الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
10-07-2023, 03:33 AM | #421 |
| درجات التَّواضُع ذكر أبو إسماعيل الهرويُّ للتواضع ثلاث درجات، فقال: (الدَّرجة الأولى: التَّواضُع للدِّين، وهو أن لا يعارِض بمعقولٍ منقولًا، ولا يتَّهم للدِّين دليلًا، ولا يرى إلى الخلاف سبيلًا) قال ابن القيِّم: (التَّواضُع للدِّين: هو الانقياد لما جاء به الرَّسول، والاستسلام له والإذعان، وذلك بثلاثة أشياء: الأوَّل: أن لا يعارِض شيئًا ممَّا جاء به بشيء مِن المعارَضَات الأربعة السَّارية في العالم المسمَّاة: بالمعقول والقياس والذَّوق والسِّياسة. فالأولى: للمنحرفين أهل الكِبْر مِن المتكلِّمين، الذين عارضوا نصوص الوحي بمعقولاتهم الفاسدة، وقالوا: إذا تعارض العقل والنَّقل: قدَّمنا العقل وعزلنا النقل؛ إمَّا عزل تفويض، وإمَّا عزل تأويل، والثَّاني: للمتكبِّرين مِن المنتسبين إلى الفقه، قالوا: إذا تعارض القياس والرَّأي والنُّصوص: قدَّمنا القياس على النَّص ولم نلتفت إليه، والثَّالث: للمتكبِّرين المنحرفين مِن المنتسبين إلى التَّصوف والزُّهد، فإذا تعارض عندهم الذَّوق والأمر: قدَّموا الذَّوق والحال، ولم يعبؤوا بالأمر، والرَّابع: للمتكبِّرين المنحرفين مِن الولاة والأمراء الجائرين، إذا تعارضت عندهم الشَّريعة والسِّياسة: قدَّموا السِّياسة ولم يلتفتوا إلى حكم الشَّريعة، فهؤلاء الأربعة: هم أهل الكِبْر. والتَّواضُع: التَّخلُّص مِن ذلك كلِّه. الثَّاني: أن لا يتَّهم دليلًا مِن أدلَّة الدِّين، بحيث يظنُّه فاسد الدِّلالة أو ناقص الدِّلالة أو قاصرها، أو أنَّ غيره كان أولى منه، ومتى عَرَض له شيء مِن ذلك فليتَّهم فهمه، وليعلم أن الآفة منه والبليَّة فيه، كما قيل: وكم من عائب قولًا صحيحًا وآفته مِن الفهم السَّقيم ولكن تأخذ الأذهان منه على قدر القرائح والفهوم وهكذا الواقع في الواقع حقيقةً: أنَّه ما اتَّهم أحدٌ دليلًا للدِّين إلَّا وكان المتِّهم هو الفاسد الذِّهن، المأفون في عقله وذهنه، فالآفة مِن الذِّهن العليل لا في نفس الدِّليل، وإذا رأيت مِن أدلَّة الدِّين ما يُشْكل عليك وينبو فهمك عنه، فاعلم أنَّه لعظمته وشرفه استعصى عليك، وأنَّ تحته كنزًا مِن كنوز العلم، ولم تؤتَ مفتاحه بَعْدُ، هذا في حق نفسك، وأمَّا بالنِّسبة إلى غيرك: فاتَّهم آراء الرِّجال على نصوص الوحي، وليكن ردُّها أيسر شيء عليك للنصوص، فما لم تفعل ذلك فلست على شيء ولو.. ولو..، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، قال الشَّافعي -قدَّس الله روحه-: أجمع المسلمون على أنَّ مَن استبانت له سنَّة رسول الله: لم يحلَّ له أن يدعها لقول أحد. ( يتبع ) |
|
10-07-2023, 03:34 AM | #422 |
| تابع - درجات التَّواضُع الثَّالث: أن لا يجد إلى خلاف النَّص سبيلًا البتَّة: لا بباطنه ولا بلسانه ولا بفعله ولا بحاله، بل إذا أحسَّ بشيء مِن الخلاف: فهو كخلاف المقْدِم على الزِّنا وشرب الخمر وقتل النَّفس، بل هذا الخلاف أعظم عند الله مِن ذلك، وهو داع إلى النِّفاق، وهو الذي خافه الكبار والأئمة على نفوسهم. واعلم أنَّ المخالف للنَّص لقول متبوعه وشيخه ومقلَّده، أو لرأيه ومعقوله وذوقه وسياسته، إن كان عند الله معذورًا -ولا والله