ننتظر تسجيلك هنا


العودة   منتدى همسات الغلا > ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ > ۞ همســـــات الإسلامي ۞

الملاحظات

الإهداءات
الصارم من مكه : يا واسع الُّلطفِ إنَّ الحالَ تعلمُهُ ربِّي لكَ الحمدُ في صفوٍ وفي كدرِ جمعة مباركة مقدما

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 31-12-2023, 05:06 AM
االمهاجر غير متواجد حالياً
    Male
الاوسمة
اوفياء همسات الغلا 
لوني المفضل Gold
 رقم العضوية : 9981
 تاريخ التسجيل : 11 - 7 - 2023
 فترة الأقامة : 570 يوم
 أخر زيارة : 02-06-2024 (06:37 AM)
 العمر : 53
 المشاركات : 5,184 [ + ]
 التقييم : 67505912
 معدل التقييم : االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز االمهاجر يستحق التميز
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي مريم بنت عمران



بسم الله الرحمن الرحيم





مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ هي مريم «العذراء» «الصدّيقة» أم المسيح عيسى بن مريم، جاء ذكرها في القرآن في عدّة مواضع حتى أن هناك سورة باسمها، ذُكرت كذلك في السنة النبوية مما رُوي من أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم

. شهد الله لها بالعفة وطهّرها واصطفاها على نساء العالمين، واصطفاها لمعجزة إلهية تمثلت بحملها بعيسى وولادته من غير أب. روي في كمالها عن النبي محمد أنه قال: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (رواه البخاري ومسلم).


ولادتها

رُوي أنّ حنة بنت فاقوذا زوجة عمران كانت عاقراً لم تلد، إلى أن عجزت، فبينما هي في ظلّ شجرة أبصرت بطائر يطعم فرخاً له، فتحرّكت عاطفتها للولد وتمنّته فقالت: يا ربّ إنّ لك عليّ نذراً، شكراً لك، إن رزقتني ولداً أن أتصدّق به على بيت المقدس فيكون من خدمه. ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ٣٥﴾ (سورة آل عمران، الآية 35).

وقد استجاب لها الله سبحانه، فحملت، وأثناء حملها توفي زوجها عمران.

أولى الامتحانات أن أمها، التي كانت ترجو أن ترزق غلاماً لتهبه لخدمة بيت المقدس رزقت بنتاً، والبنت لا تقوم بالخدمة في المسجد كما يقوم الرجل، وأسفت حنّة واعتذرت لله عزّ وجل فقالت: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ٣٦﴾ (سورة آل عمران، الآية 36).

لكن الله سبحانه وتعالى قبل من حنّة النذر، وجعله نذراً مباركاً وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٧﴾ [آل عمران:37] (سورة آل عمران، الآية 37).


نشأتها

ولدت مريم يتيمة فقد توفي والدها عمران وهي في بطن أمها حنة بنت فاقوذا. فكانت أمها لا تستطيع تربيتها لكبر سنها. فكان كل شخص يريد أن يحظى بكفالتها فعمران أبو مريم كان معلمهم ومن درسهم دينهم وذا أفضال عليهم. فاتفقوا أن يقفوا على مجرى النهر ويرموا أقلامهم (اختاروا القلم لأن أبو مريم كان يعلمهم بالقلم). آخر قلم يبقى في النهر دون أن ينجرف هو الذي يكفلها. فرموا أقلامهم وجُرفت أقلامهم ووقف قلم زكريا أي أنه لم يكن آخر واحد ولكن وقف تماماً في النهر. فرموا مرة ثانية وحدث نفس ماحدث في المرة الأولى أي أن قلم زكريا وقف في النهر. رموا المرة الثالثة فوقف القلم في النهر مرة أخرى.

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ٤٤﴾ (سورة آل عمران، الآية 44) فآواها الله عند زوج خالتها نبي الله زكريا، وكان هذا من رحمة الله بمريم ورعايته لها، قال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٧﴾ (سورة آل عمران، الآية 37).

شبّت مريم وبيتها المسجد، وخلوتها فيه، وبلطف الله بها كان الطعام يأتيها من الغيب، وكلما زارها النبي زكريا، وجد عندها رزقاً، فكان يسأل عن مصدر هذا الرزق لأنه هو كافلها، فتقول له: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ٣٧﴾ (سورة آل عمران، الآية 37) وطوال تلك المدة كانت مريم، وهي المنذورة المقيمة في المحراب، فتاة عابدة قانتة في خلوة المسجد تحيي ليلها بالذكر والعبادة والصلاة والصوم.


نزول الملائكة وجبريل

تمهيد مريم لهذه المعجزة. بدأت الملائكة تكلم مريم وهذا اصطفاء آخر ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ٤٢ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣﴾ ثم نزول جبريل وهي معتكفة تعبد الله على هيئة رجل ليبشرها بالمسيح ولدًا لها ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا ١٧﴾ (سورة مريم، الآية 17) ففزعت منه، ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ١٨ قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ١٩ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ٢٠ قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا ٢١﴾ (سورة مريم، الآيات 18-21).


حمل مريم بعيسى ووضعه

بعد أن حملت مريم، وبدأ الحمل يظهر عليها، خرجت من محرابها في بيت المقدس إلى مكان تتوارى فيه عن أعين الناس حتى لا تلفت الأنظار ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا ٢٢﴾ (سورة مريم، الآية 22). فجاءها المخاض إلى جذع النخلة وهي وحيدة، فتضع حملها ولا أحد إلى جانبها يعتني بها ويواسيها وقد اجتمعت كل هذه الهموم والمصاعب على السيدة مريم، وهي من هي في عالم الايمان والتقوى، حتى وصل الأمر بها إلى أن تتمنّى الموت كما أشار القرآن الكريم: ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا ٢٣﴾ (سورة مريم، الآية 23). الله سبحانه وتعالى لا يترك من آمن ولجأ اليه خاصة سيدتنا مريم التي اصطفاها الله عز وجل بهذه المعجزة.فأنطق الله وليدها وكان أول مانطق به عيسى بأن تنظر تحتها فتجد عين ماء جارية. ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا ٢٤﴾ (سورة مريم، الآية 24) وأن تنظر لأعلى فتجد في النخل رُطباً ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ٢٥﴾ (سورة مريم، الآية 25) وهذه من المعجزات فهذا جدول ماء رقراق يفجّره الله لها، وها هي، وهي ضعيفة من آثار الولادة، تستطيع أن تهزّ جذع النخلة فيتساقط عليها الرطب جنياَ.

