04-11-2013, 09:26 PM
|
|
ليلة في حياة زوج في الستين ليلة في حياة زوج في الستين المشهد الأول : (( هذه الليلة كانت (عمه جوزة) – أحد الأسماء التي يداعب بها زوجته"1" – تستعد للذهاب إلى عرس بعض الأقارب ... يصعب عليه أن يحدد ساعة عودتها من (الكوافيرة) .. فقد توقف الزمن .. حين رآها .. أو لنقل حين (أشرقت) .. بتلك اللمسة الخفيفة من (الماكياج) ... ولم تضع على خديها من الحمرة حتى أقلها ... نظرت إليه مبتسمة .. وقالت : - آه .. أيش رايك؟ رسم ابتسامة ... مسح قامتها بنظرة فاحصة ... أطال النظر ... لكنه لم يقل شيئا ... طال صمته ... بدأت ابتسامتها ... تتلاشى .. إلا من شبح بالكاد تلحظه العين .. طال صمته ... أكثر من كل مرة سابقت .. يراوغها فيها قبل أن يرد على سؤالها ... لم يبق لابتسامتها أثر ... علت وجهها مسحة من الدهشة!!! .. فكرت في أن تميل بعنقها قليلا .. لتنظر في المرآة .. ربما يوجد شيء ما لم يعجبه ... ولم يجد بعد العبارة اللائقة .. ليخبرها ... دون أن يجرحها!!! لكن لا ابتسامته ... ولا نظرته التي تنم عن (شغف) .. أي منهما ... لم تغادر وجهه ... فزادت حيرتها .. وأخيرا ... نطق ... - أيش رايي؟ هزت رأسها .. هزة خفيفة .. بما يعني : نعم .. تنحنح ... كما يفعل قبل أن يلقي قصيدة ... مد يده ... دون أن ينزع عينيه من عينيها .. أخذ كأس الماء الموضوع على (الكوميدينو) القريب ... رشف منه رشفة .. ناولها الكأس .. رفعته إلى شفتيها ... رشفت منه رشفة صغيرة .. أعادت له الكأس .. بحث عن أثر لـ( الروج) .. فلم يره ... تنحنح ... مرة أخرى ... قال باللغة الفصحى : حبيبتي ... هي التي تعطي للجمال مقاييسه .. ابتسمت .. انتظرت حتى يقول اسم صاحب العبارة .. كما يفعل دائما ... وحين عاد ليبحث عن أثر (الروج) على الكأس ... فهمت ... فاندفع الدم إلى وجنتيها ... سمعت طرقا خفيفا على الباب ... فتحته .. قالت (دعاء) .. ابنتهما الكبرى : - أتأخ ... تاهت بقية الكلمة في ظل دهشتها ... أشارت إلى خدها .. كأنها تقول .. كثرت أحمر الخدود ... وليس ذلك من عادتها ... - أنزلو السيارة ... خلاص ... بس أدور (الكعب العالي) !!! والتفت إلى زوجها .. وأخرجت لسانها ... عض على شفته السفلى .. ابتسمت (دعاء) وانصرفت .. وهي تفكر بأن في الأمر (مزحة ما) ... فأمها لم تلبس حذاء بكعب عالي ... من سنوات .. حتى قبل أن تصل إلى ما يسميه (عشرين ... عشرين) .. حصل ذلك (ذات فرح) .. حين عادت من (الكوافيرة) ... وسألت،بعد أن رسمت ابتسامة ساحرة : - كيف؟ - زي القمر .. - بس .. !!!!!!! - بس؟!! - أحلى شويه. ليلتها .. سألها متعجبا عن سبب ارتداء (امرأة) بهذه القامة الفارعة .. حذاء بكعب عال؟!!! وشعرت .. فجأة أنها (أطول) من أن تحتاج إلى (كعب عالي) ... ورغم أنها حدقت طويلا في عينيه .. إلا أنها لم تستطع أن تعرف إن كان – فقط – يريد أن يطلب منها .. بهذه الطريقة ألا ترتدي حذاء عالي الكعب ... أم أنه يراها .. فعلا .. (أطول) من أن تحتاج إلى (كعب عالي) .. في الحالتين ... هجرت ذلك النوع من الأحذية ... كانت ذكرى تلك الليلة ترفرف في جو الغرفة .. حين لوحت له بأصابعها مودعة ... المشهد الثاني : حين غادرته ذكرى (تلك