جبل طارق (بالإنجليزية: Gibraltar، جبرلتار)
هي منطقة حكم ذاتي تابعة للتاج البريطاني،
تقع في أقصى جنوب شبه جزيرة إيبيريا على
منطقة صخرية متوغلة في مياه البحر الأبيض المتوسط. تسمى محليًا بـ«جبرلتار»
وهو تحريف أوروبي للاسم العربي «جبل طارق»
سُمِيّت المنطقة على اسم القائد العسكري
المسلم طارق بن زياد.
كانت المنطقة مستعمرة بريطانية حتى 1981
عندما ألغت بريطانيا هذه المكانة
وقررت إقامة مناطق حكم ذاتي في ما بقي
من مستعمراتها السابقة. وبعد تغيير
طريقة الحكم في منطقة جبل طارق،
طالبت إسبانيا بإعادة المنطقة لسيادتها
مشيرة إلى أن الاتفاقية بين البلدين تنص
بإعادة المنطقة إلى إسبانيا في حال
حدوث تنازل بريطاني عنها.
أما بريطانيا
فأعلنت أنها لم تتنازل عن المنطقة
وأن الحكم الذاتي لا يلغي انتماء
المنطقة إلى التاج البريطاني.
مع ذلك وافقت بريطانيا على
فتح ميناء جبل الطارق
أمام السفن الإسبانية.
في غضون السنوات جددت
إسبانيا مطالبتها بإعادة
جبل طارق للسيادة الإسبانية
وحتى تفاوضت مع حكومة بريطانيا
عن هذه الإمكانية،
ولكن سكان المنطقة رفضوها
بقوة وتظاهروا ضدها إذ كان معظمهم
بريطانيو الأصل.
التاريخ
تعتبر المنطقة مأهولة بالسكان منذ
قديم الأزل ويعتبر الفينيقيون
من أوائل الشعوب التي استوطنت
في المنطقة حوالي 950 ق-م بعد الفينيقيين
أسس الرومان فيها مستوطنة
صغيرة استمرت حتى سقوط الإمبراطورية
الرومانية بعد ذلك تعاقب على
جبرلتار الفاندال ومن ثم جرى
ضمها إلى المملكة الإسبانية حتى الفتح الإسلامي
في عام 711 ميلادي، وكان قبل العصر الإسلامي يعرف بجبل كالبي (mons calpe)
العصر الإسلامي
قام المسلمون في عهد الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي بالعبور من المغرب بقيادة القائد الأموي
طارق بن زياد وذلك في 30 نيسان 711 ميلادي
طيلة 4 قرون لم يطرأ أي تعديل
عمراني على جبل طارق
ولكن اعتباراً من 1150 ميلاديًا
وفي عهد السلطان عبد المؤمن أحد سلاطين
الدولة الموحدية تم إنشاء مدينة
وجرى تحصينها وما تزال آثار المدينة والسور
واضحين في القصر المغاربي الموجود في المدينة.
لاحقاً جرى ضم جبل طارق إلى مملكة غرناطة
حتى عام 1309م.
حين قامت القوات الإسبانية بغزو المدينة
هذا الغزو الذي استمر حتى 1333م
ليعاد تحرير المدينة عن طريق قبيلة
بني مرين الذين أعادوها بدورهم في 1374م
لمملكة غرناطة التي احتفظت بالمدينة
حتى سقوطها نهائياً بيد الإسبان في عام 1492م
لينهي بذلك 750 عاماً من الحكم الإسلامي للمدينة.
العصر الإسباني
بعد استعادة جبل طارق من قبل الإسبان
جرى توطين جماعة من اليهود الإسبان المتحولين
(أي ممن قاموا بتحويل دينهم
من اليهودية إلى المسيحية الكاثوليكية)
و قد قام أحدهم ويدعى بيدرو دي هريرا
بقيادة 4350، يهودي
وعمل على إنشاء دويلة في جبل طارق
والتي استمرت لمدة 3 أعوام فقط قبل
أن يُعاد هؤلاء اليهود إلى غرناطة
وتُضم جبل طارق نهائياً للتاج الإسباني
الذي أُنشئ في عام 1501.
إحدى المعارك الشهيرة التي شهدتها
شبه جزيرة جبل طارق هي
المعركة البحرية التي دارت بين الأسطول الهولندي والأسطول الإسباني في عام 1607
وأسفرت عن خسارة إسبانية
كامل أسطولها البحري الراسي
في جبل طارق خلال 4 ساعات
فقط لأن الأسطول الهولندي
فاجأ السفن الإسبانية وهي راسية في مكانها.
