ننتظر تسجيلك هنا


العودة   منتدى همسات الغلا > ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ > ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞

الملاحظات

الإهداءات
الصارم من مكه : يا واسع الُّلطفِ إنَّ الحالَ تعلمُهُ ربِّي لكَ الحمدُ في صفوٍ وفي كدرِ جمعة مباركة مقدما

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 21-04-2015, 10:12 PM
البرنس مديح ال قطب متواجد حالياً
Egypt     Male
SMS ~ [ + ]


سبحان الله وبحمدة
سبحان الله العظيم
الاوسمة
ابيات من الشهد 
لوني المفضل Darkorange
 رقم العضوية : 5942
 تاريخ التسجيل : 16 - 3 - 2015
 فترة الأقامة : 3609 يوم
 أخر زيارة : 29-01-2025 (05:13 PM)
 المشاركات : 881,654 [ + ]
 التقييم : 2147483647
 معدل التقييم : البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز البرنس مديح ال قطب يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أسرار التذييل في الربع الأول من سورة التوبة (2)





الربع الأول من سورة التوبة يبدأ من فاتحة السورة:
﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [التوبة: 1]، إلى قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [التوبة: 33]؛ حيث إن هذه السورة المباركة تتكون من حزبين تقريبًا، فربعها إذن هو نصف حزب، وهو يبدأ كما أسلفت من أول السورة وينتهي عند الآية الثالثة والثلاثين.

ولتفصيل القول في أسرار تذييل هذا الجزء من هذه السورة سأجعله في أربعة فصول، مخصِّصًا كل فصل منها لثماني آيات تقريبًا.

الفصل الأول: أسرار تذييل الآيات:
من الآية الأولى إلى الآية الثامنة من سورة التوبة:
قال الله تعالى: ﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ * كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلاً وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾} [التوبة: 1، 8].

المبحث الأول: أسرار تذييل الآيات الأربع الأوائل من سورة التوبة:
قال تعالى: ﴿ بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ * وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 1 - 4].

1- قال تعالى: ﴿ فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾ [التوبة: 2].
قوله جل في علاه: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾ هذا تذييل لما قبله يفيد تأكيد الوعيد الذي تضمَّنَهُ قوله تعالى قبل ذلك: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ﴾، فبعد أن تم التصريح ببراءة الله تعالى من المشركين وأمهلهم مدة أربعة أشهر، أخبر سبحانه بأنهم غير معجزين له، وكيف يعجزونه وهم في قبضته وتحت سلطانه وقهره؟ وكيف يُعجِز الضعيفُ الناقصُ القويَّ الكامل، وفي طي هذا الكلام تهديد ووعيد للمشركين إن استمروا في غيهم وضلالهم، ثم ذُيِّلَت الآية بقوله جل شأنه: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾.

والسر في هذا التذييل كما سبق: تأكيد هذا الوعيد والتهديد، وأنه كائن لا محالة، متمثل في الخزي - عياذًا بالله – والخزي: الفضيحة والعار والهوان.

يقول الإمام الراغب في المفردات:"خزى: خَزِيَ الرجل لَحِقَه انكسار إما من نفسه وإما من غيره، فالذي يلحقه من نفسه هو الحياء الْمُفْرِط ومصدره الخزاية، ورجل خزيان وامرأة خَزْيَا، وجمعه خزايا، وفي الحديث ((اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين)) والذي يلحقه من غيره يقال: هو ضرب من الاستخفاف، ومصدره الخزي، ورجل خزي"[1].

وفي المعجم الوسيط: (خزي) خزى وخزية وقع في بلية وشر وافتضح فذل بذلك وهان وهلك، فهو خَزٍ وهي خَزِية[2].

ولم تصرح الآية بمكان ووقت هذا الخزي - الذي سيكون من الله لهؤلاء المشركين - ليعم كل الأوقات، وكلا الدارين: الدنيا والآخرة، فَمِنْ صُوَرِ خزيهم في هذه الدار ما يتعرضون له على يد المؤمنين من القتل والأسر والسبي، وفي الآخرة ما ينتظرهم من العذاب المهين.

كما نجد في هذا التذييل إظهارًا مقامَ الإضمار، وهذا - كما هو معلوم - لا يكون إلا لنكتة، كما هو مقرر في قواعد التفسير، قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِين ﴾ [التوبة: 2]، فلو قال: "وأنه مخزي الكافرين" لاستقام اللفظ والمعنى، لكن الله تعالى أظهر اسم الجلالة لنكتة عظيمة، وهي زرع الخوف والمهابة في قلوب هؤلاء المشركين.

