ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات العامه) O.o°¨ > ( همســـــات العام )

( همســـــات العام ) خاص بالمواضيع العامه

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-06-2016, 12:27 AM   #29


الصورة الرمزية ريحانة بغداد
ريحانة بغداد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6091
 تاريخ التسجيل :  16 - 5 - 2015
 أخر زيارة : 10-09-2024 (01:40 AM)
 المشاركات : 184,955 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



الإمام ابن كثير المفسر



اسمه ونسبه :

هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفداء ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصروي الدمشقي الشافعي ، المعروف بابن كثير[1] . وُلِد سنة 701هـ/ 1301م[2] ، في قرية مجيدل من أعمال بُصْرى الشام[3] ، وعاش في دمشق[4] .

طفولته و تربيته :
كان للبيئة المحيطة بابن كثير أثر كبير في نشأته ؛ فقد كان أبوه خطيبًا ببلدة مجيدل القُرَيَّة إلى أن توفِّي سنة 703هـ ، وبقي ابن كثير تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد الوهاب ، الشقيق والشفيق ، وترعرع في طفولته في هذه القرية مدة أربع سنوات ، وهي سن الطفولة يتيمًا بعد فَقْد الوالد ولكنه امتلأ قلبه من ذكريات الطفولة ، ونَعِم بآثار والده المعنوية ، وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده ، وأقواله المأثورة ، وأشعاره المحفوظة ، وأدرك بحسِّه منزلة العالم المخلص ، وأثره في الحياة والمجتمع ، ومكانته في القلوب والنفوس ، وسمع من إخوته وأخواته سبب تسميته بإسماعيل ، تيمنًا بأخيه الأكبر (من أبيه) الذي سلك طريق العلم ، فأخذه عن والده .

ثم ارتحل إلى دمشق لاستكمال التكوين العلمي ، فاختطفته يد المنون في شبابه ، فوُلِد للوالد هذا الابن الأخير فسمَّاه إسماعيل ليكون كأخيه في طلب العلم ، فاتجه ابن كثير رحمه الله تعالى إلى تحصيل العلم منذ السن المبكر؛ ليقرَّ عين والده في قبره ، وليصبح كأبيه في قلوب الناس .

ولما بلغ ابن كثير السابعة من عمره ، ارتحل بصحبة أخيه الشقيق عبد الوهاب إلى مدينة دمشق التي كانت مَوْئِلَ العلماء ، وحاضرة العلم ، ومركز الحضارة ، وينبوع العطاء ، ومحط الأنظار، و مرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والطلاب من كل حدب وصوب .

و كان أخوه عبد الوهاب بمنزلة الأب والأستاذ الأول لابن كثير، الذي أخذ منه الشيء الكثير، واستمر في ملازمته والاستفادة من علمه طوال حياته التي امتدت إلى سنة 750هـ .

ويحدثنا ابن كثير - رحمه الله تعالى - عن رحلته إلى دمشق بصحبة أخيه عبد الوهاب ، فيقول : " ثم تحولنا من بعده ( بعد وفاة الوالد ) في سنة سبع وسبعمائة إلى دمشق، صحبه كمال الدين عبد الوهاب ، وقد كان لنا شقيقًا ، وبنا رفيقًا شفوقًا ، وقد تأخرت وفاته إلى سنة خمسين ، فاشتغلت على يديه في العلم ، فيسَّر الله تعالى منه ما يسر، وسهَّل منه ما تعسر" [5] .

واستقر ابن كثير في دمشق، وصار ابنًا من أبنائها ، وعالمًا من علمائها ، وخطيبًا ومدرسًا فيها ، وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودُفن فيها ، وكان وفيًّا لها فكتب تاريخها ، ووصف أفراحها وانتصاراتها ، وبكى أحزانها وأتراحها ، وشارك في أحداثها ، وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يُشار إليه بالبنان : محدِّثًا ومفسرًا ، ومدرسًا ورئيسًا ، ومصلحًا وداعيةً ، ومعلمًا ومؤرخًا [6] .

ملامح شخصيته وأخلاقه :
لقد حبا الله ابن كثير - رحمه الله - بكثيرٍ من الصفات الحميدة ، والشمائل الكريمة ، والخلال العذبة ، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ ؛ ومن هذه الصفات :


1- الحفظ: وهب الله ابن كثير حافظة قوية ، وذاكرة ممتازة ، وموهبة متفوقة ، فكان قادرًا على حفظ العلوم والمتون ، واكتناز المعلومات ، وظهر أثر ذلك في مصنفاته ؛ فقد حفظ ابن كثير القرآن الكريم وهو في الحادية عشرة من عمره ، كما صرَّح بذلك في تاريخه [7] ، وحفظ التنبيه في الفقه الشافعي ، وعرضه سنة ثماني عشرة ، وحفظ مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه [8] ، وحفظ المتون المتنوعة في العلوم ؛ ولذلك وصفه عدد من العلماء بحفظ المتون ، فقال شيخه الذهبي : " ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم ، وله حفظ ومعرفة "[9] .

وقال عنه تلميذه ابن حِجِّي : " كان أحفظ مَن أدركتاه لمتون الأحاديث ، وأعرفهم بجرحها ورجالها ، و صحيحها و سقيمها ، وكان أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك " [10] .


2- الإستحضار: اقترنت صفة الحفظ عند ابن كثير بصفة أخرى وهي صفة الاستحضار؛ مما يدل على المنحة الإلهية له بقوة الذاكرة، وقلة النسيان. وهو من أعظم المواهب الإلهية، وأكبر ميزة للعالم والمصنِّف والفقيه ؛ لذلك كان ابن كثير يستحضر المتون والكتب والعلوم حتى لفت نظر المحققين والمحدثين ، فهو ينقل من مصادر عدة ، ولكنه يضع المعلومات بصيغته وأسلوبه الخاص به ، مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف من ذاكرته وحافظته ، ويتصرف بذلك حسب مقتضى الحال والمقام [11] .

3- الفَهْم الجيد: هذه الصفة من المنح الإلهية للإنسان ، ومن التوفيق الرباني له ، وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص ، والتقصِّي والدراسة، والاستيعاب والاجتهاد ، وتحرِّي الدقة العلمية ؛ مما تساعد صاحبها -بفضل الله تعالى وتوفيقه - على الفهم الجيد ، والإدراك الصحيح ، والاستنتاج المقبول[12] ؛ لذلك يقول عنه تلميذه ابن حجي : " وكان فقيهًا جيد الفهم ، صحيح الذهن " [13] .

4- خفة الروح : وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامَّةً ، ومن عوامل التفوق والنجاح في التدريس والوعظ خاصَّةً ، وتدل على سماحة النفس ، والاهتمام بالطلاب ، والتخفيف عنهم ، والترويح في التدريس[14] .


5- الالتزام بالحديث والسُّنَّة : من صفات ابن كثير أنه كان حريصًا على التزام السنة ، والدعوة إلى إتباع السلف، وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه ؛ ولا غرابة في ذلك فهو المحدِّث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول ، وكان ابن كثير رحمه الله يحارب البدع ، ويدعو إلى تركها ، ويساهم في إنكارها ، ويفرح لإبطالها ، ويسجِّل هذه المشاعر والعواطف والمبادئ في كتبه ومصنفاته ، وكان يتتبع البدع ويتألم لوجودها ، ويسعى لإبطالها، ويهلل لإلغائها [15] .


6- الخلق والفضيلة والموضوعية : كانت أخلاق ابن كثير رحمه الله حميدة ، ويلتزم الفضائل والقيم ، وسعة الصدر، والحلم ، والصداقة المخلصة ، والتقدير لشيوخه ؛ فقد ترجم لعدد كبير منهم في تاريخه ، وأثنى عليهم خيرًا ، وعدَّد مناقبهم ، وأثبت فضائلهم ، واعترف بالأخذ عن الأساتذة ، وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين [16] .

7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: وهذا من المبادئ الإسلامية الرشيدة في الدعوة والنصح والإرشاد ، والتكافل والتناصح بين أفراد الأمة والمجتمع ، وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به [17]؛ لحديث رسول الله"مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ ..." [18] . ويتأكد واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الدعاة والعلماء والمصلحين ، ثم على الحكام والمحكومين ؛ وكان ابن كثير يعرف واجبه في هذا الجانب الخطير، ويؤدِّي حقه في مرضاة الله تعالى للحاكم والمحكومين ، لا يبتغي بذلك إلا الأجر والثواب من الله تعالى ، ولا يخشى في الله لومة لائم ؛ فيقول الحق ، ويقرر الشرع ، ويؤدي الأمانة ، ويبلِّغ حكم الله تعالى في كل الأمور والظروف والأحوال ، ولو كان الأمر يتعلق بشئون الحكم ، والخلاف بين الأمراء الذين يحاولون أن يتحصنوا بفتوى كبار العلماء ، ويجعلوها ذريعة لتحقيق مآربهم [19] .



8- إنصاف الخصوم : يقول الله:

{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ
إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا }
[النساء: 58] .

و العدل مطلوب من الحكام والقضاة ، ومن كل ذي ولاية وسلطة مهما تنوعت واختلفت وتفاوتت درجتها ، وذلك بإنصاف الناس -وحتى الخصوم - من النفس ، وحينئذٍ يصبح الإنسان من السابقين إلى ظلِّ الله تعالى يوم القيامة .

والعدل من الفضائل ، وخاصةً إذا كان الأمر مع الخَصْم ، فهو أعلى درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه ، وهذه المرتبة العليا لا يبلغها إلا القلة ، وتدل على أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام الشرع وآدابه ، ومراقبة الله تعالى في ذلك ، حتى يجاهد نفسه فيخضعها للحق ، ويقف بها عند جادَّة الصواب ، ولا يستسلم لهواه وأهوائه .

وهذا ما حدث مع ابن كثير - رحمه الله - في ترجمته لكثير من خصومه في الرأي والفكر والمواقف، فيصفهم بالحق والعدل ، ولا يتجنى عليهم ، ولا ينقصهم صفة لهم ؛ ومن الشواهد الكثيرة على ذلك نجد في (البداية والنهاية) أنه كان بين ابن كثير وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي خصومة فكرية ، وتشاء الظروف أن تُوجَّه اتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط في أموال الأيتام ، وطُلِب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوى ضده لتغريمه ومحاكمته ، ويصل الأمر إلى صاحبنا العلامة ابن كثير ذي الخُلُق الكريم ، والموقف العادل، فيأبى الكتابة ، ويُنصِف قاضي القضاة ، ويوقف الافتراء والاتهام إلى أن يتبين الحق ، ويسجِّل ذلك في تاريخه في أحداث سنة 743هـ [20] .



