ننتظر تسجيلك هنا


الإهداءات



إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-06-2023, 12:27 AM   #218


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

‬ أنواع الأمانة:‬

تنقسم الأمانة إلى نوعين ، وهي الأمانة المادية وتتعلق بالودائع العينية ، والنوع الثاني المعنوية وهي تتعلق بحق الله  على عباده من العبادات ، وأيضاً الأمانة في التعامل مع الناس.‬

أولاً:‬ الأمانة المادية:‬
وهي أن يودع أحد الأشخاص عنـد إنسـان يثق به وديعة عينية من مال أو ذهب أو أوراق نقدية أو متاع أو نحوه مما يسمى أمانات ، وحينئذٍ يجب على المسلم الذي يتقي الله في حفظ هذه الوديعة حتى يرجعها إلى صاحبها ، قال تعالى:‬ [وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ.‬..] [‬البقرة:283]‬،‬ فهذه الآية فيها مشروعية الوثيقة بالحقوق ، وهي الرهون والضمانات التي تكفل للعبد الحصول على حقه سواء كان التعامل مع أمين أو خائن ، فالوثائق تحفظ الحقوق وتقطع المنازعات .‬
فقد روى ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري أن فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا هذه الآية نسخت ما قبلها ، وقال الشعبي:‬ إذا اؤتمن بعضكم بعضاً فلا بأس أن تكتبوا أو لا تشهدوا
وقوله تعالى:‬ [إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالعَدْلِ.‬..] [‬النساء:58]‬ ، فهذه الآية الكريمة من أمهات الأحكام التي تضمنت جميع الدين والشرع ، واختلف من المخاطب فيها ، والأظهر في الآية أنها عامة في جميع الناس ، فهي تتناول الولاة فيما لهم من الأمانات في قسمة الأموال ورد المظالم إلى أصحابها ، كما تتضمن العدل من الحكومات ، وتتناول من تخصص من الناس في حفظ الودائع ، والتحرز في أداء الشهادات إلى غير ذلك مما يتعلق بالأمانات المادية .‬

ثانياً:‬ الأمانات المعنوية:‬
إن الأمانة المعنوية تعني القيام بحق الله من العبادات ، قال تعالى:‬ [وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ] [‬الذاريات:56]‬،‬ وأيضاً العمل على تطبيق أحكام الدين التي تتمثل في شرع الله الذي أنزله على رسوله الكريم ، قال تعالى:‬ [ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ] [‬الجاثية:18]‬ ، وأوصى الحق تبارك وتعالى بالاحتكام لهذا الدين والضرب بعرض الحائط الأحكام الأرضية الهابطة ؛ لأنها لا تحقق إلا التفرقة والضياع لمقدرات الأمة ، قال تعالى:‬ [وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ] [‬المائدة:49]‬ .‬
ولا يحق لمسلم أعلن ولاءه لله خالقاً ومشرعاً أن يبتعد عن تحكيم شريعة الله في جميع أمور حياته ، أو يتخذ القوانين الوضعية دستوراً يحتكم إليها فيما يعرض له من قضايا ومشكلات سواء في الجانب الأخلاقي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو السياسي ، والله حذّرنا من الافتتان بذلك فقال تعالى:‬ [أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ] [‬المائدة:50]‬ ، وأقسم الله أنه لن يتم الإيمان للناس إلا بعد أن يتحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرضوا بحكمه في أي أمر من أمور حياتهم صغيرها وكبيرها ، قال تعالى:‬ [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] [‬النساء:65]‬،‬ أي يقبلوا حكم الرسول بحب واستسلام كامل عن طواعية ورضا ( ) ، قال تعالى:‬ [وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا] [‬الأحزاب:36]‬ .‬
كما أن الأمانة تكون في السهر على تحقيق مصالح الأمة ، والعمل على إعادة مجدها ورفع شـأنها ، ولكن الناظـر اليـوم في واقع المسلمين يراهم وقد استبدلوا منهج الله بمناهج وقوانيـن وضعيـة مستوردة من الشـرق أو الغرب يحتكمون إليها في حياتهم فعـادت عليهـم بالشقاء والبلاء والتفرقة والضعف وذهاب ريحهم وواقع المسلمين اليوم يشهد بذلك.‬
ولذلك فنحن اليوم في أمس الحاجة إلى الرجوع إلى كتاب الله لننهل منه ونتربى على مائدته ونحتكم إلى شريعته أنظمة وحكومات وجماعات وأفراد حتى نكون صورة صادقة لقوله صلى الله عليه وسلم:‬ (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً ، ثم شبك بين أصابعه) دليل الوحدة والترابط والتآلف بين أبناء المجتمع الإسلامي.‬
والأمانة تقتضي نبذ الخلافات والقضاء على بذور الفرقة ، وأن نكون أمة متماسكة كالبنيان المرصوص القوي الشامخ ، قال تعالى:‬ [إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ] [‬الصَّف:4]‬ .‬
والأحرى بنا ونحن تتجاذبنا قوى الشر والبغي والفساد للشرق أو الغرب أن نرجع إلى كتاب ربنا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأن نوحد صفوفنا لكي تستعيد الأمة الإسلامية مكانتها ودورها القيادي المنوط بها في هذه الحياة ، والعودة بالبشرية المعذبة إلى منهج الله الذي يحقق الأمن والعدالة والمساواة والسلام.‬