قال تعالى: ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ ٩١﴾ (سورة الأنبياء، الآية 91) في سورة الأنبياء لم يذكر اسم مريم بينما ذكره في سورة التحريم ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ١٢﴾ [التحريم:12] (سورة التحريم، الآية 12). والسبب في ذلك هو أن السياق في سورة الأنبياء كان في ذكر الأنبياء (إبراهيم، لوط، موسى، وزكريا ويحيى) ثم قال (والتي أحصنت فرجها) دون أن يُصرّح باسمها، لأن السياق في ذكر الأنبياء وهي ليست نبيّة، أما في سورة التحريم فذكر اسمها لأن السياق كان في ذكر النساء ومنهم (امرأة فرعون، امرأة لوط وامرأة نوح) فناسب ذكر اسمها حيث ذكر النساء. والتصريح بالاسم يكون للمدح إذا كان في المدح وللذمّ إذا كان في الذّم. ونلاحظ في سورة التحريم أنها من أعلى المذكورات في سياق النساء، ولهذا ذكر اسمها من باب المدح. أما في سورة الأنبياء فهي أقلّ المذكورين في السورة منزلة، أي الأنبياء، فلم يذكر اسمها.....ونسأل أيهما أخصّ في التعبير (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها) في سورة التحريم أو (والتي أحصنت فرجها) في سورة الأنبياء؟. فنقول أن الأخصّ (مريم ابنت عمران)، وقوله تعالى (فنفخنا فيها من روحنا) في الأنبياء أعمّ من (نفخنا فيه) وأمدح. إذن مريم ابنت عمران أخصّ من التي أحصنت فرجها فذكر الأخصّ مع الأخصّ (فنفخنا فيه) وجعل العام مع العام (فنفخنا فيها).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان الحمل والولادة في ساعة واحدة، وقيل: في تسعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر، وقيل: ستة أشهر، وقال مقاتل: حملته مريم في ساعة، وصور في ساعة، ووضعته في ساعة، وعمرها إذ ذاك عشر سنين، ولما ولدته حملته في الحال إلى قومها فأنكروا عليها. وذلك قوله تعال: (يا أُختَ هارونَ ما كانَ أبوكِ امرأ سوءٍ وما كانت أمُّكِ بغيَّاً) فلما سمعت إنكارهم وقولهم (فأشارتْ إليهِ) أي كلموه (قالوا كيفَ نكلِّمُ من كان في المهد صبياً) فقال له زكريا عليه السلام: أنطق بحجتك إن كنت أمرت بها. وقيل لماسمع عيسى عليه السلام كلامهم وإنكارهم اتكأ على يساره، وترك الرضاع وأقبل عليهم يشير بيمينه﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ٣١ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ٣٢ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ٣٣﴾ [مريم:30–33] (سورة مريم، الآيات 30-33). فلما كلمهم صدقوا وعلموا براءة مريم، عليها السلام. ثم سكت عيسى بعد ذلك فلم يتكلم حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان.

وذكر في كتاب «كشف الأسرار»: أن أسماء عيسى عليه السلام أربعة: عيسى، وكلمة، ومسيح، وروح، فعيسى هو: الأبيض في اللغة، ويقال: غير هذا الاشتقاق له. وروح لأنه من ريح جبرائيل، ويقال: لا بل خرج من الماء من تربة أمه إلى رحمها بنفخة جبرائيل، وهو من الماء لا من الريح، ويقال: ولد من ساعته، ويقال: لثمانية أشهر، ويقال: للمدة الكاملة، وأما تسميته كلمة فلأنه صار بكلمة مخلوقاً وسماه مسيحاً لأنه كان يسيح في الأرض، ويقال: ولد ممسوحاً بالدهن، ويقال: لأنه كان يمسح الضر عن الأعمى والأكمه والأبرص ويقال: المسيح الذي لا يكون لقدميه أخمص. وفيه أيضاً: لما أمرها بهز جذع النخلة بقوله تعالى: (وهزِّيَ إليكِ بجذعِ النَّخلةِ تساقطْ عليكِ رطباً جنيّاً) قيل: لأنها من ولد بغير أب فقال لها ذلك، فهزت بجذع يابسة بلا فحل ولا طلح طلع، لها أربع عجائب: الرطب من نخل يابس بلا فحل كيلا تعجب من ولد بغير أب ولا مس. وفيه أيضاً، لم أجري النهر بغير سعيها ولم يعطها الرطب إلا بسعيها؟ قيل: لان الرطب غذاء وشهوة. والماء سبب للطهارة والخدمة، ويقال: لما كانت وحيدة بعث إليها طعاماً من الجنة بلا سبب، فلما ولدت جاءت الواسطة فأمرها بهز النخلة. وذكر في «تاريخ ابن الوردي» ناقلاً من «الكامل» لابن الأثير قال: ولدت مريم عيسى في بيت لحم سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الاسكندر، ولهبوط آدم عليه السلام خمسة آلاف وخمسمائة وأربع وثمانون، ولطوفان نوح عليه السلام ثلاث آلاف وثلاثمائة واثنتان وأربعون سنة، ولمولد إبراهيم عليه السلام ألفان ومائتان وإحدى وستون، ولوفاة موسى عليه السلام ألف وسبعمائة وست عشرة سنة، ولابتداء ملك بخت نصر سبعمائة وثمان وثلاثون سنة، وقبل الهجرة بستمائة وإحدى وثلاثين سنة، ولما ولدته أتت به قومها تحمله فأخذوا الحجارة ليرموها ويرجموها فتكلم عيسى وهو في المهد معلقاً في منكبها (قال إني عبد الله..) الآية، فلما سمعوا كلام عيسى تركوها، فأخذته مريم وسارت به إلى مصر مع ابن عمها يوسف النجار ابن يعقوب، وزعم بعضهم أن يوسف تزوج مريم، ولم يقربها، ويوسف هذا هو أول من أنكر حملها ثم تحقق براءتها وسار معها، فأقاما في مصر اثنتي عشرة سنة، ثم عاد عيسى وأمه إلى الشام ونزلا الناصرة وبها سميت النصارى، وأقام بها حتى أرسل وقد صار له من العمر ثلاثون سنة، وابتدأ بالدعوة لستة أيام خلت من كانون الثاني، وأظهر المعجزات، وأحيا عازر بعد موته بثلاثة أيام، ولبس الصوف والشعر، وأكل من نبات الأرض، وبما تقوت من غزل أمه، وجعل من الطين طيراً، وأبرأ الأكمه والأبرص، ومشى على الماء. والحواريون الذين اتبعوه اثنا عشر، وهم: شمعون الصفا، وشمعون القناني، ويعقوب بن زيدي، ويعقوب بن خلفي، وقولوس، ومارقوس، واندراوس، وتمريللا، ويوحنا، ولوقا، وتوما، ومتى.