الليلة) .. وغادرت (عمه جوزه) ... انصرف إلى (حاسوبه) .. فقد كانت هذه فرصة ليطالع بريده الممتلئ ... فهو لم يعد يفتح بريده في وجود زوجته!!! .. بعد أن أرسلت له رسالة .. (زوجي يغازل ضرتي أمامي)!!!!! وظل يقرأ .. ثم ظل ينزل متتبعا الأسهم باحثا عن صورة (الضرة) .. حتى وصل إلى (حاسوب)!!!! سواء كانت الرسالة ... مجرد رسالة (طريفة) تمت إعادة إرسالها .. أو كان الأمر (رسالة) أو (شكوى) على استحياء ... في كل الأحوال .. لم يعد يفتح (بريده) بحضورها .. لم يخرجه من استغراقه في المطالعة .. والقراءة .. غير صوت منبه الجوال ... نظر إليه ... وكان يعلم أن الساعة تشير إلى الواحدة والنصف صباحا .... أوقف المنبه ... عادة ليواصل قراءة المقالة اللافتة لفهمي هويدي .. ضغط على (زر) آخر المكالمات ... دون أن ينظر إلى شاشة الجوال ... أعطى الأمر بالاتصال ... وضع الجوال على أذنه .. ترك الجرس يرن رنة واحدة ... ثم قطع الاتصال .. أعادة ضبط المنبه عند الساعة الثانية والنصف ... وعاد ليكمل المقالة ... ثم يغرق في بريده من جديد ... قبل أن يعلن المنبه وصول (عقرب) الساعة إلى ميناء الثانية والنصف .. كان قد أغلق حاسوبه .. وحين رن المنبه ... كان يضبط عقاله على رأسه ... أمام المرآة .. توجه إلى المنبه ليسكت صراخه الذي أقلق هدوء الليل ... وضع الجوال في جيبه الجانبي ... والنظارة في جيبه العلوي ... ثم خرج ... المشهد الثالث : قاد سيارته في اتجاه قصر الأفراح ... لم يكن الشتاء قد بدأ .. لكن نسائم السحر كانت تميل إلى البرودة ... معلنة اقتراب الشتاء .. كانت الشوارع في تلك الساعة المتأخرة خالية .. إلا من بعض السيارات المسرعة ... قبل أن يصل .. مد يده إلى الجوال الموضوع على المقعد المجاور ... دون أن ينظر إليه ... اتصل على آخر المكالمات الصادرة ... كان يتوقع أنها لن ترد بسرعة .. بسبب ضجيج المدعوات ... لكنها فوجئ .. - أهلا ... خير؟!!! صافح صوت أخته أذنه ... لم يكن يحتاج إلى النظر إلى شاشة الجوال ليعرف أنه وقع في خطئه المعتاد ... أو الأزلي .. ظنه بأن آخر اتصال له كان بزوجته ... فيتصل على آخر رقم دون أن ينظر إلى الشاشة .. قال لأخته وهو يبتسم : - هلا .. طبعا خير .. ليش حرام الواحد يتصل على أخته؟!! - الساعة تلاته ؟ ثم ضحكت وهي التي أصبحت تعرف الخطأ الذي يقع فيه دائما ... بعد أن أخطأ في رقمها مرات عدة ... إحداها بعد خروجه من عندها بدقائق ... ضحكت وهي تقول في دهشة: - دحين أخلي "العروسة"تكلمك .. - خليها تخرج .. صمتت لحظات .. - حاضر .. (؟؟) على حظنا - قولي ما شاء الله ... كما لم يتمكن من سماع إحدى عباراتها ... لم تسمعه وهي تنهي المكالمة ... وقد بدأ الضجيج يعلو .. أشرقت بقامتها الفارعة ... مد يده فتح لها الباب .... جلست وهي تقول : - فضحتنا مع أختك!!!!!!!! المشهد الثالث : سار بالسيارة قليلا .. نزعت (غطاء الوجه ) ... التفتت نحوه ... "ابتسمت مرحبة أشرق في عينيها طيف حنيني،وإذا تطلعت متسائلة وقع التلامس بين شفيتها،والتقوس من حاجبيها،وإذا تدفقت منفعلة فكك قوس قزح ألوانه وأظهرها متعاقبة وليست متجاورة. .. وعند مس الخجل تتراجع الشفة السفلى منطوية للعليا وتعمق الغمازتان