله تعالى أن جعل مسكن عائشة ل مكانا يمرض فيه عبده وحبيبه محمد ص ، ثم يجعله مدفنا له وقبرا، ثم يتم ذلك بأن دفن إلى جواره صاحباه ووزيراه أبو بكر وعمر ب. ثالثًا: أن هذا القول المفترى من قبل الشيعة لو كان له أي وجه أو احتمال لعلمنا بأحد قاله أو ذكره أو احتج به ممن خالف أم المؤمنين ل ممن هو من طبقة التابعين أو بعدهم، أما الصحابة فلا يظن بأحد منهم اعتقاد مثل هذا قطعًا. فلما لم نجد أحدا قاله علمنا بأنه محض افتراء وبهتان لأم المؤمنين ل من قبل الشيعة ، نظير ما فعله أسلافهم من أصحاب الإفك. لقد رأيت خالًا بخدها ؛ اقشعرت كل شعرة منك : أخرج ابن سعد في (الطبقات) عن عبد الرحمن بن سابط قال :خطب رسول الله ص امرأة من كلب ، فبعث عائشة تنظر إليها ، فذهبت ثم رجعت . فقال لها رسول الله ص:«ما رأيت؟». فقالت : ما رأيت طائلًا . فقال لها رسول الله ص:«لقد رأيت خالًا بخدها ؛ اقشعرت كل شعرة منك » . فقالت : «يا رسول الله ! ما دونك سر ». الجواب: هذا الحديث موضوع ( انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للألباني رقم 4965 ). وقد استغل الشيعة هذا الحديث الباطل استغلالًا غير شريف ؛ فطعنوا به على السيدة عائشة ل ، فنسبوها إلى الكذب . |
|
24-07-2018, 09:20 PM | #9 |
| هذه هي أمّي عائشة رضي الله عنها.. ------------------------------------------------ بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، * بعض فضائل ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها: * 1- فمن فضائلها انها من ازواج النبي صلى الله عليه وسلم: اما عائشة رضي الله عنها وارضاها فهي زوجة النبي صلى الله عليه وسلم كما لا يخفى على الكل وكونها من ازواج النبي صلى الله وسلم يعني ان جميع ما ورد في فضل ازواج النبي صلى الله عليه وسلم فعائشة داخلة في ذلك ويشملها ذلك الفضل ومن ذلك الفضل العظيم قوله تعالى:قال تعالى (يانساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا, وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) "الأحزاب 32,33" فاخبر الله تعالى ان نساء نبيه لسن كأحد من النساء وكيف لا وقد اختارهن الله ان يكن ازواج افضل انبيائه محمد صلى الله عليه وسلم قال مقاتل غفر الله له: فيه اشارة الى انهن اشرف نساء العالمين. وعائشة رضي الله عنها ممن اخترن الله ورسوله والدار الاخرة واثرن ذلك على الدنيا وزينتها واليها الدليل على ذلك قال تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ( 28 ) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما )(29) اخرج مسلم رحمه الله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:: دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوجد الناس جلوسا ببابه ولم يؤذن لأحد منهم ، قال : فأذن لأبي بكر فدخل ثم أقبل عمر فاستأذن له فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا ، فقال : لأقولن شيئا أضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة ، فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة ، فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها ، وقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها ، كلاهما يقول : لا تسألي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا أبدا ليس عنده ، ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين ، ثم نزلت الآية : ( يا أيها النبي قل لأزواجك ) حتى بلغ : ( للمحسنات منكن أجرا عظيما ) قال : فبدأ بعائشة فقال : يا عائشة إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك ، قالت : وما هو يا رسول الله ؟ فتلا عليها الآية ، قالت : أفيك يا رسول الله استشير أبوي ؟ بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة ، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت ، قال : " لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها ، إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا ولكن بعثني معلما ميسرا " . فانظر اخي المسلم يرعاك الله كيف رضي الله عنها لم تتردد رضي الله عنها في اختيار الله ورسوله وقالت: افيك يا رسول الله استشير ابوي؟بل اختار الله ورسوله والدار الآخرة. قال قتادة رحمه الله كما ذكر عنه البغوي في تفسيره:فلما اخترن الله ورسوله شكرهن الله على ذلك وقصره عليهن فقال : ( لا يحل لك النساء من بعد ) فلو انهن اخترن الدنيا لكان النبي صلى الله عليه وسلم ملزما بطلاقهن اذ قال الله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا) لطلقهن النبي صلى الله عليه وسلم لان الله امره بذلك وبما انه لم يطلقهن دل ذلك على انهن اخترن الله ورسوله والدار الاخرة فرضي الله عنهن وارضاهن. ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 2- ان الله اعد لها جنات واجرا وعظيما قال الله تعالى وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما)الأحزاب وعائشة رضي الله عنها اختارت الله ورسوله والدار الاخرة كما في صحيح مسلم بل جميع نساء النبي فكان جزاؤهن هذا الاجر العظيم لان الله وعدهن بذلك اذا اخترن الله ورسوله والدار الاخرة والله لا يخلف الميعاد. ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 3- انها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة اخرج الترمذي بسند صحيح ( أن جبريل جاء بصورتها .. فى خرقة حريرخضراء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له أن هذه زوجتك فى الدنيا والآخرة ) فكفاها شرفا رضي الله عنها ان تكون زوجة نبينا في الدنيا والاخرة فرضي الله عنك يا ام المؤمنين ورفع الله قدرك وشأنك في الدنيا والاخرة ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 4- انها من امهات المؤمنين بنص كتاب الله قال الله تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم وازواجه امهاتهم) فهذا صريح كلام الله انها من نساء النبي ومن انكر ذلك فهو كافر لانه مكذب لكلام الله تعالى. ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 5- انها من اهل البيت الذين شرفهم الله عز وجل قال الله تعالى وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا ) (الآيات في الأحزاب) فدلت الاية على ان ازواج النبي صلى الله عليه وسلم من اهل بيته والادلة على ذلك كثيرة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومنها: حديث البخاري في الافك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من يعذرني في رجل يؤذيني في اهل بيتي. وكما لا يخفى على الجميع ان المراد بذلك عائشة رضي الله عنها وكان صلى الله عليه وسلم اذا دخل عليها قال: السلام عليكم اهل البيت ورحمة الله فقالت: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته. والحديث في صحيح البخاري من رواية عائشة رضي الله عنها. وايضا ما جاء في الصلاة الابراهيمية من قوله (اللهم صل على محمد وال محمد) وبين النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الاخر من هم اله فقال: اللهم صل على محمد وازواجه وذرياته) ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 6- انها احب الناس الى النبي صلى الله عليه وسلم جاء في البخاري وغيره ان عمرو بن العاص سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن احب الناس اليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم:عائشة, قال: يا رسول الله اعني الرجال قال: ابوها الى اخر الحديث. ومن كان يحب النبي صلى الله عليه وسلم فعليه ان يحب عائشة قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة: أتحبينني قالت: اجل فقال لها: فاحبي هذه اي عائشة رضي الله عنها. ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 7- انها من افضل نساء العالمين قال النبي صلى الله عليه وسلم:ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. رواه البخاري هذا الحديث يفيد العموم اي على جميع النساء. وقد اختلف اهل العلم في ايهما افضل عائشة ام خديجة فرجح البعض كون خديجة افضل ورجح اخرون كون عائشة رضي الله عنها افضل وبعضهم توقف كالذهبي رحمه الله تعالى وان كان ظاهر حديث البخاري يفيد انها افضل النساء على الاطلاق وهذا الذي اعتقده الى الان ان عائشة رضي الله عنها افضل النساء على الاطلاق مع ما في نفسي من تفضيلها على فاطمة سيدة نساء العالمين وعلى خديجة رضي الله عنها. قال الشيخ ابن العثيمين رحمه الله لما ذكر حديث البخاري ان فضل عائشة على النساء.. قال: وهذا يدل على انها افضل النساء مطلقا ولكن ليست افضل من فاطمة باعتبار النسب لان فاطمة بلا شك اشرف من عائشة نسبا, واما المنزلة فان عائشة رضي الله عنها لها من الفضائل العظيمة ما لم يدركه احد غيرها من النساء. ** ومن فضائلها رضي الله عنها: 8- ان جبريل اقرأها السلام كما في حديث الذي رواه الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يا عائشة هذا جبريلُ يقرأُ عليك السلام ".. قالت : قلتُ : وعليه السلامُ ورحمة الله وبركاتُةُ .. ترى ما لا نرى. فهذه فضيلة عظيمة ان يسلم عليها جبريل عليه السلام. |
|
24-07-2018, 09:24 PM | #10 |
| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يَعْتَذِرُ مِنْ الَّذِي كَانَ قَالَ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: حَصَانٌ رَزَانٌ مَـا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الْغَوَافِلِ عَقِيلَةُ حَيٍّ مِنْ لُؤَيِّ بْـنِ غَالِبٍ كِرَامِ الْمَسَاعِي مَجْدُهُمْ غَيْرُ زَائِلِ مُهَذَّبَةٌ قَـدْ طَيَّبَ اللَّهُ خِيمَهَا وَطَهَّرَهَا مِنْ كُلِّ سُوءٍ وَبَاطِلِ( ) الكتابة عن أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنهما ؛الصديقة بنت الصديق، العتيقة بنت العتيق، فراش رسول الله وعفته؛ وريحانته وحبيبته، العفيفة المبرأة من فوق سبع سماوات؛ ليس بالأمر الهين والسهل، ومن ذا الذي يستطيع أن يوفي هذه الطاهرة المطهرة حقها أو يبرز جانب فضلها؛ فمآثرها كثيرة ،ومناقبها عظيمة ،زوجة خليل الله، ونبي الهدى ،عليه أفضل الصلاة والسلام؛ تخرجت من مدرسة النبوة ، عاشت أيامه ولياليه, واقتبست من أخلاقه ومعاليه؛ استنشقت أنفاسه الطاهرة، وتربت على يديه الشريفتين؛ فأي شرف نالها، وأي كرامة حوتها؛ وفي حديثنا عن حياتها وجانب من عيشها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإبراز مناقبها وفضائلها؛ لا نفي حقها على التمام، ولا نلم بشيء من فضلها على الكمال؛ وعزاؤنا في تستطير هذه الحروف والكلمات إلا الرجاء من الله أن يجمعنا مع من نحب؛ فالمرء يحشر مع من أحب؛ وقد قمت في هذا البحث بجمع أهم ما صح في فضائلها ومناقبها، والرد على أهم الشبه التي أثيرت حولها ،وعن العلاقة الحميمة بينها وبين علي وفاطمة وذريتهما رضي الله عنهم ثم الحديث عن حادثة الإفك وبيان الدروس المستفادة والآثار الإيجابية منها ، والله سبحانه نسأله أن يجعلنا من أبناء عائشة الأبرار . ترجمتها قال الإمام الذهبي - رحمه الله -: عَائِشَةُ بِنْتُ الصِّدِّيْقِ أَبِي بَكْرٍ التَّيْمِيَّةُ أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ بِنْتُ الإِمَامِ الصِّدِّيْقِ الأَكْبَرِ، خَلِيْفَةِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي قُحَافَةَ عُثْمَانَ بنِ عَامِرِ بنِ عَمْرِو بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدِ بنِ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بنِ لُؤَيٍّ القُرَشِيَّةُ، التَّيْمِيَّةُ، المَكِّيَّةُ، النَّبَوِيَّةُ، أُمُّ المُؤْمِنِيْنَ، زَوجَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ. وَأُمُّهَا: هِيَ أُمُّ رُوْمَانَ بِنْتُ عَامِرِ بنِ عُوَيْمِرِ بنِ عَبْدِ شَمْسٍ بنِ عَتَّابِ بنِ أُذَيْنَةَ الكِنَانِيَّةُ. هَاجَرَ بِعَائِشَةَ أَبَوَاهَا، وَتَزَوَّجَهَا نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبْلَ مُهَاجَرِهِ بَعْدَ وَفَاةِ الصِّدِّيْقَةِ خَدِيْجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِبِضْعَةَ عَشَرَ شَهْراً، وَقِيْلَ: بِعَامَيْنِ. وَدَخَلَ بِهَا فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ، مُنَصَرَفَهُ - عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ - مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَهِيَ ابْنَةُ تِسْعٍ. فَرَوَتْ عَنْهُ , عِلْماً كَثِيْراً، طَيِّباً، مُبَارَكاً فِيْهِ. وقال: وَعَائِشَةُ مِمَّنْ وُلِدَ فِي الإِسْلاَمِ، وَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ فَاطِمَةَ بِثَمَانِي سِنِيْنَ، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَيَّ إِلاَّ وَهُمَا يَدِيْنَانِ الدِّيْنَ. وَكَانَتِ امْرَأَةً بَيْضَاءَ جَمِيْلَةً( )، وَمِنْ ثَمَّ يُقَالُ لَهَا: الحُمَيْرَاءُ( )، وَلَمْ يَتَزَوَّجِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِكْراً غَيْرَهَا، وَلاَ أَحَبَّ امْرَأَةً حُبَّهَا، وَلاَ أَعْلَمُ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَلْ وَلاَ فِي النِّسَاءِ مُطْلَقاً امْرَأَةً أَعْلَمَ مِنْهَا. وَكَانَ تَزْوِيْجُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِهَا إِثْرَ وَفَاةِ خَدِيْجَةَ، فَتَزَوَّجَ بِهَا وَبِسَوْدَةَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ دَخَلَ بِسَوْدَةَ، فَتَفَرَّدَ بِهَا ثَلاَثَةَ أَعْوَامٍ حَتَّى بَنَى بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ، بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَمَا تَزَوَّجَ بِكْراً سِوَاهَا، وَأَحَبَّهَا حُبّاً شَدِيْداً كَانَ يَتَظَاهَرُ بِهِ، بِحَيْثُ إِنَّ عَمْرَو بنَ العَاصِ - وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنَ الهِجْرَةِ - سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ يَا رَسُوْلَ اللهِ؟ قَالَ: (عَائِشَةُ). قَالَ: فَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: (أَبُوْهَا)( ). وَهَذَا خَبَرٌ ثَابِتٌ عَلَى رَغْمِ أُنُوْفِ الرَّوَافِضِ، وَمَا كَانَ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِيُحِبَّ إِلاَّ طَيِّباً. وَقَدْ قَالَ: (لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذاً خَلِيْلاً مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ، لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيْلاً، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ أَفْضَلُ)( ). فَأَحَبَّ أَفْضَلَ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِهِ، وَأَفْضَلَ امْرَأَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ، فَمَنْ أَبْغَضَ حَبِيْبَيْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهُوَ حَرِيٌّ أَنْ يَكُوْنَ بَغِيْضاً إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ. وَحُبُّهُ -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لِعَائِشَةَ كَانَ أَمْراً مُسْتَفِيْضاً( ). وقال الزركشي: كُنْيَتُهَا: أُمُّ عَبْدِ اللهِ كَنَّاهَا بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِابْنِ أُخْتهَا عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ. رَوَاهُ أَبُوْدَاوُدَ( ). وَقَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيْح الإسْنَاد. وَعَائِشَةُ مَأْخُوْذَةٌ مِنَ الْعَيْشِ( ). وفاتها توفيت رضي الله عنها في خلافة معاوية رضي الله عنه، ليلة الثلاثاء، السابع عشر من رمضان، سنة ثمان وخمسين من الهجرة، وهي ابنة ست وستين سنة، ودفنت بالبقيع. وأمرت أن تدفن من ليلتها، واجتمع الأنصار وحضروا؛ فلم تر ليلة أكثر ناسا منها، فدفنت بعد صلاة الوتر بالبقيع وصلى عليها إماما للجنازة الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه. ونزل في قبرها خمسة من محارمها هم: عبد الله بن الزبير، وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وعبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق( ). فضلها ومناقبها مناقب أم المؤمنين عظيمة وفضائلها كثيرة، وقد عددها جمع من العلماء منهم الذهبي في "السير" وابن القيم رحمه الله في "جلاء الأفهام"، والزركشي في "الإجابة" ،والهيتمي في "الزواجر"، وغيرهم؛ وهذا ملخص لأهم ما جاء في فضلها ومناقبها. قال الآجري: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَلَمْ صَارَ الشَّيُوخُ يَذْكُرُونَ فَضَائِلَ عَائِشَةَ دُونَ سَائِرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّنْ كَانَ بَعْدَهَا، أَعْنِي: بَعْدَ خَدِيجَةَ وَبَعْدَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا؟ قِيلَ لَهُ: لَمَّا أَنْ حَسَدَهَا قَوْمٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَمَوْهَا بِمَا قَدْ بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَنْزَلَ فِيهِ الْقُرْآنَ وَأَكْذَبَ فِيهِ مِنْ رَمَاهَا بِبَاطِلِهِ، فَسَرَّ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, وَأَقَرَّ بِهِ أَعْيَنَ الْمُؤْمِنِينَ, وَأَسْخَنَ بِهِ أَعْيَنَ الْمُنَافِقِينَ،عِنْدَ ذَلِكَ عُنِي الْعُلَمَاءُ بِذِكْرِ فَضَائِلِهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثم قال: فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِمَّنْ يَشْنَأُ عَائِشَةَ حَبِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّيِّبَةَ الْمُبَرَّأَةَ الصِّدِّيقَةَ ابْنَةَ الصِّدِّيقِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَعَنْ أَبِيهَا خَلِيفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( ). - أنها أم المؤمنين بنص كتاب الله: قال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب:6]. قال ابن كثير -رحمه الله-: أي: في الحرمة والاحترام، والإكرام والتوقير والإعظام( ). - فضيلة من قوله تعالى: {يَا نِسَاءَ النّبِيّ لَسْتُنّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء} [الأحزاب] قال ابن كثير: فإنه لا يشبههن أحد من النساء، ولايلحقهن في الفضيلة( ). - أن باختيارها مع أزواج النبي ؛ النبي صلى الله عليه وسلم على الفراق يدخلن في قوله تعالى: {وَإِن كُنتُنّ تُرِدْنَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالدّارَ الاَخِرَةَ فَإِنّ اللّهَ أَعَدّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنّ أَجْراً عَظِيماً} [سورة الأحزاب:29]. قال السعدي -رحمه الله-: فخيَّرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، فاخترن الله ورسوله، والدار الآخرة، كلهن، ولم يتخلف منهن واحدة، رضي الله عنهن. وفي هذا التخيير فوائد عديدة: ومنها: إظهار رفعتهن، وعلو درجتهن، وبيان علو هممهن، أن كان الله ورسوله والدار الآخرة، مرادهن ومقصودهن، دون الدنيا وحطامها( ). - أنها من أهل البيت الذين شرفهم الله عز وجل بقوله تعالى: {إِنّمَا يُرِيدُ اللّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيــراً*وَاذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىَ فِي بُيُوتِكُـنّ مِنْ آيَاتِ اللّهِ وَالْحِكْــمَةِ إِنّ اللّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً} [الأحزاب:33-34]. - نزول براءتها من فوق سبع سماوات: قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [النور:11]. وقال ابن عباس رضي الله عنه لها في خبر وفاتها: "مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأحِبَّةَ، إِلا أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الجَسَدِ، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ إِلا طَيِّبًا"،...، وَأَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ"( ). - أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يتزوج بكراً غيرها: فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ نَزَلْتَ وَادِيًا وَفِيهِ شَجَرَةٌ قَدْ أُكِلَ مِنْهَا، وَوَجَدْتَ شَجَرًا لَمْ يُؤْكَلْ مِنْهَا، فِي أَيِّهَا كُنْتَ تُرْتِعُ بَعِيرَكَ؟ قَالَ: «فِي الَّذِي لَمْ يُرْتَعْ مِنْهَا» تَعْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَهَا( ). - فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ: عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ: إلاَّ آسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَمَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ"( ). - زواجها بوحي من الله: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ"( ). وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ جِبْرِيلَ، جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»( ). - زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة: عن عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ فَاطِمَةَ..، قَالَتْ: فَتَكَلَّمْتُ أَنَا، فَقَالُ: «أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؟»، قُلْتُ: بَلَى وَاللَّهِ، قَالَ: «فَأَنْتِ زَوْجَتِي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»( ). وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَزْوَاجُكَ فِي الْجَنَّةِ قَالَ: "أَمَا إِنَّكِ مِنْهُنَّ" قَالَتْ: فَخُيِّلَ إِلَيَّ أَنَّ ذَاكَ أَنَّهُ لم يتزوج بكراً غيري"( ). وعَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَامَ عَمَّارٌ رضي الله عنه عَلَى مِنْبَرِ الكُوفَةِ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ، وَذَكَرَ مَسِيرَهَا، وَقَالَ: "إِنَّهَا زَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ"( ). - أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ العَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: " أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ» فَعَدَّ رِجَالاً( ). وعن عمر رضي الله عنه أنه دخل على حفصة فقال: يَا بُنَيَّةُ لاَ يَغُرَّنَّكِ هَذِهِ الَّتِي أَعْجَبَهَا حُسْنُهَا حُبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِيَّاهَا - يُرِيدُ عَائِشَةَ( ). - محبة النبي صلى الله عليه وسلم المسير معها والتحدث إليها" عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَطَارَتِ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ فَخَرَجَتَا مَعَهُ جَمِيعًا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا كَانَ بِاللَّيْلِ، سَارَ مَعَ عَائِشَةَ يَتَحَدَّثُ مَعَهَا، فَقَالَتْ حَفْصَةُ لِعَائِشَةَ: أَلا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَةَ بَعِيرِي وَأَرْكَبُ بَعِيرَكِ، فَتَنْظُرِينَ وَأَنْظُرُ؟ قَالَتْ: بَلَى، فَرَكِبَتْ عَائِشَةُ عَلَى بَعِيرِ حَفْصَةَ، وَرَكِبَتْ حَفْصَةُ عَلَى بَعِيرِ عَائِشَةَ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى جَمَلِ عَائِشَةَ وَعَلَيْهِ حَفْصَةُ، فَسَلَّمَ ثُمَّ سَارَ مَعَهَا، حَتَّى نَزَلُوا، فَافْتَقَدَتْهُ عَائِشَةُ فَغَارَتْ، فَلَمَّا نَزَلُوا جَعَلَتْ تَجْعَلُ رِجْلَهَا بَيْنَ الإذْخِرِ وَتَقُولُ يَا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيَّ عَقْرَبًا أَوْ حَيَّةً تَلْدَغُنِي وَلَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقُولَ لَهُ شَيْئًا( ). - صور من محبته لها: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «كُنْتُ أَشْرَبُ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وَأَتَعَرَّقُ الْعَرْقَ وَأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَضَعُ فَاهُ عَلَى مَوْضِعِ فِيَّ»( ). وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقبلها وهو صائم( ). وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأعْلَمُ إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى» قَالَتْ: فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ تَعْرِفُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ: "أَمَّا إِذَا كُنْتِ عَنِّي رَاضِيَةً، فَإِنَّكِ تَقُولِينَ: لاَ وَرَبِّ مُحَمَّدٍ، وَإِذَا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لاَ وَرَبِّ إِبْرَاهِيمَ" قَالَتْ: قُلْتُ: أَجَلْ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا أَهْجُرُ إِلا اسْمَكَ( ). - وُجُوْب مَحَبَّتِهَا عَلَى كُلِّ أَحَدٍ، ذكره الزركشي في الإجابة( ): فَفِي "الصَحِيْح" لَمَّا جَاءَت فَاطِمَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: أَلَسْتِ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟ قَالَتْ: بَلَى قَالَ: فأَحِبِّيْ هَذِهِ( ). يَعْنِيْ عَائِشَةَ". - كَانَ يَتْبَعُ رِضَاهَا: عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَبُ بِالْبَنَاتِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: «فَكَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ»( ). قال الزركشي في بيان خصائص عائشة: كَانَ يَتْبَعُ رِضَاهَا كَلَعْبِهَا بِاللُّعَبِ ، وَوَقُوْفِهِ فِيْ وَجْهِهَا لِتَنْظُرَ إِلَى الْحَبَشَةِ يَلْعَبُوْنَ. وَاسْتَنْبَطَ الْعُلَمًاءُ مِنْ ذَلِكَ أَحْكَامًا كَثِيْرةً فَمَا أَعْظَمَ بَرَكَتُهَا( ). - إكرام جبريل لها: عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "فَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَانِي حِينَ رَأَيْتِ، فَنَادَانِي، فَأَخْفَاهُ مِنْكِ، فَأَجَبْتُهُ، فَأَخْفَيْتُهُ مِنْكِ، وَلَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَكِ، وَظَنَنْتُ أَنْ قَدْ رَقَدْتِ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَكِ، وَخَشِيتُ أَنْ تَسْتَوْحِشِي( ). - جبريل يقرئ عائشة السلام: عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا: «يَا عَائِشَ، هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلاَمَ» فَقُلْتُ: وَعَلَيْهِ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، تَرَى مَا لاَ أَرَى «تُرِيدُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»( ). - نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في لحاف عائشة: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنَّ حِزْبَيْنِ، فَحِزْبٌ فِيهِ عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ وَصَفِيَّةُ وَسَوْدَةُ، وَالحِزْبُ الآخَرُ أُمُّ سَلَمَةَ وَسَائِرُ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ المُسْلِمُونَ قَدْ عَلِمُوا حُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَائِشَةَ، فَإِذَا كَانَتْ عِنْدَ أَحَدِهِمْ هَدِيَّةٌ يُرِيدُ أَنْ يُهْدِيَهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَخَّرَهَا حَتَّى إِذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، بَعَثَ صَاحِبُ الهَدِيَّةِ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَكَلَّمَ حِزْبُ أُمِّ سَلَمَةَ فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكَلِّمُ النَّاسَ، فَيَقُولُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يُهْدِيَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَدِيَّةً، فَلْيُهْدِهِ إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مِنْ بُيُوتِ نِسَائِهِ، فَكَلَّمَتْهُ أُمُّ سَلَمَةَ بِمَا قُلْنَ، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا، فَكَلِّمِيهِ قَالَتْ: فَكَلَّمَتْهُ حِينَ دَارَ إِلَيْهَا أَيْضًا، فَلَمْ يَقُلْ لَهَا شَيْئًا، فَسَأَلْنَهَا، فَقَالَتْ: مَا قَالَ لِي شَيْئًا، فَقُلْنَ لَهَا: كَلِّمِيهِ حَتَّى يُكَلِّمَكِ، فَدَارَ إِلَيْهَا فَكَلَّمَتْهُ، فَقَالَ لَهَا: «لاَ تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّ الوَحْيَ لَمْ يَأْتِنِي وَأَنَا فِي ثَوْبِ امْرَأَةٍ، إِلا عَائِشَةَ» ، قَالَتْ: فَقَالَتْ: أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِنْ أَذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟» ، قَالَتْ: بَلَى ... ( ). الحديث - بركة عائشة رضي الله عنها: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: "خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَقَالُوا: أَلاَ تَرَى مَا صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسِ وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ وَجَعَلَ يَطْعُنُنِي بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، فَلاَ يَمْنَعُنِي مِنَ التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فَخِذِي، «فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَصْبَحَ عَلَى غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا»، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ( ). - توفي رسول الله في حجرة عائشة وهو بين صدرها ونحرها: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْأَلُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، يَقُولُ: «أَيْنَ أَنَا غَدًا، أَيْنَ أَنَا غَدًا» يُرِيدُ يَوْمَ عَائِشَةَ، فَأَذِنَ لَهُ أَزْوَاجُهُ يَكُونُ حَيْثُ شَاءَ، فَكَانَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ حَتَّى مَاتَ عِنْدَهَا، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَاتَ فِي اليَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ، فِي بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي، وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي، ثُمَّ قَالَتْ: دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ وَمَعَهُ سِوَاكٌ يَسْتَنُّ بِهِ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ لَهُ: أَعْطِنِي هَذَا السِّوَاكَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، فَأَعْطَانِيهِ، فَقَضِمْتُهُ، ثُمَّ مَضَغْتُهُ، فَأَعْطَيْتُهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَنَّ بِهِ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى صَدْرِي( ). وعنها كَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ عَلَيَّ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فِي بَيْتِي، وَفِي يَوْمِي، وَبَيْنَ سَحْرِي وَنَحْرِي، وَأَنَّ اللَّهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ ..( ). ولذلك قال الزركشي في تعداد خصائصها: وَفَاتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيْ يَوْمِهَا, ودَفْنُهُ فِيْ بَيْتهَا بِبُقْعَةٍ هِيَ أَفْضَل بِقَاعِ الأَرْض بِإِجْمَاعِ الأمَّةِ( ). - دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة بمغفرة واجبة: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: لَمَّا رَأَيْتُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طِيبَ نَفْسٍ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ لِي, فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَائِشَةَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنَبِهَا وَمَا تَأَخَّرَ مَا أَسَرَّتْ وَمَا أَعْلَنَتْ، فَضَحِكَتْ عَائِشَةُ حَتَّى سَقَطَ رَأْسُهَا فِي حِجْرِهَا مِنَ الضَّحِكِ قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَيَسُرُّكِ دُعَائِي"؟ فَقَالَتْ: وَمَا لِي لا يَسُرُّنِي دُعَاؤُكَ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَاللَّهِ إِنَّهَا لَدُعَائِي لأمَّتِي فِي كل صلاة"( ). - قول النبي صلى الله عليه وسلم لها:" كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأُمِّ زَرْعٍ: وقَالَتْ عَائِشَة رضي الله عنها ُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لأم زَرْعٍ»( ). قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاءُ هُوَ تَطْيِيبٌ لِنَفْسِهَا وَإِيضَاحٌ لِحُسْنِ عِشْرَتِهِ إِيَّاهَا( ). - سَوْدَةَ وَهَبَتْ يومها لعائشة تبتغي رضا النبي صلى الله عليه وسلم: عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ، وَكَانَ يَقْسِمُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا، غَيْرَ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ وَهَبَتْ يَوْمَهَا وَلَيْلَتَهَا لِعَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، تَبْتَغِي بِذَلِكَ رِضَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»( ). - مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم وممازحته لها: قَالَتْ عَائِشَةُ: لا أَزَالُ هَائِبَةً لِعُمَرَ بَعْدَ مَا رَأَيْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، صَنَعْتُ حَرِيرَةً وَعِنْدِي سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ جَالِسَةٌ، فَقُلْتُ لَهَا: كُلِي، فَقَالَتْ: لا أَشْتَهِي ولا آكُلُ، فَقُلْتُ: لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لألْطَخَنَّ وَجْهَكِ، فَلَطَخْتُ وَجْهَهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا، فَأَخَذَتْ مِنْهَا فَلَطَخَتْ وَجْهِي، وَرَسُولُ اللَّهِ يَضْحَكُ، إِذْ سَمِعْنَا صَوْتًا جَاءَنَا يُنَادِي: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «قُومَا فَاغْسلا وُجُوهَكُمَا، فَإِنَّ عُمَرَ دَاخِلٌ» ، فَقَالَ عُمَرُ: السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَقَالَ: «ادْخُلِ ادْخُلْ»( ). - قال الزركشي في بيان فضائل عائشة( ): كَانَ أَبُوْهَا أَحَبَّ الرِّجَالِ إِلَيْهِ وَأَعَزَّهُمْ عَلَيْهِ ؛ وإَنَّ أَبَاهَا أَفْضَلُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ مَالِكٌ؛ فَقَالَ: وَهَلْ فِيْ ذَلِكَ شَكٌّ؟ وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِيْ طَالِبٍ ذَلِكَ أَيْضًا( ). - قال الزركشي: أَنَّهَا كَانَتْ تَغْضَبُ فَيَتَرَضَّاهَا وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ لِغَيْرِهَا( ). فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ: أَلا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْجِزُهُ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ «كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ؟» قَالَ: فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا، فَقَالَ لَهُمَا: أَدْخِلاانِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلْنَا قَدْ فَعَلْنَا»( ). - وقال الزركشي في بيان خصائصها: أَنَّهَا أَفْضَلُ امْرَأَةٍ مَاتَ عَنْهَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلا خِلافٍ( ). عرض جوانب من حياتها بيت الفضل والكرم: فزوجها: هو سيد بني آدم خليل الرحمن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبوها: هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار, وخير هذه الأمة باتفاق العلماء. وأمها: هي أم رومان بنت عامر صحابية كريمة. قال الزركشي: لَمْ يَنْكَحِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ امْرَأَةً أَبَوَاهَا مُهَاجِرَانِ بِلا خِلافٍ سِوَاهَا. وقال: إنَّ أَبَاهَا وَجَدَّهَا صَحَابِيَّانِ وَشَارَكَهَا فِيْ ذَلِكَ جَمَاعَة قَلِيْلُوْنَ( ). وأختها لأبيها أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين رضي الله عنها صحابية جليلة زوجة الزبير ووالدة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهم . وجدها لأبيها: أبو قحافة رضي الله عنه الذي أسلم ونال شرف صحبة النبي صلى الله عليه وسلم. وجدتها لأبيها: أم الخير سلمى بنت صخر التي أسلمت ، ونالت شرف الصحبة( ) . وعماتها الثلاث من الصحابيات وهن: قريبة وأم عامر وأم فروة بنات أبي قحافة ( ). وأخوها عبد الرحمن: من الصحابة الكرام. قال الزركشي: قَالَ: مُوْسَى بْنُ عُقْبَةَ: لا نَعْرِفُ أَرْبَعَةً أَدْرَكُوْا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمْ وَأَبْنَاؤُهُمْ إِلا هَؤُلاءِ الأرْبَعَةُ فَذَكَرَ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيْقَ وَأَبَاه وَابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ وَابْنَهُ مُحَمَّدًا أَبَا عَتِيْقٍ. حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ الصَّلاحِ فِي النَّوْعِ الرَّابِعِ وَالأَرْبَعِيْنَ مِنْ "عُلُوْمِه"ِ. وَكَذَا صَاحِبُ "الْفِرْدَوْسِ"؛ وَقَالَ: ولا نَعْلَمُ مِنَ الْعَشْرَةِ أَحَدًا أَسْلَمَ أَبُوْهُ عَلَى يَدَيْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا أَبَا بَكْرٍ( ). فهذا بيت عائشة الكريم. عائشة الفقيهة: قال الذهبي: أَفْقَهُ نِسَاءِ الأُمَّةِ عَلَى الإِطْلاَقِ( ). وقال: "مُسْنَدُ عَائِشَةَ يَبْلُغُ ألفين ومئتين وَعَشْرَةِ أَحَادِيْثَ. اتَّفَقَ لَهَا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى مئة وَأَرْبَعَةٍ وَسَبْعِيْنَ حَدِيْثاً وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِأَرْبَعَةٍ وَخَمْسِيْنَ وَانْفَرَدَ مُسْلِمٌ بِتِسْعَةٍ وَسِتِّيْنَ( ). وقَالَ الزُّهْرِيُّ: لَوْ جُمِعَ عِلْمُ عَائِشَةَ إِلَى عِلْمِ جَمِيعِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِلْمِ جَمِيعِ النِّسَاءِ لَكَانَ عِلْمُ عَائِشَةَ أَفْضَلَ. وقال الزركشي: َذَكَرَها الشَّيْخ أَبُوْ إِسْحَاقَ الشِّيْرَازِيّ فِي "طَبَقَاته" فِي جُمْلَةِ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ حَزْمٍ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ الَّذِيْنَ رُوِيَتْ عَنْهُمُ الْفَتَاوَى فِي الأحْكَام فِيْ مَزِيَّةِ كَثْرَةِ مَا نَقَلَ عَنْهُمْ؛ قَدَّمَ عَائِشَةَ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَة. وَقَالَ الْحَافِظُ أبو حفص عمر بن عَبْدِ الْمَجِيْدِ الْقُرَشِيُّ الْمِيَانَشِيُّ فِيْ كِتَابِ "إِيْضَاحُ ما لا يَسَعُ المحَدِّثَ جَهْلُهُ": اشْتَمَلَ كِتَابُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَلَى أَلْف حَدِيْثٍ وَمِائَتَيْ حَدِيْثٍ مِنَ الأحْكَام؛ فَرَوَتْ عَائِشَةُ مِنْ جُمْلَةِ الْكِتَابَيْنِ مِائَتَيْنِ وَنَيِّفًا وَتِسْعِيْنَ حَدِيْثًا لَمْ يَخْرُجْ عَنِ الأحْكَام مِنْهَا إِلا الْيَسِيْرُ. وقال الحاكم أبو عبدالله: فحمل عنها ربع الشريعة. وقال أبو حفص: وَرُوِيَنَا بِسَنَدِنَا عَنْ بَقِيِّ بْنِ مُخَلَّد: إِنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ أَلْفَيْنِ وَمِائَتَيْ حَدِيْثٍ وعَشْرَةَ أَحَادِيْثَ, وَالَّذِيْنَ رَوَوْا الألُوْفَ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ أَرْبَعَةٌ أَبُوْ هُرَيْرَةَ وَعَبْد اللهِ بْنُ عَمْرٍو وَأَنَس بْنُ مَالِكٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم( ). وقال الزركشي: وذكر أبو عمر بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهَا كَانَتْ وَحِيْدَةَ عَصْرِهَا فِيْ ثلاثة عُلُوْم: عِلْمِ الْفِقْهِ وَعِلْمِ الطِّبِّ وَعِلْمِ الشِّعْرِ( ). وَقَالَ: أَبُوْ بَكْرٍ الْبَزَّار فِيْ "مُسْنَدِهِ": حَدَّثَنَا عَمْرو بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا خَلادُ بْن يَزَيْد ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَبُوْ غَرَازَةَ زَوْجُ خَيْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِيْ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: إنِّيْ لأتَفَكَّرُ فِيْ أَمْرِكِ فَأَعْجَبُ أَجِدُكُ مِنْ أَفْقَهِ النَّاسِ فَقُلْتُ: مَا يَمْنَعُهَا زَوْجَةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَابْنَة أَبِيْ بَكْرٍ، وَأَجِدُكِ عَالِمَةً بِأَيَّامِ الْعَرَبِ وَأَنَسابِهَا وَأَشْعَارِهَ! فَقُلْتُ: وَمَا يَمْنَعُهَا وَأَبُوْهَا عَلاَمَةُ قُرَيْشٍ وَلَكِنْ إِنَّمَا أَعْجَبُ أَنْ وَجَدْتُكِ عَالِمَةً بِالطِّبِّ ؛فَمِنْ أَيْنَ؟ فَأَخَذْتُ بِيَدَيَّ وَقَالَتْ: يا عرية: إن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كثر سقمه؛ فَكَانَ أَطِبَّاءُ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ يَنْعِتُوْنَ لَهُ فَتَعَلَّمْتُ ذَلِكَ. قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيْثُ لا نَعْلَمُهُ مَرْوِيًّا عَنْ عَائِشَةَ إِلا بِهَذَا الإسْنَادِ. وَمُحَمَّدُ بْنُ عبد الرحمن مختلف فيه. لكن رواه أبو نعيم فِي "الْحِلْيَةِ" عَنْهُ مِنْ جِهَةِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: ثَنَا عَبْد اللهِ بْنُ مُعَاوِيَةُ الزُّبَيْريُّ ثَنَا هِشَام بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيْهِ بِهِ. قال الزركشي: وورد في الْحَاكِمِ نَحْوُهُ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيْل عَنْ هِشَام وقال: صحيح الإسناد. قال الذهبي في "مُخْتَصَرهِ": عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ( ). وعن أبي موسى الأشعري -رَضِي الْلَّه عَنْه- قال: مَا أُشكلَ عَلَيْنَا أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- حَدِيْث قَط فَسَأَلْنَا عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- إِلا وَجَدْنَا عِنْدَهَا مِنْه عِلْمَاً( ). وعن هشام بن عروة أن أباه -عروة بن الزبير بن العوام- ذكر عائشة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- فقال: كَانَت أَعْلَم الْنَّاس بِالْحَدِيْث، وَأَعْلَم الْنَّاس بِالْقُرْآَن، وَأَعْلَم الْنَّاس بِالْشِّعْر( ). وعن عَطَاء بْن رَبَاح قال: كَانَت عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- أَفْقَه الْنَّاس، وَأَعْلَم الْنَّاس، وَأَحْسَن الْنَّاس رَأْيَا فِي الْعَامَّة( ). وعن مَسْرُوْق بِن الأجْدَع قال: لَقَد رَأَيْت الأكابر مِن أَصْحَاب رَسُوْل الْلَّه -صَلَّى الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم- يَسْأَلُوْن عَائِشَة -رَضِي الْلَّه عَنْهَا- عَن الْفَرَائِض( ). وعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: لَقَدْ صَحِبْتُ عَائِشَةَ فَمَا رَأَيْتُ أَحَداً قَطُّ كَانَ أَعْلَمَ بِآيَةٍ أُنْزِلَتْ وَلاَ بِفَرِيْضَةٍ وَلاَ بِسُنَّةٍ وَلاَ بِشِعْرٍ وَلاَ أَرْوَى لَهُ وَلاَ بِيَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ العَرَبِ وَلاَ بِنَسَبٍ وَلاَ بِكَذَا وَلاَ بِكَذَا وَلاَ بِقَضَاءٍ وَلاَ طِبٍّ مِنْهَا. فَقُلْتُ لَهَا: يَا خَالَةُ، الطِّبُّ مِنْ أَيْنَ عُلِّمْتِهِ? فَقَالَتْ: كُنْتُ أَمْرَضُ فَيُنْعَتُ لِيَ الشَّيْءُ وَيَمْرَضُ المَرِيْضُ فَيُنْعَتُ لَهُ وَأَسْمَعُ الناس ينعت بعضهم لبعض فأحفظه( ). وقد ساهم في هذا العلم عند عائشة رضي الله عنها أمور بعد توفيق الله( ): - ما امتازت به من الذكاء وقوة الحفظ بالإضافة إلى فصاحة لسانها وعلمها بالعربية. - زواجها في سن مبكر من النبي صلى الله عليه وسلم ، ونشأتها في بيت النبوة , تشاهد أحوال النبي صلى الله عليه وسلم, وتطلع على أخباره، وتعلم خاصة شؤونه، ومما روته أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ «يُدْرِكُهُ الفَجْرُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ أَهْلِهِ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ»( ). - كما تعلمت عامة شؤون النساء ؛ فقد كانت تتلقى من النبي صلى الله عليه وسلم الفقه مباشرة، من ذلك، أَنَّ امْرَأَةً قَالَتْ لِعَائِشَةَ: أَتَجْزِي إِحْدَانَا صَلاَتَهَا إِذَا طَهُرَتْ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ «كُنَّا نَحِيضُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ يَأْمُرُنَا بِهِ» أَوْ قَالَتْ: فَلاَ نَفْعَلُهُ( ). - وكانت تستمع إلى أجوبته على أسئلة النساء اللاتي يقصدن بيتها لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض شؤونهن، من ذلك أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فَأَمَرَهَا كَيْفَ تَغْتَسِلُ، قَالَ: «خُذِي فِرْصَةً مِنْ مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بِهَا» قَالَتْ: كَيْفَ أَتَطَهَّرُ؟ قَالَ: «تَطَهَّرِي بِهَا»، قَالَتْ: كَيْفَ؟ قَالَ: «سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي» فَاجْتَبَذْتُهَا إِلَيَّ، فَقُلْتُ: تَتَبَّعِي بِهَا أَثَرَ الدَّمِ( ). - وكانت تشهد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ،وكانت رضي الله عنها تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن معاني القرآن الكريم، وإلى ما تشير إليه بعض الآيات، فجمعت بذلك شرف تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم فور نزوله وتتلقى معانيه أيضاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم. من ذلك ماجاء عن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60]. قَالَتْ عَائِشَةُ: أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ؟ قَالَ: "لا يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ، وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لا تُقْبَلَ مِنْهُمْ {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ( ). - كونها ابنة أبي بكر الصديق، فوالدها كان علامة العرب في الأنساب وأحد فصحائهم وبلغائهم، وقد أخذت رضي الله عنها ، عنه وتعلمت منه ، فعن هِشَامُ بنُ عُرْوَةَ قَالَ كَانَ عُرْوَةُ يَقُوْلُ لِعَائِشَةَ: يَا أُمَّتَاهُ لاَ أَعْجَبُ مِنْ فِقْهِكِ أَقُوْلُ: زَوْجَةُ نَبِيِّ اللهِ وَابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ. وَلاَ أَعْجَبُ مِنْ عِلْمِكِ بِالشِّعْرِ وَأَيَّامِ النَّاسِ أَقُوْلُ: ابْنَةُ أَبِي بَكْرٍ وَكَانَ أَعْلَمَ النَّاسِ( ). - وكانت رضي الله عنها تضع حجاباً بينها وبين تلاميذها، فمما نقله عنها تلميذها مسروق رحمه الله عن عائشة قالت: كُنْتُ أَفْتِلُ قَلائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدَيَّ . قَالَ مَسْرُوقٌ: فَسَمِعْتُ تَصْفِيقَهَا بِيَدَيْهَا مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ وَهِيَ تُحَدِّثُ بِذَلِكَ ( ). وعنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، قَالَ: كَانَ مَرْوَانُ عَلَى الحِجَازِ اسْتَعْمَلَهُ مُعَاوِيَةُ فَخَطَبَ، فَجَعَلَ يَذْكُرُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ لِكَيْ يُبَايَعَ لَهُ بَعْدَ أَبِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ شَيْئًاً، فَقَالَ: خُذُوهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ عَائِشَةَ فَلَمْ يَقْدِرُوا، فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنَّ هَذَا الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ، {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي} [الأحقاف: 17]، فَقَالَتْ عَائِشَةُ مِنْ وَرَاءِ الحِجَابِ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِينَا شَيْئًا مِنَ القُرْآنِ إلا أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عُذْرِي»( ). مدرسة عائشة ( ): لقد كان لعائشة رضي الله عنها عدد كبير من التلاميذ ،وكانوا يأتونها من العراق والشام وأنحاء الجزيرة. منهم: ابنا أخيها القاسم وعبد الله ابنا محمد بن أبي بكر الصديق، وابنا أختها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام، وعباد بن حبيب بن عبد الله بن الزبير. ومن الصحابة: عمرو بن العاص وأبو موسى الأشعري وزيد بن خالد الجهني وأبو هريرة وابن عمر وابن عباس وربيعة بن عمرو الجرشي والسائب بن يزيد والحارث بن عبد الله بن نوفل وغيرهم. ومن أكابر التابعين سعيد بن المسيب، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وعلقمة بن قيس وعمرو بن ميمون، ومطرف بن عبد الله بن الشخير، ومسروق بن الأجدع ، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم كثير. وكان لها عدد كبير من النساء يأخذن عنها العلم ؛ كأمثال بنت أخيها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق، وبهية مولاة أبي بكر الصديق، وبنت أخيها حفصة بنت عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق، وخيرة أم الحسن البصري، وزينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وصفية بنت أبي عبيد امرأة عبد الله بن عمر، وعائشة بنت طلحة بن عبيد الله ، وعمرة بنت عبد الرحمن، وقمير امرأة مسروق بن الأجدع، ومسيكة المكية أم يوسف بن ماهك، ومعاذة العدوية، وغيرهن ( ). قال الزهري: أول من كشف الغمة عن الناس وبين لهم السنة في ذلك عائشة رضي الله عنها ( ). - منهج المدرسة( ): أولاً: كانت رضي الله عنها تتبع المنهج العلمي؛ أي توثيق المسائل بما ورد في الكتاب والسنة، فلما ذُكر لها قول ابن عمر رضي الله عنه كما جاء عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ الرَّجُلِ يَتَطَيَّبُ، ثُمَّ يُصْبِحُ مُحْرِمًا؟ فَقَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا، لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا فَأَخْبَرْتُهَا، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ قَالَ: مَا أُحِبُّ أَنْ أُصْبِحَ مُحْرِمًا أَنْضَخُ طِيبًا، لَأَنْ أَطَّلِيَ بِقَطِرَانٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَفْعَلَ ذَلِكَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: «أَنَا طَيَّبْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ إِحْرَامِهِ، ثُمَّ طَافَ فِي نِسَائِهِ، ثُمَّ أَصْبَحَ مُحْرِمًا»( ). ثانياً: كانت رضي الله عنها تتورع عن الكلام بغير علم ؛ فعَنْ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َثلاثة أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»( ). ثالثا: كانت رضي الله عنها تعتمد على الجمع بين الأدلة وفهم مقاصد الشريعة وعلوم اللغة |
|
24-07-2018, 09:27 PM | #11 |
| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها ثالثا: كانت رضي الله عنها تعتمد على الجمع بين الأدلة وفهم مقاصد الشريعة وعلوم اللغة العربية. عن مسروق قَالَ: كُنْتُ مُتَّكِئًا عِنْدَ عَائِشَةَ فَقَالَتْ: يَا أَبَا عَائِشَةَ! ثَلاَثٌ مَنْ تَكَلَّمَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قُلْتُ: مَا هُنَّ؟ قَالَتْ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا -صلى الله عليه وسلم- رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ. قَالَ: وَكُنْتُ مُتَّكِئًا فَجَلَسْتُ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْظِرِينِي وَلاَ تَعْجَلِينِي أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَقَدْ رَآهُ بِالأُفُقِ الْمُبِينِ} {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}. فَقَالَتْ: أَنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: «إِنَّمَا هُوَ جِبْرِيلُ لَمْ أَرَهُ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِى خُلِقَ عَلَيْهَا غَيْرَ هَاتَيْنِ الْمَرَّتَيْنِ رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ». فَقَالَتْ: أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}، أَوَلَمْ تَسْمَعْ أَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ}. قَالَتْ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَتَمَ شَيْئًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ وَاللَّهُ يَقُولُ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}. قَالَتْ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ بِمَا يَكُونُ فِى غَدٍ فَقَدْ أَعْظَمَ عَلَى اللَّهِ الْفِرْيَةَ، وَاللَّهُ يَقُولُ: {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ في السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ}( ). رابعا: كانت رضي الله عنها تعرف أدب الخلاف فعن عروة بن الزبير قَالَ: كُنْتُ أَنَا وَابْنُ عُمَرَ مُسْتَنِدَيْنِ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ وَإِنَّا لَنَسْمَعُ ضَرْبَهَا بِالسِّوَاكِ تَسْتَنُّ - قَالَ - فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ اعْتَمَرَ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- في رَجَبٍ؟ قَال: نَعَمْ. فَقُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَيْ أُمَّتَاهُ أَلاَ تَسْمَعِينَ مَا يَقُولُ أَبُو عَبْدِالرَّحْمَنِ؟! قَالَت: وَمَا يَقُولُ؟ قُلْت: يَقُولُ اعْتَمَرَ النَّبِيُ -صلى الله عليه وسلم- في رَجَبٍ. فَقَالَت: يَغْفِرُ اللَّهُ لأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَعَمْرِي مَا اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ وَمَا اعْتَمَرَ مِنْ عُمْرَةٍ إِلاَّ وَإِنَّهُ لَمَعَهُ. قَالَ: وَابْنُ عُمَرَ يَسْمَعُ فَمَا قَالَ لاَ وَلاَ نَعَمْ. سَكَتَ( ). خامساً: الدّقة في نقل الحديث وحفظ ألفاظه حتى لا يتغيّر المعنى: فعَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ وَذُكِرَ لَهَا أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ إِنَّ الْمَيِّتَ لَيُعَذَّبُ بِبُكَاءِ الْحَىِّ. فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لأَبِى عَبْدِالرَّحْمَنِ أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ وَلَكِنَّهُ نَسِىَ أَوْ أَخْطَأَ إِنَّمَا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى يَهُودِيَّةٍ يُبْكَى عَلَيْهَا فَقَالَ: « إِنَّهُمْ لَيَبْكُونَ عَلَيْهَا وَإِنَّهَا لَتُعَذَّبُ في قَبْرِهَا( )». سادساً:كانت رضي الله عنها إذا لم تكن تعرف الحديث اختبرت قائله فإن ضبطه قبلته، وهذا الأسلوب اتّبعه نقّاد الحديث فيما بعد في نقد الحديث ونقد الرجال. عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَتْ لِي عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أُخْتِي بَلَغَنِي أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو مَارٌ بِنَا إِلَى الْحَجِّ فَالْقَهُ فَسَائِلْهُ فَإِنَّهُ قَدْ حَمَلَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- عِلْمًا كَثِيراً: قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ عَنْ أَشْيَاءَ يَذْكُرُهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ عُرْوَةُ: فَكَانَ فِيمَا ذَكَرَ أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لاَ يَنْتَزِعُ الْعِلْمَ مِنَ النَّاسِ انْتِزَاعًا وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعُلَمَاءَ فَيَرْفَعُ الْعِلْمَ مَعَهُمْ وَيُبْقِى فِى النَّاسِ رُؤوسًا جُهَّالاً يُفْتُونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَيَضِلُّونَ وَيُضِلُّونَ». قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا حَدَّثْتُ عَائِشَةَ بِذَلِكَ أَعْظَمَتْ ذَلِكَ وَأَنْكَرَتْهُ! قَالَتْ: أَحَدَّثَكَ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ هَذَا؟ قَالَ عُرْوَةُ: حَتَّى إِذَا كَانَ قَابِلٌ قَالَتْ لَهُ إِنَّ ابْنَ عَمْرٍو قَدْ قَدِمَ فَالْقَهُ ثمَّ فَاتِحْهُ حَتَّى تَسْأَلَهُ عَنِ الْحَدِيثِ الذي ذَكَرَهُ لَكَ في الْعِلْمِ. قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَاءَلْتُهُ فَذَكَرَهُ لي نَحْوَ مَا حَدَّثَنِى بِهِ فِى مَرَّتِهِ الأُولَى. قَالَ عُرْوَةُ: فَلَمَّا أَخْبَرْتُهَا بِذَلِكَ قَالَتْ: مَا أَحْسِبُهُ إِلاَّ قَدْ صَدَقَ أَرَاهُ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَمْ يَنْقُصْ( ). قال النووي رحمه الله: قوله: "إن عائشة قالت في عبد الله بن عمرو ما أحسبه إلا قد صدق ؛ أراه لم يزد فيه شيئآ ولم ينقص": ليس معناه أنها اتهمته، لكنها خافت أن يكون اشتبه عليه أو قرأه من كتب الحكمة فتوهمه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما كرره مرة أخرى وثبت عليه غلب على ظنها أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم. وقولها: "أراه" بفتح الهمزة. وفي هذا الحديث: الحث على حفظ العلم وأخذه عن أهله، واعتراف العالم للعالم بالفضيلة( ). سابعاً: اتبعت رضي الله عنها أسلوب النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم والتحدث عموماً وهو التأني وعدم التعجل والإكثار. فعن عُرْوَةُ بْنَ الزُّبَيْرِ عن عَائِشَةَ أنها قَالَتْ له: أَلاَ يُعْجِبُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم يُسْمِعُنِى ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِىَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ( ). عائشة الزاهدة الكريمة: فعائشة زوجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أكرم هذه الأمة وأزهدها، ومنه تعلمت هذه المناقب والمحامد؛ ثم هي ابنة أبيها الصديق الذي أنفق ماله كله في سبيل الله يوم تبوك ؛ فكيف لا تكون كذلك. عَنْ عُرْوَةَ بن الزبير قَالَ: «لَقَدْ رَأَيْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا تَقْسِمُ سَبْعِينَ أَلْفًا وَإِنَّهَا لَتَرْقَعُ جَيْبَ دِرْعِهَا». عن عروة: أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه بَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا بِمِائَةِ أَلْفٍ، فَوَاللهِ مَا غَابَتِ الشَّمْسُ عَنْ ذَلِكَ الْيَوْمَ حَتَّى فَرَّقَتْهَا قَالَتْ مَولاة لَهَا: لَوِ اشْتَرَيْتِ لَنَا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ بِدِرْهَمٍ لَحْمًا، فَقَالَتْ: «لَوْ قُلْتِ قَبْلَ أَنْ أُفَرِّقَهَا لَفَعَلْتُ»( ). وعَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِرِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةَ قَالَتْ: بَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَى عَائِشَةَ بِمَالٍ فِي غِرَارَتَيْنِ يَكُوْنُ مائَةَ أَلْفٍ ، فَدَعَتْ بِطَبَقٍ فَجَعَلَتْ تَقْسِمُ فِي النَّاسِ فَلَمَّا أَمْسَتْ قَالَتْ: هَاتِي يَا جَارِيَةُ فُطُوْرِي. فَقَالَتْ أُمُّ ذَرَّةَ: يَا أُمَّ المؤمنين أما استطعت أن تَشْتَرِي لَنَا لَحْماً بِدِرْهَمٍ? قَالَتْ: لاَ تُعَنِّفِيْنِي لَوْ أَذْكَرْتِيْنِي لَفَعَلْتُ( ). عائشة العابدة المتواضعة: وهي مع زهدها وكرمها قد جمعت تواضعا وعبادة وخوفا. فعن شُعْبَةُ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيْهِ: أن عائشة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا كانت تصوم الدهر. وعَنْ إِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: يَا لَيْتَنِي كُنْتُ وَرَقَةً مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَة( )ِ. خوفها من ثناء الناس: عن ذَكْوَانُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، جَاءَ يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ، وَهِيَ فِي الْمَوْتِ، قَالَ: فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْكِ؟