رجوعها بالمسيح إلى قومها بعد وضعه

وانطلقت إلى قومها. ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ٢٧ يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ٢٨ فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا ٢٩﴾ (سورة مريم، الآيات 27-29) فأنطق الله بقدرته المسيح ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ٣٠ وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ٣١ وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ٣٢ وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ٣٣﴾ (سورة مريم، الآيات 30-33). فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت براءة مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.


الهجرة

هاجرت به مريم إلى مصر وتَرَّبى فيها المسيح. لأن أعداء الله من اليهود خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد المبارك. ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ٨٧﴾ (سورة البقرة، الآية 87). وفي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ٩١﴾ (سورة البقرة، الآية 91).


العودة إلى فلسطين وحياتها زمن بعثة عيسى

عادت إلى فلسطين بعد موت الملك الطاغية، وظلت فيها حتى بعث الله تعالى المسيح برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد تلاميذه الخائنين وهو يهوذا الإسخريوطي، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع الله عيسى إليه مصدقًا لقوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ١٥٧ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ١٥٨﴾ (سورة النساء، الآيتين 157 و158).

ولما رفعه الله إلى السماء وقال اليهود ما قالوا، أنزله الله من السماء إلى أمه مريم وهي تبكي عليه، فقال لها: إن الله رفعني إليه، ولم يصبني إلا الخير وأمرها فجمعت له الحواريين فبثهم في الأرض رسلاً عن الله. ثم رفعه الله تعالى وتفرق الحواريون. وكان رفعه لمضي ثلاثمائة وست وثلاثين من غلبة الاسكندر، وكان بين رفع عيسى ومولد النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة وخمس وأربعون سنة تقريباً.

وعاشت مريم عليها السلام ثلاثاً وخمسين سنة، وحملت بالمسيح ولها ثلاث عشرة سنة، وحاضت قبل حملها حيضتين، وعاشت مجتمعه معه ثلاثاً وثلاثين سنة، وبقيت بعد رفعه ست سنين. وكان ملك اليهود الذي هم بقتل عيسى اسمه هردوس. قال ابن سعيد: وكانت اليهود قد جدت في طلبه فحضر بعض الحواريين إلى هردوس ملك اليهود، وقال له ولجماعة اليهود، ما تجعلون لي إذا دللتكم على المسيح. فجعلوا له ثلاثين درهماً فأخذها ودلهم عليه فرفع الله المسيح إليه وألقى شبهه على الذي دلهم عليه، فقبضه اليهود وربطوه بحبل وقادوه ويقولون له: أنت كنت تحيي الموتي، أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل ويبصقون في وجهه، ويلقون عليه الشوك وهو يستغيث بهم ويقول لهم: أنا فلان وهم لا يصدقونه وصلبوه على الخشبة ست ساعات ثم استوهبه يوسف النجار من هردوس ودفنه في قبر كان يوسف قد أعده لنفسه ثم ظهر لهم أنه هو الحواري الذي دل على عيسى، وأنزل الله عيسى على أمه وهي تبكي واجتمع بالحواريين وبعثهم رسلاً إلى البلاد.


وفاتها

توفيت مريم بعد رفع عيسى بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين سنة، ويقال: إن قبرها في أرض دمشق.


تمييز الله لها عن نساء العالمين

هي الوحيدة التي تحمل وتلد وهي عذراء وهذه معجزتها من الله للعالمين تذكيراً بأن الله هو الخالق وتذكيراً للناس بخلق أول البشر آدم. ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ١٢﴾ (سورة التحريم، الآية 12).
هي الوحيدة التي سميت سورة باسمها وذكرها الله باسمها في القرآن وهي سيدة نساء العالمين.

قال ابن عباس : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة أخطط ثم قال: « تدرون ما هذا؟ » قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: « أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ».





منقول
الموضوع الأصلي: مريم بنت عمران || الكاتب: االمهاجر || المصدر: منتدى همسات الغلا

كلمات البحث

العاب ، برامج ، منتدى همسات الغلا ، هاكات ، استايلات





lvdl fkj ulvhk fkj




 توقيع : االمهاجر


رد مع اقتباس
قديم 31-12-2023, 11:06 AM   #2
تحتح


الصورة الرمزية ~**~تحياآآآآتي~**~
~**~تحياآآآآتي~**~ غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9948
 تاريخ التسجيل :  23 - 2 - 2023
 أخر زيارة : 08-08-2024 (11:13 AM)
 المشاركات : 14,979 [ + ]
 التقييم :  372779564
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 SMS ~

~**~تحياآآآآتي~**~
تحتح
الله‍ يقـدرنـي عـلـى رد الجمـيـل
و
الله‍ يجملنـي الـى جالـي مـجـال
و
الله‍ يحـط الستـر لـي ظـل ظليـل
و
الله‍ يقوينـي علـى وصـل الحبـال