ما هو بمعذور- فالمخالف لقوله -لنصوص الوحي- أولى بالعذر عند الله ورسوله وملائكته والمؤمنين مِن عباده. فوا عجبًا إذا اتَّسع بطلان المخالفين للنُّصوص لعذر مَن خالفها تقليدًا أو تأويلًا أو لغير ذلك، فكيف ضاق عن عذر مَن خالف أقوالهم وأقوال شيوخهم لأجل موافقة النُّصوص؟! وكيف نصبوا له الحبائل وبغوه الغوائل ورموه بالعظائم، وجعلوه أسوأ حالًا مِن أرباب الجرائم؟! فرموه بدائهم وانسلوا منه لواذًا، وقذفوه بمصابهم وجعلوا تعظيم المتبوعين ملاذًا لهم ومعاذًا، والله أعلم) قال صاحب المنازل: (ولا يصحُّ ذلك إلَّا بأن يعلم: أنَّ النَّجاة في البصيرة والاستقامة بعد الثِّقة وأنَّ البيِّنة وراء الحجَّة) قال ابن القيِّم: (يقول: إنَّ ما ذكرناه مِن التَّواضُع للدِّين بهذه الأمور الثَّلاثة: الأولى: علمه أنَّ النَّجاة مِن الشَّقاء والضَّلال: إنَّما هي في البصيرة، فمن لا بصيرة له: فهو مِن أهل الضَّلال في الدُّنْيا والشَّقاء في الآخرة، والبصيرة نور يجعله الله في عين القلب، يفرِّق به العبد بين الحقِّ والباطل، ونسبته إلى القلب: كنسبة ضوء العين إلى العين، وهذه البصيرة وهبيَّة وكسبيَّة، فمَن أدار النَّظر في أعلام الحقِّ وأدلَّته، وتجرَّد لله مِن هواه: استنارت بصيرته، ورُزِق فُرْقَانًا يفرِّق به بين الحقِّ والباطل. الثَّاني: أن يعلم أنَّ الاستقامة إنَّما تكون بعد الثِّقة، أي لا يُتصور حصول الاستقامة في القول والعمل والحال إلَّا بعد الثِّقة بصحَّة ما معه مِن العلم، وأنَّه مقتبسٌ مِن مشكاة النُّبوَّة، ومَن لم يكن كذلك فلا ثقة له ولا استقامة. الثَّالث: أن يعلم أنَّ البيِّنة وراء الحجَّة، والبيِّنة مراده بها: استبانة الحقِّ وظهوره، وهذا إنَّما يكون بعد الحجَّة إذا قامت، استبان الحقُّ وظهر واتَّضح، وفيه معنى آخر وهو: أنَّ العبد إذا قَبِل حجَّة الله بمحض الإيمان والتَّسليم والانقياد: كان هذا القبول هو سبب تبيُّنها وظهورها وانكشافها لقلبه، فلا يصبر على بينة ربِّه إلَّا بعد قبول حجَّته. وفيه معنى آخر أيضًا: أنَّه لا يتبيَّن له عيب عمله مِن صحَّته إلَّا بعد العلم الذي هو حجَّة الله على العبد، فإذا عرف الحجَّة اتَّضح له بها ما كان مشكلًا عليه مِن علومه، وما كان معيبًا مِن أعماله. وفيه معنى آخر أيضًا: وهو أن يكون وراء بمعنى: أمام، والمعنى: أنَّ الحجَّة إنَّما تحصل للعبد بعد تبيُّنها، فإذا لم تتبيَّن له لم تكن له حجُّة، يعني: فلا يقنع مِن الحجَّة بمجرَّد حصولها بلا تبيُّن، فإنَّ التَّبيُّن أمام الحجَّة، والله أعلم) ( يتبع ) |
|
10-07-2023, 03:35 AM | #423 |
| تابع - درجات التَّواضُع قال صاحب المنازل: (الدَّرجة الثَّانية: أن ترضى بما رضي الحقُّ به لنفسه عبدًا مِن المسلمين أخًا، وأن لا تردَّ على عدوِّك حقًّا، وأن تقبل مِن المعتذر معاذيره) قال ابن القيِّم: (يقول: - أي: الهروي- إذا كان الله قد رضي أخاك المسلم لنفسه عبدًا، أفلا ترضى أنت به أخًا؟! فعدم رضاك به أخًا -وقد رضيه سيِّدك، الذي أنت عبده، عبدًا لنفسه- عين الكِبْر، وأيُّ قبيح أقبح مِن تكبُّر العبد على عبدٍ مثله، لا يرضى بأخوَّته، وسيِّده راض بعبوديَّته؟! فيجيء مِن هذا: أنَّ المتكبِّر غير راض بعبوديَّة سيِّده؛ إذ عبوديَّته