9- الإصلاح الديني : نزل الإسلام صافيًا من السماء ، وبلغه رسوله عليه الصلاة والسلام حتى لحق بالرفيق الأعلى ، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء ، والتزم الصحابة - رضوان الله عليهم - بهذا الطريق القويم ، وأدوا الأمانة ، ونشروا الإسلام في الخافقين ، وسار التابعون وتابعو التابعين على نهجهم ، فكانوا خير القرون في تطبيق الإسلام ، ونصاعة مبادئه . ثم بدأ يعلق به الغبار مع الأيام ، وتُضاف إليه بعض الأمور التي لا تتفق مع جوهر الدين ، وتُلحق به البدع والخرافات شيئًا فشيئًا ، وقد تستشري في بعض الأحيان لتشوه صورة الإسلام النقية .



وهنا يأتي دور العلماء والدعاة والمصلحين الذين ينادون بالدعوة إلى تطبيق الإسلام ، والعودة إلى مبادئه الصافية ، وتطهيره من البدع والخرافات . وقد ظهر في القرن السابع والثامن الهجريين علماء أفذاذ يمثلون هذا الاتجاه الإصلاحي ، وكان الأشهر والأبرز في هذه المدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية ، الذي وقف في وجه البدع والخرافات الموجودة والمنتشرة في ذلك الوقت ، ورفع الراية في وجه المبتدعة وغلاة الصوفية .



وكان من نتيجة ذلك أن انقسم العلماء والفقهاء والحكام والناس في شأن ابن تيمية إلى فريقين، فتحامل عليه علماء الصوفية ، وكثير من الفقهاء والقضاة حتى وشوا به عند الحكام، فوقف بعضهم بجانبه، والبعض الآخر وقف ضده ، وكان من الذين وقفوا مع ابن تيمية وناصروه ابن كثير رحمه الله [21] .

شيوخه :
أخوه الأكبر عبد الوهاب بن عمر بن كثير كمال الدين [22] ، وعيسى المطعم ، وأحمد بن الشيخة ، والقاسم بن عساكر، ومحمد بن محمد بن محمد الشيرازي ، وإسحاق بن يحيى الآمدي ، ومحمد بن أحمد الزراد ، وابن قاضي شهبة ، وابن الزَّمْلَكاني ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وبرهان الدين الفزاري (ابن الفِرْكاح) ، ومحمد بن شرف الدين البعلبكي الحنبلي ، وابن الشحنة ، وعبد الله بن محمد بن يوسف المقدسي ، وأبو الفتح الدَّبُوسي ، وعلي بن عمر الواني ، ويوسف الختني ، ومؤرخ الشام البِرْزالي ، والحافظ أبو الحجاج المِزِّي ، ومؤرِّخ الإسلام الذهبي ، وشمس الدين الأصفهاني ، وغيرهم [23] .

تلاميذه :
من أشهر تلاميذ ابن كثير: سعد الدين النووي [24] ، وشهاب الدين بن حجي [25] ، وابن الجزري [26] ، و الزركشي [27] ، وغيرهم .

مؤلفات ابن كثير:
(تفسير القرآن العظيم) ، و(البداية والنهاية) ، وكتاب (التكميل في معرفة الثقات والضعفاء و المجاهيل) جمع فيه كتابي شيخيه المِزِّي والذهبي وهما : " تهذيب الكمال في أسماء الرجال" و"ميزان الاعتدال في نقد الرجال" ، مع زيادات مفيدة في الجرح والتعديل . و(تخريج أحاديث أدلة التنبيه في فروع الشافعية) ، و(تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب في أصول الفقه) ، و(فضائل القرآن) ، وكتاب في السماع ، ومسند الشيخين ، والنهاية في الفتن والملاحم ، والمقدمات ، ومسند عمر بن الخطاب والآثار المروية عنه .

وكتاب (الهَدْي والسَّنَن في أحاديث المسانيد والسُّنَن) وهو المعروف بجامع المسانيد ، جمع فيه بين مسند الإمام أحمد و البزار وأبي يعلى ومعجمي الطبراني مع الكتب الستة : الصحيحين والسنن الأربعة ، ورتبه على الأبواب . و(طبقات الشافعية) مجلد وسط، ومعه مناقب الشافعي ، وشرع في (شرح صحيح البخاري) ولم يكمله ، وشرع في كتاب كبير في (الأحكام) وصل فيه إلى الحج ، واختصار علوم الحديث ، اختصر فيه مقدمة ابن الصلاح المعروفة ، وسمَّاه (الباعث الحثيث) ، و(مسند الشيخين) يعني أبا بكر وعمر، و(السيرة النبوية) مطوَّلة ومختصرة ، و(الاجتهاد في طلب الجهاد) ، و(قصص الأنبياء) ، وغيرها [28] .

منهج ابن كثير في تفسيره :
أ- تفسير الآية بعبارة سهلة ، وبأسلوب مختصر، يوضِّح المعنى العام للآية الكريمة .

ب- تفسير الآية بآية أخرى إن وجدت ؛ حتى يتبين المعنى ، ويظهر المراد ، وقد يذكر ابن كثير عدة آيات في تفسير الآية الأولى، وكأنه يجمع بين الآيات المتشابهة والمتماثلة في المعنى ، والمتحدة في الموضوع ، فتأتي الآيات المتناسبة في مكان واحد .

ج- رواية الأحاديث بأسانيدها غالبًا، وبغير إسناد أحيانًا لإلقاء الضوء النبوي على معنى الآية ؛ لأن وظيفة الرسول التبليغ والبيان .

د- تفسير القرآن بأقوال الصحابة ؛ حيث يُردِف ابن كثير في تفسير الآية ما وصله من أقوال الصحابة في تفسير هذه الآية ، حسب المؤهلات التي يمتلكونها .

هـ - الاستئناس بأقوال التابعين وتابعي التابعين ومَن يليهم من علماء السلف ، وخاصةً أهل القرون الأولى الذين شهد لهم النبي بالخيرية ، وحملوا الدعوة والإسلام [29] .


و- الإسرائيليات: نتج عن روايات بعض الصحابة وبعض التابعين وجود الأحاديث والروايات المأخوذة من مصادر أهل الكتاب، والتي تُسمَّى الإسرائيليات ، ومعظمها غير صحيح وغير معقول ، وأكثرها غرائب وطرائف . وقد نوَّه ابن كثير على وجود هذه الإسرائيليات في مقدمة تفسيره ، فقال : " تُذكر للاستشهاد لا للاعتضاد "[30] .

وكان ابن كثير ينبِّه على الإسرائيليات والموضوعات في التفسير، تارةً يذكرها ويعقِّب عليها بأنها دخيلة على الرواية الإسلامية ، ويبين أنها من الإسرائيليات الباطلة المكذوبة ، وتارةً لا يذكرها بل يشير إليها ، ويبيِّن رأيه فيها . وقد تأثر في هذا بشيخه ابن تيمية ، وزاد على ما ذكره كثيرًا ، وكل من جاء بعد ابن كثير من المفسرين ممن تنبه إلى الإسرائيليات والموضوعات ، وحذر منها .

ولا عجب في هذا ، فهو من مدرسة عُرفت بحفظ الحديث ، والعلم به روايةً ودرايةً ، وأصالة النقد ، والجمع بين المعقول والمنقول ، وهي مدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلاميذه : ابن القيم ، والذهبي ، وابن كثير، وأمثالهم .


ز- الأحكام الفقهية : يتعرض ابن كثير عند تفسير آيات الأحكام إلى بيان الأحكام الشرعية ، ويستطرد في ذكر أقوال العلماء وأدلتهم ، ويخوض في المذاهب ويعرض أدلتهم .

حـ - الشواهد اللغوية والشعرية : اعتمد ابن كثير على اللغة العربية في فهم كلام الله تعالى الذي نزل باللغة العربية ، ويجب أن يفسر حسب مقتضى الألفاظ ، وأساليب اللغة ، ودلالات الألفاظ ، وشواهد الشعر التي تدل على المعنى ، وتوضِّح المراد .

ط - الأعلام والرجال : حرص ابن كثير على ذكر الأعلام الذين نقلت عنهم الآراء؛ ليكون دقيقًا في نقله ، مع المحافظة على الأمانة العلمية ، فجاء تفسيره زاخرًا بأسماء العلماء وأعلام الرجال .

ك- قوة الشخصية : عرض ابن كثير لأحاديث متعددة ، وروايات كثيرة ، وأقوال مختلفة ، ولكنه لم يقف عند هذا الحد ، بل كانت شخصيته العلمية واضحة وبارزة ، فكان يبين درجة الأحاديث ، ويثبت صحة أكثرها ، ويضعِّف بعض الروايات ، ويعدِّل بعض الرواة ، ويجرِّح بعضًا آخر؛ وكل ذلك لباعه الطويل في فنون الحديث وأحوال الرجال . وسار على هذا النهج في إيراد الأحكام الفقهية ، وآراء المذاهب ، فيعمد إلى بيان الراجح منها ، والموافق لدلالات الآيات الكريمة .

ي- الاقتباس : كان ابن كثير رحمه الله يعتمد على من سبقه من المفسرين ، وينقل عنهم ، ويصرح بذلك ؛ ومنهم إمام المفسرين ابن جرير الطبري ، وابن أبي حاتم ، وابن عطية ، وأقوال شيخ الإسلام ابن تيمية [31] .

آراء العلماء فيه :
قال عنه الذهبي : " الإمام الفقيه المحدِّث البارع عماد الدين ، درس الفقه وأفتى ، وتفهم العربية والأصول ، ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم ، وله حفظ ومعرفة "[32] . وقال الذهبي في المختص : " الإمام المفتي، المحدث البارع ، ثقة ، متفنن ، محدث متقن "[33] . وقال عنه السيوطي : " الإمام المحدث الحافظ ، ذو الفضائل ، عماد الدين ... "[34] .

وقال عنه المؤرخ الشهير ابن تغري بردي : " الشيخ الإمام عماد الدين أبو الفداء ... ، وجمع وصنَّف ، ودرَّس وحدَّث وألَّف ، وكان له اطلاع عظيم في الحديث والتفسير والفقه والعربية وغير ذلك "[35] .

وقال ابن حبيب فيه : " إمام ذوي التسبيح والتهليل ، وزعيم أرباب التأويل ، سمع وجمع وصنَّف ، وأطرب الأسماع بقوله وشنَّف ، وحدَّث وأفاد ، وطارت أوراق فتاويه إلى البلاد ، واشتهر بالضبط والتحرير، وانتهت إليه رئاسة العلم في التاريخ والحديث والتفسير"[36] . وقال عنه الزركلي : " حافظ مؤرخ فقيه "[37] .

آراء العلماء في مؤلفاته :
قال السيوطي عن تفسير ابن كثير: " وله التفسير الذي لم يؤلَّف على نمطه مثله "[38] . وقال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة : " وسارت تصانيفه في البلاد في حياته ، وانتفع بها الناس بعد وفاته "[39] . وقال الذهبي في المعجم المختص : " وله تصانيف مفيدة "[40] .

وقال ابن تغري بردي عن كتابه (البداية والنهاية) : " وهو في غاية الجودة ... وعليه يعول البدر العيني في تاريخه "[41] .


