ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات


العودة   منتدى همسات الغلا > ¨°o.O (المنتديات الاسلاميه) O.o°¨ > ( همســـــات الإسلامي )


إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-2018, 03:13 AM   #15


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي




القاعدة الثانية

كل عبادة تستند إلى الرأي المجرد والهوى فهي بدعة؛ كقول بعض العلماء أو العُبَّاد أو عادات بعض البلاد أو بعض الحكايات والمنامات .







ومن الأمثلة على ذلك:
أ - اعتماد الصوفية في إثبات كثير من الأحكام على الكشف والمعاينة، وخرق العادة؛ فيحكمون بالحل والحرمة، ويبنون على ذلك الإقدام والإحجام، كما حُكي عن بعضهم أنه كان إذا تناول طعامًا فيه شبهة ينبض له عرق في أصبعه فيمتنع منه .

ب - الأذكار البدعية، كذكر الله تعالى بالاسم المفرد (الله) أو بالضمير (هو هو) اعتمادًا على أن بعض المتأخرين كان يأمر به .

ج - دعاء الملائكة والأنبياء والصالحين بعد موتهم وفي مغيبهم، وسؤالهم، والاستغاثة بهم .





توضيح القاعدة:
تتضح هذه القاعدة بيان أصل مهم في علامات أهل البدع، وهو أنه ما من مبتدع إلا ويستدل على بدعته بدليل من الشرع، صحيحًا كان أو ضعيفًا.

ذلك أن كل مبتدع (يأبى أن ينسب إليه الخروج عن الشرع؛ إذ هو مدَّعٍ أنه داخل - بما استنبط - تحت مقتضى الأدلة) .

قال الشاطبي: (كل خارج عن السنة ممن يدعي الدخول فيها والكون من أهلها لا بد له من تكلف في الاستدلال بأدلتها على خصوصيات مسائلهم، وإلا كذّب اطراحها دعواهم) .

والأصل المستقر أن الكتاب والسنة هما جهة العلم عن الله وطريق الإخبار عنه سبحانه، وهما طريق التحليل والتحريم ومعرفة أحكام الله وشرعه .

فكل عبادة لا تستند إلى كتاب أو سنة فهي بدعة ضلالة، وإن استدل صاحبها واستمسك بأدلة يظنها أدلة، وهي - عند الراسخين - كبيت العنكبوت.

قال الشاطبي: (وبذلك كله يعلم من قصد الشارع: أنه لم يَكِلْ شيئًا من التعبدات إلى آراء العباد، فلم يبق إلا الوقوف عند ما حدَّه) .

وقال الطرطوشي: (شيعوعة الفعل وانتشاره لا يدل على جوازه؛ كما أن كتمه لا يدل على منعه).

وقال أيضًا - في معرض رده على من احتج على مشروعية بعض الأمور بانتشارها وذيوعها -: (وأكثر أفعال أهل زمانك على غير السنة، وكيف لا وقد روينا قول أبي الدرداء إذ دخل على أم الدرداء مغضبًا فقالت: ما لك؟ فقال: (والله ما أعرف فيهم شيئًا من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا أنهم يصلون جميعًا). وما روينا هنالك من الآثار!
فإنه لم يبق فيهم من السنة إلا الصلاة في جماعة، كيف لا تكون معظم أمورهم محدثات؟


بيان الوجه الذي يدخل منه الفساد على عامة المسلمين:

عقد الطرطوشي في كتابه الحوادث والبدع فصلاً بهذا العنوان، وصدَّره بالحديث الصحيح، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من الناس، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالاً، فسُئلوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا» .

ثم قال رحمه الله تعالى:
(فتدبَّر هذا الحديث، فإنه يدل على أنه لا يُؤتى الناس قط من قِبَل علماؤهم، وإنما يُؤتون من قِبَل أنه إذا مات علماؤهم أفتى مَنْ ليس بعالم، فيُؤتى الناس من قِبَله.
وقد صَرَّف عمر هذا المعنى تصريفًا، فقال: (ما خان أمين قط، ولكنه اُؤتمن غير أمين فخان).
ونحن نقول: ما ابتدع عالم قط، ولكنه استفتي من ليس بعالم فضلَّ وأضلَّ .





 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2018, 03:16 AM   #16


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي




تنبيهات:
التنبيه الأول: التقليد هو إتباع قول الغير من غير معرفة دليله .

والتقليد المذموم أنواع، منها :
- تقليد الآباء، قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ}.

- تقليد مَن لا يَعلم المقلد أنه أهل لأن يُؤخذ بقوله، قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}.

- التقليد بعد وضوح الحق ومعرفة الدليل، قال تعالى: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ}.