، قَالَتْ: دَعْنِي مِنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فلا حَاجَةَ لِي بِهِ ولا بِتَزْكِيَتِهِ، قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: يَا أُمَّتَاهُ، إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ يُرِيدُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْكِ، قَالَتْ: فَأْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَجَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَعَدَ، فَقَالَ: «أَبْشِرِي فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تُفَارِقِي كُلَّ نَصَبٍ وَتَلْقَيْ مُحَمَّدًا وَالأحِبَّةَ إِلا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكِ جَسَدَكِ»، قَالَتْ: أَيْضًا يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَكُنْ يُحِبُّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا طَيِّبًا، سَقَطَتْ قِلادَتُكِ يَوْمَ الأبْوَاءِ فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَنْزِلِ يَلْتَقِطُهَا، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنْ تَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا، فَكَانَ ذَلِكَ مِنْ سَبَبِكِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لِهَذِهِ الأمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يُذْكَرُ فِيهِ اللَّهُ إلا تُتْلَى فِيهِ بَرَاءَتُكِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ»، قَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، فَوَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا( ). وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: «ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي، وَلاَ تَدْفِنِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي البَيْتِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى»( ). مروياتها في هدم الشرك والبدع والخرافات( ): وهذه نبذة فيما روته من أصول الدين والعقيدة والتحذير من البدع والخرافات ومشابهة اليهود والنصارى. عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ، وَأُمَّ سَلَمَةَ ذَكَرَتَا كَنِيسَةً رَأَيْنَهَا بِالحَبَشَةِ فِيهَا تَصَاوِيرُ، فَذَكَرَتَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «إِنَّ أُولَئِكَ إِذَا كَانَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ فَمَاتَ، بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدًا، وَصَوَّرُوا فِيهِ تِلْكَ الصُّوَرَ، فَأُولَئِكَ شِرَارُ الخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ»( ) . عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فِي مَرَضِهِ الَّذِي لَمْ يَقُمْ مِنْهُ «لَعَنَ اللهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» قَالَتْ: «فَلَوْلَا ذَاكَ أُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا»( ). عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ، فَهُوَ رَدٌّ» ( ). وفي رواية: عَائِشَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ»( ). عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: تَلاَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ، وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌفَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ، وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ، وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ، وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَ أُولُو الأَلْبَابِ} قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ»( ). عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ آخِرُ مَا عَهِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ قَالَ: "لا يُتْرَكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ"( ).. وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: "جَاءَتْ فَاطِمَةُ ابْنَةُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تُبَايِعُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ عَلَيْهَا ألا تُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا..، الآيَةَ قَالَتْ: فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى رَأْسِهَا حَيَاءً، فَأَعَجَبَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رَأَى مِنْهَا" قَالَتْ عَائِشَةُ: أَقِرِّي أَيَّتُهَا الْمَرْأَةُ، فَوَاللَّهِ مَا بَايَعَنَا إلا عَلَى هَذَا قَالَتْ: فَنَعَمْ إِذاً، فَبَايَعَهَا عَلَى الآيَةِ( ). عائشة الورعة التقية: أما عن الورع والتقوى فحدث عن ذلك ولا حرج؛ وكيف لا تكون ذلك وهي صاحبة من هو أعلم بالله وأتقى صلى الله عليه وسلم. عن عَائِشَةَ، حُدِّثَتْ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ: فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ: وَاللَّهِ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لأحجرنَّ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: أَهُوَ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَتْ: هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ، أَنْ لاَ أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا. فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إِلَيْهَا، حِينَ طَالَتِ الهِجْرَةُ، فَقَالَتْ: لاَ وَاللَّهِ لاَ أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا، وَلاَ أَتَحَنَّثُ إِلَى نَذْرِي. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، كَلَّمَ المِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ، وَقَالَ لَهُمَا: أَنْشُدُكُمَا بِاللَّهِ لَمَّا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ، فَإِنَّهَا لاَ يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذِرَ قَطِيعَتِي. فَأَقْبَلَ بِهِ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلَيْنِ بِأَرْدِيَتِهِمَا، حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ، فَقَالاَ: السَّلاَمُ عَلَيْكِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ: ادْخُلُوا، قَالُوا: كُلُّنَا؟ قَالَتْ: نَعَمِ، ادْخُلُوا كُلُّكُمْ، وَلاَ تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الحِجَابَ، فَاعْتَنَقَ عَائِشَةَ وَطَفِقَ يُنَاشِدُهَا وَيَبْكِي، وَطَفِقَ المِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ يُنَاشِدَانِهَا إلا مَا كَلَّمَتْهُ، وَقَبِلَتْ مِنْهُ، وَيَقُولاَنِ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَمَّا قَدْ عَلِمْتِ مِنَ الهِجْرَةِ، فَإِنَّهُ: «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيَالٍ». فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَى عَائِشَةَ مِنَ التَّذْكِرَةِ وَالتَّحْرِيجِ، طَفِقَتْ تُذَكِّرُهُمَا نَذْرَهَا وَتَبْكِي وَتَقُولُ: إِنِّي نَذَرْتُ، وَالنَّذْرُ شَدِيدٌ، فَلَمْ يَزَالاَ بِهَا حَتَّى كَلَّمَتْ ابْنَ الزُّبَيْرِ، وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً، وَكَانَتْ تَذْكُرُ نَذْرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَتَبْكِي حَتَّى تَبُلَّ دُمُوعُهَا خِمَارَهَا"( ). وعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، "أَنَّهَا قَتَلَتْ جَانًّا، فَأُتِيَتْ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ فَقِيلَ لَهَا: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ قَتَلْتِ مُسْلِمًا، قَالَتْ: فَلَمْ يَدْخُلْ عَلَيَّ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهَا: مَا تَدْخُلُ عَلَيْكَ إلا وَعَلَيْكَ ثِيَابُكَ، فَأَصْبَحَتْ فَزِعَةً وَأَمَرَتْ بِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ"( ). عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «يَتَوَضَّأُ أَحَدُكُمْ مِنَ الطَّعَامِ الطَّيِّبِ، ولا يَتَوَضَّأُ مِنَ الْكَلِمَةِ الْخَبِيثَةِ، يَقُولُهَا لأخِيهِ»( ). وقَالَ الزُّهْرِيُّ: عَنِ القَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَجَّ قَدِمَ فَدَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فَلَمْ يَشْهَدْ كَلاَمَهَا إلا ذَكْوَانُ مَوْلَى عَائِشَةَ. فَقَالَتْ لِمُعَاوِيَةَ: أَمِنْتَ أَنْ أَخْبَأَ لَكَ رَجُلاً يَقْتُلُكَ بِأَخِي مُحَمَّدٍ قَالَ: صَدَقْتِ. وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى: قَالَ لَهَا: مَا كُنْتِ لِتَفْعَلِي ثُمَّ إِنَّهَا وَعَظَتْهُ وَحَضَّتْهُ عَلَى الاتِّبَاعِ( ). عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا مَرَّتْ بِهَذِهِ الآيَةِ: {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ}. فَقَالَتْ: «اللَّهُمَّ مُنَّ عَلَيْنَا، وَقِنَا عَذَابَ السَّمُومِ، إِنَّكَ أَنْتَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ»( ). وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمْ أَزَلْ حَرِيصًا عَلَى أَنْ أَسْأَلَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ المَرْأَتَيْنِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَيْنِ قَالَ اللَّهُ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}، فَحَجَجْتُ مَعَهُ، فَعَدَلَ وَعَدَلْتُ مَعَهُ بِالإدَاوَةِ، فَتَبَرَّزَ حَتَّى جَاءَ، فَسَكَبْتُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الإداوة فَتَوَضَّأَ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، مَنِ المَرْأَتَانِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّتَانِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُمَا: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}؟ فَقَالَ: وَاعَجَبِي لَكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ، عَائِشَةُ وَحَفْصَةُ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ عُمَرُ الحَدِيثَ يَسُوقُهُ، .... فَاعْتَزَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ الحَدِيثِ حِينَ أَفْشَتْهُ حَفْصَةُ إِلَى عَائِشَةَ، وَكَانَ قَدْ قَالَ: «مَا أَنَا بِدَاخِلٍ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حِينَ عَاتَبَهُ اللَّهُ» فَلَمَّا مَضَتْ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ، دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، فَبَدَأَ بِهَا، فَقَالَتْ لَهُ: عَائِشَةُ: إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَنْ لاَ تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّا أَصْبَحْنَا لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً أَعُدُّهَا عَدًّا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ»( ). ووجه الدلالة مع شدة محبتها للنبي صلى الله عليه وسلم لا سيما بعد هذا الإيلاء, وشدة الشوق والمحبة إلا أنها ذكرته بأن الشهر لا يزال منه بقية, وهذا يدل على عظيم تقواها. عائشة المصون صاحبة الحياء: فهي العفيفة الطاهرة المطهرة الطيبة زوجة الطيب المبرأة من فوق سبع سماوات؛ وهذه نماذج من عفتها وطهارتها وكريم خلقها. أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غرلاً» قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: «الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ»( ). عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: كُنْتُ أَدْخُلُ بَيْتِي الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبِي فَأَضَعُ ثَوْبِي، وَأَقُولُ إِنَّمَا هُوَ زَوْجِي وَأَبِي، فَلَمَّا دُفِنَ عُمَرُ مَعَهُمْ فَوَاللهِ مَا دَخَلْتُهُ إلا وَأَنَا مَشْدُودَةٌ عَلَيَّ ثِيَابِي، حَيَاءً مِنْ عُمَرَ( ). ثناء الصحابة والتابعين عليها ومعرفتهم لقدرها وفضلها وقد كانت رضي الله عنها مُوقرةً عند الصحابة والتابعين؛ يعرفون لها قدرها وفضلها وعلمها ومنزلتها. عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ، قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَالَ: «فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ». وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا( ). وفي رواية: جَاءَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ، يَسْتَأْذِنُ عَلَى عَائِشَةَ، فَجِئْتُ وَعِنْدَ رَأْسِهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ بِنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقُلْتُ: هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، فَأَكَبَّ عَلَيْهَا ابْنُ أَخِيهَا عَبْدُ اللهِ، فَقَالَ: هَذَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ يَسْتَأْذِنُ، وَهِيَ تَمُوتُ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَا أُمَّتَاهُ، إِنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ مِنْ صَالِحِي بَنِيكِ، لِيُسَلِّمْ عَلَيْكِ، وَيُوَدِّعْكِ، فَقَالَتْ: ائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ، قَالَ: فَأَدْخَلْتُهُ، فَلَمَّا جَلَسَ، قَالَ: أَبْشِرِي، فَقَالَتْ: أَيْضًا فَقَالَ: "مَا بَيْنَكِ وَبَيْنَ أَنْ تَلْقَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالأحِبَّةَ، إِلا أَنْ تَخْرُجَ الرُّوحُ مِنَ الجَسَدِ، كُنْتِ أَحَبَّ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى رَسُولِ اللهِ، وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يُحِبُّ إِلا طَيِّبًا"، وَسَقَطَتْ قِلادَتُكِ لَيْلَةَ الأَبْوَاءِ، " فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى يُصْبِحَ فِي الْمَنْزِلِ، وَأَصْبَحَ النَّاسُ لَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ" فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}، فَكَانَ ذَلِكَ فِي سَبَبِكِ، وَمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذِهِ الأمَّةِ مِنَ الرُّخْصَةِ، وَأَنْزَلَ اللهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ، جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الأمِينُ، فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِلَّهِ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللهِ يُذْكَرُ فِيهِ اللهُ، إِلا يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ، فَقَالَتْ: دَعْنِي مِنْكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا( ). عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْبَيْدَاءِ أَوْ بِذَاتِ الجَيْشِ انْقَطَعَ عِقْدٌ لِي، ... الحديث، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الحُضَيْرِ: مَا هِيَ بِأَوَّلِ بَرَكَتِكُمْ يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ، قَالَتْ: فَبَعَثْنَا البَعِيرَ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ، فَأَصَبْنَا العِقْدَ تَحْتَهُ( ). عَنْ عَمْرِو بْنِ غَالِبٍ، أَنّ رجلاً نَالَ مِنْ عَائِشَةَ عِنْدَ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، فَقَالَ: «أَغْرِبْ مَقْبُوحًا مَنْبُوحًا أَتُؤْذِي حَبِيبَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»( ). وعَنْ مُصْعَبِ بنِ سَعْدٍ قَالَ: فَرَضَ عُمَرُ لأُمَّهَاتِ المُؤْمِنِيْنَ عَشْرَةَ آلاَفٍ عَشْرَةَ آلاَفٍ وَزَادَ عَائِشَةَ أَلْفَيْنِ وَقَالَ: إِنَّهَا حَبِيْبَةُ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( ). وعَنْ مَسْرُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي الصِّدِّيقَةُ بِنْتُ الصِّدِّيقِ، حَبِيبَةُ حَبِيبِ اللهِ الْمُبَرَّأَةُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ "يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ" فَلَمْ أُكَذبْهَا( ). العلاقة الحسنة بين عائشة وفاطمة وعلي وذريتهما (رضي الله عنهم أجمعين) يحاول الشيعة أن يختلقوا من خلال رواياتهم عداوة بين عائشة رضي الله عنها وبين علي وفاطمة رضي الله عنهم وذريتهم الأطهار؛ وقد وضعوا في ذلك؛ الكثير من الروايات الكاذبة التي لا زمام لها ولا خطام؛ وفي هذا الفصل نكشف الحقيقة، ونبين أن العلاقة بين عائشة رضي الله عنها وبين علي وفاطمة رضي الله عنهم وذريتهم الأطهار علاقة محبة ومودة وإخاء، وكيف لا يكن ذلك والرابط بينهم الأخوة الدينية والمصاهرة والنسب. عائشة وحديث الكساء: من دلائل المودة بين الصديقة عائشة وأهل الكساء أن الأحاديث الواردة في فضائل أهل الكساء، وهم عمدة أهل البيت وأفضلهم هو من روايتها ؛فهي التي رأت الموقف رأي العين ونقلته بكل أمانة ودقة؛ ولعل حديثها في ذلك أصح حديث في بابه؛ فلو كانت تحمل في قلبها العداوة والبغضاء هل كانت تروي مثل هذه الفضائل؟ عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ شَيْبَةَ، قَالَتْ: قَالَتْ عَائِشَةُ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَدَاةً وَعَلَيْهِ مِرْطٌ مُرَحَّلٌ، مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ، فَجَاءَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ جَاءَ الْحُسَيْنُ فَدَخَلَ مَعَهُ، ثُمَّ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَأَدْخَلَهَا، ثُمَّ جَاءَ عَلِيٌّ فَأَدْخَلَهُ، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}[الأحزاب: 33]( ). فهذا نص صريح في فضل الكساء روته الصديقة بنت الصديق وهو أصح شيء في الباب فهل تروي الصديقة حديثاً يبين فضل أهل الكساء إن لم تكن المودة خالصة( ). ثناء علي رضي الله عنه عليها: قال الذهبي في "السير": عن زِيَادُ بنُ أَيُّوْبَ: حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بنُ سَلاَّمٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن سوقة، عن عَاصِمِ بنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ: قَالَ: انْتَهَيْنَا إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَذَكَرَ عَائِشَةَ فَقَالَ: خَلِيْلَةُ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قال الذهبي: هَذَا حَدِيْثٌ حَسَنٌ. وَمُصْعَبٌ فَصَالِحٌ لاَ بَأْسَ بِهِ. وَهَذَا يَقُوْلُهُ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ فِي حَقِّ عَائِشَةَ مَعْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا فَرَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا( ). وروى الإمام احمد، والترمذي، والحاكم بأسانيدهم - واللفظ لأحمد - أن رجلاً وقع في عائشة وعابها، فقال له عمار: "ويحك ما تريد من حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما تريد من أمّ المؤمنين؟ فأنا أشهد أنّها زوجته في الجنّة. بين يدي عليّ، وعليّ ساكت "( ). استشهاد علي رضي الله عنه بعائشة رضي الله عنها أنها سمعت معه حديث الخوارج: عن عَاصِمُ بْنُ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَيْهِ ثِيَابُ السَّفَرِ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَشُغِلَ عَنْهُ فَأَقْبَلْنَا فَسَأَلْنَاهُ مِنْ أَيْنَ قَدِمْتَ مَا خَبَرُكَ قَالَ: خَرَجْتُ مُعْتَمِرًا فَلَقِيتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فَقَالَتْ: مَا هَؤُلاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ بلادِكُمْ يُسَمَّوْنَ حَرُورًا؟ قَالَ: "قُلْتُ خَرَجُوا مِنْ أَرْضِنَا إِلَى مَكَانٍ يُسَمَّى حَرُورا بِهِ يُدْعَوْنَ. قَالَتْ: طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَوْ شَاءَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ لَخَبَّرَكُمْ خَبَرَهُمْ قَالَ: فَأَهَلَّ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَهَلَّ وَكَبَّرَ ثُمَّ أَهَلَّ وَكَبَّرَ فَقَالَ: إِنِّي دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ فَقَالَ لِي: «كَيْفَ أَنْتَ وَقَوْمٌ كَذَا وَكَذَا» قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ: وَصَفَ صِفَتَهُمْ. قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: "قَوْمٌ يَخْرُجُونَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ فِيهِمْ رَجُلٌ مُخْدَجُ الْيَدِ كَأَنَّ يَدَهُ ثَدْيُ حَبَشِيَّةٍ أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ هَلْ أَخْبَرْتُكُمُ أَنَّهُ فِيهِمْ فَأَتَيْتُمُونِي فَأَخْبَرْتُمُونِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمْ فَحَلَفْتُ بِاللَّهِ لَكُمُ إِنَّهُ فِيهِمْ فَأَتَيْتُمُونِي تَسْحَبُونَهُ كَمَا نعِتَ لَكُمْ. قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: فَأَهَلَّ عَلِيٌّ وَكَبَّرَ"( ). وقيل لعَلي- بعد يوم الجمل-: إنَّ على الباب رَجُلين ينالان من عائشة، فأمَرَ القعقاع بن عمرو أن يَجْلِدَ كلَّ واحدٍ منهما مائةً، وأنْ يُخْرِجَهما من ثيابها( ). ولَمَّا أرادتِ الخروج من البصرة- بعد يوم الجمل-، بعثَ إليها عَلِي بكلِّ ما ينبغي من مَركبٍ وزادٍ ومَتاعٍ، واختارَ لها أرْبَعين امرأة من نساء أهل البصرة المعروفات، وسيَّرَ معها أخاها محمد بن أبي بكر - وكان في جيش عَلِي - وسارَ عَلِي معها؛ مُودِّعًا، ومُشيِّعًا أميالاً، وسرَّحَ بَنِيه معها بقيَّة ذلك اليوم( ). وودَّعَتْ عائشة الناسَ وقالتْ: يا بَني لا يعتبْ بعضُنا على بعضٍ؛ إنَّه والله ما كان بيني وبين عَلِي في القِدَم إلاَّ ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنَّه على معتبتي لمن الأخْيَار، فقال عَلِي: صَدَقْتِ، والله ما كان بيني وبينها إلاَّ ذاك، وإنَّها لزوجة نبيِّكم - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الدنيا والآخرة( ). وعن علي رضي الله عنه؛ أنه أقر عائشة رضي الله عنها على قولها إثر معركة الجمل: "والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها". فقال علي رضي الله عنها: "صدقت والله وبرت ما كان بيني وبينها إلا ذلك"( ). وقد ورد في كتب الشيعة ما يشبه هذا القول، إلا أنه محرف المعنى؛ فقد ذكر الإربلي أن عائشة رضي الله عنه قالت بعد معركة الجمل: "رحم الله علياً، إنه كان على الحق، ولكني كنت امرأة من الأحماء"( ). ونقله في موضع آخر بنفس المعنى؛ فقد ذكر أن عائشة قالت لما بلغها قتال علي رضي الله عنه للخوارج: "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنهم: "هم شر الخلق والخليفة، يقتلهم خير الخلق والخليفة"، وفي رواية: إنهم شرار أمتي يقتلهم خيار أمتي". ثم قالت بعدما أثنت على علي رضي الله عنه: وما كان بيني وبينه إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها( ). ثناؤها على علي: عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، فَقَالَتْ: عَلَيْكَ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَسَلْهُ فَإِنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ لِلْمُسَافِرِ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ»( ). عائشة تأمر الناس أن يبايعوا علياً رضي الله عنهم: فقد أخرج ابن أبي شيبة رواية طويلة جاء فيها استشارة الأحنف بن قيس لطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنه فيمن يبايع بعد عثمان؟ فكلهم قال "نأمرك بعلي قال وترضونه لي قالوا نعم قال الأحنف: فمررت على علي بالمدينة فبايعته، ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى إلا الأمر قد استقام .."( ). وقد صحح الحافظ ابن حجر رحمة لله إسناد هذه الرواية( ). وذكر المفيد - الملقب عند الشيعة شيخ الطائفة - نحواً من هذه الرواية. وجاء فيها: "أن الأحنف بن قيس قدم على عائشة وهي في مكة -وكان عثمان محاصراً-، فقال لها -: إني لأحسب هذا الرجل مقتولاً -، فمن تأمريني أن أبايع؟ فقالت: بايع عليا"( ). كما جاء عَنِ ابْنِ أَبْزَى، قَالَ: انْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُدَيْلٍ إِلَى عَائِشَةَ وَهِيَ فِي الْهَوْدَجِ يَوْمَ الْجَمَلِ, فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ, أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ, أَتَعْلَمِينَ أَنِّي أَتَيْتُكِ يَوْمَ قَتْلِ عُثْمَانَ فَقُلْتُ: إِنَّ عُثْمَانَ قَدْ قُتِلَ فَمَا تَأْمُرِينِي, فَقُلْتِ لِي: الْزَمْ عَلِيًّا( ). فاطمة رضي الله عنها وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بمحبة عائشة عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: أَنَّ نِسَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ... الحديث، ثُمَّ إِنَّهُنَّ دَعَوْنَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَقُولُ: إِنَّ نِسَاءَكَ يَنْشُدْنَكَ اللَّهَ العَدْلَ فِي بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، فَكَلَّمَتْهُ فَقَالَ: «يَا بُنَيَّةُ أَلاَ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ؟»، قَالَتْ: بَلَى الحديث..( ). وعند مسلم: لَمَّا جَاءَت فَاطِمَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: أَلَسْتِ تُحِبِّيْنَ مَا أُحِبُّ؟ قَالَتْ: بَلَى قَالَ: فأَحِبِّيْ هَذِهِ( ). يَعْنِيْ عَائِشَةَ". وروى الحميري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما تغدى عند فاطمة قال لها أول ما قال: اغرفي لعائشة"( ). فأمرها قبل أن يتناول طعامها أن تغرف لها منه وترسله إليها. وهذا من إظهار محبته لها رضي الله عنها. وذكر ابن رستم الطبري - الشيعي - أن فاطمة رضي الله عنها ماتت وهي راضية عن عائشة رضي الله عنها -، وأوصت لها باثنتي عشرة أوقية، ولكل زوجة من زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك( ). ثناء عائشة على فاطمة رضي الله عنهما وذكر مناقبها عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ برَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا، كَانَتْ «إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ، وَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيْهَا قَامَتْ إِلَيْهِ، فَأَخَذَتْ بِيَدِهِ فَقَبَّلَتْهُ، وَأَجْلَسَتْهُ فِي مَجْلِسِهَا»( ). وعن عائِشَةُ أُمُّ المُؤْمِنِيِنَ، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُ جَمِيعًا، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلاَمُ تَمْشِي، لاَ وَاللَّهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيداً، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَمَّا أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي: «أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلاَ أَرَى الأَجَلَ إلا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلاَ تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ»( ). وعن يزيد بن زريع، عن روح بن القاسم، عن عمرو بن دينار، قالت عائشة: ما رأيت قط أحدا أفضل من فاطمة غير أبيها. قال ابن حجر: أخرجه الطّبراني في ترجمة إبراهيم بن هاشم من "المعجم الأوسط"، وسنده صحيح على شرط الشّيخين إلى عمرو( ). وعَنْ عُرْوَةَ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ألا أُبَشِّرُكَ، إني سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيِّدَاتُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ أَرْبَعٌ: مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَآسِيَةُ". وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم( ). ابن عباس ابن عم علي رضي الله عنهم: عن ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، قَالَ: اسْتَأْذَنَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَبْلَ مَوْتِهَا عَلَى عَائِشَةَ وَهِيَ مَغْلُوبَةٌ، قَالَتْ: أَخْشَى أَنْ يُثْنِيَ عَلَيَّ، فَقِيلَ: ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِنْ وُجُوهِ المُسْلِمِينَ، قَالَتْ: ائْذَنُوا لَهُ، فَقَالَ: كَيْفَ تَجِدِينَكِ؟ قَالَتْ: بِخَيْرٍ إِنِ اتَّقَيْتُ، قَالَ: «فَأَنْتِ بِخَيْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ يَنْكِحْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَنَزَلَ عُذْرُكِ مِنَ السَّمَاءِ» وَدَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ خِلاَفَهُ، فَقَالَتْ: دَخَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأَثْنَى عَلَيَّ، وَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ نِسْيًا مَنْسِيًّا( ). أئمة آل البيت يقتلون من شتم عائشة عن عُتْبَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْهَمْدَانِيَّ قَاضِيَ الْقُضَاةِ يَقُولُ: كُنْتُ يَوْمًا بِحَضْرَةِ الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ الدَّاعِي بِطَبَرِسْتَانَ، وَكَانَ يَلْبَسُ الصُّوفَ، وَيَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ، وَيُوَجِّهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى مَدِينَةِ السَّلامِ تُفَرَّقُ عَلَى صَغَائِرِ وَلَدِ الصَّحَابَةِ، وَكَانَ بِحَضْرَتِهِ رَجُلٌ ذَكَرَ عَائِشَةَ بِذِكْرٍ قَبِيحٍ مِنَ الْفَاحِشَةِ, فَقَالَ: يَا غلام اضْرِبْ عُنُقَهُ، فَقَالَ لَهُ الْعَلَوِيُّونَ: هَذَا رَجُلٌ مِنْ شِيعَتِنَا, فَقَالَ: مَعَاذَ اللَّهِ, هَذَا رَجُلٌ طَعَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}، فَإِنْ كَانَتْ عَائِشَةُ خَبِيثَةً, فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبِيثٌ، فَهُوَ كَافِر, فاضْرِبُوا عُنُقَهُ, فَضَرَبُوا عُنُقَهُ وَأَنَا حَاضِرٌ. وعَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْفَضْلِ الطَّبَرِيِّ, أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ زَيْدٍ أَخَا الْحَسَنِ بْنِ زَيْدٍ قَدِمَ عَلَيْهِ مِنَ الْعِرَاقِ رَجُلٌ يَنُوحُ بَيْنَ يَدَيْهِ, فَذَكَرَ عَائِشَةَ بِسُوءٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ بِعَمُودٍ وَضَرَبَ بِهِ دِمَاغَهُ, فَقَتَلَهُ، فَقِيلَ لَهُ: هَذَا مِنْ شِيعَتِنَا، وَمِمَّنْ يَتَوَلانَا، فَقَالَ: هَذَا سَمَّى جَدِّي قرتان، وَمَنْ سَمَّى جَدِّي قرتان اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ الْقَتْلَ فَقَتَلْتُهُ( ). أئمة أهل البيت يسمون بناتهم باسم عائشة( ) وهذا دليل على علاقة المحبة المودة، فالإنسان لا يسمي ولده إلا بمن يحب ويقتدي؛ فلو كانت العلاقة تقوم على البغض والكراهية كما يدعي الشيعة هل يعقل أن يسمي أهل البيت أبناءهم بأسماء من يبغضون. - عائشة بنت جعفر الصادق( ). - عائشة بنت موسى القاظم ابن جعفر الصادق( ). - عائشة بنت جعفر بن موسى (الكاظم) ابن جعفر (الصادق)( ). - عائشة بنت علي ( الرضا) ابن موسى (الكاظم)( ). - عائشة بنت علي (الهادي)ابن محمد (الجواد) ابن علي (الرضا)( ). - عائشة بنت محمد بن الحسن بن جعفر بن الحسن (المثنى) ابن الحسن (السبط)ابن علي بن أبي طالب( ). المصاهرات بين آل الصديق وآل البيت( ) كانت العلاقات وثيقة أكيدة بين بيت النبوة وبيت الصديق لا يتصور معها التباعد والاختلاف مهما نسج الأفاكون الأساطير والأباطيل. فالصديقة عائشة بنت الصديق أبى بكر كانت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الناس إليه مهما احترق الحساد ونقم المخالفون. ثم أسماء بنت عميس كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب شقيق علي، فمات عنها فتزوجها الصديق وولدت له ولداً سماه محمداً الذي ولاه علي على مصر. ولما مات أبو بكر تزوجها علي بن أبى طالب فولدت له ولداً سماه يحيى. وحفيدة الصديق كانت متزوجة من محمد الباقر، الإمام الخامس عند الشيعة. وحفيد علي رضي الله عنه - كما يذكر الكليني في "أصوله" تحت عنوان مولد جعفر: ولد أبو عبد الله عليه السلام سنة ثلاث وثمانين ومضى في شوال من سنة ثمان وأربعين ومائة وله خمس وستون سنة، ودفن بالبقيع في القبر الذي دفن فيه أبوه وجده والحسن بن علي عليهم السلام وأمه أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر وأمها أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر( ). كما أن القاسم بن محمد بن أبي بكر حفيد أبي بكر، وعلي بن الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد علي كانا ابني خالة كما يذكر المفيد وهو يذكر علي بن الحسين بقوله: والإمام بعد الحسن بن علي ابنه أبو محمد علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، وكان يكنى أيضا أبا الحسن. وأمه شاه زنان بنت يزدجرد ن شهريار بن كسرى ويقال: إن اسمها كان شهر بانويه وكان أمير المؤمنين ولى حريث بن جابر الحنفي جانباً من المشرق، فبعث إليه بنتي يزدجرد ن شهريار بن كسرى، فنحل ابنه الحسين شاه زنان منهما فأولدها زين العابدين ونحل الأخرى محمد بن أبي بكر، فولدت له القاسم بن محمد بن أبى بكر فهما ابنا خالة( ). ولم يختص عليّ بهذه المحبة والصداقة لأبي بكر، بل تابعه بنوه من بعده ومشوا مشيه ونهجوا منهجه. فهذا هو أكبر أنجاله وابن فاطمة وسبط الرسول الحسن بن علي - الإمام المعصوم الثاني عند الشيعة - يسمي أحد أبنائه بهذا الاسم كما ذكره اليعقوبي: وكان للحسن من الولد ثمانية ذكور وهم الحسن |
|
24-07-2018, 09:29 PM | #12 |
| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها فهذا هو أكبر أنجاله وابن فاطمة وسبط الرسول الحسن بن علي - الإمام المعصوم الثاني عند الشيعة - يسمي أحد أبنائه بهذا الاسم كما ذكره اليعقوبي: وكان للحسن من الولد ثمانية ذكور وهم الحسن بن الحسن وأمه خولة وأبو بكر وعبد الرحمن لأمهات أولاد شتى وطلحة وعبيد الله( ). والحسين بن علي أيضاً سمى أحد أبنائه باسم الصديق كما يذكر ذلك المؤرخ الشيعي المشهور المسعودي في "التنبيه والإشراف" عند ذكر المقتولين مع الحسين في كربلاء( ). وقيل: إن زين العابدين بن الحسن كان يكنى بأبي بكر أيضاً( ). عرض أباطيل وافتراءات لا وجود لها كتب التواريخ والسير ملئت بالأحاديث الضعيفة والموضوعة والمرسلة ،لا سيما المتعلقة بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان بينهم من حروب وشجار؛ وكان أكثر الدخن في هذه الروايات والأخبار قد أتى من رواة الشيعة والرافضة الذين هم أكذب الطوائف. قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: لم أر أشهد بالزور من الرافضة. وقال مؤمل بن إهاب: سمعت يزيد بن هارون يقول: يكتب عن كل صاحب بدعة إذا لم يكن داعية إلا الرافضة فإنهم يكذبون. وقال محمد بن سعيد بن الأصبهاني: سمعت شريكاً يقول: احمل العلم عن كل من لقيت إلا الرافضة يضعون الحديث ويتخذونه ديناً( ). وقال شيخ الإسلام: وَبهَذا وَأَمْثَالِهِ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الرَّافِضَةَ أُمَّةٌ لَيْسَ لَهَا عَقْلٌ صَرِيحٌ؛ ولا نَقْلٌ صَحِيحٌ ولا دِينٌ مَقْبُولٌ؛ ولا دُنْيَا مَنْصُورَة؛ بَلْ هُمْ مِنْ أَعْظَمِ الطَّوَائِفِ كَذِبًا وَجَهْلاً، وَدِينُهُمْ يُدْخِلُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ كُلَّ زِنْدِيقٍ وَمُرْتَدٍّ كَمَا دَخَلَ فِيهِمْ الْنُصَيْرِيَّة؛ وَالإسْماعيليَّةُ وَغَيْرُهُمْ فَإِنَّهُمْ يَعْمِدُونَ إلَى خِيَارِ الأمة يُعَادُونَهُمْ وَإِلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ يُوَالُونَهُمْ ،وَيَعْمِدُونَ إلَى الصِّدْقِ الظَّاهِرِ الْمُتَوَاتِرِ يَدْفَعُونَهُ وَإِلَى الْكَذِبِ الْمُخْتَلَقِ الَّذِي يُعْلَمُ فَسَادُهُ يُقِيمُونَهُ( ). وقال ابن كثير عن الرافضة: هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ أئمة هذا الشأن، وليس فيما ذكره أَهْلُ الأهواء مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الأحَادِيثِ الْمُخْتَلَقَةِ عَلَى الصَّحَابَةِ وَالأخْبَارِ الْمَوْضُوعَةِ الَّتِي يَنْقُلُونَهَا بِمَا فِيهَا، وَإِذَا دُعُوا إِلَى الْحَقِّ الْوَاضِحِ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا: لَنَا أَخْبَارُنَا وَلَكُمْ أَخْبَارُكُمْ، فنحن حينئذ نقول لهم: سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين( ). وقال الشيخ محب الدين الخطيب في مختصر "التحفة": وهناك ميزانان يستعمل الشيعة أحدهما ويستعمل أهل السنة المحمدية الميزان الآخر. فالشيعة أبغضوا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قام الإسلام على أكتافهم.. اخترعوا عداوة كاذبة لا أصل لها بين علي وإخوانه في الله، وافتروا على الفريقين حكايات في ذلك سوداً بها صفحات السوء من أسفارهم ... ورووا بألسنة ناس معروفين بالكذب أقوالاً وضعوها على ألسنة أولئك النفر من آل البيت لا صحة لها ولم تصدر عنهم بل إن العقل والمنطق يكذبانها( ). ذكر بعض الرواة الذين اعتمد عليهم كثير من أهل التواريخ في ذكر الأخبار والأحداث 1- أبو مخنف لوط بن يحيى قال ابن كثير: وَلِلشِّيعَةِ وَالرَّافِضَةِ فِي صِفَةِ مَصْرَعِ الْحُسَيْنِ كذب كثير وأخبار باطلة، وفيما ذكرنا كِفَايَةٌ، وَفِي بَعْضِ مَا أَوْرَدْنَاهُ نَظَرٌ، وَلَوْلا أن ابن جرير وغيره من الحفاظ والأئمة ذَكَرُوهُ مَا سُقتهُ، وَأَكْثَرُهُ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مِخْنَفٍ لُوطِ بْنِ يَحْيَى، وَقَدْ كَانَ شِيعِيًّا، وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ عِنْدَ الأئِمَّةِ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَارِيٌّ حَافِظٌ، عِنْدَهُ مِنْ هَذِهِ الأشْيَاءِ مَا لَيْسَ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَلِهَذَا يَتَرَامَى عَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ المصنفين في هذا الشأن مِمَّنْ بَعْدَهُ( ). 2- الواقدي محمد بن عمر بن واقد الأسلمي قال الذهبي: وَجَمَعَ فَأَوعَى وَخَلَطَ الغَثَّ بِالسَّمِيْنِ، وَالخَرَزَ بِالدُّرِّ الثَّمِيْنِ، فَاطَّرَحُوهُ لِذَلِكَ، وَمَعَ هَذَا فَلاَ يُسْتَغنَى عَنْهُ فِي المَغَازِي وَأَيَّامِ الصَّحَابَةِ وَأَخْبَارِهِم( ). 3- هشام بن محمد بن السائب الكلبي قال الذهبي: الشيعي أحد المتروكين كأبيه( ). 4- صاحب "مروج الذهب" قال شيخ الإسلام: وَفِي تَارِيخِ الْمَسْعُودِيِّ مِنَ الأكَاذِيبِ مَا لا يُحْصِيهِ إلا اللَّهُ تَعَالَى، فَكَيْفَ يُوثَقُ بِحِكَايَةٍ مُنْقَطِعَةِ الإسْنَادِ فِي كِتَابٍ قَدْ عُرِفَ بِكَثرَةِ الْكَذِبِ( ). 5- صاحب "العقد الفريد" قال ابن كثير: وقد نسب إليه صاحب "العقد" أشياء لا تصح، لأنَّ صَاحِبَ الْعِقْدِ كَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ شَنِيعٌ ومغالاة في أهل البيت، وربما لا يفهم أحد من كلامه ما فيه من التشيع، وَقَدِ اغتَرَّ بِهِ شَيْخُنَا الذَّهَبِيُّ فَمَدَحَهُ بِالْحِفْظِ وغيره( ). 