سيدنا سهل بن عبدالله التسترى رضى الله عنه

سيدنا سهل بن عبدالله التسترى رضى الله عنه

سيدنا سهل بن عبدالله التسترى رضى الله عنه ولد سنة مائتين أو إحدى و مائتين هجرية ببلدة تُسْتَر إحدى مدن خراسان . و هو إمام عصره فى الورع و المجاهدات و قد عرف الطريق إلى مولاه منذ الصبا فنشأ فى بيت تأسس على التقوى.فخاله محمد بن سوار أحد الزهاد الورعين و كان سهل فى الثالثة من عمره يرى خاله يقوم الليل مصلياً و قد بدأ سهل محاكاة خاله . و ذات ليلة قال له خاله :أذهب فنم فقد شغلت قلبى. و لما رأى منه خاله هذا الميل الفطرى للعبادة أقبل عليه قائلاً: ألا تذكر الله الذى خلقك؟ فقال:و كيف أذكره؟ قال له:قل بقلبك عند تقلبك فى ثيابك ثلاث مرات من غير أن تحرك به لسانك : الله شاهدى ففعل ذلك ثلاثة أيام ثم زاد عدد الذكر إلى سبع ثم إلى إحدى عشر مرة وكانت النتيجة كما قال السيد سهل نفسه: فوقع فى قلبى له حلاوة. مضى سهل إلى الكُتاب و هو ابن سبع سنين و حفظ القران فاكتمل له فى طفولته ما لم يكتمل لأحد من قرنائه فى عصره، حتى لقد رُوى عن أحمد بن سالم فى كتاب صفة الأولياء أنه قال :"ذَكَرَ سهل التسترى و هو ابن ثلاث سنين و صام و هو ابن خمس سنين و ساح فى طلب العلم و هو ابن تسع سنين." وصل سهل فى سيره إلى الله إلى مقام خاص لم يظفر به إلا خواص الخواص و هو مقام "سجود القلب" و عن ذلك يقول الشيخ محيى الدين بن عربى فى الفتوحات :"كان بدء سهل فى هذا الطريق سجود القلب. و كم من ولى كبير الشأن طويل العمر مات و ما حصل له سجود القلب و لا يعلم أن للقلب سجوداً مع تحققه بالولاية و رسوخ قدمه فيها فإن سجوده إذا حصل لا يرفع رأسه أبداً من سجدته و لهذا لما رأى سهل أن قلبه قد سجد بقى حائراً فمازال يسأل شيوخ الطريق فما وجد أحداً يعرفها فإنهم أهل صدق لا ينطقون إلا عن ذوق محقق.فدله البعض إلى أحد الشيوخ فذهب إليه قائلاً : أيها الشيخ أيسجد القلب؟ فقال:إلى الأبد. و كان هذا الرجل هو عارف عبادان الشيخ حمزة بن عبد الله رضى الله عنه و كان فيما قال له حين أخبره سهل بواقعته : بشراك يا سهل و طوبى لك لقد بلغت الذروة العليا وانتقلت إلى المقام الأسمى.لقد سجد قلبك و هو أعلى مراتب اليقين أما عن منهج سيدى سهل السلوكى فإن هذا العارف لم يترك سبيلاً للعبادة و الطاعة إلا و التمسه حتى انصهرت روحه فى محراب المجاهدة الروحية. يقول سهل :"ما من قلب و لا نفس إلا و الله مطلع عليه فى ساعات الليل و النهار فأيما قلب أو نفس رأى فيه حاجة لسواه سُلط عليه إبليس ". و يشير الإمام الشعرانى رضى الله عنه فى طبقاته إلى جانب من جوانب السمو الروحى عند سهل التسترى و هو جانب تحرى الحلال قائلاً :"و كان رضى الله عنه يقول : أنا حجة الله على الخلق, و أنا حجة على أولياء زمانى .فبلغ ذلك أبا زكريا الساجى و أبا عبد الله الزبيرى فذهبا إليه فقال له أبو عبد الله الزبيرى بلغنا عنك أنك تقول:أنا حجة الله على الخلق و أنا حجة الله على أولياء زمانى فبماذا صرت؟هل أنت نبى أو صديق؟فقال سهل:لم أذهب حيث ظننت و لست أنا نبياً.إنما قلت هذا لأننى صححت أكل الحلال دون غيرى.فقال له:أأنت صححت الحلال؟قال:نعم لا اكل دائماً إلا حلالاً .فقال له الزبيرى:و كيف ذلك؟ فقال له سهل:قسمت عقلى و معرفتى و قوتى على سبعة أجزاء فأترك الأكل حتى إذا كاد يذهب ذلك الجزء و تتلف معه نفسى أكلت بقدر البلغة خوفاً أن أكون قد أعنت على نفسى و لترد على الستة الأخرى فبهذا صح لى الحلال . فقال له الزبيرى:نحن لا نقدر على المداومة على هذا و لا نعرف أن نقسم عقولنا و معرفتنا و قوتنا إلى سبعة أجزاء .و اعترفا بفضل سهل رضى الله عنه." و كان سهل رضى الله عنه يقول:"الدنيا حرام على صفوة خلق الله لا يتناولون منها إلا بقدر الضرورة" ثم يحدد أصول الطريق الصوفى قائلاً:"أصولنا سبعة: التمسك بكتاب الله و الاقتداء بسنة رسوله صلى الله عليه و سلم و أكل الحلال و كف الأذى و اجتناب المعاصى و التوبة و أداء الحقوق." و حين سُئل عن الولى قال : "إياكم و معاداة من أشهره الله بالولاية فإنه كان بالبصرة ولى فعاداه أهلها و اذوه فغضب الله عليهم فهلكوا أجمعين " و يجدر بالذكر هنا ما جاء فى الحديث القدسى " من عادى لى ولياً فقد اذَنتُه بالحرب". ألف سهل التستري تفسيراً موجزاً للقران الكريم عُرف بتفسير التستري. و من رواءع أقواله رضى الله عنه :" لو أُعطى العبد لكل حرف من القران ألف فهم لما بلغ نهاية ما جعل الله تعالى فى اية من كتاب الله تعالى من الفهم لأنه كلام الله تعالى , و كلامه صفته و كما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه و إنما يفهمون على مقدار ما يفتح الله تعالى على قلوب أوليائه من فهم كلامه و كلام الله غير مخلوق فلا تبلغ إلى نهاية الفهم فيه فهوم الخلق لإنها محدثة مخلوقة" و من كرامات هذا الولي أنه أصيب بفالج اخر عمره فكان إذا حضرت الصلاة زال عنه فإذا فرغ منها عاد إليه. كان هذا هو الإمام سهل التستري من أئمة الصوفية , و احد ممن اختصه الله بفضله و علمه فتحققت له الولاية و المنزلة الروحية العالية. اللهم اجمعنا برسولك و أوليائك الصالحين في جنة النعيم.امين. ثم أضاف الفقير ناقل الترجمة هذه السطور تعقيباً وتشجيعاً يتردد المرء كثيراً إذا حاول أن يكتب عن هذا الولي العظيم سيدنا سهل بن عبد الله التُـسْـتـَري رضي الله عنه. فمن السهل أن تدرك الفارق بينك وبين هؤلاء الصفوة من أمة سيد المرسلين بما يجعلك تخجل من أن تكون أنت أيها العاصي الفاني متحدثاً باسمهم في منتدى أو قائمة مراسلة أو خلافه، تماماً كهذا الذي أدرك عظم بليته فجانَبَ أحسن الحديث لإحساسه بالتفاوت الكبير بين ما قد يتكلم فيه من حديث التقوى وحاله وهذا ليس تشهيراً بالنفس بل هي مقدمة ضرورية أعتذر بها عن خوضي في هذا الحديث الذي أدعو الله أن يؤهلني لأن أكون ممن لا يشعرون بقدر كبير من الخجل إذا شرعوا فيه، وأعلى ما يصل إليه المرء في ذلك هو استواء باطن الإنسان وظاهره بحيث لا يخجل إن إطلع أحد الناس على باطنه لنقاء الباطن كما تنقى الظاهر، كما شرح قطب السلوك سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه وأرضاه وللأولياء الذين تلوا عصر الصحابة في القلب منزلة خاصة لأنهم يستوون وإيانا في عدم الأخذ عن النبي ظاهراً على عكس الصحابة. فالصحابة لهم السبق التام والحظ الأوفق بكونهم عاينوا مالم نعاين من جمال الهيئة النبوية وعظم الأخلاق المحمدية وما من الله به عليهم من كمال وترق بسبب التحقق بالصحبة العظمى لذا يصبح لسيرة الأولياء مغزى خاصٌ لمن يريد أن لو من الله عليه بتجريد قلبه عما سواه، فهم قد حصَّـلوا ذلك دون اختصاص زماني كبير ولا سيما أهل زماننا والقرون المتأخرة منهم، فكلما تباعد الزمان عن خير القرون، استوى الأمر وصار ظهور الولاية في الوقت باعثاً على الامل في التمتع برحمة الله الاختصاصية لا مجرد الرحمة العامة أما عن سيدي سهل فله في القلب محبة خاصة ، ورغم أنه ليس من مشايخ السند في طريقتنا، فإن حلو سيرته أخذ بالمجامع ، وكأنه رضي الله عنه كان له من اسمه نصيب، فهو السهل الممتنع. ويكفيه ما صدَّر به الإمام الشعراني ترجمته حين قال: أبو محمد سهل بن عبد الله التستري رضي الله عنه: هو أحد أئمة القوم ومن أكابر علمائهم المتكلمين في علم الإخلاص ومن الأذكار التي اشتهر بها وذكرته كاتبة المقال قوله: الله شاهد علي، ولكن لهذا الذكر تماماً، وهو كاملاً: الله معي ، الله شاهد علي، الله ناظر إليّ. قال العارف الشعراني ـ على ما أتذكر ــ في ورد الأقطاب إن هذا الذكر يصل بالعبد إلى التحقق بمقام المراقبة ، وتذكرني هذه العبارات بعبارة القطب الشاذلي في دعائه الرائق الآخذ بالألباب الموسوم بحزب البحر، وهي: ستر العرش مسبول علينا، وعين الله ناظرة إلينا بحول الله لا يقدر علينا كما سارت قولته المشهورة: لي ثلاثون ( أو أربعون؟) عاماً أكلم الحق والخلق يظنون أني أكلمهم، مسار المثل السائر بين الصوفية فلا تذكر وإلا ويذكر معها قائلها وختاماً أقتبس قبسا آخر من أنواره، حيث يقول ما عمل عبد بما أمره الله تعالى عند فساد الأمور وتشويش الزمان واختلاف الناس في الرأي إلا جعله الله إماماً يقتدى به هادياً مهدياً وكان غريباً في زمانه وسئل عن الولي فقال هو الذي توالت أفعاله على الموافقة وسئل عن ذات الله عز وجل فقال ذات موصوفة بالعلم غير مدرَكـَةٍ بالإحاطة ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا حلول، تراه العيون في العقبى ظاهراً في ملكه وقدرته، وقد حجب الله سبحانه الخلق عن معرفة كنه ذاته ودلهم عليه بآياته، فالقلوب تعرفه والأبصار لا تدركه وقال: خلق الخلق ولم يحجبهم عنه، إنما جائهم الحجاب من تدبيرهم واختيارهم مع الله تعالى. وهو واحد ممن أطبقت الأمة على جلالته وعلو قدره لم يشذ في هذا أحد من ذوي الاعتبار، حتى ابن تيمية الحراني ذكره الذكر الجميل

