19-10-2012, 04:38 PM
|
|
معالم الكمال البشري في شخصية النبي الكريم
اختار الله نبيه محمدا من بين البشر ، وفضله على جميع الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام قال تعالى : {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } ، و صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قرأ الجمهور بكسر التاء ، وقرئ بفتحها ، ومعنى الأول : أنه ختمهم أي جاء آخرهم ، ومعنى الثانية : أنه صار كالخاتم لهم الذي يختمون به ويتزينون به لكونه منهم )) ، وفي الصحيح قوله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم وأنا خاتم النبيين )) . وكلا المعنيين صحيح فالنبي آخر الأنبياء والمرسلين فلا نبي بعده لقوله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم لا نبي بعدي )) ، وهو زينة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومتمم ما بقي من بنائهم الحضاري ، روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال : صلى الله عليه و سلم إن مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله ، إلا موضع لبنة من زاوية ، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ، ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال : فأنا اللبنة وأنا خاتم الأنبياء ) ، قال ابن حجر رحمه الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قوله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم مثلي ومثل الأنبياء كرجل بنى دارا ... )) قيل : المشبه به واحد والمشبه جماعة فكيف صح التشبيه ؟ وجوابه أنه جعل الأنبياء كرجل واحد , لأنه لا يتم ما أراد من التشبيه التمثيلي ، وهو أن يوجد وصف من أوصاف المشبه بمثله من أحوال المشبه به , فكأنه شبه الأنبياء وما بعثوا به من إرشاد الناس ببيت أسست قواعده ورفع بنيانه ، وبقي منه موضع به يتم صلاح ذلك البيت ، وزعم ابن العربي أن اللبنة المشار إليها كانت في أس الدار المذكورة ، وأنها لولا وضعها لانقضت تلك الدار ، قال : وبهذا يتم المراد من التشبيه المذكور ، هذا إن كان منقولا فهو حسن ، و إلا فليس بلازم ، نعم ظاهر السياق أن تكون اللبنة في مكان يظهر عدم الكمال في الدار بفقدها وقد وقع في رواية همام عند مسلم صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها )) فيظهر أن المراد أنها مكملة محسنة ، و إلا لاستلزم أن يكون الأمر بدونها كان ناقصا ، وليس كذلك فإن شريعة كل نبي بالنسبة إليه كاملة ، فالمراد هنا النظر إلى الأكمل بالنسبة إلى الشريعة المحمدية مع ما مضى من الشرائع الكاملة )) . والنبي محمد هو سيد ولد آدم ، قال : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم أنا سيد ولد آدم ، ولا فخر )) ، قال النووي رحمه الله : صلى الله عليه و سلم قال الهروي : السيد هو الذي يفوق قومه في الخير ، وقال غيره : هو الذي يفزع إليه في النوائب والشدائد ، فيقوم بأمرهم ، ويتحمل عنهم مكارههم ويدفعها عنهم )) .
ولذلك جعله الله سبحانه وتعالى أعظم أسوة وأكبر قدوة في كل
مجالات الدين وشتى جوانب الحياة ، قال تعالى : {لقد َقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } ، قال القرطبي رحمه الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قوله تعالى : { أسوة } الأسوة : القدوة ، والأسوة : ما يتأسى به أي يتعزى به ، فيقتدى به في جميع أفعاله ويتعزى به في جميع أحواله ) .
والنبي هو المتفرد بالأسوة المطلقة والقدوة الكاملة ، فكل أقواله وأفعاله وأحواله موضع إقتداء وتأسي إلا ما استثناه الشرع وهو قليل ، أما غيره من الناس فيؤخذ منهم ويرد .
وقد ضمن الله تعالى الهداية لمطيعيه والمتبعين له فقال سبحانه وتعالى : {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُم مَّا حُمِّلْتُمْ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ } .
ويتسع مجال الإقتداء بالنبي ليشمل كل جوانب الدين المختلفة وجميع مناحي الحياة المتنوعة ، قال تعالى : { وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ، و صلى الله عليه و سلم ما ) من الأسماء الموصولة المفيدة للعموم فيجب الإقتداء بالنبي في جميع ما جاء به من العقائد والشعائر والشرائع ، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم وهذا شامل لأصول الدين وفروعه ، وظاهره وباطنه ، وأن ما جاء به يتعين على العباد الأخذ به واتباعه ، ولا تحل مخالفته ...)) . فالنبي قد جمع أصول الكمال البشري ، وحاز أعلى مراتب الدين والخلق ، فهو :
الكمال البشري في مجال الإيمان وطاعة الله :
1- أول المسلمين : وقال عز وجل : {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ } ، قال الطبري رحمه الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم يقول تعالى ذكره لنبيه محمد قل يا محمد لمشركي قومك : إن الله أمرني أن أعبده مفردا له الطاعة ، دون ما تدعون من دونه من الآلهة والأنداد , وأمرت لأن أكون أول المسلمين , يقول : وأمرني ربي جل ثناؤه بذلك ، لأن أكون بفعل ذلك أول من أسلم منكم ، فخضع له بالتوحيد ، وأخلص له العبادة ، وبرئ من كل ما دونه من الآلهة )) ، انتهى كلامه .
