23-06-2013, 06:35 AM
|
| | | لوني المفضل Lemonchiffon | رقم العضوية : 3771 | تاريخ التسجيل : 16 - 6 - 2013 | فترة الأقامة : 4213 يوم | أخر زيارة : 16-09-2019 (10:58 PM) | الإقامة : في قلب محبوبي | المشاركات :
5,307 [
+
] | التقييم :
6520956 | معدل التقييم : | بيانات اضافيه [
+
] | | | |
قصة الحب الخالد قيس وليلى العامرية قصة الحب الخالد ( قصة قيس وليلى)
قصة قيس بن الملوح المجنون بحب ليلى العامرية. ولادته ونشأته ودياره:
مجنون ليلى هو قيس بن الملوح بن مزاحم بن
عدس بن ربيعه بن جعده بن كعب من بلاد نجد من قبيلة بني عامر ولد في سنة (440) في عهد خلافة عبدالملك بن مروان من خلفاء بني أميه
ونشأ قيس مترعرعا فطنا ذكيا وورث عن أبيه شعر العرب وأخبارهم وعلّمه أبوه ببلدة اسمها القطيف قرب ديار نجد فتفوق في الأدب ومعرفة النجوم للسير ليلا فكان رجلا رزينا دمث الأخلاق محبا للمكارم , ومن الدليل أن اسمه قيس هو قول صاحبته ليلى فيه:
ألا ليت شعري والخطوب كثيرة متى رحل قيس مستقل وراجع
وكان مديد القامة, جعد الشعر أبيض اللون ولم ينله الهزال والجنون إلا من العشق والهيام.
أما صاحبته فهي ليلى بنت مهدي بن سعد بن ربيعة ابن الحريش بن
كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة وتكنى أم مالك وقد قال قيس فيها :
تكاد بلاد الله يا أم مالك بما رحبت يوما عليّ تضيق
وهي ابنة عم قيس وكانت سكناهما في بلدة اسمها النجوع قرب ديار
نجد ولدت سنة اربعمائة واربعة واربعين هجرية وكان قيس اكبر منها بأربعة اعوام وكانت بيضاء اللون ولها عينان ساحرتان بشكل جذاب
معتدلة القوام وكانت هي وقيس صبيان يجمع بينهما القرابة والرحم فعلق كل واحد منهما صاحبه . وكانا يرعيان مواشي اهلهما ولم يزالا على تلك الحاله حتى كبر كل منهما , فحجبت عنه ليلى فجن جنونه بها , وازداد شغفه بحبها وضاق صدره وأنشد قائلا:
تعلقت ليلى وهي ذات ذؤابة ولم يبد للاتراب من ثديها حجم
صغيرين نرعى البهم ياليت أننا إلا اليوم لم نكبر ولم تكبر البهم
قيل ومر وقت طويل لم يرى فيه ليلى وذلك من يوم أن حجبت عنه, وجرى عليه مالم يجري على قلب بشر , وهو يكابد ألم الفراق ولما اشتد به ذلك خرج من داره وركب ناقته , وكان عليه حلتان من حلل الملوك الفاخرة فمرّ بإمرأة من قومه يقال لها كريمة , وكان عندها نسوة يتحدثن فأعجبهم حسنه وجماله فدعونه للنزول والحديث معه , فنزل وكانت ليلى بين تلك النسوة فجعل يحادثهن ويقلب طرفه حولهن فبينما هو كذلك إذ وقعت عينه على ليلى فلم يصرف عنها طرفا وشاغلته عنها فلم يشتغل وأنشد لها الشعر:
سحرتني ليلى بسواد عينها إنما السحر في سواد العيون
فلما سمعت ليلى شعره ذرفت عيناها بالدموع وكانت تخفي دموعها بطرف قناعها, فعلم قيس ما عندها له من الحب وجاء إلى ليلى وقال لها: اعندكن ما تأكلن ؟ فقالت له ليلى : لا. فعمد على ناقته فنحرها وقطعها. فقامت ليلى لتمسك معه اللحم فجعل يحز بالمدية في كفه وهو شاخص فيها حتى اعرّق كفه فجذبته من يده , فقام قيس وطرح من اللحم شيئا على الغضا وأقبل يحادثها فقالت له : انظر إلى اللحم هل استوى؟ فمدّ يده الى الجمر وجعل يقلب بها اللحم فاحترقت يده ولم يشعر فلما ماعلمت ما داخله من الحب صرفته عن ذلك ثم شدت يده بهدب قناعها وقد ذهب عقله وتحكم عشقهامن قلبه .