وفاته :
اتفق المؤرخون على أن ابن كثير - رحمه الله - تُوفِّي بدمشق يوم الخميس ، السادس والعشرين من شعبان سنة 774هـ/ 1373م عن أربع وسبعين سنة ، وكانت جنازته حافلة ومشهودة ، ودُفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية لمحبته له ، وتأثره به ؛ لينعم بجواره حيًّا وميتًا [42] . وقد رثاه أحد طلاب العلم فقال :



لفقـدك طلاب العلوم تأسفوا *** و جادوا بدمع لا يبيد غزير

ولو مزجوا ماء المدامع بالدِّمـا *** لكان قليلاً فيك يابن كثير[43]

رحمه الله رحمة واسعة ، وجزاه الله عن الإسلام والقرآن خير الجزاء .

المراجع :
[1] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177. السيوطي: طبقات الحفاظ 1/ 112.

[2] ابن تغري بردي : السابق نفسه ، الصفحة نفسها .

[3] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص55 ، 56 .

[4] السابق نفسه ص68.

[5] ابن كثير: البداية والنهاية 14/ 32.

[6] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص66- 69.

[7] ابن كثير: البداية والنهاية 14/150- 312 .

[8] ابن حجر: إنباء الغمر بأبناء العمر 1/ 39 . ابن العماد الحنبلي : شذرات الذهب 6/ 231. ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 416. د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص119.

[9] الذهبي : معجم محدثي الذهبي (المعجم المختص) ص56 . وانظر: المنهل الصافي 2/ 416.

[10] الداودي : طبقات المفسرين 1/ 111. النعيمي : الدارس في تاريخ المدارس 1/36.

[11] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص121.

[12] السابق نفسه ص123.

[13] الداودي: طبقات المفسرين 1/ 111.

[14] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص123.

[15] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص124.

[16] السابق نفسه ص126.

[17] السابق نفسه ص130.

[18] مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان وأن الإيمان يزيد وينقص وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان (49) . و النسائي (5008) ، وأحمد (11166) .

[19] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص130، 131.

[20] ابن كثير: البداية والنهاية 14/131، 132. د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص132- 135.

[21] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص137- 140.

[22] ابن تغري بردي : المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.

[23] ابن قاضي شهبة : طبقات الشافعية 1/ 156. ابن تغري بردي: السابق نفسه ، الصفحة نفسها .

[24] ابن العماد الحنبلي : شذرات الذهب 7/ 49. السخاوي : الضوء اللامع 3/ 254.

[25] ابن قاضي شهبة : طبقات الشافعية 1/ 156.

[26] ابن الجزري : طبقات القراء 2/ 247. السخاوي : الضوء اللامع 9/ 255. الزركلي : الأعلام 7/ 274.

[27] ابن حجر: الدرر الكامنة 4/ 17.

[28] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص150- 152.

[29] السابق نفسه ص216- 218.

[30] ابن كثير : تفسير القرآن العظيم 1/ 4.

[31] د. محمد الزحيلي : ابن كثير الدمشقي ص218- 222.

[32] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.

[33] السيوطي : طبقات الحفاظ 1/ 112.

[34] السيوطي : ذيل طبقات الحفاظ ص361 .

[35] ابن تغري بردي : المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 2/ 415.

[36] ابن حجر: إنباء الغمر 1/ 12.

[37] الزركلي : الأعلام 1/ 320.

[38] السيوطي : طبقات الحفاظ 1/ 112.

[39] ابن حجر: الدرر الكامنة 1/ 125. السيوطي: السابق نفسه 1/ 112.

[40] ابن حجر: السابق نفسه ، الصفحة نفسها .

[41] ابن تغري بردي: المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي 1/ 177.

[42] ابن قاضي شهبة : طبقات الشافعية 1/ 156. ابن تغري بردي : السابق نفسه ، الصفحة نفسها .

[43] ابن تغري بردي : السابق نفسه ، الصفحة نفسها .






 
 توقيع : ريحانة بغداد




رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 12:32 AM   #30


الصورة الرمزية ريحانة بغداد
ريحانة بغداد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6091
 تاريخ التسجيل :  16 - 5 - 2015
 أخر زيارة : 10-09-2024 (01:40 AM)
 المشاركات : 184,955 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



أبو أمامة بن سهل

نسبه وقبيلته :


أبو أمامة بن سهل بن حنيف بن وهب الأنصاري من بني عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس
اسمه أسعد سماه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) باسم جده أبي أمامة أسعد بن زرارة أبي أمه
وكناه بكنيته ودعا له وبرك عليه .(1)


من الأحاديث التي رواها عن رسول الله :

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف :

( عن النبي صلى الله عليه وسلم
أتُيَّ بامرأة قد زنت فقال ممن قالت من المقعد الذي في حائط سعد
فأرسل إليه فأتي به محمولا فوضع بين يديه
فاعترف فدعا رسول الله ( صلى الله عليه و سلم )
باثكال فضربه ورحمه لزمانته و خفف عنه .(2) )

وروي ابن ماجة في سننه عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف
أن رجلا رمى رجلا بسهم فقتله .
وليس له وارث إلا خال .
فكتب في ذلك أبو عبيدة بن الجراح إلى عمر .
فكتب إليه عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( الله و رسوله مولى من لا مولى له ،
و الخال وارث من لا وارث له ) .

الوفاة :

وتوفي أبو أمامة بن سهل بن حنيف سنة مائة
وهو ابن نيف وتسعين سنة (3) .


المصادر:

1- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 509 ]
2- سنن النسائي [ جزء 8 - صفحة 242 ]
3- الاستيعاب [ جزء 1 - صفحة 27 ]


 
 توقيع : ريحانة بغداد



التعديل الأخير تم بواسطة ريحانة بغداد ; 01-06-2016 الساعة 12:35 AM

رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 12:39 AM   #31


الصورة الرمزية ريحانة بغداد
ريحانة بغداد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6091
 تاريخ التسجيل :  16 - 5 - 2015
 أخر زيارة : 10-09-2024 (01:40 AM)
 المشاركات : 184,955 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



أبو بصير


نسبه
هو أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة .

موقف أبي بصير مع الرسول :

لما قدم رسول الله المدينة واطمأن بها أقبل إليه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة ,
فكتب إلى رسول الله الأخنس بن شريق الثقفي ولأزهر بن عبد عوف وبعثا بكتابهما مع مولى لهما
ورجل من بني عامر بن لؤي استأجره ليرد عليهم صاحبهم أبا بصير ,

فقدما على رسول الله ودفعا إليه كتابهما فدعا رسول الله أبا بصير
فقال له :

( يا أبا بصير إن هؤلاء القوم قد صالحونا على ما قد عملت وإنا لا نغدر فالحق بقومك )
فقال : يا رسول الله تردني إلى المشركين يفتنوني في ديني !
فقال رسول الله :

( اصبر يا أبا بصير واحتسب فإن الله جاعلاً لك و لمن معك
من المستضعفين من المؤمنين فرجًا ومخرجًا )

قال : فخرج أبو بصير وخرجا حتى إذا كانوا بذي الحليفة جلسوا إلى سور جدار
فقال أبو بصير للعامري : أصارم سيفك قال : نعم . قال : أنظر إليه ,
قال : إن شئت , فاستله فضرب به عنقه وخرج المولى يشتد,
وطلع على رسول الله وهو جالس في المسجد ,
فلما رآه قال :

( هذا رجل قد رأى فزعًا )
فلما انتهى إليه قال : قتل صاحبكم صاحبي . فما برح حتى طلع أبو بصير متوشحًا السيف ,
فوقف على رسول الله فقال : يا رسول الله , وفت ذمتك وقد امتنعت بنفسي ,
فقال رسول الله :

( ويل أمه ! محش حرب لو كان معه رجال )

فخرج أبو بصير حتى نزل بالعيص وكان طريق أهل مكة إلى الشام فسمع به من كان بمكة
من المسلمين فلحقوا به , حتى كان في عصبة من المسلمين قريبًا من ستين أو سبعين ,
وكانوا لا يظفرون برجل من قريش إلا قتلوه ولم يمر بهم عير إلا اقتطعوها ,
حتى كتبت فيهم قريش إلى رسول الله يسألونه بأرحامهم لما آواهم فلا حاجة لنا بهم ,
ففعل رسول الله فقدموا عليه المدينة ,
وقيل : إن أبا جندل بن سهيل بن عمرو كان ممن لحق بأبي بصير وكان عنده .

وفاة أبي بصير :

قدم كتاب رسول الله على أبي جندل وأبو بصير يموت , فمات وكتاب رسول الله بيده يقرؤه ,
فدفنه أبو جندل مكانه وصلى عليه و بنى على قبره مسجدًا ،
وذكر ابن إسحاق هذا الخبر بهذا المعنى وبعضهم يزيد فيه على بعض
والمعنى متقارب إن شاء الله تعالى .

المراجع :

- سنن البيهقي الكبرى .
- أسد الغابة .
- الاستيعاب .






 
 توقيع : ريحانة بغداد




رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 12:43 AM   #32


الصورة الرمزية ريحانة بغداد
ريحانة بغداد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6091
 تاريخ التسجيل :  16 - 5 - 2015
 أخر زيارة : 10-09-2024 (01:40 AM)
 المشاركات : 184,955 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



الإمام الطبري

اسمه ومولده

هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري رحمه الله تعالى ، يُكنى بـأبي جعفر، وعُرف بذلك ، واتفق المؤرخون على أنه لم يكن له ولد يسمى بـجعفر، بل إنه لم يتزوج أصلاً ، ولكنه تكنَّى التزامًا بآداب الشرع الحنيف ، فقد كان النبي يُطلِق الكُنَى على أصحابه [1] .

وُلِد سنة 224هـ/ 839م[2] ، وكانت ولادته بآمُل عاصمة إقليم طبرستان[3] . قال الخطيب البغدادي : " استوطن الطبري بغداد ، وأقام بها إلى حين وفاته "[4] .

طفولته و تربيته
نشأ الطبري بآمل ، وتربى في أحضان والده وغمره برعايته ، وتفرس فيه النباهة والذكاء والرغبة في العلم فتولى العناية به ووجَّهه منذ الطفولة إلى حفظ القرآن الكريم ، كما هي عادة المسلمين في مناهج التربية الإسلامية ، وخاصةً أن والده رأى رؤيا تفاءل بها خيرًا عند تأويلها .

فقد رأى أبوه رؤيا في منامه أن ابنه واقف بين يدي الرسول ومعه مخلاة مملوءة بالأحجار، وهو يرمي بين يدي رسول الله ، وقصَّ الأب على مُعَبِّرٍ رؤياه فقال له :
" إن ابنك إن كبر نصح في دينه ، وذبَّ عن شريعة ربه ".

ويظهر أن الوالد أخبر ولده بهذه الرؤيا وقصها عليه عدة مرات ؛ فكانت حافزًا له على طلب العلم والجد والاجتهاد فيه والاستزادة من معينه ، والانكباب على تحصيله ثم العمل به ، والتأليف فيه ؛ ليدافع عن الحق والدين [5] .