وهذه الآيات الكريمة وغيرها مما تحمل معناها تنص على تقدم النبي في الإيمان بالله تعالى وفي تحقيق التوحيد ، وأنه أبعد الخلق عن الشرك والتنديد ، كيف لا يكون كذلك وهو أعلم الخلق بأسماء الله الحسنى وأدراهم بصفاته العلى جل جلاله وعز كماله ، وأكملهم تصديقا بما أخبر ، وبما وعد أو توعد به سبحانه .
ولما كان النبي من الإيمان بالله تعالى وطاعته على هذه الدرجة العليا التي لم ولن يبلغه أحد من الخلق وجب أن يقتدي به كل المؤمنين ، وأن يتعلموا منه أصول الدين والإيمان. ومما يدل على ذلك حديث جبريل عليه السلام في السؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان ، وهي أسئلة تعليمية لتعقيب النبي عليها بقوله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم ...)) ، وفي الحديث إشارة إلى أن مصدر تلقي الإيمان والعقيدة هو النبي الموحى إليه من الله تعالى ، حيث كان جبريل يسأله عن الإيمان فيجيبه ويصدقه ولا يستدركه أو يعقب عليه في شيء ، وهكذا فعل في سؤاله عن الإسلام والإحسان . 2- الكمال البشري بكونه أخشى الناس لله تعالى : إن أخشى الناس لربهم وأتقاهم له سبحانه وتعالى هو نبينا محمد قال تعالى : {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ } ، أي أول المنقادين والخاضعين والمتذللين لربهم سبحانه وتعالى .
فهو أصدق الناس في طاعة الله والتذلل له والخضوع له سبحانه ، بمعنى أنه أفعلهم للطاعات وأتركهم للنواهي ، صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم عن عائشة رضيَ الله عنها أن رجلا جاء إلى النبي يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب ، فقال : يا رسول الله : تدركني الصلاة وأنا جنب أفأصوم ؟ فقال رسول الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم )) فقال : لست مثلنا يا رسول الله ، قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، فقال : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي )) ، ولا تقف طويلا عند قوله : صلى الله عليه و سلم لأرجو ) ، فإنما عبر هنا بالرجاء من باب التواضع وخفض الجناح لمن اتبعه من المؤمنين ، ومن نظائر ذلك في أقواله نهي الصحابة رضيَ الله عنهم من تفضيله على موسى وهو أفضل من موسى ومن غيره من جميع الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام .
ولهذا كان من شروط صحة العبادة بعد الإخلاص لله تعالى أن تكون موافقة للسنة النبوية قال تعالى : {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ، صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قال الفضيل رحمه الله : أخلصه وأصوبه ، قيل : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا ، والخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون متبعا فيه الشرع والسنة )) .
والإحداث في الدين وعمل شيء فيه مخالفة لهدي النبي سبب لرده وعدم قبوله ، قال : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد )) .
وهذا مقتضى شهادة صلى الله عليه و سلم أن محمد رسول الله ) ، فإن من مقتضيات هذه الشهادة العظيمة وهذه العقيدة السليمة أن تؤمن بأن المبلغ الوحيد عن الله شرعه ، والمبين للناس ما نزل إليهم من ربهم هو محمد رسول الله . وما السنة النبوية في حقيقتها إلا الاسم الجامع للبلاغ النبوي والبيان المصطفوي للدين الإسلامي كما قال تعالى : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } .
فالمقياس الشرعي لصحة العبادات وسلامتها هي موافقة السنة النبوية ، وذلك بمطابقتها في الجنس ، والسبب ، وفي الزمان والمكان ، وفي الصورة والهيئة ، والعدد ، قال في الصلاة : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم صلوا كما رأيتموني أصلي )) ، فمن صلى صلاة مغايرة لصلاة النبي ، كـأن يأتي بصلاة لا ركوع فيها ولا سجود ، أو يزيد أو ينقص في عدد الركعات المشروعة ، أو يصلي في زمان أو مكان نهى الشرع الصلاة فيه فصلاته باطلة باطلة . وفي الحج صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم عن جابر رضي الله عنه قال : رأيت النبي يرمي على راحلته يوم النحر ، ويقول : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم لتأخذوا عني مناسككم ، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه )) ، وهذا الحديث دليل على بطلان مناسك الجاهلية ونقصانها ، وأن لا حج في شريعة الإسلام إلا بما بين النبي من المناسك والمشاعر ، ولا تقبل أي زيادة أو نقصان أو تغيير في تلك المناسك والمشاعر . وهذان الحديثان وإن وردا في خصوص الصلاة والحج ، فلا يعني ذلك حصر وجوب الاقتداء بالنبي فيهما فقط دون غيرهما من العبادات ، فكل عبادة في الإسلام يجب أن تكون مطابقة لسنة الرسول وشرعه ، و إلا فهي مردودة غير مقبولة ، وصاحبها معرض للفتنة والعذاب الأليم قال تعالى : { فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . 3- الكمال البشري بكونه أحسن الناس خلقا : إن نبينا محمد هو المتمم لمكارم الأخلاق ، والمعلم لمحاسنها ، وهو مجمع الخصال الحسنة ومنبع الآداب السامية ، ولقد مدحه الله تعالى في القرآن الكريم بحسن خلقه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } ، صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قال العوفي : عن ابن عباس : أي : لعلي دين عظيم ، وهو الإسلام ، وكذا قال مجاهد ، وأبو مالك ، و السدي ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وابن زيد ، وقال عطية : لعلى أدب عظيم )) .