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 19-06-2023, 12:29 AM   #219


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

مجالات الأمانة:‬

المجالات التي تدخل فيها الأمانة كثيرة ومتعددة ؛ لأن الأمانة تدخل في جميع أعمال الإنسان التي يقوم بها على سطح هذه المعمورة ، لهذا سأتناول أهم المجالات التي تدخل فيها الأمانة ، وهي كالتالي:‬

1- الأمانة في الودائع
التي تدفع إلينا لنحفظها فترة من الزمن ، ثم نردها إلى أصحابها عندما يطلبونها هي من الأمانات التي نُسأل عنها يوم القيامة ، ولنا الأسوة الحسنة في رسولنا الأمين حينما استخلف عند هجرته ابن عمه علي بن أبي طالب  ليسلم المشركين الأمانات والودائع التي استحفظها ، مع أن هؤلاء المشركين كانوا قد خططوا لقتله أو سجنه أو طرده من الديـار ، وأرغمـوه على الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، وذلك لأنه أدرك معنى [إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا.‬..] [‬النساء:58]‬ وأن الشهيد يُسأل عنها يوم القيامة ، عن عبد الله بن مسعود قال:‬ (القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا الأمانة ، قال:‬ يؤتى بالعبد يوم القيامة – وإن قتل في سبيل الله – فيقال:‬ أدِّ أمانتك ، فيقول:‬ أي رب ، كيف وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقال:‬ انطلقوا به إلى الهاوية ، وتمثل له أمانته كهيئتها يوم دفعت له ، فيراها فيعرفها ، فيهوي في أثرها حتى يدركها ، فيحملها على منكبيه ، حتى إذا ظن أنه خارج نزلت عن منكبيه فهو يهوي في أثرها أبد الآبدين ، ثم قال:‬ الصلاة أمانة ، والوضوء أمانة ، والوزن أمانة ، والكيل أمانة ، وأشياء عددها وأشد ذلك الودائع) .‬

2- أمانة الأعراض:‬
إن العلاقة بين الزوجين ينبغي أن تقوم على أساس الأمانة المتبادلة في حفظ الأعراض والأسرار البيتية لكي يتولد الإخلاص والثقة بينهما في كل عمل فيه مصلحة الأسرة ، وإذا توفرت الأمانة والإيمان تنشأ الثقة بين الطرفين ويزول الشك والريبة ، ويصبح كل منهما عين ساهرة على الأسرة ومصالحها.‬
ولنعلم جيداً أنه إذا فقدت الأمانة داخل الأسرة ودخل مرض الشك والريبة بين الزوجين فهي بداية دمار الأسرة والتفريق بين الأبناء ، لذلك حرص الإسلام على تعزيز عنصر الأمانة بين أفرادها ، فالزوجة التي تحفظ زوجها في عرضها في غيابه ، وترعى الأمانة في ماله من الضياع والتبذير ، وتحفظ ولده وسائر شئون البيت ، فالإٍسلام جعلها شريكة للزوج في المسئولية عن رعاية البيت .‬
جـاء في الحديث الشريف عن الأحوص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يقول:‬ (ألا إن لكم على نسائكم حقاً ولنسائكم عليكم حقاً فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فُرشكم من تكرهونه إلا بإذن في بيوتكم لمن تكرهونه)
يتضح من ذلك أن العرض أمانة فيجب على كل مسلم أن يعمل على حفظ الأعراض وصونها من الفاحشة ، وكذلك كل من تحت يدك أن تحفظهم عن الوقوع في آفة الزنا ، لذلك حرم الإسلام المقدمات التي تدعو إلى الزنا ، فقال تعالى:‬ [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ] [‬النور:30]‬ ، وأمر النساء بما أمر به الرجال وزادهن تكليفاً عن الرجال وهو عدم إبداء الزينة وضرب الخمار وارتداء اللباس الشرعي حتى لا تكون المرأة عنصر غواية في المجتمع ، قال تعالى:‬ [وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ.‬..] [‬النور:31]‬ .‬