وظهرت على الطبري في طفولته سمات النبوغ الفكري ، وبدت عليه مخايل التفتح الحاد والذكاء الخارق والعقل المتقد ، والملكات الممتازة ،
وأدرك والده ذلك فعمل على تنميتها وحرص على الإفادة والاستفادة منها ؛ فوجَّهه إلى العلماء ومعاهد الدراسة ، وساعده على استغلال كل هذه الطاقات دون أن يشغله بشيء من شئون الحياة ومطالبها ، وخصص له المال للإنفاق على العلم والتعلم ، وسرعان ما حقق الطبري أحلام والده ، وزاد له في آماله وطموحه .

وقد حرص والده على إعانته على طلب العلم منذ صباه ، ودفعه إلى تحصيله ، فما كاد الصبي الصغير يبلغ السن التي تؤهله للتعليم ، حتى قدمه والده إلى علماء آمل ، وشاهدته دروب المدينة ذاهبًا آيبًا يتأبط دواته وقرطاسه .

وسرعان ما تفتح عقله ، وبدت عليه مخايل النبوغ والاجتهاد ، حتى قال عن نفسه :
" حفظت القرآن ولي سبع سنين ، وصليت بالناس وأنا ابن ثماني سنين ، وكتبت الحديث وأنا في التاسعة "[6].

ملامح شخصيته وأخلاقه
تمتع الإمام الطبري رحمه الله بمواهب فطرية متميزة ، جبله الله عليها، وتفضل عليه بها ، كما حفلت حياته بمجموعة من الصفات الحميدة ، والأخلاق الفاضلة ، والسيرة المشرفة ؛ ومن هذه الصفات :

1- نبوغ الطبري و ذكاؤه :
إن كثيرًا من صفات الإنسان تكون هبة من الله ، وعطاءً مباركًا من الخالق البارئ ، ولا دخل للإنسان فيها ، والله يختص برحمته من يشاء ، ويفضل بعض الناس على بعض ، ويرزق المواهب الخاصة لمن يشاء من عباده .
وكان الطبري - رحمه الله - موهوب الغرائز، وقد حباه الله بذكاء خارق ، وعقل متقد ، وذهن حاد ، وحافظة نادرة ، وهذا ما لاحظه فيه والده ، فحرص على توجيهه إلى طلب العلم وهو صبي صغير، وخصص له موارد أرضه لينفقها على دراسته وسفره وتفرغه للعلم. و مما يدل على هذا الذكاء أنه رحمه الله حفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين ، وصلى بالناس وهو ابن ثماني سنين ، وكتب الحديث وهو ابن تسع سنين [7] .

2- حفظ الطبري :
كان الطبري رحمه الله يتمتع بحافظة نادرة ، ويجمع عدة علوم ، ويحفظ موضوعاتها وأدلتها وشواهدها ، وإن كُتُبه التي وصلتنا لأكبر دليل على ذلك ، حتى قال عنه أبو الحسن عبد الله بن أحمد بن المفلس :
" والله إني لأظن أبا جعفر الطبري قد نسي مما حفظ إلى أن مات ما حفظه فلان طول عمره " [8] .

3- ورع الطبري وزهده :
وهاتان الصفتان من فضائل الأخلاق ، ومن أشد الصفات التي يجب أن يتحلى بها العالم والداعية ، والمربِّي والإمام، وكان الطبري رحمه الله على جانبٍ كبير من الورع والزهد والحذر من الحرام ، والبُعد عن مواطن الشُّبَه ، و اجتناب محارم الله تعالى ، و الخوف منه ، و الاقتصار في المعيشة على ما يَرِدُهُ من ريع أرضه وبستانه الذي خلَّفه له والده [9] .


قال عنه ابن كثير:
" و كان من العبادة و الزهادة والورع والقيام في الحق لا تأخذه في ذلك لومة لائم ، ... و كان من كبار الصالحين "[10].
وكان الطبري رحمه الله زاهدًا في الدنيا، غير مكترث بمتاعها و مفاتنها ، وكان يكتفي بقليل القليل أثناء طلبه للعلم، وبما يقوم به أوده ، ويمتنع عن قبول عطايا الملوك والحكام والأمراء[11] .

4- عفة الطبري وإباؤه :
وكان الطبري رحمه الله عفيف اللسان ، يحفظه عن كل إيذاء؛ لأن فعل اللسان قد يتجاوز في بعض الأحيان السنان ، ولأن جرح السيف قد يُشفى ويبرأ ، ولكن هيهات أن يُشفى جرح اللسان . وكان الطبري متوقفًا عن الأخلاق التي لا تليق بأهل العلم ولا يؤثرها إلى أن مات، ولما كان يناظر مرة داود بن علي الظاهري في مسألة، فوقف الكلام على داود ، فشق ذلك على أصحابه ، فقام رجل منهم ، وتكلم بكلمة مَضَّة وموجعة لأبي جعفر ، فأعرض عنه ، ولم يرد عليه ، وترفَّع عن جوابه، وقام من المجلس، وصنَّف كتابًا في هذه المسألة والمناظرة[12] .

و كان الطبري عفيف النفس أكثر من ذلك ، فهو مع زهده لا يسأل أحدًا ، مهما ضاقت به النوائب ، ويعفُّ عن أموال الناس ، ويترفع عن العطايا[13] .

5- تواضع الطبري وعفوه :
كان الطبري شديد التواضع لأصحابه و زواره و طلابه ، دون أن يتكبر بمكانته ، أو يتعالى بعلمه ، أو يتعاظم على غيره ، فكان يُدعى إلى الدعوة فيمضي إليها ، ويُسأل في الوليمة فيجيب إليها [14] .

وكان رحمه الله لا يحمل الحقد والضغينة لأحد ، وله نفس راضية ، يتجاوز عمن أخطأ في حقه، ويعفو عمن أساء إليه [15] .

وكان محمد بن داود الظاهري قد اتهم الطبري بالأباطيل ، وشنَّع عليه ، وأخذ بالرد عليه ؛ لأن الطبري ناظر والده ، و فنَّد حججه ، وردَّ آراءه ، فلما التقى الطبري مع محمد بن داود تجاوز عن كل ذلك ، وأثنى على علم أبيه ، حتى وقف الولد عن تجاوز الحد ، و إشاعة التهم على الطبري [16].

ومع كل هذا التواضع ، وسماحة النفس ، والعفو والصفح ، كان الطبري لا يسكت على باطل ، ولا يمالئ في حق ، ولا يساوم في عقيدة أو مبدأ ؛ فكان يقول الحق ، ولا تأخذه في الله لومة لائم ، ثابت الجنان ، شجاع القلب ، جريئًا في إعلان الصواب مهما لحق به من أذى الجهال ، ومضايقة الحساد ، و تخرصات الحاقدين [17] .

شيوخه
من أشهر شيوخ الطبري : محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب ، وإسحاق بن أبي إسرائيل ، وأحمد بن منيع البغوي ، ومحمد بن حميد الرازي ، وأبو همام الوليد بن شجاع ، وأبو كريب محمد بن العلاء ، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي ، وأبو سعيد الأشج ، وعمرو بن علي ، ومحمد بن بشار، ومحمد بن المثنى ، وخلق كثير نحوهم من أهل العراق والشام ومصر [18] .

تلاميذه
من أشهر تلامذته : أحمد بن كامل القاضي ، ومحمد بن عبد الله الشافعي ، ومخلد بن جعفر[19] ، وأحمد بن عبد الله بن الحسين الجُبْني الكبائي [20] ، وأحمد بن موسى بن العباس التميمي [21] ، وعبد الله بن أحمد الفرغاني ، وعبد الواحد بن عمر بن محمد أبو طاهر البغدادي البزاز [22] ، ومحمد بن أحمد بن عمر أبو بكر الضرير الرملي [23] ، ومحمد بن محمد بن فيروز [24] ، وخلق كثير غيرهم .

مؤلفاته :
ترك لنا الطبري ثروة علمية تدل على غزارة علمه ، وسعة ثقافته ،، ودقته في اختيار العلوم الشرعية والأحكام المتعلقة بها ، وكان له قلم سيَّال ، ونَفَس طويل ، وصبر في البحث والدرس ، فكان يعتكف على التصنيف ، وكتابة الموسوعات العلمية في صنوف العلوم ، مع ما منَّ الله عليه من ذكاء خارق ، وعقل راجح متفتح ، وجَلَد على تحمل المشاق ؛

ومن هذه المؤلفات :
1- جامع البيان في تأويل القرآن ، المعروف بتفسير الطبري .
2- تاريخ الأمم والملوك ، المعروف بتاريخ الطبري .
3- كتاب ذيل المذيل .
4- اختلاف علماء الأمصار في أحكام شرائع الإسلام ، المعروف باختلاف الفقهاء وهو في علم الخلاف .
5- لطيف القول في أحكام شرائع الإسلام ، وهو كتاب فقه في المذهب الجريري .
6- الخفيف في أحكام شرائع الإسلام ، وهو في تاريخ الفقه .
7- بسط القول في أحكام شرائع الإسلام ، وهو في تاريخ الفقه الإسلامي و رجاله وأبوابه .
8- تهذيب الآثار وتفصيل الثابت عن رسول الله من الأخبار ، وسماه القفطي (شرح الآثار) وهو كتاب في الحديث ، بقيت منه بقايا طُبعت في أربع مجلدات .
9- آداب القضاة ، وهو في الفقه عن أحكام القضاء وأخبار القضاة .
10- أدب النفوس الجيدة والأخلاق الحميدة .
11- كتاب المسند المجرد ، ذكر فيه الطبري حديثه عن الشيوخ ، بما قرأه على الناس .
12- الرد على ذي الأسفار ، وهو ردٌّ على داود بن علي الأصبهاني مؤسِّس المذهب الظاهري .
13- كتاب القراءات وتنزيل القرآن ، ويوجد منه نسخة خطية في الأزهر.
14- صريح السنة ، وهي رسالة في عدة أوراق في أصول الدين .
15- البصير في معالم الدين. وهو رسالة في أصول الدين ، كتبها لأهل طبرستان فيما وقع بينهم من الخلاف في الاسم والمسمى ، وذكر مذاهب أهل البدع ، والرد عليهم .
16- فضائل علي بن أبي طالب ، وهو كتاب في الحديث والتراجم ، ولم يتمه الطبري رحمه الله .
17- فضائل أبي بكر الصديق وعمر، ولم يتمه .
18- فضائل العباس ، ولم يتمه .
19- كتاب في عبارة الرؤيا في الحديث ، ولم يتمه .
20- مختصر مناسك الحج .
21- مختصر الفرائض .
22- الرد على ابن عبد الحكم على مالك ، في علم الخلاف والفقه المقارن .
23- الموجز في الأصول ، ابتدأه برسالة الأخلاق ، ولم يتمه .
24- الرمي بالنشاب ، أو رمي القوس ، وهو كتاب صغير، ويُشك في نسبته إلى الطبري .
25- الرسالة في أصول الفقه . ذكرها الطبري في ثنايا كتبه ، ولعلها على شاكلة الرسالة للإمام الشافعي في أصول الاجتهاد والاستنباط .
26- العدد و التنزيل .
27- مسند ابن عباس . ولعله الجزء الخاص من كتاب (تهذيب الآثار) ، وطبعت البقية الباقية منه في مجلدين .
28- كتاب المسترشد .
29- اختيار من أقاويل الفقهاء [25].

