ولله نفحاتِ من رحمته، يصيب بها من يشاء من عباده. وسلو الله أن يستر عوراتكم
ويؤمن روعاتكم. ( الطبراني).
وتعرضوا لها فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبداً.
وإن أشهر الحج وأيامه من مواسم الرحمة.
نعم .. ما قصد الحاج الصادق بنيته مكة المكرمة إلا طالباً من الله الرحمة والمغفرة بعد الرضوان.
تلبيةً لأمر الله سبحانه وتعالى، لقوله سبحانه: { وأتمو الحج والعمرة للـه } " البقرة: 196 "
فهذا البلد الحرام موطن الدعاء، والدعاء مخ العبادة، قال ابن رجب الحنبلي:
السعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها
من وظائف الطاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات فيسعد بها سعادة يأمن
بعدها من النار وما فيها من اللفحات..
* تظهر وحدة المسلمين في القرية أو الحي خمس مرات في اليوم الواحد، إذ يلتقي
المصلون في جامع القرية أو الحي.
* وتتجلى وحدة المسلمين من أهل القرى أو المنطقة في صلاة الجمعة كل أسبوع.
* وتظهر واضحة وحدة المسلمين من أهل المدينة والمدن الأخرى في مصلى العيدين كل عام.
إنه لقاء سنوي
ولكن وحدة المسلمين كأمة – والمسلمون أمة واحدة دون سائر الناس- من الأرض
شرقها وغربها، شمالها وجنوبها تظهر بدليل عملي وواقع ملموس وملحوظ في الحج كل سنة،
فالمسلمون من شتى بقاع الأرض يلتقون على صعيد واحد في زمن معلوم على أرض معلومة
للقيام بأعمال مناسك الحج، هذه المناسك لا تقبل أبداً إلا هناك على أرض الحج،
فالحج هو الاجتماع السنوي للمسلمين، قد قدموا من كل مكان.
وهنا يستشعر المسلمون عملياً أيضاً: معنى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
" كلكم لآدم وآدم من تراب" [ أبو داوود]، يقف الأسود جانب الأبيض، والأشقر قرب
الأصفر في صف واحد وطواف واحد، لا فرق ولا فضل على أحد على أحد إلا
بالتقوى، { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } [ الحجرات:13].
وما يستطيع أحد أن يدرك هذا المعنى، معنى وحدة الأمة كافة إلا إذا كتب له أداء الحج،
ومثال هذا (مالكم اكس) هذا المسلم الذي كان متأثراً بالداعية المنحرف ( أليجا محمد)
الذي كان يدعي وجود إلهين اثنين – حاشاه سبحانه وتعالى- ، ( مالكم اكس) هذا
حين حج، رأى من واقع المسلمين في أداء مناسك الحج ما يكذّب فساد إيمانه من
وحدة المسلمين، فأيقن أن رب العالمين واحد، وأن نبي المسلمين واحد:
{ وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } [ الأنبياء:92]
وهكذا نرى معنى الوحدة الإسلامية ومعنى وحدة الأمة في كل مناحي الحياة،
وفي جميع العبادات، لكنها في الحج أتم ترابطاً وأكمل معنى.
ويدور السؤال: كيف ننهض بالأمة؟
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فأهل المدينة أحبوا أن يغيروا واقعهم فاتجهت قناعاتهم إلى الدين الجديد الإسلام الذي
جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم فغير الله حالهم: إذ كانوا أعداء فألف بين
قلوبهم، وإذ كانوا على شفا حفرة من النار، فأنقذوا أنفسهم باعتناقهم الدين.
بينما معظم أهل مكة لم يرتضوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، فلم يغيروا أنفسهم،
فكفروا بأنعم الله، فأذاقهم الله لباس الجوع والخوف.
عندما تتغير القناعات والاهتمامات تصبح علاقات الناس غير العلاقات المادية أو أية
علاقات أخرى ليس لها من الإسلام شيء.
قالت إحدى العاملات في الإذاعات المرئية حين رأت الكعبة: عندما واجهت الكعبة
أحسست وبشكل مباشر أن كل ما أفعله حرام، وشعرت أن عبادة اللـه لابد أن تكون
كما يريدها الله سبحانه وتعالى، لا كما يريد العبد، لذلك قررت الحجاب، واستصغرت
أي عمل أمام عظمة اللـه سبحانه.
هذه الأخلاق مرتكزها العقيدة والمفاهيم الإسلامية، فهو أمين لأن الإسلام يأمره بذلك،
وهو صادق لأن الدين رباه على ذلك، وهو يأخذ دائماً بالسهل واليسر لأن ذلك أصل
العمل الإسلامي، وكذلك الاتقان في العمل والوظيفة نابع من عقيدة المسلم للرقي
الحضاري .. وهكذا..
ونهضة الأمة هي عزّها وسيادتها، وحريتها لا بالبناء والبنيان، أو بالمادة والعمران،
إنما هذا جزء من سيادة الأمة واستعلائها على المساوئ والتخلف،
فهي إذن مجموعة من الأخلاق الفاضلة..