- تقليد المجتهد القادر على الاجتهاد مع اتساع الوقت وعدم الحاجة.

- تقليد قول مَن عارض قول الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - كائنًا من كان هذا المعارض، قال تعالى: {وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء}.

أما تقليد العامي للمجتهد وإتباعه له فإنه لا يدخل تحت التقليد المذموم، بل هو داخل تحت عموم قوله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}.
ذلك أن تقليد العامي لبعض المجتهدين جار من جهة أن هذا المجتهد مبلغ عن الله دينه وشرعه، وعلى العامي أن يعتقد ذلك.

وعليه أيضًا أن يعتقد أن الطاعة المطلقة العامة إنما تجب لله وحده ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ إذ لا يجوز لأحد أن يأخذ بقول أو يعتقده لكونه قول إمامه، بل لأجل أن ذلك مما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -.

ولهذا فإن العامي يمتنع عليه تقليد المجتهد متى عرف الحق وتبين له أن قول غير مقلده أرجح من قول مقلده .






التنبيه الثاني: الإلهام
هو ما يقع في القلب من آراء وترجيحات.

وقد صرَّح الأئمة أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالإلهام.
وهو بالنسبة إلى صاحب القلب المعمور بالتقوى ترجيح شرعي، وكلما كان العبد أكثر اجتهادًا في طاعة الله وتقواه كان ترجيحه أقوى.

لك أن ما ورد به النص فليس للمؤمن فيه إلا الطاعة والتسليم التام، وأما ما ليس فيه نص وكان الأمر فيه مشتبهًا والرأي فيه محتملاً فهنا يرجع فيه المؤمن إلى ما حكَّ في صدره ووقع في قلبه.

(فثبت بهذا أن الإلهام حق، وأنه وحي باطن، وإنما حُرمه العاصي لاستيلاء وحي الشيطان عليه) .

قال السمعاني: (ونحن لا ننكر أن الله يكرم عبده بزيادة نور منه، يزداد به نظره ويقوى به رأيه، وإنما ننكر أن يرجع إلى قلبه بقول لا يعرف أصله.
ولا نزعم أنه حجة شرعية، وإنما هو نور يختص الله به من يشاء من عباده، فإن وافق الشرع كان الشرع هو الحجة) .






التنبيه الثالث: الرؤيا
هي: ما يراه الشخص في منامه ، وحكمها كالإلهام؛ (فتعرض على الوحي الصريح: فإن وافقته وإلا لم يعمل بها).
قال ابن حجر: (النائم لو رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمره بشيء هل يجب عليه امتثاله ولا بد؟ أو لا بد أن يعرضه على الشرع الظاهر فالثاني هو المتعمد).




 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2018, 03:18 AM   #17


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي





القاعدة الثالثة

إذا تَرَكَ الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعل عبادة من العبادات مع كون موجبها وسببها المقتضي لها قائمًا ثابتًا، والمانع منها منتفيًا؛ فإن فعلها بدعة .




ومن الأمثلة على ذلك:
التلفظ بالنية عند الدخول في الصلاة.
والأذان لغير الصلوات الخمس.
والصلاة عقب السعي بين الصفا والمروة .




توضيح القاعدة:
يرتبط بيان هذه القاعدة بمعرفة السنة التركية.
والمقصود بالسنة التركية: أن يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - فعل أمر من الأمور . وإنما يعرف ذلك بأحد طريقين:

أحدهما: تصريح الصحابي بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك كذا وكذا ولم يفعله؛
كقوله: (صلى العيد بلا أذان ولا إقامة) .

والثاني: عدم نقل الصحابة للفعل الذي لو فعله - صلى الله عليه وسلم - لتوفرت هممهم ودواعيهم أو أكثرهم أو واحد منهم على نقله،
فحيث لم ينقله واحد منهم البتة، ولا حدَّث به في مجمع أبدًا عُلم أنه لم يكن، وهذا كتركه التلفظ بالنية عند دخوله في الصلاة، وتركه الدعاء بعد الصلاة مستقبل المأمونين وهم يؤمَّنون على دعائه دائمًا بعد الصبح والعصر أو في جميع الصلوات.
والواجب على المؤمنين الإقتداء بالرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يفعل وفيما يترك على حد سواء.



وتركه - صلى الله عليه وسلم - فعل أمر من الأمور لا يخلو من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يترك - صلى الله عليه وسلم - الفعل لعدم وجود المقتضي له، وذلك كتركه قتال مانعي الزكاة، فهذا الترك لا يكون سنة.