3- الأمانة في المعاشرة الزوجية:‬
إن كلا الزوجين أمين على أسرار صاحبه ، فالرجل أمين على زوجته ومطالب برعايتها والذود عنها ، والمحافظة على أسرارها فلا يجوز أن يذكر عيباً فيها لأحد لأنه لباس لها ، وهي لباس له في حفظ الأسرار وستر العورات ، وهما من نفس واحدة فكيف يتكلم أحدهما عن الآخر ؟! فإنه حينئذ يتكلم عن نفسه ، قال تعالى:‬ [وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا] [‬النساء:21]‬،‬ وقال تعالى:‬ [... هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ.‬..] [‬البقرة:187]‬،‬ وجاء في معنى اللباس أقوال منها ، أن كلا الزوجين بمنزلة اللباس للآخر حيث إنهما يفضيان بأجسامهما لبعضهما البعض فكنّى عن اجتماعهما في البيت باللباس ؛ لأن كلاً منهما يستر صاحبه من العيوب ويصون عرضه ويحفظ شرفه ، وجاء اللباس بمعنى الهدوء والسكن وراحة النفوس حيث عبر عن الليل باللباس وهو يمتاز بالهدوء والسكن بالنسبة للنفس التي تعاني التعب والشقاء في النهار أثناء العمل وكسب القوت له ، ولمن يعولهم داخل الأسرة
والأمانة تقتضي أن المعاشرة بيـن الرجل وزوجه يجب أن تطوى في أستار مسبلة فلا يطلع عليه أحد مهما قرب منهما ، ولكن بعض السفهاء من العامة يثرثرون بما يقع بينهم وبين أهلهم من أمور ، فهذه وقاحة حرمها الله  وهتك لأسرار الزوجية.‬
عن أسماء بنت زيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده ، قال:‬ (لعـل رجـلاً يقـول ما فعـل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ! فأزم القوم - سكتوا وجلين - فقلت:‬ أي والله يا رسـول الله إنهم ليفعلون ، وإنهنّ ليفعلن !! قال:‬ فلا تفعلوا ، فإنما مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس ينظرون)

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 19-06-2023, 12:31 AM   #220


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

4- أمانة الأولاد:‬

إن الأبناء ثمرة الحياة الزوجية وأملها المرتجى وذكرها الممتد عبر الأيام والسنين فهم أمانة في أعناق الآباء ينبغي الاعتناء بهم منذ نعومة أظفارهم وإلى أن يصبحوا رجالاً ، فإذا رُزق الآباء بطفل فينبغي عليهم أن يسمعوه الآذان ويسموه بأحب الأسماء ويصنعوا له عقيقة ويحلقوا شعر رأسه ويتصدقوا بمقدار وزن شعره ذهباً أو فضة على الفقراء والمحتاجيـن ، حيـث جاء عن سمرة أنه قال:‬ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‬ (الغلام مرتهن بعقيقته
يذبح عنه يوم السابع ويُسمى ويُحلق رأسه) .‬
والأمانة تقتضي تربية الأولاد وتعليمهم ولا يجوز أن يترك الطفل بدون اعتناء من والديه فيتعلم من الشارع وأقران السوء الخصال القبيحة.‬
فالأب راع في بيته ومسئول عن رعيته ، فمن واجب الرعاية والمسئولية أن يكفل لأولاده الغذاء والكساء والنفقة عليهم في مراحل التعليم حتى يصبحوا أملاً للأمة وعدة للمستقبل ، قال تعالى:‬ [لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللهُ.‬..] [‬الطَّلاق:7]‬ .‬
كما ويجب المساواة بين الأولاد فلا تمييز بين ابن وآخر داخل الأسرة سواء في العطاء أو المأكل أو الملبس لكي يتم التآلف والتحابب بينهم وعدم المساواة بينهم تؤدي إلى الأمراض النفسية وضعف الشخصية.‬
وإن الرحمة بهم تزيدهم حباً بالآباء وتمسكاً وطاعة ، عن عائشة قالت:‬ قدم ناس من الأعراب على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا:‬ أتقبلوا صبيانكم ؟ قالوا:‬ نعم ، فقالوا:‬ لكنّا لا نقبّل ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:‬ (وأملك أن كان الله قد نزع منكم الرحمة) .‬
فالقبلة التي يصنعها الآباء على وجنتي أطفالهم لهي لون من ألوان الرحمة والأمانة التي كلفنا الله سبحانه بتأديتها والمحافظة عليها.‬

