ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات




إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-06-2023, 12:10 AM   #176


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – العزم والعزيمة

وحذَّر الرسول من تعُّمد التباطؤ عن المسابقة إلى الطاعات، كما في قوله(صلى الله عليه وسلم): «احضروا الذكر، وادنوا من الإمام، فإن الرجل لا يزال يتباعد حتى يُؤخَّر في الجنة وإن دخلها».كما علَّم أمته الطموح في الدعاء؛ فأمر أن يسأل الداعي ربه بعظائم الأمور وأكابرها، ولا يستكثر شيئًا على ربه؛ فقال: «إذا سأل أحدكم فليُكْثِر، فإنما يسأل ربه» .وفي لفظ آخر: «إذا تمنى أحدكم فليستكثر، فإنما يسأل ربه عز وجل» .وعن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس، فإنه أوسط الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرش الرحمن، ومنه تفجَّر أنهار الجنة» . وأنكر محمد (صلى الله عليه وسلم) على من تضاءلت همته، وتواضعت طموحاته؛ فعن أنس (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عاد رجلاً من المسلمين قد ضعُف، فصار مثل الفرخ، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «هل كنت تدعو بشيء، أو تسأله إياه؟»، قال: نعم، كنت أقول: اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجِّله لي في الدنيا. فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «سبحان الله لا تطيقه، أو: لا تستطيعه، أفلا قلت: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار»، قال: فدعا الله له، فشفاه .وعن ربيعة بن كعب (رضي الله عنه) قال: كنت أخدم النبي (صلى الله عليه وسلم) نهاري، فإذا كان الليل آويت إلى باب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فبتُّ عنده، فلا أزال أسمعه يقول: «سبحان الله، سبحان الله، سبحان ربي»، حتى أملَّ، أو تغلبني عيني فأنام، فقال يومًا: «يا ربيعة! سلني فأعطيك». فقلت: أنظرني حتى أنظر، وتذكرت أن الدنيا فانية منقطعة، فقلت: يا رسول الله! أسألك أن تدعو لي أن ينجيني من النار، ويدخلني الجنة، فسكت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ثم قال: «من أمرك بهذا؟»، قلت: ما أمرني به أحد، ولكني علمت أن الدنيا منقطعة فانية، وأنت من الله بالمكان الذي أنت منه، فأحببت أن تدعو الله لي، قال: «إني فاعل، فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود». إن أثر هذه التربية والتوجيه على أصحابه وأتباعه لا يقف عند مجرد التطبيقات المباشرة التي اتصل بها النص، بل يمتد ليوجد نفوسًا ذات عزيمة وطموح، وذات همة عالية في حياتها كلها؛ في حياة الفرد في نفسه، ومع أسرته، ومع مجتمعه.
من خلال هذا الموضوع عن العزم والعزيمة سأتناول المحاور التالية :

1- معنى العزم والعزيمة لغةً واصطلاحًا
2- الفرق بين العزم والحزم والنية
3- الترغيب في العزم والعزيمة
أولًا: في القرآن الكريم
ثانيًا: في السنة النبوية
4- من أقوال العلماء في العزم والعزيمة
5- فوائد العزم والعزيمة
6- موانع اكتساب صفة العزم والعزيمة
7- الوسائل المعينة على تقوية العزم والعزيمة
8- نماذج من عزم الأنبياء والمرسلين
نماذج من عزم الأنبياء والمرسلين
نماذج من عزم النبي صلى الله عليه وسلم في تبليغ الرسالة
نماذج من عزم الصحابة رضي الله عنهم
9- أمثال في العزم والعزيمة
10- العزم والعزيمة في واحة الشعر


( والله ولي التوفيق )


 

رد مع اقتباس
قديم 16-06-2023, 12:24 AM   #177


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




معنى العزم والعزيمة لغةً واصطلاحًا

معنى العزم والعزيمة لغةً:

العزم: الصبر والجد، مصدر عَزَم على الأمر يَعْزِم عَزْمًا ومَعْزِمًا، وعُزْمانًا، وعَزِيمًا، وعَزِيمة. وعَزَمَه. والعَزْمُ الصبر في لغة هذيل. والعزيمة هي الحاجة التي قد عزمت على فعلها . . قال الطبري: (أصل العزم اعتقاد القلب على الشيء) . .