منهجه في التفسير
لقد لخص لنا الأستاذ الفاضل محمد محمود الحلبي - في كلمة الناشر للطبعة الثالثة - منهجَ الطبري باختصار فقال: "وهو تفسير ذو منهج خاص، يذكر الآية أو الآيات من القرآن، ثم يعقبها بذكر أشهر الأقوال التي أُثرت عن الصحابة والتابعين من سلف الأمة في تفسيرها، ثم يورد بعد ذلك روايات أخرى متفاوتة الدرجة في الثقة والقوة في الآية كلها أو في بعض أجزائها بناءً على خلافٍ في القراءة أو اختلاف في التأويل، ثم يعقِّب على كل ذلك بالترجيح بين الروايات واختيار أولاها بالتقدمة، وأحقها بالإيثار، ثم ينتقل إلى آية أخرى فينهج نفس النهج: عارضًا ثم ناقدًا ثم مرجِّحًا".

"وهو إذ ينقد أو يرجِّح يردُّ النقد أو الترجيح إلى مقاييس تاريخية من حال رجال السند في القوة والضعف، أو إلى مقاييس علمية وفنية: من الاحتكام إلى اللغة التي نزل بها الكتاب، نصوصها وأقوال شعرائها، ومن نقد القراءة وتوثيقها أو تضعيفها، ومن رجوع إلى ما تقرر بين العلماء من أصول العقائد، أو أصول الأحكام أو غيرهما من ضروب المعارف التي أحاط بها ابن جرير، وجمع فيها مادة لم تجتمع لكثير من غيره من كبار علماء عصره"[26].

آراء العلماء فيه :
قال عنه ياقوت الحموي : " أبو جعفر الطبري المحدِّث ، الفقيه ، المقرئ ، المؤرِّخ ، المعروف ، المشهور"[27] .

وقال الخطيب البغدادي: " كان أحد أئمة العلماء، يُحكم بقوله ، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، وكان حافظًا لكتاب الله ، عارفًا بالقراءات كلها ، بصيرًا بالمعاني، فقيهًا في أحكام القرآن ، عالمًا بالسنن وطرقها : صحيحها و سقيمها ، و ناسخها و منسوخها ، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم ...، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم "[28] .

وقال القفطي : " العالم الكامل ، الفقيه ، المقرئ ، النحوي ، اللغوي ، الحافظ، الإخباري ، جامع العلوم ، لم يُرَ في فنونه مثله ، وصنف التصانيف الكبار"[29] . وقال عنه محمد بن إسحاق بن خزيمة : "ما أعلم على الأرض أعلم من محمد بن جرير"[30] .

و قال ابن كثير: " كان أحد أئمة الإسلام علمًا وعملاً بكتاب الله وسُنَّة رسوله "[31]. وقال الإمام الذهبي : " الإمام الجليل ، المفسر أبو جعفر، صاحب التصانيف الباهرة ... من كبار أئمة الإسلام المعتمدين "[32] .
وقال عنه الذهبي أيضًا : " كان ثقة حافظًا صادقًا ، رأسًا في التفسير، إمامًا في الفقه والإجماع والاختلاف ، عَلاَّمةً في التاريخ وأيام الناس ، عارفًا بالقراءات واللغة ، وغير ذلك "[33] .

وقال عنه ابن تغري بردي : " وهو أحد أئمة العلم ، يُحكم بقوله ، ويُرجع إلى رأيه ، و كان متفننًا في علوم كثيرة ، وكان واحد عصره "[34] .

آراء العلماء في مؤلفاته
احتل تفسير الطبري سويداء القلب عند العلماء على مر العصور في القديم والحديث، وحظي بالرعاية والعناية، وأثنى عليه الأئمة والعلماء والمؤرخون والمفسرون، وسطروا الجمل المذهبة حوله، وعلقوا عليه أوسمة الفخار. قال عنه الإمام النووي: "لم يصنف أحد مثله"[35].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وتفسير محمد بن جرير الطبري هو من أجلِّ التفاسير وأعظمها قدرًا ..."[36] . و قال أيضًا : "وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير محمد بن جرير الطبري ، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير والكلبي"[37].

و قال مؤرِّخ الإسلام الذهبي: "وله كتاب التفسير، لم يصنف أحد مثله "[38]. وقال عنه القفطي : "وصنف التصانيف الكبار، منها تفسير القرآن الذي لم يُرَ أكبر منه ، ولا أكثر فوائد "[39].
وقال السيوطي في الإتقان : "وكتابه أجلُّ التفاسير وأعظمها ... فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض ، و الإعراب والاستنباط ، فهو يفوقها بذلك "[40] .


وقال الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: " فكان جديرًا بالتفسير حين تناوله الطبري بتلك المشاركة الواسعة، وذلك التفنُّن العجيب أن يبلغ به أوجه ، وأن يستقر على الصورة الكاملة التي تجلت فيها منهجيته، وبرزت بها خصائصه مسيطرة على كل ما ظهر من بعده من تآليف لا تحصى في التفسير "[41].

وقال أبو حامد الإسفراييني الفقيه : " لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصِّل تفسير ابن جرير، لم يكن كثيرًا "[42] .

وفاته
عاش الطبري راهبًا في محراب العلم والعمل حتى جاءته الوفاة ولا رادَّ لأمر الله . قال الخطيب : "واجتمع عليه (حال الجنازة) من لا يحصيهم عددًا إلا الله، وصُلِّي على قبره عدة شهور ليلاً ونهارًا ، ورثاه خلق كثير من أهل الدين والأدب "[43]. وكان ذلك في يوم 26 من شهر شوال سنة 310هـ/ 923م على الأرجح، في عصر الخليفة العباسي المقتدر بالله، ودُفِن في داره الكائنة برحبة يعقوب ببغداد [44].

المصادر :[1] ابن كثير: البداية والنهاية 11/ 165.
[2] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 48.
[3] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[4] الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/ 549.

[5] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 49. د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص31.
[6] ياقوت الحموي: السابق نفسه، الصفحة نفسها. د/ فؤاد سيزكين: تاريخ التراث العربي 1/ 159. د/ محمد الزحيلي: السابق نفسه ص37.
[7]ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 49. د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص61، 62.
[8] ياقوت الحموي: السابق نفسه 18/ 69. د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص62.
[9] تاج الدين السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 3/ 125.

[10] ابن كثير: البداية والنهاية 11/ 166.
[11] د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص68.
[12] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 78، 79.
[13] د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص71.

[14] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 89.
[15] السابق نفسه 18/ 84.
[16] السابق نفسه 18/ 80. ابن كثير: البداية والنهاية 11/ 146.
[17] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 85، 86. د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص76.
[18] الخطيب البغدادي: تاريخ بغدد 2/ 548.

[19] السابق نفسه، الصفحة نفسها.
[20] ابن الجزري: غاية النهاية في طبقات القراء 1/ 72.
[21] السابق نفسه 1/ 139، 140.
[22] السابق نفسه 1/ 475.
[23] السابق نفسه 2/ 77.
[24] السابق نفسه 2/ 247.
[25] د/ محمد الزحيلي: الإمام الطبري ص51- 53.

[26] تفسير الطبري 1/ 4.
[27] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 40.
[28] الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/ 550.

[29] القفطي: إنباه الرواة 3/ 89.
[30] الذهبي: العبر في خبر من غبر 1/ 460.
[31] ابن كثير: البداية والنهاية 11/ 146.
[32] الذهبي: ميزان الاعتدال 3/ 498، 499.
[33] الذهبي: سير أعلام النبلاء 14/ 270.

[34] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 3/ 205.
[35] الإمام النووي: تهذيب الأسماء واللغات 1/ 78.
[36] ابن تيمية: مجموع الفتاوى الكبرى 13/ 361.
[37] السابق نفسه 13/ 385.
[38] الذهبي: سير أعلام النبلاء 14/ 270.

[39] القفطي: إنباه الرواة 3/ 89.
[40] السيوطي: الإتقان في علوم القرآن 2/ 190.
[41] الشيخ محمد الفاضل بن عاشور: التفسير ورجاله ص31.
[42] الذهبي: العبر في خبر من غبر 1/ 460.
[43] الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/ 554.

[44] ياقوت الحموي: معجم الأدباء 18/ 40. القفطي: إنباه الرواة 3/ 90. تاج الدين السبكي: طبقات الشافعية الكبرى 3/ 126. ابن خلكان: وفيات الأعيان 3/ 332. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2/ 166.


 
 توقيع : ريحانة بغداد




رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 12:50 AM   #33


الصورة الرمزية ريحانة بغداد
ريحانة بغداد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6091
 تاريخ التسجيل :  16 - 5 - 2015
 أخر زيارة : 10-09-2024 (01:40 AM)
 المشاركات : 184,955 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



عمر رضي الله عنه


لامير المؤمنين عمر رضي الله عنه صفحة مشرقة من التاريخ الإسلامي الذي بهر كل تاريخ وفاقه والذي لم تحوِ تواريخ الأمم مجتمعة بعض ما حوى من الشرف والمجد والإخلاص والجهاد والدعوة في سبيل الله
من فضائله رضي الله عنه انه يلي ابا بكر الصديق في الفضل فهو افضل الناس بعد الانبياء و المرسلين و ابي بكر .


