الإهداءات | |
| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
| |||||||
| |||||||
رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخوتي الاكارم أنصتوا إلى هذه الآيات التي نُزِّلت علينا من لدن رب العالمين سبحانه وتعالى، ولكن بآذان قلوبكم: {يا أَيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: 31/33] {يا أَيُّها الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ} [الحشر:59/18] {يا أَيُّها الإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ، فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ، فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً، وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُوراً، وَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ، فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُوراً، وَيَصْلَى سَعِيراً} [الانشقاق: 84/6-12] . يا عباد الله: أليست هذه الآيات البينات كافية لكي يتبين الإنسان طريقه الذي قضى الله عز وجل عليه أن يسير فيه؟ أليست هذه الآيات البينات كافيةً ليتبين النهاية التي هو صائر إليها والتي لا مَعْدِل له عنها؟ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآياتِهِ يُؤْمِنُونَ} [الجاثية: 45/6]. يا عباد الله! ما من إنسان من الناس مهما أوغل في المعاصي ومهما ارتكب الموبقات ومهما ابتعد عن صراط الله سبحانه وتعالى في غمار حياته إلا ويشرب ويتجرع عند موته كأسين اثنين: أولهما كأس مرارة من الندم على ما قد فات. والثانية كأس آلام السكرات. ولتعلموا أن مرارة الأولى أشدُّ من الثانية، ما لم يكن هذا العاصي مستكبراً على الله سبحانه وتعالى في حياته وتقلباته. الإنسان العاصي الذي يُذكَّر ببيانات الله عز وجل فيُعرِض عنها ، يُذكَّر بأحكامه وشرائعه فيتيه عن التمسك بها يُذكَّر بالمصير فلا يغرس في قلبه أثراً من المخافة من ذلك المصير لا استكباراً ولكن استسلاماً لغرائزه، استسلاما لرعوناته وأهوائه وشهواته، هذا الإنسان أياً كان - حاكماً أو محكوماً، أميراً أو فقيراً، أميراً أو ضعيفاً، غنياً أو فقيراً إذا جاءه الموت وأدركته سكراته فلسوف يتيه عن آلام سكرات الموت بآلام الندامة إذا فرّط في حق نفسه في حياته الدنيا إذا ذُكِّر وذكّر وذكّر بهذه الآيات التي تلوتها عليكم وأمثالها فلم يرعوِ ولم ينتبه وأنا أقو لها لكم والمستقبل شاهد على ما أقول: إن تجرُّعه لكأس الندامة في تلك الساعة أشدُّ مرارة لتجرعه لكأس السكرات، ولسوف يقول هذا العاصي: {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} [المؤمنون: 23/99-100] . أما العاصي المستسلم لشهواته وغرائزه وأهوائه فيقولها عند السكرات قبل أن يرحل بدقائق من هذه الحياة الدنيا. وأما المستكبر على الله عز وجل فيقولها يوم العرض والحساب يوم يقف بين يدي الله سبحانه وتعالى، يقولها ذليلاً وقد نسي أيام طغيانه، يقولها مَهِيناً وقد ذهل عن أيام استكباره {رَبِّ ارْجِعُونِ، لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ} [المؤمنون: 23/99-100]. يا عباد الله! عجباً لحال الإنسان وهو يَغُذُّ طريقه إلى هذه النهاية خلال هذه الرحلة التي قضاها الله سبحانه وتعالى علينا جميعاً، ويأتيه النذير تلو النذير، ويسمع بيانات الله عز وجل فلا يرعوي، لا يرعوي. يُؤَلّه أهواءه وغرائزه، يؤله رعوناته النفسية. إن ذُكِّر بغذاء العبودية التي صبغه الله عز وجل بها أعرض وتعالى عنها. غذاء العبودية: الإقبال إلى الله بالذكر، الإقبال إلى الله بالصلاة، الإقبال إلى الله عز وجل بالتضرع والدعاء {وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي} [طه: 20/14] هذا هو غذاء العبودية. إن ذُكِّر هذا الإنسان بغذاء عبوديته التي صُبِغَ بها من لدن رب العالمين سبحانه وتعالى، والتي يه هويته الذي لا يستطيع أن يتجاوزها وأن ينفك عنها - أعرض، بل لعله ينهى أيضاً من يرى أن يتبتل لمولاه ويقبل إليه بصلاة ومناجاة. إن ذُكِّر بتحكيم شرائع الله، بتحكيم أوامر الله عز وجل في حياته، وقد علم أن هذه الأوامر التي جاءته من عند الله عز وجل ليست إلا لصالحه ولصالح إخوانه ولصالح الأسرة الإنسانية جمعاء، لن يستفيد الله عز وجل من أمر يُصْدِره إلينا، ولا من نهي يخاطبنا به، إنما هي المصلحة التي يتوخاها لنا رب العالمين سبحانه وتعالى. إن ذُكِّر بضرورة الرجوع إلى شرائع الله عز وجل أعراض واشمخر بأنفه وقال: لا. بل النُظُم التي وضعها الإنسان العبد الذليل لمولاه وخالقه بدافع