معنى العزم والعزيمة اصطلاحًا:
قال ابن عاشور في تعريف العزم: هو (إمضاء الرأي، وعدم التردد بعد تبين السداد) . .
وقال الهروي: (العزم تحقيق القصد طوعًا أو كرهًا) . .
وقال ابن الأثير: العزيمة (هي ما وكدت رأيك وعزمك عليه، ووفيت بعهد الله فيه)

الفرق بين العزم والحزم والنية

- الفرق بين العزم والحزم:

في العزم والحزم وجهان:
أحدهما: أن معناهما واحد وإن اختلف لفظهما.
الثاني: معناهما مختلف:
الحزم والعزم أصلان، وما قاله المبرد من أن العين قلبت حاء ليس بشيء، لاطراد تصاريف كل واحد من اللفظين، فليس أحدهما أصلًا للآخر.
وفي اختلافهما وجهان:
- الحزم جودة النظر في الأمر، ونتيجته الحذر من الخطأ فيه. والعزم قصد الإمضاء، وعليه فالحزم الحذر والعزم القوة، ومنه المثل: لا خير في عزم بغير حزم.
الثاني: أن الحزم التأهب للأمر والعزم النفاذ فيه، ومنه قولهم في بعض الأمثال: رَوِّ بحزم فإذا استوضحت فاعزم . .

- الفرق بين العزم والني
ة:
(الصلة بين النية والعزم: أنهما مرحلتان من مراحل الإرادة، والعزم اسم للمتقدم على الفعل، والنية اسم للمقترن بالفعل مع دخوله تحت العلم بالمنوي)

( يتبع - الترغيب في العزم والعزيمة )


 

رد مع اقتباس
قديم 16-06-2023, 12:26 AM   #178


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي




تابع - الترغيب في العزم والعزيمة
أولًا: في القرآن الكريم


العزم على فعل الخير وعدم التردد والمسارعة لفعل الخيرات من شيم الصالحين، والعزيمة هي الدافع لفعل الخير، ولهذا حثَّ الله عليها في كتابه في غير آية ومن ذلك:
- قال تعالى: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159].
وقال ابن جرير الطبري: (أما قوله: فإذا عزمت فتوكل على الله. فإنه يعني: فإذا صح عزمك بتثبيتنا إياك، وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك، فامض لما أمرناك به على ما أمرناك به، وافق ذلك آراء أصحابك وما أشاروا به عليك، أو خالفها، وتوكل فيما تأتي من أمورك وتدع وتحاول أو تزاول على ربك، فثق به في كل ذلك، وارض بقضائه في جميعه، دون آراء سائر خلقه ومعونتهم، فإنَّ الله يحبُّ المتوكلين، وهم الراضون بقضائه، والمستسلمون لحكمه فيهم، وافق ذلك منهم هوى أو خالفه) . .
وقال الجصاص: (في ذكر العزيمة عقيب المشاورة دلالة على أنها صدرت عن المشورة، وأنه لم يكن فيها نص قبلها) . .
وقال البخاري: (فإذا عزم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن لبشر التقدم على الله ورسوله) . .
- وقال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران: 186]
قال الشوكاني في قوله: فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي: (مما يجب عليكم أن تعزموا عليه؛ لكونه عزمة من عزمات الله التي أوجب عليهم القيام بها) . .
وقال الرازي: (من صواب التدبير الذي لا شكَّ في ظهور الرشد فيه، وهو مما ينبغي لكل عاقل أن يعزم عليه، فتأخذ نفسه لا محالة به... ولا يجوز ذلك الترخص في تركه، فما كان من الأمور حميد العاقبة معروفًا بالرشد والصواب، فهو من عزم الأمور؛ لأنه مما لا يجوز لعاقل أن يترخص في تركه) . .
وقال ابن عاشور: (وإن تصبروا وتتقوا تنالوا ثواب أهل العزم؛ فإن ذلك من عزم الأمور) . .

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 16-06-2023, 12:30 AM   #179


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – الترغيب في العزم والعزيمة

- وقوله تعالى: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [لقمان: 17].
قال أبو حيان الأندلسي: (العزم مصدر، فاحتمل أن يراد به المفعول، أي من معزوم الأمور، واحتمل أن يراد به الفاعل، أي عازم الأمور) . .
قال القرطبي: (إن إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور، أي مما عزمه الله وأمر به قاله ابن جريج، ويحتمل أن يريد أن ذلك من مكارم الأخلاق، وعزائم أهل الحزم السالكين طريق النجاة، وقول ابن جريج أصوب) . .
- وقال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [الشورى: 43].
قال الماوردي: (يحتمل قوله: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ وجهين:
أحدهما: لمن عزائم الله التي أمر بها.
الثاني: لمن عزائم الصواب التي وفق لها) . .
وقال ابن كثير: إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي: لمن الأمور المشكورة، والأفعال الحميدة، التي عليها ثواب جزيل، وثناء جميل) . .
وقال السعدي: (إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (أي: لمن الأمور التي حث الله عليها وأكدها، وأخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر والحظوظ العظيمة، ومن الأمور التي لا يُوفَّق لها إلا أولو العزائم والهمم، وذوو الألباب والبصائر) . .
وقال الواحدي: إِنَّ ذَلِكَ (أي: الصبر والغفران لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ؛ لأنَّه يوجب الثواب، فهو أتمُّ عزم) . .