و قد وردت احاديث بفضائله رضي الله عنه منها :

1_ ايمانه وعلمه ودينه : عن عبدالله بن هشام انه قال :
كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب

( فقال له عمر يا رسول الله لأنت احب اليّ من كل شيء الا من نفسي
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا والذي نفسي بيده حتى اكون احب اليك من نفسك
فقال له عمر فانه الآن والله لأنت احب اليّ من نفسي
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر )
صحيح المسند في فضائل الصحابه 66
2_ هيبته و خوف الشيطان منه :
قال ابن حجر ان الشيطان لا سبيل عليه منه وكان الشيطان اذا راه في طريق فرَّ منه
3_ملهم هذه الامة :
قال رسول الله لقد كان فيمن قبلكم من الامم محدثون فان يك في امتي احد فانه عمر
4_صلاة التراويح :
هو اول من جمع الناس على صلاة التراويح بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

اسمه ونسبه وكنيته وألقابه :
هو عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العُزَّى بن رياح بن عبد الله بن قرُط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي العدوي يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي بن غالب ويكنى أبا حفص

القابه , ومولده , وأسرته :
لقب بالفاروق لأنه أظهر الإسلام بمكة ففرّق الله به بين الكفر والإيمان
هو اول من لقبه الصحابة بامير المؤمنين وفي رواية أن عمر رضي الله عنه قال أنتم المؤمنون وأنا أميركم فهو سمى نفسه
مولده رضي الله عنه ولد بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة
والده هو الخطاب بن نفيل و والدته هي حنتمة بنت هاشم بن المغيرة وقيل بنت هاشم أخت أبي جهل

زوجاته وأبناؤه وبناته
تزوج في الجاهلية من زينب بنت مظعون وولدت له عبد الله وعبد الرحمن الأكبر وحفصة
وتزوج مليكة بنت جرول فولدت له عبيد الله فطلقها في الهدنة
وتزوج قُرَيْبة بنت أبي أمية المخزومي ففارقها في الهدنة
وتزوج أم حكيم بنت الحارث بن هشام و ولدت له فاطمة ثم طلقها
وتزوج جميلة بنت عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح من الأوس
وتزوج عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نُفيل
وتزوج أمّ كلثوم بنت علي بن أبي طالب وولدت له زيداً ورقية
وتزوج لُهْيَة امرأة من اليمن وولدت له عبد الرحمن الأصغر
وجملة أولاده رضي الله عنه ثلاثة عشر ولداً وهم زيد الأكبر وزيد الأصغر وعاصم وعبد الله وعبد الرحمن الأكبر وعبد الرحمن الأوسط وعبد الرحمن الأصغر وعبيد الله وعياض وحفصة ورقية وزينب وفاطمة رضي الله عنهم ومجموع نسائه اللاتي تزوجهن في الجاهلية والإسلام ممن طلقهن أو مات عنهن سبع وكان رضي الله عنه يتزوج من أجل الانجاب والإكثار من الذرية فقد قال رضي الله عنه : ما آتي النساء للشهوة ولولا الولد ما باليت ألا أرى امرأة بعيني .

حياته في الجاهلية :
أمضى عمر في الجاهلية شطراً من حياته ونشأ كأمثاله من أبناء قريش وامتاز عليهم بأنه كان ممن تعلموا القراءة وهؤلاء كانوا قليلين جدا وقد حمل المسؤولية صغيرا ونشأ نشأة غليظة شديدة لم يعرف فيها ألوان الترف ولا مظاهر الثروة ودفعه أبوه الخطاب في غلظة وقسوة إلى المراعي يرعى إبله وتركت هذه المعاملة القاسية من أبيه أثراً سيئاً في نفس عمر رضي الله عنه فظل يذكرها طيلة حياته ولقد عاش عمر في الجاهلية وسبر أغوارها وعرف حقيقتها وتقاليدها وأعرافها ودافع عنها بكل ما يملك من قوة ولذلك لما دخل في الإسلام عرف جماله وحقيقته وتيقن الفرق الهائل بين الهدى والضلال والكفر والإيمان والحق والباطل ولذلك قال قولته المشهورة : إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية

إسلامه :
كان أول شعاعة من نور الإيمان لامست قلبه يوم رأى نساء قريش يتركن بلدهن ويرحلن إلى بلد بعيد عن بلدهن بسبب ما لقين منه ومن أمثاله فرق قلبه وعاتبه ضميره فرثى لهن وأسمعهن الكلمة الطيبة التي لم يكنّ يطمعن أن يسمعن منه مثلها ولما سمع عمر أن أخته وزوجها قد أسلما احتمله الغضب وذهب إليهم فلما قرع الباب قالوا من هذا؟
قال ابن الخطاب وكانوا يقرؤون كتاباً في أيديهم فلما سمعوا حس عمر قاموا مبادرين فاختبئوا ونسوا الصحيفة على حالها فلما دخل ورأته أخته عرفت الشر في وجهه فخبأت الصحيفة تحت فخذها قال ما هذه الْهَيْنَمَة والصوت الخفي التي سمعته عندكم ؟

وكانوا يقرؤون طه فتشاجرعمر و سعيد و كان عمر رضي الله عنه قوياً شديدا فضرب بسعيد و ضرب أخته وفأدمى وجهها له يا عدو الله أتضربني على أن أوحّد الله ؟ قال نعم قالت ما كنت فاعلاً فأفعل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله لقد أسلمنا على رغم أنفك فلما سمعها عمر ندم وقام عن صدر زوجها فقعد ثم قال أعطوني هذه الصحيفة التي عندكم فأقرأها فقالت أخته لا أفعل قال ويحك قد وقع في قلبي ما قلت فأعطينيها أنظر إليها وأعطيك من المواثيق أن لا أخونك حتى تحرزيها حيث شئت قالت إنك رجس

}لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ {

قم فاغتسل أو توضأ فخرج عمر ليغتسل ورجع إلى أخته فدفعت إليه الصحيفة وكان فيها طه وسور أخرى فرأى فيها

بسم الله الرحمن الرحيم
فلما مرّ بالرحمن الرحيم ذعر فألقى الصحيفة من يده ثم رجع إلى نفسه فأخذها فإذا فيها

} طه 1 مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى 2 إِلاَّ تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى 3
تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأرض وَالسَّمَواتِ الْعُلاَ 4
الرحمن عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى 5
لَهُ مَا فِي السَّمَواتِ وَمَا فِي الأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى 6
وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى 7
اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأسْمَاءُ الْحُسْنَى 8{طه الآيات 1-8

فعظمت في صدره فقال من هذا فرّت قريش
فقال دلوني على محمد .

وسمعه خبّاب رضي الله عنه قال أبشر يا عمره فإني أرجو أن تكون قد سبقت فيك دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين " اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل بن هشام أو بعمر بن الخطاب
واسلم عمر بعد لقاءه بالنبي صلى الله عليه و سلم
ولقد أعز الله الإسلام والمسلمين بإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعد اسلامه تحدى عمر رضي الله عنه مشركي قريش فقاتلهم حتى صلى عند الكعبة وصلى معه المسلمون .

صفاته :
ان مفتاح شخصيه إيمانه بالله تعالى والاستعداد لليوم الآخر وكان هذا الإيمان سبباً في التوازن المدهش والخلاّب في شخصيته رضي الله عنه ولذلك لم تطغ قوته على عدالته وسلطانه على رحمته ولا غناه على تواضعه وأصبح مستحقاً لتأييد الله وعونه فقد حقق شروط كلمة التوحيد من العلم واليقين والقبول والانقياد والإخلاص والمحبة وكان على فهم صحيح لحقيقة الإيمان وكلمة التوحيد فظهرت آثار إيمانه العميق في حياته والتي من أهمها :

شدة خوفه من الله تعالى بمحاسبته لنفسه , زهده , ورعه , تواضعه , حلمه

هجرته :
لما أراد عمر الهجرة إلى المدينة أبى إلا أن تكون علانية يقول ابن عباس رضي الله عنهما قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ما علمت أن أحداً من المهاجرين هاجر إلا متخفياً إلا عمر رضي الله عنه فإنه لما همّ بالهجرة تقلد سيفه وتنكّب قوسه وانتضى في يده أسهماً واختصر عنزته ومضى قِبل الكعبة فطاف بالبيت ثم أتى المقام فصلى ثم وقف على الحِلَق واحدة واحدة فقال لهم شاهت الوجوه لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس من أراد أن تثكله أُمَه ويوتم ولده أو يرمل زوجه فليلقني وراء هذا الوادي .
قال عليُّ رضي الله عنه فما تبعه أحد إلا قوم من المستضعفين علمهم وأرشدهم ومضى لوجهه . وكان قدوم عمر رضي الله عنه إلى المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان معه من لحق به من أهله وقومه

خلافته :
لما اشتد المرض بأبي بكر جمع الناس إليه فقال إنه قد نزل بي ما قد ترون ولا أظنني إلا ميتا لما بي وقد أطلق الله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي ورد عليكم أمركم فأمروا عليكم من أحببتم فإنكم إن أمرتم في حياتي كان أجدر أن لا تختلفوا بعدي وتشاور الصحابة رضي الله عنهم وكل يحاول أن يدفع الأمر عن نفسه ويطلبه لأخيه إذ يرى فيه الصلاح والأهلية لذا رجعوا إليه فقالوا رأينا يا خليفة رسول الله رأيك قال: فأمهلوني حتى أنظر لله ولدينه ولعباده فدعا أبو بكر عبد الرحمن بن عوف فقال له أخبرني عن عمر بن الخطاب فقال له ما تسألني عن أمر إلا وأنت أعلم به مني فقال أبو بكر وإن فقال عبد الرحمن هو والله أفضل من رأيك فيه ثم دعا عثمان بن عفان فقال أخبرني عن عمر بن الخطاب فقال أنت أخبر به فقال على ذلك يا أبا عبد الله فقال عثمان اللهم علمي به أن سريرته خير من علانيته وأنه ليس فينا مثله فقال أبو بكر يرحمك الله والله لو تركته ما عدتك ثم دعا أسيد بن حضير فقال له مثل ذلك فقال أسيد اللهم أعلمه الخيرة بعدك يرضى للرضا ويسخط للسخط والذي يسر خير من الذي يعلن ولن يلي هذا الأمر أحد أقوى عليه منه وكذلك استشار سعيد بن زيد وعدداً من الأنصار والمهاجرين وكلهم تقريباً كانوا برأي واحد في عمر إلا طلحة بن عبيد الله خاف من شدته فقال لأبي بكر ما أنت قائل لربك إذا سألك عن استخلافك عمر علينا وقد ترى غلظته ؟ فقال أبو بكر أجلسوني أبالله تخوفونني ؟ خاب من تزود من أمركم بظلم أقول اللهم استخلفت عليهم خير أهلك.. وبعد المشاورات قرر ابي بكر استخلاف عمر وقد أخبر عمر بخطواته القادمة فقد دخل عليه عمر فعرفه أبو بكر بما عزم فأبى أن يقبل، فتهدده أبو بكر بالسيف فما كان أمام عمر إلا أن يقبل وأرد الصديق أن يبلغ الناس بلسانه واعياً مدركاً حتى لا يحصل أي لبس فأشرف أبو بكر على الناس وقال لهم أترضون بمن استخلف عليكم فإني والله ما ألوت من جهد الرأي ولا وليت ذا قرابة وإني قد استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فاسمعوا له وأطيعوا فقالوا سمعنا وأطعنا
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال أفرس الناس ثلاثة صاحبة موسى التي قالت يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين وصاحب يوسف حيث قال أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً وأبو بكر حين استخلف عمر

وكلف أبو بكر عثمان رضي الله عنه بأن يتولى قراءة العهد على الناس وأخذ البيعة لعمر قبل موت أبي بكر بعد أن ختمه لمزيد من التوثيق والحرص على إمضاء الأمر دون أي آثار سلبية وقال عثمان للناس أتبايعون لمن في هذا الكتاب ؟ فقالوا نعم فأقروا بذلك جميعاً ورضوا به فبعد أن قرأ العهد على الناس ورضوا به أقبلوا عليه وبايعوه واختلى الصديق بالفاروق وأوصاه بمجموعة من التوصيات لإخلاء ذمته من أي شيء حتى يمضي إلى ربه خالياً من أي تبعة بعد أن بذل قصارى جهده واجتهاده

