قصة علي الرجل الصغير رحمه الله قصة وقعية

الجزاء الثامن



بعد رحيل علي كان عليه العودة في عيد الحج
لعام 1411ه ليقضيه معنا
ولتتم خطبته بإبنة خالتي والتي فرحتُ كثيرا بها
لانها كانت من صديقاتي المقربات....
بعد ايام قلائل لحق به اخي الذي يكبره بعام واحد
وبدأ شهر الحج
وعاد اخي ذاك دون علي الذي كان من المفروض
ان تكون عودته في عيد الحج...
وحكى لنا بطولات المجاهدين
وقد كان مع ممن استردوا (خوست) من الروس
وكان كلما ذهب لمكان ما سأل عن علي
فيقولون له (كان هنا)
في يوم عرفة وبعد ان افطرنا
كنا قد حزمنا كل شيء للرجوع
افطرنا وعدنا اخيرا الى منزلنا
الذي شهد ولادة اخي علي
ومماته...
كان هناك جناح خاص لعلي رحمه الله
تسكنه الان احدى شقيقاتي
كانت فرحتنا ناقصة
بدون علي
ومرت الايام
وانقضى العام ودخل العام الجديد
1412ه
ولم يعد علي
ولم نعرف عنه شيئا
!!!
فازداد قلقنا
واخذ ابي يسأل القاصي والداني عنه
وانقضى شهر محرم
ودخل الشهر الذي يليه
واتى ابي خبرا باستشهاد علي هناك
وصمت ابي
وكان صمته عن خبر استشهاد علي لسببين
الاول .. هو ان والدي اراد التأكد من صحة الخبر
والثاني .. كان هناك عدة (زواجات) لابناء وبنات اعمامي
فبعث ابي شقيقي الاكبر الى افغانستان
وقال له
( ان صح الخبر فالحمدلله وان لا فأرجعه معك قبل ان يخوض مع الخائضين)
وكانت قد انتهت حرب المسلمين والروس
وانتصر فيها المسلمين
وبدأت بعدها حرب اهلية طائفية
ذهب شقيقي الاكبر الى افغانستان
وحادثنا بعد يومين من باكستان
ليقول لامي ( علي لايريد العودة)
ولم نفهم
!!!
فعاد اخي الاكبر
ولم يستطع مواجهة ابي
فبعث ورقة كتب عليها
( ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله اموات
بل احياء ولكن لاتشعرون)
ولم يفصح ابي بشيء
فقد كان اخر عرس في الغد
حبس ابي الدمع في عينيه
وازداد احمرارهما
وقد هده التعب
وثقل الحمل
وجاء الغد
ولم اعلم لما ذلك الاكتئاب الذي عم ارجاء منزلنا
وكأننا نشعر بالقادم.....
لم اذهب الى عرس ابنة عمتي
فقد امتلأ صدري ضيقا ودخلت انام باكرا
بعد صلاة العشاء
دخل والدي عند امي واخبرها
وقال لها لاتذهبي للعرس
فغدا سنفتح العزاء هنا
............
هناك وبين كل تلك الاضواء وضجة الاصوات
افتقد امي بعض احبابها
واستغربوا عدم حضورها وهي صاحبة الواجب
لكنهم علموا انها لم تترك الغالين
الا لفقد الاغلى
كثير ممن علموا بالخبر اتوا من العرس الى منزلنا
كان الوقت متأخرا ، ولكن لم يمنعهم ذلك من الحضور
اشرقت الشمس
وكنت ما ازال اغط في نوم عميق
حين سمعت طرقا خفيفا على باب حجرتي
وياللمفاجأة حين رأيت ابنة خالتي
- خطيبة علي -
تقف على الباب وبيدها شطيرة لافطر بها قبل ان
يلقوا إليّ بالخبر
اخذت اكل ببطئ
وسألتها مالذي اتى بك الى هنا في مثل هذه الساعة
فقالت لي ان اباها سافر واتت وامها من العرس مباشرة
ولم اشك في شيء !
وفي لحظة وقد امتلأت حجرتي ببعض شقيقاتي
قالت لي احداهن
(امي تعبانه عشان علي)
وطبعا لم افهم
وظننت لانه ابى ان يعود
فرميت كلمة ليتني لم اقلها
فعادت وقالت لي
( لما راشد راح افغانستان ما لقاه)
ولم افهم
وقد كان هذا الموقف اكثر المواقف غباءا
تمر على عقلي المدرك ....
فقالت لي
( لو مات) ؟؟
نظرت إليهم فإذا بأدمعهم تتساقط من مآقيهم
ونادت دمعاتهم دمعاتي
بكينا كلنا بصمت
وتركوني وحدي قليلا
لاخرج وأجد البيت ممتلئ بالكثير من الناس


وغدا الجزاء التاسع والاخير
ان شاء الله

تَسلٍـم ألآيآدي
ع أإلطرح مميز
الله يـ ع’ـطيگ الــ ع’ـآفيه
مآ ننح’ـرم منگ يآرب
بآنتظـآر ج’ـديدگ

الجزاء التاسع والاخير
خاتمة
ولإستشهاد أخي علي قصة قصيرة
سأسردها الآن...
في 26 / محرم / 1412ه
كان علي وعشرة مجاهدين يجوبون شوارع ( كُنر)
وهي آخر مدينة استطاع المجاهدون إخراج
آخر جندي
روسي منها...
فأوقفهم "علي" واضعاً خطة تقلل من الضحايا
إن اعترضهم
لغم او غيره .. وقد كانت الألغام مزروعة بكثرة في طريقهم،
فقال (أنا وفلان ) سنركب السيارة الأولى
وأنتم كونوا خلفنا بحيث إن حدث مكروها لنا
يبقى الآخرون على قيد الحياة....
وتخطت سيارة علي وصديقه بعض الطرق
الى أن وقع انفجاراً عنيفا
راح ضحيته علي وصاحبه...
................
فنزل الباقون في حذر
ووجدوا جزءاً من جسد علي قرب سيارته
والجزء الآخر ضلوا يبحثون عنه حتى وجدوه
بجانب النهر بعيدا عن الطريق،
قالوا: كان مبتسماً حتى ضنناهُ حيّا.
وهنا
سأقص عليكم شيئاً قد لا يصدقه البعض:
ففي تلك الأيام والتي كنا نجهل مصير شقيقي فيها،
استيقظت "أضوى" ابنة السنتين من نومها فزعة
فسألتها شقيقتي - أمها - (ليش حبيبي)؟
فأجابتها ( خالو علي ماعنده رجول)
!!!
هل كانت رؤيا لتلك الطفلة؟؟؟
هل رأت "علي" فعلا فاقدا جزئه السفلي
!!!
رحمك الله أبا عبدالله
فهكذا كانوا يطلقون عليه هناك
وقد أسموا جبلاً هناك بإسمه
إكراما لشجاعته وصغر سنه
رحم الله علي
ورحم الله موتى المسلمين
وثبت المجاهدين
ونصرهم على أعداء الدين إنه سميع مجيب.
تمت
في 8 / ربيع اول / 1428ه
و علي ابن اختي وانا خالته الشهيد
الله يرحمك يا علي
علي الله يرحمو و يرحم موتاانا وموتاا
المسلمين
ابو علي اتوفا واختي ام علي تعبانه الان

ادعولها باشفاء العاجل
ان شاء الله ربي يخليها لابناتها
دمتم سلمين

الله يسعدكم ويرضى عليكم




بوركتم ،