الحمدلله‍
و
لاحول ولاقوةالابالله‍
لوني المفضل : Cyan
افتراضي












الله يجزاگ الجنه‍
و
ينور قلبگ
بارگ الله‍ فيگ
و
فقگ الله‍ لما يحبه‍
و
يرضاه‍


،،،

،،،



]


 
 توقيع : ~**~تحياآآآآتي~**~




رد مع اقتباس
قديم 31-12-2023, 05:31 PM   #3


الصورة الرمزية ذابت نجوم الليل
ذابت نجوم الليل متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5956
 تاريخ التسجيل :  3 - 6 - 2014
 أخر زيارة : يوم أمس (11:53 PM)
 المشاركات : 3,335,900 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Saudi Arabia
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : red
افتراضي



طرح راقي ومميز
سلمت يمناك
واشكرك على جهودك
ومشاركاتك الفعاله
بنتظارجديدك وتعطير
همسات الغلا بما هو
جديد وقيم
::
:.


 
 توقيع : ذابت نجوم الليل








فـي كفّهـا خاتـم وفـي خدّهـا خـال
وفي عينهـا غيـم وعمـارات وبيـوت !!
الخال شفته واضـحٍ مـن ورا الشـال
والخاتـم المـاس المرصـع بيـاقـوت

ماهي تشوف الشمس من ظل لــ/ ظـلال
ومصيافهـا مابيـن لـنـدن وبـيـروت
ومن صغر مبسمها شكى حالهـا الحـال
ما تاكـل الإ اللـوز والخـوخ والتـوت!!


::



رد مع اقتباس
قديم 01-01-2024, 12:53 AM   #4


الصورة الرمزية االمهاجر
االمهاجر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9981
 تاريخ التسجيل :  11 - 7 - 2023
 العمر : 53
 أخر زيارة : 02-06-2024 (06:37 AM)
 المشاركات : 5,184 [ + ]
 التقييم :  67505912
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Gold
افتراضي



أخوي/اختي
العفو
جزاكم الله خير
و بارك الله فيكم
يعطيكم العافية
كل الشكر و التقدير


 
 توقيع : االمهاجر



رد مع اقتباس
قديم 03-01-2024, 02:22 PM   #5


الصورة الرمزية همس الروح
همس الروح متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 5633
 تاريخ التسجيل :  27 - 11 - 2014
 أخر زيارة : اليوم (10:57 AM)
 المشاركات : 1,049,447 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الجنس ~
Female
 SMS ~
لوني المفضل : Snow
افتراضي



جزاك الله خيرا ولاحرمك الأجر

بوركت وطرحك الطيب


 
 توقيع : همس الروح








رد مع اقتباس
قديم 04-01-2024, 12:49 AM   #6


الصورة الرمزية االمهاجر
االمهاجر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9981
 تاريخ التسجيل :  11 - 7 - 2023
 العمر : 53
 أخر زيارة : 02-06-2024 (06:37 AM)
 المشاركات : 5,184 [ + ]
 التقييم :  67505912
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Gold
افتراضي



أختي
بارك الله فيك
و جزاك الله خير
يعطيك العافية
كل الشكر و التقدير


 
 توقيع : االمهاجر



رد مع اقتباس
قديم 04-01-2024, 01:42 AM   #7


الصورة الرمزية جمر الغضا
جمر الغضا غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 10034
 تاريخ التسجيل :  25 - 12 - 2023
 العمر : 54
 أخر زيارة : 25-02-2024 (03:34 AM)
 المشاركات : 2,198 [ + ]
 التقييم :  89630760
 الدولهـ
Saudi Arabia
لوني المفضل : Gold
افتراضي



اقتباس:
 
   
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة االمهاجر مشاهدة المشاركة
بسم الله الرحمن الرحيم





مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ هي مريم «العذراء» «الصدّيقة» أم المسيح عيسى بن مريم، جاء ذكرها في القرآن في عدّة مواضع حتى أن هناك سورة باسمها، ذُكرت كذلك في السنة النبوية مما رُوي من أحاديث النبي محمد صلى الله عليه وسلم

. شهد الله لها بالعفة وطهّرها واصطفاها على نساء العالمين، واصطفاها لمعجزة إلهية تمثلت بحملها بعيسى وولادته من غير أب. روي في كمالها عن النبي محمد أنه قال: «كمل من الرجال كثير، ولم يكمُل من النساء إلا آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام» (رواه البخاري ومسلم).


ولادتها

رُوي أنّ حنة بنت فاقوذا زوجة عمران كانت عاقراً لم تلد، إلى أن عجزت، فبينما هي في ظلّ شجرة أبصرت بطائر يطعم فرخاً له، فتحرّكت عاطفتها للولد وتمنّته فقالت: يا ربّ إنّ لك عليّ نذراً، شكراً لك، إن رزقتني ولداً أن أتصدّق به على بيت المقدس فيكون من خدمه. ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ 35﴾ (سورة آل عمران، الآية 35).

وقد استجاب لها الله سبحانه، فحملت، وأثناء حملها توفي زوجها عمران.

أولى الامتحانات أن أمها، التي كانت ترجو أن ترزق غلاماً لتهبه لخدمة بيت المقدس رزقت بنتاً، والبنت لا تقوم بالخدمة في المسجد كما يقوم الرجل، وأسفت حنّة واعتذرت لله عزّ وجل فقالت: ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ 36﴾ (سورة آل عمران، الآية 36).

لكن الله سبحانه وتعالى قبل من حنّة النذر، وجعله نذراً مباركاً وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 37﴾ [آل عمران:37] (سورة آل عمران، الآية 37).