ومن أسرار التذييل في هذه الآية الإتيان بلفظ "الكافرين" ليفيد العموم؛ أي: عموم وشمول الخزي لكل كافر أو مشرك، فمن قواعد التفسير المتعلقة بوجوه المخاطبة أنه: "إذا كان سياق الآيات في أمور خاصة، وأراد الله أن يحكم عليها، وذلك الحكم لا يختص بها، بل يشملها وغيرها، جاء الله بالحكم العام"، وهذه القاعدة - كما يقول الدكتور خالد السبت - تتحدث عن جانب بديع من طريق القرآن في تقرير بعض المعاني، ذلك أنه يَعْرِضُها عرضًا تكون فيه أشمل ما تكون لمدلولاتها، وهذا - لا شك - من طرائق دلالته على المعاني الكثيرة بالألفاظ القليلة"[3].

فالله تعالى لم يقل: "وأن الله مخزيكم" بل قال: ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾ ليكون هذا الحكم شاملاً لكل كافر.

هناك سر آخر في الإتيان بلفظ "الكافرين"، وهو ذمهم، وكذا بيان سبب هذا الخزي وعلة الحكم، وهو كفرهم.

يقول الإمام الألوسي رحمه الله تعالى في تفسيره:".. ﴿ وَأَنَّ اللَّهَ مُخْزِي الْكَافِرِينَ ﴾ في الدنيا بالقتل والأسر، وفي الآخرة بالعذاب المهين، وأظهر الاسم الجليل لتربية المهابة وتهويل أمر الإخزاء، وهو الإذلال بما فيه فضيحة وعار، والمراد من الكافرين إما المشركون المخاطبون فيما تقدم، والعدول عن مخزيكم إلى ذلك لذمهم بالكفر بعد وصفهم بالإشراك، وللإشعار بأن علة الإخزاء هي كفرهم، وإما الجنس الشامل لهم ولغيرهم ويدخل فيه المخاطبون دخولاً أوَّلِيًّا"[4].

وقال العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى: ".. وكان ذكر "الكافرين" إخراجًا على خلاف مقتضى الظاهر؛ لأنَّ مقتضى الظاهر أن يقول: وأنَّ الله مخزيكم، ووجه تخريجه على الإظهار الدلالة على سبيبة الكفر في الخزي، والإخزاء: الإذلال، والخزي بكسر الخاء: الذلُّ والهوان؛ أي: مقدِّرٌ للكافرين الإذلالَ بالقتل والأسر وعذاب الآخرة ما داموا متلبِّسين بوصف الكفر"[5].

2- قال تعالى: ﴿ وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 3].

ذيلت هذه الآية بقوله تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾، فبعد أن فتح الله تعالى للمشركين باب التوبة، وبيَّن لهم أنها خير لهم - في الحال والمآل - حيث أتى بإن الشرطية، وأتى سبحانه بجواب الشرط الدال على هذه الخيرية – فهو خير لكم - قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ ﴾ وهذه الجملة كذلك حوت شرطًا وجوابه، وفيها من التهديد ما يكفي في رجوعهم من غيهم ويقظتهم من غفلتهم، فاعلموا أنكم غير معجزي الله، وكيف تعجزونه وهو القوي العزيز القاهر فوق عباده الذي أمْرُه كيفما كان بعد الكاف والنون؟ فناسب بعد هذا أن تُذَيَّل الآية بالوعيد الشديد والتهديد الأكيد؛ حيث قال جل ذكره: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [التوبة: 3].

والبشارة إنما تكون في الغالب في الخير وفيما يَسُرُّ، لكن قد تستعمل في الشر وما يضر من باب التهكم والإهانة، وما أحسن ما سطَّرَهُ الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى في تفسيره لهذه الآيات: "والبشارة: إعلام بخبر سار، والإنذار إخبار بسوء، فهل العذاب بشارة أم إنذار؟ نقول: إن هذا هو جمال أسلوب القرآن الكريم، يُبَشِّر الكفار فيتوقعون خبرًا سارًّا، ثم يعطيهم الخبر السيئ بالعذاب الذي ينتظرهم؛ تمامًا كما تأتي إلى إنسان يعاني من العطش الشديد، ثم تأتي بكوب ماء مثلج، وعندما تصل به إليه ويكاد يلمس فمه، تفرغه على الأرض، فيكون هذا زيادة في التعذيب وزيادة في الحسرة، فالنفس تنبسط أولاً، ثم يأتي القبض"؛ تفسير الشعراوي: 3359.

والعذاب الذي بُشِّرً به الكافرون يَعُمُّ ما يصيبهم في الدنيا من القتل والأسر والسبي والهزيمة وغير ذلك، وما ينتظرهم في دار الخزي والهوان والذل والخسران - عياذًا بالله -.

كما نلاحظ في هذا التذييل التفاتًا من الخطاب إلى الغيبة، فبعد أن كان الكلام يخرج مخرج الخطاب تَمَّ الالتفاتُ إلى أسلوب الغيبة: ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [التوبة: 3]، والنكتة في هذا الالتفات زيادة التهديد وتأكيد الوعيد.

