بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول
وعلى آله وصحبه ومن ولاه، أما بعد:
لا
تحزن ومعك القرآن
كل الناس يبحثون عن أسباب السعادة ووسائلها، وتختلف تصوراتهم عن السعادة، بحسب ثقافاتهم ومعتقداتهم وما تربّوا عليه، ولكن أكثر الناس يغفل عنالسعادة الحقيقية التي يستطيعها كل أحد، وليست منحصرة في الأغنياء وأصحاب الأموال والثروات
بل قد يعيش الفقير أوالمريض أوالمبتلى في سعادة لاتعدلها سعادة، كما عاشاها الصالحون المستأنسون بالله وطاعته حتى قال أحدهم : إنني أشعر بسعادة لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما أنا فيه لجالدونا عليه بالسيوف،
ومصداق ذلك من كتاب الله سبحانه قوله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}النحل:97 [فضيلة الشيخ عبد الله الزهراني]
تريد السعادة اقرأ القرآن
كلنا يحب أن يعيش حميدًا سعيدًا، فياترى كيف يعيش السعداء سعداء وكيف يتهنى الناس بالعيش؟ أسباب كثيرة، أعظم هذه الأسباب وأقواها لا ستمرار السعادة هي كتاب الله –القرآن الكريم- صدقوني كم من إنسان كان تعيسًا فهداه الله بالقرآن فعاش حياة القرآن
كثير من الناس التزم بسبب كتاب ربنا، كتاب الله عز وجل من دونه الحياة تكون مرة، الحياة السعيدة تكون مع كتاب الله.
كتاب الله تتغير معه الحياة تمامًا، يعيش الإنسان سعادة حقيقية، يستمتع مع كتاب الله فتنتشي هذه السعادة في جميع مناحي الحياة .
كيف نستمتع بالحياة مع كتاب الله
هذه آداب ونصائح قبل قراءة
القرآن لكي تسعد به
1-توضأ، لا تقرأ
القرآن إلا وأنت متوضيء، هل تعلم أن بعض العلماء قال بحرمة مس المصحف بغير وضوء؟! هذا كلام الحنابلة وغيرهم من العلماء، من يمس المصحف بغير وضوء فهو آثم، صحيح المسألة فيها قولان إنما أنا أقول لك توضأ حتى لو من باب الأدب، هذا سيبعد عنك الشيطان ويعينك
2- اقرأ
القرآن جالسًا والأفضل تقرأه قائمًا والأفضل تقرأه في صلاتك، اجعل وردك وأنت تصلي بالليل وأنت تصلي الضحى وأنت تصلي السنن، بعض الناس تحمل كتاب الله وهي تصلي السنن وتقرأ وإن كانت حافظة تقرأ من حفظها، اللهم حفظنا كتابك يارب.
3- لا تُكثر في كم القراءة ويكون همك أن تُنهي القراءة إنما يكون همك أن تعيش مع كتاب الله كما قال ابن مسعود: "لا يكن هم أحدكم آخر السورة"وحديث النبي –صلى الله عليه وسلم- لمَّا كان عبد الله بن عمرو بن العاص كان يختم
القرآن في يوم، النبي قال له أن لا يختمه في أقل من ثلاث ليال، نريد أن تتغير قلوبنا مع كتاب الله
4- رتل القرآن، لا تقرؤه قراءة الجرائد؛ فلن تستمتع به، قلبك لن يستوعب المعاني، تصف أم سلمة قراءة النبي –صلى الله عليه وسلم- فتنعتها بأنها مفسرةً حرفًا حرف، ابن عباس كان يقول: " أحب إلى قلبي أن أقرأ الفاتحة وآل عمران أتدبر فيها وأرتلها من أن ختم
القرآن كله هزرمةً" هزرمةً أي حدرًا وبسرعة، المهم أن تعيش
القرآن الكريم وتستوعبه {
وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا }المزمل:4
5- ابكِ مع
القرآن ، تقول البكاء هذا عواطف ومشاعر كيف أحصل عليها؟ أقول لك إن لم تستطع البكاء فتباكى، وهذا كلام حبيبك النبي عليه الصلاة والسلام، كان يقول: "اتْلوا القرآنَ وابْكُوا فإنْ لمْ تَبْكُوا فَتَباكَوْا"اسناده جيد، تباكى مع القرآن.
كيف أتباكى؟
عندما تقف على آيات التهديد والوعيد تخيل نفسك بأنك المُخاطب بهذا الكلام، تأمل تقصيرك تجاه أوامر ونواهي ربنا، عندما تقف على آيات الجنة تباكى خوفًا ألا تكون من أهلها، لمَّا تقف على آيات العذاب والرهبة تباكى خوفًا أن تكون من هؤلاء.