وقال الهيتمي رحمه الله : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم ووصفه – الخلق – بالعظيم مع أن الغالب وصف الخلق بالكرم أي السماحة والدعابة ، إشارة إلى أن خلقه لم تقتصر على ذلك ، بل كان رحيما بالمؤمنين رؤوفا بهم ، شديدا على الكفار غليظا عليهم ، مهابا في قلوب الأعداء ، منصورا بالرعب منه مسيرة شهر ، فوصف بالعظيم ليعم الإنعام والانتقام ، لكن مظاهر الأول فيه أكثر ، ومن ثم ورد بسند ضعيف صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم إن الله بعثني بمكارم الأخلاق ، وكمال محاسن الأفعال )) ، وفي الموطأ بلاغا صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلمبعثت لأتمم مكارم الأخلاق )) ، كيف وقد أدب بالقرآن ، كما قالت عائشة : كان خلقه القرآن )) . وقد شمل حسن خلقه جميع الناس ، وظهرت ملامحه في تعامله مع أهله وأقاربه ، صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم فعن صاحبه وخادمه أنس رضي الله عنه قال : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم كان رسول الله أحسن الناس خلقا )) ، وهذه شهادة ممن خالطه كثيرا في إقامته وسفره ، وحله وترحاله ، فشاهد غضبه ورضاه ، وجده ومزاحه ، طيلة عشر سنين ، لم يتغير فيها النبي أو يتبدل .
كما طبع حسن الخلق تعامل النبي مع أصحابه وحوارييه رضيَ الله عنهم ، رغم اختلاف طبائعهم ، وتفاوت أخلاقهم ، فقد كان منهم الشديد والرفيق ، والأعرابي الجلف والحضري المتمدن ، وكان منهم الصغير والكبير ، والشريف والوضيع ، ولم يشك أحد منهم هضما لجانبه أو تحقيرا لشأنه ، قال تعالى : {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } .
كما لم تكن عداوة أحد أو بغضه لتخرجه عن سمته وحلمه على شدة أذى خصومه وتنوع كيدهم له صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم فعن جابر رضي الله عنه : أنه غزى مع رسول الله قبل نجد ، فلما قفل رسول الله قفل معه ، فأدركته القائلة في واد كثير العضاه ، فنزل رسول الله ، وتفرق الناس في العضاه ، يستظلون في الشجر ، ونزل رسول الله تحت شجرة سمرة فعلق بها سيفه ، قال جابر : فنمنا نومة ، ثم إذا رسول الله يدعونا فجئناه ، فإذا عنده أعرابي جالس ، فقال رسول الله : إن هذا اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا ، فقال : من يمنعك مني ؟ قلت الله ، فها هو جالس ...)) .
ولما فتح الله مكة لرسوله جمع صناديد قريش الذين كانوا يؤذونه ويضطهدونه وأصحابه المستضعفين ، فقال لهم : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم ، وآدم من تراب )) ثم تلا قوله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } ، ثم قال : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم ؟ )) قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم ، قال : صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم اذهبوا فأنتم الطلقاء )) .
هكذا كان عفوا عند المقدرة على الانتقام ، متنازلا عن حقوقه الشخصية ، إلا أن تنتهك حرمات الله ، فيغضب لله ، ويعمل بحكم الله ولا يعتدى على أحد في تطبيقه .
وكان متوازنا في سلوكه ، معتدلا في سمته ودله ، صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم عن زيد بن ثابت رضي الله عنه - يتحدث عن صفات رسول الله - قال : كنت جاره ، فكان إذا نزل الوحي بعث إلي فآتيه فأكتب الوحي ، وكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا ، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا ، و إذا ذكرنا الطعام ذكرها معنا )) . قال تعالى : { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } ، وهذا تمام الإسلام وكماله ، فكل أموره وتصرفاته لله تعالى ملكا وتصرفا ، فلا رب معبود بحق عنده غير الله سبحانه ، وجميع أفعاله له تعالى قصدا وتألها ، فلا يصرف شيئا من الصلاة والنسك لغير الله تعالى . |
luhgl hg;lhg hgfavd td aowdm hgkfd hg;vdl hgfavn hgkfd hg;lhg hg;vdl aowdm |