وكذا من أسرار هذا التذييل الإتيان بالاسم الموصول: "الذين"، وذلك لبيان جرمهم وسبب خسرانهم المتمثل في كفرهم، وكذلك لتعميم الحكم، وأنه شامل للمخاطبين وكل من تلبَّسَ بالكفر، وقد مر قبل قليل ذكر القاعدة التفسيرية في هذا الجانب.

كذلك من الأسرار: الإظهار موضع الإضمار: فلو قال تعالى: "وبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ" لكان صوابًا، لكن الله سبحانه عدل عن الإضمار إلى الإظهار؛ لبيان قبح فعلهم وشناعة جرمهم في حق ربهم، وكذا لبيان السبب فيما بُشِّرُوا به من العذاب وهو كفرهم وإعراضهم عن الإيمان بخالقهم الذي أمدهم وأنعم عليهم بما لا يُحصَى من النعم، فقابلوه بالكفر فاستحقوا هذه البشارة بما يسوؤهم، كما قال تعالى في آية أخرى: ﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [الروم: 10].

ومن الأسرار كذلك - والعلم عند الله - التنكير في قوله تعالى: "بعذاب"، وفائدة هذا التنكير التهويل والتعظيم، - عياذًا بالله -.

3- قال تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4].

في هذه الآية المباركة يَحُثُّ الله تعالى على الوفاء بالعهد الذي أُبْرِمَ مع المشركين الذين لم يصدر منهم ما يوجب نكث العهد أو نقضه؛ حيث إنهم احترموا الشروط فلم ينقصوا المسلمين شيئًا ولم يقفوا ضدهم، فهؤلاء يأمر الله جل جلاله بالوفاء بالعهد معهم وإتمامه إلى مدته دون نقض أو إخلال، ثم ذيل الله تعالى الآية بقوله: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4]، ومن أسرار هذا التذييل:
بيان أن الوفاء بالعهود - التي توفرت فيها الشروط وانتفت فيها الموانع - من التقوى التي يحبها الله ويحب أهلها.

وفي هذا أكبر تحفيز وأعظم ترغيب على الوفاء بالعهود، وفيه - بمفهوم المخالفة - أعظم زجر وأشد ترهيب من نقض العهود ونكثها والغدر بأهلها.

يقول الإمام الألوسي رحمه الله تعالى: "﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4] تعليل لوجوب الامتثال وتنبيه على أن مراعاة العهد من باب التقوى وأن التسوية بين الغادر والوفي منافية لذلك وإن كان المعاهد مشركًا"؛ 5/244.

والمحبة - كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة - صفة من صفات الله تعالى الفعلية التي نثبتها له سبحانه على ما يليق به جلت عظمته دون تكييف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل، فلا نقول كما قالت بعض الفرق: الحب من الله إرادة الجزاء، بل نقول: الحب صفة من صفاته سبحانه، فهو يحب حُبًّا حقيقيًّا يليق بجلاله، كما دلت على ذلك كثير من الآيات والأحاديث، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة خيبر: ((سأعطي الراية غدًا رجلاً يحب اللهَ ورسولَه، ويحبُّه اللهُ ورسولُه".

ومن أسرار هذا التذييل حذف المعمول، قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 4]، و"المتقين" اسم مفعول من الفعل اتقى، وهو متعد، وقد حُذِفَ معموله؛ حيث لم يقل: المتقين النارَ أو العقابَ؛ لإفادة العموم.

فمن قواعد التفسير الهامة: "حذف المتعلق المعمول فيه يفيد تعميم المعنى المناسب له"، يقول العلامة السعدي رحمه الله تعالى في شرحها: "وهذه قاعدة مفيدة جدًّا، متى اعتبرها الإنسان في الآيات القرآنية أكسبته فوائد جليلة، وذلك أن الفعل وما هو في معناه متى قُيِّدَ بشيء تقيَّدَ به، فإذا أطلقه الله تعالى وحَذَفَ المتعلق، كان القصد من ذلك التعميمَ، ويكون الحذف هنا أحسنَ وأفيد كثيرًا من التصريح بالمتعلقات، وأجمعَ للمعاني النافعة، ثم ذكر أمثلة لذلك؛ منها قوله تعالى: ﴿ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [البقرة: 2]؛ أي: المتقين لكل ما يُتَّقَى من الكفر والفسوق والعصيان، المؤدِّين للفرائض والنوافل التي هي خصال التقوى"[6].

المبحث الثاني: أسرار تذييل الآيات من الخامسة إلى الثامنة:
قال تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ * كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 5، 8].