فاقام معهن بياض ذلك اليوم الى أن أقبل المساء فبينما هم على ذلك إذ أقبل عليهن غلام شاب جميل الطلعة مليح الوجه له عينان ساحرتان وفوق خده خال أسود وهو من حيهن يدعى منازل وكان يسوق غنما له فلما رأته تلك النسوة وما هو فيه من الجمال انصرفن اليه وأقبلن بوجوههن عليه يقلن له كيف ظللت يا منازل وكانت ليلى أيضا ممن انصرفن ,وتركن قيس فاغتاظ غيظا شديدا وقال لمنازل : هلّم نتصارع أو تتركهن؟ فنظر الفتى لوجه قيس وعلم ما حل به من الغيظ فخجل واستحى ثم ترك النسوة ورحل. قال الراوي لما رأت ليلى قيسا قام غاضبا علمت انه تكدّر من ذلك صاحت به واستدعته للمحادثة معها وكان قد داخلها الحب فقالت : هل لك في محادثة من لا يصرفه عنك صارف ؟ قال: ومن لي بذلك؟
وتحدثا إلى ان افترقا وذهب كل منهم إلى بيته واشتعل قلب كل واحد منهما بحب الآخروالتهبت قلوبهم بنار الغرام .وفي الصباح انتظرت قيسا لعله يمر عليها فبينما هي كذلك إذ أقبل قيس على ناقة حمراء وعليه حلة فاخرة فسلم ودعته للنزول وأرادت أن تعلم إن كان يحبها فاشتغلت تتحدث مع غيره من الجواري والتهت بهن فنظرت إلى قيس
وقد امتقع لونه فأنشدت ليلى : كلانا مظهر للناس بغضا وكل عند صاحبه مكين
تبلغنا العيون بما اردنا وفي القلبين ثم هوى دفين
فطب نفسا وقر عينـــــا فإن هواك في قلبي معين
فعندما سمع قولها شهق شهقة شديدة وخر مغشيا عليه فلما أفاق أنشد :
أحبك حبا لو تحبين مثله أصابك من وجدي عليّ جنونٍ
فيا نفس صبرا لاتكوني لجوجة فما قد قضى الرحمن فهو يكون
فتمكن حب كل واحد منهما في قلب صاحبه ثم مكثا
مجتمعين إلى المساء فانصرف كل إلى بيته.
قال الراوي: فبات قيس تلك الليلة
كأطول ليلة في حياته وحتى إذا صبح الصباح ذهب إليها
وعاد في المساء فبات ليلته أطول من السابقة ولم ينم فانشد: نهاري نهار الناس حتى إذا بدا لي الليل هزتني إليك المضاجع
أقضي نهاري بالحديث وبالمنى ويجمعني الهم بالليل جامع
لقد ثبتت في القلب منك محبة كما ثبتت في الراحتين الأصابع
فكان يأتيها كل يوم وذات يوم جاء قوم من العشيرة يريدون أدما فأمر أبو ليلى ليلى أن تحضر السمن فاستبطأها وعندما ذهب وجدها مع قيس يشكوان الغرام ولما سمع شعر قيس استعظم الأمر ولطم ليلى على خدها وأدخلها الدار وطرد قيسا ومنعها الزيارة في الليل والنهار خوفا من الفضيحة والعار.
قال : وقد تسامع أهل الحيّ بعشق قيس لليلى ومنع ابوها قيس من زيارتهم وقال له الناس ليس لك ان تدخل بيت ليلى بعد هذا فلما سمع قولهم بكى وقال: إن الذي بي ليس بهين فأقلوا من كلامكم فإني لست بسامع ولا مطيع فوصل كلامه لوالد ليلى وشكاه إلى الخليفة عبدالملك بن مروان فكتب عبدالملك إلى عامله بإهدار دم قيس إن هو زار ليلى وتحسر
قيس وقال:
فإن يحجبوها أو يحل دون وصلها مقالة واش أو وعيد أمير
فلن يمنعوا عيني من دائم البكا ولم يذهبوا ما قد أجن ضميري
فلما يئس قيس من زيارة ليلى خرج هائما في القفار حتى أشرف على الهلاك فلحقه أهله فدعوه فلم يستجب لهم وعندما علمت ليلى بحاله أشفقت عليه وأمرت جاريتها أن تذهب لقيس وتواسيه وترثي حال ليلى إليه . فضعف جسمه وقيل أن قيس بن ذريح مجنون لبنى سمع به وأراد لقائه فلما رآه عرفه وسلم عليه فلم يرد فقام إليه فحضنه وتباكيا ساعة من الزمن على ماحلّ بهما من العشق.
