اطفالنا والتراث

ليس هناك أجمل من رائحة التراث خاصة عندما تتواجد، في مكان يعم أرجاءه بكل ما يحمل من عادات تأصلت في نفوسنا، وأهازيج رددناها في صغرنا خاصة أن ثقافتنا الشعبية في الخليج، تزخر بالكثير من العادات، والتقاليد، والألعاب الشعبية وأغاني الأطفال، والممارسات الشعبية المرتبطة بالمناسبات المختلفة، والتي تناقلتها الأجيال عبر التاريخ، ولا تزال الذاكرة الشعبية تحتفظ بها على الرغم من كل أشكال التغير التي طالت كافة مناحي الحياة.

خلال زيارتي بالأمس لمعرض الشارقة التراثي بدولة الإمارات استمتعت بتفاصيل المكان وبالأهازيج الشعبية، والأكلات الشعبية، والأهم بالجناح القطري الذي لاقى اهتماماً كبيراً من الزوار حيث سلط على أهمية الجانب التراثي في قطر، وتوقفت أمام مجموعة من الكتب في الجناح التي حملت العديد من المسميات، والمفردات التراثية التي ترسخ في نفوس القراء حب التراث، عدت إلى المنزل، وأنا محملة بالعديد من الكتب، والمطبوعات، والصور الفتوغرافية الجميلة لمفردات التراث من حلي وغيرها، ولفت نظري عندما أمسكت طفلتي بالكتب والمطبوعات، وبدأت تتصفح وفي الوقت نفسه رمتها وتناولت (اي باد) وبدأت تتصفح الصور!

ما أريد إيصاله أن أطفالنا وأبناءنا لاتكفيهم المعارض التراثية، والفعاليات التي تقام بصورة مستمرة في الخليج إن تأملنا ملامحهم سنجد أنها لاتستهويهم بالصورة التي كانت تستهوينا في صغرنا والأسباب معروفة!

فقل ما نجد اليوم طفلا يمسك بكتاب، ويتصفح قصة تحمل في مضمونها شيئا من التراث، لذلك أرى من الضروري أن نبتكر لأجيالنا القادمة أساليب معاصرة تعزز في نفوسهم التراث. المعارض والمشاركات والديكورات لاتكفي لتعزيز وترسيخ تراث الآباء والأجداد.

فالتراث كل ما يتركه الإنسان لمن يخلفه أو يأتي بعده، والتراث هو كل ما وصل إلينا من الماضي داخل الحضارة السائدة، وله خاصية الفعل والتأثير في حياتنا، ولذلك يجب أن نوظف التراث في أطفالنا من خلال أساليب معاصرة يمكن أن تصل إليهم القصة والأهزوجة الشعبية وتوظيف الأساليب المعاصرة التي تستهويهم خاصة التي تبقى ساعات لاصقة في أيديهم وتشد أعينهم لها، أتمنى من الأدباء والعاملين في مجال الطفولة ترسيخ مفهوم التراث الشعبي، وتعزيزه في نفوس الأطفال باعتباره أحد أشكال الدفاع عن الهوية، والمحافظة على الجذور ما يعكس الخوف من الغزو الثقافي الغربي الذي يؤدي إلى تغريب الأطفال عن تراثهم، لابد من تقديم التراث برؤية عصرية تتناسب مع الحاضر وما يحدث لأطفالنا من ضياع الهوية نحن سببه!