توجب رضاه بأخوَّة عبده، وهذا شأن عبيد الملوك: فإنَّهم يرون بعضهم خشداشية بعض. ومَن ترفَّع منهم عن ذلك: لم يكن مِن عبيد أستاذهم. قوله: (وأن لا تردَّ على عدوِّك حقًّا) أي: لا تصحُّ لك درجة التَّواضُع حتى تقبل الحقَّ ممَّن تحبُّ وممَّن تبغض، فتقبله مِن عدوِّك كما تقبله مِن وليِّك، وإذا لم تردَّ عليه حقَّه، فكيف تمنعه حقًّا له قِبَلَك، بل حقيقة التَّواضُع: أنَّه إذا جاءك قَبِلْتَه منه، وإذا كان له عليك حقٌّ: أدَّيته إليه، فلا تمنعك عداوته مِن قبول حقِّه، ولا مِن إيتائه إيَّاه. وأمَّا (قبولك مِن المعتذر معاذيره) فمعناه: أنَّ مَن أساء إليك، ثمَّ جاء يعتذر مِن إساءته، فإنَّ التَّواضُع يوجب عليك قبول معذرته حقًّا كانت أو باطلًا، وتكل سريرته إلى الله تعالى كما فعل رسول الله في المنافقين الذين تخلَّفوا عنه في الغزو، فلمَّا قدم جاءوا يعتذرون إليه، فقَبِل أعذارهم ووَكَل سرائرهم إلى الله تعالى، وعلامة الكَرَم والتَّواضُع: أنَّك إذا رأيت الخلل في عذره لا توقفه عليه ولا تحاجه، وقُلْ: يمكن أن يكون الأمر كما تقول، ولو قُضِي شيءٌ لكان، والمقدور لا مدفع له. ونحو ذلك) قال صاحب المنازل أبو إسماعيل الهروي: (الدَّرجة الثَّالثة: أن تتَّضع للحقِّ، فتنزل عن رأيك وعوائدك في الخدمة، ورؤية حقِّك في الصُّحبة، وعن رسمك في المشاهدة) قال ابن القيِّم: (يقول:-أي: الهروي- التَّواضُع، بأن تخدم الحقَّ سبحانه وتعبده بما أمرك به على مقتضى أمره لا على ما تراه مِن رأيك، ولا يكون الباعث لك داعي العادة، كما هو باعث مَن لا بصيرة له، غير أنَّه اعتاد أمرًا فجرى عليه، ولو اعتاد ضدَّه لكان كذلك) يتبع - صور التَّواضُع |
|
10-07-2023, 03:37 AM | #424 |
| صور التَّواضُع 1- تواضع الإنسان في نفسه: ويكون ذلك بألَّا يظنَّ أنَّه أعلم مِن غيره، أو أتقى مِن غيره، أو أكثر ورعًا مِن غيره، أو أكثر خشية لله مِن غيره، أو يظنُّ أنَّ هناك مَن هو شرٌّ منه، ولا يظنُّ أنَّه قد أخذ صكًّا بالغفران!! وآخر بدخول الجنَّة!! لأنَّ القلوب بين إصبعين مِن أصابع الرَّحمن، يقلِّبها كيف يشاء، يقول الله تعالى: وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال: 24] وقال أبو زيد: ما دام العبد يظنُّ أنَّ في الخَلْق مَن هو شرٌّ منه فهو متكبِّر، فقيل له: فمتى يكون متواضعًا؟ قال: إذا لم ير لنفسه مقامًا ولا حالًا. ومِن التَّواضُع ألَّا يَعْظُم في عينك عملك، إن عملت خيرًا، أو تقرَّبت إلى الله تعالى بطاعة، فإنَّ العمل قد لا يُقْبَل، إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27] ولهذا قال بعض السَّلف: لو أعلم أنَّ الله قبل منِّي تسبيحة لتمنَّيت أن أموت الآن! ومِن ذلك: التَّواضُع عندما تسمع نصيحة، فإنَّ الشَّيطان يدعوك إلى ردِّها، وسوء الظَّنِّ بالنَّاصح؛ لأنَّ معنى النَّصيحة أنَّ أخاك يقول لك: إنَّ فيك مِن العيوب كيت وكيت. وكم مرَّة أتعبتكم بنصيحتي وقد يستفيد البُغْضَةَ المتَنَصِّحُ أمَّا مَن عصمه الله تعالى فإنَّه إذا وجد مَن ينصحه ويدلُّه على عيوبه، قهر نفسه وقبل منه، ودعا له وشكره، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم، في تعريف الكِبْر: ((الكِبْر: بَطَر الحقِّ، وغمط النَّاس )) يعني: ردُّ الحقِّ، وبخس النَّاس أشياءهم. فالمستكبر صاحب نفسيَّة متعاظمة لا يكاد يمدح أحدًا أو يذكره بخير، وإن احتاج إلى ذلك شفعه بذكر بعض عيوبه. أمَّا إن سمع مَن يذكره ببعض عيوبه فهيهات أن ينصاع أو يلين، وما ذاك إلَّا لمركَّب النَّقص في نفسه، ولهذا كان مِن كمال الإنسان أن يقبل النَّقد والملاحظة بدون حساسيَّة أو انزعاج أو شعور بالخَجَل والضَّعف، وها هو أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه يحمل الرَّاية، ويرفع الشِّعار: رحم الله امرءًا أهدى إلينا عيوبنا ( يتبع ) |
|
10-07-2023, 03:39 AM | #425 |
| تابع - صور التَّواضُع 2- التَّواضُع في التعلُّم: قال الشَّافعي: لا يطلب هذا العلم أحدٌ بالملْك وعزَّة النَّفس فيفلح، لكن مَن طلبه بذلَّة النَّفس، وضيق العيش، وخدمة العلم، وتواضع النَّفس أفلح. وعن الأصمعي قال: مَن لم يتحمَّل ذلَّ التَّعلُّم ساعة، بقي في ذلِّ الجهل أبدًا. قال عبد الله بن المعتز: المتواضع في طلب العلم أكثرهم علمًا، كما أنَّ المكان المنخفض أكثر البقاع ماء. وقد نَظَم أبو عامر النَّسويُّ فقال: العلم يأتي كلَّ ذي خفض، ويأبى كلَّ آبي كالماء ينزل في الوِهَا د، وليس يصعد في الرَّوابي وكذلك ينبغي أن يتحمَّل الطَّالب ما يكون مِن الشَّيخ أو مِن بقيَّة الطَّلبة لئلَّا يفوته العلم، فتفوته الدُّنْيا والآخرة، مع حصول العدو وطلبه، وشماتة الأعداء مِن الأربعة الأمور بالاستعاذة منهنَّ في الصَّحيحين في قوله عليه السَّلام: ((تعوَّذوا بالله مِن جهد البلاء، ودَرَك الشَّقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء )) وقد قيل: لمحبرة تجالسني نهاري أحبُّ إليَّ مِن أنس الصَّديق ورزمة كاغد في البيت عندي أعزُّ إليَّ مِن عدل الرَّقيق ولطمة عالم في الخدِّ منِّي ألذُّ إليَّ مِن شرب الرَّحيق وقال الشَّافعي: غضب الأعمش يومًا على رجل مِن الطَّلبة، فقال آخر: لو غضب عليَّ مثلك لم أعد إليه. فقال له الأعمش: إذًا هو أحمق مثلك، يترك ما ينفعه لسوء خلقي. ذكره البيهقي أحيانًا تسمع من بعض المبتدئين في العلم -ممن لا يقدر للعلماء السابقين قدرهم، ولا يعرف منزلتهم وفضلهم- ربما تسمع منه متطاولًا: هم رجال، ونحن رجال. فأولى بهذا المسكين أن يعرف قدر نفسه، وأن يقرأ سير هؤلاء العلماء؛ ليعرف من هو ومن هم؛ في الحفظ والقراءة والعلم والتعليم والعمل والعبادة، ففرق بين الثرى والثريا. فإذا كان هذا القول لا يقبل من العلماء أو من طلبة العلم الكبار في هذا الزمان فكيف بطلاب العلم الصغار والمبتدئين؟! يقولون: هذا عندنا غير جائز!! ومَن أنتم حتى يكون لكم (عندُ)!! جلس الشَّافعي ذات يوم مع تلميذه أحمد بن حنبل، فنظر إليه وقال: أحبُّ الصَّالحين ولست منهم لعلِّي أن أنال بهم شفاعه وأكره مَن تجارتهم معاصي وإن كنَّا سويًّا في البضاعه فنظر إليه تلميذه أحمد، ثمَّ قال: تحبُّ الصَّالحين وأنت منهم ومنكم سوف يلقون الشَّفاعة وتكره مَن تجارتهم معاصي وقاك الله مِن شرِّ البضاعة ( يتبع ) |
|
10-07-2023, 03:41 AM | #426 |