وقوله تعالى: طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ [محمد: 21].
عن مجاهد في قوله تعالى: فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ. قال: ((إذا جدَّ الأمر)). وقال قتادة: فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ يقول: طواعية الله ورسوله، وقول معروف عند حقائق الأمور خير لهم) . .
قال الرازي: (جوابه -أي جواب إذا- محذوف تقديره فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ خالفوا وتخلفوا، وهو مناسب لمعنى قراءة أُبيٍّ، كأنه يقول في أول الأمر قالوا سمعًا وطاعة، وعند آخر الأمر خالفوا وأخلفوا موعدهم، ونسب العزم إلى الأمر والعزم لصاحب الأمر معناه: فإذا عزم صاحب الأمر. هذا قول الزمخشري، ويحتمل أن يقال هو مجاز، كقولنا: جاء الأمر وولى، فإنَّ الأمر في الأول يتوقع أن لا يقع، وعند إظلاله وعجز الكاره عن إبطاله فهو واقع فقال عَزَمَ، والوجهان متقاربان) . .
- وقال تعالى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا [طه: 115].
قال ابن الجوزي: (قوله تعالى: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا العزم في اللغة: توطين النفس على الفعل. وفي المعنى أربعة أقوال.
أحدها: لم نجد له حفظًا، رواه العوفي عن ابن عباس، والمعنى:لم يحفظ ما أُمِر به.
والثاني: صبرًا، قاله قتادة ومقاتل، والمعنى: لم يصبر عما نُهي عنه.
والثالث: حزمًا، قاله ابن السائب. قال ابن الأنباري: وهذا لا يُخرج آدم من أولي العزم. وإنما لم يكن له عزم في الأكل فحسب.
والرابع: عزمًا في العَوْد إِلى الذَّنْب) . .
وقال الرازي: (قوله: وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا يحتمل ولم نجد له عزمًا على القيام على المعصية، فيكون إلى المدح أقرب، ويحتمل أن يكون المراد ولم نجد له عزمًا على ترك المعصية، أو لم نجد له عزمًا على التحفظ والاحتراز عن الغفلة، أو لم نجد له عزمًا على الاحتياط في كيفية الاجتهاد؛ إذا قلنا: إنه عليه السلام إنما أخطأ بالاجتهاد) . .
ورحج ابن جرير الطبري أن تأويل وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا هو (لم نجد له عزم قلب، على الوفاء لله بعهده، ولا على حفظ ما عهد إليه) . .
وقال ابن عاشور: (واستعمل نفي وجدان العزم عند آدم في معنى عدم وجود العزم من صفته فيما عهد إليه؛ تمثيلًا لحال طلب حصوله عنده بحال الباحث على عزمه، فلم يجده عنده بعد البحث)

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 16-06-2023, 12:32 AM   #180


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع – الترغيب في العزم والعزيمة