ظل هذا حال قيس هائما وباكيا , واشتهر أمرهما بين العرب , فكان قيس يتسلل إلى ديار ليلى فحذر القوم والده فقال لقيس: إن القوم يريدون قتلك وإني اخاف عليك يا بني ان يغدر فيك عمك فلا تفجعني فيك ! ولما يئس قيس قلق قلقا شديدا وأصبح يلعب بالعظام والتراب ولكن والد ليلى أقسم أن قيسا ظل يهجم على بيوتهم وقد سبق أن شكوه إلى عبدالملك وتوعد بقتله فلم يرعه ذلك وقال قيس : الموت أروح لي فليتهم قتلوني. فخاف والدها من الفضيحة وارتحلوا فأصبح قيس يزور آثار ديارها ويستعبر ويبكي, ومرّ وقت طويل لم يسمع عنها شيء فمرض حتىأشرف على الهلاك ودخل عليه والده يعلله فوجده هائما ينشد في حب ليلى فما هان حاله على أبيه وأخذ جماعة من قومه يصحبهم قيس إلى ديار ليلى ونزلوا ضيوفا على أبيها وتحادثا في أمر قيس وليلى ودفع لوالد ليلى خمسين بعيرا حمراء وراعيها مهرا لليلى فلم يقبل أبوها وجاء في الوقت ذاته قوم من ثقيف يخطبون ليلى لرجل يدعى ورد وكان جميلا فقال أبوها نخيّرها بين الاثنين , ودخل على ليلى وقال لها : إن لم تختاري وردا لأمثلن بك. فاختارته وهي كارهة ومجبرة فخرج غلى القوم وقال : إن ليلى قد اختارت وردا , فغضب والد قيس وخرج ومعهم قيس هائما وقام عليه أبناء عمه فحادثوه في النسيان فازداد في الهيام وعزم على التوحش والخروج إلى الصحاري فأشار بعضهم ان يُأخذ إلى البيت الحرام لعله يسلى ثم توجهوا جميعا إلى الحرم فقال له والده : تعلق بأستار الكعبة واسأل الله أن يعافيك مما انت فيه من حب لليلى فلما تعلق قيس بأستار الكعبة قال: اللهم زدني لليى حبا وبها كلفا ولا تنسني ذكرها أبدا.
وفي نفس السنة اخذت ليلى إلى الحج بسبب مرضها علّ ما يشفيها هناك والتقت بقيس في رمي الجمرات فقالت له : قيس!! فقال : أهلا بليلى. ورآه والد ليلى فأقبل ورحلت وهي تبكي فعلم أنها تحبه ثار غضبه ولطمها حتى سقطت من الهودج ثم ارتحلوا فلحقهم قيسا حتى امسكوه ونظر إلى الركب الراحل وإلى خف بعير ليلى فأكب عليه يقبله , وعند هذا أسرع والد ليلى في تزويجها من ورد وبعد ان تزوجته لم تنشف لها دمعه ولا تبرد لها لوعة حبا في قيس وخوفا عليه وعرضوها على سائر الأطباء وقد عجزوا عن دوائها .
وكان لقيس ابن عم يدعى زياد فذهب معه ولزمه في وحشته فيقول زياد: انه كان يقول الشعر فلما انتهى صرخ صرخة خلت روحه غادرت جسده ثم سقط على وجهه وقد شج جبينه وسال الدم وغاب عن صوابه فأصابني الذهول لحالته وقام وهو يتخيل ليلى وينظر إلى الجبل ويقول : انظر إلى ليلى ..ليلى فقلت له انه واهم لكنه كان مبتسما وهو يتذكرها في صباها عندما كانا يرعيان الاغنام فقلت له: دع هذه الوساوس وإلا تركتك ثم بكى فقلت : اصبر وتجلد فإني لا افارقك حتى نرى ما يكون المصير.