6- سيف بن عمر التميمي ويقال التميمي البرجمى، ويقال السعدي الكوفي. مصنف "الفتوح" و"الردة" وغير ذلك. هو كالواقدي. وقال أبو حاتم: متروك. وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة( ). بعض قواعد أهل السنة في تلقي الأخبار والأحداث - أكثر من كذب في الأخبار لا سيما المتعلقة بالصحابة هم الرافضة. - كثير من كتب التواريخ والمغازي اعتمدت فيما كتبته على رواة الشيعة. - الاعتذار لهؤلاء العلماء من أهل السنة في ذكرهم تلك الأخبار الأحداث كابن جرير وغيره من حيث أنهم أوردوها مسندة, ومن أسند فقد حمل وسلم. - أهمية الإسناد حين ندرس تلك الأخبار والأحداث فالإسناد من الدين، وقد قَالَ الإمام أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: ثلاث عُلُومٍ لا إِسْنَادَ لَهَا - وَفِي لَفْظٍ: لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ -: التَّفْسِيرُ، وَالْمَغَازِي، وَالْمَلَاحِمُ، يَعْنِي أَنَّ أَحَادِيثَهَا مُرْسَلَةٌ( ). - القاعدة في التعامل في الروايات التي فيها دخل على صحابي كما قال النووي: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الأحادِيثُ الْوَارِدَةُ الَّتِي فِي ظَاهِرِهَا دَخَلٌ عَلَى صَحَابِيٍّ يَجِبُ تَأْوِيلُهَا قَالُوا ولا يَقَعُ فِي رِوَايَاتِ الثِّقَاتِ إلا مَا يُمْكِنُ تَأْوِيلُهُ( ). عرض أباطيل وافتراءات لا وجود لها وهنا نسوق أباطيل لا وجود لها وأكثرها روايات مكذوبة سطرت في كتب الروافض أو ذكرت في كتب التواريخ بأسانيد منقطعة أوضعيفة أو بغير أسانيد. - قول ابن عباس لها: "... وما أنت إلا حشية من تسع حشايات خلفهّن بعده، لستِ بأبيضهن ولا بأحسنهن وجهاً ولا بأرشحهن عرقاً ولا بأنضرهن ورقاً ولا بأطرئهن أصلاً ... إلخ "( ). والجواب: هذه قصة مكذوبة على ابن عباس رضي الله عنهما، وعمدة أسانيدها رواة الشيعة أنفسهم، وعلى رأسهم أبو مخنف لوط بن يحيى، الأخباري التالف، والشيعي المحترق الذي أجمع النقاد على تضعيفه وتركه. - زعم الروافض أن قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} [النحل :92] نزلت في عائشة. أسند العياشي( ) -وهو من كبار مفسري الشيعة- إلي أبي عبد الله جعفر الصادق - زوراً وبهتاناً - أنه قال في تفسير قوله تعالى -: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا} [النحل:92]: "التي نقصت غزلها من بعد قوة أنكاثاً: عائشة، هي نكثت إيمانها". والجواب: إجماع المفسرين على أن المرأة التي نقصت غزلها امرأة خرقاء من أهل الجاهلية، تسمى ريطة، كانت تغزل هي وجوار لها من الغداة إلى الظهر، ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن. وكانت معروفة عندهم( )؛ فضربها الله سبحانه وتعالى مثلاً لهم؛ لئلا يتشبهوا بها فينقضوا العهود من بعد توكيدها؛ فشبه نقض العهود بنقص الغزل. ولم يقل أحد منهم إن المرأة المعينة بهذه الآية هي الصديقة عائشة رضي الله عنها، ولم يؤول واحد منهم نقص الغزل بنقض الإيمان، ولم يشبهه به، إلا الشيعة الرافضة الذين يبغضون الصديقة رضي الله عنها، ويسوقون الأكاذيب لتأييد معتقدهم الفاسد فيها؛ فهم يزعمون أنها قد نكثت إيمانها، سالكين المسلك الباطني في تأويلهم لآية كريمة من آيات الكتاب الحكيم. - زعم الرافضة أن النبي صلى الله علي وسلم بشرها بالنار استدلوا على أنها من أهل النار: بما نسبوه - زوراً وبهتاناً - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله لعائشة -: "أما تستحين أن تحاربين من رضي الله عنه - إنه عهد إلي من خرج على علي فهو من أهل النار"( ). واستدلوا أيضاً على أنها - رضي الله عنها - من أهل النار بقول أن أوفى العبدية لها -: "ما تقولين فيمن قتلت ابناً لها -؟ قالت: في النار. قالت: فمن قتلت عشرين ألفاً من أولادها؟ فقالت: خذوا بيد عدوة الله"( ). والجواب: أن الرافضة أكذب الخلائق وأشهدهم بالزور؛ فقد صح كما تقدم من الأحاديث الصحيحة الكثيرة في تبشيرها بالجنة وأنها زوجة الحبيب صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. - قال ابن المطهر الحلي الرافضي عن عائشة رضي الله عنها: "وسموها أم المؤمنين، ولم يسموا غيرها بذلك الاسم" قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من المعلوم أن كل واحدة من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يقال لها أم المؤمنين: عائشة، وحفصة، وزينب بنت جحش، وأم سلمة، وسودة بنت زمعة، وميمونة بنت الحارث الهلالية، وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وصفية بنت حيي بن أخطب الهارونية رضي الله عنهن، وقد قال الله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [ الأحزاب :6]. وهذا أمر معلوم للأمة علماً عاماً. وقد أجمع المسلمون على تحريم نكاح هؤلاء بعد موته صلى الله عليه وسلم على غيره، وعلى وجوب احترامهن، فهن أمهات المؤمنين في الحرمة والتحريم"( ). فعائشة رضي الله تعالى عنها هي أم المؤمنين كما سماها الله عز وجل، أما إبدال الشيعة لهذه التسمية بـ"أم الشرور"، فهو من المعاندة لله سبحانه وتعالى ولكتابه، ولرسوله صلى الله عليه وسلم . - اتهامها بالكذب أسند ابن بابويه القمي الملقب عند الشيعة بالصدوق إلى جعفر الصادق قوله: "ثلاثة كانوا يكذبون على رسوله الله صلى الله عليه وسلم: أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة"( ). والجواب: أن هذا من الكذب ولو كانت رضي الله عنها تكذب لكذبت في ذكر حديث الكساء الذي تقدم ذكره؛ ولما روت حديث كلاب الحوأب كما سيأتي. - زعموا أن قول الله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ} [الحجرات:6]، نزلت في عائشة. قال القمي في تفسيره في قول الله تعالى: {يَأَيّهَا الّذِينَ آمَنُوَاْ إِن جَآءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوَاْ}. يقول إنّها نزلت في اتهام عائشة لمارية القبطية( ). والجواب: أن هذه الآية باتفاق المفسرين أنها نزلت في الوليد بن عقبة( )، ولم يذكر واحد من مفسري أهل السنة ما يتجرأ عليه الرافضة من كذب بهتان. - زعم الرافضة أن الآيات في سورة النور: {إن الذين جاؤوا بالإفك} نزلت في مارية وليست في عائشة وأن القائل بالإفك هي عائشة. قال القمي: "إنَّ العامة رووا أنها نزلت في عائشة رضي الله عنها، وما رميت به في غزوة بني المصطلق من خزاعة، وأما الخاصة فإنّهم رووا أنها نزلت في مارية القبطية وما رمتها به بعض النساء المنافقات"( ). وقال ابن أبي الحديد: "وقوم من الشيعة زعموا أن الآيات التي في سورة النور لم تنزل فيها - يعني في عائشة -، وإنما نزلت في مارية القبطية وما قذفت به الأسود القبطي ...."، إلى أن قال: "وجحدهم لإنزال ذلك في عائشة جحد لما يعلم ضرورة من الأخبار المتواترة"( ). والجواب: قصة مارية القبطية ما جاء عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: أُهْدِيَتْ مَارِيَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهَا ابْنُ عَمٍّ لَهَا، قَالَتْ: فَوَقَعَ عَلَيْهَا وَقْعَةً فَاسْتَمَرَّتْ حاملا، قَالَتْ: فَعَزَلَهَا عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا، قَالَتْ: فَقَالَ أَهْلُ الإِفْكِ وَالزُّورِ: مِنْ حَاجَتِهِ إِلَى الْوَلَدِ ادَّعَى وَلَدَ غَيْرِهِ، وَكَانَتْ أُمهُ قَلِيلَةَ اللَّبَنِ فَابْتَاعَتْ لَهُ ضَائِنَةَ لَبُونٍ فَكَانَ يُغَذَّى بِلَبَنِهَا، فَحَسُنَ عَلَيْهِ لَحْمُهُ، قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: فَدُخِلَ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «كَيْفَ تَرَيْنَ؟» فَقُلْتُ: مَنْ غُذِّيَ بِلَحْمِ الضَّأْنِ يَحْسُنُ لَحْمُهُ، قَالَ: «ولا الشَّبَهُ» قَالَتْ: فَحَمَلَنِي مَا يَحْمِلُ النِّسَاءَ مِنَ الْغَيْرَةِ أَنْ قُلْتُ: مَا أَرَى شَبَهًا قَالَتْ: وَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يَقُولُ النَّاسُ فَقَالَ لِعَلِيٍّ: «خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ فَاضْرِبْ عُنُقَ ابْنِ عَمِّ مَارِيَةَ حَيْثُ وَجَدْتَهُ»، قَالَتْ: فَانْطَلَقَ فَإِذَا هُوَ فِي حَائِطٍ عَلَى نَخْلَةٍ يَخترِفُ رُطَبًا قَالَ: فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى عَلِيٍّ وَمَعَهُ السَّيْفُ اسْتَقْبَلَتهُ رِعْدَةٌ قَالَ: فَسَقَطَتِ الْخِرْقَةُ، فَإِذَا هُوَ لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ مَا لِلرِّجَالِ شَيْءٌ مَمْسُوحٌ( ). هذه هي الرواية الصحيحة؛ فأخذ الشيعة هذه الرواية التي روتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وذكرت فيها أن أهل الإفك اتهموا مارية، فقلبوها، وجعلوا أم المؤمنين هي التي أخبرت عن أهل الإفك هي التي جاءت بالإفك. - " ما تدع عائشة عداوتنا أهل البيت" ذكر البياضي - من الشيعة - أن "فاطمة لما زفت إلي علي عليه السلام قالت نسوة الأنصار -: أبوها سيد الناس -. فقال النبي صلى الله عليه وآله -: قلن وبعلها ذو الشدة والبأس - فلم يذكرون علياً -. فقال في ذلك فقلن -: منعتنا عائشة -. فقال: "ما تدع عائشة عداوتنا أهل البيت"( ). والجواب: لا ريب أن هذه الرواية التي ساقوها كاذبة؛ فالثابت عن عائشة وفاطمة وعلي رضي الله عنها أن المحبة والاحترام والتقدير كانت بينهم. وقد تقدم ذكر شيء من ذلك. بل قد روى الشيعة أنفسهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يظهر محبته لعائشة رضي الله عنها أمام ابنته فاطمة رضي الله عنها: فقد روى الحميري بسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لما تغدى عند فاطمة قال لها أول ما قال: اغرفي لعائشة"( ). فأمرها قبل أن يتناول طعامها أن تغرف لها منه وترسله إليها. وهذا من إظهار محبته لها رضي الله عنها. وذكر ابن رستم الطبري - الشيعي - أن فاطمة رضي الله عنها ماتت وهي راضية عن عائشة رضي الله عنها -، وأوصت لها باثنتي عشرة أوقية -، ولكل زوجة من زوجات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بمثل ذلك( ). فأين هذه العداوة المزعومة التي أجهد الشيعة أنفسهم لإثباتها دون طائل؟ ولماذا يسوقون هذه الأكاذيب، ويملئون كتبهم بأمثال هذه الترهات لإثبات شيء لا لأصل له. - فسر بعضهم الخيانة في قوله: {فَخَانَتَاهُمَا} بارتكاب الفاحشة، والعياذ بالله تعالى: قال القمي - من كبار مفسري الشيعة - في تفسير هذه الآية -: "والله ما عنى بقوله: {فَخَانَتَاهُمَا} إلا الفاحشة، وليقيمن الحد على (عائشة) فيما أتت في طريق (البصرة)، وكان (طلحة) يحبها، فلما أرادت أن تخرج إلى (البصرة) قال لها فلان: لا يحل لك أن تخرجي من غير محرم، فزوجت نفسها من (طلحة)...( )". ووجه إقامة الحد عليها - على حد زعم الشيعة -: كونها زوجت نفسها من آخر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع حرمة ذلك؛ فالله تعالى قد حرم نكاح أزواج النبي من بعده أبداً. وفي واية أخرى ذكروها: "لأتزوجن عائشة"( ). وفي رواية ثالثة: "وكان طلحة يريد عائشة"، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا}[الأحزاب:53]( ). والجواب: أن هذا من الكذب الذي لا يتورع عنه الشيعة وأين تلك الروايات التي لا تدع مجالا للشك أنها بقيت رضي الله عنها كما فارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وهل ترتضي بدلاً بسيد بني آدم وخليل الرحمن. - نسبوا إليها - رضي الله عنها، وحاشاها مما رموها به - أقوالاً في غاية الخسة، والبذاءة: فقد ذكر رجب البرسي - وهو من علمائهم - أن "عائشة جمعت أربعين ديناراً من خيانة -، وفرقتها على مبغضي علي"( ). وذكر أحمد بن علي الطبرسي - وهو من علمائهم أيضاً - أن عائشة زينت يوماً جاريةً كانت عندها -، وقالت -: "لعلنا نصطاد بها شاباً من شباب قريش بأن يكون مشغوفاً بها"( ). الجواب: أن هذا من الكذب البهتان الذي يقف له شعر الرأس وتقشعر له الجلود من قبح ما رموها به قاتلهم الله. - أنت الذي تزعم أنك نبي (قول عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم): الحديث ضعيف. قال الحافظ الهيثمي: «فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعنه» (مجمع الزوائد4/322). وهو عين ما قاله الحافظ العراقي في تخريج إحياء علوم الدين (2/43). فالحديث معلول بالعنعنة. والمدلس تقبل روايته إذا كانت بلفظ (حدثني) ولا تقبل إذا قال (عن عن). وإيراد الغزالي لها من جملة ما حشا به كتابه الإحياء من آلاف الأحاديث الضعيفة والموضوعة. وهذه الرواية بذاتها كانت سبباً في توجيه نقد أهل العلم إليه. وقد وجه ابن الجوزي نقده إلى الغزالي لإيراده مثل هذا الحديث خاصة وحشو كتابه الإحياء بآلاف الأحاديث الضعيفة والموضوعة عامة( ). - ثم أدخلني في اللحاف مع بعض نسائه فصرنا ثلاثة (قول الزبير)( ): فيه محمد بن سنان: وهو كذاب كما قال ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (7/279). ورماه أبو داوود وعبد الرحمن بن خراش بالكذب (المغني في الضعفاء2/589 لابن عدي). وفيه إسحاق بن إدريس هو الأسواري: تركه ابن المديني وقال النسائي: متروك. وقال الإمام البخاري: تركه الناس. وقال ابن معين: كذاب يضع الحديث. وقال أبو زرعة: واهي الحديث. وقال ابن حبان: كان يسرق الحديث. وقال الألباني »موضوع« (سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة رقم الحديث2662)( ). فألقت عصاها واستقرت بها النوى كما قـرعينـاً بالإيـاب المسافـر زعموا أن عائشة أظهرت الشماتة بعلي لما مات حتى قالت هذا البيت شماتة به. واحتجوا بقول الحافظ ابن عبد البر «وروي أن عائشة تمثلت بهذا البيت حين اجتمع الأمر لمعاوية»( ). والرافضة لا يتركون مجالاً لسوء الظن والطعن في عائشة إلا اقتحموه. مع أن هذا البيت من الشعر لا مطعن فيه ولا يعتبر طعناً في علي كما زعموا لو أنه ثبت سنداً. ولك أن تتأمل أولاً كيف رواه الحافظ بصيغة التمريض مما يشعر بضعف الرواية. ثم إن هذا الشعر قديم يتمثل به العرب عند استقرار الأمر على رجل بعد النزاع أو نحو ذلك. وليس كما زعموا في أنه يعتبر نوعاً من إظهار الشماتة بموت علي رضي الله عنه. والعرب أيضاً تسمي قرار الظاعن عصا, وقرار الأمر استواء عصاه فإذا استغنى المسافر عن الظعن قالوا قد ألقى عصاه، وقال الشاعر: فألقت عصاها واستقرت بها النوى كمـا قــر عينا بالإياب المسافــر فإذا اجتمع الناس بعد فرقة وهدأت الأمور بعد فتنة كني عن ذلك باستقرار العصا. وقال الحافظ ابن عساكر: «يقال للإنسان إذا اطمأن بالمكان واجتمع له أمره قد ألقى بوانيه، وكذلك يقال ألقى أرواقه وألقى عصاه قال الشاعر: فألقت عصاها واستقرت بها النوى( ). فهذا البيت صار من جملة الأمثال التي تضرب ويقصد به استقرار الأمر بعد تنازع. والمقصود اجتماع الناس على رجل بعد نزاع بينهم حول ذلك. وليس فيه شماتة بعلي رضي الله عنه بل هو لم يثبت سنداً أصلاً وإنما يحكى ويروى بصيغة التمريض كما فعل الحافظ بن عبد البر في "التمهيد"( ). - يا عائشة دعي أخي فإنه أول الناس إسلاماً وفيه: "يا عائشة دعي أخي فإنه أول الناس إسلاما وآخر الناس بي عهداً عند الموت وأولى الناس بي يوم القيامة". والجواب : هذا الحديث فيه طعن في عائشة حيث يذكر أن علياً جعل بين عائشة وبين رسول الله فقالت له عائشة: أما وجدت لك مكاناً أوسع لك من هذا؟ قال الذهبي «إسناده مظلم، وفيه عبد السلام بن صالح أبو الصلت وهو متهم»( ). وقال الهيثمي: »وفيه عبد السلام بن صالح وهو ضعيف«( ). - اتهام عائشة وحفصة بقتل النبي عليه الصلاة والسلام بالسم: وروى علي بن إبراهيم القمّي في تفسيره أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لحفصة في مجريات قصّة التحريم: "كفى! فقد حرّمت ماريّة على نفسي ،ولا أطأها بعد هذا أبداً، وأنا أفضي إليك سرّا ؛ فإنْ أنتِ أخبرتِ به فعليك لعنة الله والملائكة والناس أجمعين! فقالت: نعم ما هو؟ فقال: إن أبا بكر يلي الخلافة بعدي غصباً، ثم من بعده أبوك، فقَالَتْ: مَنْ أَنْبَأَكَ هَذَا؟ قَالَ: نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ. فأخبرت حفصة عائشة من يومها ذلك، وأخبرت عائشة أبا بكر، فجاء أبو بكر إلى عمر فقال له: إن عائشة أخبرتني عن حفصة بشيء ولا أثق بقولها، فاسأل أنت حفصة. فجاء عمر إلى حفصة فقال لها: ما هذا الذي أخبرت عنك عائشة؟ فأنكرت ذلك وقالت: ما قلت لها من ذلك شيئا! فقال لها عمر: إنْ كان هذا حقاً فأخبرينا حتى نتقدّم فيه (نُجهز على النبي سريعاً)! فقالت: نعم! قد قال رسول الله ذلك! فاجتمعوا أربعةً على أن يسمّوا رسول الله"( ). ويقول العياشي في تفسيره عن عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ”تدرون مات النبي صلى الله عليه وآله أو قُتل؟ إن الله يقول: أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم، فسُمَّ قبل الموت، إنما سقتاه! فقلنا: إنهما وأبوهما شر من خلق الله“( ). الجواب: أن هذا من الكذب البين ؛ وما أسهل الكذب والافتراء على ألسة هؤلاء الحاقدين الموتورين ، وسيأتي الحديث عن الآيات في سورة التحريم. - اتهامها بعداوة النبي عليه السلام وآل البيت رضي الله عنهم: يزعم الشيعة أن من أسباب عداوة عائشة لعلي وبغضها له كما في رواية عندهم عن علي رضي الله عنه - كما نسب الشيعة ذلك إليه زوراً -: - الحسد: ويذكر من أسباب حسدها له: تقديم الرسول صلى الله عليه وسلم له على أبيها في مواطن عديدة، منها: مؤاخاة الرسول له، وسد الأبواب المطلة على المسجد إلا بابه، وإعطائه الراية يوم خيبر، وإنفاذه بسورة براءة. - بغض عائشة لخديجة، وتعدي البغض إلى ابنتها فاطمة، ثم إلى زوج ابنتها علي. - قول علي للنبي صلى الله عليه وسلم لما استشاره في فراقها: "خل سبيلها فالنساء كثير". - قصة حدثت بينهما أوغرت صدر عائشة عليه ... ويزعمون أن علياً ذكر هذه القصة، فقال: "لقد دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قبل أن يضرب الحجاب على أزواجه وكانت عائشة بقرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآني رحب وقال: ادن مني يا علي. ولم يزل يدنيني حتى أجلسني بينه وبينها. فغلظ ذلك عليها، فأقبلت إلي وقالت بسوء رأي النساء وتسرعهن إلى خطاب: ما وجدت لأستك يا علي موضعاً غير موضع فخذي؟ فزبرها النبي صلى الله عليه وآله وقال لها: ألعلي تقولين هذا؟ إنه والله أول من آمن بي وصدقني، وأول الخلق وروداً على الحوض، وهو أحق الناس عهداً إلي، لا يبغضه أحد إلا أكبه الله على منخره في النار"( ). - كما ذكر الشيعة: منعها من دخول علي على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دعا ربه أن يأتيه بأحب خلقة إليه ليأكل معه من الطائر المشوي. إلى آخر ما أورد الشيعة من أكاذيب في أسباب عداوة عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنه. والجواب: من كرامة الله تعالى لهذه الأمة أن حفظ لها هذا الدين بالإسناد, ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء؛ والرافضة أشهد الناس بالزور والكذب. فأين الدليل الصحيح على حسد عائشة رضي الله عنها لعلي رضي الله عنهما؟!. وأين الدليل على بغض عائشة رضي الله عنها لخديجة رضي الله عنها؟ ثم كيف تعدى هذا البغض إلى ابنتها فاطمة، وإلى زوج ابنتها علي؟ وقد تقدم ما يدل على عكس هذا.. بل الثابت أن الصديقة رضي الله عنها كانت تنكر وجود أية عداوة بينها بين أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وكانت تقول إثر معركة الجمل: "والله ما كان بيني وبين علي في القديم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها، وإنه عندي على معتبتي من الأخيار"، فأجابها رضي الله عنه أمام الناس - وهو الصادق فيما يقول -: "يا أيها الناس صدقت والله وبرت، ما كان بيني وبينها إلا ذلك، وإنها لزوجة نبيكم صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة"( ). |
|
24-07-2018, 09:32 PM | #14 |