6- الإسرار في قراءة
القرآن قدر المستطاع، أحيانا توجد جلسات تعليمية؟ لا مشكلة في ذلك، نتكلم عن القراءة التي تبني بها قلبك، تُغير بها حياتك، إسرار بينك وبين الله، تقرأ مع الله، قال رسول الله "الجاهرُ بالقرآنِ،كالجاهِرِ بالصَّدقةِ، والمسرُّ بالقرآنِ،كالمسرِّ بالصَّدقةِ"صححه الألباني
7- حسن قراءتك، قال النبي صلى الله عليه وسلم "زيِّنُوا القرآنَ بأصواتِكم"صححه الألباني، حاول تُنغم في حدود أن لا تُخل بالأحكام، وقال النبي أيضًا"ماأذِن اللهُ..." أي ما استمع الله "لشيءٍ، ماأذِنَ لنبيٍّ حسنِ الصوتِ، يتغنَّى بالقرآنِ، يجهرُبه"صحيح مسلم، أي يُحسن صوته بالقرآن، فأجمل صوت يحبه الله عز وجل أن تُحسن صوتك بالقرآن الكريم
8- استحضر عظمة الله وأنت تقرأ
القرآن فالقرآن كلامه، ياله من شرف عندما تقرأ
القرآن فأنت تنطق كلام الله! ليس أحد يتشرف بأنه ينطق كلام الله، فالذنوب والمعاصي أكبر مانع من أنك تنطق كلام ربنا، فإذا استحضرت عظمة الله رزقك الإخلاص فيفتح الله لك باستيعاب معاني كلمات الله وهذا قول ربنا كما فسره ابن القيم {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}الواقعة:79 أي لا ينال فهم معانيه إلا من طهَّر الله قلبه من الرياء وتحلى قلبه بنقاء وطهر الإخلاص لله عزوجل.
يوجد معنى أريد التنبيه عليه
كما لا يمس المصحف كل يد كذلك لا يصلح لتلاوته كل لسان- لسان العاصي لن يقرأ، لابد أن تتوب وترجع- ولا لنيل معانيه كل قلب.
9- تفهمْ، لاتمر على الآيات مر الكرام، حاول أن تفهم الآيات التي تتكلم عن أسماء الله ، تفهم أحوال الأنبياء وخذ العبرة من حياتهم وكيف نصرهم الله، تفهم أحوال المكذبين وكيف أهلكهم الله
10- تخلى عن موانع الفهم، العلماء دائمًا يقولون التخلية قبل التحلية، نظف قلبك فلن تدخل معاني
القرآن على قلب مُتكدر، ومن موانع الفهم الإنشغال المفرط بالأحكام بحيث تنسى أنك تقرأ قرآن وأيضًا أن يكون العبد متصفًا بكبيرة من الكبائر أو مُصر على ذنب أو متصف بشهوة
11- التخصيص: تعامل مع
القرآن كأن كل حرف يخصك، فعندما تقرأ {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ.. }النور:30، لا تقل لستُ أنا أو عندما تقرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا}آل عمران:130، لا تقل لست أنا، كما قال محمد بن كعب القرظي "من بلغه
القرآن فكأنما كلمه الله"
12- تدبر
القرآن وهو انفعال القلب مع
القرآن
كان أبو ذر يقول "قام النبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بآيةٍ حتى أصبحَ يُرددُها والآيةُ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ"حسنه الألباني، رددها النبي ليلة كاملة! ..... انتهى كلام الشيخ
لماذا ترتبط السعادة بتدبر القرآن
لأن الذي خلق البشرية هو الذي أنزل القرآن، سبحانه وتعالي وهو أعلم بما يسعد البشرية، فهذا
القرآن العظيم الذي أنزله ربنا فيه رحمةً للعالمين، فيه سعادتنا في الدنيا والآخرة، فما فيه من خير يسعد البشرية في الدنيا والأخرة إلا أمرنا الله سبحانه وتعالى به،
وما فيه من شر وضرر علينا في الدنيا والآخرة إلا أمرنا الرؤوف الرحيم عنه، فإذا عمل الإنسان بكلام
الرحمن وتمسك به وجعله منهج في حياته فلا شك أنه سيسعد في الدنيا وسيسعد في الآخرة؛ لأن الله جل وعلا هو الذي يعلم ما يصلح القلوب وما تطمئن به النفوس وما ترتاح به الخواطر
فأمرها ربها جل وعلا بها في كتابه وما فيه ضرر على الإنسان وعلى قلبه وما فيه شقاء لأن الله جل وعلا قال {طه* مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ لِتَشْقَى}طه 1: 2،
أنزل الله
القرآن لسعادة البشرية، ولطمأنينة البشرية ولهداية البشرية من الحيرة والزيغ والضلال والهم والكرب إلى الهناء والسعادة، فإذا قرأ الإنسان
القرآن وعمل به فإنه لا شك سيطمئن قلبه، قال الله جل وعلا {الَّذِينَ آَمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}الرعد:28،
وقال ربنا سبحانه وتعالى: {ألم* ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}البقرة 1: 2، يهدي البشرية إلى ما فيه الفلاح والصلاح في الدنيا وما في الآخرة.