5- أمانة الأموال:‬
إن الأمانة فضيلة لا تسمح للمسلم بأن يجمع المال حسبما شاء وبأي طريقة أراد ، بل فرّق القرآن الكريم بين الطرق المشروعة لاكتساب الرزق والطرق الغير مشروعة ، قال تعالى:‬ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ.‬..] [‬النساء:29]‬ .‬
لقد نهت الآية عن أكل الأموال بالباطل ، وأوضحت الطريق المشروع لجمع المال وهي التجارة ، أي البيع والشراء عن تراضٍ بين الناس.‬
ومن الأمانة الابتعاد عن الغش في جمع المال ، قال تعالى:‬ [وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ] [‬البقرة:188]‬ ليس من صفة المؤمنين أكل أموال الناس بالباطل ، وإنما هي من صفة الأحبار والرهبان الذين يصدون عن سبيل الله ، قال تعالى:‬ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ.‬..] [‬التوبة:34]‬ .‬
والأمانة تقتضي تحريم الربا ؛ لأنه أكل لأموال الناس بالإثم ، وبدون بذل أي جهد أو مشاركة في الربح والخسارة ، قال تعالى:‬ [... وَأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا.‬..] [‬البقرة:275]‬.‬
كما أن الأمانة تدفع صاحبها إلى الإنفاق من المال الحلال الطيب على الفقراء واليتامى والمساكين وذوي الحاجة والمعوزين من أبناء المجتمع لسد حاجتهم والنهوض بهم إلى مستوى الأغنياء ويتحقق التكافل والتضامن الاجتماعي بين أبناء المجتمع ، ويتم القضاء على البطالة والفقر
ونخلص إلى القول:‬ بأنه إذا التزم الناس بمنهج الله وجمعوا المال وأنفقوه بالطرق المشروعة لأكلوا من بين أيديهم ومن تحت أرجلهم ، وتحفظ الثروات الاقتصادية ، ويصبح المجتمع قوياً متماسكاً يسوده التراحم والترابط والوحدة.‬

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 19-06-2023, 12:32 AM   #221


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

6- أمانة التعامل مع الناس:‬

لقد أمر الله بالحفاظ على الأمانة في التعامل مع الآخرين سواء في كتابة الدين أو الحقوق ، بأن تكون الكتابة وفق الأصل المتفق عليه بعيداً عن التغيير والتبديل ، وبدون زيادة أو نقصان ، قال تعالى:‬ [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالعَدْلِ.‬..] [‬البقرة:282]‬ ، وإذا كانت الكتابة من إنشاء كاتبها ، فالأمانة أن تكون مضامينها خالية من التلاعب بالحقائق.‬
قال تعالى:‬ [وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ] [‬المؤمنون:8]‬،‬ تُبيّن هذه الآية الأمانة بين الناس وخالقهم من صلاة وغيرها ، وكذلك أنهم حافظون لأمانات الله وأمانات العباد وحافظـون لعهودهـم مع الله ومع العبـاد ، أي إذا اؤتمنـوا لم يخونوا وإذا عاهدوا لم يغدروا ، وهذه صفات المؤمنين وضدها صفات المنافقين .‬
إن النفس البشرية بالفطرة تميل إلى التعامل مع الأمين الصادق حتى غير المسلمين يؤثرون الأمين ، فقد ورد قصة عن أهل نجران لما وافقوا على دفع الجزية فقالوا:‬ إنا نعطيك ما سألتنا ابعث معنا رجلاً أميناً ، ولا تبعث معنا إلا أمينا ، فقال:‬ لأبعثن معكم أميناً بحق وأرسل معهم أبا عبيدة وكان أميناً لهذه الأمة
وللأمانة في البيع والشراء دورٌ كبيرٌ في طمأنينة النفس واستتباب الأمن ؛ لأن صدق التعامل مع الناس وسيلة لزيادة الحب والتآلف بينهم ، لذلك أوصى صلى الله عليه وسلم التجار بالتزام الصدق والتقـوى والأمانـة لينالوا درجة الصديقين والشهداء ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال:‬ (التاجر الأمين الصدوق مع النبيين والصديقين والشهداء) .‬
ودعا الإسلام إلى التزام الأمانة والسماحة في القضاء والتعامل ، وهذا أدبٌ رفيع وخلق اجتماعـي يُقرّب الناس من بعضهم ؛ لأنه يوجد الراحة في النفوس ، عن جابر بن عبـد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:‬ (رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) .‬