الحالة الثانية: أن يترك - صلى الله عليه وسلم - الفعل مع وجود المقتضي له، بسبب قيام مانع يمنع من فعله، وذلك كتركه - صلى الله عليه وسلم - فيما بعد قيام رمضان جماعة بسبب خشيته أن يُكتب قيامُه على أمته ، فهذا الترك لا يكون سنة.

الحالة الثالثة: أن يترك - صلى الله عليه وسلم - الفعل مع وجود المقتضي له وانتفاء الموانع؛ فيكون تركه - صلى الله عليه وسلم - والحالة كذلك - سنة
كتركه - صلى الله عليه وسلم - الأذان لصلاة التراويح.

وبهذا يعلم أن تَرْكَه - صلى الله عليه وسلم - إنما يكون حجة، فيجب تَرْكُ ما تَرَكَ بشرطين:

الشرط الأول: أن يوجد السبب المقتضي لهذا الفعل في عهده - صلى الله عليه وسلم - فإذا ترك - صلى الله عليه وسلم - فعْل أمرٍ من الأمور مع وجود المقتضي لفعله - بشرط انتفاء المانع - علمنا بذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما تركه ليسن لأمته تركه.

أما إذا كان المقتضي لهذا الفعل منتفيًا فإنَّ تركه - صلى الله عليه وسلم - لهذا الفعل عندئذ لا يعد سنة، بل إنَّ فعْل ما تركه - صلى الله عليه وسلم - يصير مشروعًا غير مخالف لسنته متى وُجد المقتضي له ودلت عليه الأدلة الشرعية، وذلك كقتال أبي بكر رضي الله عنه مانعي الزكاة ، بل إن هذا العمل يكون من سنته لأنه عمل بمقتضى سنته - صلى الله عليه وسلم -.




ويشترط في هذا المقتضي الذي يوجد بعد عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -:

ألا يكون قد حدث بسبب تفريط الناس وتقصيرهم، كفعل بعض الأمراء في تقديمه الخطبة على الصلاة في العيدين حتى لا ينفض الناس

قبل سماع الخطبة، وقد كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينفضُّون حتى يسمعوا الخطبة أو أكثرهم.
قال ابن تيمية: (فيقال له: سبب هذا تفريطك؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطبهم خطبة يقصد بها نفعهم وتبليغهم وهدايتهم، وأنت قصدك إقامة رياستك ... فهذه المعصية منك لا تبيح لك إحداث معصية أخرى، بل الطريق في ذلك: أن تتوب إلى الله، وتتبع سنة نبيه) .
الشرط الثاني: انتفاء الموانع، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد يترك فعل أمر من الأمور - مع وجود المقتضي له في عهد - بسبب وجود مانع يمنع من فعله.

وذلك كتركه - صلى الله عليه وسلم - قيام رمضان مع أصحابه في جماعة - بعد ليال - وعلل ذلك بخشيته أن يُفرض عليهم، فإذا زال المانع بموته - صلى الله عليه وسلم - كان فعل ما تركه - صلى الله عليه وسلم - إذا دلت على هذا الفعل الأدلة الشرعية - مشروعًا غير مخالف لسنته، وذلك كما فعل عمر رضي الله عنه في جمعه الناس على إمام واحد في صلاة التراويح ، بل إن هذا العمل يكون من سنته - صلى الله عليه وسلم - لأنه عمل بمقتضاها.
بهذين الشرطين يكون تركه - صلى الله عليه وسلم - حجة يجب إتباعها.




 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2018, 03:21 AM   #18


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي




القاعدة الرابعة

كل عبادة من العبادات ترك فعلها السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم أو نقلها أو تدوينها في كتبهم أو التعرض لها في مجالسهم فإنها تكون بدعة بشرط أن يكون المقتضي لفعل هذه العبادة قائمًا والمانع منه منتفيًا .




ومن الأمثلة على ذلك:

1 - صلاة الرغائب المبتدعة.
وقد اعتمد العز بن عبد السلام في إنكار هذه الصلاة وبيان بدعيتها على هذه القاعدة.

2 - الاحتفال بأيام الإسلام ووقائعه المشهودة، واتخاذها أعيادًا شريعة من الشرائع فيجب فيها الإتباع، لا الابتداع .
فمن ذلك: الاحتفال بمولد النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه لم ينقل عن أحد من السلف ذكره فضلاً عن فعله.