ذهب زياد ليصطاد شيئا وبعد ان ترك قيس لوحده رأى قيس صيادا يلاحق غزالة من غزلان المسك فوقعت في الفخ وأسرع اليها قيسا واحتضنها وأمعن النظر في عينيها فوجدهما تشبهان ليلى وخفة حركتها كرشاقة ليلى فقبلها وأطلق سراحها وكان الصياد يصرخ به فلم
يسمعه إلى أن ضربه فقال له: قطعك الله كما قطعت رزقي فقال له قيس: كفاني ياهذا ما ضربتني فإن عيناها تشبه عين ليلى واكمل سيره وهو يقول : ليلى ..ليلى..
أيا شبه ليلى لا تراعي فإنني لك اليوم من دون الوحوش صديق
ويا شبه ليلى لو توقفت ساعة لعل فؤادي من جواه يفيق
فعيناك عيناها وجيدك جيدها سوى ان عظم الساق منك دقيق
فتغير حال الصياد وأصابه الذهول وسأل قيسا : ماهذه الفعال؟ فقال له قيس وقد اشتد به الجوى وعظم مصابه لا تلمني فإن عينيها تشبه عين ليلى فتركه الصياد وهو يهذي بليلى!
فلما رجع زياد ولم يجد قيسا خرج يبحث عنه, فرأى شبحا فإذا هو قيس فأقبل يمسح عنه التراب فوجدا رجلا قادما من ديار ليلى فسأله قيس عن حال ليلى فنظر إليه الرجل وقال: قيس؟ فقال : نعم فذهب مسرعا ولكن قيس أمسكه واستحلفه أن يخبره عن ليلى فأخبره أنها مريضة جدا فقال قيس: ليتك يا قيس أنت المريض وليلى المعافاه.
ثم ذهب قيس إلى الخباء ولما جلس أخذته سنة من النوم لألم الصداع الذي في رأسه وكان يرى في نومه ليلى وهي تحدثه وتعاتبه على ما فعله بنفسه فانتبه من نومه ووجد زياد أمامه فتذكر ليلى وصار ينشد ويصرخ بإسمها: يقولون ليلى بتيماء مريضة
فمالك لا تضنى وأنت صديق
قال : لما سمع اهل الحي صراخه أتوا إليه وسقوه لبنا وواعدوه بليلى وفجأة قام من بينهم ومرق كالسهم متبطنا الصحراء وهو ينادي بأعلى صوته.. ليلى ليلى لبيك ها انا واقف بخبائك ولحقوه وأمسكوا به ولاطفوه حتى رجعوا به فقال له زياد: أننا غدا سنرحل إلى وادي تيماء فقال قيس: أحقا ما تقول؟ قال زياد: لقد أخذت على نفسي عهدا بذلك! وبات قيس ليلته قلقا ينتظر الصباح .
أما ماكان من أمر ليلى فإنها وصلت لوادي تيماء وقد أعياها المرض وعجز الكل عن مداواتها ولم يكن بها مرض سوى فراق قيس فأفضت إلى جاريتها مرجانه : إن مرضي ودوائي هو الهوى وأن طبيبي الوحيد هو قيس . فوصل قوم من الشام وسألتهم عن المجنون فقالوا أنه في حالة بؤس وقد رأوا ما به من نكبات الغرام والهيام ! وأخبرها رجل منهم انه ذاهب لبني عامر فتنهدت وطلبت منه ان يذهب إلى وادي الصخرة وأقرأه السلام وقل له : ليلى أضناها السقام .
وعندما علم قيس صرخ صرخة قويه وكان زياد يلاطفه فرحلوا إلى الوادي ووصلوا بعد أيام يقول زياد: فنصبنا خيامنا قريب من منازل ليلى وكان الليل قد دخل ويتنهد قيس ويطلق أشعاره في هذا الليل ويسأله زياد السكوت لئلا يفضحه.