1- قال تعالى: ﴿ فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5] ذُيِّلَت هذه الآية باسمين عظيمين من أسماء الله جل جلاله، وذلك في قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5]، فبعد أن أَمَرَ الله المؤمنين بقتال المشركين عند انتهاء المهلة وانسلاخ الأشهر الحرم ومحاصرتهم والقعود لهم في كل مرصد وأسْرِهِم وأخْذِهِم، فَتَحَ الكريم الحليم سبحانه باب التوبة مرة أخرى في وجه هؤلاء المشركين، فقال تعالى: ﴿ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ﴾؛ أي: إن تابوا من شركهم ودخلوا في دين الإسلام الذي لم يرتض سبحانه دينًا غيره، وأدوا فرائض الله من صلاة وزكاة، فاتركوهم وخلوا سبيلهم؛ لأنهم صاروا بذلك إخوانًا لكم، والإسلام يَجُبُّ ما قبله، كما أن التوبة تَجُبُّ ما قبلها، فناسب أن تُذَيَّل هذه الآية الكريمة باسمين جليلين يدلان على عِظَم مغفرته وسَعَة رحمته، فقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5].

و"الغفور" اسم من أسماء الله الحسنى، وقد سمى الله نفسه بهذا الاسم في واحد وتسعين موضعًا من القرآن، وهو على وزن فَعُول - من صيغ المبالغة - مِنْ: غفر يغفر مغفرة؛ أي: ستر، والغفور: "هو الذي يَكْثُر منه الستر على المذنبين من عباده، ويزيد عفوه على مؤاخذته"[7].

يقول الإمام ابن القيم في نونيته:
وهو الغفور فلو أتى بقرابها
من غير شِرْكٍ بل من العصيانِ

لاقاه بالغفران ملء قرابها
سبحانه هو واسع الغفرانِ


وكذلك "الرحيم" اسم من أسماء الله تعالى الدالة على رحمته الواصلة، وهذه إحدى الفروق بينه وبين اسم الرحمن الدال على رحمة الله الواسعة التي تعم الخلق أجمعين، المؤمن والكافر، والبارَّ والفاجر، الكل تشملهم رحمة الله الواسعة، أما اسم الرحيم فهو - كما يقول العلماء - يدل على رحمة الله الواصلة التي تبقى موصولة للمؤمنين حتى بعد موتهم.

فالرحمة العامة أو الواسعة التي يدل عليها اسم "الرحمن" تنقضي بالنسبة للكفار وتنقطع عنهم بمجرد موتهم، فلا يلحقهم إلا عدل الله، ولا نصيب لهم من رحمته، بخلاف المؤمنين، فإن رحمة الله الواصلة تَصِلُهم دنيا وأخرى، وهذا - كما أسلفْتُ - أحد الفروق بين اسْمَي الرحمن الرحيم.

ومنه نستشف سرًّا في تذييل الآية باسم الغفور واسم الرحيم - بدلاً من اسم الرحمن – وهو ترغيب المشركين وحثهم على التوبة والإنابة وأنهم إن فعلوا نالوا مغفرة الله تعالى فيستر كل ما صدر منهم من معاصٍ وكفر وشرك، بل قد يُبَدِّلُ الله كل ذلك حسنات إن صدقوا في توبتهم كما قال تعالى: ﴿ فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ﴾ [الفرقان: 70]، كما يفوزون بالرحمة الواصلة التي تشملهم حتى بعد موتهم فيكونون من المرحومين يوم القيامة، هذا اليوم العظيم الذي مَنْ نَالَتْهُ رحمة الله فيه فقد فاز بكل مرغوب وأَمِنَ من كل مرهوب.

كما أن من أسرار التذييل بهذين الاسمين: حَثَّ المسلمين على التجاوز والصفح عن المشركين إن تابوا، وأن يغفروا لهم ما قد صدر منهم، مقتدين بربهم ومتصفين بصِفَتَيِ الرَّحمة والمغفرة اللتين اتصف الله بهما وأحب كل من اتصف بهما - مع الفارق طبعًا بين صفات الخالق والمخلوق -.

يقول العلامة ابن عاشور رحمه الله تعالى: "وجملة: ﴿ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 5] تذييل أُرِيدَ به حثُّ المسلمين على عدم التعرُّض بالسوء للذين يُسْلِمون من المشركين، وعدم مؤاخذتهم لما فَرَط منهم، فالمعنى: اغفروا لهم؛ لأنَّ الله غفر لهم وهو غفور رحيم، أو اقتدوا بفعل الله؛ إذ غفر لهم ما فَرَطَ منهم كما تعلمون، فكونوا أنتم بتلك المثابة في الإغضاء عمَّا مضى"[8].

2- قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6].

في هذه الآية تذييل بقوله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾، والسر في هذا التذييل أن الله تعالى أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يجير من استجار به من المشركين ويأذن له في سماع القرآن، لعله يهتدي من ضلاله، ويرشد مِنْ غَيِّه ويتوب إلى ربه بعد سماع كلامه، ثم يُبْلِغه مأمَنَهُ.