ثانيًا: في السنة النبوية


- عن أبى هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقولنَّ أحدكم: اللهمَّ اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت. ليعزم في الدعاء؛ فإنَّ الله صانع ما شاء لا مكره له)) . .
قال النووي: (عزم المسألة: الشدة في طلبها، والحزم من غير ضعف في الطلب، ولا تعليق على مشيئة ونحوها) . .
وقال ابن حجر: (قوله: ((فليعزم المسألة)). في رواية أحمد عن إسماعيل المذكور الدعاء، ومعنى الأمر بالعزم الجد فيه، وأن يجزم بوقوع مطلوبه، ولا يعلق ذلك بمشيئة الله تعالى، وإن كان مأمورًا في جميع ما يريد فعله أن يعلقه بمشيئة الله تعالى، وقيل معنى العزم: أن يحسن الظن بالله في الإجابة... وقال الداودي: معنى قوله ليعزم المسألة أن يجتهد ويلح، ولا يقل إن شئت كالمستثنى، ولكن دعاء البائس الفقير) . .
قال بدر الدين العيني: (قوله: فليعزم المسألة. أي: فليقطع بالسؤال، ولا يعلق بالمشيئة؛ إذ في التعليق صورة الاستغناء عن المطلوب منه والمطلوب) . .
وقال السيوطي: (ليعزم المسألة أي يعري دعاءه وسؤاله من لفظ المشيئة) . .
- و(عن ابن مسعود، قال: لقد سألني رجل عن أمر ما دريت ما أردُّ عليه، فقال: أرأيت رجلًا مؤديًا نشيطًا يخرج مع أمرائنا في المغازي، فيعزم علينا في أشياء لا نحصيها؟ فقلت له: والله ما أدري ما أقول لك، إلا أنا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فعسى أن لا يعزم علينا في أمر إلا مرة حتى نفعله، وإنَّ أحدكم لن يزال بخير ما اتقى الله، وإذا شك في نفسه شيء سأل رجلًا فشفاه منه، وأوشك أن لا تجدوه، والذي لا إله إلا هو ما أذكر ما غبر من الدنيا إلا كالثغب . شرب صفوه، وبقي كدره) . .
قال بدر الدين العيني: (قوله: فيعزم علينا. أي: الأمير يشدد علينا في أشياء لا نطيقها، وقال الكرماني: فيعزم إن كان بلفظ المجهول فهو ظاهر يعني لا يحتاج إلى تقدير الفاعل ظاهرًا، هذا إن كان جاءت به رواية، قوله: حتى نفعله غايةً لقوله: لا يعزم. أو للعزم الذي يتعلق به المستثنى) . .
- وعن جماعة من الصحابة مرفوعًا (إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه) . .
قال المناوي: (عزائمه أي مطلوباته الواجبة، فإنَّ أمر الله في الرخص والعزائم واحد) . .
قال القاري: (الرخصة إذا كانت حسنًا فالعزيمة أولى بذلك) . .
- وعن شدَّاد بن أوس رضي الله عنه قال: ((إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألك من خير ما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأستغفرك لما تعلم)) . .
قال المناوي: (... ((وأسألك عزيمة الرشد)) وفي رواية: ((العزيمة على الرشد))، قال الحرالي: وهو حسن التصرف في الأمر، والإقامة عليه بحسب ما يثبت ويدوم)

من أقوال العلماء في العزم والعزيمة

- قال ابن منظور: (لا خير في عزم بغير حزم، فإنَّ القوة إذا لم يكن معها حذر أورطت صاحبها) . .
- وقال فخر الدين الرازي: (منصب النبوة والإمامة لا يليق بالفاسقين؛ لأنَّه لا بد في الإمامة والنبوة من قوة العزم، والصبر على ضروب المحنة حتى يؤدي عن الله أمره ونهيه، ولا تأخذه في الدين لومة لائم، وسطوة جبار) . .
- وقال الغزالي: (التقوى في قول شيوخنا: تنزيه القلب عن ذنب لم يسبق منك مثله، حتى يحصل للعبد من قوة العزم على تركه وقاية بينه وبين المعاصي) . .
- وقال ابن الجوزي: (ليس في سياط التأديب أجود من سوط العزم)

( يتبع - فوائد العزم والعزيمة )


 

رد مع اقتباس
قديم 16-06-2023, 12:34 AM   #181


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع - فوائد العزم والعزيمة

1- مظنة قبول الدعاء:
فقوة العزم والجزم في الدعاء، وعدم تعليقه بالمشيئة من آداب الدعاء وأرجى للقبول.
2- قوة العزم والعزيمة من وسائل تهذيب النفس، وتحصيل الأخلاق الفاضلة:
قال ابن قدامة: (وأشدُّ حاجة الرائض لنفسه، قوة العزم، فمتى كان مترددًا بعد فلاحه، ومتى أحس من نفسه ضعف العزم تصبر، فإذا انقضت عزيمتها عاقبها لئلا تعاود، كما قال رجل لنفسه: تتكلمين فيما لا يعنيك؟! لأعاقبنك بصوم سنة) . . ومن صفات المؤمن القوي قوة العزم على الأمر.
3- قوة العزم والعزيمة تعين على تحقيق التقوى:
وذلك بحمل النفس على فعل المأمورات وترك المنهيات وهذه هي حقيقة التقوى قال تعالى: لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [آل عمران: 186].
4- قوة العزم والعزيمة تعين على ترك المعاصي.
5- العزم والعزيمة من وسائل التخلص من تلبيس الشيطان ووسوسته:
لأنه إذا كانت مهمة الشيطان هي الوسوسة، ومقصده منها (التشكيك والذبذبة والتردد، فإن عمومات التكليف تلزم المسلم بالعزم واليقين والمضي دون تردد، كما في قوله: فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ [آل عمران: 159]، وامتدح بعض الرسل بالعزم وأمر بالاقتداء بهم فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35]... فمن هذا كله كانت دوافع العزيمة مستقاة من التكاليف، مما يقضي على نوازع الشك والتردد، ولم يبق في قلب المؤمن مجال لشك ولا محل لوسوسة) . .