من مصالحه الشخصية، أهوائه التي يسابق بها إخوانه إلى ملاذّه وشهواته ورغائبه، يقول: بل أوثر هذه النُظُم الأرضية النتنة. ويُعْرض عن شرائع الله سبحانه وتعالى. إن جاء من يُذّكِّره بالتوبة بعد العصيان، بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى بعد الشرود، بالتضرع على بابه أعرض وكأن الخطاب ليس موجهاً إليه، وكأنه ليس واحداً ممن سيتجرع كأس الندامة عند الموت. أليس هذا عجيباً في حال الإنسان يا عباد الله؟! كم وكم رأينا أناساً كانوا يَخُبّون في ظلمات التيه من المعاصي والأوزار والإعراض عن الله عز وجل ثم طرق الموت بابهم. وتنظر إلى الواحدة منهم وقد ركب سيما الذل والمهانة؟ هَزُل بعد قوة، نسي بعد ذِكْر، جَهِل بعد عِلْم، وتحول إلى كتلة من المهانة والضعف، فإن كان مستكبراً على الله فإنه حتى في تلك الحالة لا يشعر بضرورة الأوبة إلى الله عز وجل ولا الرجوع إليه، وإن كان سبب إعراضه عن الله عز وجل تأليهه لأهوائه لشهواته لغرائزه لمصالحه القريبة من أرنبة أنفه، فإن هذا الإنسان وقد شّمَّ رائحة الموت وأحسَّ برحيله عن هذه الحياة الدنيا؛ يتمنى لو عاد إلى قوته وشبابه وعنفوانه ليُصلح ما أفسد، وليقوِّم اعوجاجه، ولكن أنّى له ذلك، أنّى له ذلك؟ {فَلَوْلا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ، تَرْجِعُونَها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ} [الواقعة: 56/86-87]. هكذا يتحدى الله سبحانه وتعالى العبد. حسناً إذا كنت أعلم أن رحلتي ستنتهي إلى هذه الساعة الخطرة، وأنني كأترابي كأمثالي فلان وفلان وفلان سأندم، سأندم وسأتمنى أن أعود لأُصلح الفساد، لأُقوِّم الاعوجاج، فلماذا لا أتدارك الفرصة وهي سانحة؟ لماذا لا أتدارك الأيام الباقية وهي كنز من الكنوز العظيمة التي تنادي بلسان الحال أن تعال فانتهزني. أن تعالى فانتهزني قبل فوات الأوان. يا بن آدم! إن كنت ممن اكتسَوْا رداء الإمارة والحكم والقيادة فاعلم أن هذه الكسوة لا قيمة ولا وجود لها لدى وقوفك بين يدي رب العالمين. أنت عبد {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالأَرْضِ إِلاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} [مريم: 19/93]. وإن كنت من الأغنياء الذين يتباهون بغناهم وبالأموال الكثيرة الوفيرة التي أسكرتهم فاعلم أن غناك لا يُغْني عنك من الله عز وجل شيئاً. وإن كنت من المتفلسفين الذي يُعْرِضون عن الله بحجج كهؤلاء الذين ينادون صباح مساء ويدعون إلى تغيير البقية الباقية من شريعة الله عز وجل في حياتنا. وهي الأحكام التي تحصّن الأُسْرة تجعل لها سوراً من الوقاية. إن كنت واحداً من هؤلاء الذين يتفلسفون فلسفة رعناء تعبر عن عبوديتهم لساداتهم الذين دفعوهم إلى هذا الطريق دفعاً، فاعلم أن حجتك ستغيب عنك غداً. أَرِني حجتك هذه التي تتفلسف في بيانها عند تمتد على فراش الموت، وعندما يدخل عليك ملك الموت وأنت تراه بعيني رأسك، أرني هذه الحجة البليغة يا هذا في تلك الساعة، ولكنك تعلم أنك ستؤول عندئذ إلى كتلة من التفاهة، إلى كتلة من الذل، لعل الذباب الذي يتيه فيجنبات الأرض أعلى شأناً منك في تلك الساعة. لماذا؟ لماذا لا تُقدِّر تلك النهاية التي أنت صائر إليها؟ يا عباد الله! لو أن الإنسان وعى بيانات الله سبحانه وتعالى، وأصغى السمع إلى ما يقوله رب العالمين: {يا أَيُّها النّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} [لقمان: 31/33]. لو أن كلاً منا: حاكماً، محكوماً، أميراً، ضعيفاً، غنياً، فقيراً، أصغى إلى هذا الكلام وأعد العُدة وهيأ نفسه للتفاعل مع بيان الله عز وجل لحُلَّت المشاكل كلها، لجتمع أمر هذه الأمة، ولتلاقت أفئدتها تحت مظلة الوُدّ، ولو قفوا جميعاً تحت دين واحد، ألا وهو الخضوع لديّان السماوات والأرض، ولطُويت أسباب الفُرقة وأسباب الشقاق وأسباب المروق والعصيان. ولكنْ {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ، أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ} [ص: 38/67-68]. تُرى متى يستيقظ السادرون من مختلف الفئات والطبقات؟ متى يستيقظون وإن النُّذُر لتقرع أبوابهم، وإن الأخطار لتطوف بهم؟ أسأل الله لنا الهداية جميعاً. اللهم نور قلبي وقبري واجعل قبري روضة من رياض الجنة المصدر: منتدى همسات الغلا vQf~A hvX[AuE,kAK gQuQg~Ad HQuXlQgE whgAphW tAdlh jQvQ;XjE |
01-04-2010, 10:15 PM | #3 |
لورانس | الحمد لله رب العالمين والله ان الواحد منا مقصرحيل بحق الله وتشكرين على الموضوع الجميل وفي ميزان حسناتج انشالله |
|
| |