والاستجارة: طلب الْجِوار، وهو الكون بالقرب، وقد اسْتُعْمِل مجازًا شائعًا في الأمن؛ لأنَّ المرء لا يستقر بمكان إلاَّ إذا كان آمنًا، فمن ثم سَمَّوُا الْمؤمِّن جارًا، والحليفَ جارًا، وصار فعل أجَار بمعنى أمَّنَ، ولا يطلق بمعنى جعَلَ شخصًا جارًا له، والمعنى: إنْ أحد من المشركين استأْمَنَك فأَمِّنْه"[9].

فإما أن يكون سماعه لكلام الله قد أثَّرَ فيه وانشرح به صدره للإسلام، فهذا يصير مسلمًا، له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ولا يرجع إلى بلاد الكفر، وإما أن يكون قلبه قد طُبِع عليه فلا يَدْخُله خير ولا يتأثر بكلام الله، فهذا يُسْتَأْمَنُ ويُجارُ حتى يرجع إلى بلده، فيدخل في زمرة الكفار المحاربين لله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

ثم ذُيِّلَت الآية بقوله سبحانه: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6]؛ أي: إن هذا الحكم إنما أمر به الله من الإذن لهم في سماع القرآن وقبول جوار من استجار، ثم تمكينه من الرجوع إلى بلده، كل ذلك بسبب أنهم قوم انتفى عنهم العلم النافع وحُرِمُوه، فلا علم لهم بما ينفعهم وما يضرهم، قد ملأ الجهل قلوبهم وانتكست فِطَرُهم، فالشر عندهم هو الخير بعينه، والخير هو عين الشر، ولا أَعْظَمَ مِنْ جَهْلِ مَنْ عَبَدَ حجارة صماء لا تنفع ولا تضر، واتخذها إلهًا من دون الله.

3- قال تعالى: ﴿ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 7].

في هذه الآية المباركة تذييل بقوله سبحانه: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة: 7]، ومن أسرار هذا التذييل:
أنه لَمَّا صُدِّرَت الآية بذلك الاستفهام الإنكاري المفيد للنفي؛ أي: نفي وقوع عهد للمشركين عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك بسبب ما يصدر من هؤلاء المشركين مِنْ شِرْك بالله وصَدٍّ عن سبيله ومضادة له سبحانه ولرسوله وخيانة له ونَبْذ للمواثيق واعتداء على المؤمنين وغير ذلك من سوء الأفعال وقبيح الأقوال، استثنى الله تعالى من هؤلاءِ المشركينَ الذين عاهدهم المؤمنون عند المسجد الحرام، فهؤلاء أَمَرَ الله تعالى عباده المؤمنين بالوفاء معهم والاستقامة لهم مُدَّةَ استقامتهم ووفائهم، أو في أي مكان استقاموا لكم فلتستقيموا لهم، ثم ذُيِّلَت الآية بقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ﴾ إشارة إلى أن الوفاء بالعهود والاستقامة من تقوى الله تعالى التي يحبها ويحب أهلها، فهذا التذييل قُصِدَ به التعليل لوجوب الامتثال لأمر الله بالاستقامة والوفاء.

4- قال تعالى: ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 8].
السر في تذييل هذه الآية بقوله تعالى: ﴿ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [التوبة: 8] بيانُ حال أغلب المشركين، وأن صِفَتَهم الفسوق؛ أي: الخروج عن طاعة الرحمن إلى طاعة الشيطان، وفي هذا ذمٌّ وتوبيخ لهم، فمهما طابت ألسنتهم وأَرْضَوْكُم بأفواههم فقلوبهم مليئةٌ غيظًا وحقدًا عليكم؛ بحيث إنهم كلما سنحت لهم الفرصة للإضرار بكم أسرعوا لاستغلالها، ووَصْفُ الأكثريةِ بالفسق من العدل الإلهي؛ حيث إن هناك قلة قليلة تتصف بمكارم الأخلاق وتعلو عن سفاسفها، فتأنف الغدر والخيانة، فهؤلاء وَفَوْا بعهودهم ولم يَنْقُصُوا المؤمنين شيئًا ولم يظاهروا عليهم أحدًا.

يقول الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى: "وقوله تعالى: ﴿ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ يوضِّح بأنه قد تكون هناك قلة ملتزمة، وهذا احتياط قرآني جميل" اهـ.

ويقول ابن عاشور: "مقصودٌ منها الذمُّ بأن أكثرهم موصوف مع ذلك بالخروج عن مَهِيع المروءة والرُّجولة؛ إذ نجد أكثرهم خالعين زمام الحياة، فجمعوا المذمة الدينية والمذمَّة العرفية، فالفسق هنا الخروج عن الكمال العرفي بين الناس، وليس المراد الخروج عن مهيع الدين؛ لأنَّ ذلك وَصْفٌ لجميعهم لا لأكثرهم، ولأنَّه قد عُرِفَ مِنْ وَصْفِهِم بالكفر"[10].

[1] المفردات في غريب القرآن:147.