7- الأمانة الوظيفية:‬

الرجل الأمين في عمله هو الذي لا يستغل منصبه في العمل لجر منفعة إلى شخصه أو قرابته ؛ لأن التشبع من المال العام جريمة.‬
والمعروف أن الحكومات والشركات والمؤسسات تمنح مستخدميها أموراً معينة ، فمحاولة التزيد عليها بالطرق الملتوية هي كسب حرام ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‬ (من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) ، فعلاً إنه حرام ؛ لأنه اختلاس من مال الجماعة الذي ينفق على الضعفاء والفقراء والمعوزين ، أو يرصد للمصالح الكبرى العامة كالجامعات والمستشفيات والمرافق العامة ، قال تعالى:‬ [وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ القِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ] [‬آل عمران:161]‬،‬ والغلول هو أخذ الشيء من الغنائم خفية واختلاساً فآخذه يأتي يوم القيامة حاملاً إياه على عنقه ، أي متحملاً مسئولية فعله ووزر ما ارتكبته ، وبذلك يستوجب العقاب ، يوم توفى كل نفس في الآخرة ما كسبت من خير أو شر فينال الغال جزاء فعله دون ظلم ، قال تعالى:‬ [وَوُضِعَ الكِتَابُ فَتَرَى المُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا] [‬الكهف:49]‬ .‬
وأيضاً من الأمانة وضع الرجل المناسب في المكان الجدير به فلا يجوز إسناد منصب إلا لصاحبه الجدير به ، ولا تملأ وظيفة إلا بالرجل الذي ترفعه كفايته إليها ؛ لأن الأعمال العامة والوظائف أمانات ومسئوليات ثابتة من وجوه كثيرة:‬ حيث جاء عن أبي ذر قال:‬ (قلت:‬ يا رسـول الله ألا تستعملنـي ؟ قـال:‬ فضـرب بيده على منكبي ، ثم قال:‬ يا أبا ذر إنك رجل ضعيف ، وإنها أمانة ، وإنها يوم القيامة خزي وندامة ، إلا من أخذها بحقها ، وأدى الذي عليه فيها)
فلننظر إلى يوسف الصديق إنه لم يرشح نفسه لإدارة شئون المال بنبوته وتقواه فحسب ، بل بحفظه وعلمه أيضاً ، قال تعالى:‬ [قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ] [‬يوسف:55]‬ .‬
وأبو ذر لما طلب الولاية لم يره الرسول جلداً لها ، فحذره من المسئولية ، والأمانة تقتضي بأن نصطفي للوظائف أحسـن الناس قياماً بها ، فإذا حدنا عن ذلك لرشوة أو هوى أو قرابة ، فقد ارتكبنا بتنحية القادر وتولية العاجز الضعيف خيانة جسيمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‬ (من استعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين) .‬

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 19-06-2023, 12:34 AM   #222


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

8- أمانة المجالس:‬

إن للمجالس التي يشارك فيها الإنسان حقوقاً ، فلا يجوز كشف أسرار الناس في المجالس ، فكم من علاقات تقطعت ومصالح تعطلت ؛ لاستهانة بعض الناس بأمانة المجلس ، قال تعالى:‬ [وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا] [‬الإسراء:36]‬ .‬
فيحرم تتبع عورات الآخرين والمشي في قفاهم وهم لا يشعرون لمعرفة أسرارهم وإذاعتهـا بين الناس من خلال الحديث عنها أثناء الجلوس مع الآخرين ، قال صلى الله عليه وسلم:‬ (إذا حدث
الرجل رجلاً بحديث ثم التفت فهو أمانة) .‬
وحرمات المجالس تصان وتحفظ ما دام الذي يجري فيها مضبوطاً بقوانين الأدب وشرائع الدين ، وإذا خرجت عن هذا النطاق فتصبح من المجالس التي ليس لها حرمة ، وهي تتمثل في ثلاثة مجالس كالتالي:‬
أ- مجلس سفك فيه دم حرام ، فهذا يجب الشهادة به ، ولا يجوز كتمه ، بل كتمه خيانة عامة وخيانة لأولياء القتيل ، وخيانة لحق الله ، فمثل هذا المجلس لا حرمة له ولا أمانة له ؛ لأن أصحابه قـد خانـوا الله فيما استأمنهم عليه وخانوا أخاهم فاعتدوا على حياته ، ولم يكونوا أمناء مع أخيهم فخططوا لقتله مع سبق الإصرار والترصد.‬
ب- مجلس فيه اعتداء على عرض آمن ، فمجلس من هذا النوع لا حرمة له ولا أمانة له ، بشرط أن يتوفر به نصـاب الشـهود الأربعة حتى لا يدان بالقذف ، فحق الله سبحانه هو الأحق بالأمانة.‬
ج- مجلس تم الاعتداء فيه على مال بغيـر حـق ، فمثـل هذا المجلس لا حرمة له أيضاً ولا أمانة له لوجود المنكر فيه ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:‬ (المجلس بالأمانة ، إلا ثلاثة مجالس:‬ مجلس سفك فيه دم حرام ، أو فرج حرام ، أو اقتطاع مال بغير حق) .‬
لذلك ينبغي مصاحبة الأتقياء والجلوس في مجالسهم ، فهي مجالس خير ينتفع منها الجليس ، والابتعاد عن مجالس السوء التي تسبب النكد والفساد ، قال صلى الله عليه وسلم:‬ (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كبائع المسك ونافخ الكير ، فبائع المسك إما أن تبتاع منه أو يحذيك أو تجد منه ريحاً طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحـرق ثيـابك ، وإما أن تجد منه ريحاً منتنة) .‬