قال ابن تيمية: (وللنبي - صلى الله عليه وسلم - خطب وعهود ووقائع في أيام متعددة، مثل يوم بدر وحنين والخندق وفتح مكة، ووقت هجرته، ودخوله المدينة، وخطب له متعددة يذكر فيها قواعد الدين، ثم لم يوجب ذلك أن يتخذ أمثال تلك الأيام أعيادًا، وإنما يفعل مثل هذا النصارى الذين يتخذون أمثال أيام حوادث عيسى عليه السلام أعيادًا، أو اليهود.
وإنما العيد شريعة، فما شرعه الله اُتبع، وإلا لم يحدث في الدين ما ليس منه) .




توضيح القاعدة:

الأصل في هذه القاعدة أعني ترك السلف ما يأتي:
قال حذيفة رضي الله عنه: (كل عبادة لم يتعبد بها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فلا تتعبدوا بها؛ فإن الأول لم يدع للآخر مقالاً، فاتقوا الله يا معشر القراء، خذوا طريق من كان قبلكم) .







 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2018, 03:25 AM   #19


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي





ربما يورد بعض الناس أسئلة وإشكالات على كلتا القاعدتين أو على إحداهما، فمن ذلك:

السؤال الأول:
من أين لكم أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل هذه العبادة؛ فإن عدم النقل لا يستلزم نقل العدم.


والجواب:
أن هذا سؤال بعيد جدًا عن معرفة هديه وسنته وما كان عليه، وإنما يتمهد هذا الجواب بتثبيت أصلين:

الأصل الأول: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بيَّن هذا الدين لأمته، وقام بواجب التبليغ خير قيام؛ فلم يترك أمرًا من أمور هذا الدين صغيرًا كان أو كبيرًا إلا وبلغه لأمته.

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} وقد امتثل - صلى الله عليه وسلم - لهذا الأمر وقام به على أحسن وجه.

وقد شهدت له - صلى الله عليه وسلم - أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة واستنطقهم بذلك في أعظم المواقف؛ فقد ورد في خطبته يوم حجة الوداع قوله: «ألا هل بلغت»؟ قالوا: نعم. قال: «اللهم فاشهد» .

الأصل الثاني: أن الله سبحانه وتعالى تكفَّل بحفظ هذا الدين من الضياع والإهمال: فهيأ له من الأسباب والعوامل التي يسَّرت نقله وبقاءه حتى يومنا هذا وإلى الأبد إن شاء الله.
قال الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

والواقع المشاهد يصدِّق ذلك؛ فإن الله قد حفظ كتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ووفق علماء المسلمين إلى قواعد مصطلح الحديث وأصول الفقه وقواعد اللغة العربية.

وبتقرير هذين الأصلين اتضح أن السؤال المذكور يستلزم:

- إما عدم قيام الرسول - صلى الله عليه وسلم - بواجب التبليغ؛ حيث إنه لم يُعلّم أمته بعض الدين.

- وإما ضياع بعض الدين، حيث إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فعل هذه العبادة وبلَّغها للأمة، لكن الصحابة رضي الله عنه كتموا نقل ذلك.

- ثم لو (صح هذا السؤال وقُبل لاستحب لنا مستحب الأذان للتراويح، وقال: من أين لكم أنه لم ينقل؟ واستحب لنا مستحب آخر الغسل لكل صلاة وقال: من أين لكم أنه لم ينقل؟ ... ...

وانفتح باب البدعة، وقال كل من دعا إلى بدعة: من أين لكم أن هذا لم ينقل؟) .





السؤال الثاني:
إذا سُلِّم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل هذه العبادة فذلك لأن المقتضي في حقه - صلى الله عليه وسلم - منتف؛ لكونه قد غُفر له ما تقدم من ذنبه، وما تأخر، وتركه - صلى الله عليه وسلم - كما تقرر - لا يكون حجة إلا بشرط قيام المقتضي، فهو - صلى الله عليه وسلم - بخلاف أمته - ولاسيما المتأخرين - فإن المقتضي في حقهم قائم ثابت، وذلك لعظم تقصيرهم وكثرة ذنوبهم.


والجواب:
أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن بطلان هذه الدعوى، وذلك في قصة الرهط الثلاثة الذين سألوا عن عبادته - صلى الله عليه وسلم - فلما أُخبروا بها كأنهم تقالّوها، فقالوا: أين نحن من النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر! فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له» .

وبذلك يعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بلغ الغاية القصوى في تقوى الله والحرص على التقرب إليه بأنواع التعبدات والطاعات.

وبهذا يتقرر أصل مهم في هذا الباب، وهو: أن المقتضي لفعل عمل ما في باب العبادات متى ثبت في حق الأمة فثبوته في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى وأتم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان أتقى هذه الأمة لله على الإطلاق.