[2] المعجم الوسيط:1 /233.

[3] قواعد التفسير:1/280.

[4] روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني:5/241.

[5] التحرير والتنوير:10/107.

[6] القواعد الحسان في تفسير القرآن: 47-48.

[7] النهج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى: 125.

[8] التحرير و التنوير:10/117.

[9] التحرير و التنوير:10/118.

[10] التحرير و التنوير:10/124.




كلمات البحث

العاب ، برامج ، منتدى همسات الغلا ، هاكات ، استايلات





Hsvhv hgj`ddg td hgvfu hgH,g lk s,vm hgj,fm (2) Hsvhv H, hgH,g hgj`ddg hgj,fm hgvfu s,vm






آخر تعديل ميارا يوم 21-04-2015 في 10:28 PM.
رد مع اقتباس
قديم 21-04-2015, 10:29 PM   #2


الصورة الرمزية ميارا
ميارا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 3158
 تاريخ التسجيل :  19 - 7 - 2012
 أخر زيارة : 20-05-2023 (09:06 PM)
 المشاركات : 940,004 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Kuwait
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
ياكم تمنيت السعادة
بدنياي وشفت
السعادة تبتعد ماتبيني


يارب امنحني
قلبا يتحمل
جروحه وألالامه
لوني المفضل : Crimson
افتراضي



جزـآك ـآلله خير
وًجعلة ـآلله بميزـآن حسنآتك
وً بآرك الله فيك على طرحك القيم
دمت بخير وًسعآآآدهـ


 
 توقيع : ميارا
















وحدك يالله تدرك عمق
ما أشعر به فكن معي دائما
_ _ _ _

يبقى الكتمان مريح
رغم انه مؤذي داخليا
_ _ _ _
اشعر بخيبه
مثل ذالك السجين
الذي سمحوا له
بالزياره مرا واحد في السنه
ولم يأتي احد لزيارته


مواضيع : ميارا



رد مع اقتباس
قديم 21-04-2015, 10:31 PM   #3


الصورة الرمزية الحر الأشقر
الحر الأشقر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4632
 تاريخ التسجيل :  20 - 3 - 2014
 أخر زيارة : 15-07-2016 (12:11 AM)
 المشاركات : 5,416 [ + ]
 التقييم :  11268061
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 SMS ~
ايــام مثـل المسك فايـح نـداهـا
تـمـر عـجـلانـه وعـنــا تـخطـت
وايام فيها المر طايـح جـــداهـا
استانست باجـوارنا ثـم حــطـت
لوني المفضل : Burlywood
افتراضي



طرح بمنتهى الروعه والجمال
يعطيك ربي العآفيه يالغلا
ب إنتظارجديدك القادم والمميز
كل الود والورود لروحك الزكيه


 
 توقيع : الحر الأشقر

حسبي الله ونعم الوكيل


رد مع اقتباس
قديم 22-04-2015, 12:27 AM   #4


الصورة الرمزية ذابت نجوم الليل
ذابت نجوم الليل متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5956
 تاريخ التسجيل :  3 - 6 - 2014
 أخر زيارة : يوم أمس (11:53 PM)
 المشاركات : 3,335,900 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : red
افتراضي



جزاك الله الجنه وعطرها


 
 توقيع : ذابت نجوم الليل








فـي كفّهـا خاتـم وفـي خدّهـا خـال
وفي عينهـا غيـم وعمـارات وبيـوت !!
الخال شفته واضـحٍ مـن ورا الشـال
والخاتـم المـاس المرصـع بيـاقـوت

ماهي تشوف الشمس من ظل لــ/ ظـلال
ومصيافهـا مابيـن لـنـدن وبـيـروت
ومن صغر مبسمها شكى حالهـا الحـال
ما تاكـل الإ اللـوز والخـوخ والتـوت!!


::



رد مع اقتباس
قديم 22-04-2015, 03:25 AM   #5


الصورة الرمزية البرنسيسه فاتنة
البرنسيسه فاتنة غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4429
 تاريخ التسجيل :  3 - 2 - 2014
 أخر زيارة : 15-07-2023 (04:13 PM)
 المشاركات : 1,067,868 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Jordan
لوني المفضل : red
افتراضي



جزاك الله خير
وجعله الله في ميزان حسناتك
وجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمت بحفظ الله ورعايته


 

رد مع اقتباس
قديم 22-04-2015, 12:01 PM   #6


الصورة الرمزية حنين الروح
حنين الروح غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5786
 تاريخ التسجيل :  11 - 1 - 2015
 أخر زيارة : 08-01-2022 (11:42 PM)
 المشاركات : 134,404 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Iraq
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Blueviolet
افتراضي



دام التألق ... ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع لك مني كل التقدير ...!!