9- أمانة البلد الحرام:‬
إن مكة المكرمة هي البلد الآمن ، وقد وردت آيات كثيرة تُبين حرمة هذه البقعة ، منها قوله تعالى:‬ [إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ] [‬آل عمران:96]‬،‬ فهو أول بيت وضع للنـاس في الأرض ، وأخبر الحق تبارك وتعالى أنه يوجد فيه آيات بينات وهـو الحجـر الأسـود ، ومقام إبراهيم والملتزم وماء زمزم ، وهي أفضل بئر على الأرض ، وماؤهـا أفضـل ميـاه ، قـال تعالـى:‬ [فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا.‬..] [‬آل عمران:97]‬ .‬
ويطلق على مكة أم القرى ، وهذا باتفاق المفسرين ، وسميت بذلك لأنها أشرف وأفضل من سائر البلاد وأحبها إلى الله ورسوله .‬
ومن أسمائها البلد الأمين ، قال تعالى:‬ [وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ* وَهَذَا البَلَدِ الأَمِينِ] [‬التِّين: 1-3]‬ ، والبلد الأمين هو مكة بلا خـلاف عند أحد المفسرين ، قال تعالى:‬ [وَإِذْ جَعَلْنَا البَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا.‬..] [‬البقرة:125]‬ ، فمكـة هي البلد الآمن لقوله تعالى:‬ [... وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا.‬..] [‬آل عمران:97]‬ ، حيث ذكر أ[و العالية الرياحي:‬ "آمناً من العدو وأن يحمل فيه السلاح وقد كانوا في الجاهليـة يتخطـف الناس من حولهـم وهـم آمنون ولا يسبون" ، قال تعالى:‬ [أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آَمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ.‬..] [‬العنكبوت:67]‬ .‬
وقال القرطبي في تفسيره عن مكـة المكرمة بأنها لم تزل حرماً من الجبابرة المسلطين ، ومن الخسوف والزلازل وسائر المثلات التي تحل بالبلاد ، وجعل في النفوس المتمردة من تعظيمها والهيبة لها ما صار به أهلها متميزين بالأمن عن غيرهم من البلدان وهو استجابة لدعاء إبراهيم ، قال تعالى:‬ [وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا البَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ] [‬إبراهيم:35]‬ ، فهو في بلاد الأمن والسلام والسكينة والراحة ، وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم:‬ كان الرجل يلقى قاتل أبيه وأخيه فلا يعرض له ، وقيل آمناً يعني الأمان لكل أحد حتى الوحوش ، وحتى الجمادات والأشجار ، لهذا كانوا في الجاهليـة يحترمونـه أشد الاحترام مع شركهم ، ولما جاء الإسلام زاد حرمته تعظيماً وشرفاً وتكريماً .‬
وجعل مكة بلداً آمناً ورزق أهله من الثمرات وأصبحت القلوب تحن إليها والأرواح تشتاق لزيارتها ولو في كل عام استجابة من الله تعالى لدعاء خليله إبراهيم ، قال تعالى:‬ [رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ] [‬إبراهيم:37]‬ .‬
وأصبحت مكة بلداً آمناً ، وفيها من الأرزاق الشيء الكثير ببركة دعاء أبي الأنبياء ، وتوفر فيها الأمن وهو ضد الخوف ، وهو يطلق على عدم الخوف من عدو أو من قتال .‬