وباشر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعماله بصفته خليفة للمسلمين فور وفاة أبي بكر رضي الله عنه
وهناك نصوص شرعية أشارت إلى أحقية خلافة الفاروق
1- في نص القرآن الكريم دليل على صحة خلافة أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وعلى وجوب الطاعة لهم وهو أن الله تعالى قال مخاطباً نبيَّه صلى الله عليه وسلم في الأعراب

}فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ
فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِي أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِي عَدُوًّا {
التوبة آية 83

2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريت في المنام أني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوباً أو ذنوبين نزعاً ضعيفاً والله يغفر له ثم جاء عمر بن الخطاب فاستحالت غرباً فلم أر عبقرياً يفري فريه حتى روى الناس وضربوا بعطن

هذا الحديث تضمن الإشارة إلى خلافة الشيخين رضي الله عنهما، كما تضمن الإشارة إلى خلافة الفاروق رضي الله عنه
3- عن حذيفة رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوساً فقال إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر وتمسكوا بهدي عمار وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه في هذا الحديث دلالة صريحة على أحقية خلافة عمر رضي الله عنه
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم إذ رأيت قدحاً أتيت به فيه لبن فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب قالوا فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال العلم
ففي هذا الحديث إشارة إلى أحقية خلافة عمر رضي الله عنه والمراد بالعلم هنا العلم بسياسة الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم

خطبة الفاروق لما تولى الخلافة:

روي أنه لما ولي الخلافة صعد المنبر وهمّ أن يجلس مكان أبي بكر فقال ما كان الله ليراني أرى نفسي أهلاً لمجلس أبي بكر فنزل مرقاة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال اقرؤوا القرآن تعرفوا به واعملوا به تكونوا من أهله وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتزيَّنوا للعرض الأكبر يوم تعرضون على الله لا تخفى منكم خافية إنه لم يبلغ حق ذي حق أن يطاع في معصية الله ألا وإني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن استغنيت عففت وإن افتقرت أكلت بالمعروف . وقال اللهم إني شديد فليِّنِّي وإني ضعيف فقوني وإني بخيل فسخِّني وروي إن أول خطبة كانت قوله إن الله ابتلاكم بي وابتلاني بكم بعد صاحبيّ فوالله لا يحضرني شيء من أمركم فيليه أحد دوني ولا يتغيب عني فآلو فيه عن أهل الجزء يعني الكفاية والأمانة والله لئن أحسنوا لأحسنن إليهم ولئن أساءوا لأنكلنّ بهم فقال من شهد خطبته ورواها عنه فوالله ما زاد على ذلك حتى فارق الدنيا

الشورى :

إن من قواعد الدولة الإسلامية حتمية تشاور قادة الدولة وحكامها مع المسلمين والنزول على رضاهم ورأيهم وإمضاء نظام الحكم بالشورى قال تعالى

}فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنْ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 159{
آل عمران آية 159

وقال تعالى

} وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ38 {
الشورى آية 28

لقد قرنت الآية الكريمة الشورى بين المسلمين بإقامة الصلاة فدل ذلك على أن حكم الشورى كحكم الصلاة وحكم الصلاة واجبة شرعاً فكذلك الشورى واجبة شرعاً وقد اعتمد عمر رضي الله عنه مبدأ الشورى في دولته فكان رضي الله عنه لا يستأثر بالأمر دون المسلمين ولا يستبد عليهم في شأن من الشؤون العامة

العدل والمساواة :
من أهداف الحكم الإسلامي الحرص على إقامة قواعد النظام الإسلامي التي تساهم في إقامة المجتمع المسلم ومن أهم هذه القواعد العدل والمساواة ولا شك أن العدل في فكر الفاروق هو عدل الإسلام الذي هو الدعامة الرئيسية في إقامة المجتمع الإسلامي والحكم الإسلامي فلا وجود للإسلام في مجتمع يسوده الظلم ولا يعرف العدل
إن إقامة العدل بين الناس أفراداً وجماعات ودولاً ليست من الأمور التطوعية التي تترك لمزاج الحاكم أو الأمير وهواه بل إن إقامة العدل بين الناس في الدين الإسلامي تعد من أقدس الواجبات وأهمها وقد اجتمعت الأمة على وجوب العدل

الحريات :
مبدأ الحرية من المبادئ الأساسية ويقضى هذا المبدأ بتأمين وكفالة الحريات العامة للناس كافة ضمن حدود الشريعة الإسلامية وأول دعوة أطلقها في هذا المجال هي دعوته الناس في العديد من الآيات القرآنية لتوحيد الله والتوجه له بالعبادة وحده دون سائر الكائنات والمخلوقات
نفقات الخليفة :

لما كانت الخلافة دينا وقربة يتقرب بها إلى الله تعالى فإن من يتولاها ويحسن فيها فإنه يرجى له مثوبته وجزاؤه عند الله سبحانه وتعالى فإنه يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته قال تعالى

} فَمَنْ يَعْمَلْ مِنْ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ 94 {
الأنبياء آية
94 ذلك بالنسبة للجزاء الأخروي وأما بالنسبة للجزاء الدنيوي فإن الخليفة الذي يحجز منافعه الصالحة للأمة ويعمل على أداء الواجب نحوها يستحق عوضاً على ذلك إذ أن المنافع إذا حجزت قوبلت بعوضين

بدء التاريخ الهجري :
كان رضي الله عنه أول من وضع التاريخ بالهجرة عن عثمان بن عبيد الله قال سمعت سعيد بن المسيب يقول جمع عمر بن الخطاب المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم فقال متى نكتب التاريخ ؟ فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه منذ خرج النبي صلى الله عليه وسلم من أرض الشرك يعني من يوم هاجر قال فكتب ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه

دعاء الفاروق في اخر حجة له :

عن سعيد بن المسيب أن عمر رضي الله عنه لما نفر من منى أناخ بالأبطح فكوم كومة من بطحاء فألقى عليها طرف ثوبه ثم استلقى عليها ورفع يديه إلى السماء فقال اللهم كُبرت سني وضعفت قوتي وانتشرت رعيّتي فأقبضني غير مضيِّع ولا مفرط، ثم قدم المدينة

طلب الفاروق للشهادة :

عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال اللهم ارزقني شهادة في سبيلك واجعل موتي في بلد نبيك وجاء في رواية اللهم قتلاً في سبيلك ووفاة في بلد نبيك فقال عمر رضي الله عنه وأنى يكون ذلك ؟ قال يأتي به الله إذا شاء

محاولة اغتيل عمر :
وبينما عمر هم ليصلي بالناس , قال عمرو بن ميمون إني لقائم ما بيني وبينه إلا عبد الله بن عباس غداة أصيب وكان إذا مرّ بين الصفين قال استووا فإذا استووا تقدّم فكبّر وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس فما هو إلا أن كبَّر فسمعته يقول قتلني أو أكلني الكلب حين طعنه فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمرُّ على أحد يميناً ولا شمالاً إلا طعنه حتى طعن ثلاثة عشر رجلاً مات منهم سبعة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين طرح عليه بُرْنساً فلما ظنّ العلج أنه مأخوذ نحر نفسه لعنه الله

ابتكاره طريقة جديدة في اختيار الخليفة من بعده
استمر اهتمام الفاروق عمر رضي الله عنه بوحدة الأمة ومستقبلها حتى اللحظات الأخيرة من حياته رغم ما كان يعانيه من آلام جراحاته البالغة وهي بلا شك لحظات خالدة تجلى فيها إيمان الفاروق العميق وإخلاصه وإيثاره وقد استطاع الفاروق في تلك اللحظات الحرجة أن يبتكر طريقة جديدة لم يسبق إليها في اختيار الخليفة الجديد وكانت دليلاً ملموساً ومعلماً واضحاً على فقهه في سياسة الدولة الإسلامية والصدّيق لما استخلف عمر كان يعلم أن عند الصحابة أجمعين قناعة بأن عمر أقوى وأقدر وأفضل من يحمل المسؤولية بعده فاستخلفه بعد مشاورة كبار الصحابة ولم يخالف رأيه أحد منهم وحصل الإجماع على بيعة عمر وأما طريقة انتخاب الخليفة الجديد تعتمد على جعل الشورى في عدد محصور فقد حصر ستة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم بدريون وهم علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم جميعاً وترك سعيد بن زيد بن نفيل وهو من العشرة المبشرين بالجنة ولعله تركه لأنه من قبيلته بني عدي

طريقة انتخاب الخليفة :

أمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاوروا وفيهم عبد الله بن عمر يحضرهم مشيراً فقط ويصلي بالناس أثناء التشاور صهيب الرومي وأمر المقداد بن الأسود وأبا طلحة الأنصاري أن يرقبا سير الانتخابات
مدة الانتخابات أو المشاورة :
حددها الفاروق رضي الله عنه بثلاثة أيام وهي فترة كافية وإن زادوا عليها فمعنى ذلك أن شقة الخلاف ستتسع ولذلك قال لهم لا يأتي اليوم الرابع إلا وعليكم أمير

عدد الأصوات الكافية لاختيار الخليفة :

قال لهم إن رضي ثلاثة رجلاً منهم وثلاثة رجلاً منهم فحكّموا عبد الله بن عمر فأي الفريقين حكم له فليختاروا رجلاً منهم فإن لم يرضوا بحكم عبد الله بن عمر فكونوا مع الذين فيهم عبد الرحمن بن عوف ووصف عبد الرحمن بن عوف بأنه مسدد رشيد فاسمعوا منه . طلب عمر أبا طلحة الأنصاري وقال له يا أبا طلحة إن الله عز وجل أعز الإسلام بكم فاختر خمسين رجلاً من الأنصار فاستحث هؤلاء الرهط حتى يختاروا رجلاً منهم وقال للمقداد بن الأسود إذا وضعتموني في حفرتي فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتى يختاروا رجلاً منهم
هكذا ختم حياته رضي الله عنه ولم يشغله ما نزل به من البلاء ولا سكرات الموت عن تدبير أمر المسلمين

وصية عمر رضي الله عنه للخليفة الذي بعده :
أوصى الفاروق عمر رضي الله عنه الخليفة الذي سيخلفه في قيادة الأمة بوصية مهمة قال فيها أوصيك بتقوى الله وحده لا شريك له وأوصيك بالمهاجرين الأولين خيراً أن تعرف لهم سابقتهم وأوصيك بالأنصار خيراً فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم وأوصيك بأهل الأمصار خيراً فإنهم ردء العدو وجباة الفيء لا تحمل منهم إلا عن فضل منهم وأوصيك بأهل البادية خيراً فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن تأخذ من حواشي أموالهم فترد على فقرائهم وأوصيك بأهل الذمة خيراً أن تقاتل من وراءهم ولا تكلفهم فوق طاقتهم إذا أدّوا ما عليهم للمؤمنين طوعاً أو عن يد وهم صاغرون وأوصيك بتقوى الله والحذر منه ومخافة مقته أن يطلع منك على ريبة وأوصيك أن تخشى الله في الناس ولا تخشى الناس في الله وأوصيك بالعدل في الرعية والتفرغ لحوائجهم وثغورك ولا تؤثر غنيهم على فقيرهم فإن في ذلك بإذن الله سلامة قلبك هذه وصيتي إليك، وأشهد الله عليك، وأقرأ عليك السلام