ومثل هذا يقال أيضًا في حق السلف الصالح، فإن المعنى المقتضي للإحداث - وهو الرغبة في الخير والاستكثار من الطاعة - كان أتم في السلف الصالح؛ لأنهم كانوا أحق بالسبق إلى الفضل وأرغب في الخير ممن أتى بعدهم.

وهذا بخلاف غير العبادات من الأعمال، فإن المقتضي لفعلها قد يوجد في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي حق السلف، وقد لا يوجد .





السؤال الثالث:
أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ربما لم يفعل بعض العبادات وتركها مع قيام المقتضي لفعلها؛ رحمة منه بأمته، وشفقة عليهم؛ كما ترك - صلى الله عليه وسلم - الاجتماع في صلاة التراويح خشية أن يُكتب على أمته، فهذا هو المانع الذي لأجله ترك - صلى الله عليه وسلم - فعل بعض العبادات، وترْكُه - صلى الله عليه وسلم - مع وجود مانع - كما تقرر - لا يكون حجة.


والجواب:
أن هذا يفتح باب الإحداث في الدين على الإطلاق، فمن زاد في أعداد الصلوات، أو أعداد الركعات أو صيام شهر رمضان أو الحج أمكنه أن يقول: هذه زيادة مشروعة، وهي عمل صالح، والرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما تركها رحمة بأمته.

بل الصواب أن يُنظر فيما تركه - صلى الله عليه وسلم - من العبادات: هل تركه كذلك صحابته من بعده رضي الله عنهم والتابعون لهم؟

فإن كانت هذه العبادة قد تركها النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم - لما توفي - فعلها الصحابةُ رضي الله عنهم من بعده عُلم أنَّ ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لأجل مانع من الموانع؛ كتركه - صلى الله عليه وسلم - صلاة التراويح جماعة.
أما إذا تواطأ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - وسلفُ الأمة من بعده على ترك عبادةٍ فهذا دليل قاطع على أنها بدعة.




السؤال الخامس:
من أين لكم أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعين لم يفعلوا هذه العبادة؛ فإنهم ربما كانوا يأتون بهذه العبادة في صورة فردية أو هيئة اجتماعية خاصة لا تكاد تظهر.
فمن ذلك: ما نُقل عن ابن عمر رضي الله عنهما في تتبعه لآثار النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم ينقل هذا عن جماهير الصحابة رضي الله عنهم.


والجواب:
أن عدم النقل عنهم دليل ظاهر على مشروعية الترك، ثم إن هذا السؤال - كما تقدم في السؤال الأول - يفتح باب الإحداث في الدين؛ إذ لو صح لاستحب مستحب الأذان للتراويح، واستحب آخر أن يقال بعد الأذان: يرحمكم الله، وكل من أحدث بدعة أمكنه أن يقول: من أين لكم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يفعلوا ذلك.

وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «فعليكم بسني وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ» وقول الصحابي إذا خالفه نظيره ليس بحجة، فكيف إذا انفرد به عن جماهير الصحابة .






 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2018, 03:26 AM   #20


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي






السؤال السادس:
سلَّمنا لكم أن هذه العبادة لم يُنقل فعلُها عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن سلف هذه الأمة مع قيام المقتضي لفعلها، وانتفاء الموانع في حق الجميع، لكنها تشرع من جهة دلالة الأدلة العامة على مشروعيتها، ومن جهة قياسها على المشروع.
مثال ذلك: أن يخصص أحدهم ليلة ما من الليالي التي ارتبطت بها نعمة خاصة أو عامة بالقيام والذكر فيقول: نعم إن إحياء هذه الليلة لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا سلف الأمة من بعده لكنه يدخل تحت عموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} وقد دل على مشروعية هذا التخصيص أيضًا قياسهُ على يوم عاشوراء؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - عظَّم هذا اليوم وخصَّه بالصوم شكرًا لله على النعمة التي وقعت فيه، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة رأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: «ما هذا»؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجَّى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى، قال: «فأنا أحق بموسى منكم»، فصامه وأمر بصيامه .


والجواب:
أن الترك دليل خاص يقدم على العمومات وعلى القياس.
بيان ذلك بأمثلة ثلاثة:

المثال الأول: تركه - صلى الله عليه وسلم - للأذان في العيدين؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تركه مع وجود المقتضي لفعله في عهده، وهو إقامة ذكر الله ودعاء الناس إلى الصلاة.

فهذا الترك دليل خاص يقدم على العمومات الدالة على فضل ذكر الله، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} والأذان من الذكر الذي يدخل تحت هذا العموم.

ويقدم أيضًا على القياس، وهو قياس الأذان في العيدين على الأذان في الجمعة.