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 19-06-2023, 12:36 AM   #223


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

الأمانة من صفات الملائكة والأنبياء

لقد تحدثت في هذا المبحث عن أهل الأمانة فذكرت منهم الملائكة وعلى وجه الخصوص جبريل أمانته في توصيل الوحي إلى المرسلين ، كما تحدثت سابقاً عن أمانة المؤمنين ، وفصّلت القول في الحديث عن أمانة الأنبياء والمرسلين ، وأنها صفة من صفاتهم إلى يوم الدين.‬

الأمانة من صفات الملائكة:‬
لقد وعد الله – سبحانه – القائمين بالأمانة على وجهها الأجر الجزيل والثناء العظيم ، أما الملائكة فكلهم قائم بأدائها على وجهها الكامل لأنهم لا يعصـون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ، وهم مسيرون لفعل الخير على الوجه الذي يحبه الله ويرضى عنه.‬
قال تعالى:‬ [... لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ] [‬التَّحريم:6]‬،‬ فهم يتميزون بالطاعة الكاملة إلى الله ربهـم ، فهـم لا يخالفـون أوامـر الله تعالى ، ويؤدون ما يؤمرون به في وقته المحدد من غير تراخ ، فلا يؤخرونه ولا يقدمونه ، وهم قادرون على تنفيذ الفعل ، وليس بهم عجز عن تأدية الأمر الإلهي لهم ، قال تعالى:‬ [عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ] [‬الأنبياء:27]‬،‬ فهـم مطيعـون لله تعالـى ، لا يعصون بحال من الأحوال ، قال تعالى:‬ [يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ] [‬النحل:50]‬ .‬
وأخبر الله سبحانه عنهم أنهم منزهون عن الأعراض البشرية كالجوع والمرض والأكل والشرب والنوم والتعب ( ) ، قال تعالى:‬ [يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ] [‬الأنبياء:20]‬ .‬
فهم الكرام الكاتبون لأعمال البشر المؤتمنون في إحصائها عليهم ، فعلى يمين كل مكلف ملك يكتب صالح أعمالـه ، وعن يساره ملك يكتب سيئات أعماله ، قال تعالى:‬ [وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ] [‬الانفطار: 10-12]‬ .‬
إن الأمانة من صفـات الملائكة الأبرار ، ومنهم جبريل  الذي نزل بالقرآن الكريم على قلب النبي الأمين محمد صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى:‬ [وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ العَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ] [‬الشعراء: 192-195]‬ .‬
نزل به جبريل الأمين على الوحي والرسالة ، ذو المكانة عند الله المطاع في الملأ الأعلى ، على قلبك ، أي على روحك المدركة الواعية ، وفهمك إياه ، بدون زيادة أو نقصان بما فيه من أخبار عن القصص للأنبياء مع أقوامهم والأمم الغابرة ، لتنذر به قومك والعالم كله بأس الله ونقمته على من خالف وكذب هذه الدعوة ، وتبشر به المؤمنين المصدقين له بالجنة والنعيم المقيم في الآخرة .‬
وجاء وصف جبريل بالأمانة في قوله تعالى:‬ [مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ] [‬التَّكوير:21]‬ ، أي مطاع ومسموع القول في الملأ الأعلى في السماوات ، فهو من السادة الأشراف في الملائكة الأطهار ، أناط الله به توصيل هذه الرسالة العظيمة وتبليغ الوحي الرسول صلى الله عليه وسلم.‬
فقوله تعالى:‬ [أَمِينٍ] صفـة لجبريل بالأمانـة ، ووصف عظيم من الله رب العالمين بأن زكى عبده ورسوله الملائكي جبريل ، كما زكى عبده محمد صلى الله عليه وسلم بهذا الخلق الرفيع

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
قديم 19-06-2023, 12:37 AM   #224


البراء الحريري غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 9970
 تاريخ التسجيل :  4 - 6 - 2023
 أخر زيارة : 04-12-2024 (09:22 PM)
 المشاركات : 18,999 [ + ]
 التقييم :  1141996468
 الدولهـ
Syria
 الجنس ~
Male
لوني المفضل : Darkmagenta
شكراً: 0
تم شكره 0 مرة في 0 مشاركة
افتراضي