6- العزم على ترك الذنب من شروط قبول التوبة:
فالتوبة واجبة من كل ذنب ولها ثلاثة شروط:ومنها العزم على عدم العودة للذنب أبدًا . .
قال أبو حازم: (عند تصحيح الضمائر تغفر الكبائر، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أمَّه الفتوح) . .
7- قوة العزم والعزيمة من علامات التوفيق:
قال ابن القيم: (الدين مداره على أصلين العزم والثبات، وهما الأصلان المذكوران في (الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد)) . . وأصل الشكر: صحة العزيمة، وأصل الصبر قوة الثبات، فمتى أُيِّد العبد بعزيمة وثبات فقد أُيِّد بالمعونة والتوفيق) . .
8- قوة العزم والعزيمة تحصل للمرء كل مقام شريف ومنزلة رفيعة:
قال ابن القيم: (فإن كمال العبد بالعزيمة والثبات، فمن لم يكن له عزيمة فهو ناقص ،ومن كانت له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص، فإذا انضمَّ الثبات إلى العزيمة أثمر كلَّ مقام شريف وحال كامل، ولهذا في دعاء النبي الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه: ((اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد)) . ومعلوم أن شجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر) . .
9- صاحب العزم والعزيمة القوية الصادقة أكثر الناس صبرًا على البلاء.
10- قوة العزم من صفات الأنبياء والمرسلين والصالحين:
قال تعالى: فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف: 35].

( يتبع - موانع اكتساب صفة العزم والعزيمة )


 

رد مع اقتباس
قديم 16-06-2023, 12:38 AM   #182


البراء الحريري متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : يوم أمس (01:02 AM)
 المشاركات : 27,002 [ + ]
 التقييم :  1163472344
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
افتراضي



تابع - موانع اكتساب صفة العزم والعزيمة

1- مرض القلب وضعف النفس وانهزامها:
إذا فقد القلب عزمه خارت قوى الجسد مهما كان قويًّا، قال تعالى: فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج: 46].
وقال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق: 37]، فإنَّ ضعف العزيمة من ضعف حياة القلب، وهي دليل على حياته، وعلى مرضه أو موته.
2- العجز والكسل:
فالعجز والكسل (هما العائقان اللذان أكثر الرسول من التعوذ بالله سبحانه منهما . ، وقد يعذر العاجز لعدم قدرته، بخلاف الكسول الذي يتثاقل ويتراخى مما ينبغي مع القدرة، قال تعالى: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ [التوبة: 46] . .
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلاَ تَعْجِزْ)) . .
3- التسويف والتمني وترك الأخذ بالأسباب:
(وهما صفة بليد الحس عديم المبالاة، الذي كلما همت نفسه بخير- وعزمت عليه- إما يعيقها بـ(سوف) حتى يفجأه الموت فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [المنافقون: 10]، وإما يركب بها بحر التمني، وهو بحر لا ساحل له، يدمن ركوبه مفاليس العالم ...وما أحسن ما قال أبو تمام:
من كان مرعى عزمه وهمومه
روض الأماني لم يزل مهزولا) .

4- الخوف من الفشل:
إن الخوف الدائم من الفشل، وتوقع انتقاد الآخرين، من العوامل المؤثرة في ضعف عزيمة النفس، فالمطلوب هو أن تقاوم الخوف، وتتأسى بأصحاب العزم الصادق الذين قال الله تعالى عن عزمهم، وقوتهم في مواجهة الحياة، وحسن توكلهم عليه سبحانه في تقوية عزائمهم على مواجهة الصعوبات الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ [آل عمران: 173-174] واعلم أن عليك أن تسعى وتأخذ بالأسباب، وليس عليك تحصيل النتائج قال تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا [الأحزاب: 23].

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعوة الى الاسلام بEnglish ميارا (همســـــات English word) 15 30-05-2023 08:13 PM
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية البرنس مديح ال قطب ( همســـــات الإسلامي ) 16 16-09-2021 03:35 PM
الأخلاق في الاسلام 2 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 8 15-09-2015 07:01 AM
الأخلاق في الاسلام 1 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 11 21-08-2015 04:27 AM
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام شـوش آلشـريف ( همســـــات الإسلامي ) 26 25-07-2015 06:30 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:36 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010