المثال الثاني: تركه - صلى الله عليه وسلم - استلام الركنين الشاميين، وغيرهما من جوانب البيت.
وقد ورد في ذلك أن ابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم طافا بالبيت، فاستلم معاوية الأركان الأربعة فقال ابن عباس: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، فقال معاوية: ليس من البيت شيء متروك. فقال ابن عباس: لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة. فرجع إليه معاوية .

المثال الثالث: تركه - صلى الله عليه وسلم - صلاة ركعتين على المروة بعد الفراغ من السعي، وقد ذهب إلى استحباب ذلك بعض الفقهاء قياسًا على الصلاة بعد الطواف.

قال ابن تيمية تعليقًا على هذا: (وقد أنكر ذلك سائر العلماء من أصحاب الشافعي وسائر الطوائف.
ورأوا أن هذه بدعة ظاهرة القبح؛ فإن السنة مضت بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - وخلفاءه طافوا وصلوا، كما ذكر اللهُ الطوافَ والصلاة، ثم سعوا ولم يصلوا عقب السعي فاستحباب الصلاة عقب السعي كاستحبابها عند الجمرات، أو بالموقف بعرفات، أو جعل الفجر أربعًا قياسًا على الظهر والترك الراتب سنة؛ كما أن الفعل الراتب سنة) .

وإذا تقرر أن الترك مقدم على العموم وعلى القياس عُلم بذلك أن سنة الترك أصل شرعي متين، تحفظ به أحكام الشريعة، وبه يوصد باب الإحداث في الدين.

وحينئذٍ أمكن أن يقال:
كل عبادة لم ينقل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فعلها - مع وجود المقتضي وانتفاء المانع - فهي بدعة على كل حال؛ وإن لم يرد دليل خاص ينهى عن هذه العبادة بعينها، وإن دلت على تسويغها الأدلة الشرعية بعمومها، وإن دل على تسويغها قياسها على المشروع.






السؤال السابع:
سلَّمنا لكم أن هذه العبادة لن يقم بفعلها عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا عن سلف هذه الأمة مع قيام المقتضي لفعلها، وانتفاء الموانع في حق الجميع، لكنها تشرع من جهة ما فيها من المصالح، ولأجل ما يترتب عليها من الفوائد.


والجواب:

أن السنة التركية قاعدة شرعية متينة، والعمل بها مقدم على كل ما يعارضها من عموم أو قياس أو مصالح يتوهمها المبتدع.
والخير كل الخير في إتباع السلف، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم)

ثم إن هذه المصالح المترتبة على هذا الابتداع ينظر فيها: هل كانت موجودة زمن التشريع أوْ لم تكن موجودة؟

والقاعدة الجارية: أن كل ما ظهرت مصلحته زمن التشريع لكنه لم يُفعل، ففعله فيما بعد بدعة محدثة .
يدل على هذا قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لما رأى أناسًا يسبحون بالحصى: (والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد أو مفتتحوا باب ضلالة) .

ولعل هذا السؤال وجوابه يتضح بالمثال الآتي :

إمام مسجد يقوم بعد الفراغ من الصلاة المفروضة بالدعاء للناس بهيئة اجتماعية، بحيث يُؤمِّن الحاضرون على هذا الدعاء.
قال السائل: هذا العمل وإن لم ينقل ففيه من المصالح والفوائد ما يأتي:

الفائدة الأولى: إظهار وجه التشريع في الدعاء، وأنه بآثار الصلوات مطلوب.

والجواب: أن هذا يقتضي كون الدعاء سنة بآثار الصلوات، وليس بسنة اتفاقًا حتى عند هذا القائل، وأيضًا فإن إظهار التشريع كان في زمان النبي - صلى الله عليه وسلم - أولى، ولما لم يفعله - صلى الله عليه وسلم - دل على مشروعية الترك.

الفائدة الثانية: أن الاجتماع على الدعاء أقرب إلى الإجابة.

والجواب: أن هذه العلة كانت قائمة في زمانه - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان مجاب الدعوة، لكنه لم يفعل هذا الاجتماع.

الفائدة الثالثة: تعليم الناس الدعاء؛ ليأخذوا من دعاء الإمام ما يدعون به لأنفسهم؛ لئلا يدعو بما لا يجوز عقلاً أو شرعًا.