تابع – الأمانة

الأمانة من صفات الأنبياء:‬

إن الأمانة شرط أساسي لاصطفاء الرسل ، وهي من أبرز أخلاقهم ، فلولا أنهم أمناء على ما يعود بالنفع على أمتهم ، وحريصون على هداية وإرشاد أقوامهم لما استأمنهم الله على رسالاته لخلقه ، فقد نادى جميع الأنبياء الأقوام الذين أرسلوا إليهم بقولـه تعالـى:‬ [... وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ * أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ] [‬الدُخان:17-18]‬ ، وقوله تعالى:‬ [أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ] [‬الأعراف:68]‬ .‬
"أي إني رسول من الله إليكم أمين فيما بعثني به ، أبلغكم رسالات ربي ولا أزيد عليها ولا أنقص ومأمون على تبليغ هذه الرسالة" .‬
وكل رسول كان لسان دعوته لقومه ولسان حاله الذي يخاطب به الناس إني لكم رسول ناصح أمين ، معبراً عن ثقل التبعة ، وخطر ما يعلمه من عاقبة ما هم فيه من الجاهلية في الدنيا ، ورغبته في هداية قومه وهو منهم وهم منه ، وفي كل مرة يقف الملأ الذين استكبروا موقف الرفض ، وعدم الاستسلام والخضوع لهذا الدين ، وهذه القضية التي قامت عليها الرسالات ، وقام عليها دين الله كله في الأرض .‬
ولقد تجلى هذا الخلق العظيم في دعوة الأنبياء والمرسلين جميعاً لأقوامهم ، وسنذكر منهم التالي:‬

1- نوح عليه السلام:‬

لقد لبث نوح في قومه زمناً طويلاً يدعوهم إلى عبادة الله رب العالمين ، ومع ذلك لم يؤمن معه إلا القليل ، قال تعالى:‬ [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا.‬..] [‬العنكبوت:14]‬ .‬
ويوضح لهم نوح أنه ليس عجيباً أن يأتيهم وعظ وإرشاد على لسان رجل منهم ينذرهم عذاب الله ويدعوهم إلى رحمته ورضوانه ، قال تعالى:‬ [قَالَ المَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ] [‬الأعراف: 60-62]‬ .‬
يصور القرآن استعلاء قوم نوح ورفضهم الاستجابة لدعوته واتهامهم له بالضلال ، كما يصوّر نوحاً الرسول الصابر الملاطف الذي يحاول إصلاحهم ، فيخاطبهم بأدب:‬ يا قوم ليس بي ضلالة كما تزعمون ، ولكني رسول من رب العالميـن ، أبلغكم رسـالة ربي ، وإني لكـم ناصح أمين ، بما يحقق لكم الصلاح ويبعدكـم عـن الشقاء ، وقد علمني الله ما لا تعلمون .‬

2- هود عليه السلام

لقد دعا هود قومه عاد إلى عبادة الله وحده ، وترك عبادة الأصنام ، قال تعالى:‬ [وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ] [‬الأعراف:65]‬ .‬
ولكن ماذا كان تأثير هذه الدعوة على قومه ؟ لقد احتقروا هوداً واستصغروا شأنه ووصفوه بالسفاهة والطيش والكذب ، ولكنه  ردّ هذه التهم الباطلة مؤكداً لهم أنه رسول من رب العالمين يبلغهم رسالة ربه وهو ناصح لهم أمين ( ) ، قال تعالى:‬ [قَالَ المَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الكَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ العَالَمِينَ * أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ] [‬الأعراف: 66-68]‬ .‬
قال لقومه ليس بي سفاهة وهو ردٌ في قمة الأدب ولم يقابلهم بالمثل مع علمه أن أعداءه هم أضل الناس وأسفههم ، إنها النبوة التي تمثل الخلق العظيم والقدوة الحسنة للناس جميعاً.‬

( يتبع )


 

رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الأخلاق , المحمودة , الاسلام , سلسلة , في


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الدعوة الى الاسلام بEnglish ميارا (همســـــات English word) 15 30-05-2023 08:13 PM
الانحراف عن الأخلاق الإسلامية البرنس مديح ال قطب ( همســـــات الإسلامي ) 16 16-09-2021 03:35 PM
الأخلاق في الاسلام 2 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 8 15-09-2015 07:01 AM
الأخلاق في الاسلام 1 الورّاق ( همســـــات الإسلامي ) 11 21-08-2015 04:27 AM
سلسلة الأخلاق التي يحث عليها الإسلام شـوش آلشـريف ( همســـــات الإسلامي ) 26 25-07-2015 06:30 AM

RSS RSS 2.0 XML MAP HTML

الساعة الآن 12:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
Search Engine Optimization by vBSEO ©2011, Crawlability, Inc. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010