تاريخ السيطرة البريطانية
في أثناء الحرب التي شنتها الدول المتمثلة
في إنجلترا هولندا والنمسا وذلك من أجل
إيقاف تحالف إسباني فرنسي قد يؤثر
على ميزان القوى في أوروبا وحّدت الدول الثلاثة أساطيلها وقامت بمهاجمة جنوب
وغرب إسبانيا وأسفر هجوم حدث
في 4 أغسطس 1704
وبعد قصف استمر 6 ساعات
بدءاً من الخامسة صباحاً بقيادة الأدميرال
جورج روك على رأس قوة مؤلفة من 1800
بحار بريطاني وهولندي أسفر عن سقوط جبرلتار ووقّعت اتفاقية استسلام سمح بموجبها
لسكان المنطقة بالنزوح عنها بسلام.
بالرغم من المحاولات الإسبانية الفرنسية
لم تتمكن إسبانيا من استعادة شبه الجزيرة
ووقعت في عام 1714 معاهدة
أوترخت والتي تخلت بموجبها إسبانيا
عن جبرلتار لصالح إنجلترا بشكل
مؤبد ودائم وأعلنت السيادة البريطانية
على شبه الجزيرة.
عبر التاريخ حاولت إسبانيا استعادة
جبل طارق فقامت في عام 1779
بحصار الإقليم بمساعدة المدفعية الفرنسية
لمدة استمرت 3 سنوات
إلا أن الأسطول البريطاني تمكن
من فّك الحصار وإلحاق الخسارة بالقوات الفرنسية-الإسبانية وجرى توقيع اتفاقية سلام بين الأطراف المتنازعة.
إنّ جبرلتار وعبر التاريخ كانت
واحدة من أهم القواعد البريطانية
وقد ازدادت أهميتها مع شق قناة السويس
مما دفع القوات البريطانية إلى إنشاء
قاعدة بحرية فيها وذلك لحماية مصالحها
في مياه البحر المتوسط وفي الطريق المؤدي إلى مستعمراتها في الهند وأستراليا.
التاريخ المعاصر
في عام 1950 وأثناء حكم الجنرال
فرانكو أعادت إسبانيا إثارة المشاكل
حول تبعية جبرلتار وزادت تعقيدات
حرية حركة الأفراد على الحدود إنّ أول
استفتاء حدث حول سيادة شبه الجزيرة
كان في عام 1967 وذلك من أجل الاختيار
ما بين البقاء تحت السيادة والتاج البريطاني
وبين الانتقال إلى السيادة الإسبانية
وقد اختار السكان وبأغلبية ساحقة
البقاء تحت السيادة البريطانية
(12.138 نعم مقابل 44 لا)
في عام 1981 عادت جبرلتار إلى محور
الأحداث وذلك مع إعلان الأمير تشارلز
ولي عهد بريطانيا وزوجته الأميرة ديانا
سبنسر رغبتهم في قضاء شهر العسل فيها
مما أدى إلى مقاطعة ملك إسبانيا خوان كارلوس وزوجته الملكة صوفيا مراسيم الزواج
كان لدخول إسبانيا في الإتحاد الأوروبي
دور فعال في فتح الحدود مع إسبانيا بشكل دائم،
في عام 1985 حدث استفتاء ثاني في عام 2002
وحمل معه نفس النتيجة السابقة وبأغلبية
ساحقة (17.900 نعم مقابل 187 لا).
الحكومة
يرأس الحاكم الذي يعينه التاج البريطاني
حكومة جبل طارق، ويعاونه مجلس
يتألف من خمسة قادة تنفيذيين
وأربعة من أعضاء مجلس النواب المؤلف
من 15 نائباً، ينتخبهم الشعب
مباشرة لمدة أربع سنوات،
أما مجلس الوزراء فيتكون من ثمانية
وزراء فقط، والمحكمة العليا
هي أعلى هيئة قضائية في جبل طارق.
الجغرافيا
تشغل صخرة جبل طارق المكونة
من كتلة ضخمة من الحجر الجيري
(ترتفع إلى 426 متر فوق سطح البحر)
معظم مساحة المنطقة،
التي تفتقر إلى الأراضي الزراعية،
مع أنها تتمتع بمناخ معتدل،
إذ يبلغ متوسط درجات الحرارة في
شهر كانون الثاني 13 ْ وفي شهر تموز 29.