والجواب: أن هذا التعليل لا ينهض؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي تلقينا منه ألفاظ الأدعية ومعانيها، وقد كان الناس في زمنه - صلى الله عليه وسلم - أقرب عهد بجاهلية، فلم يشرع لهم - صلى الله عليه وسلم - الدعاء بهيئة الاجتماع ليعلمهم كيفية الدعاء، بل علمهم ذلك في مجالس التعليم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يدعو لنفسه إثر الصلاة متى بدا له ذلك، ولم يلتفت إذ ذاك إلى النظر للجماعة، وهو أولى الخلق بذلك
.
الفائدة الرابعة: أن الاجتماع على الدعاء تعاونًا على البر والتقوى، وهو مأمور به.
والجواب: أن هذا التعليل ضعيف؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أُنزل عليه {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} ولو كان الاجتماع للدعاء للحاضرين إثر الصلاة جهرًا من باب البر والتقوى لكان - صلى الله عليه وسلم - أول سابق إليه، لكنه لم يفعله أصلاً، ولا أحد بعده حتى أحدثه المتأخرون، فدل على أن الدعاء على ذلك الوجه ليس بِرًّا وتقوى.

وبهذا المثال يتبين أن العمل بالترك - بشقيه: ترك الرسول - صلى الله عليه وسلم - وترك السلف - أصل مقدم على كل ما يبديه المُحْدِث من المصالح والفوائد الحاصلة بهذه العبادة التي تركها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

ثم إن هذه المصالح والمنافع التي قد توجد في بعض الأمور البدعية لا تدل على رجحان العمل بالبدعة؛ لأنها مصالح مرجوحة بالنظر إلى ما يترتب على البدع من مفاسد اعتقادية وعملية.



السؤال الثامن:

سلَّمنا أن التقرب إلى الله بهذا الفعل بدعة ضلالة، لكن هذا بشرط أن يعتقد فاعله خصوص الفضل
مثال ذلك: أن يخصص أحدهم ليلة ما من الليالي بالقيام والذكر فيقول: إن الصلاة في هذه الليلة كغيرها من الليالي، وأنا لا أعتقد لهذه الليلة الفضل أو الخصوصية.


والجواب:

أن هذه الدعوى لا تستقيم؛ فإن تخصيص تلك الليلة بالصلاة دون غيرها من الليالي لا بد أن يكون باعثه اعتقادًا في القلب، فيوجد حينئذٍ مع هذا التخصيص - ولا بد - تعظيم وإجلال في النفس لهذه الليلة، ولو خلت النفس عن هذا الشعور بفضل تلك الليلة لامتنع مع ذلك أن تعظمه.

فعُلم بذلك أن فعل البدعة ملازم ولا بد لاعتقاد القلب التعظيمَ لها، وملازم أيضًا لشعور النفس بالفضل والخصوصية لتلك البدعة، وهذا الاعتقاد والشعور من أعظم آفات البدع، ومن مفاسدها الخفية.



السؤال التاسع:
سلَّمنا أن هذا الفعل بدعة ضلالة، لكن هذا بشرط أن يقصد فاعله التقرب إلى الله بفعله.
مثال ذلك: أن يخصص أحدهم يومًا من السنة بمزيد من الذكر والطاعة، فيقول: أنا لا أقصد بتخصيص هذا اليوم بالذكر والطاعة التقرب إلى الله، ولست أُلحقه بأمور الدين، وإنما جرى هذا مجرى العادات.


والجواب:
أن هذا افتراضي تخيلي، لا يتصوَّر وقوعه؛ إذ الذكر والطاعة من الأمور التعبدية، فلا ينفك عنها قصد القربة، وبهذا يعلم أن دعوى عدم إرادة القربة إنما تكون في الأمور العادية المحضة.

ومن جهة ثانية فإن تخصيص يوم ما في السنة بنوع من الفضل والمزية يُصَيِّره عيدًا، والعيد شريعة من شرائع الدين، ثم إن لهذا اليوم ارتباطًا ظاهرًا بالدين؛ إذ هو متصل بذكرى يوم من أيام الإسلام.




 

رد مع اقتباس
قديم 05-06-2018, 03:28 AM   #21


تيماء غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 7482
 تاريخ التسجيل :  27 - 10 - 2016
 أخر زيارة : 02-01-2023 (09:51 PM)
 المشاركات : 106,294 [ + ]
 التقييم :  2147483647
 الدولهـ
Lebanon
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Floralwhite
افتراضي








القاعدة الخامسة
كل عبادة مخالفة لقواعد هذه الشريعة ومقاصدها فهي بدعة .






ومن الأمثلة على ذلك:
1 - الأذكار والأدعية التي يزعم أهلها أنها مبنية على علم الحروف .

2 - الأذان للعيدين؛ فإن الأذان لا يشرع للنوافل، إذ الدعاء إلى الصلاة إنما يختص بالفرائض .

3 - صلاة الرغائب .

وهذه الصلاة تناقض قواعد الشريعة من وجوه.
1 - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن تخصيص ليلة الجمعة بالقيام فقال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي) .