نشأتها

ولدت مريم يتيمة فقد توفي والدها عمران وهي في بطن أمها حنة بنت فاقوذا. فكانت أمها لا تستطيع تربيتها لكبر سنها. فكان كل شخص يريد أن يحظى بكفالتها فعمران أبو مريم كان معلمهم ومن درسهم دينهم وذا أفضال عليهم. فاتفقوا أن يقفوا على مجرى النهر ويرموا أقلامهم (اختاروا القلم لأن أبو مريم كان يعلمهم بالقلم). آخر قلم يبقى في النهر دون أن ينجرف هو الذي يكفلها. فرموا أقلامهم وجُرفت أقلامهم ووقف قلم زكريا أي أنه لم يكن آخر واحد ولكن وقف تماماً في النهر. فرموا مرة ثانية وحدث نفس ماحدث في المرة الأولى أي أن قلم زكريا وقف في النهر. رموا المرة الثالثة فوقف القلم في النهر مرة أخرى.

﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ 44﴾ (سورة آل عمران، الآية 44) فآواها الله عند زوج خالتها نبي الله زكريا، وكان هذا من رحمة الله بمريم ورعايته لها، قال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 37﴾ (سورة آل عمران، الآية 37).

شبّت مريم وبيتها المسجد، وخلوتها فيه، وبلطف الله بها كان الطعام يأتيها من الغيب، وكلما زارها النبي زكريا، وجد عندها رزقاً، فكان يسأل عن مصدر هذا الرزق لأنه هو كافلها، فتقول له: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ 37﴾ (سورة آل عمران، الآية 37) وطوال تلك المدة كانت مريم، وهي المنذورة المقيمة في المحراب، فتاة عابدة قانتة في خلوة المسجد تحيي ليلها بالذكر والعبادة والصلاة والصوم.


نزول الملائكة وجبريل

تمهيد مريم لهذه المعجزة. بدأت الملائكة تكلم مريم وهذا اصطفاء آخر ﴿وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ 42 يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ 43﴾ ثم نزول جبريل وهي معتكفة تعبد الله على هيئة رجل ليبشرها بالمسيح ولدًا لها ﴿فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا 17﴾ (سورة مريم، الآية 17) ففزعت منه، ﴿قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا 18 قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا 19 قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا 20 قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا 21﴾ (سورة مريم، الآيات 18-21).


حمل مريم بعيسى ووضعه

بعد أن حملت مريم، وبدأ الحمل يظهر عليها، خرجت من محرابها في بيت المقدس إلى مكان تتوارى فيه عن أعين الناس حتى لا تلفت الأنظار ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا 22﴾ (سورة مريم، الآية 22). فجاءها المخاض إلى جذع النخلة وهي وحيدة، فتضع حملها ولا أحد إلى جانبها يعتني بها ويواسيها وقد اجتمعت كل هذه الهموم والمصاعب على السيدة مريم، وهي من هي في عالم الايمان والتقوى، حتى وصل الأمر بها إلى أن تتمنّى الموت كما أشار القرآن الكريم: ﴿فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا 23﴾ (سورة مريم، الآية 23). الله سبحانه وتعالى لا يترك من آمن ولجأ اليه خاصة سيدتنا مريم التي اصطفاها الله عز وجل بهذه المعجزة.فأنطق الله وليدها وكان أول مانطق به عيسى بأن تنظر تحتها فتجد عين ماء جارية. ﴿فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا 24﴾ (سورة مريم، الآية 24) وأن تنظر لأعلى فتجد في النخل رُطباً ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا 25﴾ (سورة مريم، الآية 25) وهذه من المعجزات فهذا جدول ماء رقراق يفجّره الله لها، وها هي، وهي ضعيفة من آثار الولادة، تستطيع أن تهزّ جذع النخلة فيتساقط عليها الرطب جنياَ.

قال تعالى: ﴿وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ 91﴾ (سورة الأنبياء، الآية 91) في سورة الأنبياء لم يذكر اسم مريم بينما ذكره في سورة التحريم ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ 12﴾ [التحريم:12] (سورة التحريم، الآية 12). والسبب في ذلك هو أن السياق في سورة الأنبياء كان في ذكر الأنبياء (إبراهيم، لوط، موسى، وزكريا ويحيى) ثم قال (والتي أحصنت فرجها) دون أن يُصرّح باسمها، لأن السياق في ذكر الأنبياء وهي ليست نبيّة، أما في سورة التحريم فذكر اسمها لأن السياق كان في ذكر النساء ومنهم (امرأة فرعون، امرأة لوط وامرأة نوح) فناسب ذكر اسمها حيث ذكر النساء. والتصريح بالاسم يكون للمدح إذا كان في المدح وللذمّ إذا كان في الذّم. ونلاحظ في سورة التحريم أنها من أعلى المذكورات في سياق النساء، ولهذا ذكر اسمها من باب المدح. أما في سورة الأنبياء فهي أقلّ المذكورين في السورة منزلة، أي الأنبياء، فلم يذكر اسمها.....ونسأل أيهما أخصّ في التعبير (ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها) في سورة التحريم أو (والتي أحصنت فرجها) في سورة الأنبياء؟. فنقول أن الأخصّ (مريم ابنت عمران)، وقوله تعالى (فنفخنا فيها من روحنا) في الأنبياء أعمّ من (نفخنا فيه) وأمدح. إذن مريم ابنت عمران أخصّ من التي أحصنت فرجها فذكر الأخصّ مع الأخصّ (فنفخنا فيه) وجعل العام مع العام (فنفخنا فيها).

قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان الحمل والولادة في ساعة واحدة، وقيل: في تسعة أشهر، وقيل ثمانية أشهر، وقيل: ستة أشهر، وقال مقاتل: حملته مريم في ساعة، وصور في ساعة، ووضعته في ساعة، وعمرها إذ ذاك عشر سنين، ولما ولدته حملته في الحال إلى قومها فأنكروا عليها. وذلك قوله تعال: (يا أُختَ هارونَ ما كانَ أبوكِ امرأ سوءٍ وما كانت أمُّكِ بغيَّاً) فلما سمعت إنكارهم وقولهم (فأشارتْ إليهِ) أي كلموه (قالوا كيفَ نكلِّمُ من كان في المهد صبياً) فقال له زكريا عليه السلام: أنطق بحجتك إن كنت أمرت بها. وقيل لماسمع عيسى عليه السلام كلامهم وإنكارهم اتكأ على يساره، وترك الرضاع وأقبل عليهم يشير بيمينه﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا 30 وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا 31 وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا 32 وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا 33﴾ [مريم:30–33] (سورة مريم، الآيات 30-33). فلما كلمهم صدقوا وعلموا براءة مريم، عليها السلام. ثم سكت عيسى بعد ذلك فلم يتكلم حتى بلغ المدة التي يتكلم فيها الصبيان.