| تابع - صور التَّواضُع 3- التَّواضُع مع النَّاس: فالمسلم يخالط النَّاس ويدعوهم إلى الخير، وإلى الأخلاق الإسلاميَّة، ومِن طبيعة النَّاس أنَّهم لا يقبلون قول مَن يعظِّم نفسه ويحقرهم، ويرفع نفسه ويضعهم، وإن كان ما يقوله حقًّا، بل عليه أن يعرف أنَّ جميع ما عنده هو فضلٌ مِن الله، فالمسلم المتواضع هو الذي لا يعطي لنفسه حظًّا في كلامه مع الآخرين، ومِن تواضع المسلم مع النَّاس: أن يجالس كلَّ طبقات المجتمع، ويكلِّم كلًّا بما يفهمه، ويجالس الفقراء والأغنياء. قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا [الكهف: 28] 4- التَّواضُع مع الأقران: ومِن التَّواضُع: تواضع المسلم مع قرينه؛ وذلك لأنه كثيرًا ما تشتعل المنافسة ويقع التَّحاسد بينهم، وربَّما يؤدي ذلك إلى نوع من استعلاء بعضهم على بعض، ثم محاولة الحط من قدر قرينه، والتنقص منه بأي صورة من الصور، أو السعي في النيل منه، وقد يلبس عليه الشيطان ذلك ويلبسه لبوس النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ( يتبع ) |
|
10-07-2023, 03:42 AM | #427 |
| تابع - صور التَّواضُع 5- تواضع الإنسان مع مَن هو دونه: مِن التَّواضُع: التواضع مع من هو أقل منك، بل لا يُتصوَّر التواضع إلا مع من هو دونك، سواء في العلم أو الفهم أو المال أو الجاه ومن هو أصغر منك سنا وغير ذلك، بل إذا رأيت من وقع في معصية فلا تتعالى عليه وتعجب بنفسك وعملك، فربما كانت معصيته سببًا في توبة وإنابة، وذل وانكسار، وربما كان إعجاب الإنسان بعمله سببًا في حبوط عمله. عن جندب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّث: ((أنَّ رجلًا قال: والله لا يغفر الله لفلان. وأنَّ الله تعالى قال: مَن ذا الذي يتألَّى عليَّ أن لا أغفر لفلان؟! فإنِّي قد غفرت لفلان وأحبطت عملك )) 6- تواضع صاحب المال: فإنَّ مَن مَنَّ الله عليهم بالمال، والجاه، والقوَّة، والنُّفوذ، أحوج الخَلْق إلى خُلُق التَّواضُع؛ لأنَّ هذه النِّعم مدعاة إلى الكِبْر والفخر. وما ابتليت الأمَّة بمصيبة الكِبْر إلَّا مِن هؤلاء، ولو نظر صاحب المال -مثلًا- إلى سالف أمره، لكان أجدر به إذا ما رُزِق مالًا أن يشكر ربَّه الذي أغناه بعد فقر، وأعطاه بعد حرمان، وأشبعه بعد جوع، وأمَّنه بعد خوف، وأن يجعل التَّواضُع فراشه، ودثاره، وزينته، هذا هو الشُّكر العملي الحقيقي. أمَّا أن يتكبَّر وهذا حاله، فلا أدري بم يوصف هذا الإنسان، وقد بدِّلت لديه المفاهيم والموازين. وكذلك يقال لصاحب كلِّ نعمة: عليك بالتَّواضُع، فلربَّما دارت عليك الأيام، وبُدِّل الحال. ( يتبع ) |
|
الكلمات الدلالية (Tags) |
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في |
| |
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الدعوة الى الاسلام بEnglish | ميارا | (همســـــات English word) | 15 | 30-05-2023 08:13 PM |
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية | البرنس مديح ال قطب | ( همســـــات الإسلامي ) | 16 | 16-09-2021 03:35 PM |
الأخلاق في الاسلام 2 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 8 | 15-09-2015 07:01 AM |
الأخلاق في الاسلام 1 | الورّاق | ( همســـــات الإسلامي ) | 11 | 21-08-2015 04:27 AM |
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام | شـوش آلشـريف | ( همســـــات الإسلامي ) | 26 | 25-07-2015 06:30 AM |