وترى ليلى الخيام فتطلب من مرجانة ان تذهب لتعرف من هؤلاء علهم يعرفون قيس وتسرع الجارية ليلا وتسمع شعر قيس وصراخه وتدخل عليه وهولا يعي وتحادثه ولا يسمع حتى ذكرت له ليلى فأفاق وعرفها : فقال اعذريني فإني مشغول اللب: وشغلت عن فهم الحديث سوى ماكان فيك وأنتم شغلي
وأديم نحو محدثي ليرى أن قد فهمت وعندكم عقلي
وكان والد ليلى وزوجها في مكة لقضاء بعض الأعمال.. فرأى قيس ليلى وكان كل ليلة يراها حتى قدم القوم فارتحل هو وزياد وكان قيس يلعلع في الصحراء بصوته بكاء وغناء ورجع لقومه فاستقبلته امه باكية وقدمت له الطعام فامتنع عنه وخرج هائما في الصباح وأبوه يرثي لحاله ويبكي لما آل إليه قيس , فخرج إلى البراري عله يعرف خبرا عنها وبعد وقت طويل سمع انها وصلت لديارها فعاد لأهله ووجد والده مريضا فدخل عليه وقد زال نشاط والده وانقطع صوته فانكب عليه قيس باكيا وضمه لصدره حتى فاضت روحه وقيل ان قيسا نحر ناقته على جانب قبر أبيه وجاء القوم معزين ومعهم والد ليلى فعز القوم ولم يعزي قيسا فجن جنونه واعتراه الهزال وعلمت ليلى ما فعله والدها احتقارا لقيس فازداد مرضها وقد أصبح دمع عينيها سيال . مكث قيس ثلاثة أيام ورحل وهو باكيا حزينا تأخذه رعشة قويه وطال غيابه وكان يسرح مع الغزلان وتغير شكله وقد توحش وانسدل شعره على جسده وأصبح في صورة مريعة وإذا بإمرأة عجوز توقد النيران فجاء قيس
وهربت ظنا منها انه جان وجاء ابنائها وسألوه : أجني أم انسي؟ وانشد لهم شعره وآخر ما قاله:
ولو أنني أشكوا الذي قد أصابني إلى ميت في قبره لرثى ليا
وعلموا انه قيسا وخرجت العجوز لرؤية ليلى فقالت لها مرجانة: لا تتعبي نفسك فمنذ ثلاثة أيام لم يدخل عليها أحد ولا تكلم احدا! فرجعت ولم تجد قيس , فكان يرافق الغزلان وأتت الغربان على ذلك الوادي وسمع نعيقها فأنّ وبكى:
ألا يا غراب البين مالك ناعيـــا أفارقت ألفا أو دهتك الدواهيا
ألا يا غراب البين عذبت مهجتي ولازلت بالانشاد تكوي فؤاديا
أما ليلى بعد فراقها لقيس كانت لا تلذ بطعام ولا شراب وتخاطب نفسها وتعض على يديها حسرة وندامة فضاق وردا بها ولطمها وطلقها وعادت لاهلها ولما علموا أنها لفظت المال والجاه لأجل قيس أخذوا يضربونها ليلا ونهارا حتى أخذها الخبل والبكاء ومكثت ثلاثين يوما لا تأكل ولا تشرب حتى محى المرض والبكاء جسمها وانقفلت عيناها الكحيلتين
وسلمت الروح إلى باريها وأقامواعليها العزاء, وانتشر الخبر وعلم قيس بذلك .........