وذكر في كتاب «كشف الأسرار»: أن أسماء عيسى عليه السلام أربعة: عيسى، وكلمة، ومسيح، وروح، فعيسى هو: الأبيض في اللغة، ويقال: غير هذا الاشتقاق له. وروح لأنه من ريح جبرائيل، ويقال: لا بل خرج من الماء من تربة أمه إلى رحمها بنفخة جبرائيل، وهو من الماء لا من الريح، ويقال: ولد من ساعته، ويقال: لثمانية أشهر، ويقال: للمدة الكاملة، وأما تسميته كلمة فلأنه صار بكلمة مخلوقاً وسماه مسيحاً لأنه كان يسيح في الأرض، ويقال: ولد ممسوحاً بالدهن، ويقال: لأنه كان يمسح الضر عن الأعمى والأكمه والأبرص ويقال: المسيح الذي لا يكون لقدميه أخمص. وفيه أيضاً: لما أمرها بهز جذع النخلة بقوله تعالى: (وهزِّيَ إليكِ بجذعِ النَّخلةِ تساقطْ عليكِ رطباً جنيّاً) قيل: لأنها من ولد بغير أب فقال لها ذلك، فهزت بجذع يابسة بلا فحل ولا طلح طلع، لها أربع عجائب: الرطب من نخل يابس بلا فحل كيلا تعجب من ولد بغير أب ولا مس. وفيه أيضاً، لم أجري النهر بغير سعيها ولم يعطها الرطب إلا بسعيها؟ قيل: لان الرطب غذاء وشهوة. والماء سبب للطهارة والخدمة، ويقال: لما كانت وحيدة بعث إليها طعاماً من الجنة بلا سبب، فلما ولدت جاءت الواسطة فأمرها بهز النخلة. وذكر في «تاريخ ابن الوردي» ناقلاً من «الكامل» لابن الأثير قال: ولدت مريم عيسى في بيت لحم سنة أربع وثلاثمائة لغلبة الاسكندر، ولهبوط آدم عليه السلام خمسة آلاف وخمسمائة وأربع وثمانون، ولطوفان نوح عليه السلام ثلاث آلاف وثلاثمائة واثنتان وأربعون سنة، ولمولد إبراهيم عليه السلام ألفان ومائتان وإحدى وستون، ولوفاة موسى عليه السلام ألف وسبعمائة وست عشرة سنة، ولابتداء ملك بخت نصر سبعمائة وثمان وثلاثون سنة، وقبل الهجرة بستمائة وإحدى وثلاثين سنة، ولما ولدته أتت به قومها تحمله فأخذوا الحجارة ليرموها ويرجموها فتكلم عيسى وهو في المهد معلقاً في منكبها (قال إني عبد الله..) الآية، فلما سمعوا كلام عيسى تركوها، فأخذته مريم وسارت به إلى مصر مع ابن عمها يوسف النجار ابن يعقوب، وزعم بعضهم أن يوسف تزوج مريم، ولم يقربها، ويوسف هذا هو أول من أنكر حملها ثم تحقق براءتها وسار معها، فأقاما في مصر اثنتي عشرة سنة، ثم عاد عيسى وأمه إلى الشام ونزلا الناصرة وبها سميت النصارى، وأقام بها حتى أرسل وقد صار له من العمر ثلاثون سنة، وابتدأ بالدعوة لستة أيام خلت من كانون الثاني، وأظهر المعجزات، وأحيا عازر بعد موته بثلاثة أيام، ولبس الصوف والشعر، وأكل من نبات الأرض، وبما تقوت من غزل أمه، وجعل من الطين طيراً، وأبرأ الأكمه والأبرص، ومشى على الماء. والحواريون الذين اتبعوه اثنا عشر، وهم: شمعون الصفا، وشمعون القناني، ويعقوب بن زيدي، ويعقوب بن خلفي، وقولوس، ومارقوس، واندراوس، وتمريللا، ويوحنا، ولوقا، وتوما، ومتى.


رجوعها بالمسيح إلى قومها بعد وضعه

وانطلقت إلى قومها. ﴿فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا 27 يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا 28 فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا 29﴾ (سورة مريم، الآيات 27-29) فأنطق الله بقدرته المسيح ﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا 30 وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا 31 وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا 32 وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا 33﴾ (سورة مريم، الآيات 30-33). فَعَلَتِ الدهشةُ وجوهَ القوم، وظهرت براءة مريم، فانشرح صدرها، وحمدت الله على نعمته.


الهجرة

هاجرت به مريم إلى مصر وتَرَّبى فيها المسيح. لأن أعداء الله من اليهود خافوا على عرشهم وثرواتهم، فبعث ملكهم جنوده ليقتلوا هذا الوليد المبارك. ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ 87﴾ (سورة البقرة، الآية 87). وفي قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ 91﴾ (سورة البقرة، الآية 91).


العودة إلى فلسطين وحياتها زمن بعثة عيسى

عادت إلى فلسطين بعد موت الملك الطاغية، وظلت فيها حتى بعث الله تعالى المسيح برسالته، فشاركته أمه أعباءها، وأعباء اضطهاد اليهود له وكيدهم به، حتى إذا أرادوا قتله، أنقذه الله من بين أيديهم، وألقى شَبَهَهُ على أحد تلاميذه الخائنين وهو يهوذا الإسخريوطي، فأخذه اليهود فصلبوه حيا. بينما رفع الله عيسى إليه مصدقًا لقوله تعالى: ﴿وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا 157 بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا 158﴾ (سورة النساء، الآيتين 157 و158).