 

رد مع اقتباس
قديم 24-04-2015, 05:05 AM   #7


الصورة الرمزية سابين
سابين غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 4515
 تاريخ التسجيل :  22 - 2 - 2014
 أخر زيارة : 15-11-2015 (12:46 PM)
 المشاركات : 61,297 [ + ]
 التقييم :  20901418
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
 SMS ~
على شموخ العز يا راس تبقى
لو حاولت بعض الوجيه احتقارك
ما دامت يدينا على الطيب سبقى
لا تلتفت للناس واصل مسارك
لوني المفضل : Deeppink
افتراضي



أثابك الله ونفع بك
طرح قيم ومفيد , بارك الله بك


 
 توقيع : سابين


مرر الماوس


اللهم أدخل عبدك عبد الله بن عبد العزيز الجنه بدون حساب.


رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
(2) , أسرار , أو , الأول , التذييل , التوبة , الربع , سورة , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسـرآر منطقـه ألـرُبـع ألـخآلـى Kassab ❀ همسـات الأخبار المحلية والعالمية ❀ 11 20-02-2015 05:48 AM
حدث في الأول من يناير غلا الكويت ( حدث في مثل هذا اليوم // هل تعلم ) 11 25-01-2015 10:12 PM
باب التوبة مفتوح زائر الفجر ۞ همســـــات الإسلامي ۞ 16 11-11-2014 01:48 AM
من هم الصادقون في التوبة ؟ (118- التوبة / ج11) سراج العز ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ 30 18-06-2014 06:14 AM
أخبار النادي الأهلي السعودي |[ في صحف اليوم الأربعاء 4 جماد الأول 1435هـ ]| حلآهآ حربي♪ ❀ همســـات الرياضه ❀ 7 08-04-2014 06:24 AM