وصار النور في عينيه ظلاما وصاح :
وداعا ياليلى هل من رجوع لأرى وجهك الجميل؟
ورجع إلى الديار وكان قيس كلما سمع تغريد العصافير صاح : ليلى تركتيني وحيدا في هذه الحياة البائسه ياليتني مت قبل أن أفقدك لقد مات كل أمل بعدك يا ليلى وسألحق بك عما قريب ثم ابتهل إلى الله إنني عبدك المعترف هدني الحب أسألك أن تجمع بيننا وإن كانت يد الأقدار قد انتشلت روحها وكتب ان لا أراها بعد اليوم فخذ روحي إليك كما أخذت روحها لأستريح مما انا فيه, ووصل إلى حي ليلى فلما أقبل ازداد نحيب الناس وبكائهم وقام والد ليلى وحضنه وبكى وسأل قيس عن قبرها فدلوه عليه فلما رآه انقلب عليه جاثيا واحتضنه : أيها القبرلقد ضممت رفات من أحبها وفيك دفنوا كل امل لي في الحياه إن روحي ترفرف حول رفات ليلى , وكان يضم القبر ويحضنه ويسأل: ليلى أين فمك الضحوك؟ اين رقة ابتساماتك؟ وأين دلالك؟ ابكي أيتها العينين على
رحيل ليلى الأبدي. وظل هذا حال حتى أقبل الليل وقيل انه كان يأوي إلى القبر ليلا ونهارا وكان يرثيها بالأشعار حتى جف جلده وضعفت قوته وجاء إليه رجلا ليواسيه ففر منه ثم اندفع إلى قبرها فاصطدم به وانهارت عظام جسده من حجارة القبر ثم يغمر رأسه في الرمل متوهما رؤية ليلى وتقبل هند اخته فتحضنه وتبكي وتهون عليه حتى غشي عليه. فلما أفاق قالت له: إن ليلى ماتت فدعنا نخطب لك غيرها فارحم نفسك وارحمني! فنظر
إليها وقال: وانت يا هند تعاذليني في ليلى أحب الناس إليّ وقد احترق قلبي عليها وتغيرت أحوالي وأصبحت شريدا من أجل حبها .. لقد ذهبت ليلى وذهبت معها أيام
الصفاء ليلى في كل يوم أشعر بإنتهاء الحياة وانني على حافة القبر ليلى لقد تركتِ لي ذكرى تمزق قلبي وتقطعه إربا ثم بكى وبكت معه ليلى وقد ظهرت له ظبية فلحق بها وقال : السلام عليك يا هند فما أراك تريني بعد اليوم وانطلق جاريا خلف الظبية.
خرج اهله يبحثون عنه فلم يجدوه ولم يلتمسوا له اثرا وفي اليوم الرابع قالوا : فلما آيسنا منه عدنا طالبين الديار فبينما نسير إذ مررنا بواد كثير الحجارة فوجدناه ميتا بين الحجارة وكان قد خط بإصبعه عند رأسه :
توسد أحجار المهامة والقفر ومات جريح القلب مندمل الصدر
فياليت هذا الحب يعشق مرة فيعلم ما يلقى المحب من الهجر
قال زياد: فحملناه ونحن نبكي وجاء كل من سمع بوفاته وقمنا بتكفينه ودفنه ولم تبقى فتاة من بني جعدة ولا بني الحريش إلا خرجت حاسرةصارخة عليه بالندب والنواح واجتمع فتيان الحي يبكون عليه أحر بكاء وينشجون عليه وحضر حي ليلى معزين وكان أبوها أشد القوم جزعا وجعل يقول ماعلمت أن الامر يبلغ كل ذلك ولكني كنت امرىء عربيا أخاف من العار وقبح الأحدوثة ما يخاف مثلي فزوجتها ولو علمت ان الامر يجري على هذا لما أخرجتها عن يدك يا قيس .
ودفن قيس بجانب قبر ليلى نام قيس نومته الاخيرة إلى جانب حبيبته ليلى , وتحلل جسمه إلى تراب غمر تراب حبيبته , ولم يرى يوما كان أكثر باكيا وباكية على ميت سوى قيس عام 490 من الهجره ولم يكن بينه وبين ليلى إلا خمس وعشرون ليلة.
رحم الله العاشقين الذين سمعت بأخبارهم جميع الأقطار فسبحان من له البقاء!!!
وظلت قصيدة قيس المؤنسه التي كانت تؤنسه في وحشته من أجمل قصائد الغزل ولقيس شعر مبثوث في كتب الأدب , ومن هذا الشعر نرى ان مجنون بني عامر قلب هائم, وعقل شارد , وضلوع خفاقه وروح أرق من النسيم وجسم ذائب, وعين ذاهلة وفيه رقة وسذاجة مريض الغرام, لا يملك شعوره ولا يقوى على تسيير القلب على طريق السواء , ويغمى عليه ولا يفيق إلا لذكر ليلى وأخيرا قضى عليه الألم والوجد , فوجد طريحا على الرمال صريع حبه وهيامه. |
|
|
rwm hgpf hgohg] rds ,gdgn hguhlvdm hgohgd hgpf hguhlvdm ,lpl] rds rwm |