ضريبة النجـــــــــــــــــــــــاح ( قصة حقيقية ) بقلمي
مدخل ..
النجاح كلمة جميلة تتغني بها الشفاه وتطمح اليها الامال وتتعلق بها القلوب ..
البداية ..
لفت انتباهي له في ممرات المدرسة الثانوية يتلفت يمنة ويسره نحيل الجسم ثوب واسع
شعره ناعم يميل إلى البني الداكن بيده اليمنى حقيبته المدرسية الجلد ( في تلك الفترة لا يحمل الحقيبة إلا إخواننا من بلاد الشام ومصر أو من يتميزون بالذكاء .. غيرهم كنا نضحك عليهم )
وفي الأخرى ورقة التسجيل
اتجهت له مسلما وعارضا له خدماتي فأنا قد سبقته وسجلت جدولي ومواد هذا الفصل
تعرفت عليه انه محمد من اليمن ساعدته في إتمام جدوله الذي يتوافق مع جدولي وبذلك سنجتمع في اغلب حصص اليوم
منذ البداية محمد لا يعلم خارج إطار الكتاب وطلب العلم شيء
ليس له في أمور الشباب .. لم يخض عبابها .. فمن منزله للمدرسة إلى المسجد والده طالب في الجامعة
كنا نتحدث كثيرا وهو معنا عن مواقف تحدث لنا يوميا أما هو فصامت أو يقرا في كتاب ما
محمد الحياة ليست فقط دراسة .. فيبتسم ويقول من هنا نرسم أهدافنا وأنا قد رسمت هدفي إما أنتهم فأني احزن عليكم وعلى وقتكم الضائع
لم أكن حينها طالب عابث بل بالعكس كنت جيدا وكنت دائما أنافسه في تحصيل الدرجات لكنه لا يرضى بأن يكون ترتيبه الثاني مهما كلف الأمر
مضت الأيام وكل منا له طريقته حتى قربت نهاية السنة ومحمد يخطط للالتحاق بالفصول الصيفية حتى يستطيع إنهاء الدراسة في 3 سنوات
ونحن على حساباتنا نحتاج إلى 4 سنوات لإنهاء الدراسة الثانوية بنظام المطور حينها
مضت 3 سنوات على صحبتنا ومع أخر فصل دراسي لتلك السنة بشرنا محمد انه سيتخرج مع الفصل الصيفي القادم ... فعلا كان مثالا للطالب المجتهد
تخرج محمد وهو ناقم على النظام المطور فقد حصل على نسبة 97.5 % ويقول لو كان نظام عادي لحصلت على 99%
ودعنا موصيا كل شاب منا أن نحرص على أن ننهي الدراسة بمعدلات جيده أما هو فقد قدم على الجامعة ولم يقبل لأنه مغترب وبعض الجامعات طلبت منه ترك ملفه وإذا قبلٌ سيتصلُ به
سافر إلى بلده وقدم على الخدمة المدنية ( التجنيد ) وبحكم ان معدله عالي تم تعيينه مدرسا لأحد المدارس الابتدائية في الهجر
أتم سنته وتقدم لبعثة خارجية فكان العرض جميلا جدا أربع دول بثلاث تخصصات
اختار مصر وكلية الطب البشري
في هذه الأثناء تم الاتصال عليه من قبل الجامعة هنا وطلبوا منه الحضور فقد تم قبوله ولكنه اعتذر رغم أنهم عرضوا عليه الدراسة على حساب الجامعة
سافر محمد إلى مصر حاملا معه طموح وهدف كبير عاش حياة الغربة 7 سنوات وتخرج كطبيب
ثم تخصص بالجلدية والتناسلية وعاد إلى اليمن
توظف مؤقتا في إحدى المستشفيات حتى يرتب وضعه ثم افتتح عيادة خاصة ومنها بداء يرسم لنفسه هدف آخر وهو تخصصه في عالم التجميل فقط
كان كالرحالة يتنقل من بلد إلى آخر يحضر دورة هنا وأخرى هناك يتابع آخر مستجدات هذا العلم وآخر تقنية وصل إليها
مرة أجده في فرنسا وأخرى في لندن وثالثه يحزم حقائبه متوجها إلى إيران
أنادية محمد العمر يمضى وأنت لم تفكر حتى بالزواج .. بالأولاد
يقول لي أنت ماذا فعلت بعد الزواج .. عاق طموحك وانظر لنفسك ...تبسمت وقلت له بل أنت من ينظر لنفسه إنا ولله الحمد جمعت بين المنصب والاستقرار إما أنت ما زلت تائه في هذه الحياة تحاول أن تسبقها ولم تدركها حتى الآن
بعد ضغط والديه تزوج وعمره 35 سنه ولم يطل هذا الزواج فألحقه بزوجة أخرى بعد 7 أشهر فقط وفي الأخير طلقهما ولم يكمل معهما سنتين
محمد لماذا هذا التصرف فرد بغرابة ( غبيات ) الأولى كسولة وغالب يومها نوم والأخرى لا تفهم
في حينها كان ردي له قاسيا لأني اعرف أن عذره غير صحيح
فقلت له :
لم تصدق بل لأن ذكائك اكبر من المعدل الطبيعي للشخص العادي فأنت تراها غبية
ولأنك رجل تريد فقط التحدث عن مجال عملك الذي يأخذ جل وقتك تريدها أن تكون عالمه فيه
ولأنك رجل صامت وبارد في حياتك الزوجية أردت منها أن تكون آلة تحركها بجهاز تحكم عن بعد تشغله وتغلقه وقتما تريد
ولأن هذه الصفات لن تجدها في بني جنسنا فأنصحك أن تتزوج من أجنبيه يكون لكم يوم محدد في الأسبوع تلتقيان فيه كزوجين وإذا تصادف في منتصف الأسبوع أن جمعتكم طاولة غداء واحدة فمحور حديثكم عن آخر تطورات العلم .
فتبسم وقال والله هذا هو ما ابحث عنه وقد وجدت بريطانية من أصل عربي دكتورة في نفس المجال وعرضت عليها الزواج
قلت لا أنصحك فهي ما زال الدم العربي يجري في عروقها وستطلب منك عاجلا أم آجلا ما تطلبه الزوجة العربية .
الآن محمد على أعتاب الأربعين من عمره
يلقى محاضرات في دول كثيرة
يظهر في التلفاز وله مقابلات عده
جمع ثروة لا بأس بها
له مركزه الاجتماعي في أوساط جماعته
لكنه أجوف من الداخل بدون أسره بدون زوجه أو طفل يناديه بابا
إخوانه كل منهم قد تزوج وكلهم ذوي شهادات عاليه أيضا
لديهم أبناء وبنات
إما هو فوحيد ترافقه سيجارته دائما التي يحرقها وتحرقه ( القات ) لا يستغنى عنه
رجعت إلى تلك الأيام والى طاولة الدراسة وتذكرت كلامه
أنا رسمت هدفي واحزن عليكم لأنكم ضائعون بدون هدف
فحمدت الله أني لم اخطط حينها بنفس طريقته
مخرج :
أن تجعل لنفسك هدفا شيء جميل ... ولكن لا يكن على حساب حياتك الخاصة
انتهى
بقلم / القائد في الظل
للقيادة تأثير
qvdfi hgk[hp rwm prdrdi frgld frgld prdrdi qvdfi