الساعة الآن 08:09 AM

أقسام المنتدى

¨°o.O (المنتديات العامه) O.o°¨ | ❀ همســـــات العام ❀ | ❀ همســـــات الترحيب والإهداءات ❀ | ❀ همســـــات الحوار والنقاش الجاد ❀ | ۞ همســـــات الإسلامي ۞ | ¨°o.O (المنتديات الأدبية) O.o°¨ | ❀ همســــات المقال و الخواطر والنثر للمنقول ❀ | ❀ همســــات شعر وشعراء للمنقول ❀ | ❀ همســــات قصص وروايات ❀ | ¨°o.O (المنتديات الأسـريـة) O.o°¨ | ❀ همســـات الديكور و الكروشيه ❀ | ❀ همسات عالم حواء ❀ | ❀ همســـات عالم آدم ❀ | ❀ همســـات التاريخ والتراث والأنساب ❀ | ❀ همســـات الرياضه ❀ | ( همســـات السيارات والدرجات الناريه) | ❀ همسـات الأخبار المحلية والعالمية ❀ | ❀ همســـات الصحه والطب ❀ | ¨°o.O (منتديات الرياضية والفن والتسلية) O.o°¨ | ❀ همســـات الترفيه والطرائف ❀ | (همسات الالعاب والتسليه ) | ❀ همســـات جـسـر الـتـواصــل ❀ | ❀ همســـــات المسلسلات العربيه والأجنبية ❀ | ¨°o.O (المنتديات الثقافية والفكرية) O.o°¨ | ❀ همســـــات English word ❀ | ❀ همسات الجامعة والطلبه والطالبات ❀ | ❀ همســـات الاسرة والحمل ❀ | ❀ همســـات المطبخ ❀ | ¨°o.O (منتديات اليوتيوب والصـور والأنمي والمسلسلات) O.o°¨ | ❀ همســـات الصور ❀ | ( لآئحة الشرف ) | ¨°o.O (منتديات الـتـقـنـيـة) O.o°¨ | ❀ همســـات الكمبيوتر والانترنت والبرمجيات ❀ | ❀ مجلات ودواوين همسات الغلا ❀ | ❀ همـسآت آلسويتش مآكس والتصاميم والجرافيكس ❀ | فارغ | ❀ همســـات الــ YouTube | ¨°o.O (منتدى المشرفين والادارة) O.o°¨ | (همســـات المواضيع المكرره والمحذوفه) | ❀ حصريات عدسة ومطبخ الأعضاء ❀ | ❀ حصريات بأقلام الاعضاء لم يسبق لها النشر ❀ | ❀ همسات مدونات الأعضاء [ blog ] ❀ | ( حصريات الأديبه همس الروح ) | ❀ أطروحات إحترافيه وبنود أدبية ) ❀ | ❀ همسات الوطن والعالم العربي ❀ | (همسات المسابقات والفعاليات ) | ۞ همسات الصوتيات والفلاشات الاسلاميه ۞ | ❀ همسات النثرْ و الخواطر والشعر بقلم العضو سبق نشرها ❀ | ❀ همسات جنان الكلمة ديزاين ❀ | ❀ همسات الأيفون و الأندرويد وسوشيال ميديا ❀ | (الخيمه الرمضانيه) | ¨°o.O (منتديات الفوتوشوب والسويتش ماكس) O.o°¨ | ركن الاديبة قَبَس | ❀ همسات حقيبة المصمم ❀ | ( قسم الفواصل والإكسسوارات لتنسيق المواضيع ) | ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ | ۞ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ۞ | ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ | ❀ همسات تطوير الذات ❀ | قلعة عميدة الادباء البارزه | ( حدث في مثل هذا اليوم // هل تعلم ) | (همسات كرسي الإعتراف و ASK ME ) | ۞ همسات الحج والعمرة ۞ | ❀ همسات القصائد الصوتيه والمرئيه ❀ | (همسات الطفل ) | (حصريات ملاذ الفرح) | ( همسات أعز الحبايب الأم ) | ¨°o.O ( المنتديات الادارية ) O.o°¨ | ¨°o.O ( الاقسام الخاصه ) O.o°¨ | (همسات الترقيات وتكريم الاعضاء) | ❀ همســـات الأعضــــاء ❀ | ( همسات الثقافه العامه ) | ❀ همسات الألفيات و التهاني وتواصل الأعضاء ❀ | ❀ حصريات تطوير الذات والنقاش الحر ❀ | ❀ قسم الحيوانات والنباتات والاسماك ❀ | فارغ | ❀ الطيور المهاجره ❀ | (مكتب المدير العام) | ( مسابقات رمضان ) | ( قناة وحصريات البرنسيسه فاتنة ) | ( قسم الفتاوي الاسلامية ) | ( المدونات الخاصه blog ) | ( همسات العزاء والدعاء بالشفاء للمرضى ) | ( قسم خاص للأنمي ) | ( همسات الدوري الاوروبي وكأس العالم) | ❀ إستراحة الأعضـــــــاء والمقهى الأدبي ❀ | ❀ حصريات قناة همسات الغلا ❀ | O.o°¨( منتدي الحصريات الأدبيه )¨°o.O | ❀ حصريات التصاميم و 3d ❀ | ❀ حصريات المقالات ❀ | ( ومضات خواطر وشعر حصرية ) | ( همســات رابطة الأدباء ) | ملحقات الفوتوشوب وطلبات الرمزيات والتواقيع | °¨(حصريات الرسم والخط العربي)¨° | دآر عمدآء الأدب | ( قناة وحصريات الجوري ) | °¨( ورشة عمل الفعاليات والمواضيع )¨° | ❀ حصريات الروايات والقصص القصيرة ❀ | ( قناة و حصريات ميارا ) | ❀ حصريات الشعر والمساجلات ❀ | الارشيف الخاص بالهمسات | ( السيرة الذاتيه للاعضاء ) | (أكاديمية صـفوة الأقلام) | قلعة عميدة الادباء الدكتوره نور اليقين | (ركن المصمم بو خالد) | ركن الاديب أعذب ميسان | ( حصريات النـور ) | ❀ همسات تاريخ العرب وأنسابها وأيامها ❀ | قلعة عميد الادباء عبدالله الصالح | ركن الشاعرة سيدة الحرف | قلعة عميدة الادباء أرجوحة حرف | ركن الشاعر القارظ العنزي | قلعة عميدة الادباء هند | قلعة عميد الادباء نجم ضاوي | (حصريات الأديبة فاتنة ) | فارغ | ركن الاديبه غروب | ركن الاديبه ملك | ❀ همسات واحة الفعاليات الأدبية الدائمة ❀ | ( حصريات مبارك آل ضرمان ) | ( حصريات ابن عمان ) | ( المدونات الخاصه جدا blog ) | ( حصريات ريحانة بغداد وفلسطين ) | قلعة عميد الادباء البرنس مديح ال قطب | OO°¨( منتدي الحصريات )¨°OO | (المطبخ الرمضاني) | دورة الفوتوشوب المنوعة آلآحترافية | ركن الأديب البراء الحريري | قلعة عميدة الأدباء تيماء | همسات الردود المميزة والحصرية | ❀ حصريات الشروحات ❀ | ❀ تعليم مبادئ الكتابه وصقل المواهب الكتابية ❀ | ركن الأديبة هَدهَدة حرف | ❀ همسات ذوي الاحتياجات الخاصة ❀ | ❀ الشكاوي والاقتراحات الخاصه للحصريات ❀ | حصريات أمير الكتاب الاستاذ ليتك وهم | مدونة الدكتور الأديب لسان العرب | ركن الكاتبة مواليف البدر | ❀ همســـات اجتماع الاداريين ❀ | نجم الأسبوع | ركن الشاعر أحد الصابرين | ❀ همسات السياحة والسفر ❀ | ۞ قسم الأحاديث النبوية ۞ | ❀ همسات الرحلات البريه والقنص ❀ | ❀ همسات تطوير استايلات وعروض مجانيه ❀ |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
This Forum used Arshfny Mod by islam servant