اللتان تبدوان فجأة في الوجنتين الثريتين،الحادتين كالخبر المفاجئ""2" أخذا جولة في شوارع المدينة الهادئة ... عادا إلى المنزل ... صعدت قبله ... بحث عن موقف للسيارة .. ركنها حين عثر عليه ... صعد .. المشهد الرابع : كانت في انتظاره واجهته ... " شغلت فراغا أمامي بضيائها،شددت رحال بصري صوب ملامحها،وعمق حضورها،محاولا التمكن من نضارتها،وغرابة عينيها الرحبتين،الطاقتين،النورانيتين،حيث يتطهر فيهما الضوء ويشف ويرق ويرتد إلى عناصره الأولى" طلب منها أن تحضر له كأس ماء ... لم يكن عطشا ... تلقت رسالته ... فابتسمت .. ومضت .. " متأودة لها رسوخ،يتدفق منها كيان بأتمه،لم تكن تسعى،إنما تفيض،لم تكن تخطو،بل إنما تهمس اليابسة بموطئ وجودها الحسي" عادت تحمل كأس الماء .. شرب من عينيها .. قبل أن يأخذ رشفة .. ويعيد إليها الكأس .. رشفت منه .. وضعته الكأس على طرف (الكوميدينو) .. "بسطت يدي،تقدمتني،عندما دنوت لم ألمس "حرير" قميصها إنما بدأت أتنسم مشارف وجودها الحسي،منه تسرب تجاهي إشارات وإيماءات (..) فلما ضاقت المسافة بيني بينها،وصلني من أنفاسها بريد مفوض،غير ذي طوى،ينبئ ".." بعبيرها،فما بال الداني المتلهف؟" ذهبت ... استبدلت ملابسها .... عادت ... " ما من صورة أو لحظة مستعادة يمكن أن تدل عليها،أو تظهر بعضا من جوهرها،في كل لحظة تبدي مظهرا،وعند كل التفاتة تظهر جانبا،ولحظة انتقالها من وقت إلى وقت تسفر عن حضور مختلف" ... "نظراتي اشتبكت بنظراتها،أنا ساعي وهي مترقبة،هنا رصدت أمرا يستعصي على الإدراك،كنت في لب فلكي،وعين توقيتي،ومن حيث لا أدي أبحر مبتعدا عن مركزي القديم،أدنو صوبها هي القادمة من صوب المجرات سحيقة البعد،التي لم تكتشف بعد .. ألا تهيم النيازك والشهب حتى إذا دنت من مجال للجاذبية يُحسُ ولا يرى،يبدو أثره ولا يمكن الإمساك به ،تهوي إليه؟ فمنها ما يدور إلى أبد أبيد، ومنها ما يحترق قبل ملامسة سطح الفلك،ومنها ما يستحيل بعضه ضوءا،ويسقط ما تبقى منه،وقد كنت أنا هذا كله،فأنا حائم،ماض،دوار،مأسور،محترق بذاتي،منتقل من كينونة إلى كينونة لا راد لي ولا كابح،حتى إذا أفضيت لمحت في أفق عينيها بادرة مجاوبة ربما كانت طيفا أدق من أن يرى،ربما ميلاد رائحة ندى،لم يغب عني،مع أنه انتهى لحظة بدئه،إلا أنه وصلني فبدأ عندي وكفى وصلصلة زلزلة خبطت اليابسة بقدمي،فتفجر مني عهد قديم،وبدأ تدفقي،درتُ حولي،ملتُ عليّ،أقلعتُ تجاهي،تدفقَ قلبي المرهق يعدو على أثري محاولا اللحاق بي،أما الموسيقى المتفجرة فولت،صارت ورائي،لم تعد مطاوعة فتلاشت الكينونة" ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ هوامش : 1- حكا له زميل،يعمل مراسلا .. ذات مرة .. وهو يأخذ رشفات من فنجال الشاي الذي يبدو ساخنا أكثر من اللازم ... حدثه عن قصة رجل .. في زمن البساطة .. عُقد له في المساء على امرأة .. وفي صباح اليوم التالي رآها تسير .. فبأي اسم يناديها؟! أخذ يناديها : عمه جوزه .. عمه جوزه ... حتى سقط في (حفرة). 2- العبارات باللون الأزرق .. مستعارة من (زميل الحرف) .. جمال الغيطاني .. من (رسالة في الصبابة والوجد). ـــــــــــــــــــــــــــــ |
gdgm td pdhm .,[ hgsjdk hgsjdk pdhm |