الموضوع الأصلي: سيدنا سهل بن عبدالله التسترى رضى الله عنه || الكاتب: ميارا || المصدر: منتدى همسات الغلا

https://hamsatq.com/

كلمات البحث

العاب ، برامج ، منتدى همسات الغلا ، هاكات ، استايلات

المصدر: منتدى همسات الغلا

---

sd]kh sig fk uf]hggi hgjsjvn vqn hggi uki hgjsjvn fk vqd sd]kh sig uf]hggi

موضوع رائع ومميز

طرحت فابدعت دمت ودام عطائك

سلمت اناملك الذهبيه على ماخطته لنا

اعذب التحايا لك

لكـ خالص احترامي

دام التالق.. دام العطاء كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز
لك مني كل التقدير ...!

طرح رائع ومميز
بارك الله بك
وجزاكك الله خيرا
ورزقك الله الفردوس
ورفع عنك سيئاتك بعدد الاحرف الي كتبت
تحياتي

ثقَّل الله ميزانك وأثابك على هالطرح القيم.

جزاك الله خير
وجعله الله في ميزان حسناتك
وجزاك الله الفردوس إن شاء الله
ودمت بحفظ الله ورعايته

طرح قيم
بارك الله فيك
والله يجزاك خير
في ميزان اعمالك ان شاء الله