| الطاهرة المطهرة عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وأما قصة الطائر فبالإضافة إلى كونها مكذوبة، فإنها تخالف المشهور في حديث الطائر عند الشيعة أنفسهم: فقد أسند جمهور الشيعة إلى أئمتهم أن الذي منع علياً من الدخول هو أنس بن مالك رضي الله عنه، وليس عائشة رضي الله عنه ؛ لرغبته أن يكون الداخل رجلاً من الأنصار( ). وقصة منع أنس رضي الله عنه لعلي رضي الله عنه من الدخول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأكل معه الطائر من القصص المكذوبة التي ملأ الشيعة بها كتبهم، في محاولة منهم لتشويه صورة خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه. فللحديث طرق كثيرة، ولكن لا يصح منها شيء .. وعلى هذا أجمع أهل السنة. وممن قال بعدم صحة شيء من هذه الطرق من حفاظ أهل السنة - على سبيل المثال، لا الحصر- : العقيلي -، ومحمد بن طاهر المقدسي، ومحمد ناصر السلامي، وابن الجوزي، وابن تيمية، والذهبي وابن كثير وابن حجر، والدميري، والشوكاني، والألباني، وغيرهم( ). قال أبو يعلى الخليلي: "ما روى في حديث الطير ثقة. رواه الضعفاء مثل إسماعيل بن سلمان الأزرق وأشباههم، ويرده جميع أئمة الحديث" ( ). وقال الحافظ ابن حجر: "هو خبر منكر"( ). - كراهتها استخلاف علي رضي الله عنهم في حسب زعم الشيعة يزعم الشيعة الرافضة أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها كرهت استخلاف أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأثارت مبايعته الحقد في قلبها، فخرجت عليه .. يقول هاشم معروف الحسيني: "مبايعة الناس لعلي أثارت في قلبها الحقد، فخرجت عليه تزعم أنها تطالب بدم عثمان"( ). والجواب: إن هذا الزعم يرده ما ثبت عنها رضي الله عنها من أنها أمرت الناس حين استشاروها: من يبايعون بعد عثمان رضي الله عنه أن يبايعوا عليا رضي الله عنه وأن يلزموه. فقد أخرج ابن أبي شيبة رواية طويلة جاء فيها استشارة الأحنف بن قيس لطلحة والزبير وعائشة رضي الله عنه فيمن يبايع بعد عثمان؟ فكلهم قال: "نأمرك بعلي. قال: وترضونه لي. قالوا: نعم. قال الأحنف: فمررت على علي بالمدينة فبايعته، ثم رجعت إلى البصرة، ولا أرى إلا الأمر قد استقام .."( ). وقد صحح الحافظ ابن حجر رحمة لله إسناد هذه الرواية ( ). وذكر المفيد - الملقب عند الشيعة شيخ الطائفة - نحواً من هذه الرواية. وجاء فيها: "أن الأحنف بن قيس قدم على عائشة وهي في مكة - وكان عثمان محاصراً -، فقال لها -: إني لأحسب هذا الرجل مقتولاً -، فمن تأمريني أن أبايع -؟ فقالت -: بايع عليا"( ). يزعم الشيعة الرافضة أن عائشة رضي الله عنها قد ارتكبت فاحشة كبيرة بخروجها على علي رضي الله عنه: ويزعمون أن قوله تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب :30]، قد انطبق عليها حينما خرجت على علي رضي الله عنه. حيث فسروا الفاحشة بأنها قتال علي رضي الله عنه( ). وزعم الشيعة أن قول الله سبحانه وتعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} إنما نزل في عائشة بسبب خروجها على علي رضي الله عنه. واستدلوا على هذا الزعم بالحكاية المكذوبة التي أسندها ابن بابويه القمي - الملقب عند الشيعة بالصدوق - إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وفيها قوله: "قلت للنبي: يا رسول الله من يغسلك إذا مت؟ قال يغسل كل نبي وصيه. قلت: فمن وصيك يا رسول الله؟ قال: علي بن أبي طالب. قلت: كم يعيش بعدك يا رسول الله؟ قال: ثلاثين سنة؛ فإن يوشع بن نون وصي موسى عاش بعد موسى سنة، وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوجة موسى عليه السلام، فقالت: أنا أحق منك الأمر، فقاتلها، فقتل مقاتليها، وأسرها وأحسن أسرها. وإن ابنه أبي بكر ستخرج عل علي في كذا وكذا من أمتي فبقاتلها فيقتل مقاتلها، ويأسرها فيحسن أسرها. وفيها أنزل الله عز وجل: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى}..."( ). ومن التحذيرات الخاصة التي زعم الشيعة أن رسول الله حذر بها عائشة: قوله لها - كما زعموا كذباً وبهتاناً -: " -أما تستحين أن تحاربين لمن رضي الله عنه -، وإنه عهد إلي أنه من خرج على علي فهو في النار"( ). وقوله - كما زعموا - لعلي وعائشة حاضرة "قاتل الله من يقاتلك، وعادى الله من عاداك". فقالت عائشة: ومن يقاتله ويعاديه؟ فقال لها: "أنت ومن معك"( ). إلى آخر ما أحدث الشيعة الرافضة في هذا الباب من أكاذيب، ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل طلاق نسائه بيد علي رضي الله عنه: فقد أسند الملقب عند الشيعة بالصدوق إلى الحسن العسكري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل طلاق أزواجه بيد علي بن أبي طالب، وقال له -على حد زعمهم-: "يا أبا الحسن إن هذا الشرف باقٍ لهن ما دمن لله على الطاعة، فأيتهن عصت الله بعدي بالخروج عليك فطلقها في الأزواج، وأسقطها من تشرف الأمهات، ومن شرف أموتها المؤمنين"( ). وفي رواية: "فمن عصتك منهن فطلقها طلاقاً يبرأ لله ورسوله منها في الدنيا ولآخرة( )". وقال الطبرسي: "وروي عن الباقر أنه قال: لما كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل، قال أمير المؤمنين: والله ما أراني إلا مطلقها، فأنشد الله رجلاً سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: "يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي" لما قام فشهد؟ فقال: فقام ثلاثة عشر رجلاً فيهم بدريان، فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب : "يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي". قال : فبكت عائشة، حتى سمعوا بكاءها..." ( ). يزعمون أيضاً أنها التقت - بعد ذلك - بطلحة والزبير رضي الله عنهما إثر مبايعتهما لعلي رضي الله عنه، فحرضتهما على الخروج عليه ونكث بيعته: قال محمد علي الحسيني - وهو من الشيعة المعاصرين -: "عائشة هي التي مهدت لحرب الجمل"( ). وزعم الشيعة أيضاً أن عائشة وطلحة والزبير جمعوا جيشاً، وساروا جهة البصرة والكوفة، وكانت قيادة الجيش العامة لعائشة ..( ). أما ما يرويه الشيعة من الحوادث التي وقعت عند تقابل الجيشين، وقبل بدء المعركة: فيزعمون أن عائشة رضي الله عنها رفضت الدخول في طاعة علي رضي الله عنه حين دعاها إلى الصلح والرجوع إلى بيتها، وأصرت على حربه: فقد أسند الملقب بالصدوق - وهو كذوب - إلى علي بن أبي طالب - زوراً وبهتاناً - أنه قال -: " -دعوت المرأة إلى الرجوع إلى بيتها -، والقوم الذين حملوها على الوفاء ببيعتهم لي، والترك لنقضهم عهد الله عز وجل فيّ وأعطيتهم عن نفسي كل الذي قدرت عليه … فلم يزدادوا إلا جهلاً وتمادياً وغياً.."( ). وهذه الرواية تفيد أن عليا رضي الله عنه هو الذي طلب الصلح، ولكن عائشة ومن معها رفضوا. بينما نجد رواية أخرى عند الشيعة تفيد أن التي طلبت الصلح هي عائشة، وأن الذي رفضه هو علي رضي الله عنه( ). وهذا من تناقضات الشيعة الكثيرة التي ملئوا بها كتبهم. يدعي الشيعة أن عليا رضي الله عنه أرسل غلاماً يحمل مصحفاً يدعو القوم إلى الصلح والدخول في طاعته، ولكن عائشة أمرت بقتله( ): قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :"إن أحداً لم يقل إن عائشة ومن معها نازعوا علياً في الخلافة، ولا دعوا إلى أحدٍ منهم ليولوه الخلافة. وإنما أنكرت هي ومن معها على علي منعه من قتل قتلة عثمان، وترك الاقتصاص منهم"( ). وبعض الشيعة يعترف بذلك: فهذا البياضي – مثلاً_ يذكر أن عائشة طلبت من علي قتل قتلة عثمان، فأبى ذلك( ). أما دعواهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب من علي إن خرجت عليه عائشة أن يضربها( ) - في بعض الروايات -، أو يطلقها -، وأنه قد طلقها ( )؛ فدعوى باطلة، لم ترد في أي كتاب من كتب أهل السنة، بل ولا في كتب الأحاديث الموضوعة، ولم ترد إلا في كتب الشيعة الذين هم في غاية التناقض والكذب. ويرد هذه الدعوى ما ثبت عن عمار بن ياسر رضي الله عنهما أنه قال على منبر الكوفة وهو بين يدي الحسن بن علي رضي الله عنهما: "إن عائشة قد صارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة"( ). وقد أقره الحسن بن علي رضي الله عنهما على هذا، ولم يعترض على قسمه. وتكرر الأمر في محضر علي رضي الله عنه بعد نهاية المعركة: فقد روى الإمام احمد، والترمذي، والحاكم بأسانيدهم – واللفظ لأحمد – أن رجلاً وقع في عائشة وعابها، فقال له عمار: "ويحك ما تريد من حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ما تريد من أمّ المؤمنين؟ فأنا أشهد أنّها زوجته في الجنّة. بين يدي عليّ، وعليّ ساكت "( ). فالقول بأن عائشة رضي الله عنها زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، بل وفي الجنة وقع بين يدي إمامين – يعتقد الشيعة إمامتهما ولم ينكرا، بل وافقا وأقرا. زعمهم أن أم سلمة نصحتها بعدم الخروج، وذكرتها بخبر الحوأب( ) في إسناد الخبر أبو مخنف لوط بن يحيى، وقد تقدم أنه شيعي محترق وأخباري تالف، فلا يعتد بقوله، ولا كرامة. ولقد أدركت أم سلمة رضي الله عنها كما أدرك غيرها من الصحابة أن خروج عائشة رضي الله عنها كان من اجتهاد منها؛ ترى أنها بخروجها تصلح بين المسلمين، وتحاول جمع كلمتهم. وقد بقيت أم سلمة رضي الله عنها تحترم عائشة وتقدرها، وتذكر للناس فضائلها: فقد روى محمد بن الحسن بن زبالة، والحاكم - واللفظ له - بسنديهما: "أن أم سلمة لمّا سمعت الصرخة على عائشة - يعني لما ماتت - قالت لجاريتها: اذهبي فانظري، فجاءت فقالت: وجبت. فقالت أم سلمة: والذي نفسي بيده لقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أباها" ( ). قصة دخول ابن عباس رضي الله عنهما على عائشة إثر معركة الجمل دون إذنها . وفيها قال ابن عباس لها: نحن أولى بالسنة منك ونحن علمناك السنة وإنما بيتك الذي خلفك فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فخرجت منه ظالمة لنفسك؛ غاشة لدينك؛ عاتية على ربك؛ عاصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم..( ). والجواب: في اسنادها أبو مخنف؛ لوط بين يحيى، وهو شيعي محترق ، وأخباري تالف كما تقدم. والثابت عن ابن عباس رضي الله عنهما شدة احترامه لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنه وكثرة المدح لها. ولقد دخل عليها وهي على فراش الموت، وقال لها: "كنت أحب أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، ولم يكن ليحبّ إلا طيبا، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، فليس في الأرض مسجدٌ إلا هو يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار ... – إلى أن قال: فوالله إنك لمباركة ... الخ "( ). ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشةَ مَنَعتْ من دَفْنِ الحسن بن علي عند جَدِّه صلَّى الله عليه وسلَّم( ). والجواب: قول الرافضة في ممانعة الصديقة رضي الله عنها ، وركوبها على بغل، وخروجها إلى الناس، وغير ذلك من الترهات: فكله إفك غير مقبول، يأباه ويرفضه ذوو العقول. فلم تكن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تمانع من دفن الحسن بن على رضي الله عنهما عند جده رسول الله صلى الله عليه وسلم. بل لقد وافقت على ذلك، وقالت لأخيه الحسين رضي الله عنه لما استأذنها في دفن الحسن: "نعم وكرامة" كما روى ذلك ابن عبد البر من طرق متعددة( ). ولكن الذي منع من دفن الحسن رضي الله عنه عند جده رسول الله صلى الله عليه وسلم هو: مروان بن الحكم الذي أقبل لما بلغه ذلك، وقال: "كذب، وكذبت، والله لا يدفن هناك أبداً. منعوا عثمان من دفنه في المقبرة، ويريدون دفن الحسن في بيت عائشة ؟!.." فعلى هذا لم تكن الممانعة من قبل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، بل لقد وافقت، وسمحت، ولم تمانع. والذي مانع هو مروان الذي كان والياً لبني أمية على المدينة( ). فلا يمكن إمضاء هذا الأمر إلا بموافقته، ولو حاولوا دفن الحسن عند جده بالقوة لحدثت مواجهة قد تراق فيها دماء ؛ أوصى الحسن بألا تراق. فليس الرفض من أم المؤمنين، وليست الممانعة منها كما زعم الشيعة الرافضة( ). ادِّعاء الشيعة أنَّ عائشة رضي الله عنها هي أوَّل مَن رَكِب السروج. الجواب: هذا كذبٌ افتراء ولو كان فيه مطعن لكان فيه مطعن في أم الحسن فاطمة رضي الله عنهما وكلاهما بريئتان. فقد رَوى الشيعة: أنَّ فاطمة - رضي الله عنها - رَكِبتْ بغلةً يومَ عُرْسها؛ وأنَّ عليًّا أرْكَبَها على حمارٍ ودارَ بها على بيوت المهاجرين والأنصار يدعوهم إلى نُصْرته لَمَّا بُويع لأبي بكر بالخلافة على حدِّ زعمهم( ). أن عائشة كانت تذكر لجبير بن مطعم وأن أمها احتالت لتزويجها للنبي صلى الله عليه وسلم. عن هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَائِشَةَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, قَدْ كُنْتُ وَعَدْتُ بِهَا أَوْ ذَكَرْتُهَا لِمُطْعَمِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ لابْنِهِ جُبَيْرٍ فَدَعْنِي حَتَّى أَسُلَّهَا مِنْهُمْ. فَفَعَلَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم, وَكَانَتْ بِكْرًا"( ). وعَنِ الأَجْلَحِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ قَالَ: "خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي كُنْتُ أَعْطَيْتُهَا مُطْعِمًا لابْنِهِ جُبَيْرٍ فَدَعْنِي حَتَّى أَسُلَّهَا مِنْهُمْ. فَاسْتَسَلَّهَا مِنْهُمْ, فَطَلَّقَهَا فَتَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلم"( ). والجواب: أولاً : هشام وأبوه متروكان( ). وفي الرواية الثانية: الأجلح. َقَال عنه أبو حاتم : ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به( ). وثانيا: أن زواج النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة كان بوحي, ورؤيا الأنبياء حق , فقد ثبت عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: "أُرِيتُكِ فِي المَنَامِ مَرَّتَيْنِ، أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ امْرَأَتُكَ، فَاكْشِفْ عَنْهَا، فَإِذَا هِيَ أَنْتِ، فَأَقُولُ: إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ"( ). وعَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ جِبْرِيلَ، جَاءَ بِصُورَتِهَا فِي خِرْقَةِ حَرِيرٍ خَضْرَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «هَذِهِ زَوْجَتُكَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ»( ). وأما الروايات المتقدمة فقد تعقبها ابن حجر بذكر ما جاء في الصحيح ( ). - أخذك (وفي رواية ألبسك) شيطانك يا عائشة: قال ابن حجر: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي "الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ" مِنْ حَدِيثِ عُمْرَةَ، عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَقُلْتُ: إنَّهُ قَامَ إلَى جَارِيَتِهِ مَارِيَةَ، فَقُمْتُ أَلْتَمِسُ الْجِدَارَ، فَوَجَدْتُهُ قَائِمًا يُصَلِّي، فَأَدْخَلْتُ يَدِي فِي شَعْرِهِ لأنْظُرَ اغْتَسَلَ أَمْ لا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: أَخَذَكِ شَيْطَانُكِ يَا عَائِشَةُ» - الْحَدِيثُ - قُلْتُ: وَظَاهِرُ هَذَا السِّيَاقِ يَقْتَضِي تَغَايُرَ الْقِصَّتَيْنِ، مَعَ الاخْتِلَافِ فِي الإسْنَادِ عَلَى رَاوِيهِ عَنْ عَمْرَةَ، فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ فَرَجِ بْنِ فَضَالَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَمْرَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ وَوُهَيْبٌ وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ، وَمُحَمَّدٌ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ. قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ( ). وفي "صحيح مسلم": (لقد جاءك شيطانك يا عائشة) حين أصابتها الغيرة. فعن عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَدَّثَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا لَيْلا، قَالَتْ: فَغِرْتُ عَلَيْهِ، فَجَاءَ فَرَأَى مَا أَصْنَعُ، فَقَالَ: «مَا لَكِ؟ يَا عَائِشَةُ أَغِرْتِ؟» فَقُلْتُ: وَمَا لِي لا يَغَارُ مِثْلِي عَلَى مِثْلِكَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقَدْ جَاءَكِ شَيْطَانُكِ» قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أَوْ مَعِيَ شَيْطَانٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَمَعَكَ؟ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِنْ رَبِّي أَعَانَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ»( ). فمناسبة الحديث الغيرة عليه صلى الله عليه وسلم، وليس تعمد إيذائه كما يكذب التيجاني بسبب تعلقه بشيطانه. فاتضح بذلك عدة أمور: - ليست عائشة وحدها التي معها شيطان، بل كل أحد، حتى النبي صلى الله عليه وسلم، فمن طعن عليها بذلك انسحب طعنه على زوجها وحبيبها صلى الله عليه وسلم، بل يكون قد طعن في نفسه دون أن يشعر! - أن مناسبة الحديث غيرة عائشة رضي الله عنها، وهذا من صفات النساء كافة، وفي الحديث الآخر غيرة فاطمة من علي رضي الله عنه لما أراد الزواج من ابنة عمه أبي لهب( )، وشكايتها إياه لأبيها صلى الله عليه وسلم، فكما لم يكن ذلك نقصاً في السيدة فاطمة، لم يكن نقصاً في السيدة عائشة، رضي الله عن الجميع. - آلآن ظهرت غيرتكم على رسول الله؟ أين ذهبت غيرتكم عندما طعنتم في عرضه صلى الله عليه وسلم، واتهمتهم أحب الناس إليه بالزنا والردة وضرب المثل لها بامرأة نوح وامرأة لوط؟ وأنها كانت تنام مع علي تحت لحاف واحد( ). - زعمهم أنها زادت في القرآن: رواية "إذا بلغت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فآذني" عَنْ أَبِي يُونُسَ، مَوْلَى عَائِشَةَ أَنَّهُ قَالَ: أَمَرَتْنِي عَائِشَةُ أَنْ أَكْتُبَ لَهَا مُصْحَفًا، وَقَالَتْ: إِذَا بَلَغْتَ هَذِهِ الآيَةَ فَآذِنِّي: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] فَلَمَّا بَلَغْتُهَا آذَنْتُهَا فَأَمْلَتْ عَلَيَّ: "{حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}[البقرة:238]، وَصلاة الْعَصْرِ، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]"، قَالَتْ عَائِشَةُ: سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( ). والجواب: يتجاهل الشيعة الرواية التي تليها مباشرة وتبين أنها قراءة منسوخة. اقرأوا: عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ} [البقرة: 238] وَصَلاة الْعَصْرِ، فَقَرَأْنَاهَا مَا شَاءَ اللهُ، ثُمَّ نَسَخَهَا اللهُ، فَنَزَلَتْ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238]، "فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ جَالِسًا عِنْدَ شَقِيقِ لَهُ: هِيَ إِذَنْ صَلاة الْعَصْرِ، فَقَالَ الْبَرَاءِ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ كَيْفَ نَزَلَتْ، وَكَيْفَ نَسَخَهَا اللهُ، وَاللهُ أَعْلَمُ"، قَالَ مُسْلِمٌ: وَرَوَاهُ الأشْجَعِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ الأسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ شَقِيقِ بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، قَالَ: قَرَأْنَاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَانًا بِمِثْلِ حَدِيثِ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ( ). - أنها كانت تعير صفية بأنها كانت يهودية "ألست تزعم أنك رسول الله... غلبتنا هذه اليهودية (صفية): عن عائشة أنها قالت : وكان متاعي فيه خف وكان على جمل ناج ،وكان متاع صفية فيه ثقل ،وكان على جمل ثقال بطيء يتبطأ بالركب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب". قالت عائشة: فلما رأيت ذلك قلت: يا لعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله صلى الله عليه وسلم ! قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أم عبد الله إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها" قالت: فقلت ألست تزعم أنك رسول اللهّ قالت: فتبسم، قال: "أو فيّ شك أنت يا أم عبدالله؟ قالت قلت: ألست تزعم أنك رسول الله؟ أفهلا عدلت. وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب -أي حدة- فأقبل علي فلطم وجهي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلا يا أبا بكر. فقال:يا رسول الله أما سمعت ما قالت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه»( ). هذا إسناد ضعيف. محمد بن إسحق مدلس. و سلمة بن الفضل كثير الخطأ( ). - أن عائشة أرت مولاها سالم كيف كان رسول الله يتوضأ: عن أبي عبد الله سالم قال: «وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره فأرتنى كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فتمضمضت واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثم يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثم أمرت يديها بأذنيها ثم مرت على الخدين. قال سالم: كنت آتيها مكاتبا ما تختفى منى فتجلس بين يدى وتتحدث معى حتى جئتها ذات يوم فقلت ادعى لى بالبركة يا أم المؤمنين. قالت: وما ذاك؟ قلت: أعتقني الله قالت: بارك الله لك وأرخت الحجاب دوني فلم أرها بعد ذلك اليوم» (رواه النسائي في سننه). والجواب : روى الرافضة عن أبي عبد الله أنه سئل «هل يجوز للمملوك أن يرى شعر مولاته وساقها؟ قال لا بأس». وفي الموثق والصحيح بأبان بن عثمان: «سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المملوك يرى شعر مولاته؟ قال لا بأس». والرافضة أجازوا ذلك في كتبهم ومروياتهم( ). فليقرأ الرافضة قول علمائهم بأن المرأة لا يجب أن تحجب من العبد إلا أن يؤدي ما يعتقه. وهو قول الطوسي واحتج له بما رواه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فليحتجب عنه»( ). وهو واضح في جواز عدم الاحتجاب منه قبل أن يصير عنده ما يؤدي مكاتبته عندكم( ). عرض أهم وأقوى الشبهات حول عائشة - أنها ليست من أهل بيته: جمهور الشيعة الاثني عشرية على أن المراد بأهل البيت هم أصحاب الكساء؛ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم ( ) دون من سواهم كأزواجه ومنهم عائشة. والجواب: - ادعاء الشيعة أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لسن من أهل البيت أمر لا يساعدهم عليه الشرع واللغة العرف. أما في اللغة فلفظة "الأهل" تطلق على الزوجة يقال أهل فلان: أي تزوج والتأهل التزوج( ). وأما في عرف الناس فهو مشتهر على إطلاق الأهل على الزوجة. - وأما الشرع فالأدلة كثيرة من كتاب الله تعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم على إطلاق الأهل على الزوجة, فأزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل بيته. - قال تعالى: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود:71-73]. وقال تعالى: {لَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} [القصص:29]. وقد اعترف مفسروا الشيعة أن المراد بالأهل في الآيتين الزوجة( ). وسياق الآية التي يستدل بها الشيعة: {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم . والدليل باعتبار ما قبلها وما بعدها؛ قال تعالى: { يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولَى وَأَقِمْنَ الصَّللاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا * وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا} [الأحزاب:32-34]. هذا الذي عليه أكثر أهل التفسير وعلى رأسهم ابن عباس رضي الله عنهما. قال ابن كثير: وَهَذَا نَصٌّ فِي دُخُولِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ هَاهُنَا، لأنَّهُنَّ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ وَسَبَبُ النُّزُولِ دَاخِلٌ فِيهِ قَولا وَاحِدًا إِمَّا وَحْدَهُ عَلَى قَوْلٍ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ( ). وكذلك جاء في صحيح السنة إطلاق أهل البيت على الزوجة كما جاء في حديث التشهد: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ"( ). وتفسير آل محمد جاء في حديث أبي حميد الساعدي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ "( ). كذلك في الحديث عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: بُنِيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ بِخُبْزٍ وَلَحْمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ، قَالَ: «ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ» وَبَقِيَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي البَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَقَالَ: «السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ»، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ ...( ). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَعْذُرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي( ). وعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه سلم؛ وفيه: فَجَعَلَ يَمُرُّ عَلَى نِسَائِهِ، فَيُسَلِّمُ عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ: «سَلامٌ عَلَيْكُمْ، كَيْفَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟» فَيَقُولُونَ: بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَيَقُولُ: «بِخَيْرٍ»( ). وأما استدلالهم بحديث الكساء( ) فقد أجاب عنه الشوكاني بقوله: وَاقْتِصَارُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى تَعْيِينِ الْبَعْضِ عِنْدَ نُزُولِ الآيَةِ لَا يُنَافِي إخْبَارَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ لأنَّ الاقْتِصَارَ رُبَّمَا كَانَ لِمَزِيَّةٍ لِلْبَعْضِ أَوْ قَبْلَ الْعِلْمِ بِأَنَّ المآل أَعَمُّ مِنْ الْمُعَيَّنِينَ، ثُمَّ يُقَالُ إذَا كَانَتْ هَذِهِ الصِّيغَةِ تَقْتَضِي الْحَصْرَ فَمَا الدَّلِيلُ عَلَى دُخُولِ أَولادِ الْمُجَلَّلِينَ بِالْكِسَاءِ فِي المآل مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومُ هَذَا الْحَصْرِ يُخْرِجهُمْ فَإِنْ كَانَ إدْخَالُهُمْ بِمُخَصِّصٍ وَهُوَ التَّفْسِيرُ بِالذُّرِّيَّةِ وَذُرِّيَّتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمْ أَوْلَادُ فَاطِمَةَ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ مُخَصِّصٍ وَمُخَصَّصٍ؟( ). - إن في روايات الشيعة إدخال الزوجة في أهل البيت: فعن على بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال: قلت لأبي عبدالله عليه السلام: جعلت فداك إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم اقصر قال: عليك بدنة، قال: قلت: إني لما أردت ذلك منها ولم تكن قصرت امتنعت فلما غلبتها قرضت بعض شعرها بأسنانها، فقال: رحمها الله كانت أفقه منك عليك بدنة وليس عليها شئ»( ). - زعمهم أن عائشة وحَفْصة تآمَرَتا؛ لاغتيال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم( ). واستدلوا: عن عَائِشَةُ قالت: لَدَدْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ، وَجَعَلَ يُشِيرُ إِلَيْنَا: «لاَ تَلُدُّونِي» قَالَ: فَقُلْنَا: كَرَاهِيَةُ المَرِيضِ بِالدَّوَاءِ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ: «أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَلُدُّونِي» قَالَ: قُلْنَا: كَرَاهِيَةٌ لِلدَّوَاءِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ يَبْقَى مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا لُدَّ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَّا العَبَّاسَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَشْهَدْكُمْ»( ). وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدِّهِ ، فَلَدُّوهُ. فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ مَا هَذَا فَقُلْنَا هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَاهُنَا، وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ،وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ . قَالُوا: كُنَّا نَتهِمُ فِيكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللهُ عَـزَّ وَجَلَّ لَيقرَفنِي بِهِ لا يَبْقَيَنَّ فِـي هَذَا الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلا الْتَدَّ إِلا عَمُّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي الْعَبَّاسَ، "قَالَ: فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزْمَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( ). والجواب: 1- قال ابن القيم: اللُّدُودُ: مَا يُسْقَى الْإِنْسَانُ فِي أَحَدِ شِقَّيِ الْفَمِ، أُخِذَ مِنْ لَدِيدَيِ الْوَادِي، وَهُمَا جَانِبَاهُ. وَأَمَّا الْوَجُورُ فَهُوَ فِي وَسَطِ الْفَمِ( ). فاللدود نوع من أنواع الدواء؛ يصب في الفم للعلاج؛ فليس هو سم ولا ما شابهه. 1- أنه لو كان في هذا الدواء سم لكشفه الله له كما كُشِفَ الله أمر الشاة المسمومة التي جاءت بها اليهودية؛ وأنطق الله الشاة بذلك. فعَنْ أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَاةٍ مَسْمُومَةٍ، فَأَكَلَ مِنْهَا، فَجِيءَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَالَتْ: أَرَدْتُ لأَقْتُلَكَ، قَالَ: «مَا كَانَ اللهُ لِيُسَلِّطَكِ عَلَى ذَاكِ» قَالَ: - أَوْ قَالَ - «عَلَيَّ» قَالَ قَالُوا: أَلا نَقتلُهَا؟ قَالَ: «لا» ، قَالَ: «فَمَا زِلْتُ أَعْرِفُهَا فِي لَهَوَاتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»( ). 3- إنَّ مَن نقَلَ هذه الحادثة هي عائشة - رضي الله عنها - فكيف تنقل للناس قتْلَها لنبيِّها، وزوجها، وحبيبها - صلَّى الله عليه وسلَّم؟! وكذلك رَوَتِ الحادثةَ أُمُّ سَلَمة، وأسماءُ بنت عُمَيس - رضي الله عنهما - وكلُّ أولئك مُتَّهَمات في دينهنَّ عند الرافضة، ومُشَارِكات في قَتْله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ومع ذلك قَبِلوا روايتهنَّ لهذا الحديث! 4- لم يُعطَ الدواءُ للنبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من غير عِلَّة، بل أُعْطِيَه مِن مَرضٍ ألَمَّ به. 5- لم يُعطَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - الدواءَ إلاَّ بعد أن تشاورَ نساؤه - رضي الله عنهنَّ - في ذلك الإعطاء. 6- أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمرَ بأنْ يُوضَعَ الدواء نفسُه في فمِ كلِّ مَن كان في الغُرفة، إلاَّ العبَّاس - رضي الله عنه - فلماذا ماتَ هو - صلَّى الله عليه وسلَّم - منه، وهنَّ لم يَمُتْنَ؟! 7- نساءَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يَفْهَمْنَ مِن نَهْي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بعدم لَدِّه أنَّه نَهْيٌ شَرْعي، بل فَهِموا أنَّه من كراهية المريض للدواء، وفَهْمُهم هذا ليس بمستنكرٍ في الظاهر، وقد صرَّحوا بأنهم - وإنْ لم يكنْ لهم عذرٌ عند النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ الأصْلَ هو الاستجابة لأمرِه، صلَّى الله عليه وسلَّم - قد أخطؤوا في تشخيص دَائه - صلَّى الله عليه وسلَّم - لذا فقد ناوَلوه دواءً لا يُناسب عِلَّته. قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله: "وإنَّما أنْكَرَ التداوي؛ لأنَّه كان غيرَ ملائمٍ لدائه؛ لأنهم ظنُّوا أنَّ به "ذات الْجَنْب"، فداووه بما يلائمها، ولم يكنْ به ذلك؛ كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى"( ). 8- فعل النبي صلى الله عليه سلم مِن باب التأديب، و ليس مِن باب القِصاص، قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله: "والذي يظهرُ أنَّه أرادَ بذلك تأديبهم؛ لئلا يعودوا، فكان ذلك تأديبًا، لا قِصاصًا، ولا انتقامًا"( ). 9- الاشتباه بنوع مَرضه - صلَّى الله عليه وسلَّم - محتملٌ؛ لأنَّ كلاًّ منهما - أي ما كان فيه - صلَّى الله عليه وسلَّم - مِن مرضٍ، وما ظنُّوه له الاسم نفسه؛ فكلاهما يُطلق عليه: "ذات الْجَنْب"، وكلاهما له مكان الألم نفسه، وهو "الْجَنْب". فَذَاتُ الْجَنْبِ عِنْدَ الْأَطِبَّاءِ نَوْعَانِ: حَقِيقِيٌّ وَغَيْرُ حَقِيقِيٍّ. فَالْحَقِيقِيُّ وَرَمٌ حَارٌّ يَعْرِضُ فِي نَوَاحِي الْجَنْبِ فِي الْغِشَاءِ الْمُسْتَبْطِنِ لِلْأَضْلَاعِ. وَغَيْرُ الْحَقِيقِيِّ: أَلَمٌ يُشْبِهُهُ يَعْرِضُ فِي نَوَاحِي الْجَنْبِ عَنْ رِيَاحٍ غَلِيظَةٍ مُؤْذِيَةٍ تَحْتَقِنُ بَيْنَ الصَّفَاقَاتِ فَتُحْدِثُ وَجَعًا قَرِيبًا مِنْ وَجَعِ ذَاتِ الْجَنْبِ الْحَقِيقِيِّ( ). قال ابنُ القَيِّم - رحمه الله -: "والعلاج الموجود في الحديث ليس هو لهذا القسم، لكن للقسم الثاني الكائن عن الريح الغليظة، فإنَّ القسطَ البحري - وهو العودُ الهندي على ما جاء مُفسَّرًا في أحاديث أُخَر - صِنفٌ من القُسْط، إذا دُقَّ دقًّا ناعِمًا، وخُلِط بالزيت المسخَّن، ودُلك به مكانُ الريح المذكور، أو لُعِقَ، كان دواءً موافِقًا لذلك، نافعًا له، مُحلِّلا لمادته، مُذْهِبًا لها، مُقويًّا للأعضاء الباطنة، مفتِّحًا للسُّدد، والعودُ المذكور في منافعه كذلك"( ). فهنَّ - رضي الله عنهنَّ - اعتقدْنَ أن مرضَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - هو الأوَّل الحقيقي، وهو الذي استبعدَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يَبْتليه الله به، وقد نَاوَلْنَه دواءَ المرض الآخَر، وكان الدواء هو "القُسط الهندي"، وقد دَقَقْنَه وخَلْطْنَه بزيتٍ - كما في رواية الطبراني - وهو مُفيد لِمَن تناوله حتى لو لم يكنْ به مرضٌ؛ لذا فقد أمَرَ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - كلَّ مَن شارَك في إعطائه له، ومَن رَضِي به أمر أنْ يلَدَّ به! ولو كان فيه ضررٌ لَمَا أمَرَ بذلك - صلَّى الله عليه وسلَّم. قول الرافضة: إنَّ عائشة كانتْ في كلِّ وقتٍ تأمُرُ بقتْل عثمان، وتقولُ في كلِّ وقتٍ: اقتلوا نعثلًا ، قتَلَ الله نعثلًا ، ولَمَّا بلَغَها قتْلُه، فَرِحَتْ بذلك. وقد ذكر الفضل بن شاذان - أحد علماء الشيعة - أن التحريض على قتل عثمان كان من قبل عائشة وحفصة معاً -( ). والجواب: 1- الكذب دين الرافضة وكما قال الشافعي: لم أر أشهد بالزور من الرافضة. 2- قال ابن الأثير : كان أعداءُ عثمان يسمُّونه: نعثلا؛ تشبيهًا برجل من مصر، كان طويل اللِّحْية، اسمُه نَعْثَل، وقيل: النَّعْثَل: الشيخ الأحْمَقُ( ). 3- إن هذا الحديث كذب على عائشة ولا يصح عنها ، وقد ذكره أهل التاريخ ( ). وفي إسناده نصر بن مزاحم قال فيه العقيلـي »كان يذهب إلى التشيع وفي حـديثه اضطراب وخطأ كثـير«( ). وقال الذهـبي »رافضي جـلد، تركوه . وقال أبو خيثمة: كان كذابـاً، وقـال أبو حاتم: واهي الحديث، متروك، وقال الدارقطني: ضعيف«( ). وفيه أيضا سيف بن عمر التميمي قال عنه أبو حاتم: متروك. وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة( ). والسند الآخر الذي ذكره الطبري منقطع وفيه مجاهيل. 4- المنقول الثابت عنها يُكذِّب ذلك، ويُبيِّن أنَّها أنكرتْ قتْلَه، وذمَّتْ مَن قتَلَه، ودَعَتْ على أخيها محمد وغيره؛ لمشاركته في ذلك. فعن ابن سيرين: قال: قالت عائشة: مُصتموه موصَ الإناء ثم قتلتموه. وعن عون بن عبد الله بن عتبة قال: قالت عائشة: غضبت لكم من السوط ولا أغضب لعثمان من السيف؟ استعتبتموه حتى إذا تركتموه كالقُلب المصفَّى قتلتموه. وعن أبي خالد الوالبي قال: استتابوه حتى تركوه كالثواب الرّحيض ثم قتلوه. وعن مسروق قال: قالت عائشة حين قُتل عثمان: تركتموه كالثوب النقّي من الدّنس ثم قتلتموه، فقلت: هذا عملك، كتبت إلى الناس تأمرينهم بالخروج إليه. قالت: لا، والذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبت إليهم سوداء في بيضاء حتى جلست مجلسي هذا. قال الأعمش: فكانوا يرون أنه كُتب عنها وهي لا تعلم. وعن طلق بن خشاف قال: قُتل عثمان فتفرقنا في أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نسألهم عن قتله، فسمعت عائشة تقول: قُتل مظلوماً، لعن الله قتلته. وعن أم كلثوم بنت ثمامة: أنها أرادت الحج، فقال أخوها: أقرئي أم المؤمنين عائشة السلام وسليها عن عثمان حين قُتل. قالت- أي عائشة - : من سب عثمان فعليه لعنة الله ( ). 5- وقال شيخ الإسلام : فَيُقَالُ لَهُ: أَوّلاً، أَيْنَ النَّقْلُ الثَّابِتُ عَنْ عَائِشَةَ بِذَلِكَ؟. وَيُقَالُ: ثَانِيًا: الْمَنْقُولُ الثَّابِتُ عَنْهَا يُكَذِّبُ ذَلِكَ، وَيُبَيِّنُ أَنَّهَا أَنْكَرَتْ قَتْلَهُ، وَذَمَّتْ مَنْ قَتَلَهُ، وَدَعَتْ عَلَى أَخِيهَا مُحَمَّدٍ وَغَيْرِهِ لِمُشَارَكَتِهِمْ فِي ذَلِكَ. وَيُقَالُ: ثَالِثًا: هب أن أحداً من الصحابة – عائشة أو غيرها – قال في ذلك على وجه الغضب، لإنكاره بعض ما يُنكر، فليس قوله حجة، ولا يقدح ذلك في إيمان القائل ولا المقول له، بل قد يكون كلاهما ولياً لله تعالى من أهل الجنة، ويظن أحدهما جواز قتل الآخر، بل يظن كفره، وهو مخطئ في هذا الظن. كما ثبت في الصحيحين عن عليّ وغيره في قصة حاطب بن أبي بلتعة، وكان من أهل بدر والحديبية. وقد ثبت في الصحيح أن غلامه قال: يا رسول الله، والله ليدخلن حاطب النار. فقال له النبي صلّى الله عليه وسلّم: "كذبتَ، إنه قد شهد بدراً والحديبية"... وهذه القصة مما اتفق أهل العلم على صحتها، وهي متواترة عندهم، ومعروفة عند علماء التفسير، وعلماء الحديث، وعلماء المغازي والسير والتواريخ، وعلماء الفقه، وغير هؤلاء. وكان عليّ رضي الله عنه يُحدِّث بهذا الحديث في خلافته بعد الفتنة، وروى ذلك عنه كاتبه عبد الله بن أبي رافع ليبين لهم أن السابقين مغفور لهم، ولو جرى منهم ما جرى. فإن عثمان وعلياً وطلحة والزبير أفضل باتفاق المسلمين من حاطب بن أبي بلتعة، وكان حاطب مسيئاً إلى مماليكه، وكان ذنبه في مكاتبة المشركين، وإعانتهم على النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه أعظم من الذنوب التي تُضاف إلى هؤلاء، ومع هذا فالنبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن قتله، وكذَّب من قال: إنه يدخل النار، لأنه شهد بدراً والحديبية، وأخبر بمغفرة الله لأهل بدر. ومع هذا فقد قال عمر رضي الله عنه: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فسماه منافقاً، واستحل قتله، ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما، ولا في كونه من أهل الجنة. وكذلك في "الصحيحين" وغيرهما في حديث الإفك لما قام النبي صلّى الله عليه وسلّم خطيباً على المنبر يعتذر من رأس المنافقين عبد الله بن أُبَيّ فقال: "من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهلي، والله ما علمت على أهلي إلا خيراً، ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عليه إلا خيراً. فقام سعد بن معاذ سيد الأوس، ...إن كان من إخواننا من الأوس ضربنا عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا فيه أمرك، فقام سعد بن عبادة فقال: كذبتَ لعمر الله، لا تتله ولا تقدر على قتله، فقام أسيد بن حضير، فقال: كذبت لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين. وكادت تثور فتنة بين الأوس والخزرج، حتى نزل النبي صلّى الله عليه وسلّم وخفضهم. وهؤلاء الثلاثة من خيار السابقين الأولين، وقد قال أسيد بن حضير لسعد بن عبادة: "إنك منافق تجادل عن المنافقين" وهذا مؤمن وليّ لله من أهل الجنة، وذاك مؤمن وليّ لله من أهل الجنة، فدلَّ على أن الرجل قد يُكَفِّر آخر بالتأويل، ولا يكون واحد منهما كافراً... وإذا كان ذلك فإذا ثبت أن شخصاً من الصحابة – إما عائشة، وإما عمار بن ياسر، وإما غيرهما – كَفَّرَ آخر من الصحابة: عثمان أو غيره، أو أباح قتله على وجه التأويل – كان هذا من باب التأويل المذكور، ولم يقدح ذلك في إيمان واحد منهما، ولا في كونه من أهل الجنة، فإن عثمان وغيره أفضل من حاطب بن أبي بلتعة، وعمر أفضل من عمَّار وعائشة وغيرهما، وذنب حاطب أعظم، فإذا غُفِرَ لحاطب ذنبه، فالمغفرة لعثمان أولى. وإذا جاز أن يجتهد مثل عمر وأسيد بن حضير في التكفير أو استحلال القتل، ولا يكون ذلك مطابقاً، فصدور مثل ذلك من عائشة وعمَّار أولى( ). يتبع إن شاء الله... |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
مآ , الله , المؤمنين , الصحية , رضي , عائشة , عنها |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
السيدة سودة بنت زمعة بن قيس | Kassab | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 11 | 25-06-2021 05:44 PM |
ام المؤمنين المؤمنين عائشة | سراج منير | ( همســـــات الإسلامي ) | 14 | 10-06-2018 11:40 PM |
أسماء حكـام الكــويت وزوجاتهـم وأبنائهـم ؟ { مشاركتي في فعاليات اليوم الوطني للكويت 2 | مبارك آل ضرمان | (همسات الوطن والعالم العربي ) | 10 | 28-02-2018 06:19 AM |
سيرَة أمّهات المُؤمنين /السيدة خديجة | ابراهيم دياب | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 12 | 26-03-2015 09:16 PM |
سيرَة أمّهات المُؤمنين /السيدة عائشة | ابراهيم دياب | (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) | 13 | 26-03-2015 09:14 PM |