ولما رفعه الله إلى السماء وقال اليهود ما قالوا، أنزله الله من السماء إلى أمه مريم وهي تبكي عليه، فقال لها: إن الله رفعني إليه، ولم يصبني إلا الخير وأمرها فجمعت له الحواريين فبثهم في الأرض رسلاً عن الله. ثم رفعه الله تعالى وتفرق الحواريون. وكان رفعه لمضي ثلاثمائة وست وثلاثين من غلبة الاسكندر، وكان بين رفع عيسى ومولد النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة وخمس وأربعون سنة تقريباً.

وعاشت مريم عليها السلام ثلاثاً وخمسين سنة، وحملت بالمسيح ولها ثلاث عشرة سنة، وحاضت قبل حملها حيضتين، وعاشت مجتمعه معه ثلاثاً وثلاثين سنة، وبقيت بعد رفعه ست سنين. وكان ملك اليهود الذي هم بقتل عيسى اسمه هردوس. قال ابن سعيد: وكانت اليهود قد جدت في طلبه فحضر بعض الحواريين إلى هردوس ملك اليهود، وقال له ولجماعة اليهود، ما تجعلون لي إذا دللتكم على المسيح. فجعلوا له ثلاثين درهماً فأخذها ودلهم عليه فرفع الله المسيح إليه وألقى شبهه على الذي دلهم عليه، فقبضه اليهود وربطوه بحبل وقادوه ويقولون له: أنت كنت تحيي الموتي، أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل ويبصقون في وجهه، ويلقون عليه الشوك وهو يستغيث بهم ويقول لهم: أنا فلان وهم لا يصدقونه وصلبوه على الخشبة ست ساعات ثم استوهبه يوسف النجار من هردوس ودفنه في قبر كان يوسف قد أعده لنفسه ثم ظهر لهم أنه هو الحواري الذي دل على عيسى، وأنزل الله عيسى على أمه وهي تبكي واجتمع بالحواريين وبعثهم رسلاً إلى البلاد.


وفاتها

توفيت مريم بعد رفع عيسى بخمس سنوات، وكان عمرها حينئذ ثلاثًا وخمسين سنة، ويقال: إن قبرها في أرض دمشق.


تمييز الله لها عن نساء العالمين

هي الوحيدة التي تحمل وتلد وهي عذراء وهذه معجزتها من الله للعالمين تذكيراً بأن الله هو الخالق وتذكيراً للناس بخلق أول البشر آدم. ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ 12﴾ (سورة التحريم، الآية 12).
هي الوحيدة التي سميت سورة باسمها وذكرها الله باسمها في القرآن وهي سيدة نساء العالمين.

قال ابن عباس : خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعة أخطط ثم قال: « تدرون ما هذا؟ » قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: « أفضل نساء أهل الجنة: خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد ومريم ابنة عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ».





منقول
 
 


مريم في الإسلام هي أم المسيح ولدته دون أن يمسسها بشر، يحترمها المسلمون كثيرًا ويؤمنون بأن المسيح خُلق بكلمة من الله ألقاها إليها، ويذكرها القرآن على أنها صِديقة ومن أشرف نساء العالمين، كذلك جاء بالحديث النبوي: "كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون .



المهاجر


احسنت النقل


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مريم , بنت , عمران


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نبذة عن آل عمران ذابت نجوم الليل ۞ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ۞ 11 16-11-2022 02:36 PM
نفحات قرآنية .في سورة آل عمران ذابت نجوم الليل ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ 10 30-12-2021 01:51 PM
سورة آل عمران (تقرير الربوبية) قَلَم رَصَاص ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ 12 14-07-2021 12:20 AM
لمحات قرآنية تربوية بلاغية فى آيات القرآن الكريم تيماء ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ 46 26-06-2019 02:46 PM