2 - مخالفة سنة السكون في الصلاة بسبب التسبيحات، وعد سورتي القدر والإخلاص في كل ركعة، ولا يتأتى ذلك إلا بتحريك الأصابع في الغالب.
وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (اسكنوا في الصلاة) .

3 - مخالفة سنة خشوع القلب وحضوره في الصلاة، وتفريغه لله تعالى وإذا لاحظ المصلي عدَّ قراءة السورة والتسبيحات بقلبه كان ملتفتًا عن الله تعالى معرضًا عنه.

4 - مخالفة سنة النوافل من جهة أن فعلها في البيوت أولى من فعلها في المساجد، ومن جهة أن فعلها بالانفراد أولى من فعلها في الجماعة إلا ما استثناه الشرع من ذلك.

5 - أن كمال هذه الصلاة عند من وضعها من المبتدعين أن يفعلها مع صيام ذلك اليوم، ولا يفطر حتى يصليها،
وعند ذلك يلزم تعطيل سنتين من سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في ذلك،

إحداهما: تعجيل الفطر،
والثانية: تفريغ القلب من الشواغل المقلقة بسبب جوع الصائم وعطشه.
وهذه الصلاة يُدْخَل فيها بعد الفراغ من صلاة المغرب، ولا يفرغ منها إلا عند دخول وقت العشاء الآخرة، فَتُوْصَل بصلاة العشاء، والقلق باق، ويتأخر الفطر إلى ما بعد ذلك.

6 - أن سجدتي هذه الصلاة المفعولتين بعد الفراغ منها مكروهتان؛ فإنهما سجدتان لا سبب لهما، والشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى بالسجود إلا في الصلاة، أو لسبب خاص من سهو أو قراءة سجدة.






توضيح القاعدة:

من المقرر أن هذه الشريعة مبرأة عن مقاصد المتخرصين وأهواء المبتدعين، وأن جميع أحكام هذا الدين جارية على نظام ثابت، وهي بدون استثناء مندرجة تحت أصول كلية.

لذا فلا يُتصور أبدًا أن يأتي في هذه الشريعة عبادة مخالفة لقواعدها ومقاصدها.
ولأجل ذلك فإن هذه القاعدة خاصة بما لم يصح ثبوته من العبادات؛ إذ كل ما خالف هذه الشريعة وخرج عن قواعدها فلا يمكن ثبوته بطريق صحيح.

وبذلك يُعلم أن كل عبادة وردت بطريق شرعي صحيح فهي موافقة لقواعد الشريعة، ولا تكون مخالفة لها بوجه من الوجوه .






ويختص بفقه قواعد هذه الشريعة، ومعرفة مقاصد أحكام هذا الدين: الراسخون في العلم؛ إذ هم الذين يميَّزون السنة من البدعة، ويدركون المصلحة والمفسدة على هدى من الله، كما قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} وأعظم الناس فهمًا لدين الله وأعمقهم فقهًا فيه الصحابة الكرام رضي الله عنهم؛ فإنهم حضروا التنزيل وهم أعلم بالمقاصد.

أما من لم يبلغ رتبة الرسوخ في العلم ودرجة الفقه في الدين فإنه لن ينتفع بمثل هذه القاعدة العظيمة، وربما زلت قدمه فرأى حسنًا ما ليس بالحسن، وعدَّ من السنة ما ليس منها، وأدخل في دين الله ما هو منه براء.

وبسبب ذلك فإن الابتداع في الدين لا يقع من الراسخين في العلم اللهم إلا أن يكون فلتة، وهذه هي زلة العالم، ثم إنه متى تبين له الحق رجع إليه.

ومن هنا تُعلم الأهمية البالغة لفقه مقاصد الدين، وضبط أصول الشريعة، ومعرفة قواعد التشريع؛ فإن العالم المطلع على ذلك يُؤتى فرقانًا، ويرزق بصيرة وبرهانًا.





 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
لغرفة , البدع , قواعد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شخصيات متجدد بإذن الله ريحانة بغداد ( همســـــات العام ) 279 12-09-2023 04:24 AM
صور من معرفة النبي صلى الله عليه وسلم بربه مبارك آل ضرمان (سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وقصص الانبياء والصحابه ) 7 05-03-2018 09:54 PM
البجع وانواعه ( القروب الاحمــــــــــــــر حنين الروح ( قسم الحيوانات والنباتات والاسماك ) 22 26-03-2016 04:51 PM
انواع البجع همس الورد ( قسم الحيوانات والنباتات والاسماك ) 12 04-01-2016 01:41 PM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 06:08 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010