موته الفاروق ومبلغ سنه :
استشهد يوم الأربعاء لأربع أو ثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة وهو ابن ثلاث وستين سنة على الصحيح وكانت خلافته عشر سنين ونصفاً وأياماً وجاء في تاريخ أبي زرعة عن جرير البجلي قال كنت عند معاوية فقال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين وتوفي أبو رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين وقتل عمر رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين

في غسله والصلاة عليه ودفنه :
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه غسل وكُفِّن وصلي عليه وكان شهيداً
وقد اختلف العلماء فيمن قتل مظلوماً هل هو كالشهيد لا يغسل أم لا ؟ على قولين :

أحدهما : أنه يغسل وهذا حجة لأصحاب هذا القولوالثاني : لا يغسل ولا يصلى عليه والجواب عن قصة عمر أن عمر عاش بعد أن ضرب وأقام مدة والشهيد حتى شهيد المعركة لو عاش بعد أن ضرب حتى أكل وشرب أو طال مقامه فإنه يغسل ويصلى عليه وعمر طال مقامه حتى شرب الماء وما أعطاه الطبيب فلهذا غسل وصلي عليه رضي الله عنه
من صلى عليه ؟ قال ابن سعد : وسأل علي بن الحسين سعيد بن المسيب : من صلى على عمر؟ قال صهيب قال كم كبرعليه ؟ قال أربعاً قال أين صُلي عليه ؟ قال : بين القبر والمنبر . ولصهيباً مكانته الكبيرة عند عمر والصحابة رضي الله عنهم وقد قال في حقه الفاروق نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه
في دفنه رضي الله عنه : دفن في الحجرة النبوية وعن جابر قال نزل في قبرعمرعثمان وسعيد بن زيد وصهيب وعبد الله بن عمر

أثر مقتله على المسلمين :
كان هول الفاجعة عظيماً على المسلمين فلم تكن الحادثة بعد مرض ألمَّ بعمر كما كان يزيد من هولها في المسجد وعمر يؤم الناس لصلاة الصبح ومعرفة حال المسلمين بعد وقوع الحدث يطلعنا على أثر الحادث في نفوسهم يقول عمرو بن ميمون وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ

أهم الفوائد والدروس والعبر :
1_ التنبيه على الحقد الذي انطوت عليه قلوب الكافرين ضد المؤمنين
2_ قتل المجوسي أبي لؤلؤة لعمر رضي الله عنه وتلك هي طبيعة الكفار في كل زمان ومكان قلوب لا تضمر للمسلمين إلا الحقد والحسد والبغضاء
3_ بيان الانكسار والخشية والخوف الذي تميز به عمر رضي الله عنه
4_ دلالة الخوف الذي سيطر على قلب عمر رضي الله عنه قبيل استشهاده قوله لما عَلِمَ أن الذي طعنه هو المجوسي أبو لؤلؤة الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام
5_التواضع الكبير عند الفاروق
6_ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو على فراش الموت
7_ جواز الثناء على الرجل بما فيه إذا لم تُخْشَ عليه الفتنة
8_ ثناء الصحابة والسلف على الفاروق


 
 توقيع : ريحانة بغداد




رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 12:56 AM   #34


الصورة الرمزية ريحانة بغداد
ريحانة بغداد غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 6091
 تاريخ التسجيل :  16 - 5 - 2015
 أخر زيارة : 10-09-2024 (01:40 AM)
 المشاركات : 184,955 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkorange
افتراضي



الإمام عبد الله بن عامر الدمشقي


اسمه ونسبه :

هو الإمام عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم بن ربيعة
أبو عمران على الأصح وقيل أبو عامر وقيل أبو نعيم ...

مولده:

8 هـ ، 629 م

البلد التي ولد فيها

قال خالد بن يزيد : سمعت عبد الله بن عامر اليحصبي يقول: ولدت سنة ثمان من الهجرة في البلقا بضيعة يقال لها رحاب وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولي سنتان وذلك قبل فتح دمشق وانقطعت إلى دمشق بعد فتحها ولي تسع سنين .

وقد أشار الإمام الشاطبي في مقدمة الشاطبية إلى أن عبد الله بن عامر قد سكن الشام وقد طابت به فقال :

وَأَمَّا دِمَشْقُ الشَّامِ دَارُ ابْنُ عَامِرٍ فَتْلِكَ بِعَبْدِ اللهِ طَابَتْ مُحَلَّلاَ
وصفه الناظم بأن دمشق طابت به محللًا أي طاب الحلول فيها من أجله أي قصدها طلاب العلم للرواية عنه والقراءة عليه .

شيوخه :

ثبت سماعه من جماعة من الصحابة منهم معاوية بن أبي سفيان
و النعمان بن بشير و واثلة بن الأسقع و فضالة بن عبيد ...

تلاميذه:

روى القراءة عنه عرضاً يحيى بن عامر وربيعة بن يزيد وجعفر بن ربيعة وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر وسعيد بن عبد العزيز و خلاد بن يزيد بن صبيح المري ويزيد بن أبي مالك ..

وأشهر تلاميذ الإمام ابن عامر هما :

هشام وذكوان وقد أشار الإمام الشاطبي إليهما بقوله :
هِشَامٌ وَعَبْدُ اللهِ وَهْوَ انْتِسَابُهُ لِذَكْوَانَ بِالإِسْنَادِ عَنْهُ تَنَقَّلاَ

قال الشارح :

هذان راويات أخذت عنهما قراءة ابن عامر اشتهر بذلك وكل واحد منهما بينه وبين ابن عامر اثنان فهذا معنى قوله بالإسناد عنه تنقلا أي نقلا القراءة عنه بالإسناد شيئا بعد شيء فتنقل من باب تفهم وتبصر ،

أما هشام فهو أبو الوليد هشام بن عمار بن نصير السلمي خطيب دمشق أحد المكثرين الثقات ، مات سنة خمس أو ست وأربعين ومائتين ، قرأ على أيوب بن تميم التميمي وعراك بن خالد المري ، وقرأ على يحيى بن الحارث الذماري ، وقرأ يحيى على بن عامر ، وأما ابن ذكوان فهو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان القرشي الفهري ، قرأ على أيوب بن تميم أيضا وكان يصلي إماما بجامع دمشق سوى الجمعة ومات سنة اثنتين وأربعين ومائتين أي هشام وعبد الله تنقلا عن ابن عامر القراءة بالإسناد ...

منهجه في القراءة :

يقول الشيخ عبد الفتاح القاضي عن منهج الإمام ابن عامر في القراءة :

1 - له ما بين كل سورتين ما لأبي عمرو .
2 - له التوسط في المدين المتصل والمنفصل .
3 - له الهمزة الثانية من الهمزتين الملتقيتين في كلمة (التسهيل والتحقيق) مع الإدخال إذا كانت مفتوحة ، وله التحقيق مع الإدخال إذا كانت مكسورة أو مضمومة . وهذا كله لهشام أما ذكوان فيقرأ كحفص .
4- يغير الهمزة المتطرفة عند الوقف على تفصيل في ذلك يعلم من محله وهذا لهشام وحده .

5 - يدغم من رواية هشام ذال إذ في بعض الحروف نحو (إذ تبرأ الذين أتُّبعُوا) ويدغم من الروايتين الدال في الثاء نحو (ومن يرد ثواب) ، والثاء في التاء (لبثت ولبثتم) ، حيث وقعا ، والذال في التاء في (أخذتم وأخذت واتخذتم كيف وقعت) .

6 - ويميل من رواية هشام ألف إناه في (غير ناظرين إناه) في الأحزاب ، وألف (ومشارب) في يس ، وألف (عابدون وعابد) في الكافرون وألف آنية في (تسقى من عين آنية في الغاشية) .
7 - يقرأ من رواية هشام لفظ (إبراهيم) في بعض المواضع بفتح الهاء وألف بعدها .
8 - يميل من رواية ابن ذكوان الألف في الألفاظ الآتية : (جاء شاء ، زاد حيث وقعت وكيف وردت ، حمارك ، المحراب ، إكراههن ، كمثل الحمار ، و الأكرام ، عمران) .
9 - يقرأ من رواية ابن ذكوان (وإن إلياس) في الصافات بوصل الهمزة .


ثناء العلماء عليه :

قال أبو علي الأهوازي : كان عبد الله بن عامر إماماً عالماً ثقة فيما أتاه حافظاً لما رواه متقنا لما وعاه عارفاً فهما قيما فيما جاء به صادقاً فيما نقله من أفاضل المسلمين وخيار التابعين وأجله الراوين لا يتهتم في دينه ولا يشك في يقينه ولا يرتاب في أمانته ولا يطعن عليه في روايته صحيح نقله فصيح قوله عاليا في قدره مصيباً في أمره مشهوراً في علمه مرجوعاً إلى فهمه ولم يتعد فيما ذهب إليه الأثر ولم يقل قولا يخالف فيه الخبر...

وفاته :

عاش الإمام عبد الله بن عامر الدمشقي مائة وعشر سنوات وتوفي بدمشق سنة 118 هـ ، 736 م رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .

المراجع :

- غاية النهاية في طبقات القراء .. ابن الجرزي
- معرفة القراء الكبار.. الذهبي
- إبراز المعاني من حرز الأماني .. أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل
- ما نسب للشيخ عبد الفتاح القاضي من مـوقـع طريق القرآن .








 
 توقيع : ريحانة بغداد




رد مع اقتباس
قديم 01-06-2016, 12:57 AM   #35


الصورة الرمزية جمال الروح.
جمال الروح. غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7024
 تاريخ التسجيل :  17 - 5 - 2016
 أخر زيارة : 11-09-2016 (11:21 PM)
 المشاركات : 18,015 [ + ]
 التقييم :  505778175
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Bisque
افتراضي



ماشاء الله عليك اخت ريحانه
هذه موسوعه شامله لاهم الشخصيات الاسلاميه والعامه وليست
بارك الله فيك

اسجل اعجابي ولك تقييمي
وخمس نجمات لموسوعتك


 
 توقيع : جمال الروح.




رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
متجدد , الله , بإذن , شخصيات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
وصفات طبعيه لكي نعالج انفسنا بشئ طبيعي ..متجدد بإذن الله..,~ احمدالعلي (همســـات الصحه والطب) 188 25-07-2021 12:19 AM
ربِّ زدني علمًا وفقهني في الدين { متجدد إن شاء الله } قطرات احزان ( قسم الفتاوي الاسلامية ) 31 14-01-2019 10:30 PM
شخصيات نوقف لها وقفةة شموخ ., عششقـ ـآلبدووو عشق البدو (همســـات جـسـر الـتـواصــل ) 23 04-05-2015 06:41 PM
خمس شخصيات من تختار ؟؟..... محمدعبدالحميد (همســـــات الحوار والنقاش الجاد) 9 12-04-2014 01:37 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:59 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010