الساعة الآن 11:04 AM

أقسام المنتدى

¨°o.O (المنتديات العامه) O.o°¨ | ❀ همســـــات العام ❀ | ❀ همســـــات الترحيب والإهداءات ❀ | ❀ همســـــات الحوار والنقاش الجاد ❀ | ۞ همســـــات الإسلامي ۞ | ¨°o.O (المنتديات الأدبية) O.o°¨ | ❀ همســــات المقال و الخواطر والنثر للمنقول ❀ | ❀ همســــات شعر وشعراء للمنقول ❀ | ❀ همســــات قصص وروايات ❀ | ¨°o.O (المنتديات الأسـريـة) O.o°¨ | ❀ همســـات الديكور و الكروشيه ❀ | ❀ همسات عالم حواء ❀ | ❀ همســـات عالم آدم ❀ | ❀ همســـات التاريخ والتراث والأنساب ❀ | ❀ همســـات الرياضه ❀ | ( همســـات السيارات والدرجات الناريه) | ❀ همسـات الأخبار المحلية والعالمية ❀ | ❀ همســـات الصحه والطب ❀ | ¨°o.O (منتديات الرياضية والفن والتسلية) O.o°¨ | ❀ همســـات الترفيه والطرائف ❀ | (همسات الالعاب والتسليه ) | ❀ همســـات جـسـر الـتـواصــل ❀ | ❀ همســـــات المسلسلات العربيه والأجنبية ❀ | ¨°o.O (المنتديات الثقافية والفكرية) O.o°¨ | ❀ همســـــات English word ❀ | ❀ همسات الجامعة والطلبه والطالبات ❀ | ❀ همســـات الاسرة والحمل ❀ | ❀ همســـات المطبخ ❀ | ¨°o.O (منتديات اليوتيوب والصـور والأنمي والمسلسلات) O.o°¨ | ❀ همســـات الصور ❀ | ( لآئحة الشرف ) | ¨°o.O (منتديات الـتـقـنـيـة) O.o°¨ | ❀ همســـات الكمبيوتر والانترنت والبرمجيات ❀ | ❀ مجلات ودواوين همسات الغلا ❀ | ❀ همـسآت آلسويتش مآكس والتصاميم والجرافيكس ❀ | فارغ | ❀ همســـات الــ YouTube | ¨°o.O (منتدى المشرفين والادارة) O.o°¨ | (همســـات المواضيع المكرره والمحذوفه) | ❀ حصريات عدسة ومطبخ الأعضاء ❀ | ❀ حصريات بأقلام الاعضاء لم يسبق لها النشر ❀ | ❀ همسات مدونات الأعضاء [ blog ] ❀ | ( حصريات الأديبه همس الروح ) | ❀ أطروحات إحترافيه وبنود أدبية ) ❀ | ❀ همسات الوطن والعالم العربي ❀ | (همسات المسابقات والفعاليات ) | ۞ همسات الصوتيات والفلاشات الاسلاميه ۞ | ❀ همسات النثرْ و الخواطر والشعر بقلم العضو سبق نشرها ❀ | ❀ همسات جنان الكلمة ديزاين ❀ | ❀ همسات الأيفون و الأندرويد وسوشيال ميديا ❀ | (الخيمه الرمضانيه) | ¨°o.O (منتديات الفوتوشوب والسويتش ماكس) O.o°¨ | ركن الاديبة قَبَس | ❀ همسات حقيبة المصمم ❀ | ( قسم الفواصل والإكسسوارات لتنسيق المواضيع ) | ۞ (المنتديات الاسلاميه) ۞ | ۞ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ۞ | ۞ همسات القرآن الكريم وتفسيره ۞ | ❀ همسات تطوير الذات ❀ | قلعة عميدة الادباء البارزه | ( حدث في مثل هذا اليوم // هل تعلم ) | (همسات كرسي الإعتراف و ASK ME ) | ۞ همسات الحج والعمرة ۞ | ❀ همسات القصائد الصوتيه والمرئيه ❀ | (همسات الطفل ) | (حصريات ملاذ الفرح) | ( همسات أعز الحبايب الأم ) | ¨°o.O ( المنتديات الادارية ) O.o°¨ | ¨°o.O ( الاقسام الخاصه ) O.o°¨ | (همسات الترقيات وتكريم الاعضاء) | ❀ همســـات الأعضــــاء ❀ | ( همسات الثقافه العامه ) | ❀ همسات الألفيات و التهاني وتواصل الأعضاء ❀ | ❀ حصريات تطوير الذات والنقاش الحر ❀ | ❀ قسم الحيوانات والنباتات والاسماك ❀ | فارغ | ❀ الطيور المهاجره ❀ | (مكتب المدير العام) | ( مسابقات رمضان ) | ( قناة وحصريات البرنسيسه فاتنة ) | ( قسم الفتاوي الاسلامية ) | ( المدونات الخاصه blog ) | ( همسات العزاء والدعاء بالشفاء للمرضى ) | ( قسم خاص للأنمي ) | ( همسات الدوري الاوروبي وكأس العالم) | ❀ إستراحة الأعضـــــــاء والمقهى الأدبي ❀ | ❀ حصريات قناة همسات الغلا ❀ | O.o°¨( منتدي الحصريات الأدبيه )¨°o.O | ❀ حصريات التصاميم و 3d ❀ | ❀ حصريات المقالات ❀ | ( ومضات خواطر وشعر حصرية ) | ( همســات رابطة الأدباء ) | ملحقات الفوتوشوب وطلبات الرمزيات والتواقيع | °¨(حصريات الرسم والخط العربي)¨° | دآر عمدآء الأدب | ( قناة وحصريات الجوري ) | °¨( ورشة عمل الفعاليات والمواضيع )¨° | ❀ حصريات الروايات والقصص القصيرة ❀ | ( قناة و حصريات ميارا ) | ❀ حصريات الشعر والمساجلات ❀ | الارشيف الخاص بالهمسات | ( السيرة الذاتيه للاعضاء ) | (أكاديمية صـفوة الأقلام) | قلعة عميدة الادباء الدكتوره نور اليقين | (ركن المصمم بو خالد) | ركن الاديب أعذب ميسان | ( حصريات النـور ) | ❀ همسات تاريخ العرب وأنسابها وأيامها ❀ | قلعة عميد الادباء عبدالله الصالح | ركن الشاعرة سيدة الحرف | قلعة عميدة الادباء أرجوحة حرف | ركن الشاعر القارظ العنزي | قلعة عميدة الادباء هند | قلعة عميد الادباء نجم ضاوي | (حصريات الأديبة فاتنة ) | فارغ | ركن الاديبه غروب | ركن الاديبه ملك | ❀ همسات واحة الفعاليات الأدبية الدائمة ❀ | ( حصريات مبارك آل ضرمان ) | ( حصريات ابن عمان ) | ( المدونات الخاصه جدا blog ) | ( حصريات ريحانة بغداد وفلسطين ) | قلعة عميد الادباء البرنس مديح ال قطب | OO°¨( منتدي الحصريات )¨°OO | (المطبخ الرمضاني) | دورة الفوتوشوب المنوعة آلآحترافية | ركن الأديب البراء الحريري | قلعة عميدة الأدباء تيماء | همسات الردود المميزة والحصرية | ❀ حصريات الشروحات ❀ | ❀ تعليم مبادئ الكتابه وصقل المواهب الكتابية ❀ | ركن الأديبة هَدهَدة حرف | ❀ همسات ذوي الاحتياجات الخاصة ❀ | ❀ الشكاوي والاقتراحات الخاصه للحصريات ❀ | حصريات أمير الكتاب الاستاذ ليتك وهم | مدونة الدكتور الأديب لسان العرب | ركن الكاتبة مواليف البدر | ❀ همســـات اجتماع الاداريين ❀ | نجم الأسبوع | ركن الشاعر أحد الصابرين | ❀ همسات السياحة والسفر ❀ | ۞ قسم الأحاديث النبوية ۞ | ❀ همسات الرحلات البريه والقنص ❀ | ❀ همسات تطوير استايلات وعروض مجانيه ❀ |



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
This Forum used Arshfny Mod by islam servant